موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

سائر الكتب

  • الفكر الأصيل
  • ضَرورة العَودة إلى القرآن
  • العودة إلى نهج البلاغة
  • روح التوحيد رفض عبودية غير الله
  • دروس وعبر من حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)
  • الامام الرضا(ع) وولاية العهد
  • عنصر الجهاد في حياة الأئمة (عليهم السلام)
  • كتاب الفن والأدب في التصور الإسلامي
    • مقدمة
    • الفصل الأول
    • الفصل الثاني
    • الفصل الثالث
    • الفصل الرابع
      • القصة والتمثيل
      • العمل المسرحي والعمل السينمائي
      • الملحق الأول
        سهلة الطبع  ;  PDF

         

        الملحق الأول

        ترجمة النص الكامل للمقابلة التي أجرتها معاونية وزارة الإرشاد الإسلامية الإيرانية مع سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي حول العمل السينمائي والتي نشرتها مجلة "صحيفة" الإيرانية في عددها الصادر في نيسان 1985 م.
         
        قيمة العمل السينمائي:
        س: ما هو الموقع الذي ترَونه للسينما في الجمهورية الإسلامية، وما هي أهمية وجود أو عدم وجود النشاط السينمائي ـ حسب نظركم؟
        ج: لا تنفصل قضية السينما عن عموم قضايا الفن، ومثلما نولي أهمية كبرى لكافة فروع الثقافة ـ بهدف الوصول إلى المقاصد التي تشكّل جزءاً أساسياً من أهداف نظام الجمهورية الإسلامية ـ فمن الطبيعي أن نولي الفن هذه الأهمية باعتباره وسيلة متفوّقة، ونولي مثلها لفروعه، كلٌ بحسب قيمة ومستوى فاعليته. أما فيما يتعلق بالسينما، فجوابي بشأنها هو نفس الجواب الذي أجيب به عليكم لو كان سؤالكم عن أي فرع من فروع الفن الأخرى؛ وبخصوص السينما يجب أن أرى ما هو ثمن وجودها لكي أستطيع الجواب عن أهمية وجودها أو عدمها..
        نحن نولي احتراماً وتقديراً كبيراً للعمل السينمائي الذي نقبله، والذي يحقق المقاصد التي يؤيدها الإسلام والثورة، في حين نرى أن من غير الصالح وجود العمل السينمائي الذي يتحرك خلاف هذه المقاصد ولا نرى له قيمة أصلاً؛ وبغض النظر عن النمط الخالي من كلا هاتين الحالتين المتقدمتين إذا افترضنا وجود مثل ذلك، إذ أن لكل فيلم رسالة وكلمة ما يعرضها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وحكم هذا النمط يتضح من معرفة حكم العمل السينمائي النافع أو الضار.
        وبناءاً على ما تقدّم، فنحن نولي قيمة كبيرة للعمل السينمائي المطلوب وقيمته هي أكبر من أكثر الفروع الفنية الأخرى، لأن أسلوب إبلاغه لرسالته أفضل وأبرز وأكثر تأثيراً من غيره.
         
        الجاذبية فـي العمل السينمائي:
        س: يعتقد الكثيرون أن من اللازم رعاية جانب التلهية في الأفلام السينمائية، فما هي بنظركم طبيعة الارتباط الذي يجب توفره بين جاذبية الفيلم ومضمون الرسالة التي يحملها؟
        ج: بالطبع إن الجاذبية عنصر أساسي في الفيلم ولا يمكن تجاهلها، ولكن مصطلح "التلهية" لا نراه مصطلحاً جيداً، ونحن لا نستخدمه، ونرغب أن لا يكون هناك شيء بهذا المعنى، بل نريد أن يكون عامل تعليم وتوعية إلى جانب كونه جذاباً أيضاً، ولا تعارض بين هذين أصلاً، فالجاذبية عنصر أساسي في الفيلم، بمعنى أننا لو فرضنا أن فيلماً يحمل أفضل مضمون ورسالة لكنه يفتقد الجاذبية فهو عاجز عن تحقيق وتبليغ أي شيء وحاله حال الإنسان الذي يجلس وحده في غرفة ويتحدث عن أسمى موضوع. ولكن هناك اشتباه وخلط موجود في أذهان البعض ينبغي أن نزيله وهو: أنهم يتصورون أن الرسالة التي يجب أن يحملها الفيلم ـ ونقصد هنا رسالة الثورة الإسلامية وهي المحترمة المقدسة عندنا ـ تقتضي أن يتجه الفيلم باتجاه انعدام الجاذبية، ويبدو أنهم توهموا وجود تعارض بين هذين، بمعنى أن الفيلم إذا لم يكن إسلامياً وثورياً فهو جذاب حتماً، هذه معادلة خاطئة ونحن نرفضها، بل قد يحدث أحياناً أن تكون رسالية الفيلم ومحتواه عاملاً في إضفاء الجاذبية عليه بحيث يغطي حتى على التقنية والأسلوب الفني له بحيث يهيمن على المشاهد الكلام الذي يحبه ويجذبه بحيث يجعله يغفل حتى عن ضعف التقنية.
        واستناداً إلى ما تقدّم فإن الهدف والرسالية هما الأصل عندنا في الفيلم والعمل السينمائي، وإلا فما الذي يدفعكم باعتباركم ثوريين إلى العمل في هذا المجال؟! وهل ستواصلون العمل فيه إذا خلى من المحتوى الثوري أو الإسلامي؟! الجواب واضح: كلا.
        إذاً، فالشخص المنسجم والمتفاعل مع الثورة يريد العمل السينمائي المستلهم منها ولا ريب في ذلك، وهو المهم عندنا بالدرجة الأولى، وغاية الأمر هي أننا نعلم أن إيصال العمل السينمائي لرسالته يستلزم أن يكون جذاباً. وعليه، فلا مناص من توفير الجاذبية فيه باعتبارها وسيلة ضرورية فيما المحتوى هو الهدف والمقصد.
        إذا وُضِعت أفضل المضامين في شعر سيئ من الزاوية الفنية فلن تحقق أثرها المطلوب، ولكننا مع ذلك لا نضع المضمون في الدرجة الثانية في العمل الشعري بل يجب أن يكون الاهتمام به في الدرجة الأولى شريطة أن يقترن بالتقنية الفنية المطلوبة إذ بدونها لا يكون مفيداً فيما لا يمكن إنكار أن التبليغ هو المهمة الأساسية للعمل الفني.
         
        محذورات العمل السينمائي الصالح:
        س: ما هو الفيلم الذي لا يصلح للعرض بنظركم؟ وبعبارة أخرى: ما هي العوامل الداخلة في الفيلم والتي تجعله غير صالح للعرض؟
        ج: أعتقد أننا لو عرفنا الشروط التي يجب توفرها في الفيلم الفارسي المطلوب فإن الأمور التي يجب اجتنابها ستتضح بنفسها، لذا يجب أن نعرف أولاً هذه الشروط. أما فيما يتعلق بالمحذورات فأستطيع القول إنها تشمل كل ما من شأنه إحياء أو تقوية ما يخالف القيم الإسلامية التي يتبنّاها الفيلم الفارسي حالياً، وكذلك ما يخالف الفطرة الإنسانية السليمة والقيم المفيدة والضرورية للشعب والمؤثرة في تكامله؛ هذه أبرز المحذورات التي يؤدي وجودها في فيلم ما إلى جعله غير صالح ويجعلنا نرفضه؛ ولا اعتراض لنا على الأعمال السينمائية الخالية من هذه المحذورات. نعم إن درجة قبولنا بها ترتبط بمستواها.
         
        العاملون فـي الوسط السينمائي:
        س: العاملون من قَبل أنت صار الثورة في العمل السينمائي ينقسمون بمختلف مراتبهم إلى طائفتين: الأولى: هي العاملة في جانبه الثقافي، والثانية: المتكفلة بالجانب الفني والتقني، وهناك في الطائفة الأولى اتجاهات متعددة بعضهم معروف بالفساد والبعض الآخر ليس كذلك، بعضهم معارض للجمهورية الإسلامية والبعض الآخر يدعمون العمل المضاد ضد الثورة، وبعض تركوا العمل السينمائي أصلاً. فما هي طبيعة تعاملكم مع هؤلاء، فالبعض يعتقد بضرورة عدم السماح لأي منهم بالعمل في هذا المجال، فيما يعتقد البعض الآخر بضرورة التمييز بينهم، وهناك مَن يعتقد بضرورة السماح للجميع بالعمل شريطة فرض الرقابة والإشراف. ما هي وجهة نظركم بهذا الخصوص؟
        ج: هذا الموضوع من المسائل الحساسة التي وردت بشأنها العديد من التساؤلات منذ أوائل الثورة. لاحظوا إنكم لم توجهوا أي سؤال فيما يرتبط بالطائفة الثانية المتكفلة بالأمور الفنية والتقنية، ولا بأس من الحديث عنها بجملتين أو ثلاث. وحقيقة الحال هي: أن العاملين في الشؤون الفنية السينمائية كالمصورين والعاملين في المكياج والإنارة وغير ذلك يستطيعون القيام بأعمالهم بصورة أفضل مما يقومون به الآن لو أرادوا خدمة الشعب، ونحن نسمع أنهم أكثر رغبة في العمل للأفراد الذين لا ينسجمون مع الثورة بتلك الصورة، فهم يهتمون أكثر بعملهم معهم ويسخّرون خبرتهم الفنية بدرجة أكبر. وعليه، فلا ينبغي لنا الاهتمام فقط بأمر جانب المحتوى أو المتصدين للجانب الثقافي حسب تعبير تقسيمكم، بل إن المتكفلين بالأمور الفنية يمكن أن يكونوا أكثر نفعاً، لذا يجب التساؤل عما نفعله معهم؟! لعلّي أتحدث في النهاية عن أمر يشمل هؤلاء أيضاً.
        إن العاملين في النشاط السينمائي اليوم هم ضمن مجموعتين: الأولى تشمل الممثلين وعملهم في الدرجة الثانية، وإن كانوا في الواقع هم الذين يجذبون الأنظار؛ ولكن الذين يؤثر عملهم أكثر من الممثلين هم المخرجون وكتّاب السيناريو وأمثالهم، لذا يجب البحث بشأن هؤلاء أكثر؛ ولكن سؤالكم يختص بالمجموعة الأولى أي الممثلين ـ على ما يبدو، وبقرينة الأسئلة المتكررة التي وردتني إلى الآن بهذا الخصوص ـ فسؤالكم عن الذين يظهرون أمام العيون، وأنا لا أعرف الكثير من هؤلاء، والسبب هو أننا لم نكن نشاهد الأفلام أصلاً في العهد السابق، واليوم أيضاً لا نمتلك الفرصة الكافية لذلك رغم إمكانية وجود الأفلام الجيدة، اللهم إلا أن يجبرونا أحياناً على الجلوس لمشاهدة شيء ما، وهذا نادر الحدوث، ولكني أستطيع القول على نحو الإجمال وبحدود الأطر العامة:
        إن البعض لا يتمتعون بمستويات فنية عالية وسبب شهرتهم يرجع غالباً إلى جوانب عامية مبتذلة، وهم في نفس الوقت غارقون في المظاهر القبيحة، وهؤلاء ـ بدون شك ـ يُضعفون أي محتوى ومضمون لفيلم ما مهما كان المحتوى قوياً إذا صدر عنهم، وهذه حقيقة ينبغي علينا الانتباه إليها، وأنا هنا لا أطرح قضية عدم الاستفادة من هؤلاء كفتوى شرعية، فلهذه مقام آخر نقرر فيه في دراسة شاملة أمر الاستفادة منهم أو عدم الاستفادة، ولكني أرى أن حضور الممثل ـ رجلاً كان أو امرأة ـ الذي لا تحمل أذهان الناس عنه سوى الصور السيئة والمناظر الجنسية القبيحة المبتذلة والتي تجعل الشاب المؤمن، وحتى الفرد العادي ـ غير "الحزب اللهي" ـ والذي يعيش في أجواء الثورة، لا يشعر بأي احترام لهذا الممثل بل يحس بالنفرة منه، أقول إن هذا الحضور هو أمر سلبي، فحتى لو جاء هذا الممثل مثلاً ليفتح القرآن ويفسر آية منه فلا شك أنه سيضعف مفهوم هذه الآية والرسالة التي تحملها لأن الناس لا يصدقونه حقاً، إلا أن تضاف إلى هذه الحالة أشياء أخرى، وحينئذ يجب التفكير بشأنها.
        ولكن يوجد بين الممثلين مَن ليست لهم سوابق، كسوابق الذين تحدثنا عنهم آنفاً، في حين أن مستواهم الفني وعملهم السينمائي لا يقلّ عن أولئك إن لم يكن أفضل، وهؤلاء يجب الانتفاع منهم بدرجة أكبر وفتح ميادين الحضور لهم ومساعدتهم في إظهار طاقاتهم الفنية، كما يجب الانتفاع أكثر من الوجوه الجديدة، فيجب عليكم تشجيع الشباب الموهوبين القادرين على التحول إلى فنانين جيدين، وإدخالهم في الميادين الفنية والاستفادة منهم، فإذا توجهنا إلى القدماء فقط وملأنا بهم ميادين العمل الفني فإن الشاب الثوري لن يجد فرصة له بل قد يأنف عن المشاركة في عمل مع الممثل الفلاني الذي لا يحترمه لسوء سوابقه.
        إذاً، علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار العوامل والمعايير التالية:
        أولاً: معيار عدم إضعاف المضامين الجيدة بجعلها تصدر من أفواه وألسنة يعتبرها الناس ملوثة.
        ثانياً: فسح المجال أمام غير الملوثين بهذه القبائح، والذين يحظَون بقابليات فنية أفضل، وإن كانوا غير مقبولين من العوام.
        ثالثاً: وهو الأهم: فسح المجال أمام العناصر الشابة والجديدة والثورية، أي أمام الذين يؤمنون بأن الثورة قد اكتسبت القوة اللازمة لتغيير العمل السينمائي أيضاً وإيجاد تحول في الأفلام وشخصياتها، فليدخل هؤلاء ميادين العمل لكي يصبح لدينا مستقبل سينمائي أفضل، السينما هي بأيديهم. والعناصر القديمة من هؤلاء قلّما يخلصون للثورة بل وقلّما يقفون موقفاً محايداً، فهم في الأغلب وجّهوا ضربات لها؛ وأعتقد أن علينا أن نستفيد من وجود المستعدين حقاً لخدمة الثورة من هؤلاء شريطة أن تكون هذه الاستفادة حذرة للغاية، وهذا الشرط يصدق أيضاً على المجموعة الأولى التي تحدثت عنها، أي الممثلين.
        لا ينبغي لحكومة الجمهورية الإسلامية والمسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدولة أن يغفلوا عن أمر النشاط السينمائي، وأحد مصاديق عدم الغفلة هنا هو عدم السماح بالعمل للأشخاص الذين كانوا يلعقون أقدام خدام الملك، وهم اليوم غير مستعدين لخدمة الشعب، بل ويقومون أحياناً بطعنه وطعن الثورة غدراً، نظير ما فعله أحدهم رغم تقدير نظام الجمهورية الإسلامية له حيث تحدث للإذاعات الأجنبية ضدكم ـ أنت م الذين شجعتموه وضد نظامكم.
        كنا نتصور أن بعض الأفراد متعلقون بالثورة، لذا سمحنا لهم بالعمل دون أن نلتفت إلى أنهم لم يكونوا من الثورة في شيء فقاموا بما أرادوا، وأعتقد أن هذه المجموعة أساؤوا العمل حتى في هذه المسلسلات التي تعرض عبر التلفزيون، فلدي اعتراضات حتى على مسلسل "سربدران" (المصلوبون)، فمثلاً كان يمكن لهؤلاء أن يغيّروا أدوار الممثلين، فلم تكن هناك ضرورة أن يؤدي دور "القاضي شارح" ممثل قوي فيما يقوم بتمثيل دور "حسن الجوري" شاب ضعيف الجاذبية؛ ولا أستطيع أن أصدق بأن الدقة اللازمة قد توفرت في مثل هذه المسلسلات مع خروجها بهذه الكيفية، فإما أن الدقة المطلوبة انعدمت فيها أو أن هناك شيئاً من العناد المتعمد، ولا أقصد هنا "سربدران" بل حديثي عن النشاطات الجارية في عالم السينما وصناعة الأفلام في بلدنا بصورة عامة.
        وبناءاً على ما تقدم، يجب عليكم ـ ما استطعتم ـ التعامل بحذر وذكاء في الاستفادة من عناصر هذه الفئة الثالثة، فلا يمكننا أن نغفل عن الثورة والشعب ومشاعر جماهير حزب الله العظيمة والعازمة على الدفاع عن الثورة، نغفل عن كل ذلك من أجل مُخرج كان إلى الأمس يفعل كل ما اشتهى من القبائح ويرقص مع كل دقة طبل!! هذه من الموارد غير الصحيحة التي أريد التحذير منها؛ فهذا المخرج الذي يتجاهل مشاعر الشعب وقيمه والذي لا زال معرضاً عن الاستفادة من فنـه من أجل خدمة الشعب، وحتى إذا قام بـإنجاز عمل ما ينجزه بصورة يخلط فيها الصالح بالفاسد لكي يستطيع الاعتذار إذا عاد "بختيار" يوماً!! مثل هذا من الأفضل أن لا يقوم بـإنجاز شيء أصلاً حتى لو عطلنا العمل السينمائي، فأنا أرجح تعطيل السينما الفارسية، أو أن يقلّ حجم إنتاجها وبيعها للأفلام على أن يأتي مَن لا يخفق قلبه للثورة ويصنع أفلاماً بنيّة غير خالصة.
         
        الرقابة الحكومية على العمل السينمائي:
        س: هل ترَون أن للحكومة دور الإشراف فقط على النشاط السينمائي والعاملين فيه أم يتعدى دورها إلى التوجيه والإرشاد والدعم أيضاً؟ وما هي حدود الدعم الذي يجب أن تقدمه للعمل السينمائي المطلوب والذي تريده الجمهورية الإسلامية؟
        ج: أعتقد أن الحكومة لا يمكنها عزل دورها تجاه المجال السينمائي عن المسؤوليات التوجيهية.
        وإذا كان مقصودكم من الإشراف هو المعنى الذي يشمل التوجيه والمراقبة والمنع من الأشياء السيئة، فأجيب: نعم يجب أن يكون للحكومة إشراف؛ أما إذا كان المعنى المقصود أقلّ من هذا فلا يكفي الإشراف، إذ أني أعتقد أن على الحكومة أن تكون مؤثرة وحاضرة في الشؤون المربوطة بالعمل السينمائي، وهذا الحضور المؤثر يشمل عدة مصاديق:
        دعم وتأييد وتشجيع الفنانين الثوريين، ووضع الإمكانات تحت تصرفهم، والتعريف بهم، وإقامة مثل هذه المهرجانات الفنية لتوسيع خبراتهم وتجاربهم وتعليمهم، وتطهير ميادين العمل من العناصر المعرقلة لنموهم وتقدمهم.
        كما يجب على الحكومة التعامل بحذر وذكاء ـ على الجانب الآخر ـ مع الذين يمكن أن يستخدموا العمل السينمائي والفيلم وسيلة ضد الجمهورية الإسلامية، ويجب عليها منعهم من القيام بذلك، فلا يمكننا أن نضع العمل السينمائي في بلدنا بأيدي أشخاص معادين للثورة، فلا يمكن وضع قسم كبير وشديد التأثير من قنوات التغذية الثقافية للشعب بأيدي أشخاص يرفضون الأفكار التي يؤمن بها عامة الشعب والمنطلقة من المعتقدات العامة التي يقف الشعب على أُهبة الاستعداد للتضحية دفاعاً عنها، أو بأيدي أشخاص لا يؤمنون بهذه الثورة التي تقوم على أسس أرقى المقاصد التي عرفها العالم المعاصر؛ فهذا الأمر يرفضه الشعب وترفضه الثورة بلا شك.
        إذاً، فيجب أن يكون للحكومة حضورها المؤثر في هذا المجال، ولكن هذا لا يعني أن تتكفل الحكومة بكافة الاستثمارات، في العمل السينمائي اليوم حركة تكاملية، إذ قد لا يكون غيرها قادراً على ذلك الآن لكونه ليس مربحاً مادياً بالصورة السريعة المطلوبة أو لكثرة المشكلات التي تعترضه. لذا فقد لا يمكن معالجة الأمر في الفترة الراهنة سوى بمبادرة الحكومة للقيام بذلك، لكنني لا أقترح ذلك بل إن ما أقترحه هو أن يدير القطاع الخاص العمل السينمائي شريطة أن يكون تحت إشراف حكومة الجمهورية الإسلامية.
         
        العمل السينمائي والقطاع العام والخاص:
        س: شكل الإنتاج والعمل السينمائي في البلد يمكن أن يكون على ثلاثة أشكال، هي:
        1ـ من قبل القطاع الخاص وحده.
        2ـ من قبل القطاع العام (الحكومي) وحده.
        3ـ مشتركاً من كليهما.
        فأي هذه الأشكال يمكن أن تكون أفضل؟ هذا أولاً، وثانياً: ما هي المواصفات التي تطلبونها من القطاع الحكومي ومن نتاجات القطاع الخاص؟
        ج: طبيعي أننا نتوقع أموراً أكثر من الحكومة، لأن القطاع الخاص يفكر بأرباحه التجارية في حين أن الحكومة تعمل من موقع المسؤول، والعمل السينمائي هو من المجالات التي تتعرض إلى الانحراف حتماً إذا كان هدفها هو الربح المادي وحده؛ وقد اتضحت الإجابة على السؤال بمقدار من خلال الإجابة على السؤال السابق، وأعتقد أن الواقع القائم فعلاً في القطاع الخاص لا يدفعه للعمل بالاندفاعة المطلوبة إذا أراد الالتزام بالمبادئ والمعايير والضوابط التي تحددها الجمهورية الإسلامية للعمل السينمائي.
         
        مخاطر السينما الأجنبية:
        س: ما هي درجة التناسب ـ كماً وكيفاً ـ بين الأفلام الإيرانية والأفلام الأجنبية؟ وبعبارة أوضح: ما هي مواصفات الفيلم الإيراني الذي نستطيع أن نُعرض بوجوده عن الفيلم الأجنبي الجيد؟ وما هي الأخطار التي يمكن أن نغض الطرف عنها في الفيلم الإيراني لكي يصلح للعرض ونقلّل بذلك من عرض الأفلام الأجنبية؟
        ج: يبدو أن الفرض الذي يقوم عليه هذا السؤال هو توفر فيلم أجنبي جيد وحاضر للاستفادة في مقابل كل فيلم إيراني نجده يفتقد التقنية الفنية بالمستوى المطلوب، فإذا لم نستطع تحمّل هذا نقدّم ذلك للعرض بدلاً عنه فوراً؛ هذا هو الفرض الذي يقوم عليه السؤال ـ على ما يبدو ـ لكنني أتصور أن الوضع القائم فعلاً ليس كذلك، فعندما نشاهد فيلماً إيرانياً لا تتوفر فيه المواصفات المطلوبة بالكامل، فهذا لا يعني أننا حرمنا أنفسنا من فيلم أجنبي جيد.
        إننا لا نعارض الفيلم الأجنبي الجيد، فأْتوا بما شئتم منه، ولكن ما هي كمية الأفلام الأجنبية الجيدة يطبِّق موازينكم وموازين الثورة الموجود لديكم؟ ونقصد بالجيد: الفيلم الذي ليس فيه تربية سيئة ولا يتعارض مع القيم الإسلامية في مضمونه وفي أسلوبه وتقنيته؛ فأْتوا بكل ما لديكم من هذا النوع، ولا تقدّموا عليه أي فيلم إيراني، فحتى لو جئتم بها جميعاً فسيبقى لديكم نقص عليكم أن تسدّوه بالأفلام الإيرانية.
        أما فيما يتعلق بالفيلم الإيراني فينبغي أن تتوفر فيه كافة المواصفات التي نطمح إليها، ولكن ونظراً للملابسات الواقعية الموجودة فعلاً علينا أن نقلّل من الشروط بعض الشيء، فلو كان محتوى الفيلم جيداً ومطلوباً فلا ينبغي أن نرفضه حتى لو كان فيه ضعف في الجانب الفني، والأمر المهم لدينا اليوم هو محتوى الفيلم فيجب أن يحمل رسالة الثورة، وهذا أصل أساسي كما قلنا سابقاً. صحيح أن الجاذبية شرط ضروري فيه، وعليكم أن تبحثوا عن الأفلام التي تتوفر فيها بأفضل ما يمكن، ولكن إذا لم تجدوها بالحد الأعلى فاقنعوا بأقل من ذلك بعض الشيء.
        نحن ـ كما قلت ـ لا نعارض الفيلم الأجنبي إذا انسجم مع مفاهيم ثقافتنا، لكنني أشاهد ما يعرض عبر التلفزيون، وأسمع عما يعرض في دور السينما، فأرى ـ مع الأسف ـ أن كثيراً من أن الأفلام الأجنبية التي تُجلب غير صالحة، وليس من جهة محتواها فقط بل حتى من الزاوية الفنية، فهي ضعيفة للغاية وتسبّب الملل والضجر، ولا أرى فيها الفيلم الجيد في محتواه وفي تقنيته وجانبه الفني وعلى درجة عالية بحيث يجعلنا نعتقد أنه لو دخل أجواء البلد فسيضيق مجال الفيلم الإيراني.

        س: توضح إحصائيات النشاط السينمائي في إيران ازدياد إنتاج الفيلم الإيراني، فما هو تقييمكم لهذا النشاط خلال هذه الأعوام الستة التي تلت أنت صار الثورة الإسلامية؟
        ج: بالطبع إن ازدياد عدد الأفلام المنتجة من ستة أفلام في العام سابقاً إلى ستين فيلماً سنة 1361 (هـ.ش) هو تطور كمي واضح وهو جيد بالطبع، والتطور الكمي خلال هذه الأعوام الثلاثة المنصرمة جيد كما ذكرتم؛ أما التطور النوعي فلا أستطيع الآن إعطاء رأي بشأنه لعدم اطلاعي بالكامل عليه، وعدم مشاهدتي الكاملة لأفلام هذه الفترة؛ لذا فإني أؤكد قولي السابق وهو: إذا أردتم تطوير السينما الفارسية فعليكم الاهتمام بأمرين: الأول فسح مجال العمل أمام العناصر الموهوبة الموالية حقاً للثورة ولمصالح البلد وليست أجنبية عنها، والثاني إيجاد تحول في أصل السينما الفارسية، بمعنى إخراج العناصر المضادة للقيم التي زُرعت فيها وإزالتها بكل صورة ممكنة، أي أن تعوّدوا المشاهد على عدم توقع مشاهد عنف، ومناظر مبتذلة في الفيلم؛ فيجب إيجاد سعي حقيقي لأعمال الإبداع الفني الحقيقي في الفيلم، ومتابعة تأثيره، وإيجاد المضامين الحقيقية المطلوبة، فإذا تحقق هذا تحقق معه تحول أساسي في العمل السينمائي.
         
        علاقة العمل السينمائي والجمهور:
        س: إلى أي حد يستطيع الإنتاج السينمائي في البلد معتمداً على استقبال المشاهد له؟
        ج: العمل السينمائي هو للمشاهد أساساً، ومعلوم أنه لا يستطيع الانفصال عنه، ولكن لا يمكن ضمناً نسيان أن له أيضاً دور الهداية كسائر (الخطباء) الذين لديهم مَن يستمع لقولهم ويعتبرون وجودهم للمستمع فلا يمكنهم تجاهل رأي المستمع؛ لكن حكمة وجودكم هي هداية المستمع؛ وبين هذين خط مستقيم يمكن السير عليه بالتسلح بالدقة.
         
        س: بنظركم هل يشترط أن تكون فكرة الفيلم من المسائل الإسلامية أو القضايا الحربية والثورية؟ أم يمكن أن تتسع لتشمل أيضاً سائر المضامين والقضايا الاجتماعية؟ أي ما هو معنى إسلامية الفيلم بنظركم؟
        ج: كافة الموضوعات يمكن أن تكون إسلامية، فحتى الفيلم الذي يحكي سيرة النبي الأكرم (ص) يمكن إعداده بحيث يكون معادٍ للإسلام. إذاً، فكون أن الفيلم يحمل اسم محمد (ص) والدور الأول فيه هو عنه (ص) لا يعني إسلاميته مطلقاً، بل إن كافة الموضوعات يمكن أن تعدّ بصورة إسلامية، ونحن نريد تحقق أمرين لأسلمة الفيلم: الأول أن تكون القيم التي يدعو لها ويركزها قيماً إسلامية، والتحقيق يثبت أن للقيم الإسلامية مساحة واسعة، تمتد من تعليم الصلاة إلى تعليم الصدق، الشجاعة، والمقاومة وسلامة العمل...، وكل فيلم يعلّم أمثال هذه القيم فهو ذو محتوى إسلامي، هذا هو الأمر الأول.
        أما الأمر الثاني المطلوب لإسلامية الفيلم هو أن تكون فيه مظاهر ورموز غير إسلامية، فقد يُظهر فيلم حالة الصلاة ولكن الممثلين يُظهرون أشياء مضادة للقيم الإسلامية من خلال طريقة تحركهم ووضعهم ونظراتهم، فهذه القضية مهمة بمقدار أهمية القضية الأولى فكلتاهما يجب أن تكونا إسلاميتين.

         
        س: ما هي الآثار والثمار التي يمكن أن يحققها مهرجان الفجر السينمائي؟
        ج: مثل هذه المهرجانات يمكن أن تكون مفيدة للغاية، وبالطبع فالأمر يرتبط بطبيعة القيم التي تديرون بها هذه المهرجانات وكيفية إدارتكم لها، فإذا جعلناها وسيلة لتشجيع أصحاب المواهب الفنية أو أسلوباً للتعاون وتبادل وتكميل المعلومات للفنانين الإيرانيين، أو وسيلة لتعليم أساليب ومناهج صناعة الأفلام للراغبين من الشباب حديثي العهد بالعمل في هذا المجال، أو لتعريف العناصر المجربة التي يمكن الاستفادة منها... فإذا استطاع هذا المهرجان تحقيق مثل هذه الثمار فهو مفيد وجيد حسبما أعتقد.
        وبالطبع فإن من الضروري التعامل بحذر وذكاء مع إدارة هذه المهرجانات، فقد يكون تعريف أحد الشخصيات أو الاتجاهات فيها أمر غير جائز حسب موازين الجمهورية الإسلامية، وإجمالاً فإني أؤيد إقامتها.

         
        س: هل ترجحون بقاء مهرجان الفجر السينمائي داخلياً أم تحوّله إلى مهرجان دولي تشترك في مسابقته أفلام أجنبية؟
        ج: لا ضرر في تصوري من جلب الأفلام الأجنبية، بل يمكن أن يكون مفيداً ضمن شروط خاصة، فلا اعتراض عليكم إذا عرضتم ما ترَونه مفيداً على الناس خلال هذه المهرجانات، ولكن يجب الاعتماد على أسس صحيحة واختيار الأفلام المنسجمة مع الصبغة الرسالية التعليمية لهذا المهرجان، أي تكون تعليمية حقاً ودرساً للحاضرين.
         
        الجانب الترفيهي:
        س: إذا أخرجنا الأعمال السينمائية المسبِّبة للانحرافات الأخلاقية والعقائدية والمروّجة للفساد والفحشاء والمنكرات، وكذلك النتاجات المحاربة للقيم الإسلامية، ومنعنا تسلّلها، يمكن تقسيم الأعمال السينمائية الأخرى إلى ثلاثة أنماط رئيسية:
        أ / التي يغلب عليها جانب التلهية.
        ب / التي تخدم الفكر الحاكم.
        ج / التي تُستلهم مضامينها من الفكر والمعتقدات الإسلامية.
        ما هي وجهة نظركم بشأن هذه الأنماط بملاحظة ما تقدم ذكره؟
        ج: ليس لدينا شيء بعنوان "الفكر الحاكم" مقابل الفكر الإسلامي، فالفكر الحاكم هو الفكر الإسلامي، فحكام المجتمع الإسلامي من نفس الشعب ولا توجد هناك عقيدة خاصة بالسلطة الحاكمة بالمعنى الذي يتداعى للذهن، فعقيدة الحكم هي نفس عقيدة الشعب، فأنا مثلاً أرأس السلطة التنفيذية في هذا البلد وأنا أساساً إمام جمعة؛ وعليه تلاحظون أن ما يحكم الجهاز المدير لشؤون البلد ليس سوى عقائد وعواطف وآمال وطموحات هذا الشعب. إذاً فليس صحيحاً في نظري تعبيركم "السينما التي تخدم الفكر الحاكم" والأفضل أن تقولوا التي تخدم الأفكار الإسلامية وعقيدة الناس وإيمانهم.
        إذاً فالقسم الثاني والثالث شيء واحد، فالمستلهم من فكر معيّن والذي يخدمه شيء واحد، فكل مضمون مستلهم من الفكر الإسلامي يخدم هذا الفكر بلا شك. وعليه، يصبح لدينا نمطان من العمل السينمائي أحدهما للتلهية المجردة، أي أنه فارغ لا يحمل شيئاً، وكل ما يقوم به هو أنه يلهي الإنسان ساعة ويقتل وقته، فلا فائدة منه سوى هذه!! والنوع الثاني هادف ويحمل مضموناً آمال الشعب وطموحاته، ومن الطبيعي أنني أختار الثاني وأرفض الأول، فأنت م قد أخرجتم العمل السينمائي المحيي للأشياء المضادة للقيم الإسلامية، فهل الأعمال التي لا تحمل سوى البطالة واللهو يمكن أن تخدم أياً من القيم الإسلامية؟!
         
        س: أن يخرج العمل السينمائي الذي تغلب عليه التلهية؟
        ج: نعم، إلا أن يكون جانب التلهية قوي فيه لكنه يحمل أيضاً هدفاً ومضموناً إسلامياً، ومثل هذا أرغب فيه وأتقبله إذا كان موجوداً.
        لاحظوا أنني تحدثت في جواب السؤال الأول عما يرتبط بالمحتوى والجاذبية وقلت كل ما لدي في هذا الباب. ونحن عندما نعتبر الأساس والعمود الفقري للفيلم هو مضمونه والكلمة التي يريد أن يوصلها ونؤكد عليه فمن الطبيعي أننا لا يمكن أن نغفل عن جاذبيته وهي نفس الجانب الترفيهي فيه والذي يجعله مرغوباً، بل إن كلا هذين الجانبين ممتزجان، ويكمل كل منهما العمل الفني الكامل.

      • الملحق الثاني
      • الملحق الثالث
  • الإمامة والولاية في الإسلام
  • المواعظ الحسنة
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • قيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
700 /