موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

خطاب القائد في تجمع سكّان مناطق «دشت آزادگان» و«سوسنگرد» و«بستان» و«حميدية»

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين لا سيّما بقية اللَّه في الأرضين
إنَّ وجودي في هذا المكان، بين مجموعة من قوافل النور، وثلّة من العشّاق المتلهّفين لذكرى الشهداء يبعث على فخري وإعتزازي.
السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات الأعزاء الساكنين في هذه المنطقة، وكذلك الأخوة والأخوات الأعزاء الذين قَدِموا من مختلف نقاط البلد؛ من أجل تخليد ذكرى الشهداء.
لو لا وجود هؤلاء الشهداء الأبرار، ولو لم يقف الشعب المؤمن في هذه المنطقة عائقاً دون تقدم الأعداء، لَما أصبح مستقبل الجمهورية الإسلامية العزيزة على ما هو عليه اليوم.
إنّ الشعب والبلد اليوم، وكذلك في المستقبل مرهون بتضحيات الشهداء الأبرار، الذين فَدَوا هذه المنطقة العظيمة، وحافظوا على البلد وعزة شعبه بأجسامهم وأرواحهم.
لقد شاهدت اُناساًـ نساءً ورجالاً من العرب ـ قَضَوا أعمارهم في هذه المنطقة، وصمدوا من خلال شجاعتهم وتفانيهم ووفائهم للإسلام ولإيران العزيزة؛ بصورة أفشلت حسابات العدو البعثي وأعوانه الأجانب.
ولقد شاهدت كيف كان الشباب الغيور على هذا البلد يتوافدون على هذه المنطقة، من جهات هذا البلد الرحب، وقد عزفوا عن العيش في كنف العائلة، والتمتع بالحياة المترفة الى جانب الوالدين؛ في سبيل المجيء الى هنا والدفاع عن حدود الشرف والعزة للجمهورية الإسلامية.
إنَّ خوزستان من المناطق التي فشلت فيها مؤامرات أعداء الإسلام، واُحبطت معادلاتهم، فقد كان لطاغوت العراق ـ صدام ـ وأعوانه ـ أي أمريكا وعملاء معسكر الإستكبار العالمي الأخرى ـ حسابات أخرى، إلا أنّ حميّة شباب الإسلام في مختلف أرجاء البلد، وغيرة وإيمان رجاله ونسائه أفشلت حساباتهم، حيث بذلوا أرواحهم في هذه المنطقة فداءً للأهداف الإسلامية السامية، وقد كان شهيدنا العزيز ـ الشهيد چمران ـ هو أحد الأمثلة البارزة لذلك.
فلتحيا ذكرى الشهداء، ولتحيا ذكرى قادة الشهداء والمجاهدين في سبيل الله، ولتحيا ذكرى شهداء خوزستان والشباب العربي المخلص ـ من أهالي الأهواز وسوسنگرد وشادگان والحميدية والحويزة وباقي مناطق هذه المحافظة وشهداء عبادان وخرمشهر ـ فهولاء هم الذين حافظوا على هذا البلد.
رسالة أولى أوجهها الى الإستكبار العالمي: فليعلم الإستكبار العالمي، أنّ الشعب الإيراني صلب وقوي، وإنَّ شباب وشيوخ هذا البلد الإسلامي الكبير، والأجيال المتعاقبة لهذا الشعب العظيم الذي عاش في خِضَم الأحداث وصقلته التجارب، يحملون رسالة تتمثل بالدفاع عن الإسلام ورايته الخفّاقة في هذا البلد، التي تَشْخَص إليها اليوم أبصار مليار ونصف مسلم في مناطق مختلفة من العالم، وهذا هو العمق الستراتيجي لشعبنا وثورتنا في بلدان المنطقة الإسلامية، فإنَّ العمق الستراتيجي للشعب الإيراني يمتد الى فلسطين وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية.
الرسالة الثانية: كلمة أوجهها لمسؤلينا الأعزاء، على مسؤولي البلد أن يعرفوا قدر هذا الشعب، فإنَّ هذا التلاحم بين الشعب والمسؤولين هو أمر قيّم، فعليكم بخدمة الشعب في جميع أنحاء البلاد بكل ما لديكم من طاقة، خاصة في منطقة مثل منطقة خوزستان التي تمتلك إمكانات هائلة، فهي من المناطق الغنية جداً من ناحية الموارد الطبيعية والقوى البشرية.
لنشكر الله على أنّ هذه الحكومة ـ التي تدير دفة الحكم اليوم ـ هي حكومة عاملة وخدومة، فما يريده الشعب هو وجود رجال تشمّر عن سواعدها، وتشد عزمها لخدمته.
عندما قدمت الى خوزستان في عام 1375 هـ .ش ـ 1996م ـ زرت جميع نقاط هذه المنطقة الواسعة، ورأيت أمكنةً كثيرةً عن قرب، وكذلك أرسلت هيئات الى مناطق كثيرة للمراقبة، ولو كان قد تم تنفيذ البرامج التي اُعدّت لخوزستان قبل تسع سنوات بصورة صحيحة لكنّا الآن في مرحلة متقدمة في هذا المجال.
إنَّ هناك متّسع من الوقت، وعلينا أن نبذل مساعياً جديةً برغبةٍ وتدبيرٍ من أجل خوزستنان وجميع محافظات البلد.


نص الكلمة التي ألقاها سماحة الإمام القائد الخامنئي المفدى (دام ظله العالي) على أهالي خوزستان باللغة العربية:

والآن أريد أن أحچى وإياكم أيها الإخوة والأخوات العرب! باللغة العربية الحبيبة.
مرّة أخرى يعاودني الشعور بالفخر والسعادة وتثور في نفسي ذكريات مهيّجة عزيزة وأنا أجد نفسي في هذه المنطقة وبين الأعزة من إخواني وأخواتي العرب الكرام.
هنا بالذات وبينكم انتم أيها المواطنون العرب شاهدت بأمّ عيني خلال سنوات الدفاع المقدس عظمة جهادكم وجسامة تضحياتكم هنا في هذه الأرض الطاهرة رأيت رجالاً ونساء مفعمين بالإيمان واليقظة والشجاعة قد بلغوا من القوّة في إحباط مكائد العدو المهاجم ودسائسه بقدر قوّتهم في التغلب على دبّاباته ومدافعه وأعوانه العبثيين السفلة.
هنا بالذات عشت مع قلوب طافحة بالولاء لآل بيت رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه وآله وسلّم) وبالوفاء للوطن الإسلامي قد صيّروا من شبابهم زبر الحديد ومن رجالهم حصوناً منيعة للدفاع عن ثغور الوطن.
لقد قضيت هنا أياماً وليالي مع مواطنين مخلصين ودودين ذوي حميّة دينية وشهامة حسينية ومفاخر عظيمة سطّروها في جهادهم ضد الإنگليز وعملائه المأجورين وعلى طريق الثورة الإسلامية واستقلال الوطن وكرامته. لقد استجدّت في نفسي هذه الذكريات في الأهواز قبل تسع سنين حين التقيت بإخوة أعزّة كرام قدموا من الحميدية وسوسنگرد وشادگان وهويزة وسائر مناطق خوزستان. وانعكست في ما ألقاه الشعراء والخطباء العرب من أبناء هذه المنطقة وبلغت أسماع جميع الشعوب العربية.
إن السرور ليغمرني أن ازور اليوم مرة أخرى جمعاً منكم أيها المواطنون العرب. وأن أرى أمامي وبعد مرورٍ على ما مضى، مستقبلاً زاهراً لهذه المنطقة الحساسة من وطننا الإسلامي.
أيها الإخوة والأخوات الأعزّة! مما لا شك فيه أنّ هذه المحافظة بإمكانياتها الهائلة وبهمّة أهاليها والمسؤولين فيها قادرة أن تتحول إلى نموذج لتطوّر البلاد. لو أنّ ما وضعناه من خطط لهذه المحافظة في زيارتي السابقة قد نفّذ بشكل كامل لكنّا اليوم اقرب بكثير من الوضع الذي نتوخّاه ونطلبه. ولكنّى أعلم وكلّى ثقة أنّ هذه الحكومة الجديدة - التي هي حكومة العمل والخدمة - قادرة بحول اللَّه وقوّته أن تقطع خطوات رحبة على هذا الطريق وأن تقرّبنا كثيراً ممّا نريده لأهلنا في خوزستان. واغتنم الفرصة لأطلب من كل أهالي هذه المحافظة - عرباً وغير عرب - أن يساعدوا الحكومة في إعمار خوزستان وإيصالها إلى الوضع المطلوب.
إن الشعب الإيراني - كما تعلمون - له أعداء؛ لا يريدون أن يحقق هذا البلد تقدماً يتناسب مع عظمته وهؤلاء يعمدون إلى ألوان المؤامرات ومن تلك، الإخلال بالأمن والاستقرار ليصدّوا عمليات الإعمار والازدهار ويدفعوا بالحكومة إلى الانشغال في المشاكل اليومية. إنّ مجاورة المحتلّين الانگليز في محافظتي البصرة والعمارة في العراق؛ الذين جاهروا بعدائهم وخبثهم خلال قرنين تجاه الشعب الإيراني يمهّد لتآمر المعتدين. لكنّ حكومة إيران وشعبها وخاصة غيارى خوزستان سيتغلّبون على هذا التآمر، على جميع هذه التآمرات، وسيردّون كيد الأعداء إلى نحورهم بإذن اللَّه تعالى.
نسأل اللَّه سبحانه وتعالى أن يبعد عن الشعب العراقي المظلوم، شرّ المحتلّين وأن يمنّ على الشعبين الإيراني والعراقي بالرفعة والعزّة والتقدم في ظلال راية الإسلام وحبّ رسول اللَّه وآل بيته الكرام (صلوات اللَّه عليهم أجمعين)، آمين يا ربّ العالمين.
والسّلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته