موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

سائر الكتب

  • الفكر الأصيل
  • ضَرورة العَودة إلى القرآن
  • العودة إلى نهج البلاغة
  • روح التوحيد رفض عبودية غير الله
  • دروس وعبر من حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)
  • الامام الرضا(ع) وولاية العهد
  • عنصر الجهاد في حياة الأئمة (عليهم السلام)
  • كتاب الفن والأدب في التصور الإسلامي
  • الإمامة والولاية في الإسلام
    • مقدمة
      سهلة الطبع  ;  PDF

       

      مقدمة

      بسم الله الرحمن الرحيم

      بإمكاننا أن نختزل الإسلام كله في (الولاء) و (البراءة) والأحكام الشرعية المترتبة على (الولاء) و (البراءة)؛ فإن دين الله تعالى في أصوله وأحكامه لا يزيد على أن يكون عملية ارتباط للإنسان بالله تعالى، وفي امتداد الارتباط بالله، الارتباط برسله وأنبيائه وأوليائه ثم بالمسلمين عامة ابتداءً من الارتباط بالأسرة في الدائرة الصغرى إلى الارتباط بالأهل والمعارف والأرحام في دائرة أوسع ثم الارتباط بالأمة الإسلامية في الدائرة الكبرى. ولهذه الصلات (الصلة بالله وبرسوله وأولياء الأمر وبالمسلمين) أحكام وتشريعات تخص كل واحد واحد من هذه النشاطات على الصعيد التشريعي، وتعليمات وتوصيات في كيفية التعامل على الصعيد الأخلاقي والتوجيهي.
      وهذا هو أحد وجهي المسألة (الولاء).
      والوجه الآخر للمسألة هو (البراءة) والمقاطعة لأعداء الله ورسوله وأوليائه والأمة. ولهذه القطيعة كذلك أحكام وتشريعات في الحرب والسلم والمهادنة كما كان للارتباط والاتصال بالله أحكام وتشريعات وتوجيهات.
      وإذا أمعنا النظر في هذه المساحة الواسعة التي يحتلها الولاء والبراءة من حياة الإنسان سواء في مجال المواصلة (الولاء) أو المفاصلة (البراءة) أو في أحكام هذه المواصلة والمفاصلة، نجد أن هذه المساحة الكبرى تستوعب دين الله جميعاً ولا يبقى شيء من دين الله خارج هذه المساحة(1). إذن فليس من المبالغة في شيء إذا قلنا أن الولاء والبراءة يختزلان الإسلام كله على سعته وشموليته لحياة الإنسان، هذا في المجال النظري والتشريعي.
      وأما على الصعيد السياسي فإن أدق الأقوال وأعمق النظريات وأكثرها واقعية وأصالة هو أن الولاء والبراءة هما اللذان يرسمان الخارطة السياسية على وجه الأرض، ويحددان المحاور السياسية الحاكمة في حياة الإنسان.
      فليست الجبال والبحار والأنهار هي التي ترسم الخارطة السياسية، وإنما الولاء والبراءة هما اللذان يرسمان هذه الخارطة ويحددان المحاور القائمة في حياة الإنسان؛ فالإسلام محور للولاء على وجه الأرض يستقطب المسلمين جميعاً ويتجاوز الحدود الجغرافية والقومية والعرقية ويستقطب كل القلوب التي تنبض بحب الله ورسوله وأولياءه من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب؛ من جزر أندونيسيا وماليزيا والصين والتبت في أقصى الشرق إلى المسلمين الحفاة السود في أقصى الغرب في غابات وصحاري أفريقيا.
      إن كارل ماركس يخطأ كثيراً؛ إذ يتصور أن جوهر الصراع في التاريخ هو تضارب الطبقات في المجتمع وأن الصراع بين الطبقة المستثمرة (بالكسر) والمستثمرة (بالفتح) هو أساس حركة التاريخ وجوهر الصراع والقتال والصدام في حياة الإنسان. إن اختلاف الولاءات هو أساس حركة التاريخ وجوهر الصراع على وجه الأرض وعلى امتداد التاريخ. لقد كانت تقول زوجة كارل ماركس أن كارل ماركس كان يمشي في شوارع المانيا وينظر إلى حياة الناس وصراعهم ويقول طبقتان، أي أن الناس في التاريخ وفي المدن وفي القرى يشكلون طبقتين متباينتين مستثمرة ومستثمرة، وهذا الإختلاف الطبقي هو سر الصراع وحركة التاريخ. أما نحن فعندما نتحرك في المجتمع وعلى التاريخ فلا نرى ـ بما أرانا الله من الهدى وأعطانا من البصيرة ـ غير ولائين وبرائتين؛ الولاء للّه ولرسوله والبراءة من أعدائنا والولاءات الأخرى للطاغوت {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}. والصراع القائم في التاريخ وحركة التاريخ إنما يتمّان حول هذا المحور في الأساس وإن كان يتخذ أحياناً في انشعاباته وآثاره صيغاً اقتصادية أو غيرها من الأسباب الثانوية للصراع والمعركة القائمة اليوم بين الجمهورية الإسلامية من طرف وأعدائها من طرف آخر بما يمتلكه هؤلاء من إمكانات وقدرات وما تتلقاه الجمهورية الإسلامية من عطف ودعم من قبل المسلمين المستضعفين في كل أرجاء الأرض في حقيقة أمره لمن يمعن النظر في هذه المعركة الحاسمة.. صراع بين محوري الولاء والبراءة؛ الولاء للّه ولرسوله من طرف والولاء للطاغوت من طرف آخر، وأي تفسير آخر لهذه المعركة القاسية التي امتدت وطالت وقست غير هذا التفسير في رأينا نظرة سطحية إلى الأحداث تفقد العمق والأصالة والفهم الإسلامي لحركة الإنسان على وجه الأرض وفي التاريخ.
      وللأهمية الكبرى التي يملكها محور الولاء للّه ولرسوله ولدوره الفعال في تجميع المسلمين واستقطابهم وتشكيل كتلة واحدة وصف واحد منهم في مقابل أئمة وأنظمة الكفر، نرى أن محاور الاستكبار العالمي تحاول وتسعى إلى تفتيت هذا المحور الواحد (الولاء للّه) وإضعافه ليفقد قوته وفاعليته ودوره في حياة الإنسان. ومن أساليب التآمر على محور (الولاء للّه) هو طرح بدائل حضارية للولاء والبراءة في مقابل (الولاء للّه والبراءة من أعدائه)، وهذه البدائل عديدة منها الولاء للقومية، والولاء للأرض والتراب (الوطن)، ومنها الولاء للدم والعرق، ومنها الولاء للأوثان والأصنام الفكرية والبشرية. وأخطر هذه البدائل الحضارية في حياتنا الولاء للقوم والدم والعرق، وقد استطاع الاستكبار أن يعمق حالة الإرتباط بالقوم والدم والعرق في حياة المسلمين خلال الفترة التاريخية التي انحسر الإسلام فيها عن حياة المسلمين، واستطاع أن يمزق المسلمين إلى قوميات متعددة عربية وفارسية وتركية وكردية، ويربطهم عبر الإسلام العظيم بالحضارات البائدة الفرعونية والأكدية والآشورية والكلدانية والساسانية، واستعان لتحقيق هذه المهمة بالتاريخ والشعر والنثر والفن والفلسفة وحتى بأجهزة التربية والتعليم والإعلام وبأسماء الشوارع والميادين.
      ***
      واليوم حيث بدأ المسلمون يعودون إلى الإسلام من جديد ويستعيدون في ظل الإسلام كيانهم وأصالتهم وجذورهم وعمقهم، وحيث منَّ الله عليهم بانتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) وقيام الدولة الإسلامية الأم في هذه الرقعة المباركة من الأرض، أقول أن أهم ما يجب علينا أن نعمقه اليوم في أحاسيس المسلمين ومشاعرهم وقلوبهم هو الإحساس بالولاء للّه ولرسوله ولأئمة المسلمين وللأمة الإسلامية والبراءة من أعدائهم من الشرق والغرب ومن أئمة الكفر وأنظمة الكفر أينما كانوا، ولا نستطيع أن نخوض المواجهة والصراع الحضاري الحتمي بين الإسلام والكفر وننتصر بإذن الله ما لم نعمق حالة الولاء والبراءة في نفوس أمتنا وما لم نبلور وحدة الولاء ضمن صيغ عملية تتجسد في وحدة الصف ووحدة الكلمة ووحدة الموقف فيما بين المسلمين في كل مكان.
      وأمامنا الآن فرصة طيبة لكي نقرأ ونفكر في الولاء والبراءة من خلال تصورات وأفكار قائد الجمهورية الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي (حفظه الله)، فإن للولاء والبراءة معاناة وثقل وضريبة. وقائد أول جمهورية إسلامية تقوم في العالم الإسلامي اليوم بعد فترة السبات الطويلة لابد أن يكون قد تحمل الكثير من هذه المعاناة والجهد ودفع الكثير من ضريبة العمل سواء قبل قيام الدولة الإسلامية في مرحلة تكوّن الثورة أو بعدها، وعليه فإن حديث السيد الخامنئي عن الولاء والبراءة لا يكون حديثاً تنظيرياً بعيداً عن المعاناة والهموم والآلام والآمال والطموحات ومشاكل ومتاعب ذات الشوكة.
      ونحن إذ نقرأ هذه الرسالة القيمة عن الولاء والبراءة لقائد الجمهورية الإسلامية، نلتقي بأفكار وآراء وتصورات تكونت في ضوء القرآن والسنة ومن خلال الجهد والمعاناة وداخل السجون والزنزانات وعلى صعيد مواجهة الكفر العالمي للإسلام وللأمة الإسلامية، وبذلك فإن هذه الرسالة سوف تشكل، إنشاء الله، عاملاً مؤثراً في بلورة مسألة الولاء والبراءة في حياتنا السياسية والحركية وجهادنا وقتالنا في الوقت الحاضر. وجزى الله تعالى فضيلة السيد المترجم خيراً حيث يسر لقراء العربية فرصة الالتقاء بأفكار وتصورات قائد الجمهورية الإسلامية عن الولاء والبراءة بصورة مباشرة؛ بهذه الصورة التي ترونها بين أيديكم. نسأل الله تعالى أن يؤيد هذه الدولة الفتية المباركة وينصرها وينصر أمامها والقائمين بها والأمة العاملة والمضحية في سبيلها، أنه سميع مجيب قريب.


         1 ـ اللهم إلا ما يتعلق بعلاقة الإنسان بنفسه وأحكام هذه العلاقة، وهذه العلاقة وأحكامها تدخل في دائرة الولاء أيضاً بمعناها الشامل، ولا مجال هنا لتفصيل الكلام.

    • المقالة الأولى: معنى الولاية
    • المقالة الثانية: العلاقة المهيمنة على الأمة الإسلامية
    • المقالة الثالثة: جنة الولاية
    • المقالة الرابعة: من هو الحاكم على البشرية؟
    • المقالة الخامسة: حول الولاية
    • المقالة السادسة: العلاقة بين الولاية والهجرة
  • المواعظ الحسنة
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • قيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
700 /