موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة القائد في جمع غفير من أهالي محافظة آذربيجان

بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً أشكر جميع الإخوة والأخوات الأعزاء الذين قطعوا هذا الطريق الطويل وتفضلوا بالمجيء إلى هذه الحسينية ليقيموا هذا المحفل المفعم بالصميمية والنقاء. أهلاً وسهلاً بكم. قارداش لار .. باجيلار، خوش گلميسيز.(1)
ذكرى الجهاد التحرري الواعي لأهالي آذربيجان لن تمحى من ذاكرة الشعب الإيراني. والتاسع والعشرون من بهمن سنة 1356(2) إحدى هذه الذكريات. لديكم الكثير من هذه الأحداث في هويتكم التاريخية سواء في عهود التاريخ الماضية، أو في عهد ما بعد الثورة، أو في فترة الحرب المفروضة، وإلى اليوم. تاريخ أهالي آذربيجان الأعزاء الحافل بالمفاخر، يبلغ ذروته في بعض المحطات، ومنها محطة التاسع والعشرين من بهمن.
لو أردنا تصوير القضية باختصار للشباب الأعزاء الذين لم يشهدوا ذلك اليوم، لقلنا إن تحركاً أنطلق لمواجهة النظام الغدار من حوزة قم العلمية وأهاليها، فقمع النظام الشرس والغدار والمعتمد على أمريكا ذلك التحرك بشدة واحتبست الأنفاس في الصدور، وتصور الجميع أن القضية انتهت. بيد أن الحدث الذي لم يسمح بانتهاء ذلك التحرك، وحوّله إلى تيار وعملية متواصلة هو ما قام به أهالي تبريز وآذربيجان؛ أي إن أهالي تبريز الغيارى الشجعان الواعين حوّلوا حدثاً إلى تيار، ولم يسمحوا بدفنه في مدينة قم وحدودها. ولو شئنا تشبيه ذلك بأحداث صدر الإسلام لكان شبيهاً بما فعله الإمام زين العابدين وزينب الكبرى لصيانة حادثة عاشوراء وعدم السماح بدفنها ونسيانها في صحراء كربلاء.
لقد حوّلتم ذلك الحدث إلى راية رفعتموها بقوة فكانت تلك الراية هي العلامة المميزة الدالة على أهمية الحدث.
ولو أردنا إسقاط هذا الحدث على نفسية أهالي آذربيجان وخصالهم، لكانت النتيجة أنهم يتحلون بالحماس والهياج، وبالشعور واليقظة العاليين. أناس يعلمون ما هو الفعل المهم ومتى يكون مهماً. لديهم الشجاعة والغيرة الكافية ما يؤهلهم للقيام بذلك الفعل مهما كان خطيراً. إنهم أناس يقظون. . يقظون. . اليقظة التي تهتفون بها شعاراً. إنني أؤمن بهذا الشعار من أعماق كياني، وقد قلتُ ذلك منذ سنوات، وأقول حيال شعاركم تصديقاً له:
آذربيجان اوياخسان، انقلابا داياخسان (3)
والقضية كلها تتلخص في هذه اليقظة والوعي والإدراك العالي وفهم الظروف والمبادرة الشجاعة في الوقت المناسب. لو افترضنا شعباً مُني بالغفلة والتخلف طوال قرون نتيجة فساد الأجهزة الحاكمة وأنواع الاستبداد الذي يسوده، وتأخر عن قافلة العلم والحضارة وعن كل شيء، ثم جاء الاستعمار بأساليبه وطرائقه المعقدة الغامضة جداً ليُبقي ذلك الشعب على هذه الحالة وينسف مصادره الحيوية وقيمه التاريخية والثقافية ويمسك بزمام بلده، لو افترضنا أن ذلك الشعب أراد قلب الصفحة، فما الذي يحتاج إليه؟ هل يمكن الذهاب للمستعمر الظالم الغدار والرجاء منه: سيدي، أقلعوا عن الاستعمار وغضوا الطرف عن مصالحكم؟ هل هذا ممكن؟ وهل ينفع شيئاً؟ أو إذا قلنا: لا نتوسلهم، بل نفاوضهم فهل تُعالج المشكلةُ بالتفاوض؟ هل يمكن إخراج الطُعم من فم الذئب بالتفاوض والكلام المنطقي وتقديم الطلبات؟ هل هذا ممكن؟
ليس أمام الشعوب في مثل هذه المحطات سوى طريق واحد، وهو أن يفصحوا عن معدنهم، ويعرضوا قدراتهم ويستفيدوا من إمكاناتهم لكيلا يستطيع العدو استغلال نقاط ضعفهم وعجزهم؟ لا سبيل سوى هذا أمام الشعب. هذا ما فعله الشعب الإيراني، وهو عمل يحتاج إلى اليقظة والوعي وعدم التقاعس، وعدم الركون للأهواء والراحة المادية العاجلة الصغيرة التافهة، واستذكار الأهداف والمبادئ الكبرى والنـزول إلى الساحة. العملية تحتاج لهذه الأمور، وأساسها هو اليقظة. هذا ما فعله الشعب الإيراني.
الثاني والعشرون من بهمن كان ذروة هذه العملية. الموقظ الذي ظل يهتف سنوات حتى أيقظ هذا الشعب هو إمامنا الكبير. وقد تعاون في هذه العملية جميع الخيرين، والمصلحين، والعلماء المخلصين؛ والطبقات المختلفة دخلت كلها تدريجياً إلى ساحة وبذلت مساعدتها؛ وفجأة تحول شعبنا من شعب له سابقة العهد القاجاري ثم انسحق تماماً في العهد البهلوي، تحول إلى شعب حي يقظ نزل إلى الساحة ليعلن عن قدراته. إنها قدرات وطنية مستمدة من كل أبناء الشعب وما من قوة بمستطاعها مقاومتها. لتجرّب الشعوب ذلك، والتجربة هذه ليست يسيرة طبعاً، إنما تحتاج إلى تضحية وقيادة صحيحة. إذا تحقق هذا فلن يخضع أي شعب في العالم للجور والفقر. وقد توفرت هذه الظروف في بلدنا العزيز.
وما كان لهذه اليقظة أن تكون لولا الإيمان. إيمان الجماهير هو الذي حرّك كيانهم من الداخل كما يفعل المحرِّك الفعّال. لولا الإيمان لما هان الموت في أعين الناس هكذا. الإيمان هو الذي يهوِّن الموت في أعين الناس. لذلك كلما ارتفعت درجة الإيمان كلما هان الموت. إيمان كإيمان علي بن أبي طالب يهوِّن الموت ويصغِّره إلى درجة تجعله يقول إنني لست ممن لا يهاب الموت وحسب بل واستأنس بالموت: «آنس للموت من الطفل بثدي أمّه». يأنسه ويحبه؛ لا لا يهابه فقط، بل يرحّب به. هذا ناجم عن الإيمان. حينما يكون ثمة إيمان لن يكون الموت نهاية الحياة.
ثمة خط فاصل بين هذه النشأة وتلك النشأة. البعض يقيدونهم بالسلاسل ويعبرون بهم هذا الخط الفاصل؛ هؤلاء هم الملتصقون بالحياة الدنيا. والبعض يقفزون بأنفسهم إلى الجهة الثانية، لماذا؟ لأنهم يرون ما هناك؛ يشاهدون الوعد الإلهي. لذلك كان الشهداء الأعزاء الذين سمعتم بأسمائهم، وتعرفون الكثيرين منهم، وكان بعضكم رفاقهم وممن عاشوا معهم، كانوا لا يهابون الموت. كانوا يعشقون الحياة، وهذا ما يمكن للمرء أن يدركه حين يقرأ وصاياهم. هذا هو طريق الشعب، وقد بدأ شعبنا مسيرته في هذا الطريق.
الفرق بين هذا الشعب وثورته عن كثير من الشعوب التي ثارت هو أنه اعتصم بحبل متين: ﴿. . . فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ. . . ﴾. العروة الوثقى هي أنكم تريدون القفز على هاوية أو العبور على حافة دقيقة جداً، ويكون هناك حبل متين تمسكون به. فإذا أمسكتم به اطمأن بالكم وتأكدتم من أنكم لن تسقطوا؛ هذه هي العروة الوثقى. ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ﴾؛ الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. هذا ما كان شعبنا يمتلكه، لذلك تخطى هذا المعبر دون همٍّ أو غمّ، وهذا ما أدى إلى بقاء هذا التحرك العظيم بين جماهير الشعب.
ليتنبّه شبابنا الأعزاء لهذه النقطة، وليتنبّه أهل المعرفة والفكر. الثورة تيار. . وهي كذلك في كل مكان. إنها تيار وليست حدثاً. لكن هذا التيار قد يتوقف وسط الطريق في كثير من المواضع. أنظروا تاريخ الثورات الكبرى على اختلافها. إنها تتوقف وسط الطريق. البعض يبلغون نصراً معيناً فيغتبطون به وينسون الناس، ويترك الناس الساحة شيئاً فشيئاً، وينتهي كل شيء.
الثورة الفرنسية الكبرى التي ابتدأت أواخر القرن الثامن عشر، انتهت مطلع القرن التاسع عشر وتلاشت ولم يبق منها شيء. ثاروا ضد الملكية الاستبدادية فقضوا على الملكية، وبعد نحو 15 سنة تولى زمام الأمور ملك مقتدر مستبد آخر هو نابليون بونابرت. بقوا ممتحنين عشرات الأعوام إلى أن استطاعوا تدريجياً التحرر من جانب من تلك الحالة بشكل من الأشكال.
الثورات لا تبقى، وتُترك منقوصةً لانعدام الإيمان وفقدان تلك العروة الوثقى. وهذه الثورة بقيت بين شعبنا وازدادت حيوية يوماً بعد يوم، وأثبتت مزيداً من كفاءتها باستمرار. انظروا للثاني والعشرين من بهمن هذه السنة. مضت تسع وعشرون سنة على الثورة، وكان الثاني والعشرون من بهمن هذه السنة كما قال السيد مجتهد شبستري من تبريز، ووصلتني الأنباء من مناطق مختلفة ـ طهران والمدن الأخرى ـ ذكر المختصون والمطلعون بشكل حاسم تقريباً أن مشاركة الشعب وهياجه هذه السنة كان أكبر من السنة الماضية والسنوات التي سبقت، لماذا؟ لأنه شعب حي ولأن هذه الثورة حية.
الذين اعتراهم الهياج والانفعال خلال هذه السنوات الوسيطة وقالوا إن الثورة انتهت وماتت والإمام نُسي من الأذهان، كانوا على خطأ وكانت حساباتهم سيئة وخاطئة. لقد ازدادت فاعلية الثورة وحيوية قيمها.
الشخص الذي يرفع اليوم شعارات الثورة بين الناس، سيمنحه الناس أصواتهم ويميلون إليه، لأنهم يرون كفاءة الثورة وعملانيتها. الإنجازات التي حققتها الثورة في هذا البلد والمنـزلة التي اكسبتها لشعبنا في العالم، وروح الثقة بالذات التي بثتها في شباب هذا الشعب، ثمار قد لا تتأتّى أحياناً حتى في مائة عام، لكن الثورة حققتها. هكذا تُعالج المشكلات.
الشباب، والمواهب، والقدرات الذاتية، والاستعدادات اللازمة تنتقل تدريجياً من القوة والإمكان إلى الفعل والواقع، ويتحول الأفراد الخام إلى شخصيات بارزة يتوفرون على قدرة الإدارة، والبناء، والإنتاج، والسير السريع في المسابقات الإنسانية على مستوى العالم - السباق بين الشعوب - ويتقدم الشعب إلى الأمام. الثورة وقيمها هي الرصيد الأولي لكل هذا. ويجب أن تبقى هذه القيم راسخة قوية، وقد كانت كذلك إلى اليوم، وازدادت حيوية وتأثيراً. قلت مراراً إن شابّنا اليوم إن لم يكن أكثر استعداداً للمشاركة في سوح القتال من شاب سنة 1359(4) حين بدأت الحرب المفروضة، فإن استعداده ليس بأقل. طريقنا نحو المستقبل واضح، والبرمجة الشاملة تسود السلوك الثوري العام بتوفيق الله وفضله. نحن ندري ماذا نريد أن نفعل.
للشعب الإيراني في داخل بلاده، وفي مواهبه وطاقاته الذاتية، وفي عمق تاريخه الكثير من الكنوز، ونحن نروم إحياء هذه الكنوز، حينما يصار إلى إحياء هذه الكنوز سيصبح الشعب غنياً عالماً وتنفتح أمامه مجالات التقانة، والعلم، والتحضر، والقدرة على إبداء الرأي والمكانة الفائقة في السجالات الدولية. وعندئذ يصبح نموذجاً للشعوب الأخرى. وقد كان شعبنا نموذجياً لحد اليوم.
بقي الشعب الفلسطيني يراوح ويسير للخلف دائماً قبل الثورة الإسلامية. الشباب من بعض الشعوب المسلمة ممن كانت تعتمل في نفوسهم بعض المشاعر مالوا للتيارات اليسارية وانتهى كل شيء بانهيار المعسكر اليساري. لكن الثورة أحيتهم وأحيت شعوبهم. لو ألقينا نظرة على مشهد العالم الإسلامي حولنا لاتضح هذا المعنى بكل جلاء. كان الشعب الإيراني نموذجياً لحد الآن. ولكن يوم تستطيعون أيها الشباب وأيتها الطاقات المتألقة التي تغمر كل أرض البلاد أن تنقلوا هذه المواهب إلى حيز الواقع إن شاء الله، سيتحول هذا الشعب إلى نموذج عملي للبلدان الرازحة تحت نير الظلم. وهذا مهم جداً. مفتاح سعادة هذا الشعب والشعوب الأخرى في أيدي شعبنا، وفي أيديكم أنتم الشباب. والعدو يعلم هذا ويفهمه، لذلك يحاول صرف هذا الشعب عن مواصلة طريقه.
كل المساعي الإعلامية، والسياسية، والاقتصادية، والضغوط المختلفة، وأنواع الحظر، والقرارات المتنوعة، الهدف منها إقناع الشعب بعدم مواصلة هذا الطريق. يريدون أن يفعلوا ما من شأنه صد هذا الشعب عن الاستمرار في طريقه. يعلمون أنه إذا واصل سيره في هذا الطريق بهذه السرعة والقوة فسوف تسقط مظلّة الظلم والاستكبار والطمع والنهب التي مدّوها على رؤوس الشعوب والأمة الإسلامية. وسوف يتعرض كيان الاستكبار للخطر بين البلدان المرتبطة بالأمة الإسلامية. يعلمون هذا، لذلك يبذلون مساعيهم الحثيثة.
لاحظوا أن رئيس جمهورية أمريكا قال قبل أيام: نحن نضغط على إيران ليصل الشعب الإيراني إلى نتيجة فحواها أن الحصول على الطاقة الذرية عملية غير مجدية لهم. معنى هذا الكلام أن وصول شعب إيران إلى ذروة تقنية يعتقدون أن الطاقة الذرية مظهرها، سيبعث الغبطة في نفوس الشعوب الأخرى ويقنع الشعوب المسلمة بقدراتها إلى درجة تتعذر معها سيطرتهم على الأمور واحتواؤهم لها. لذلك يريدون أن لا نصل. وهم طبعاً يطلقون على القضية عنواناً آخر فيقولون: نحن نخشى القنبلة الذرية. لكنهم أنفسهم يعلمون والكثيرون في العالم يعلمون أنهم يكذبون. قضيتهم ليست القنبلة الذرية. يعلمون أن إيران لا تتوخى الحصول على السلاح النووي، إنما تروم الحصول على العلم والتقنيات النووية، وهذا ما يزعجهم: أن يستطيع شعب تحقيق مثل هذه الوثبة والقفزة الذاتية العالية من دون استئذانهم ومساعدتهم ومن دون أن يمد نحوهم يد الاستجداء. هذا ما يغضبهم. يقولون: «نحن ندعم التيار الفلاني والجماعة الفلانية»، لماذا؟ لأن ذلك التيار قال أو وعد بعدم الموافقة على السير في مثل هذه الطرق، أي إنه لا يوافق الصمود؛ يوافق أن نذهب لأمريكا ونقول لحضراتهم: اسمحوا لنا أن نتقدم(!) لا يمكن انتزاع الطعم من فم الذئب بالمحادثات؛ يمكن انتزاعه بالقوة.
هذه هي قضيتنا مع أمريكا ومع مستكبري العالم. يقولون لا تفعِّلوا وجودكم، ومواهبكم، وقدراتكم لكيلا يكون ثمة منافس أمام قدرتنا، وسلاحنا، وقوتنا، وإعلامنا، ونستطيع أن نصول ونجول لوحدنا في الميدان. وجواب شعبنا هو: كلا، نحن نستطيع الدفاع عن حقنا، وصد اعتداءاتكم، وإنْ لم نفعل فسوف يحاسبنا الله ويؤاخذنا.
الطريق الذي اختاره الشعب الإيراني طريق صحيح. التواجد في الساحة، وعدم التخلي عن هذا المنجز الكبير. القضايا الخلافية الصغيرة غير مهمة. القيل والقال بين هذه الفئة وتلك أو بين هذا الشخص وذاك، ليس بالشيء المهم. هذه أمور صغيرة. على أسرة الثورة الحفاظ على وحدتها وتلاحمها. قلت في بداية هذا العام: «الاتحاد الوطني» أي إن على أسرة الشعب والثورة الحفاظ على وحدتها وتلاحمها الداخلي واتصال أجزائها والتصاقهم ببعضهم. لا تسمحوا بتفشي حالة التفكّك. الشعب والحمد لله يتذكر هذه التوصية دوماً، وربما لم تكن ثمة حاجة لتذكارنا. نحن أيضاً نتبع هذه العقلانية العظيمة التي يعيشها شعبنا. ذكرنا ذلك للجماهير واثبتوا أنهم على العهد.
لدينا انتخابات بعد أيام. المشاركة في الانتخابات أيضاً من هذا القبيل. . أؤكد في جميع الانتخابات على المشاركة. ينبغي الحضور عند صناديق الاقتراع وممارسة العملية الانتخابية على رغم أنف الأعداء. العدو يريد أن لا تكون ثمة انتخابات لهذا الشعب، ولا مظاهرات 22 بهمن(5)، ولا مسيرات يوم القدس، ولا مساهمات في المراسم الدينية الهائلة، ولا مشاعر دينية عارمة. يريد أن يكون شبابنا غير مبالين وخاملين وغير آبهين وميالين للشهوات غارقين في الفساد والمخدرات. هذا ما يريده العدو. هذا هو الشيء المحبذ لدى العدو، لذلك فهو يشيعه، تارة باللغة الإيديولوجية، وتارة بلغة التهديد السياسي، وحيناً بلغة التهديد العسكري، وأحياناً بواسطة عصابات تهريب المخدرات، وتارة عن طريق نشر الأفلام المثيرة للشهوات؛ يدخل العدو للساحة بكل الأشكال، ويحاول مستميتاً عسى أن يستطيع صرف هذا الشعب عن هذه الحركة المستقيمة القوية العزيزة. وحين يأتي موسم الانتخابات - ربما تتذكرون - غالباً ما يطلق قبل الانتخابات كلاماً يحض فيه الجماهير على عدم المشاركة. . يفعلون بعض الأمور ويسعون، أحياناً بواسطة العناصر الغافلة والمخدوعة، وتارة بواسطة العملاء، يفعلون أموراً عسى أن يستطيعوا صد الجماهير عن المشاركة في هذه المراسم الكبرى، والانتخابات إحدى هذه المراسم الكبرى.
وصيتي للجماهير بالدرجة الأولى هي أن يأتوا ويشاركوا في ساحة الانتخابات، ويحيوا الانتخابات وصناديق الاقتراع. هذه الطوابير التي يقفها الناس لمدة ساعة - أقل أو أكثر - قد يواجهوا فيها مشقةً في الجو البارد، لكن هذا جهاد ومشقة لها أجرها عند الله تعالى. ليذهبوا ويقترعوا. هذا بالدرجة الأولى.
من الذي ينتخبونه؟ المعيار هو إحياء شعارات الثورة من قبل المسؤولين والمنتخَبين أكثر فأكثر. هذا هو المعيار. ولا علاقة لهذا بالتيارات والأسماء. علاج أوجاع هذا الشعب ووسيلة الوصول لمبادئ هذا الشعب وأهدافه هو شعارات الثورة. هذا ما ينبغي الحفاظ عليه. الذين يعارضون هذه الشعارات ويعادونها بالمعنى الحقيقي للكلمة يجب أن لا يدخلوا مواقع اتخاذ القرار. ليكونوا بين الشعب. لا إشكال في أن يحمل كل واحد من أبناء الشعب أي عقيدة شاء.
لكن من يعتقد أن هذه السيارة يجب أن لا تتحرك لا يمكن تركه جالساً خلف المقود. من تكون عقيدته أن هذه السيارة يجب أن لا تتحرك من مكانها، إذا تركناه خلف مقودها فلن تتحرك أبداً. ينبغي أن نأتي بشخص يؤمن بهذه الحركة وبهذا الطريق وبالهدف وبالقدرات الوطنية. . يؤمن بالإسلام والثورة والمعايير. هذه هي النقطة الحساسة. وهي النقطة الثانية.
طبعاً يجب التصرف بوعي ويقظة. . يجب التصرف بيقظة. ينبغي احتراز المتلوّنين والمتقلّبين ومن يختلف باطنهم عن ظاهرهم. كثيراً ما عانى الإسلام الضربات والأضرار على مر تاريخه من هذا التلوّن واختلاف باطن الأشخاص عن ظاهرهم. والروايات في هذا الصدد كثيرة. ينبغي التدقيق في هذا. أنتم شعب ذكي يقظ، وهذه حقيقة سواء علم بها أمثالي أم لم يعلموا، وسواء قلناها أم لم نقلها، فقد أثبتها تاريخنا وثورتنا وأحداث هذه السنوات التسعة والعشرين ليس لنا وحسب، بل للعالم كله. لذا فإن هناك من يفخر باسمكم وشعبكم وجماهيركم وإمامكم. الشهداء البارزون في العالم الإسلامي، وهذا الشهيد العزيز الذي استشهد على يد الصهاينة قبل بضعة أيام كانوا يفخرون بأنهم أبناء الإمام؛ كانوا يعدون أنفسهم أبناءً للإمام. الشهيد الحاج عماد كان يعدّ نفسه ابناً للإمام. أي إننا لو قارناه بأحد شبابنا، لما وجدناه يعتقد أن هذا الشاب الإيراني أقرب للإمام منه. كان يعتبر نفسه أبناً للإمام وقريباً من الإمام بنفس درجة الشاب الإيراني؛ لماذا؟ لأن الإمام وهبه الروح وأحياه. مثل هؤلاء الشباب كانوا موجودين دوماً في لبنان وفلسطين وغزة وكل مكان من دون أن تصدر عنهم مثل هذه الأعمال الكبرى. من كان يتصور أن يستطيع الشباب اللبنانيون بأسلحتهم العادية فرض التراجع والانسحاب الفاضح هكذا على جيش يَزعم أنه أحد أكبر جيوش العالم؟
في الأيام الأولى بعد انتهاء حرب الـ 33 يوماً قال الصهاينة: كلا، نحن لم نهزم(!) لكن تقرير لجنة فينوغراد هذه الأيام كشف الحقيقة. وقد تكتموا لكيلا تكون الفضيحة كبيرة، ولكن الأمر واضح جداً؛ جيش مدجج مجهز تدخلت أمريكا أيضاً لصالحه بشكل مباشر - اعلموا أن أمريكا تدخلت بشكل مباشر في حرب الـ 33 يوماً في لبنان؛ دعمت وتدخلت بشكل مباشر وبدون ضجيج - لكنهم انهزموا جميعاً. مِن قبل مَن؟ من قبل عدد من الشباب كانت وسيلتهم الثقة بالذات، والتوكل على الله، وعدم تهيّب الموت، والصمود في الساحة. هكذا تتبدّد أسطورة القوى التي لا تُهزم.
نشكر الله، نشكر الله على نعمة الثورة. نشكر الله على نعمة الإمام. نشكر الله على هذه العظمة التي يبديها الشعب الإيراني عن نفسه. نشكر الله على التوفيق الذي مَنَّ به على هذا الشعب. كل واحد منكم أيها الشعب وأيها الشباب نعمة إلهية يجب على المرء أن يشكر الله عليها ﴿. . . وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا. . . ﴾. وهل يمكن إحصاء النعم الإلهية؟ علينا صيانة هذه النعم. على المسؤولين معرفة هذه النعم وحفظها وشكرها لتبقى لهم. وعلى كل واحد من أبناء الشعب أيضاً أن يعرف قدر هذه النعمة الإلهية. اعلموا أن غد هذا الشعب أفضل وأمتع وأكبر إشراقاً من حاضره بدرجات عديدة. وسترون أنتم أيها الشباب تلك الأيام إن شاء الله، وستستطيعون قطف ثمار هذه الجهود العظيمة وستبنون دنياكم إن شاء الله وتغمرونها بالسعادة والفلاح.
اللهم، أرضِ عنا القلب المقدس للإمام المهدي المنتظر، واجعلنا من جنده. أحينا وأمتنا على ولايتهم ومحبتهم. اللهم، أرضِ عنا الروح الطاهرة لإمامنا وأرواح الشهداء الطاهرة، واحشرهم مع أوليائك في أعلى الدرجات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـــــــــــــــــــ
1. عبارة باللغة التركية (الآذرية) تعني مرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات.
2. 18/2/1978م، انتفاضة أهالي تبريز بمناسبة أربعينية شهداء مدينة قم الذين ثاروا بتاريخ 9/1/1978م ضد النظام البهلوي إثر نشر صحيفة اطلاعات مقالاً مسيئاًً ضد الإمام الخميني، وكانت هذه الأحداث منطلقاً للشوط الأخير من الفعل الثوري الذي انتهى بانتصار الثورة الإسلامية في 11/2/1979م.
3. آذربيجان يقظة، آذربيجان حارسة الثورة.
4. 1980م.
5. 11 شباط، ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران