بسم الله الرحمن الرحيم
إنها لذكرى طيّبة وجميلة أن ألتقي في هذه الساحة بهذا الجمع الغفير ـ من شباب قوات التعبئة الأشاوس ـ الذين يمثّلون خيرة الشباب الإيراني، وأن أتحدّث إلى الجموع الأخرى المحتشدة في كافة بقاع البلاد بهذه المناسبة الجليلة.
إنّ قوات التعبئة تعدّ من الآيات الإلهية, مَثلُها في ذلك كمثل الثورة.
إنّ التعبئة والثورة هما من نسيج واحد. فقوات التعبئة تتميّز بنفس المميزات التي تتصف بها الثورة الإسلامية، تلك المميزات التي تميّزها من بين كل الثورات على مدى التاريخ والتي تطبع بصماتها العميقة في قلوب شعوب البلدان الأخرى، وكما أنّ الثورة هي ظاهرة بلا نظير، فإن قوات التعبئة هي الأخرى ظاهرة بلا نظير.
إنّ لديهم في البلدان الأخرى ما يسمّى بقوات المقاومة، وكان عندنا هنا في العصر الملكي البائد ما يشبه ذلك، لكن شتان ما بين تلك القوات وقوات البسيج (التعبئة).
إنّ ما يُشكَّل من مثل تلك القوات في شتى بلدان العالم لا يأخذ العمق والمضمون والروح بنظر الاعتبار، بل عادةً ما يقوم على الظاهر المُبهر والبرّاق، ولكن قوات التعبئة تختلف عن ذلك تمام الاختلاف.
إنّ تعبئة المستضعفين التي أسسها الإمام الخميني(قدس سره) كانت مفعمة بالروح والنبض والمضمون.
لقد تزامن تشكيل قوات التعبئة مع بداية الحرب المفروضة، تلك الحرب التي دامت ثماني سنوات وجعلت شعبنا بأكمله منخرطاً في الدفاع والمقاومة.
وهذا يعني أنّ قوات التعبئة خاضت غمار حرب ضاربة منذ البداية، وهي حرب دارت رحاها بين قوات الاستكبار العالمي المساندة لنظام صدّام المعتدي من ناحية وبين الشعب الإيراني وقواتنا المسلّحة من ناحية أخرى. وفي خضمّ تلك الحرب الشرسة نزلت قوات التعبئة إلى الميدان.
إنّ دخول قوات التعبئة إلى ساحة هذه الحرب جعلت موازين القتال تميل لصالحنا، بحيث أصيب العالم بأجمعه بالحيرة والدهشة وهو يشاهد الشباب الإيراني يقاتلون ببسالة في الميدان مجردّين من كل سلاح إلاّ سلاح الإيمان والتوكّل على الله والثقة بالنفس، وهم يجترحون المعجزات ويبتكرون أكثر الخطط الحربية والتكنيكيات العسكرية تعقيداً، ويحققون انتصارات باهرة كالفتح المبين وبيت المقدس؛ مما أذهل العالم وسلب الألباب.
إنّ التكتيكات التي استخدمها شبابنا المؤمن في عمليات بيت المقدس ـ والتي تكللت بتحرير خرمشهر ـ ما زالت إلى اليوم مثار جدل حتى بين المنظّرين وأصحاب الاختصاص في العلوم العسكرية، فلقد كانت تكتيكات معقدة وفاعلة وشاقّة وتبدو مستحيلة، إلا أنها تحققت على أيدي الشباب المؤمن الإيراني الذي جاء بالمعجزات، بفضل خلاقيته وتوكّله على الله تعالى.
إنّ هذه الروح المعنوية العالية، وهذا الاعتماد على القوة المعنوية والإيمانية، وهذه الشجاعة والثقة بالنفس والاستهانة بكافة مظاهر الحياة المادية، وهذا النهضة في سبيل رضا الله سبحانه لا نظير لها في أي مكان، وهكذا هي الثورة الإسلامية التي لم يكن لها نظير في التاريخ.
إنّ قوات التعبئة جاءت على غرار الثورة، فلقد كانت وما زالت شعبية. صحيح إنكم تمثّلون مجموعات تنتمي إلى قوات المقاومة، وإنكم تشكّلون كتائب قتالية، وإنكم تتلقّون تدريبات عسكرية، وأثبتم جدارتكم في ساحات القتال، وستكونون سبّاقين إلى الدفاع عن البلاد عند الشدائد، ولكن التعبئة لا تتوقف على مجرد القتال. إنّ التعبئة تشمل كافة ميادين الحياة.
إنّ التعبئة تتصدّر الصفوف دائماً، فقوّاتها تقف على أهبة الاستعداد في مجالات الاعمار والامداد والخدمات العامة والأبحاث والدراسات المتخصصة والدقيقة والحساسة.
إنّ الذين يتولّون شؤون المشروع النووي بكل ما فيه من دقة وتقنية وصعوبة وتعقيدات هم من شبابنا المتدينين المنتمين إلى التعبئة. وهكذا الحال في كل مجال.
لقد كان المرحوم الدكتور كاظمي، مدير مؤسسة رويان العلمية والمتطورة يفخر بأنه عضو من قوات التعبئة.
إنّ نوعية الشباب المؤمن والناشط في تلك المؤسسة هي نوعية تعبوية، فهم يتحلّون بالإيمان والثقة بالنفس وحب العمل، وهذه كلها من خصوصيات التعبئة.
إنّ قوات التعبئة تتميز بالحضور الفاعل في كل المجالات والميادين في بلدنا العزيز وفي نظام الجمهورية الإسلامية.
إنّ أحد أبعاد هذا الحضور هو البعد العسكري والتحرك والانضباط العسكري والتدريبات والدورات العسكرية؛ وهذا ما يشبه الثورة في شعبيتها.
إنّ كل عنصر أو فرد أو شخص يكون باستطاعة اكتساب هذه المميزات الثورية، سيكون خالداً ومؤثراً وفعّالاً، وسيترك بصمة على البيئة التي يعيش فيها.
إنّ الشعبية مطلوبة في المجالس السياسي وعلى صعيد البناء والإعمار والمراكز الإدارية العليا.
فالثورة حركة شعبية، وهكذا التعبئة.
إنّ التعبئة مثل الثورة مُشبّعة بالمعارف الإسلامية والسلوك الديني.
إنّ ثورتنا لم تتأثّر بادّعاءات ما يعرفون بالثوريين الملحدين التي كانت تصمّ آذان العالم في كل مكان، ويتجلّى مظهر ذلك التعبّد والالتزام الديني في إمامنا الراحل(قدس سره) الذي كان شديد التمسّك بالإسلام في أصوله وفروعه ومعارفه السامية وفي سلوكه الشخصي، وهكذا وُلدت الثورة.
لقد تحرّك أبناء شعبنا في هذا الاتجاه، نحو ذلك الهدف، وضحّوا من أجله بحياتهم. وهكذا أيضاً وُلدت قوات التعبئة، وإنها لمجموعة دينية، وأما في ميادين القتال ـ الذي استمر ثمانية أعوام ـ فلم يكن هناك من يدعو شباب التعبئة إلى التوسل والدعاء والعبادة والتقرب إلى الله تعالى، بل كانت قلوبهم تتفجّر إيماناً من الداخل وتهديهم إلى سبل العبادة.
لقد تجلى نسيجهم وحقيقة طينتهم أكثر فأكثر في تلك الساحة الملتهبة، ومن ذلك تعلّموا كيف يعبدون الله ويتقرّبون إليه.
إنّ كل ما تسمعونه وما تقرأونه مسطوراً في الكتب من ذكريات حول إيمان التعبويين وخشوعهم وتضرّعهم وبكائهم دموعاً صافية في ميادين الجهاد لم يكن إلا نبعاً تفجّر في قلوب هؤلاء الشباب. إنه شيء يستعصي على التعلّم، بل هي أمور نابعة من أعماق القلوب والنفوس.
إنّ التعبئة كيان متديّن وعلى نور من شريعته وبيّنة من دينه.
إنّ التعبئة كالثورة، لا تتسالم مع الأعداء، لقد مارسوا شتى الضغوط على الثورة الإسلامية لكي تتراجع عن مواقفها أمام الموازين الدولية الجائرة، كما عرّضوا نظام الجمهورية الإسلامية لمختلف الضغوط والتهديدات، ومن ذلك حرب السنوات الثماني التي فُرضت فرضاً على الجمهورية الإسلامية، ولكن الثورة لم تستسلم، ولم يستسلم الإمام الراحل(قدس سره)، وكذلك لم تستسلم التعبئة ولم تتراجع قيد أنملة أمام ضغوط الأعداء ودعاياتهم المغرضة وقواعدهم المتعسّفة.
إنّ التعبئة تمثل ذلك الغطاء وذلك النمط الذي يمكن أن يجتمع تحته شباب البلاد ويتكاتفوا من أجل تحقيق الاهداف الشامخة التي يتطلع نحوها هذا الشعب العظيم.
إنّ التعبئة لا تعرف عمراً أو جنساً أو فئة، وإنّ كل واحد منّا يتمنّى أن يكون تعبوياً بمعنى الكلمة، ولنا أن نفتخر بذلك، ونحن نفخر به.
لهذا فقد جعل أعداء الثورة من قوات التعبئة هدفاً لهم لا يتورّعون عن النيل منه.
لقد وجهّوا التّهم للتعبئة على الأصعدة السياسية وقالوا فيها كل ما يستطيعون، ولكنهم ظلوا بلا جواب، فقد تجاهلتهم التعبئة وبقيت هادئه كالمحيط العميق الهادئ، فعليكم بهذا ولا تردّوا لهم جواباً.
إن التعبئة هي خيرة أبناء البلاد، وإننا لنرجوا بكل حب وأمل وإصرار أن تزداد رقعتها اتساعاً لتشمل كافة أبناء هذا الشعب العظيم.
وهكذا هو الحال، فنحن نقول: إنّ قوات التعبئة تبلغ عشرين مليوناً، ولكن الحقيقة هي أنها لابدّ وأن تفوق ذلك بعشرات الملايين، وهو ما نأمل في تحققه إن شاء الله.
لقد وقف هذا الشعب صامداً لا يتزعزع، ولم يتراجع عن بلوغ أهدافه قيد أنملة، ولم يقع فريسة لدعايات الأعداء، ولم تزلّ له قَدم أمام ألاعيب السياسة السائدة في العالم، ولم يغيّر مسير انطلاقته، ورفع لواء الإسلام عالياً خفّاقاً بسواعده الصلبة القوية فباتت شعوب الأمّة الإسلامية جمعاء تستلهم منه وعيها ويقظتها، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ قوات التعبئة كانت موفّقة ومسددة، وستبقى هكذا دائماً، وعلى كل من يعاديها ويعادي الثورة وأهدافنا الثورية من مراكز وأجهزة مختلفة أن يذعنوا بالانكسار ويعترفوا بالهزيمة.
إنّ قوات التعبئة الهائلة هي الدرع الحصين للشعب الإيراني، فيا أيها الشباب الأعزاء، ويا أيها الأبناء والبنات، ويا أيتها الطوائف المختلفة، ويا أيتها العناصر المؤمنة واليانعة والخلاقة المنضوية تحت لواء التعبئة، إرفعوا من جهوزيتكم بقدر ما تستطيعون؛ حتى تتركوا بصماتكم الواضحة على كافة زوايا المجتمع، فينضمّ إليكم المزيد من الشباب والمواطنين، وعلى قوات التعبئة الشعبية وروّادها وقادتها والمعنيين بشؤونها أن يركّزوا أفكارهم على نفس هذا الهدف.
لقد استطاع نظام الجمهورية الإسلامية المقدس أن يقترب من تطلّعاته، وأن يسلب الساحة من أيدي أعدائه، وذلك بفضل عناصره البنّاءة وعلى رأسها قوات التعبئة الظافرة.
فأين نحن الآن مما كنّا عليه قبل عشرين أو خمسة وعشرين عاماً؟ لقد تقدّم الشعب الإيراني على كافة الأصعدة، وأذعن أعداؤه بالهزيمة أمامه على كل المستويات وجميع الميادين. لقد استطاع الشعب الإيراني مواصلة مسيرته.
إنّ الشعوب الأخرى تتطلع نحوكم.
إنّ شعب فلسطين المظلوم والشعب العراقي المظلوم والجريح يتطلّعان إليكم. لقد ترك صمودكم ومجدكم وعزمكم وإرادتكم آثاراً بارزة على روحهم المعنوية.
إنّ الأمريكيين وحلفاءهم أزمعوا على عقد مؤتمر الخريف رغبة في تحقيق أطماعهم المشؤومة، وكما أشرت في يوم عيد الفطر فإن لهذا المؤتمر إسماً على مسمّى، فالخريف شهر التداعي والتساقط.
إنهم يأملون من وراء ذلك تعزيز الدعم للكيان الصهيوني الغاصب وتعويضه عن هزائمه الماضية، وإعطاء مصداقية لمسؤولي البيت الأسود الأمريكي.
إنّ كافة رجال السياسة في جميع دول العالم يقولون بأن هذا المؤتمر وُلد ميّتاً ويتنّبأون له بالفشل الذريع، فما هو السبب؟
إنه يكمن في يقظة الشعب الفسلطيني التي لا تنفك عن يقظة الشعوب الأخرى وفي مقدمتها الشعب الإيراني العظيم، شعبكم أنتم أيها الشباب المؤمن. ولهذا فإن حركتكم وشعاراتكم وحضوركم ونشاطاتكم ترك آثارها على القضايا الدولية.
اللهم زد في علوّ قدر روح إمامنا الراحل الذي صنع هؤلاء الشباب العظام ونفخ فيهم روح الإيمان والوعي، وارحم شهداءنا الأعزاء، وشهداء القوات المسلحة، وشهداء التعبئة الذين بذلوا أرواحهم بنُبل وشجاعة على درب مقتداهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واحشرهم مع شهداء كربلاء الأبرار.
اللهم واجعل هؤلاء الشباب الاعزاء هبة للشعب الإيراني.
اللهم وضاعف المجد والافتخار لهذا الشعب وشبابه المضحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنها لذكرى طيّبة وجميلة أن ألتقي في هذه الساحة بهذا الجمع الغفير ـ من شباب قوات التعبئة الأشاوس ـ الذين يمثّلون خيرة الشباب الإيراني، وأن أتحدّث إلى الجموع الأخرى المحتشدة في كافة بقاع البلاد بهذه المناسبة الجليلة.
إنّ قوات التعبئة تعدّ من الآيات الإلهية, مَثلُها في ذلك كمثل الثورة.
إنّ التعبئة والثورة هما من نسيج واحد. فقوات التعبئة تتميّز بنفس المميزات التي تتصف بها الثورة الإسلامية، تلك المميزات التي تميّزها من بين كل الثورات على مدى التاريخ والتي تطبع بصماتها العميقة في قلوب شعوب البلدان الأخرى، وكما أنّ الثورة هي ظاهرة بلا نظير، فإن قوات التعبئة هي الأخرى ظاهرة بلا نظير.
إنّ لديهم في البلدان الأخرى ما يسمّى بقوات المقاومة، وكان عندنا هنا في العصر الملكي البائد ما يشبه ذلك، لكن شتان ما بين تلك القوات وقوات البسيج (التعبئة).
إنّ ما يُشكَّل من مثل تلك القوات في شتى بلدان العالم لا يأخذ العمق والمضمون والروح بنظر الاعتبار، بل عادةً ما يقوم على الظاهر المُبهر والبرّاق، ولكن قوات التعبئة تختلف عن ذلك تمام الاختلاف.
إنّ تعبئة المستضعفين التي أسسها الإمام الخميني(قدس سره) كانت مفعمة بالروح والنبض والمضمون.
لقد تزامن تشكيل قوات التعبئة مع بداية الحرب المفروضة، تلك الحرب التي دامت ثماني سنوات وجعلت شعبنا بأكمله منخرطاً في الدفاع والمقاومة.
وهذا يعني أنّ قوات التعبئة خاضت غمار حرب ضاربة منذ البداية، وهي حرب دارت رحاها بين قوات الاستكبار العالمي المساندة لنظام صدّام المعتدي من ناحية وبين الشعب الإيراني وقواتنا المسلّحة من ناحية أخرى. وفي خضمّ تلك الحرب الشرسة نزلت قوات التعبئة إلى الميدان.
إنّ دخول قوات التعبئة إلى ساحة هذه الحرب جعلت موازين القتال تميل لصالحنا، بحيث أصيب العالم بأجمعه بالحيرة والدهشة وهو يشاهد الشباب الإيراني يقاتلون ببسالة في الميدان مجردّين من كل سلاح إلاّ سلاح الإيمان والتوكّل على الله والثقة بالنفس، وهم يجترحون المعجزات ويبتكرون أكثر الخطط الحربية والتكنيكيات العسكرية تعقيداً، ويحققون انتصارات باهرة كالفتح المبين وبيت المقدس؛ مما أذهل العالم وسلب الألباب.
إنّ التكتيكات التي استخدمها شبابنا المؤمن في عمليات بيت المقدس ـ والتي تكللت بتحرير خرمشهر ـ ما زالت إلى اليوم مثار جدل حتى بين المنظّرين وأصحاب الاختصاص في العلوم العسكرية، فلقد كانت تكتيكات معقدة وفاعلة وشاقّة وتبدو مستحيلة، إلا أنها تحققت على أيدي الشباب المؤمن الإيراني الذي جاء بالمعجزات، بفضل خلاقيته وتوكّله على الله تعالى.
إنّ هذه الروح المعنوية العالية، وهذا الاعتماد على القوة المعنوية والإيمانية، وهذه الشجاعة والثقة بالنفس والاستهانة بكافة مظاهر الحياة المادية، وهذا النهضة في سبيل رضا الله سبحانه لا نظير لها في أي مكان، وهكذا هي الثورة الإسلامية التي لم يكن لها نظير في التاريخ.
إنّ قوات التعبئة جاءت على غرار الثورة، فلقد كانت وما زالت شعبية. صحيح إنكم تمثّلون مجموعات تنتمي إلى قوات المقاومة، وإنكم تشكّلون كتائب قتالية، وإنكم تتلقّون تدريبات عسكرية، وأثبتم جدارتكم في ساحات القتال، وستكونون سبّاقين إلى الدفاع عن البلاد عند الشدائد، ولكن التعبئة لا تتوقف على مجرد القتال. إنّ التعبئة تشمل كافة ميادين الحياة.
إنّ التعبئة تتصدّر الصفوف دائماً، فقوّاتها تقف على أهبة الاستعداد في مجالات الاعمار والامداد والخدمات العامة والأبحاث والدراسات المتخصصة والدقيقة والحساسة.
إنّ الذين يتولّون شؤون المشروع النووي بكل ما فيه من دقة وتقنية وصعوبة وتعقيدات هم من شبابنا المتدينين المنتمين إلى التعبئة. وهكذا الحال في كل مجال.
لقد كان المرحوم الدكتور كاظمي، مدير مؤسسة رويان العلمية والمتطورة يفخر بأنه عضو من قوات التعبئة.
إنّ نوعية الشباب المؤمن والناشط في تلك المؤسسة هي نوعية تعبوية، فهم يتحلّون بالإيمان والثقة بالنفس وحب العمل، وهذه كلها من خصوصيات التعبئة.
إنّ قوات التعبئة تتميز بالحضور الفاعل في كل المجالات والميادين في بلدنا العزيز وفي نظام الجمهورية الإسلامية.
إنّ أحد أبعاد هذا الحضور هو البعد العسكري والتحرك والانضباط العسكري والتدريبات والدورات العسكرية؛ وهذا ما يشبه الثورة في شعبيتها.
إنّ كل عنصر أو فرد أو شخص يكون باستطاعة اكتساب هذه المميزات الثورية، سيكون خالداً ومؤثراً وفعّالاً، وسيترك بصمة على البيئة التي يعيش فيها.
إنّ الشعبية مطلوبة في المجالس السياسي وعلى صعيد البناء والإعمار والمراكز الإدارية العليا.
فالثورة حركة شعبية، وهكذا التعبئة.
إنّ التعبئة مثل الثورة مُشبّعة بالمعارف الإسلامية والسلوك الديني.
إنّ ثورتنا لم تتأثّر بادّعاءات ما يعرفون بالثوريين الملحدين التي كانت تصمّ آذان العالم في كل مكان، ويتجلّى مظهر ذلك التعبّد والالتزام الديني في إمامنا الراحل(قدس سره) الذي كان شديد التمسّك بالإسلام في أصوله وفروعه ومعارفه السامية وفي سلوكه الشخصي، وهكذا وُلدت الثورة.
لقد تحرّك أبناء شعبنا في هذا الاتجاه، نحو ذلك الهدف، وضحّوا من أجله بحياتهم. وهكذا أيضاً وُلدت قوات التعبئة، وإنها لمجموعة دينية، وأما في ميادين القتال ـ الذي استمر ثمانية أعوام ـ فلم يكن هناك من يدعو شباب التعبئة إلى التوسل والدعاء والعبادة والتقرب إلى الله تعالى، بل كانت قلوبهم تتفجّر إيماناً من الداخل وتهديهم إلى سبل العبادة.
لقد تجلى نسيجهم وحقيقة طينتهم أكثر فأكثر في تلك الساحة الملتهبة، ومن ذلك تعلّموا كيف يعبدون الله ويتقرّبون إليه.
إنّ كل ما تسمعونه وما تقرأونه مسطوراً في الكتب من ذكريات حول إيمان التعبويين وخشوعهم وتضرّعهم وبكائهم دموعاً صافية في ميادين الجهاد لم يكن إلا نبعاً تفجّر في قلوب هؤلاء الشباب. إنه شيء يستعصي على التعلّم، بل هي أمور نابعة من أعماق القلوب والنفوس.
إنّ التعبئة كيان متديّن وعلى نور من شريعته وبيّنة من دينه.
إنّ التعبئة كالثورة، لا تتسالم مع الأعداء، لقد مارسوا شتى الضغوط على الثورة الإسلامية لكي تتراجع عن مواقفها أمام الموازين الدولية الجائرة، كما عرّضوا نظام الجمهورية الإسلامية لمختلف الضغوط والتهديدات، ومن ذلك حرب السنوات الثماني التي فُرضت فرضاً على الجمهورية الإسلامية، ولكن الثورة لم تستسلم، ولم يستسلم الإمام الراحل(قدس سره)، وكذلك لم تستسلم التعبئة ولم تتراجع قيد أنملة أمام ضغوط الأعداء ودعاياتهم المغرضة وقواعدهم المتعسّفة.
إنّ التعبئة تمثل ذلك الغطاء وذلك النمط الذي يمكن أن يجتمع تحته شباب البلاد ويتكاتفوا من أجل تحقيق الاهداف الشامخة التي يتطلع نحوها هذا الشعب العظيم.
إنّ التعبئة لا تعرف عمراً أو جنساً أو فئة، وإنّ كل واحد منّا يتمنّى أن يكون تعبوياً بمعنى الكلمة، ولنا أن نفتخر بذلك، ونحن نفخر به.
لهذا فقد جعل أعداء الثورة من قوات التعبئة هدفاً لهم لا يتورّعون عن النيل منه.
لقد وجهّوا التّهم للتعبئة على الأصعدة السياسية وقالوا فيها كل ما يستطيعون، ولكنهم ظلوا بلا جواب، فقد تجاهلتهم التعبئة وبقيت هادئه كالمحيط العميق الهادئ، فعليكم بهذا ولا تردّوا لهم جواباً.
إن التعبئة هي خيرة أبناء البلاد، وإننا لنرجوا بكل حب وأمل وإصرار أن تزداد رقعتها اتساعاً لتشمل كافة أبناء هذا الشعب العظيم.
وهكذا هو الحال، فنحن نقول: إنّ قوات التعبئة تبلغ عشرين مليوناً، ولكن الحقيقة هي أنها لابدّ وأن تفوق ذلك بعشرات الملايين، وهو ما نأمل في تحققه إن شاء الله.
لقد وقف هذا الشعب صامداً لا يتزعزع، ولم يتراجع عن بلوغ أهدافه قيد أنملة، ولم يقع فريسة لدعايات الأعداء، ولم تزلّ له قَدم أمام ألاعيب السياسة السائدة في العالم، ولم يغيّر مسير انطلاقته، ورفع لواء الإسلام عالياً خفّاقاً بسواعده الصلبة القوية فباتت شعوب الأمّة الإسلامية جمعاء تستلهم منه وعيها ويقظتها، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ قوات التعبئة كانت موفّقة ومسددة، وستبقى هكذا دائماً، وعلى كل من يعاديها ويعادي الثورة وأهدافنا الثورية من مراكز وأجهزة مختلفة أن يذعنوا بالانكسار ويعترفوا بالهزيمة.
إنّ قوات التعبئة الهائلة هي الدرع الحصين للشعب الإيراني، فيا أيها الشباب الأعزاء، ويا أيها الأبناء والبنات، ويا أيتها الطوائف المختلفة، ويا أيتها العناصر المؤمنة واليانعة والخلاقة المنضوية تحت لواء التعبئة، إرفعوا من جهوزيتكم بقدر ما تستطيعون؛ حتى تتركوا بصماتكم الواضحة على كافة زوايا المجتمع، فينضمّ إليكم المزيد من الشباب والمواطنين، وعلى قوات التعبئة الشعبية وروّادها وقادتها والمعنيين بشؤونها أن يركّزوا أفكارهم على نفس هذا الهدف.
لقد استطاع نظام الجمهورية الإسلامية المقدس أن يقترب من تطلّعاته، وأن يسلب الساحة من أيدي أعدائه، وذلك بفضل عناصره البنّاءة وعلى رأسها قوات التعبئة الظافرة.
فأين نحن الآن مما كنّا عليه قبل عشرين أو خمسة وعشرين عاماً؟ لقد تقدّم الشعب الإيراني على كافة الأصعدة، وأذعن أعداؤه بالهزيمة أمامه على كل المستويات وجميع الميادين. لقد استطاع الشعب الإيراني مواصلة مسيرته.
إنّ الشعوب الأخرى تتطلع نحوكم.
إنّ شعب فلسطين المظلوم والشعب العراقي المظلوم والجريح يتطلّعان إليكم. لقد ترك صمودكم ومجدكم وعزمكم وإرادتكم آثاراً بارزة على روحهم المعنوية.
إنّ الأمريكيين وحلفاءهم أزمعوا على عقد مؤتمر الخريف رغبة في تحقيق أطماعهم المشؤومة، وكما أشرت في يوم عيد الفطر فإن لهذا المؤتمر إسماً على مسمّى، فالخريف شهر التداعي والتساقط.
إنهم يأملون من وراء ذلك تعزيز الدعم للكيان الصهيوني الغاصب وتعويضه عن هزائمه الماضية، وإعطاء مصداقية لمسؤولي البيت الأسود الأمريكي.
إنّ كافة رجال السياسة في جميع دول العالم يقولون بأن هذا المؤتمر وُلد ميّتاً ويتنّبأون له بالفشل الذريع، فما هو السبب؟
إنه يكمن في يقظة الشعب الفسلطيني التي لا تنفك عن يقظة الشعوب الأخرى وفي مقدمتها الشعب الإيراني العظيم، شعبكم أنتم أيها الشباب المؤمن. ولهذا فإن حركتكم وشعاراتكم وحضوركم ونشاطاتكم ترك آثارها على القضايا الدولية.
اللهم زد في علوّ قدر روح إمامنا الراحل الذي صنع هؤلاء الشباب العظام ونفخ فيهم روح الإيمان والوعي، وارحم شهداءنا الأعزاء، وشهداء القوات المسلحة، وشهداء التعبئة الذين بذلوا أرواحهم بنُبل وشجاعة على درب مقتداهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واحشرهم مع شهداء كربلاء الأبرار.
اللهم واجعل هؤلاء الشباب الاعزاء هبة للشعب الإيراني.
اللهم وضاعف المجد والافتخار لهذا الشعب وشبابه المضحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته