بسم الله الرحمن الرحيم
أرحّب أجمل ترحيب بالأخوة والأخوات الأعزاء, الذين قطعوا المسافات الطويلة قادمين إلى هذه الحسينية من مدينة تبريز وسائر مدن محافظة آذربيجان, وأسأل الله تعالى أن يتفضّل عليهم بالعناية والتوفيق, وأن تعمّ الرعاية الربّانية هؤلاء المواطنين الشرفاء المؤمنين, الذين تنبض قلوبهم بالهّمة والعزم والشجاعة.
لقد لاحظت خلال كل تلك الأعوام الطويلة, وأثناء الزيارات التي كنّا نقوم بها إلى أهالي آذربيجان, سواءً أكان ذلك في تبريز أو المدن الأخرى, أنّ ثمّة مسحة من الطراوة والنشاط والإبداع تتألّق بها أخلاق الأهالي وشعاراتهم كما نشاهده اليوم, وهذا من خصائص تاريخنا العريق في ماضيه وحاضره, إلا أننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على تاريخنا القريب من هذا العصر فسنلاحظ أنّ أهالي آذربيجان وسكّان تبريز استطاعوا أن يحتلّوا مكان الصدارة, وأن يسجلّوا حضورهم في المقدمة, ولاسّيما إذا كان الأمر متعلقاً بالمصالح التاريخية والقضايا الكبرى للبلاد.
وعلى سبيل المثال فإن تبريز كانت إحدى المناطق الحساسة التي سجّل أهاليها وعلماؤها موقفاً صارماً ومقتدراً في قضية التنباكو, التي كانت تمثل مرحلة تاريخية بالغة الأهمية, حيث كان أعداء الاستقلال يطمحون في السيطرة الكاملة على هذا البلد, وها هو العالِم التبريزي الشهير المرحوم الميرزا جواد مجتهد الذي قاد الجماهير الغفيرة ليحتلّوا تلك المنزلة السامقة العظيمة في قضية المشروطة.
لقد أخرجت المطابع العديد من الكتب والمؤلّفات حول دور آذربيجان وموقف أهاليها من المشروطة, ومع ذلك فإنني أعتقد أنّ هناك العديد من الأمور والأحداث المجهولة والتي لا بد من أن يكشف عنها النقاب.
لقد كان والدي شاباً في تبريز أثناء فترة المشروطة, وعاش كافة أحداثها, وكان يسكن في حارة (قره باغي ها) في نفس المنطقة التي كان يعيش بها المرحوم باقر خان.
لقد شاهد تلك الأحداث عن قرب وكان يقصّها علينا.
ومن الواضح أنّ موقف ستار خان وباقر خان من المشروطة كان مخالفاً لموقف الداعين إلى مشروطة انجليزية وتحت سيطرة أجنبية.
لقد قال ستار خان في خطاب وبيان له: (إنني أريد أن أتحرك تحت لواء أبي الفضل العباس (عليه السلام) ).
وكان هناك من يرغب في أن تسير النهضة تحت راية انجليزية, إلا أن ستار خان عارضهم بقوة, فما كان منهم إلا أنّ جاءوا بستار خان وباقر خان إلى طهران وتخلّصوا منهما بشكل أو بآخر في حديقة أتابك.
لقد كان موقف أهالي آذربيجان وتبريز من المشروطة يتّسم بالصمود والقوة, والحضور الجماهيري العظيم, والتمسك بالدين والدعوة إلى الاستقلال, وهو موقف ظل ثابتاً فيما تلا ذلك من أحداث.
ففي قضية المرحوم الشيخ محمد خياباني وقف التبريزيون موقفاً داعماً ومسانداً, وكان الموضوع يتعلق باتفاقية وثوق الدولة, حيث أقدم أزلام الحكومة المتخاذلة في طهران على وضع كافة الشؤون المالية والعسكرية للبلاد تحت تصّرف الانجليز تنفيذاً لتلك الاتفاقية.
وهنا وقف المرحوم خياباني والآخرون وأهالي تبريز موقفاً حازماً من تلك القضية؛ وهو ما أدى إلى تلك الأحداث الجسام التي شهدتها تبريز, وهكذا كانت تبريز دائماً.
وأما نهضة التاسع والعشرين من شهر بهمن التي قام بها أهالي تبريز فإنها كانت من القضايا المصيرية, وإلا لَما قامت هذه الثورة الكبرى.
فلقد كان من الممكن أن يبقى شهداء مدينة قم في الواجهة لمدة قصيرة كبقية الشهداء, ثم ما تلبث أسماؤهم أن تزول من ذاكرة الجماهير شيئاً فشيئاً, ولكن التبريزيين والأذربيجانيين شاءوا ألا تذهب هذه الحادثة طيّ النسيان, فقاموا في التاسع والعشرين من بهمن لإحياء ذكرى أربعين شهداء قم.
وفي الحقيقة فإن إقامة مراسم عزاء أربعين الشهداء كان بمثابة إلهام لبقية أبناء الشعب الإيراني لتصعيد أحداث الثورة.
لقد كان هذا نوعاً من الخّلاقية المباركة, وكان مقدمةً ودافعاً لِما أعقبه من تحركات ثورية, حيث قام أهالي المناطق الإيرانية الأخرى بإحياء أربعينية شهداء تبريز, وهكذا توالت الأحداث التي أدت في النهاية إلى انتصار الثورة.
لقد قلت مراراً: إنّ مهندسي السياسات الأمريكية والانجليزية في إيران لم يعرفوا آذربيجان حق المعرفة, وجهلوا حقيقة أهالي تبريز, والسبب في ذلك هو ما تقدّم قبل قليل.
إنهم توهّموا أنّ بوسعهم تمزيق الشعب الإيراني, فجاءوا بكل غباء إلى أذربيجان, التي تمثل بيضة القبّان بالنسبة للشعب الإيراني بما تتمتع به كواحدة من أبرز المناطق أهمية وحيوية, ثم حاول أولئك الجهلاء شراء بعض العملاء بالمال والإغراءات المادية, فانطلت اللعبة عليهم, ولكن سرعان ما وقع مخططو السياسات الأجنبية في الخديعة, وفشلت مخططاتهم.
لقد وقف أهالي تبريز وآذربيجان بقوة وحزم ضد المخالفين لقيام الثورة, وكانوا هم السبّاقين في كل مرة للقضاء على المعارضين.
ولعلكم مازلتم تتذكرون جميعاً, ما عدا بعض الشباب اليافعين طبعاً, أنهم جنّدوا ذات مرّة في بداية الثورة عدداً من خارج تبريز تحت شعار النضال والمعارضة ودفعوا بهم إلى محاصرة الشهيد مدني.
إنّ أحداً لم يأتِ من الخارج للدفاع عن الثورة, بل إنّ أهالي تبريز كانوا هم الذين هرعوا إلى الشوارع عند علمهم بما حدث.
إنّ تبريز تتميز بالاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بالشهامة والدفاع عن الثورة, وكذلك آذربيجان.
إنّ الذي نفهمه هو أنّ الأعداء لا يعرفون أذربيجان ولا يعرفون إيران وشعبها.
إنّ مهندسي السياسات المضادة للثورة في العالم ـ سواء في أجهزة المخابرات الأمريكية أو الانجليزية ـ أولئك الذين يتصورون أنهم يرسمون مصير الشعب الإيراني ومستقبل الثورة, لا يعرفون شيئاً عن الشعب الإيراني ولا تلك الحقائق الخالدة في ذاكرة شعبنا.
لقد قال الجميع, ولاسيّما المراقبون والإحصائيون: أنّ حجم المشاركة في مسيرات الثاني العشرين من بهمن هذا العام فاق جميع السنوات السابقة في طهران والمحافظات الأخرى.
فلماذا كل هذا الحضور وهذه المشاركة الضخمة بعد سبعة وعشرين عاماً من انتصار الثورة؟ لقد نزلت الجماهير إلى الساحة؛ لأنها شعرت أنّ الأعداء ينظرون إلينا بعين التهديد.
إنّ هذه هي قوة الثورة, وإنّ هذه هي الثورة القوية التي تستطيع الدفاع عن نفسها, فحيثما اشتمّت رائحة التهديد والخطر, برزت حقيقة أصحابها, فانطلقوا سيراً إلى الميدان.
وعندما اندلعت الحرب المفروضة, كان أبناء الشعب مشغولين ببناء حياتهم ومستقبلهم ,وما أن أحسّوا بالخطر حتى غادر الشباب الجامعات والأسواق والمصانع, وجاءوا من القرى والأرياف والمدن وتركوا العيش الرغيد, ثم ما لبثوا أن فتحوا صدروهم لاستقبال الخطر الداهم؛ بغية الدفاع عن هويتهم ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) فبعضهم سقط شهيداً, والبعض الآخر معاق لكن الغالبية العظمى ما زالت باقية وتعمل في الساحة بنشاط, وتزداد يوماً بعد آخر.
إنني أقول مؤكداً بكل اطمئنان وثقة: إنّ شباب اليوم ـ أو شباب الجيل الثالث ـ لا يقلّون أبداً في استعدادهم وشجاعتهم وكرامتهم للدفاع عن هويتهم الدينية والثورية عن شباب الجيل الأول الذين خاضوا غمار الحرب المفروضة في مرحلة الدفاع المقدس, بل ولربما فاقوهم أيضاً.
إنّ هذه هي حقيقة تلك الثورة التي تفجّرت من إيمان الجماهير واعتقادها ومن الإرادة الحقيقية لأبناء الشعب.
وهذا هو واقع الحال مهما حاول تزييفه بعض العملاء الذين باعوا أنفسهم للأجانب بثمن بخس, حتى ولو تعددت مشاربهم واختلفت أشكالهم.
إنّ حقيقة الأمر هي: أنّ هذه الثورة هي ثورة الشعب, وإنّ الشعب يعتبرها ملكاً له, ويشعر بالغبطة إزاءها؛ لأنه يجد أنّ طريق الثورة هو طريق بلوغ السعادة والرفاهية ودرجات الكمال الإنساني ـ مادياً ومعنوياً ـ وهو طريق الإسلام وطريق التعاليم الإسلامية المُنقذة.
إنني أجد لزاماً عليَّ أن أتقدّم في هذه المناسبة بأسمى آيات الشكر إلى أبناء الشعب الإيراني على حضورهم الفاعل والعظيم في الثاني والعشرين من بهمن هذا العام.
إنّ مثل هذه الحماسة وهذا الحضور وهذه الكرامة والحميّة الإلهية من شأنها جمعياً أن تجعل قوة الجمهورية الإسلامية والنظام الإسلامي تتجلّى أمام عيون الأعداء وتضع حدّاً لتهديداتهم؛ وهو ما حدث بالفعل.
إنّ العدو يزداد جرأة وجسارة كلما شعر بضعف الشعوب, وإنهم يرتكبون خطأً فاحشاً أولئك الذين يتفوّهون بما يُغري العدو بالتجّرؤ والتجاسر.
فأحياناً يرددون أنّ البلاد تعاني من أزمة, وأحياناً يستغلّون ما لديهم من صحف ومطبوعات لتضخيم بعض نقاط الضعف إلى عشرة أضعاف ويتشدّقون بذلك في تصريحاتهم, فهؤلاء مخطئون.
إنّ الأعداء السلطويين الذين يريدون بسط نفوذهم على العالم ويجعلون من أنفسهم أسياداً للقرية العالمية يزدادون جرأة حيثما شعروا بضعف الآخرين.
لقد شبّهوا العالم بقرية أطلقوا عليها اسم القرية العالمية, وهذه القرية تتزعّمها أمريكا, وتريد لنفسها أن تكون قادرة على فعل كل ما تحلم به. وإذا ما نهض شعب أو تحّركت جماعة أو صرّحت شخصية سياسية خلافاً لرغبتهم فإنهم يأخذون بتوجيه أقسى أنواع الاتهامات.
وهذا هو ديدن الأعداء, فلا ينبغي أن نظهر أمامهم بمظهر الضعف, وحتى لو كانت هناك بعض نقاط الضعف فيجب التستّر عليها أمام الأعداء, فما بالنا إذا لم تكن هناك أزمات لدينا ولا حتى نقاط ضعف.
لماذا يكذبون؟ ولماذا يتصرّفون طِبقاً لأهواء العدو؟ إنّ بلادنا وبحمد الله تنطلق إلى الأمام, وتعمل على حلّ مشاكلها بفضل شعبها القوي المتألقّ الواعي وبهمّة مسؤوليها المخلصين النشطين ذوي الخبرة والكفاءة.
وهكذا هي حياة الشعوب, فأين الأزمة؟ وأين هي هذه الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد؟ وإذا كانوا مُصرّين على ذلك فعليهم بالدليل.
إنهم يشوّهون الحقائق بأقلامهم المسمومة؛ من أجل ذرائع مختلفة, فبعضهم ضد الحكومة, وبعضهم يرفض المفاهيم الثورية من حيث الأصل, والبعض الآخر معارض للثورة من حيث المبدأ, بينما يتطلّع البعض إلى السلطة, والبعض يعاني من سوء الفهم.
كلا, إنّ الحقيقة خلاف ما يدّعي هؤلاء, فواقع الأمر أنّ شعبنا يتميّز بالإنسجام والوعي واليقظة, وكلما شعر بالخطر والتهديد يزداد عظمة في مراسم الثاني والعشرين من بهمن.
وإذا ما ركّز الأعداء على أمر ما فإن الجماهير تزداد عزماً وإصراراً, وتصبح أشدّ حساسية إزاء هذا الأمر.
لقد حاول الأعداء صرف أنظار الشعب عن قضية التقنية النووية, فأخذ البعض في مساعدتهم على ذلك.
إنّ أصحاب العقول الضحلة والأفكار السطحية لهم قلوب تنبض أحياناً بهوى الأجانب القابعين خلف الحدود فيقولون: مالنا والطاقة النووية؟!
ولماذا كل هذه النفقات الطائلة والسعي الدؤوب مع كل ما يكتنف القضية من عقبات ومشاكل! ولكن الشعب لم يستسلم, فلقد كان واعياً ومتيقّظاً ومدركاً أنّ القضية النووية ليست قضية اليوم بالنسبة لبلادنا, بل إنها قضية الغد والمستقبل, وإنها مسألة مصيرية.
إنها من الحقوق المسلّمة بالنسبة للعديد من البلدان والشعوب, وإن كان البعض يتقاعس عن المطالبة بحقوقه.
فماذا ستكون النتيجة؟ سيصبح المالكون للطاقة النووية في المستقبل المنظور قادرين على التحكّم في مصير الطاقة في العالم.
إنهم الآن لا يملكون النفط والذي يعتبر هو والغاز مصدر الطاقة في العصر الحاضر, ولكن لو كانوا يمتلكون هذه الموارد النفطية التي تمتلكها بلادنا ودول منطقة الخليج الفارسي لباعوا لنا الزجاجة الواحدة بقيمة أغلى من قيمة البرميل الحالية مع ممارسة الضغوط الكثيرة, وهذا ما قلته مرّات عديدة.
إنّ النفط لن يبقى إلى الأبد, وبذلك فإنهم يريدون السيطرة على مصادر الطاقة عندما يأتي اليوم الذي تنضب فيه الموارد النفطية, إنهم يضعون العقبات على طريق الشعوب القادرة على إنتاج الطاقة؛ وهذا ما أدركه شعبنا فثبت على موقفه, ولحسن الحظ فإن المسؤولين الإيرانيين يتابعون هذه المسألة بوعي وفطنة ويتخذون القرارات الجادّة, وقد توصّلوا إلى نتائج جيدة للغاية, ولسوف يتوصّلون إلى ما هو أفضل إن شاء الله.
إننا نحمد الله على أنّ دماء شهداءنا في التاسع والعشرين من بهمن عام 1356هـ.ش وشهداءنا الأعزّاء في المواقف المختلفة والحرب المفروضة لم تذهب هَدْراً.
لقد ضحى الشعب بدماء أبنائه لكنه استعاد هويته الوطنية واستقلاله وعزّته.
لقد تحررت بلادنا من أيدي عملاء أمريكا وانجلترا, وتحدّت إدارة أولئك الغارقين في المادة وحب الدنيا والفساد واللهو والانحلال, وبذلك حصلت على استقلالها وتحوّلت إلى بلاد حرّة يشهد بها حتى الأعداء ويعترفون أنه لا سبيل إلى ممارسة الضغوط عليها.
لقد جاء القيادة والمسؤولون في هذا البلد من بين أفراد الشعب, وهم أوفياء مخلصون وتنبض قلوبهم بحب المواطنين, ويعتبرون أنفسهم خداماً للشعب في كل ما يعملون.
فهل يستهان بمثل هذا الإنجاز؟ لقد اكتشف الشباب قيمتهم الذاتية, فانطلقوا نحو ميادين العلم والاختراع وأخذوا في تسلّق مدارج الكمال نحو القمم السامقة, فهل يستهان بمثل هذا الإنجاز؟
إننا نمتلك اليوم طاقات بشرية على قدر كبير من الخبرة والكفاءة في شتى المجالات التي يهتم بها المسؤولون.
لقد حدث هذا على العديد من الأصعدة, وينبغي أن يمتدّ إلى الأصعدة الأخرى, وإنني بهذه المناسبة أوصي المسؤولين بضرورة العناية بمثل هذه الكفاءات والهمم المتوثّبة وتقديرها على أفضل وجه.
إنّ من يمتلك مثل هؤلاء الشباب المتحمّسين وتلك الإرادات القوية والهمم العالية الشجاعة بوسعه تحقيق الكثير من الإنجازات الضخمة.
إنّ على المسؤولين ألاّ يخشوا التقدّم إلى الأمام, وأن يتحلّوا بالشجاعة, وألاّ يهابوا تسلّق الذرى والقمم العالية, وألاّ يهابوا الأعداء.
إنني لا أوصي بالتهوّر وعدم الحذر, فالحذر ضروري في كل الأحوال, ولكن الحذر لا يعني الخوف.
إنّ من يخشى الأعداء ويهابهم سيعجز عن الحركة والانطلاق؛ لا تهابوا الأعداء, وواصلوا مسيرتكم مع توقّي والحيطة الحذر, وتفحّصوا ما تقومون به من أعمال ونشاطات, وكونوا على حذر من أن تفقدوا ويفقد هذا الشعب إرادة المضيّ قُدُماً إلى الأمام.
إنّ التوقّف لا يجوز أبداً, سواء أكان ذلك في الجامعات أو المجالات العلمية الأخرى أو في الحقول الصناعية والإنتاجية والتجارية والاقتصادية والدينية, إنه لا يجوز التوقّف في أي مجال من المجالات, بل لا بد من التقدّم إلى الأمام.
إننا نتحّرك اليوم بكل طاقة وقوة, وهكذا هي الجماهير, فلقد أدركنا أكثر من ذي قبل أنّ هذا الشعب يتميز بقدرة عالية على التقدّم والانطلاق, ولسوف يكون بمقدورنا إن شاء الله أن نجتاز ما أمامنا من طرق وعرة؛ وذلك بفضل هذه الحرية وهذه الإرادة والثقة بالنفس التي منحتها الثورة لأبناء هذا الشعب.
وفي الختام, أجدد لكم شكري أيها الأخوة والأخوات الأعزاء على تكبّدكم عناء المجيء, وأحمّلكم سلامي وتحياتي لجميع الأخوة والأخوات الأعزاء في تبريز وكافة مدن آذربيجان, وأسأل الله تعالى أن يمنّ عليكم بالمزيد من فضله ولطفه, وأن يُرضي عنكم جميعاً أرواح شهدائنا الأبرار وروح إمامنا العزيز, وقلب ولي العصر والزمان الإمام المهدي أرواحنا فداه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحّب أجمل ترحيب بالأخوة والأخوات الأعزاء, الذين قطعوا المسافات الطويلة قادمين إلى هذه الحسينية من مدينة تبريز وسائر مدن محافظة آذربيجان, وأسأل الله تعالى أن يتفضّل عليهم بالعناية والتوفيق, وأن تعمّ الرعاية الربّانية هؤلاء المواطنين الشرفاء المؤمنين, الذين تنبض قلوبهم بالهّمة والعزم والشجاعة.
لقد لاحظت خلال كل تلك الأعوام الطويلة, وأثناء الزيارات التي كنّا نقوم بها إلى أهالي آذربيجان, سواءً أكان ذلك في تبريز أو المدن الأخرى, أنّ ثمّة مسحة من الطراوة والنشاط والإبداع تتألّق بها أخلاق الأهالي وشعاراتهم كما نشاهده اليوم, وهذا من خصائص تاريخنا العريق في ماضيه وحاضره, إلا أننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على تاريخنا القريب من هذا العصر فسنلاحظ أنّ أهالي آذربيجان وسكّان تبريز استطاعوا أن يحتلّوا مكان الصدارة, وأن يسجلّوا حضورهم في المقدمة, ولاسّيما إذا كان الأمر متعلقاً بالمصالح التاريخية والقضايا الكبرى للبلاد.
وعلى سبيل المثال فإن تبريز كانت إحدى المناطق الحساسة التي سجّل أهاليها وعلماؤها موقفاً صارماً ومقتدراً في قضية التنباكو, التي كانت تمثل مرحلة تاريخية بالغة الأهمية, حيث كان أعداء الاستقلال يطمحون في السيطرة الكاملة على هذا البلد, وها هو العالِم التبريزي الشهير المرحوم الميرزا جواد مجتهد الذي قاد الجماهير الغفيرة ليحتلّوا تلك المنزلة السامقة العظيمة في قضية المشروطة.
لقد أخرجت المطابع العديد من الكتب والمؤلّفات حول دور آذربيجان وموقف أهاليها من المشروطة, ومع ذلك فإنني أعتقد أنّ هناك العديد من الأمور والأحداث المجهولة والتي لا بد من أن يكشف عنها النقاب.
لقد كان والدي شاباً في تبريز أثناء فترة المشروطة, وعاش كافة أحداثها, وكان يسكن في حارة (قره باغي ها) في نفس المنطقة التي كان يعيش بها المرحوم باقر خان.
لقد شاهد تلك الأحداث عن قرب وكان يقصّها علينا.
ومن الواضح أنّ موقف ستار خان وباقر خان من المشروطة كان مخالفاً لموقف الداعين إلى مشروطة انجليزية وتحت سيطرة أجنبية.
لقد قال ستار خان في خطاب وبيان له: (إنني أريد أن أتحرك تحت لواء أبي الفضل العباس (عليه السلام) ).
وكان هناك من يرغب في أن تسير النهضة تحت راية انجليزية, إلا أن ستار خان عارضهم بقوة, فما كان منهم إلا أنّ جاءوا بستار خان وباقر خان إلى طهران وتخلّصوا منهما بشكل أو بآخر في حديقة أتابك.
لقد كان موقف أهالي آذربيجان وتبريز من المشروطة يتّسم بالصمود والقوة, والحضور الجماهيري العظيم, والتمسك بالدين والدعوة إلى الاستقلال, وهو موقف ظل ثابتاً فيما تلا ذلك من أحداث.
ففي قضية المرحوم الشيخ محمد خياباني وقف التبريزيون موقفاً داعماً ومسانداً, وكان الموضوع يتعلق باتفاقية وثوق الدولة, حيث أقدم أزلام الحكومة المتخاذلة في طهران على وضع كافة الشؤون المالية والعسكرية للبلاد تحت تصّرف الانجليز تنفيذاً لتلك الاتفاقية.
وهنا وقف المرحوم خياباني والآخرون وأهالي تبريز موقفاً حازماً من تلك القضية؛ وهو ما أدى إلى تلك الأحداث الجسام التي شهدتها تبريز, وهكذا كانت تبريز دائماً.
وأما نهضة التاسع والعشرين من شهر بهمن التي قام بها أهالي تبريز فإنها كانت من القضايا المصيرية, وإلا لَما قامت هذه الثورة الكبرى.
فلقد كان من الممكن أن يبقى شهداء مدينة قم في الواجهة لمدة قصيرة كبقية الشهداء, ثم ما تلبث أسماؤهم أن تزول من ذاكرة الجماهير شيئاً فشيئاً, ولكن التبريزيين والأذربيجانيين شاءوا ألا تذهب هذه الحادثة طيّ النسيان, فقاموا في التاسع والعشرين من بهمن لإحياء ذكرى أربعين شهداء قم.
وفي الحقيقة فإن إقامة مراسم عزاء أربعين الشهداء كان بمثابة إلهام لبقية أبناء الشعب الإيراني لتصعيد أحداث الثورة.
لقد كان هذا نوعاً من الخّلاقية المباركة, وكان مقدمةً ودافعاً لِما أعقبه من تحركات ثورية, حيث قام أهالي المناطق الإيرانية الأخرى بإحياء أربعينية شهداء تبريز, وهكذا توالت الأحداث التي أدت في النهاية إلى انتصار الثورة.
لقد قلت مراراً: إنّ مهندسي السياسات الأمريكية والانجليزية في إيران لم يعرفوا آذربيجان حق المعرفة, وجهلوا حقيقة أهالي تبريز, والسبب في ذلك هو ما تقدّم قبل قليل.
إنهم توهّموا أنّ بوسعهم تمزيق الشعب الإيراني, فجاءوا بكل غباء إلى أذربيجان, التي تمثل بيضة القبّان بالنسبة للشعب الإيراني بما تتمتع به كواحدة من أبرز المناطق أهمية وحيوية, ثم حاول أولئك الجهلاء شراء بعض العملاء بالمال والإغراءات المادية, فانطلت اللعبة عليهم, ولكن سرعان ما وقع مخططو السياسات الأجنبية في الخديعة, وفشلت مخططاتهم.
لقد وقف أهالي تبريز وآذربيجان بقوة وحزم ضد المخالفين لقيام الثورة, وكانوا هم السبّاقين في كل مرة للقضاء على المعارضين.
ولعلكم مازلتم تتذكرون جميعاً, ما عدا بعض الشباب اليافعين طبعاً, أنهم جنّدوا ذات مرّة في بداية الثورة عدداً من خارج تبريز تحت شعار النضال والمعارضة ودفعوا بهم إلى محاصرة الشهيد مدني.
إنّ أحداً لم يأتِ من الخارج للدفاع عن الثورة, بل إنّ أهالي تبريز كانوا هم الذين هرعوا إلى الشوارع عند علمهم بما حدث.
إنّ تبريز تتميز بالاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بالشهامة والدفاع عن الثورة, وكذلك آذربيجان.
إنّ الذي نفهمه هو أنّ الأعداء لا يعرفون أذربيجان ولا يعرفون إيران وشعبها.
إنّ مهندسي السياسات المضادة للثورة في العالم ـ سواء في أجهزة المخابرات الأمريكية أو الانجليزية ـ أولئك الذين يتصورون أنهم يرسمون مصير الشعب الإيراني ومستقبل الثورة, لا يعرفون شيئاً عن الشعب الإيراني ولا تلك الحقائق الخالدة في ذاكرة شعبنا.
لقد قال الجميع, ولاسيّما المراقبون والإحصائيون: أنّ حجم المشاركة في مسيرات الثاني العشرين من بهمن هذا العام فاق جميع السنوات السابقة في طهران والمحافظات الأخرى.
فلماذا كل هذا الحضور وهذه المشاركة الضخمة بعد سبعة وعشرين عاماً من انتصار الثورة؟ لقد نزلت الجماهير إلى الساحة؛ لأنها شعرت أنّ الأعداء ينظرون إلينا بعين التهديد.
إنّ هذه هي قوة الثورة, وإنّ هذه هي الثورة القوية التي تستطيع الدفاع عن نفسها, فحيثما اشتمّت رائحة التهديد والخطر, برزت حقيقة أصحابها, فانطلقوا سيراً إلى الميدان.
وعندما اندلعت الحرب المفروضة, كان أبناء الشعب مشغولين ببناء حياتهم ومستقبلهم ,وما أن أحسّوا بالخطر حتى غادر الشباب الجامعات والأسواق والمصانع, وجاءوا من القرى والأرياف والمدن وتركوا العيش الرغيد, ثم ما لبثوا أن فتحوا صدروهم لاستقبال الخطر الداهم؛ بغية الدفاع عن هويتهم ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) فبعضهم سقط شهيداً, والبعض الآخر معاق لكن الغالبية العظمى ما زالت باقية وتعمل في الساحة بنشاط, وتزداد يوماً بعد آخر.
إنني أقول مؤكداً بكل اطمئنان وثقة: إنّ شباب اليوم ـ أو شباب الجيل الثالث ـ لا يقلّون أبداً في استعدادهم وشجاعتهم وكرامتهم للدفاع عن هويتهم الدينية والثورية عن شباب الجيل الأول الذين خاضوا غمار الحرب المفروضة في مرحلة الدفاع المقدس, بل ولربما فاقوهم أيضاً.
إنّ هذه هي حقيقة تلك الثورة التي تفجّرت من إيمان الجماهير واعتقادها ومن الإرادة الحقيقية لأبناء الشعب.
وهذا هو واقع الحال مهما حاول تزييفه بعض العملاء الذين باعوا أنفسهم للأجانب بثمن بخس, حتى ولو تعددت مشاربهم واختلفت أشكالهم.
إنّ حقيقة الأمر هي: أنّ هذه الثورة هي ثورة الشعب, وإنّ الشعب يعتبرها ملكاً له, ويشعر بالغبطة إزاءها؛ لأنه يجد أنّ طريق الثورة هو طريق بلوغ السعادة والرفاهية ودرجات الكمال الإنساني ـ مادياً ومعنوياً ـ وهو طريق الإسلام وطريق التعاليم الإسلامية المُنقذة.
إنني أجد لزاماً عليَّ أن أتقدّم في هذه المناسبة بأسمى آيات الشكر إلى أبناء الشعب الإيراني على حضورهم الفاعل والعظيم في الثاني والعشرين من بهمن هذا العام.
إنّ مثل هذه الحماسة وهذا الحضور وهذه الكرامة والحميّة الإلهية من شأنها جمعياً أن تجعل قوة الجمهورية الإسلامية والنظام الإسلامي تتجلّى أمام عيون الأعداء وتضع حدّاً لتهديداتهم؛ وهو ما حدث بالفعل.
إنّ العدو يزداد جرأة وجسارة كلما شعر بضعف الشعوب, وإنهم يرتكبون خطأً فاحشاً أولئك الذين يتفوّهون بما يُغري العدو بالتجّرؤ والتجاسر.
فأحياناً يرددون أنّ البلاد تعاني من أزمة, وأحياناً يستغلّون ما لديهم من صحف ومطبوعات لتضخيم بعض نقاط الضعف إلى عشرة أضعاف ويتشدّقون بذلك في تصريحاتهم, فهؤلاء مخطئون.
إنّ الأعداء السلطويين الذين يريدون بسط نفوذهم على العالم ويجعلون من أنفسهم أسياداً للقرية العالمية يزدادون جرأة حيثما شعروا بضعف الآخرين.
لقد شبّهوا العالم بقرية أطلقوا عليها اسم القرية العالمية, وهذه القرية تتزعّمها أمريكا, وتريد لنفسها أن تكون قادرة على فعل كل ما تحلم به. وإذا ما نهض شعب أو تحّركت جماعة أو صرّحت شخصية سياسية خلافاً لرغبتهم فإنهم يأخذون بتوجيه أقسى أنواع الاتهامات.
وهذا هو ديدن الأعداء, فلا ينبغي أن نظهر أمامهم بمظهر الضعف, وحتى لو كانت هناك بعض نقاط الضعف فيجب التستّر عليها أمام الأعداء, فما بالنا إذا لم تكن هناك أزمات لدينا ولا حتى نقاط ضعف.
لماذا يكذبون؟ ولماذا يتصرّفون طِبقاً لأهواء العدو؟ إنّ بلادنا وبحمد الله تنطلق إلى الأمام, وتعمل على حلّ مشاكلها بفضل شعبها القوي المتألقّ الواعي وبهمّة مسؤوليها المخلصين النشطين ذوي الخبرة والكفاءة.
وهكذا هي حياة الشعوب, فأين الأزمة؟ وأين هي هذه الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد؟ وإذا كانوا مُصرّين على ذلك فعليهم بالدليل.
إنهم يشوّهون الحقائق بأقلامهم المسمومة؛ من أجل ذرائع مختلفة, فبعضهم ضد الحكومة, وبعضهم يرفض المفاهيم الثورية من حيث الأصل, والبعض الآخر معارض للثورة من حيث المبدأ, بينما يتطلّع البعض إلى السلطة, والبعض يعاني من سوء الفهم.
كلا, إنّ الحقيقة خلاف ما يدّعي هؤلاء, فواقع الأمر أنّ شعبنا يتميّز بالإنسجام والوعي واليقظة, وكلما شعر بالخطر والتهديد يزداد عظمة في مراسم الثاني والعشرين من بهمن.
وإذا ما ركّز الأعداء على أمر ما فإن الجماهير تزداد عزماً وإصراراً, وتصبح أشدّ حساسية إزاء هذا الأمر.
لقد حاول الأعداء صرف أنظار الشعب عن قضية التقنية النووية, فأخذ البعض في مساعدتهم على ذلك.
إنّ أصحاب العقول الضحلة والأفكار السطحية لهم قلوب تنبض أحياناً بهوى الأجانب القابعين خلف الحدود فيقولون: مالنا والطاقة النووية؟!
ولماذا كل هذه النفقات الطائلة والسعي الدؤوب مع كل ما يكتنف القضية من عقبات ومشاكل! ولكن الشعب لم يستسلم, فلقد كان واعياً ومتيقّظاً ومدركاً أنّ القضية النووية ليست قضية اليوم بالنسبة لبلادنا, بل إنها قضية الغد والمستقبل, وإنها مسألة مصيرية.
إنها من الحقوق المسلّمة بالنسبة للعديد من البلدان والشعوب, وإن كان البعض يتقاعس عن المطالبة بحقوقه.
فماذا ستكون النتيجة؟ سيصبح المالكون للطاقة النووية في المستقبل المنظور قادرين على التحكّم في مصير الطاقة في العالم.
إنهم الآن لا يملكون النفط والذي يعتبر هو والغاز مصدر الطاقة في العصر الحاضر, ولكن لو كانوا يمتلكون هذه الموارد النفطية التي تمتلكها بلادنا ودول منطقة الخليج الفارسي لباعوا لنا الزجاجة الواحدة بقيمة أغلى من قيمة البرميل الحالية مع ممارسة الضغوط الكثيرة, وهذا ما قلته مرّات عديدة.
إنّ النفط لن يبقى إلى الأبد, وبذلك فإنهم يريدون السيطرة على مصادر الطاقة عندما يأتي اليوم الذي تنضب فيه الموارد النفطية, إنهم يضعون العقبات على طريق الشعوب القادرة على إنتاج الطاقة؛ وهذا ما أدركه شعبنا فثبت على موقفه, ولحسن الحظ فإن المسؤولين الإيرانيين يتابعون هذه المسألة بوعي وفطنة ويتخذون القرارات الجادّة, وقد توصّلوا إلى نتائج جيدة للغاية, ولسوف يتوصّلون إلى ما هو أفضل إن شاء الله.
إننا نحمد الله على أنّ دماء شهداءنا في التاسع والعشرين من بهمن عام 1356هـ.ش وشهداءنا الأعزّاء في المواقف المختلفة والحرب المفروضة لم تذهب هَدْراً.
لقد ضحى الشعب بدماء أبنائه لكنه استعاد هويته الوطنية واستقلاله وعزّته.
لقد تحررت بلادنا من أيدي عملاء أمريكا وانجلترا, وتحدّت إدارة أولئك الغارقين في المادة وحب الدنيا والفساد واللهو والانحلال, وبذلك حصلت على استقلالها وتحوّلت إلى بلاد حرّة يشهد بها حتى الأعداء ويعترفون أنه لا سبيل إلى ممارسة الضغوط عليها.
لقد جاء القيادة والمسؤولون في هذا البلد من بين أفراد الشعب, وهم أوفياء مخلصون وتنبض قلوبهم بحب المواطنين, ويعتبرون أنفسهم خداماً للشعب في كل ما يعملون.
فهل يستهان بمثل هذا الإنجاز؟ لقد اكتشف الشباب قيمتهم الذاتية, فانطلقوا نحو ميادين العلم والاختراع وأخذوا في تسلّق مدارج الكمال نحو القمم السامقة, فهل يستهان بمثل هذا الإنجاز؟
إننا نمتلك اليوم طاقات بشرية على قدر كبير من الخبرة والكفاءة في شتى المجالات التي يهتم بها المسؤولون.
لقد حدث هذا على العديد من الأصعدة, وينبغي أن يمتدّ إلى الأصعدة الأخرى, وإنني بهذه المناسبة أوصي المسؤولين بضرورة العناية بمثل هذه الكفاءات والهمم المتوثّبة وتقديرها على أفضل وجه.
إنّ من يمتلك مثل هؤلاء الشباب المتحمّسين وتلك الإرادات القوية والهمم العالية الشجاعة بوسعه تحقيق الكثير من الإنجازات الضخمة.
إنّ على المسؤولين ألاّ يخشوا التقدّم إلى الأمام, وأن يتحلّوا بالشجاعة, وألاّ يهابوا تسلّق الذرى والقمم العالية, وألاّ يهابوا الأعداء.
إنني لا أوصي بالتهوّر وعدم الحذر, فالحذر ضروري في كل الأحوال, ولكن الحذر لا يعني الخوف.
إنّ من يخشى الأعداء ويهابهم سيعجز عن الحركة والانطلاق؛ لا تهابوا الأعداء, وواصلوا مسيرتكم مع توقّي والحيطة الحذر, وتفحّصوا ما تقومون به من أعمال ونشاطات, وكونوا على حذر من أن تفقدوا ويفقد هذا الشعب إرادة المضيّ قُدُماً إلى الأمام.
إنّ التوقّف لا يجوز أبداً, سواء أكان ذلك في الجامعات أو المجالات العلمية الأخرى أو في الحقول الصناعية والإنتاجية والتجارية والاقتصادية والدينية, إنه لا يجوز التوقّف في أي مجال من المجالات, بل لا بد من التقدّم إلى الأمام.
إننا نتحّرك اليوم بكل طاقة وقوة, وهكذا هي الجماهير, فلقد أدركنا أكثر من ذي قبل أنّ هذا الشعب يتميز بقدرة عالية على التقدّم والانطلاق, ولسوف يكون بمقدورنا إن شاء الله أن نجتاز ما أمامنا من طرق وعرة؛ وذلك بفضل هذه الحرية وهذه الإرادة والثقة بالنفس التي منحتها الثورة لأبناء هذا الشعب.
وفي الختام, أجدد لكم شكري أيها الأخوة والأخوات الأعزاء على تكبّدكم عناء المجيء, وأحمّلكم سلامي وتحياتي لجميع الأخوة والأخوات الأعزاء في تبريز وكافة مدن آذربيجان, وأسأل الله تعالى أن يمنّ عليكم بالمزيد من فضله ولطفه, وأن يُرضي عنكم جميعاً أرواح شهدائنا الأبرار وروح إمامنا العزيز, وقلب ولي العصر والزمان الإمام المهدي أرواحنا فداه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.