موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

تحرير الوسيلة

  • المقدمه
  • احكام التقليد
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصوم
  • كتاب الزكاة
  • كتاب الخمس
  • كتاب الحج
  • كتاب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر
  • كتاب المكاسب والمتاجر
  • كتاب البيع
  • كتاب الشفعة
  • كتاب الصلح
  • كتاب الاجارة
  • كتاب الجعالة
  • كتاب العارية
  • كتاب الوديعة
  • كتاب المضاربة
  • كتاب الشركة
  • كتاب المزارعة
  • كتاب المساقاة
  • كتاب الدين والقرض
  • كتاب الرهن
  • كتاب الحجر
  • كتاب الضمان
  • كتاب الحوالة والكفالة
  • كتاب الوكالة
  • كتاب الاقرار
  • كتاب الهبة
  • كتاب الوقف وأخواته
  • كتاب الوصية
  • كتاب الايمان والنذور
  • كتاب الكفارات
  • كتاب الصيد والذباحة
  • كتاب الأطعمة والاشربة
  • كتاب الغصب
  • كتاب إحياء الموات والمشتركات
    • القول في إحياء الموات
    • تكملة
    • القول في المشتركات
      سهلة الطبع  ;  PDF

       

      القول في المشتركات

      وهي الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والرباطات والمياه والمعادن.
      مسألة 1 - الطريق نوعان: نافذ وغير نافذ.
      فالأوّل - وهو المسمّى بالشارع العامّ - محبوس على كافّة الأنام، والناس فيه شرع سواء، وليس لأحد إحياؤه والاختصاص به، ولا التصرّف في أرضه ببناء دكّة أو حائط أو حفر بئر أو غرس شجر أو غير ذلك. نعم، لا يبعد جواز غرس الأشجار وإحداث النهر لمصلحة المارّة لوكان الطريق واسعاً جدّاً، كالشوارع الوسيعة المستحدثة في هذه الأعصار. كما أنّ الظاهر أنّه يجوز أن يحفر فيه بالوعةٌ ليجتمع فيها ماء المطر وغيره لكونها من مصالحه ومرافقه، لكن مع سدّها في غير أوقات الحاجة حفظاً للمستطرقين والمارّة؛ بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته إذا اُحكم الأساس والسقف بحيث يؤمن معه من النقض والخسف؛ وأمّا التصرّف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو بناء ساباط أو فتح باب أو نصب ميزاب ونحو ذلك فلاإشكال في جوازه إذا لم يضرّ بالمارّة، وليس لأحدٍ منعه حتّى من يقابل داره داره، كما مرّ في كتاب الصلح.
      وأمّا الثاني - أعني الطريق غير النافذ المسمّى بالسكّة المرفوعة، وقد يطلق عليه «الدريبة»، وهو الّذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو مباح، بل اُحيط بثلاث جوانبه الدور والحيطان والجدران - فهو ملك لأرباب الدور الّتي أبوابها مفتوحة إليه، دون من كان حائط داره إليه من غير أن يكون بابها إليه؛ فيكون هو كسائر الأملاك المشتركة يجوز لأربابه سدّه وتقسيمه بينهم وإدخال كلّ منهم حصّته في داره، ولا يجوز لأحد من غيرهم بل ولا منهم أن يتصرّف فيه ولا في فضائه إلّا بإذن من يعتبر إذنه، كما يأتي في المسألة الآتية.
      مسألة 2 - لا يبعد في «الدريبة» أن يشارك الداخل للأدخل إلى قبالة بابه ممّا هو ممرّه مع ما يتعارف من المرافق المحتاج إليها نوعاً. ولا يبعد أن يشارك الداخل إلى منتهى جدار داره، وينفرد الأدخل بما بعده، ومع تعدّد الشركاء يشارك الأدخل من الجميع معهم، وينفرد بما يكون طريقه الخاصّ، فيشترك الجميع من أوّل الدريبة إلى الباب الأوّل أو منتهى الجدار ثمّ يشترك في ما عداه ما عدا صاحب الباب الأوّل، وهكذا تقلّ الشركاء إلى آخر الزقاق. ولا يبعد اختصاص الآخر بالفضلة الّتي في آخر الزقاق، فيجوز لمن هو أدخل من الجميع أيّ تصرّف شاء في ما ينفرد به، بل وفي الفضلة المذكورة. ولا يجوز لغيره التصرّف -كإخراج جناح أو روشن أو بناء ساباط أو حفر بالوعة أو سرداب أو نصب ميزاب وغيرذلك -إلّا بإذن شركائه. نعم، لكلّ منهم حقّ الاستطراق إلى داره من أيّ موضع من جداره، فلكلّ منهم فتح باب آخر أدخل من بابه الأوّل أو أسبق، مع سدّ الباب الأوّل وعدمه.
      مسألة 3 - ليس لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها إلّا بإذن أربابها. نعم، له فتح ثقبة وشبّاك إليها، وليس لهم منعه، لكونه تصرّفاً في جداره لافي ملكهم، وهل له فتح باب إليها لا للاستطراق بل لمجرّد الاستضاءة ودخول الهواء؟ الأقرب جوازه، ولصاحب الدريبة تحكيم سند المالكيّة لدفع الشبهة.
      مسألة 4 - يجوز لكلّ من أرباب الدريبة الجلوس فيها والاستطراق والتردّد منها إلى داره بنفسه وما يتعلّق به من عياله ودوابّه وأضيافه وعائديه وزائريه، وكذا وضع الحطب ونحوه فيها لإدخاله في الدار، ووضع الأحمال والأثقال عند إدخالها وإخراجها من دون إذن الشركاء، بل وإن كان فيهم القصّر والمولّى عليهم، من دون رعاية المساواة مع الباقين.
      مسألة 5 - الشوارع والطرق العامّة وان كانت معدّةً لاستطراق عامّة الناس ومنفعتُها الأصليّة التردّد فيها بالذهاب والإياب إلّا أنّه يجوز لكلّ أحدٍ الانتفاع بها بغير ذلك: من جلوس أو نوم أو صلاة وغيرها، بشرط أن لا يتضرّر بها أحد على الأحوط، ولم يزاحم المستطرقين ولم يتضيّق على المارّة.
      مسألة 6 - لا فرق في الجلوس غير المضرّ بين ما كان للاستراحة أو النزهة وبين ما كان للحرفة والمعاملة إذا جلس في الرحاب والمواضع المتّسعة لئلّا يتضيّق على المارّة؛ فلوجلس فيها بأيّ غرض من الأغراض لم يكن لأحدٍ إزعاجه.
      مسألة 7 - لو جلس في موضع من الطريق ثمّ قام عنه فإن كان جلوس استراحة ونحوها بطل حقّه، فجاز لغيره الجلوس فيه؛ وكذا إن كان لحرفة ومعاملة وقام بعد استيفاء غرضه وعدم نيّة العود، فلو عاد إليه بعد أن جلس في مجلسه غيره لم يكن له دفعه؛ ولو قام قبل استيفاء غرضه ناوياً للعود ففي ثبوت حقّ له فيه إشكال. نعم، لا يجوز التصرّف في بساطه؛ فلو قام ولو بنيّة العود ورفع بساطه فالظاهر جواز جلوس غيره مكانه، والاحتياط حسن.
      مسألة 8 - ثبوت الحقّ للجالس للمعاملات ونحوها مشكل، بل الظاهر عدمه، لكن لا يجوز إزعاجه مادام فيه ولا التصرّف في بساطه؛ ولا مانع من إشغال ماحوله ولو احتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين معه؛ وكذا يجوز له القعود بحيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه، وليس له منعه؛ لكنّ الاحتياط حسن، ومراعاة المؤمن مطلوب.
      مسألة 9 - يجوز للجالس للمعاملة أن يظلّل على موضع جلوسه بما لا يضرّ بالمارّة بثوب أو بارية ونحوهما، وليس له بناء دكّة ونحوها فيه.
      مسألة 10 - إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه في يوم آخر شخص آخر وأخذ مكانه فليس للأوّل إزعاجه ومزاحمته.
      مسألة 11 - إنّما يصير الموضع شارعاً عامّاً باُمور:
      الأوّل: بكثرة التردّد والاستطراق ومرور القوافل ونحوها في الأرض الموات، كالجوادّ الحاصلة في البراري والقفار الّتي يسلك فيها من بلاد إلى بلاد.
      الثاني: أن يجعل إنسان ملكه شارعاً وسبّله تسبيلاً دائميّاً لسلوك عامّة الناس وسلك فيه بعض الناس، فإنّه يصير بذلك طريقاً عامّاً، ولم يكن للمسبّل الرجوع بعد ذلك.
      الثالث: أن يحيي جماعة أرضاً مواتاً - قريةً أو بلدةً - ويتركوا مسلكاً نافذاً بين الدور والمساكن ويفتحوا إليه الأبواب، والمراد بكونه نافذاً أن يكون له مدخل ومخرج يدخل فيه الناس من جانب ويخرجون من جانب آخر إلى جادّة عامّة أو إلى أرض موات.
      مسألة 12 - لا حريم للشارع العامّ لو وقع بين الأملاك؛ فلو كانت بين الأملاك قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع - مثلاً - واستطرقها الناس حتّى صارت جادّةً لم يجب على الملّاك توسيعها وإن تضيّقت على المارّة. وكذا لو سبّل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره ثلاثة أو أربعة أذرع -مثلاً- للشارع. وأمّا لو كان الشارع محدوداً بالموات بطرفيه أو أحد طرفيه فكان له الحريم، وهو المقدار الّذي يوجب إحياؤه نقص الشارع من سبعة أذرع على الأحوط؛ فلو حدث بسبب الاستطراق شارع في وسط الموات جاز إحياء طرفيه إلى حدّ يبقى له سبعة أذرع ولا يتجاوز عن هذا الحدّ؛ وكذا لو كان لأحد في وسط المباح ملك عرضه أربعة أذرع -مثلاً- فسبّله شارعاً لا يجوز إحياء طرفيه بما لم يبق للطريق سبعة أذرع؛ ولوكان في أحد طرفي الشارع أرض مملوكة وفي الطرف الآخر أرض موات كان الحريم من طرف الموات؛ بل لو كان طريق بين الموات وسبق شخص وأحيى أحد طرفيه إلى حدّ الطريق اختصّ الحريم بالطرف الآخر، فلا يجوز للآخر الإحياء إلى حدّ لا يبقى للطريق سبعة أذرع؛ فلو بنى بناءً مجاوزاً لذلك الحدّ اُلزم هو بهدمه وتبعيده دون المحيي الأوّل.
      مسألة 13 - إذا استؤجم الطريق أو انقطعت عنه المارّة زال حكمه، بل ارتفع موضوعه وعنوانه، فجاز لكلّ أحد إحياؤه كالموات، من غيرفرق في صورةانقطاع المارّة بين أن يكون ذلك لعدم وجودهم، أو بمنع قاهرٍ إيّاهم، أو لهجرهم إيّاه واستطراقهم غيره، أوبسبب آخر. نعم، في المسبّل لايخلو جوازالإحياء من إشكال.
      مسألة 14 - لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع ففي المسبّل لايجوز لأحدٍ أخذ ما زاد عليها وإحياؤه وتملّكه قطعاً؛ وأمّا غيره ففي جواز إحياء الزائد وعدمه وجهان، أوجههما العدم، إلّا إذا كان الزائد معرضاً عنه.
      مسألة 15 - ومن المشتركات: المسجد. وهو من مرافق المسلمين يشترك فيه عامّتهم، وهم شرع سواء في الانتفاع به إلّا بما لا يناسبه ونهى الشارع عنه، كمكث الجنب فيه ونحوه؛ فمن سبق إلى مكان منه لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء بل وتدريس أو وعظ أو إفتاء وغيرها ليس لأحد إزعاجه، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه؛ فليس لأحدٍ بأيّ غرض كان مزاحمة من سبق إلى مكان منه بأيّ غرض كان. نعم، لايبعد تقدّم الصلاة جماعةً أو فرادى على غيرها من الأغراض؛ فلو كان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدريس وأراد أحد أن يصلّي في ذلك المكان جماعةً أو فرادى يجب عليه تخلية المكان له. نعم، ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يكن اختيار مريد الصلاة في ذلك المكان لمجرّد الاقتراح، بل كان إمّا لانحصار محلّ الصلاة فيه، أو لغرض راجح دينيّ كالالتحاق بصفوف الجماعة ونحوه. هذا. ولكن أصل المسألة لا تخلو من إشكال في ما إذا كان جلوس السابق لغرض العبادة كالدعاء والقراءة، لا لمجرّد النزهة والاستراحة، فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط للمسبوق بعدم المزاحمة، وللسابق بتخلية المكان له. والظاهر تسوية الصلاة فرادى مع الصلاة جماعةً فلاأولويّة للثانية على الاُولى؛ فمن سبق إلى مكان للصلاة منفرداً فليس لمريد الصلاة جماعةً إزعاجه لها وإن كان الأولى له تخلية المكان له إذا وجد مكان آخر له، ولا يكون منّاعاً للخير عن أخيه.
      مسألة 16 - لو قام الجالس السابق وفارق المكان رافعاً يده منه معرضاً عنه بطل حقّه - على فرض ثبوت حقّ له - وإن بقي رحله؛ فلو عاد إليه وقد أخذه غيره ليس له إزعاجه. نعم، لا يجوز التصرّف في بساطه ورحله؛ وإن كان ناوياً للعود فإن كان رحله باقياً بقي حقّه لو قلنا بثبوت حقّ له، ولكن لا يجوز التصرّف في رحله على أيّ حال، وإلّا فالظاهر سقوط حقّه على فرض ثبوته، لكن ثبوت حقّ في أمثال ذلك مطلقاً لا يخلو من تأمّل وإن يظهر منهم التسالم عليه في خصوص المسجد. والأحوط عدم إشغاله، خصوصاً إذا كان خروجه لضرورة، كتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة ونحوها.
      مسألة 17 - الظاهر أنّ وضع الرحل مقدّمةً للجلوس كالجلوس في إفادة الأولويّة، لكن إن كان ذلك بمثل فرش سجّادة ونحوها ممّا يشغل مقدار مكان الصلاة أو معظمه، لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواك وشبهها.
      مسألة 18 - يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل ومجيئه طول زمان بحيث استلزم تعطيل المكان، وإلّا لم يفد حقّاً، فجاز لغيره أخذ المكان قبل مجيئه ورفع رحله والصلاة مكانه إذا شغل المحلّ بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلّا برفعه، والظاهر أنّه يضمنه الرافع إلى أن يوصله إلى صاحبه؛ وكذا الحال في ما لو فارق المكان معرضاً عنه مع بقاء رحله فيه.
      مسألة 19 - المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الأحكام، فإنّ المسلمين فيها شرع سواء، سواء العاكف فيها والباد، والمجاور لها والمتحمّل إليها من بُعد البلاد. ومن سبق إلى مكان منها لزيارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة ليس لأحد إزعاجه. وهل للزيارة أولويّة على غيرها كالصلاة في المسجد بالنسبة إلى غيرها لو قلنا بأولويّتها؟ لا يخلو من وجه، لكنّه غير وجيه، كأولويّة من جاء إليها من البلاد البعيدة بالنسبة إلى المجاورين وإن كان ينبغي لهم مراعاتهم. وحكم مفارقة المكان ووضع الرحل وبقائه كما سبق في المساجد.
      مسألة 20 - ومن المشتركات: المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم، أو الطائفة الخاصّة منهم إذا خصّها الواقف بصنف خاصّ، كما إذا خصّها بصنف العرب أو العجم أو طالب العلوم الشرعيّة أو خصوص الفقه مثلاً. فمن سبق إلى سكنى حجرة منها فهو أحقّ بها ما لم يفارقها معرضاً عنها وإن طالت مدّة السكنى، إلّا إذا اشترط الواقف له مدّةً معيّنة - كثلاث سنين مثلاً - فيلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة وإن لم يؤمر به، أو شرط اتّصافه بصفة فزالت عنه تلك الصفة، كما إذا شرط كونه مشغولاً بالتحصيل أو التدريس فطرأ عليه العجز لمرض أو هرم ونحو ذلك.
      مسألة 21 - لا يبطل حقّ الساكن بالخروج لحاجة معتادة، كشراء مأكول أو مشروب أو كسوة ونحوها قطعاً وإن لم يترك رحله، ولا يلزم تخليف أحدٍ مكانه، بل ولا بالأسفار المتعارفة المعتادة، كالرواح للزيارة أو لتحصيل المعاش أو للمعالجة مع نيّة العود وبقاء متاعه ورحله، ما لم تطل المدّة إلى حدّ لم يصدق معه السكنى والإقامة عرفاً، ولم يوجب تعطيل المحلّ زائداً على المتعارف، ولم يشترط الواقف لذلك مدّة معيّنةً، كما إذا شرط أن لا يكون خروجه أزيد من شهر أو شهرين مثلاً، فيبطل حقّه لو تعدّى زمن خروجه عن تلك المدّة.
      مسألة 22 - من أقام في حجرة منها ممّن يستحقّ السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره إذا كان المسكن معدّاً لواحد إمّا بحسب قابليّة المحلّ أو بسبب شرط الواقف، ولو اُعدّ لما فوقه لم يكن له منع غيره إلّا إذا بلغ العدد الّذي اُعدّ له، فللسكنة منع الزائد.
      مسألة 23 - يلحق بالمدارس الرباطات. وهي المواضع المبنيّة لسكنى الفقراء، والملحوظ فيها غالباً للغرباء؛ فمن سبق منهم إلى إقامة بيت منها كان أحقّ به، وليس لأحد إزعاجه. والكلام في مقدار حقّه وما به يبطل حقّه وجواز منع الشريك وعدمه فيها كما سبق في المدارس.
      مسألة 24 - ومن المشتركات: المياه. والمراد بها مياه الشطوط والأنهار الكبار، كدجلة والفرات والنيل، أو الصغار الّتي لم يجرها أحد، بل جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج؛ وكذلك العيون المنفجرة من الجبال أو في أراضي الموات، والمياه المجتمعة في الوهاد من نزول الأمطار، فإنّ الناس في جميع ذلك شرع سواء، ومن حاز منها شيئاً بآنية أو مصنع أو حوض ونحوها ملكه، وجرى عليه أحكام الملك، من غير فرق بين المسلم والكافر. وأمّا مياه العيون والآبار والقنوات الّتي حفرها أحد في ملكه أو في الموات بقصد تملّك مائها فهي ملك للحافر كسائر الأملاك، لا يجوز لأحدٍ أخذها والتصرّف فيها إلاّ بإذن المالك، عدا بعض التصرّفات الّتي مرّ بيانها في كتاب الطهارة، وينتقل إلى غيره بالنواقل الشرعيّة، قهريّةً كانت كالإرث، أو اختياريّةً كالبيع والصلح والهبة وغيرها.
      مسألة 25 - إذا شقّ نهراً من ماء مباح كالشطّ ونحوه ملك ما يدخل فيه من الماء ويجري عليه أحكام الملك كالماء المحوز في آنية ونحوها. وتتبع ملكيّة الماء ملكيّة النهر، فإن كان النهر لواحد ملك الماء بالتمام، وإن كان لجماعة ملك كلّ منهم من الماء بمقدار حصّته من ذلك النهر، فإن كان لواحد نصفه ولآخر ثلثه ولثالث سدسه ملكوا الماء بتلك النسبة وهكذا. ولا يتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الأراضي الّتي تُسقى منه، فلو كان النهر مشتركاً بين ثلاثة أشخاص بالتساوي كان لكلّ منهم ثلث الماء، وإن كانت الأراضي الّتي تُسقى منه لأحدهم ألف جريب ولآخر جريباً ولآخر نصف جريب فيصرفان مازاد على احتياج أرضهما في ما شاءا؛ بل لوكان لأحدهما رحىً يدور به ولم يكن له أرض أصلاً يساوي مع كلّ من شريكيه في استحقاق الماء.
      مسألة 26 - إنّما يملك النهر المتّصل بالمباح بحفره في الموات بقصد إحيائه نهراً مع نيّة تملّكه إلى أن يوصله بالمباح كما مرّ في إحياء الموات، فإن كان الحافر واحداً ملكه بالتمام، وإن كان جماعة كان بينهم على قدر ما عملوا، فمع التساوي بالتساوي، ومع التفاوت بالتفاوت.
      مسألة 27 - لمّا كان الماء الّذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركاً بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكلّ واحد منهم التصرّف فيه وأخذه والسقاية به إلّا بإذن باقي الشركاء؛ فإن لم يكن بينهم تعاسر ويبيح كلّ منهم سائر شركائه أن يقضي منه حاجته في كلّ وقت وزمان فلا بحث؛ وإن وقع بينهم تعاسر: فإن تراضوا بالتناوب والمهايأة بحسب الساعات أو الأيّام أو الأسابيع -مثلاً- فهو، وإلّا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء، بأن توضع على فم النهر خشبة أو صخرة أو حديدة ذات ثقب متساوية السعة حتّى يتساوى الماء الجاري فيها، ويجعل لكلّ منهم من الثقب بمقدار حصّته، ويجري كلّ منهم ما يجري في الثقبة المختصّة به في ساقية تختصّ به، فإذا كان بين ثلاثة وسهامهم متساوية فإن كانت الثقب ثلاثاً متساويةً جعلت لكلّ منهم ثقبة، وإن كانت ستّاً جعلت لكلّ منهم ثقبتان، وإن كانت سهامهم متفاوتةً تجعل الثقب على أقلّهم سهماً، فإذا كان لأحدهم نصفه ولآخر ثلثه ولثالث سدسه جعلت الثقب ستّاً، ثلاث منها لذي النصف، واثنتان لذي الثلث وواحدة لذي السدس وهكذا، وبعد ما اُفرزت حصّة كلّ منهم من الماء يصنع بمائه ما شاء.
      مسألة 28 - الظاهر أنّ القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء يجبر الممتنع منهم عليها. وهي لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها. وأمّا المهايأة فهي موقوفة على التراضي وليست بلازمة، فلبعضهم الرجوع عنها حتّى في ما إذا استوفى تمام نوبته ولم يستوف الآخر نوبته وإن ضمن حينئذٍ مقدار ما استوفاه بالمثل مع إمكانه، وإلّا فبالقيمة.
      مسألة 29 - إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو وادٍ أو نهر ونحوها -بأن أحياها أشخاص عليه ليسقوها منه بواسطة السواقي أو الدوالي أو النواعير أو المكائن المتداولة في هذه الأعصار- كان للجميع حقّ السقي منه، فليس لأحد أن يشقّ نهراً فوقها يقبض الماء كلّه أو ينقصه عن مقدار احتياج تلك الأملاك؛ وحينئذٍ فإن وفى الماء لسقي الجميع من دون مزاحمة في البين فهو، وإن لم يف ووقع بين أربابها في التقدّم والتأخّر التشاحّ والتعاسر يقدّم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن علم السابق، وإلّا يقدّم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة الماء وأصله، فيقضي الأعلى حاجته ثمّ يرسله إلى ما يليه وهكذا؛ لكن لا يزيد للنخل عن الكعب أي قبّة القدم على الأحوط وإن كان الجواز إلى أوّل الساق لايخلو من قوّة، وللشجر عن القدم، وللزرع عن الشراك.
      مسألة 30 - الأنهار المملوكة المنشقّة من الشطوط ونحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها - بأن كان الشطّ لا يفي في زمان واحد بإملاء جميع تلك الأنهار - كان حالها كحال اجتماع الأملاك على الماء المباح المتقدّم في المسألة السابقة؛ فالأحقّ ما كان شقّه أسبق ثمّ الأسبق، وإن لم يعلم الأسبق فالمدار هو الأعلى فالأعلى، فيقبض الأعلى ما يسعه ثمّ مايليه وهكذا.
      مسألة 31 - لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقية أو حفر أو إصلاح أو سدّ خرق ونحو ذلك: فإن أقدم الجميع على ذلك كانت المؤونة على الجميع بنسبة ملكهم للنهر، سواء كان إقدامهم بالاختيار أو بالإجبار من حاكم قاهر جائر أو بإلزام من الشرع، كما إذا كان مشتركاً بين المولّى عليهم ورأى الوليّ المصلحة الملزمة في تعميره مثلاً؛ وإن لم يقدم إلّا البعض لم يجبر الممتنع، وليس للمقدمين مطالبته بحصّته من المؤونة ما لم يكن إقدامهم بالتماس منه وتعهّده ببذل حصّته. نعم، لو كان النهر مشتركاً بين القاصر وغيره وكان إقدام غير القاصر متوقّفاً على مشاركة القاصر - إمّا لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك - وجب على وليّ القاصر مراعاةً لمصلحته تشريكُه في التعمير وبذل المؤونة من ماله بمقدار حصّته.
      مسألة 32 - و من المشتركات: المعادن. وهي إمّا ظاهرة، وهي ما لا تحتاج في استخراجها والوصول إليها إلى عمل ومؤونة، كالملح والقير والكبريت والموميا والكحل والنفط إذا لم يحتج كلّ منها إلى الحفر والعمل المعتدّ به، وإمّا باطنة، وهي ما لا تظهر إلّا بالعمل والعلاج كالذهب والفضّة والنحاس والرصاص، وكذا النفط إذا احتاج في استخراجه إلى حفر آبار كما هو المعمول غالباً في هذه الأعصار. فأمّا الظاهرة فهي تملك بالحيازة لا بالإحياء؛ فمن أخذ منها شيئاً ملك ما أخذه -قليلاً كان أو كثيراً- وإن كان زائداً على ما يعتاد لمثله وعلى مقدار حاجته، ويبقى الباقي ممّا لم يأخذه على الاشتراك ولا يختصّ بالسابق في الأخذ؛ وليس له على الأحوط أن يحوز مقداراً يوجب الضيق والمضارّة على الناس. وأمّا الباطنة فهي تملك بالإحياء، بأن ينهي العمل والنقب والحفر إلى أن يبلغ نيلها، فيكون حالها حال الآبار المحفورة في الموات لأجل استنباط الماء، وقد مرّ أنّها تُملك بحفرها حتّى يبلغ الماء ويملك بتبعها الماء، ولو عمل فيها عملاً لم يبلغ به نيلها كان تحجيراً أفاد الأحقّيّة والأولويّة دون الملكيّة.
      مسألة 33 - إذا شرع في إحياء معدن ثمّ أهمله وعطّله اُجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه، ولو أبدى عذراً اُنظر بمقدار زوال عذره ثمّ اُلزم على أحد الأمرين، كما سبق ذلك كلّه في إحياء الموات.
      مسألة 34 - لو أحيى أرضاً - مزرعاً أو مسكناً مثلاً - فظهر فيها معدن ملكه تبعاً لها، سواء كان عالماً به حين إحيائها أم لا.
      مسألة 35 - لو قال ربّ المعدن لآخر: «اعمل فيه ولك نصف الخارج» -مثلاً- بطل إن كان بعنوان الإجارة، وصحّ لوكان بعنوان الجعالة.

  • كتاب اللقطة
  • كتاب النكاح
  • كتاب الطلاق
  • كتاب الخلع والمباراة
  • كتاب الظهار
  • كتاب الايلاء
  • كتاب اللعان
  • كتاب المواريث
  • كتاب القضاء
  • كتاب الشهادات
  • كتاب الحدود
  • كتاب القصاص
  • كتاب الديات
  • البحث حول المسائل المستحدثة
700 /