بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين سيّما بقية الله في الأرضين.
ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير.
إنّ حلول العام الجديد يحمل في طيّاته مباركتين، إحداهما لأيام النوروز، والأخرى بمناسبة حلول شهر ربيع الأول, وهو ربيع ميلاد النور الأعظم والنبي الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم). كما يعدّ النوروز بحدّ ذاته جزءاً من الأعياد المباركة عندنا نحن الإيرانيون.
يفتتح الناس عامهم بذكر الله ويسألونه تعالى التحوّل في أحوالهم إلى أحسن الحال. مضافاً إلى ذلك فإن هذا العام ضاعف من بركات هذا العيد؛ من خلال ما حصده من الذخائر المعنوية لشهر محرم وصفر.
كما أنّ لكم أيها الحضور في هذا الصحن الشريف, وقد تشرّفتم بزيارة الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) بركات أكبر، وقد أتحتم ليّ فرصة استعراض بعض المسائل التي ستكون نافعة لنا في بداية العام إن شاء الله.
إنّ بداية العام فرصة جيدة لتعزيز العزم الوطني، وإضفاء البركة إلى عمرنا في هذا العام. لو عقد كلُّ منا العزم منذ بداية العام على السعي وبذل الجهد لجعل عامه عاماً مفعماً بالخير، فإن الله تعالى سيعيننا حتماً على أن يكون عامنا كذلك.
وطبعاً إنّ روح هذا العزم الوطني الكبير هي النيّة الطاهرة وعقدها على جلب مرضاة الله سبحانه، والتصميم على اجتياز الصراط المستقيم، ومن ثم معرفة موقعنا ووضعنا في ظروف العالم الراهنة، والعقبات الماثلة أمام شعبنا، ومعرفة الخطوط الأساسية لمواجهة هذه العقبات.
وهذا هو سرّ نجاح الأمة الحيّة، وأنا أغتنم هذه الفرصة وهذه الساعة التي التقيكم فيها للتحدّث شيئاً ما حول هذه الأمور.
إنّ هدفنا الأساسي نحن الإيرانيون ـ والذي يجب وضعه نصب أعيننا دائماً ـ هو أننا حددنا لأنفسنا هدفاً كبيراً، وقد سعينا لبلوغ هذا الهدف طوال العقود التالية للثورة، وكلما أمعنا النظر تجلّت لنا إمكانية بلوغ هذا الهدف، وهذا الهدف الكبير عبارة عن رفعة إيران الإسلام وجعلها نموذجاً تحتذي به الشعوب الإسلامية, سواءً على المستوى المادي أو المعنوي، وهذا يعني ضرورة أن يرتقي شعبنا مادياً ومعنوياً، وأن يحظى بالإستقلال الوطني والعزة الوطنية، وأن يتمتع بالقدرة والإمكانات الوطنية، وأن يتمكن من توظيف جميع إمكاناته، وأن ينعم بالرفاه، وتسود حياته العدالة الاجتماعية، وعندها يمكن لهذا الشعب أن يغدو أسوة لجميع المجتمعات الإسلامية، بل وغير الإسلامية أيضاً.
إنّ الشعب الإيراني ينشد الحرية والرفاه والإيمان، وأن تكون بلاده عامرة ومتقدمة، هذا هو هدف الشعب الإيراني.
ولا يختلف اثنان حول هذا الهدف، حيث تزول هنا جميع الخلافات والنزاعات الفئوية والسياسية، فإن هذا الهدف يقبله آحاد الشعب الإيراني فالجميع يريد بلداً عامراً، وأن يكون حرّاً وشامخاً، وأن نستخدم إمكاناتنا الوطنية, وأن نكون متقدمين, وأن نحمل لواء العدالة الاجتماعية، وأن نحمل بيرق الإيمان الإسلامي في مقدمة الشعوب الإسلامية، هذا ما يتوخّاه ويعشقه جميع الشعب الإيراني.
ويمكننا بلوغ هذه الغاية؛ وذلك لتوفر الإمكانات الوطنية لذلك، ولأن التجارب تؤيّده.
إنّ الشعب الإيراني شعب كفوء ومستقيم، ويتمتع بالغيرة الدينية والوطنية، وله إيمان راسخ بالإسلام، ويعشق وطنه، وهذه بأجمعها تعطينا الأمل والثقة بإمكانية شعبنا لبلوغ هذا الهدف؛ وهذا ما تظهره لنا التجربة أيضاً.
لقد مكثنا خارج مضمار التنافس العالمي؛ بسبب سيطرة الحكومات الفاسدة والعميلة لسنوات طويلة.
إنّ الشعب الإيراني الذي كان رائد العلم والثقافة وصل به الأمر بفعل سلطة الملوك الجائرين والقوى المنفصلة عن الشعب إلى الخروج من مضمار السباق العلمي والسياسي الذي احتدم في العالم منذ قرنين تقريباً.
حينما لا يكون شعب داخلاً في سباق الشعوب، فإن قواه وإمكاناته ستضمحل بشكل طبيعي، وستكون إنجازاته ضئيلة للغاية، خذوا مثلاً فريقاً رياضياً كفوءاً نشيطاً مندفعاً، ومع ذلك يُهّمش ويتّم إبعاده عن ميادين المنافسة الرياضية، فإن قواه ستتضاءل بشكل طبيعي؛ وهذا ما قاموا به تجاه شعبنا.
وفي الوقت الذي خلقت فيه القوى العميلة والفاسدة وغير الكفوءة والملوك الظلمة مثل هذا الوضع لشعبنا على مدى سنوات متمادية، فإن الثورة الإسلامية بمجرد أن فتحت أبواب الدخول إلى ميدان التنافس العالمي حصل شعبنا على تقدم كبير وانجازات جبارة.
أن شعبنا يتمتع حالياً بمكانة مرموقة في العالم, سواء في المجالات العلمية أو السياسية، وأصبح وجهاً لامعاً بين الشعوب.
ففي المجالات العلمية نُعتبر متقدّمون مقارنةً بهذا العصر، وطبعاً لا يمكن التعويض عن التخلّف الذي حصل طوال قرنين في مدة لا تتجاوز العقدين أو ثلاثة عقود، إلا أننا في هذه السنوات التي مضت من عمر الثورة الإسلامية قد تقدمنا بسرعة أكبر, مقارنةً بهذه المدة الزمنية.
تلاحظون أنّ شبابنا قد حققوا إنجازات كبيرة في مجالات الطاقة الذرية والخلايا الجذرية, وفي مجال الإصابات النخاعية وعشرات المجالات الأخرى، التي سيبتهج الناس لسماعها. لقد تمكّن علماء بلادنا المبرزين من الظهور على المستوى العالمي, وأن ينالوا إعجاب العالم.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى مجالات التنافس السياسي، حيث تحظى حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالات السياسية ـ سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي ـ بالكثير من المؤيدين، وأنّ كلمتها مسموعة.
وإنّ مسؤولينا يظهرون على نحو بارز سواء في المحافل العالمية أو في أسفارهم إلى البلدان الأخرى، أو في ما يتخذونه من المواقف.
وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدل على قابلية هذا الشعب وكفاءته في التقدم والتطور ودخول هذه الميادين.
لقد تمكن شعبنا من إدخال مفاهيم جديدة في معاجم السياسة العالمية، فالعالم لم يكن يعرف مصطلح الجمهورية الإسلامية، في حين غدا هذا المصطلح حالياً شعاراً تنشره كافة الشعوب الإسلامية.
كما أنّ العالم لم يكن مطلّعاً على تعريف نظام السلطة، فهذا ما عرّفه شعبنا وأدخله في معاجم السياسة الدولية، وكذلك مسألة محورية الدين في السياسة، والقانون، وإدارة البلاد، فهذه بأجمعها مفاهيم جديدة تمكّن شعبنا من إدخالها.
إذاً بإمكاننا الدخول والمشاركة في المسابقات العالمية على المستوى العلمي، والسياسي والصناعي والاقتصادي والثقافي، وأن نحصد النجاح على المدى القصير، ونأمل أن نغدو على المدى البعيد في مقدّمة الدول. هذا هو وضع شعبنا.
وأما الطريق الذي يريد الشعب الإيراني تجاوزه، فهو ليس طريقاً لاحباً خالياً من الموانع، بل هناك عقبات ماثلة في طريقنا. وهناك نوعان من الأعداء أمامنا، وسأبيّن لكم هذان العدوّان, لننظر كيف يمكن لنا مواجهتها. فعلى الشعب أن يعرف عدوه ومخططاته, وأن يحصّن نفسه في مواجهته. فهناك عدّوان؛ الأول: داخلي، والثاني: خارجي.
وإنّ العدو الداخلي أخطر من الخارجي. فما هو العدو الداخلي؟ إنه الخصال السيئة التي من المحتمل أن نتّصف بها.
إنّ الكسل وعدم النشاط في العمل وانعدام الأمل، والأنا المفرط، وعدم الثقة بالآخرين وبالمستقبل, وعدم الثقة بالنفس على المستوى الشخصي والجماهيري، آفات مهلكة.
ولو ظهر هؤلاء الأعداء الداخليين بين أظهرنا فإن الأمور سوف تغدو أكثر تعقيداً. وقد سعى أعداء الشعب الإيراني الخارجيين دوماً إلى بثّ هذه الميكروبات داخل المجتمع الإيراني فيقولون: (إنكم لا تستطيعون) (أنتم غير قادرين) (مستقبلكم مظلم) (أفقكم قاتم) (هلكتم) (انتهى أمركم)، وبذلك كان السعي على تأييس شعبنا وجرّه إلى التكاسل والتقاعس وعدم الثقة بالنفس والاعتماد على الأجانب، هذا هو عدونا الداخلي، وطوال السنوات السابقة لظهور الحركة الإسلامية في بلادنا، كانت هذه الأمور تشكل بلاءً رئيسياً لشعبنا، ولو ابتلى شعب بمثل هذه الأمراض، فسيكون تقدّمه مستحيلاً، فلو كان شعبٌ كسولاً فاقداً للأمل، غير واثق من نفسه، ولم يكن متّحداً وكان يغلب عليه طابع سوء الظن، لا أمل له بالمستقبل، فإن مثل هذا الشعب سوف لا يكتب له التقدّم.
فإن هذه الأمور كدابة الأرض التي تنخر في أسس الجدران وتعمل على تقويضها، ومثل الدودة التي تستقر داخل الثمرة وتفسدها، فيجب مكافحة هذه الصفات.
فعلى شعبنا أن يتحلى بالأمل والثقة بالنفس، متفائلاً بالمستقبل، راغباً بالتقدم، مؤمناً بالمعنويات التي تساعده في بلوغ الهدف, وبحمد الله فإن شعبنا يتحلى بهذه الثقة والأمل؛ ولا بد له من اكمالها.
ولو أمكننا الإطاحة بهذا العدو في أنفسنا وثقافتنا الاجتماعية العامة، فسوف لا يتمكن العدو الخارجي من إلحاق أي ضرر بنا.
وأما العدو الخارجي لهدفنا هذا فهو عبارة عن نظام الهيمنة العالمية، وهو ما نعبّر عنه بالاستكبار العالمي، حيث يتم تقسيم العالم إلى الجزء الحاكم، والجزء المحكوم، فلو أراد شعبٌ مواجهة الحاكمين دفاعاً عن مصالحه، فإن القوى الحاكمة ستعادي هذا الشعب وتوجّه له ضغوطات، وتسعى إلى كسر مقاومته، فهذا عدو شعب يريد أن يستقل ويغدو عزيزاً وكريماً ومتقدّماً.
وأن لا يخضع لسيطرة المستكبرين، هذا هو العدو الخارجي، ويتجلى هذا العدو وحالياً بالشبكات الصهيونية العالمية، والدولة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، وطبعاً لا تعود هذه العداوة للوقت الراهن فقط، وإنما الأساليب تتغيّر، وأما سياسة العداء للشعب الإيراني فقد كانت منذ انتصار الثورة إلى يومنا هذا، وقد لجأوا إلى وسائل الضغط ما أمكنهم ولكن عبثاً يحاولون. فلم تتمكن ضغوطاتهم من إضعاف الشعب الإيراني, أو إجباره على التراجع، فلم ينفع حصارهم الاقتصادي، ولا تهديدهم العسكري، ولا ضغوطاتهم السياسية، ولا حروبهم النفسية، ونحن حالياً أقوى بكثير من السنوات السابقة، وهذا يدل على فشل العدو في معاداته للشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية، إلا أنّ هذه العداوة لازالت قائمة.
هناك حالياً تناقض في العالم، فالشعب الإيراني في رأي الشعوب المسلمة وشعوب المنطقة، والشعوب في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وشعوب الشرق الأوسط، شعب شجاع يدافع عن الحق والعدالة، وصامد بوجه التجبّر، وهكذا عرفوا الشعب الإيراني, ودأبوا على مدحه واستحسانه، إلا أنّ هذا الشعب ـ الإيراني ـ ونظام الجمهورية الإسلامية الذي يحظى بمدح الشعوب، تتّهمه القوى المتغطرسة بنقض حقوق الإنسان، وتهديد الأمن العالمي، ودعم الإرهاب! وهذا تناقض، تناقض رؤية الشعوب، وإرادة القوى العظمى، وهذا التناقض يهدد نظام الاستكبار العالمي.
فهؤلاء يبتعدون يوماً بعد يوم عن الشعوب، فقد ظهر هذا الشرخ والصدع في صرح الليبرالية الديمقراطية الغربية وهو آخذ بالاتساع تدريجياً.
ويمكن لوسائل الإعلام الاستكباري كتمان الحقائق إلى مدة من الزمن، ولكن لا يمكن إخفاء الحقائق إلى الأبد، فالشعوب تزداد يقظة, حيث تلاحظون عندما يسافر رئيس جمهورية الشعب الإيراني إلى البلدان الآسيوية والأفريقية وبلدان أمريكا الجنوبية فتستقبله الشعوب بالشعارات والمسيرات المؤيدة، في حين يسافر الرئيس الأمريكي أيضاً إلى بلدان أمريكا الجنوبية ـ أي المنتجع الأمريكي ـ فتبادر الشعوب في هذه المناسبة إلى حرق العلم الأمريكي، وهذا يعني زعزعة أسس الليبرالية الديمقراطية التي يدّعي الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة حمل لوائها.
إنّ التناقض بين مطالبهم ورغبات الناس وما يتطلعّون إليه في تزايد مستمر.
يتشدّقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان والسِلْم العالمي ومكافحة الإرهاب، إلا أنّ واقعهم الشرير يحكي عن إثارتهم للحروب وانتهاك حقوق الشعوب. وجشعهم الذي لا يعرف الشبع إلى مصادر الطاقة العالمية، وهذا ما تراه الشعوب.
إنّ سمعة الليبرالية الديمقراطية وسمعة الولايات المتحدة التي تقف في مقدمة هذه الليبرالية الديمقراطية في تشويه متواصل لدى شعوب العالم. وفي المقابل تزداد سمعة إيران حسناً وطيبةً.
إنّ الشعوب تدرك أنّ الولايات المتحدة كاذبة في ادّعائها الدفاع عن حقوق الإنسان، وأحد الأمثلة على ذلك سياستهم تجاه بلادنا.
لقد كانت إيران في عهد الطاغوت ـ عهد النظام البهلوي ـ بأكملها في قبضة الولايات المتحدة، وكانت أمريكا مهيمنة على جميع أنحاء إيران، وتقيم القواعد العسكرية في إيران, وكانت تحاول رصد تحركات البلدان العربية في المنطقة من خلال قواعدهم في إيران، وكانت إيران حليفة لإسرائيل، وكانت أبشع الديكتاتوريات مسيطرة على إيران، وكان المجاهدون يرزحون في السجون تحت ألوان العذاب في كافة أنحاء إيران في مشهد وطهران وجميع محافظات البلاد.
وكان الكبت وقسوة الجلاّدين في النظام الطاغوتي هو الذي يحكم الناس، وكانوا ينهبون نفطنا، ويبددون الأموال العامة والثروات الوطنية لصالح الحكام والأجانب، وكانوا يحولون دون حضور الشعب الإيراني في المسابقات العلمية والصناعية في العالم، ويعملون على إذلاله، وحينها كانت إيران الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة، وكان زعماؤها محظيّون عند الأمريكان، ولم يوجّه أي اعتراض عن انتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية على تلك الحكومة الطاغوتية. وحالياً فإن إيران بلد حر، وبرغم الديمقراطية الواضحة ـ وقلّ أن تجد مثلاً لديمقراطيتنا في العالم ـ وبرغم الارتباط الوثيق بين الناس والمسؤولين في البلاد، فإنّ أمريكا تصنّف إيران ضمن الدول الشريرة، وهذا يدل على تموضع الاستكبار العالمي وتخندقه في مواجهة الحقائق العالمية الراهنة.
وطبعاً لم يجنِ الأمريكيون أي نفع من هذه العداوة, ولن يجنوا شيئاً أبداً.
وإنّ قوة الشعب الإيراني في تزايد مستمر، وإنّ قيم الثورة في إشراق وظهور متواصل.
إنّ علينا واجبات تجاه هذين العدوّين، فأولاً لابد من تشخيص العدو، ومن ثم يجب التعرّف على مخططاته، فحالياً يقوم اعداؤنا الخارجيين بالتآمر على شعبنا. فكما أننا نقوم بتعريف خططنا الخمسية وآفاق الخطة العشرينية لتحديد مشاريعنا، كذلك عدونا يخطط ضدنا وله سياسة تجاهنا، فعلينا معرفة سياساته.
وهنا اُلخّص خطط الاستكبار العالمي ضد الشعب الإيراني في ثلاث جمل؛ الأول: الحرب النفسية. الثانية: الحرب الاقتصادية. الثالثة: مواجهة التقدم والتفوق العلمي.
تتلخّص عداوة الاستكبار ضد شعبنا في هذه المفردات الرئيسية الثلاث.
وطبعاً على الأجهزة الإعلامية ووسائل الإعلام والشخصيات السياسية توضيح ذلك للناس بتفصيل أكثر. وهنا أحاول أن استعرض لكم بعض رؤوس الأقلام وخلاصة إجمالية لهذه المسائل.
ماذا تعني الحرب النفسية؟ إنّ الغاية من الحرب النفسية هي بثّ الرعب. فمن الذي يريد إخافته؟ فإن الشعب لا يخاف، وإنّ الجماهير العظمى من الناس لا تخشى شيئاً.
فمن الذي يريدون إخافته؟! إنهم يستهدفون إخافة المسؤولين والشخصيات السياسية، والنُخب منا كما هو معروف.
والذي يمكن تطميعه، يسعون إلى تطميعه، ويحاولون إضعاف الإرادة العامة، ويحاولون تغيير إدراك الناس لحقائق مجتمعهم. هذه هي الغاية من الحرب النفسية، فإن الرجل حتى إذا كان سليماً ومعافى ولا يشكو شيئاً، إذا قيل له: (أنت مريض)، وكرروا له ذلك مئة مرة، فإنه سينهار ويشعر بأنه مريض فعلاً. وبعكس ذلك لو كان الشخص مريضاً بالفعل، إذا قيل له: (إنك صاحٍ) سوف يشعر بالصحة.
إنهم من خلال التلقين والإيحاء يحاولون تشويه حقائق بلادنا في نظر شعبنا.
إنّ شعبنا شعب كفوء ومقتدر، وينعم بثروات طبيعية ضخمة، ومثل هذا الشعب يمكنه أن يكون في المقدمة وأن يغدو رائداً. وليس هناك من مبرر ليكون يائساً، إلا أنّ هؤلاء يحاولون تغيير الحقائق، وبثّ اليأس في نفوس أبناء الشعب، ويريدون لهم أن يفقدوا الثقة بالمسؤولين، فإن من النِعَم الكبيرة على البلاد أن يثق الناس فيها بمسؤوليهم.
فهم يحاولون تجريدنا من هذه النعمة، وزرع عدم الثقة في نفوس الناس، حتى لا يثقوا بأنفسهم ولا بمسؤوليهم. ومن خلال الشائعات يهددونهم بالحصار والعنف، ويقومون من خلال الإعلام إحلال المدّعي محل المتهّم، وجعل المتهّم مُدّعياً.
إنّ أمريكا حالياً متّهمة، وإنّ الشعوب تدّعي ضد أمريكا وتقاضيها، ونحن نقاضي أمريكا، إنّ أمريكا متّهمة بالتواطؤ مع الاستكبار وإنشاء المستعمرات وإثارة الحروب واحتلال الأوطان وإثارة الفتن، ونحن نطالبها وندّعي ضدها.
ولكنهم يحاولون خلط الأوراق والظهور بمظهر المدّعي، ووضع الشعب الإيراني في قفص الاتهام.
إنّ وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة نفسها يدعو للأسف، وهناك انعدام للأمن. ففي عام 2003 للميلاد كان هناك حسب إحصائياتهم ثلاثة عشر مليون سجين من المواطنين الأمريكيين! ويجيزون التعذيب، والتنصّت على المكالمات الهاتفية، وقد قاموا باستجواب الملايين من البشر بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر قبل سنوات.
إنّ الأجواء الداخلية لأمريكا يسودها هذا المناخ غير الآمن. وفي الخارج هناك سجن (أبو غريب) وأنواع التعذيب، ومعتقل(غوانتانامو)، وغير ذلك من السجون السرّية في أوروبا وغيرها.
فعليهم توضيح ذلك، فإنهم متّهمون, وإنهم ينتهكون حقوق الإنسان، ومع ذلك يتشدّقون بحقوق الإنسان، ويرومون محاسبة الشعب الإيراني أو أي إنسان لا يروق لهم بتهمة انتهاك حقوق الإنسان! وهم الذين يشيعون الإرهاب ويروّجون له. هذه هي الحرب النفسية التي يمارسونها ضدنا.
ومن فصول الحرب النفسية، تأجيج الخلافات، ففي داخل بلادنا يشيعون الخلافات القومية والمذهبية ـ الشيعية والسنية ـ والخلافات الفئوية والطبقية، ويروّجون التنافس الطبقي.
ولديهم في الداخل الكثير من العملاء الذين يطبّقون سياساتهم بمختلف الأشكال.
إنهم يبثّون الشائعات، ويتّهمون إيران في مسائل العراق.
إنّ الذين احتلّوا العراق وأذلوا الشعب العراقي وأهانوا رجاله ونساءه وشبابه بمختلف الأساليب هم أنفسهم القوات الأمريكية والبريطانية التي لا تزال تتصرف بعنجهية بالغة؛ ويتّهمون إيران بالتدخّل في شؤون العراق.
عندما كانت الحكومة الأمريكية والكثير من الحكومات الغربية تدعم صدام البعثي المقبور، فتح الشعب الإيراني ذراعيه لاحتضان أحرار العراق، الذين لجأوا إلينا وعملنا على حمايتهم من شرور صدام، وهاهم هؤلاء الأحرار قد استلموا الحكم في العراق.
إنّ الإرهاب يمارس في العراق بتوجيه من الوكالات الجاسوسية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
إنّ التقاتل بين الإخوان في العراق ليس ناشئاً عن الخلاف الشيعي السنّي، فقد تعايش سنة العراق وشيعته على مدى قرون دون أن تقع الحروب بينهم، بل قد تزاوجت العوائل العراقية السنية والشيعية فيما بينهم وتصاهرت وتعايشت.
إنّ الإرهاب إنما دخل العراق محمولاً على آلياتهم العسكرية، ولا أحد سواهم يجني نفعاً من انعدام الأمن.
يبثّون الشائعات حول نفوذ الشيعة وترويج التشيّع من قِبَل إيران، والهلال الشيعي وأمثال ذلك. وهذه إحدى شِعَب الحرب النفسية: فأولاً يبثّون الخلاف بين أفراد الشعب الإيراني.
وثانياً: يعملون على إثارة الخلافات بين الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية الأخرى. قامت سياسة الولايات المتحدة على إخافة جيراننا في الخليج الفارسي من نظام الجمهورية الإسلامية. وطبعاً أدرك بعضهم هذه المؤامرة بفطنته وذكائه.
وقد يشتبه البعض ويقع في فخّ هذه المؤامرة الأمريكية. لقد مددنا إلى جيراننا في الخليج الفارسي ـ وهي المنطقة التي تحتوي على أكبر الذخائر النفطية في العالم ـ يد الصداقة على الدوام، وحالياً نحن أصدقاء أيضاً ولا زلنا نمدّ يد الصداقة لهم، ونرى ضرورة أن تكون لبلدان الخليج الفارسي معاهدات دفاعية مشتركة وأن تتعاون فيما بينها.
ويجب أن لا تأتي أمريكا وبريطانيا والأجانب وغيرهم من الطامعين للدفاع عن هذه المنطقة.
بل علينا نحن مسؤولية الحفاظ على أمن هذه المنطقة، وهذا إنما يمكن من خلال التعاون بين بلدان الخليج الفارسي.
وأنا هنا بهذه المناسبة أنصح السياسيين في الداخل بأن يراقبوا كلامهم، وأن لا يتكلموا بكلام أو يتخذوا موقفاً ينتهي لخدمة مقاصد الأعداء في هذه الحرب النفسية.
إنّ الذي يعمل حالياً على بثّ اليأس في قلوب الناس وزعزعة ثقتهم بأنفسهم وبالمسؤولين وبمستقبلهم، فإنما يعمل على مساعدة الأعداء.
وإنّ الذي يعمل على إثارة الاختلافات ـ من أي نوعٍ كانت هذه الاختلافات ـ فإنما يساعد أعداء الشعب الإيراني.
فعلى الذين يمتلكون قلماً أو بياناً أو منبراً أو موقعاً أن يراقبوا وأن لا يسمحوا للعدو أن يستفيد منهم ويستغلهم؛ إنّ الحرب النفسية من أهم وسائل العدو في حربه ضد الشعب الإيراني.
وإنّ الحرب الاقتصادية وسيلة أخرى أيضاً. إذ يحاولون محاصرة الشعب الإيراني اقتصادياً. وأقول: إنّ المجال لممارسة النشاط الاقتصادي مفتوح أمام الشعب الإيراني.
مع سياسة الأصل الرابع والأربعين التي تمّ بيانها وتسعى الدول جادّة إلى تحقيقها غدا مناخ العمل الاقتصادي أكثر انفتاحاً، ليس أمام الأغنياء فحسب، بل وحتى لعموم الناس.
ينبغي أن يكون منحى الحكومة والناشطين في البلاد في عام 86 هـ.ش وربما في العامين القادمين، منحىً اقتصادياً. فبإمكاننا إنعاش اقتصادنا. يهددوننا بمحاصرتنا اقتصادياً.
إنّ الحصار الاقتصادي لا يمكنه أن يلحق أيّ ضررٍ بنا. وهل ما قاموا به حتى الآن سوى الحصار؟! فقد تمكّنا من الوصول إلى الطاقة الذرية، والتقدم العلمي وإعمار البلاد على نطاق واسع تحت الحصار. بل إنّ الحصار قد ينفعنا في بعض الظروف؛ لأنه يدفعنا نحن النشاط ومضاعفة الجهود.
علينا أن نستفيد الاستفادة القصوى من سياسات الأصل الرابع والأربعين.
فالذين يمكنهم الاستثمار وأولئك الذين لا يمكنهم الاستثمار إلا من خلال الشراكة، يمكنهم أن يستثمروا في هذا المجال.
فبإمكان آحاد الناس ومختلف طبقاتهم أن يستثمروا وأن يؤسسوا فيما بينهم شركات استثمارية، فعلاوة على أسهم العدالة التي تشمل حوالي عشرة ملايين شخص ـ عشرا الطبقة الاجتماعية الفقيرة ـ يمكن لسائر أفراد المجتمع الاستفادة من هذه السياسات.
وعلى المسؤولين في الحكومة أن يبيّنوا للناس طرق مشاركتهم في النشاطات الاقتصادية.
إنّ هذه السياسات تعني إنتاج الثروة العامة للمجتمع.
إنّ الإسلام لا يحرّم إنتاج الثروة، فهناك فرق بين إنتاج الثروة ونهب ثروات الآخرين. فأحياناً يمدّ الإنسان يدهُ نحو الأموال العامة، أو يحصل على أرباح مادية دون ضابطة قانونية، فهذا ممنوع ومحرّم، وأما إذا كانت الطرق قانونية فإن إنتاج الثروة يكون مستحسناً ومطلوباً في نظر الإسلام، وفي رأي الشارع المقدس. فلتنتج الثروة، ولكن دونما إسراف.
فالاستهلاك المفرط لا يقبله الإسلام؛ وما يمكن الحصول عليه من خلال إنتاج الثروة يمكن توظيفه بنفس الأسلوب في إنتاج آخر للثروة. فلا تجمّدوا الأموال ـ وهو ما يعبّر عنه في الإسلام بالاكتناز ـ ولا تبذّرونها تبذيرا بأن تنفقوه فيما لا ضرورة له في الحياة، بل أنتجوا الثروة لأنفسكم.
إنّ ثروة آحاد الناس هي الثروة العامة للبلاد، فالكل يتنعّم بها، وهذا هو روح المادة الرابعة والأربعين، فلابد من العمل على تنويع أرباح آحاد الناس، خصوصاً الطبقات الضعيفة.
ليبلغ الناس بحبوحة العيش، وهذه خطوة كبيرة في طريق إحلال الرفاه العمومي.
وفيما يتعلق بمواجهة التقدم العلمي فإن إحدى نماذجها تتجلى في مسألة الطاقة الذرية، يقال في الأحاديث السياسية وغيرها: إنّ الدول الغربية تعارض امتلاك إيران للطاقة الذرية، فليكن! وهل نحتاج إلى استئذان شخص في امتلاكنا لهذه الطاقة؟!
وهل دخل الشعب الإيراني هذا الميدان بعد أن استأذن الآخرين؛ حتى يعترض هذا الآخر بعدم موافقته؟! فاعترضوا ولا توافقوا.
إنّ الشعب الإيراني موافق ويرغب في الحصول على هذه الطاقة. لقد ذكرت في العام الماضي هنا وفي مثل هذا الاجتماع في الأول من شهر فروردين: أنّ الطاقة الذرية ضرورة لبلادنا، وحاجة ملحّة على الأمد الطويل.
ولو قصّر المسؤولون في البلاد حالياً في الحصول على الطاقة الذرية، فإن الأجيال القادمة سوف تؤاخذهم.
إنّ الشعب الإيراني يحتاج إلى الطاقة الذرية وهذه القدرة ـ لا لإنتاج السلاح ـ بل للحياة.
هناك من يردد أقوال العدو ويقول: ما هي الضرورة لذلك؟ فهل وضع البلاد في مهبّ الرياح وتجاهل حاجة البلاد المستقبلية، لا تعد مشكلة؟! وهل يحق للمسؤولين في البلاد خيانة الأجيال القادمة؟! فلنقل أننا استهلكنا النفط، فإن هذا النفط سينتهي في يومٍ من الأيام، وعندها سيضطر الشعب الإيراني إلى مدّ يد الاستجداء إلى البلدان الأخرى للحصول على الطاقة لتشغيل الكهرباء والمصانع والحرارة والإضاءة وتحريك عجلة الحياة.
فهل يجوز ذلك للمسؤولين في البلاد حالياً.؟ إنّ أولئك الذين يثنون حالياً على تأميم النفط على يد الدكتور مصدق وآية الله الكاشاني ـ وهو انجاز صغيرٌ بالقياس إلى هذا الانجاز ـ يتكلمون حالياً بشأن الطاقة الذرية بنفس الكلام الذي كان يردده المخالفون لمصدق والكاشاني، وهذا غير مقبول.
فقد تقدمنا في هذا المجال بكفاءاتنا الذاتية، ولم يقم المسؤولون في بلادنا بما يخالف القانون، فجميع أنشطتنا تخضع لرقابة الوكالة الذرية، ولا إشكال في ذلك، فلا اعتراض لدينا على أن يتم ذلك تحت مراقبتهم.
إنّ إثارة الضجيج، وممارسة الضغوط على الشعب الإيراني في هذه المسألة، واتخاذ مجلس الأمن في الأمم المتحدة أداة بيد القوى في مواجهة الشعب الإيراني سيكون مُضرّاً.
ولأقل ذلك: إنهم إنما استخدموا مجلس الأمن أداة وأرادوا بذلك تجاهل هذا الحق المسلّم، فإننا نقول: أن ما قمنا به حتى الآن كان وفقاً للقوانين الدولية، فإن أرادوا تجاوز القانون، فإن بإمكاننا تجاوز القانون وسنتجاوزه، وإن أرادوا سلوك التهديد وأعمال العنف، فعليهم أن يعلموا أنه ما من شك في أنّ الشعب والمسؤولين الإيرانيين سوف يوظّفون جميع إمكاناتهم في مواجهة من يتعرّض لهم.
أحاول أن أختم كلامي، هذه وصايا خادم الشعب الإيراني للشعب: إنّ الشعار الذي رفعناه هذا العام ـ أي الاتحاد الوطني والانسجام الإسلامي ـ لابد من مراعاته.
إنّ الاتحاد الوطني، يعني وحدة الشعب الإيراني، وإنّ الانسجام الإسلامي وموقف الشعوب الإسلامية إلى جانب بعضها.
إنّ على الشعب الإيراني توثيق صلاته بالشعوب الإسلامية. فإننا إذا أردنا للإتحاد الوطني والانسجام الإسلامي أن يتحقق فعلينا أن نؤكد على المشتركات بيننا، وعلينا أن ننأى بأنفسنا عن الفروع المختلف فيها.
والوصية الأخرى هي: أنّ على شعبنا العزيز وخصوصاً جيل الشباب أن لا يفقدوا الثقة بأنفسهم، فإن بإمكانكم أيها الأعزاء أن تنجزوا أعمالاً كبيرة، وأن ترفعوا بلادكم إلى ذروة المجد والعزّة، فإن الثقة بالنفس والمسؤولين والحكومة هو ما لا يريده العدو لنا، فالعدو يريد سلب ثقة الناس بالمسؤولين الذين يتولّون إدارة شؤون البلاد، فعليكم أن تبطلوا هذه المؤامرة.
أنا أدعم هذه الحكومة، وقد دعمت جميع الحكومات التي انتخبها الشعب، وهكذا سيكون الأمر في المستقبل، وإنني أدعم هذه الحكومة بشكل خاص، وليس هو دعم اعتباطي لا يستند إلى دليل، فأولاً: إنّ موقع الحكومة في نظام الجمهورية الإسلامية ونظام بلادنا السياسي موقعاً مهماً للغاية.
وثانياً: إنّ أكثر المسؤوليات تقع على عاتق الحكومة. ومن ثم فإن هذا التوجّه الديني وهذه القيم الإسلامية والثورية ثمينة جداً.
إنّ المثابرة والعمل الدؤوب، والتواصل مع الناس، والتردد على المحافظات، وإنشاد العدالة، والنزول إلى مستوى الناس في غاية الأهمية وأنا أثمّن هذه الأعمال، وأدعم الحكومة بسببها، وهذا الدعم ليس مجانياً, وإنما أتوقّع في مقابل هذا الدعم أن تقوم الحكومة ببعض الأمور، أولها: أن لا يركن المسؤولون إلى الكسل، وأن لا يفقدوا الثقة بالله وأن يعتمدوا عليه, وأن يثقوا بالناس, وأن يحافظوا على زيّهم الشعبي، وأن لا يقعوا في أهواء التجمّلات التي يقع فيها بعض الأفراد، وعليهم أن لا يدخلوا في النزاعات الحزبية، وأن لا يهدروا وقتهم في الخصومات السياسية، وأن يعملوا بكل طاقاتهم وإمكاناتهم لخدمة هذا الشعب وأن يلبّوا حاجة الناس ويسعون إلى تحقيق ما يعدونهم به.
علينا أن نفتح أعيننا، وأن نتوسل إلى الله وأن نكون من الذاكرين.
إنّ الشعب الإيراني شعب كبير ومقتدر، وله أهداف كبيرة، وإنّ أمامه طريق لبلوغ هذه الأهداف وبإمكانه سلوك هذا الطريق. أسأل الله تعالى أن ينزل أفضاله وبركاته عليكم باستمرار, وإن شاء الله سيكون هذا اليوم وهو اليوم الأول من عام 1386هـ.ش بداية عام مفعم بالبركة على الناس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين سيّما بقية الله في الأرضين.
ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير.
إنّ حلول العام الجديد يحمل في طيّاته مباركتين، إحداهما لأيام النوروز، والأخرى بمناسبة حلول شهر ربيع الأول, وهو ربيع ميلاد النور الأعظم والنبي الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم). كما يعدّ النوروز بحدّ ذاته جزءاً من الأعياد المباركة عندنا نحن الإيرانيون.
يفتتح الناس عامهم بذكر الله ويسألونه تعالى التحوّل في أحوالهم إلى أحسن الحال. مضافاً إلى ذلك فإن هذا العام ضاعف من بركات هذا العيد؛ من خلال ما حصده من الذخائر المعنوية لشهر محرم وصفر.
كما أنّ لكم أيها الحضور في هذا الصحن الشريف, وقد تشرّفتم بزيارة الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) بركات أكبر، وقد أتحتم ليّ فرصة استعراض بعض المسائل التي ستكون نافعة لنا في بداية العام إن شاء الله.
إنّ بداية العام فرصة جيدة لتعزيز العزم الوطني، وإضفاء البركة إلى عمرنا في هذا العام. لو عقد كلُّ منا العزم منذ بداية العام على السعي وبذل الجهد لجعل عامه عاماً مفعماً بالخير، فإن الله تعالى سيعيننا حتماً على أن يكون عامنا كذلك.
وطبعاً إنّ روح هذا العزم الوطني الكبير هي النيّة الطاهرة وعقدها على جلب مرضاة الله سبحانه، والتصميم على اجتياز الصراط المستقيم، ومن ثم معرفة موقعنا ووضعنا في ظروف العالم الراهنة، والعقبات الماثلة أمام شعبنا، ومعرفة الخطوط الأساسية لمواجهة هذه العقبات.
وهذا هو سرّ نجاح الأمة الحيّة، وأنا أغتنم هذه الفرصة وهذه الساعة التي التقيكم فيها للتحدّث شيئاً ما حول هذه الأمور.
إنّ هدفنا الأساسي نحن الإيرانيون ـ والذي يجب وضعه نصب أعيننا دائماً ـ هو أننا حددنا لأنفسنا هدفاً كبيراً، وقد سعينا لبلوغ هذا الهدف طوال العقود التالية للثورة، وكلما أمعنا النظر تجلّت لنا إمكانية بلوغ هذا الهدف، وهذا الهدف الكبير عبارة عن رفعة إيران الإسلام وجعلها نموذجاً تحتذي به الشعوب الإسلامية, سواءً على المستوى المادي أو المعنوي، وهذا يعني ضرورة أن يرتقي شعبنا مادياً ومعنوياً، وأن يحظى بالإستقلال الوطني والعزة الوطنية، وأن يتمتع بالقدرة والإمكانات الوطنية، وأن يتمكن من توظيف جميع إمكاناته، وأن ينعم بالرفاه، وتسود حياته العدالة الاجتماعية، وعندها يمكن لهذا الشعب أن يغدو أسوة لجميع المجتمعات الإسلامية، بل وغير الإسلامية أيضاً.
إنّ الشعب الإيراني ينشد الحرية والرفاه والإيمان، وأن تكون بلاده عامرة ومتقدمة، هذا هو هدف الشعب الإيراني.
ولا يختلف اثنان حول هذا الهدف، حيث تزول هنا جميع الخلافات والنزاعات الفئوية والسياسية، فإن هذا الهدف يقبله آحاد الشعب الإيراني فالجميع يريد بلداً عامراً، وأن يكون حرّاً وشامخاً، وأن نستخدم إمكاناتنا الوطنية, وأن نكون متقدمين, وأن نحمل لواء العدالة الاجتماعية، وأن نحمل بيرق الإيمان الإسلامي في مقدمة الشعوب الإسلامية، هذا ما يتوخّاه ويعشقه جميع الشعب الإيراني.
ويمكننا بلوغ هذه الغاية؛ وذلك لتوفر الإمكانات الوطنية لذلك، ولأن التجارب تؤيّده.
إنّ الشعب الإيراني شعب كفوء ومستقيم، ويتمتع بالغيرة الدينية والوطنية، وله إيمان راسخ بالإسلام، ويعشق وطنه، وهذه بأجمعها تعطينا الأمل والثقة بإمكانية شعبنا لبلوغ هذا الهدف؛ وهذا ما تظهره لنا التجربة أيضاً.
لقد مكثنا خارج مضمار التنافس العالمي؛ بسبب سيطرة الحكومات الفاسدة والعميلة لسنوات طويلة.
إنّ الشعب الإيراني الذي كان رائد العلم والثقافة وصل به الأمر بفعل سلطة الملوك الجائرين والقوى المنفصلة عن الشعب إلى الخروج من مضمار السباق العلمي والسياسي الذي احتدم في العالم منذ قرنين تقريباً.
حينما لا يكون شعب داخلاً في سباق الشعوب، فإن قواه وإمكاناته ستضمحل بشكل طبيعي، وستكون إنجازاته ضئيلة للغاية، خذوا مثلاً فريقاً رياضياً كفوءاً نشيطاً مندفعاً، ومع ذلك يُهّمش ويتّم إبعاده عن ميادين المنافسة الرياضية، فإن قواه ستتضاءل بشكل طبيعي؛ وهذا ما قاموا به تجاه شعبنا.
وفي الوقت الذي خلقت فيه القوى العميلة والفاسدة وغير الكفوءة والملوك الظلمة مثل هذا الوضع لشعبنا على مدى سنوات متمادية، فإن الثورة الإسلامية بمجرد أن فتحت أبواب الدخول إلى ميدان التنافس العالمي حصل شعبنا على تقدم كبير وانجازات جبارة.
أن شعبنا يتمتع حالياً بمكانة مرموقة في العالم, سواء في المجالات العلمية أو السياسية، وأصبح وجهاً لامعاً بين الشعوب.
ففي المجالات العلمية نُعتبر متقدّمون مقارنةً بهذا العصر، وطبعاً لا يمكن التعويض عن التخلّف الذي حصل طوال قرنين في مدة لا تتجاوز العقدين أو ثلاثة عقود، إلا أننا في هذه السنوات التي مضت من عمر الثورة الإسلامية قد تقدمنا بسرعة أكبر, مقارنةً بهذه المدة الزمنية.
تلاحظون أنّ شبابنا قد حققوا إنجازات كبيرة في مجالات الطاقة الذرية والخلايا الجذرية, وفي مجال الإصابات النخاعية وعشرات المجالات الأخرى، التي سيبتهج الناس لسماعها. لقد تمكّن علماء بلادنا المبرزين من الظهور على المستوى العالمي, وأن ينالوا إعجاب العالم.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى مجالات التنافس السياسي، حيث تحظى حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالات السياسية ـ سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي ـ بالكثير من المؤيدين، وأنّ كلمتها مسموعة.
وإنّ مسؤولينا يظهرون على نحو بارز سواء في المحافل العالمية أو في أسفارهم إلى البلدان الأخرى، أو في ما يتخذونه من المواقف.
وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدل على قابلية هذا الشعب وكفاءته في التقدم والتطور ودخول هذه الميادين.
لقد تمكن شعبنا من إدخال مفاهيم جديدة في معاجم السياسة العالمية، فالعالم لم يكن يعرف مصطلح الجمهورية الإسلامية، في حين غدا هذا المصطلح حالياً شعاراً تنشره كافة الشعوب الإسلامية.
كما أنّ العالم لم يكن مطلّعاً على تعريف نظام السلطة، فهذا ما عرّفه شعبنا وأدخله في معاجم السياسة الدولية، وكذلك مسألة محورية الدين في السياسة، والقانون، وإدارة البلاد، فهذه بأجمعها مفاهيم جديدة تمكّن شعبنا من إدخالها.
إذاً بإمكاننا الدخول والمشاركة في المسابقات العالمية على المستوى العلمي، والسياسي والصناعي والاقتصادي والثقافي، وأن نحصد النجاح على المدى القصير، ونأمل أن نغدو على المدى البعيد في مقدّمة الدول. هذا هو وضع شعبنا.
وأما الطريق الذي يريد الشعب الإيراني تجاوزه، فهو ليس طريقاً لاحباً خالياً من الموانع، بل هناك عقبات ماثلة في طريقنا. وهناك نوعان من الأعداء أمامنا، وسأبيّن لكم هذان العدوّان, لننظر كيف يمكن لنا مواجهتها. فعلى الشعب أن يعرف عدوه ومخططاته, وأن يحصّن نفسه في مواجهته. فهناك عدّوان؛ الأول: داخلي، والثاني: خارجي.
وإنّ العدو الداخلي أخطر من الخارجي. فما هو العدو الداخلي؟ إنه الخصال السيئة التي من المحتمل أن نتّصف بها.
إنّ الكسل وعدم النشاط في العمل وانعدام الأمل، والأنا المفرط، وعدم الثقة بالآخرين وبالمستقبل, وعدم الثقة بالنفس على المستوى الشخصي والجماهيري، آفات مهلكة.
ولو ظهر هؤلاء الأعداء الداخليين بين أظهرنا فإن الأمور سوف تغدو أكثر تعقيداً. وقد سعى أعداء الشعب الإيراني الخارجيين دوماً إلى بثّ هذه الميكروبات داخل المجتمع الإيراني فيقولون: (إنكم لا تستطيعون) (أنتم غير قادرين) (مستقبلكم مظلم) (أفقكم قاتم) (هلكتم) (انتهى أمركم)، وبذلك كان السعي على تأييس شعبنا وجرّه إلى التكاسل والتقاعس وعدم الثقة بالنفس والاعتماد على الأجانب، هذا هو عدونا الداخلي، وطوال السنوات السابقة لظهور الحركة الإسلامية في بلادنا، كانت هذه الأمور تشكل بلاءً رئيسياً لشعبنا، ولو ابتلى شعب بمثل هذه الأمراض، فسيكون تقدّمه مستحيلاً، فلو كان شعبٌ كسولاً فاقداً للأمل، غير واثق من نفسه، ولم يكن متّحداً وكان يغلب عليه طابع سوء الظن، لا أمل له بالمستقبل، فإن مثل هذا الشعب سوف لا يكتب له التقدّم.
فإن هذه الأمور كدابة الأرض التي تنخر في أسس الجدران وتعمل على تقويضها، ومثل الدودة التي تستقر داخل الثمرة وتفسدها، فيجب مكافحة هذه الصفات.
فعلى شعبنا أن يتحلى بالأمل والثقة بالنفس، متفائلاً بالمستقبل، راغباً بالتقدم، مؤمناً بالمعنويات التي تساعده في بلوغ الهدف, وبحمد الله فإن شعبنا يتحلى بهذه الثقة والأمل؛ ولا بد له من اكمالها.
ولو أمكننا الإطاحة بهذا العدو في أنفسنا وثقافتنا الاجتماعية العامة، فسوف لا يتمكن العدو الخارجي من إلحاق أي ضرر بنا.
وأما العدو الخارجي لهدفنا هذا فهو عبارة عن نظام الهيمنة العالمية، وهو ما نعبّر عنه بالاستكبار العالمي، حيث يتم تقسيم العالم إلى الجزء الحاكم، والجزء المحكوم، فلو أراد شعبٌ مواجهة الحاكمين دفاعاً عن مصالحه، فإن القوى الحاكمة ستعادي هذا الشعب وتوجّه له ضغوطات، وتسعى إلى كسر مقاومته، فهذا عدو شعب يريد أن يستقل ويغدو عزيزاً وكريماً ومتقدّماً.
وأن لا يخضع لسيطرة المستكبرين، هذا هو العدو الخارجي، ويتجلى هذا العدو وحالياً بالشبكات الصهيونية العالمية، والدولة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، وطبعاً لا تعود هذه العداوة للوقت الراهن فقط، وإنما الأساليب تتغيّر، وأما سياسة العداء للشعب الإيراني فقد كانت منذ انتصار الثورة إلى يومنا هذا، وقد لجأوا إلى وسائل الضغط ما أمكنهم ولكن عبثاً يحاولون. فلم تتمكن ضغوطاتهم من إضعاف الشعب الإيراني, أو إجباره على التراجع، فلم ينفع حصارهم الاقتصادي، ولا تهديدهم العسكري، ولا ضغوطاتهم السياسية، ولا حروبهم النفسية، ونحن حالياً أقوى بكثير من السنوات السابقة، وهذا يدل على فشل العدو في معاداته للشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية، إلا أنّ هذه العداوة لازالت قائمة.
هناك حالياً تناقض في العالم، فالشعب الإيراني في رأي الشعوب المسلمة وشعوب المنطقة، والشعوب في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وشعوب الشرق الأوسط، شعب شجاع يدافع عن الحق والعدالة، وصامد بوجه التجبّر، وهكذا عرفوا الشعب الإيراني, ودأبوا على مدحه واستحسانه، إلا أنّ هذا الشعب ـ الإيراني ـ ونظام الجمهورية الإسلامية الذي يحظى بمدح الشعوب، تتّهمه القوى المتغطرسة بنقض حقوق الإنسان، وتهديد الأمن العالمي، ودعم الإرهاب! وهذا تناقض، تناقض رؤية الشعوب، وإرادة القوى العظمى، وهذا التناقض يهدد نظام الاستكبار العالمي.
فهؤلاء يبتعدون يوماً بعد يوم عن الشعوب، فقد ظهر هذا الشرخ والصدع في صرح الليبرالية الديمقراطية الغربية وهو آخذ بالاتساع تدريجياً.
ويمكن لوسائل الإعلام الاستكباري كتمان الحقائق إلى مدة من الزمن، ولكن لا يمكن إخفاء الحقائق إلى الأبد، فالشعوب تزداد يقظة, حيث تلاحظون عندما يسافر رئيس جمهورية الشعب الإيراني إلى البلدان الآسيوية والأفريقية وبلدان أمريكا الجنوبية فتستقبله الشعوب بالشعارات والمسيرات المؤيدة، في حين يسافر الرئيس الأمريكي أيضاً إلى بلدان أمريكا الجنوبية ـ أي المنتجع الأمريكي ـ فتبادر الشعوب في هذه المناسبة إلى حرق العلم الأمريكي، وهذا يعني زعزعة أسس الليبرالية الديمقراطية التي يدّعي الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة حمل لوائها.
إنّ التناقض بين مطالبهم ورغبات الناس وما يتطلعّون إليه في تزايد مستمر.
يتشدّقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان والسِلْم العالمي ومكافحة الإرهاب، إلا أنّ واقعهم الشرير يحكي عن إثارتهم للحروب وانتهاك حقوق الشعوب. وجشعهم الذي لا يعرف الشبع إلى مصادر الطاقة العالمية، وهذا ما تراه الشعوب.
إنّ سمعة الليبرالية الديمقراطية وسمعة الولايات المتحدة التي تقف في مقدمة هذه الليبرالية الديمقراطية في تشويه متواصل لدى شعوب العالم. وفي المقابل تزداد سمعة إيران حسناً وطيبةً.
إنّ الشعوب تدرك أنّ الولايات المتحدة كاذبة في ادّعائها الدفاع عن حقوق الإنسان، وأحد الأمثلة على ذلك سياستهم تجاه بلادنا.
لقد كانت إيران في عهد الطاغوت ـ عهد النظام البهلوي ـ بأكملها في قبضة الولايات المتحدة، وكانت أمريكا مهيمنة على جميع أنحاء إيران، وتقيم القواعد العسكرية في إيران, وكانت تحاول رصد تحركات البلدان العربية في المنطقة من خلال قواعدهم في إيران، وكانت إيران حليفة لإسرائيل، وكانت أبشع الديكتاتوريات مسيطرة على إيران، وكان المجاهدون يرزحون في السجون تحت ألوان العذاب في كافة أنحاء إيران في مشهد وطهران وجميع محافظات البلاد.
وكان الكبت وقسوة الجلاّدين في النظام الطاغوتي هو الذي يحكم الناس، وكانوا ينهبون نفطنا، ويبددون الأموال العامة والثروات الوطنية لصالح الحكام والأجانب، وكانوا يحولون دون حضور الشعب الإيراني في المسابقات العلمية والصناعية في العالم، ويعملون على إذلاله، وحينها كانت إيران الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة، وكان زعماؤها محظيّون عند الأمريكان، ولم يوجّه أي اعتراض عن انتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية على تلك الحكومة الطاغوتية. وحالياً فإن إيران بلد حر، وبرغم الديمقراطية الواضحة ـ وقلّ أن تجد مثلاً لديمقراطيتنا في العالم ـ وبرغم الارتباط الوثيق بين الناس والمسؤولين في البلاد، فإنّ أمريكا تصنّف إيران ضمن الدول الشريرة، وهذا يدل على تموضع الاستكبار العالمي وتخندقه في مواجهة الحقائق العالمية الراهنة.
وطبعاً لم يجنِ الأمريكيون أي نفع من هذه العداوة, ولن يجنوا شيئاً أبداً.
وإنّ قوة الشعب الإيراني في تزايد مستمر، وإنّ قيم الثورة في إشراق وظهور متواصل.
إنّ علينا واجبات تجاه هذين العدوّين، فأولاً لابد من تشخيص العدو، ومن ثم يجب التعرّف على مخططاته، فحالياً يقوم اعداؤنا الخارجيين بالتآمر على شعبنا. فكما أننا نقوم بتعريف خططنا الخمسية وآفاق الخطة العشرينية لتحديد مشاريعنا، كذلك عدونا يخطط ضدنا وله سياسة تجاهنا، فعلينا معرفة سياساته.
وهنا اُلخّص خطط الاستكبار العالمي ضد الشعب الإيراني في ثلاث جمل؛ الأول: الحرب النفسية. الثانية: الحرب الاقتصادية. الثالثة: مواجهة التقدم والتفوق العلمي.
تتلخّص عداوة الاستكبار ضد شعبنا في هذه المفردات الرئيسية الثلاث.
وطبعاً على الأجهزة الإعلامية ووسائل الإعلام والشخصيات السياسية توضيح ذلك للناس بتفصيل أكثر. وهنا أحاول أن استعرض لكم بعض رؤوس الأقلام وخلاصة إجمالية لهذه المسائل.
ماذا تعني الحرب النفسية؟ إنّ الغاية من الحرب النفسية هي بثّ الرعب. فمن الذي يريد إخافته؟ فإن الشعب لا يخاف، وإنّ الجماهير العظمى من الناس لا تخشى شيئاً.
فمن الذي يريدون إخافته؟! إنهم يستهدفون إخافة المسؤولين والشخصيات السياسية، والنُخب منا كما هو معروف.
والذي يمكن تطميعه، يسعون إلى تطميعه، ويحاولون إضعاف الإرادة العامة، ويحاولون تغيير إدراك الناس لحقائق مجتمعهم. هذه هي الغاية من الحرب النفسية، فإن الرجل حتى إذا كان سليماً ومعافى ولا يشكو شيئاً، إذا قيل له: (أنت مريض)، وكرروا له ذلك مئة مرة، فإنه سينهار ويشعر بأنه مريض فعلاً. وبعكس ذلك لو كان الشخص مريضاً بالفعل، إذا قيل له: (إنك صاحٍ) سوف يشعر بالصحة.
إنهم من خلال التلقين والإيحاء يحاولون تشويه حقائق بلادنا في نظر شعبنا.
إنّ شعبنا شعب كفوء ومقتدر، وينعم بثروات طبيعية ضخمة، ومثل هذا الشعب يمكنه أن يكون في المقدمة وأن يغدو رائداً. وليس هناك من مبرر ليكون يائساً، إلا أنّ هؤلاء يحاولون تغيير الحقائق، وبثّ اليأس في نفوس أبناء الشعب، ويريدون لهم أن يفقدوا الثقة بالمسؤولين، فإن من النِعَم الكبيرة على البلاد أن يثق الناس فيها بمسؤوليهم.
فهم يحاولون تجريدنا من هذه النعمة، وزرع عدم الثقة في نفوس الناس، حتى لا يثقوا بأنفسهم ولا بمسؤوليهم. ومن خلال الشائعات يهددونهم بالحصار والعنف، ويقومون من خلال الإعلام إحلال المدّعي محل المتهّم، وجعل المتهّم مُدّعياً.
إنّ أمريكا حالياً متّهمة، وإنّ الشعوب تدّعي ضد أمريكا وتقاضيها، ونحن نقاضي أمريكا، إنّ أمريكا متّهمة بالتواطؤ مع الاستكبار وإنشاء المستعمرات وإثارة الحروب واحتلال الأوطان وإثارة الفتن، ونحن نطالبها وندّعي ضدها.
ولكنهم يحاولون خلط الأوراق والظهور بمظهر المدّعي، ووضع الشعب الإيراني في قفص الاتهام.
إنّ وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة نفسها يدعو للأسف، وهناك انعدام للأمن. ففي عام 2003 للميلاد كان هناك حسب إحصائياتهم ثلاثة عشر مليون سجين من المواطنين الأمريكيين! ويجيزون التعذيب، والتنصّت على المكالمات الهاتفية، وقد قاموا باستجواب الملايين من البشر بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر قبل سنوات.
إنّ الأجواء الداخلية لأمريكا يسودها هذا المناخ غير الآمن. وفي الخارج هناك سجن (أبو غريب) وأنواع التعذيب، ومعتقل(غوانتانامو)، وغير ذلك من السجون السرّية في أوروبا وغيرها.
فعليهم توضيح ذلك، فإنهم متّهمون, وإنهم ينتهكون حقوق الإنسان، ومع ذلك يتشدّقون بحقوق الإنسان، ويرومون محاسبة الشعب الإيراني أو أي إنسان لا يروق لهم بتهمة انتهاك حقوق الإنسان! وهم الذين يشيعون الإرهاب ويروّجون له. هذه هي الحرب النفسية التي يمارسونها ضدنا.
ومن فصول الحرب النفسية، تأجيج الخلافات، ففي داخل بلادنا يشيعون الخلافات القومية والمذهبية ـ الشيعية والسنية ـ والخلافات الفئوية والطبقية، ويروّجون التنافس الطبقي.
ولديهم في الداخل الكثير من العملاء الذين يطبّقون سياساتهم بمختلف الأشكال.
إنهم يبثّون الشائعات، ويتّهمون إيران في مسائل العراق.
إنّ الذين احتلّوا العراق وأذلوا الشعب العراقي وأهانوا رجاله ونساءه وشبابه بمختلف الأساليب هم أنفسهم القوات الأمريكية والبريطانية التي لا تزال تتصرف بعنجهية بالغة؛ ويتّهمون إيران بالتدخّل في شؤون العراق.
عندما كانت الحكومة الأمريكية والكثير من الحكومات الغربية تدعم صدام البعثي المقبور، فتح الشعب الإيراني ذراعيه لاحتضان أحرار العراق، الذين لجأوا إلينا وعملنا على حمايتهم من شرور صدام، وهاهم هؤلاء الأحرار قد استلموا الحكم في العراق.
إنّ الإرهاب يمارس في العراق بتوجيه من الوكالات الجاسوسية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
إنّ التقاتل بين الإخوان في العراق ليس ناشئاً عن الخلاف الشيعي السنّي، فقد تعايش سنة العراق وشيعته على مدى قرون دون أن تقع الحروب بينهم، بل قد تزاوجت العوائل العراقية السنية والشيعية فيما بينهم وتصاهرت وتعايشت.
إنّ الإرهاب إنما دخل العراق محمولاً على آلياتهم العسكرية، ولا أحد سواهم يجني نفعاً من انعدام الأمن.
يبثّون الشائعات حول نفوذ الشيعة وترويج التشيّع من قِبَل إيران، والهلال الشيعي وأمثال ذلك. وهذه إحدى شِعَب الحرب النفسية: فأولاً يبثّون الخلاف بين أفراد الشعب الإيراني.
وثانياً: يعملون على إثارة الخلافات بين الشعب الإيراني والشعوب الإسلامية الأخرى. قامت سياسة الولايات المتحدة على إخافة جيراننا في الخليج الفارسي من نظام الجمهورية الإسلامية. وطبعاً أدرك بعضهم هذه المؤامرة بفطنته وذكائه.
وقد يشتبه البعض ويقع في فخّ هذه المؤامرة الأمريكية. لقد مددنا إلى جيراننا في الخليج الفارسي ـ وهي المنطقة التي تحتوي على أكبر الذخائر النفطية في العالم ـ يد الصداقة على الدوام، وحالياً نحن أصدقاء أيضاً ولا زلنا نمدّ يد الصداقة لهم، ونرى ضرورة أن تكون لبلدان الخليج الفارسي معاهدات دفاعية مشتركة وأن تتعاون فيما بينها.
ويجب أن لا تأتي أمريكا وبريطانيا والأجانب وغيرهم من الطامعين للدفاع عن هذه المنطقة.
بل علينا نحن مسؤولية الحفاظ على أمن هذه المنطقة، وهذا إنما يمكن من خلال التعاون بين بلدان الخليج الفارسي.
وأنا هنا بهذه المناسبة أنصح السياسيين في الداخل بأن يراقبوا كلامهم، وأن لا يتكلموا بكلام أو يتخذوا موقفاً ينتهي لخدمة مقاصد الأعداء في هذه الحرب النفسية.
إنّ الذي يعمل حالياً على بثّ اليأس في قلوب الناس وزعزعة ثقتهم بأنفسهم وبالمسؤولين وبمستقبلهم، فإنما يعمل على مساعدة الأعداء.
وإنّ الذي يعمل على إثارة الاختلافات ـ من أي نوعٍ كانت هذه الاختلافات ـ فإنما يساعد أعداء الشعب الإيراني.
فعلى الذين يمتلكون قلماً أو بياناً أو منبراً أو موقعاً أن يراقبوا وأن لا يسمحوا للعدو أن يستفيد منهم ويستغلهم؛ إنّ الحرب النفسية من أهم وسائل العدو في حربه ضد الشعب الإيراني.
وإنّ الحرب الاقتصادية وسيلة أخرى أيضاً. إذ يحاولون محاصرة الشعب الإيراني اقتصادياً. وأقول: إنّ المجال لممارسة النشاط الاقتصادي مفتوح أمام الشعب الإيراني.
مع سياسة الأصل الرابع والأربعين التي تمّ بيانها وتسعى الدول جادّة إلى تحقيقها غدا مناخ العمل الاقتصادي أكثر انفتاحاً، ليس أمام الأغنياء فحسب، بل وحتى لعموم الناس.
ينبغي أن يكون منحى الحكومة والناشطين في البلاد في عام 86 هـ.ش وربما في العامين القادمين، منحىً اقتصادياً. فبإمكاننا إنعاش اقتصادنا. يهددوننا بمحاصرتنا اقتصادياً.
إنّ الحصار الاقتصادي لا يمكنه أن يلحق أيّ ضررٍ بنا. وهل ما قاموا به حتى الآن سوى الحصار؟! فقد تمكّنا من الوصول إلى الطاقة الذرية، والتقدم العلمي وإعمار البلاد على نطاق واسع تحت الحصار. بل إنّ الحصار قد ينفعنا في بعض الظروف؛ لأنه يدفعنا نحن النشاط ومضاعفة الجهود.
علينا أن نستفيد الاستفادة القصوى من سياسات الأصل الرابع والأربعين.
فالذين يمكنهم الاستثمار وأولئك الذين لا يمكنهم الاستثمار إلا من خلال الشراكة، يمكنهم أن يستثمروا في هذا المجال.
فبإمكان آحاد الناس ومختلف طبقاتهم أن يستثمروا وأن يؤسسوا فيما بينهم شركات استثمارية، فعلاوة على أسهم العدالة التي تشمل حوالي عشرة ملايين شخص ـ عشرا الطبقة الاجتماعية الفقيرة ـ يمكن لسائر أفراد المجتمع الاستفادة من هذه السياسات.
وعلى المسؤولين في الحكومة أن يبيّنوا للناس طرق مشاركتهم في النشاطات الاقتصادية.
إنّ هذه السياسات تعني إنتاج الثروة العامة للمجتمع.
إنّ الإسلام لا يحرّم إنتاج الثروة، فهناك فرق بين إنتاج الثروة ونهب ثروات الآخرين. فأحياناً يمدّ الإنسان يدهُ نحو الأموال العامة، أو يحصل على أرباح مادية دون ضابطة قانونية، فهذا ممنوع ومحرّم، وأما إذا كانت الطرق قانونية فإن إنتاج الثروة يكون مستحسناً ومطلوباً في نظر الإسلام، وفي رأي الشارع المقدس. فلتنتج الثروة، ولكن دونما إسراف.
فالاستهلاك المفرط لا يقبله الإسلام؛ وما يمكن الحصول عليه من خلال إنتاج الثروة يمكن توظيفه بنفس الأسلوب في إنتاج آخر للثروة. فلا تجمّدوا الأموال ـ وهو ما يعبّر عنه في الإسلام بالاكتناز ـ ولا تبذّرونها تبذيرا بأن تنفقوه فيما لا ضرورة له في الحياة، بل أنتجوا الثروة لأنفسكم.
إنّ ثروة آحاد الناس هي الثروة العامة للبلاد، فالكل يتنعّم بها، وهذا هو روح المادة الرابعة والأربعين، فلابد من العمل على تنويع أرباح آحاد الناس، خصوصاً الطبقات الضعيفة.
ليبلغ الناس بحبوحة العيش، وهذه خطوة كبيرة في طريق إحلال الرفاه العمومي.
وفيما يتعلق بمواجهة التقدم العلمي فإن إحدى نماذجها تتجلى في مسألة الطاقة الذرية، يقال في الأحاديث السياسية وغيرها: إنّ الدول الغربية تعارض امتلاك إيران للطاقة الذرية، فليكن! وهل نحتاج إلى استئذان شخص في امتلاكنا لهذه الطاقة؟!
وهل دخل الشعب الإيراني هذا الميدان بعد أن استأذن الآخرين؛ حتى يعترض هذا الآخر بعدم موافقته؟! فاعترضوا ولا توافقوا.
إنّ الشعب الإيراني موافق ويرغب في الحصول على هذه الطاقة. لقد ذكرت في العام الماضي هنا وفي مثل هذا الاجتماع في الأول من شهر فروردين: أنّ الطاقة الذرية ضرورة لبلادنا، وحاجة ملحّة على الأمد الطويل.
ولو قصّر المسؤولون في البلاد حالياً في الحصول على الطاقة الذرية، فإن الأجيال القادمة سوف تؤاخذهم.
إنّ الشعب الإيراني يحتاج إلى الطاقة الذرية وهذه القدرة ـ لا لإنتاج السلاح ـ بل للحياة.
هناك من يردد أقوال العدو ويقول: ما هي الضرورة لذلك؟ فهل وضع البلاد في مهبّ الرياح وتجاهل حاجة البلاد المستقبلية، لا تعد مشكلة؟! وهل يحق للمسؤولين في البلاد خيانة الأجيال القادمة؟! فلنقل أننا استهلكنا النفط، فإن هذا النفط سينتهي في يومٍ من الأيام، وعندها سيضطر الشعب الإيراني إلى مدّ يد الاستجداء إلى البلدان الأخرى للحصول على الطاقة لتشغيل الكهرباء والمصانع والحرارة والإضاءة وتحريك عجلة الحياة.
فهل يجوز ذلك للمسؤولين في البلاد حالياً.؟ إنّ أولئك الذين يثنون حالياً على تأميم النفط على يد الدكتور مصدق وآية الله الكاشاني ـ وهو انجاز صغيرٌ بالقياس إلى هذا الانجاز ـ يتكلمون حالياً بشأن الطاقة الذرية بنفس الكلام الذي كان يردده المخالفون لمصدق والكاشاني، وهذا غير مقبول.
فقد تقدمنا في هذا المجال بكفاءاتنا الذاتية، ولم يقم المسؤولون في بلادنا بما يخالف القانون، فجميع أنشطتنا تخضع لرقابة الوكالة الذرية، ولا إشكال في ذلك، فلا اعتراض لدينا على أن يتم ذلك تحت مراقبتهم.
إنّ إثارة الضجيج، وممارسة الضغوط على الشعب الإيراني في هذه المسألة، واتخاذ مجلس الأمن في الأمم المتحدة أداة بيد القوى في مواجهة الشعب الإيراني سيكون مُضرّاً.
ولأقل ذلك: إنهم إنما استخدموا مجلس الأمن أداة وأرادوا بذلك تجاهل هذا الحق المسلّم، فإننا نقول: أن ما قمنا به حتى الآن كان وفقاً للقوانين الدولية، فإن أرادوا تجاوز القانون، فإن بإمكاننا تجاوز القانون وسنتجاوزه، وإن أرادوا سلوك التهديد وأعمال العنف، فعليهم أن يعلموا أنه ما من شك في أنّ الشعب والمسؤولين الإيرانيين سوف يوظّفون جميع إمكاناتهم في مواجهة من يتعرّض لهم.
أحاول أن أختم كلامي، هذه وصايا خادم الشعب الإيراني للشعب: إنّ الشعار الذي رفعناه هذا العام ـ أي الاتحاد الوطني والانسجام الإسلامي ـ لابد من مراعاته.
إنّ الاتحاد الوطني، يعني وحدة الشعب الإيراني، وإنّ الانسجام الإسلامي وموقف الشعوب الإسلامية إلى جانب بعضها.
إنّ على الشعب الإيراني توثيق صلاته بالشعوب الإسلامية. فإننا إذا أردنا للإتحاد الوطني والانسجام الإسلامي أن يتحقق فعلينا أن نؤكد على المشتركات بيننا، وعلينا أن ننأى بأنفسنا عن الفروع المختلف فيها.
والوصية الأخرى هي: أنّ على شعبنا العزيز وخصوصاً جيل الشباب أن لا يفقدوا الثقة بأنفسهم، فإن بإمكانكم أيها الأعزاء أن تنجزوا أعمالاً كبيرة، وأن ترفعوا بلادكم إلى ذروة المجد والعزّة، فإن الثقة بالنفس والمسؤولين والحكومة هو ما لا يريده العدو لنا، فالعدو يريد سلب ثقة الناس بالمسؤولين الذين يتولّون إدارة شؤون البلاد، فعليكم أن تبطلوا هذه المؤامرة.
أنا أدعم هذه الحكومة، وقد دعمت جميع الحكومات التي انتخبها الشعب، وهكذا سيكون الأمر في المستقبل، وإنني أدعم هذه الحكومة بشكل خاص، وليس هو دعم اعتباطي لا يستند إلى دليل، فأولاً: إنّ موقع الحكومة في نظام الجمهورية الإسلامية ونظام بلادنا السياسي موقعاً مهماً للغاية.
وثانياً: إنّ أكثر المسؤوليات تقع على عاتق الحكومة. ومن ثم فإن هذا التوجّه الديني وهذه القيم الإسلامية والثورية ثمينة جداً.
إنّ المثابرة والعمل الدؤوب، والتواصل مع الناس، والتردد على المحافظات، وإنشاد العدالة، والنزول إلى مستوى الناس في غاية الأهمية وأنا أثمّن هذه الأعمال، وأدعم الحكومة بسببها، وهذا الدعم ليس مجانياً, وإنما أتوقّع في مقابل هذا الدعم أن تقوم الحكومة ببعض الأمور، أولها: أن لا يركن المسؤولون إلى الكسل، وأن لا يفقدوا الثقة بالله وأن يعتمدوا عليه, وأن يثقوا بالناس, وأن يحافظوا على زيّهم الشعبي، وأن لا يقعوا في أهواء التجمّلات التي يقع فيها بعض الأفراد، وعليهم أن لا يدخلوا في النزاعات الحزبية، وأن لا يهدروا وقتهم في الخصومات السياسية، وأن يعملوا بكل طاقاتهم وإمكاناتهم لخدمة هذا الشعب وأن يلبّوا حاجة الناس ويسعون إلى تحقيق ما يعدونهم به.
علينا أن نفتح أعيننا، وأن نتوسل إلى الله وأن نكون من الذاكرين.
إنّ الشعب الإيراني شعب كبير ومقتدر، وله أهداف كبيرة، وإنّ أمامه طريق لبلوغ هذه الأهداف وبإمكانه سلوك هذا الطريق. أسأل الله تعالى أن ينزل أفضاله وبركاته عليكم باستمرار, وإن شاء الله سيكون هذا اليوم وهو اليوم الأول من عام 1386هـ.ش بداية عام مفعم بالبركة على الناس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته