بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيما بقية الله في الأرضين.
أهلاً وسهلاً بكم، أيها الإخوة الأعزاء. أرى أنه من الضروري بمناسبة «أسبوع السلطة القضائية» أن أسلّم وأقول: بارك الله جهود العناصر الفعّالين والحريصين جميعاً الذين يخدمون في هذه السلطة المهمّة، سواء أنتم، أو الآلاف الذين لم يحضروا هنا، نقول لكم جميعاً: بارك الله جهودكم وسلامٌ عليكم. إن شاء الله، ستكون خدماتكم موردَ توجّهٍ من الله.
هناك حقّ عظيم لشهيدنا الجليل، الشهيد بهشتي، في رقبة البلد والشعب، وهو تأسيس القضاء الإسلامي. العمل! لم يكن عملاً سهلاً بل كان صعباً. فقد بدأ سماحته حركة جديدة للسلطة القضائية، وكان يتحرك رويداً رويداً وينجز الأعمال. في تلك الأوقات، كانت تصل شكاوى وأنا عرضتها عليه بنفسي. مثلاً: ماذا تفعلون؟ فشرح لي هذه الأعمال. لقد بدأ بالفعل أعمالاً عظيمة، وكثير من هذه الأعمال آتت ثمارها تدريجياً ووصلت إلى نتيجة.
كان سماحته عالماً متفكّراً ومنظّراً. وكان المرحوم السيد بهشتي حقاً شخصية بارزة وممتازة وثورية. لقد كان ثورياً حقاً، وكان مثابراً، ويؤمن بمبادئ الثورة من أعماقه. بالطبع، أحياناً ينقل بعض الناس أشياء عن بعض العظماء والشخصيات المعروفة، لكن الحقيقة كما أقول: كان المرحوم السيد الشهيد بهشتي ثابتاً على مبادئ الثورة الإسلامية ومبادئ الإمام [الخميني] (رض) بالمعنى الحقيقي للكلمة. وكان تقيّاً. كان السيد بهشتي رجلاً مؤمناً ومتشرّعاً.
حسناً، فقد عاشرته كثيراً. كان متشرعاً جداً، وتقياً جداً، وجادّاً للغاية في الحركة باتجاه الدين والقضايا الدينية. إضافة إلى هذا كان واحداً من الأركان في تدوين الدستور. أي، يجب أن يُعرف الحقّ لهذا الرجل العظيم ويُؤدّى، إن شاء الله.
ارتكب المنافقون جريمة كبيرة بحقّ الشعب الإيراني في مثل هذا اليوم، السابع من تير (28/6/1981)، بقتل هذه الشخصية البارزة والعظيمة والممتازة مع نحو سبعين شخصية أخرى من هذا البلد. هؤلاء القتلة، الذين اعترفوا بأنفسهم بهذه الجريمة وهذه الحركة الفجيعة وهذا المعنى، واعترافاتهم متوافرة. اليوم يعيش [هؤلاء] المنافقون بحرية ويتنقّلون في هذه البلدان نفسها التي تدّعي حقوق الإنسان، في فرنسا ودول أوروبية أخرى. كما لا تخجل الحكومات الأوروبية - الحكومة الفرنسية وغيرها - أنْ تدّعي حقوق الإنسان مع وجود هؤلاء ودعمها لهم ومنحهم المنابر حتى في مجالسها الوطنية، وهذا يعني أنّ الوقاحة لهؤلاء الغربيّين هي حقاً شيء فوق العادة وشيء عجيب.
حسناً، علينا أن نقول للسيد رئيسي: بارك الله جهودكم. طبعاً، السلطة القضائية في معرض تغيير وتبدّل. خلال هذين العامين وبضعة أشهر، حين كان سماحته مسؤولاً عن السلك القضائي، عمل جاهداً حقاً، وسعى، وأُنجزَت أعمال جيدة في هذه السلطة. كانت حركة السيد رئيسي في السلطة القضائية مصداقاً على ما نُكرّره دائماً [أي] «الحركة الجهادية». حركة جهادية، أي جادّة، وعلى مدار الساعة، وحثيثة ونشيطة. لقد كانت كذلك، والحمد لله، كان لها آثار طيّبة، وأهم أثر لهذه الحركة أنها أحيت أمل الناس في السلطة القضائية، وجعلتهم متفائلين بهذه السلطة. نحن نتلقى شكاوى الناس على أجهزة مختلفة... هناك فرق كبير في آراء الناس بين [الدورة] قبل هذين العامين ونيّف، وبعد هذين العامين ونيّف. لقد أحيا [السيد رئيسي] الأمل والثقة في السلطة [القضائية]. هذا ذخرٌ اجتماعي. إنّ هذه الثقة لدى الناس بالأجهزة الفعّالة في الجمهورية الإسلامية ذخرٌ اجتماعي كبير لا يعادله شيء، وقد حققت السلطة القضائية هذا الإنجاز، بحمد الله.
حسناً، بما أن السلطة القضائية تمرّ الآن بتغيير جديد، يجب أن أذْكر بعض النقاط حتى يجريَ الالتفات إليها، إن شاء الله، في مستقبل السلطة القضائية. هذه الأشياء نفسها قالها جنابه للتّو وقد دوّنتها هنا أيضاً.
في الدرجة الأولى هناك قضية النهج التحوّلي في السلطة. طبعاً، إن التحوّل بالمعنى الصحيح للكلمة لا يحدث في عام أو اثنين وما إلى ذلك، ولكن البداية لهذه الحركة في السلطة القضائية واعتماد هذا التوجّه وهذا النهج في غاية الأهمية. إنّه يجب أن يستمر، وألّا يتوقف، بل أن يشتّد. طبيعة القضية أيضاً أنه إذا بدأت حركة ما وأردنا أن تصل هذه الحركة إلى نتيجة، لا يجب فقط ألّا تُنكّسَ أثناء الطريق، بل أن يُضاف عليها وأن تُقوّى باستمرار حتى تصل إلى نهاية الطريق والمنزل النهائي.
على أي حال، لقد انطلق هذا العمل. حسناً، تم إعداد وثيقة في السلطة القضائية. وفي وقت لاحق، تمت مراجعة هذه الوثيقة ورأينا النسخة الثانية المحدّثة من تلك الوثيقة التي قدّمها جنابه. إنها وثيقة جيّدة ومُتقنة. يجري الإعداد لبعض الوثائق هنا وهناك، وهي شكليّات وعموميات. لا يوجد عموميات في هذه الوثيقة، وإنما هي قوية وجيدة. واضحٌ أنها من أجل الأعمال المختلفة الطويلة الأمد، التي تستغرق وقتاً. وقد حدّدَتْ أساس الحركة ومسارها، ما يشير إلى أن هذه الوثيقة عملانية بالمعنى الحقيقي للكلمة وليست شعارات وشكليّات. هذه الوثيقة جيدة. اجعلوا هذه الوثيقة معياراً للعمل. بالطبع، قد يكون من الضروري تحديث هذه الوثيقة مع مرور الوقت، ولكن هذا لا يعني أن يصبح المسار عرضة للتغييرات المتواصلة. يجب أن يكون المسار مسار واضح مستقيم مستقر.
إحدى الملاحظات هي أنّ هذه الوثيقة ينبغي أن يطّلع عليها الجميع. لقد وصلني أن بعض الأشخاص المؤثّرين في السلطة القضائية لا يعرفون هذه الوثيقة على نحو صحيح. يجب أن تصل إلى اطّلاعهم حتى يتمكن الخبراء في السلطة من رؤيتها. فأولاً يشعرون بواجباتهم ويُدركونها كافةً وفقاً لـ«وثيقة التحول»، وثانياً إذا كان لديهم وجهة نظر، عليهم أن يعكسوها أمام المراتب الأعلى. وبذلك، لا يبقون دون اطّلاع.
الأمر الآخر بشأن هذه الوثيقة أنني سمعت أن هناك فجوة تشريعية، أي هناك حاجة إلى قوانين لتنفيذ هذه الوثيقة بالكامل. عليكم أن توفّروا هذه القوانين، وعليكم أنفسكم أن توفّروها وألّا تدَعوا ذلك مثلاً بانتظار مشروع قانون من «مجلس الشورى الإسلامي». لا! أعدّوا القانون، أعدّوا القانون المطلوب ولا تدَعوا هذه الفجوة قائمة. إضافة إلى ذلك ينبغي تشجيع هيكلية السلطة من أجل تنفيذ هذه الوثيقة. يمكنكم بطريقة ما أن تجدوا أنواع التشجيع وطُرُقه وأشكاله كافة. هذه نقطة، وهي مسألة التحوّل والتنفيذ الكامل والمتابعة الكاملة لـ«وثيقة التحوّل» في السلطة القضائية.
النقطة الثانية هي دخول السلطة القضائية في إحياء الحقوق العامة التي ظهرت أساساً في متابعة الإنتاج ومسألة الإنتاج والمصانع التي أُخرجت من الخط وأمثال ذلك. بالطبع، لقد تحقق ذلك في مجالات أخرى مثل رفع التصرّف عن الموارد الطبيعية والأراضي الحكومية وأمثالها. هذا العمل ضروري جداً وجيّد. وما يتحدث به بعضهم عن أن هذا ليس جزءاً من واجبات السلطة القضائية هو أمر مخالف تماماً للحق ومخالف للقانون. إنّ الدخول في إحياء الحقوق العامة من أهم المَهمّات للسلطة القضائية، وهو جزء من سلسلة العمل للنيابات العامة التي يجب أن تكون مراقبة ومهتمة، وعلى السلطة القضائية التطرّق إلى هذه القضية. هذا العمل مهم. بالطبع، لا يتعلّق الأمر بالقضايا الاقتصادية فقط، فقضايا الصحة والتعليم والبيئة وأمثالها قضايا عدّة يجب أن تؤخذ فيها الحقوق العامة بالاعتبار.
واحد من الحقوق العامة مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. طبعاً – للأسف - هذا الواجب لا يجري كما يجب في بلدنا، ولكن يوجد أشخاص هنا وهناك آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر. هؤلاء يجب ألّا يُتركوا وحدهم، بل ينبغي دعمهم. طبعاً أنا أعلم أيضاً أن هناك من يُثيرون ضجّة عبثية باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولديهم غايات أخرى. حسناً، أيضاً على عاتق من تقع وظيفة التمييز بين الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الحقيقي وغير الحقيقي؟ مرة أخرى هي على عاتق السلطة القضائية. فعليكم متابعة ذلك الشخص الذي تُدركون حقاً أنه آمرٌ بالمعروف وناهٍ عن المنكر.
كما وصلني من التقارير، إنّ في متابعة الحقوق العامة فجوة قانونية أيضاً. لنفترض الآن، على سبيل المثال، ما حُكم الشخص الذي انتهك الحقوق العامة؟ ما عقوبته؟ هذا غير محدد بوضوح في القانون. لذلك، بالطبع، الأجهزة القضائية المختلفة في المدن المختلفة وأجزاء أخرى من البلاد تضطر أن تتصرّف على ذوقها. فيتصرّف كل واحد بطريقة مختلفة. هذا أيضاً يحتاج إلى قانون. وهي أيضاً نقطة [مهمة].
نقطة أخرى هي محاربة الفساد داخل السلطة، التي بدأت أيضاً داخلها، وهو أمر جيد جداً بل من أهم الأمور. إنها من أوْلى المَهمّات للسلطة القضائية. بالطبع، أودّ أن أقول إنه في بعض الأحيان يصير الجدل حول وجود الفساد في السلطة القضائية مفرطاً لدرجة أن القضاة الشرفاء والعفيفين والمؤمنين يتعرّضون للإهانة أيضاً. هذا [الفعل] لا يجوز أبداً.
الغالبية العظمى من القضاة في أنحاء البلاد كافةً هم أناس شرفاء ومجتهدون ومؤمنون وعفيفون ومتسامحون، ولديهم حياة صعبة وأعمال شاقة. احرصوا على ألا يُعامل هؤلاء بقسوة. لا ينبغي أن يُظلم العناصر المؤمنون، وهم بلا شك الأكثرية في السلطة القضائية. لكن في النهاية، العنصر الفاسد والسيئ، حتى لو كان قليلاً، فإنه يؤثّر. أي إنْ كان، على سبيل المثال، عضواً متوسطاً في مكتب المدعي العام أو في المحكمة الفلانية في المدينة الفلانية، فأينما عَمِلَ حركة غير صحيحة وحركة مخالِفة، فسيتطلع أحدٌ إلى الأمر ويقول لهذا ويقول لذاك ولذلك الآخر... وبالطبع، يصير شائعاً أنه يوجد فساد في السلطة القضائية! شخص واحد فاسد لكن انعكاسه سيئ على السلطة القضائية. لذا، يجب أن يواجه [جهازكم] هذا الأمر بشدة. لا ينبغي إهانة القضاة الشرفاء والمؤمنين أو أن يُظلموا، ولكن يجب التصرّف بالمعنى الحقيقي للكلمة مع أولئك الذين ينبغي التصرّف معهم.
حسناً، لدينا كثير من التقارير الشعبية. أي نُعطى كل يوم كرّاس أو اثنين من التقارير الشعبية وما شابه، وأنا غالباً أنظر فيها. هناك شكاوى نرسلها غالباً إلى السلطة القضائية. في بعض الأحيان، تكون الشكوى، على سبيل المثال، أنّ المتهم المالي الفلاني وما شابه لديه ارتباط أيضاً بالعنصر الفلاني داخل المحكمة الفلانية في المدينة الفلانية، أيْ شركاء. [يصل] تقرير مثل هذا. حسناً، قد يكون هذا صحيحاً، أو كاذباً، لكنه مهم. عندما يصل مثل هذا التقرير من واحدة من تلك الأماكن، أعتقد أنه عليكم تفعيل التفتيش فوراً وإرساله للدراسة والتحقيق لمعرفة ماهية القضية. إنّها من الأشياء التي لا ينبغي التعامل معها بتفاؤل إطلاقاً، فمثلاً: «لا، يا سيدي، نحن نعرف فلاناً، هذه العبارة [غير صحيحة]». كلا! أرسلوا بدقة. هذه واحدة من الحالات التي ينبغي اغتنام مثل هذه التقارير فيها.
أعتقد أنه في الدورة السابقة - لا أتذكّر الآن هل في عهد جناب السيد رئيسي أو قبله - عيّنوا عدداً من الأشخاص يذهبون دون الكشف عن هوياتهم ويتفقدّون المحاكم، أي يتفقدّون المحاكم في المدن ويرون أشياء من قرب. هذا جيد جداً. عبّئوا مثل هؤلاء وأرسلوهم ليذهبوا ويروا ما هذه القضية، وكم هذا الادعاء مطابق للواقع أم لا. في النهاية الرؤية بالعين مؤثرة للغاية. لا يمكن فهم أشياء كثيرة على الورق. للأسف، صرتُ أقلّ توفيقاً الآن في أن يكون لديّ تواصل كثير مع الناس، لكن لسنوات مديدة كان لديّ دائماً الكثير من التواصل مع الناس. كنت أرى أشياء كثيرة يُدركها المرء ويفهمها في اللقاءات ومن حضور الناس وفي الاجتماعات ونحو ذلك ولا يمكن فهمها على الورق والكتابة والتقارير ونحوها.
النقطة التالية تتعلّق بهذا الحضور الشعبي. كما ذكرت للتو، كان من نقاط القوة في عمل السيد رئيسي في السلطة القضائية هذه الحركة بين الناس. لا تتركوا ذلك! لا يجوز للمسؤولين المحترمين في القوة ترك هذا من بعده. إنّه عمل جيّد ومهم جدّاً، وكما قلت: له بركات كثيرة... الحضور بين الناس والتواصل مع المجموعات الفعّالة في المجتمع: الناشطين الأكاديميين والحوزويين والاقتصاديين والناشطين في مجال حقوق المرأة إذْ إنّ بعضهم ينشطون في هذا المجال أو مسألة القوميّات. التواصل مع هؤلاء مهم للغاية. ومن المهم جدّاً أن يكون لمسؤولي السلطة [القضائيّة]، وبخاصة رئيسها، علاقة مع المجموعات التي تعمل في هذه المجالات.
هناك أشياء كثيرة في مجال الإنتاج لا يمكن للمرء أن يفهم حقيقة أمرها حتى يتواصل ويسمع من هؤلاء الناشطين في قضايا الإنتاج، أي مسؤولي العمل والعمّال. التواصل مع هذه المجموعات الناشطة هو أيضاً جزء من الحضور الشعبي والتواصل العام الذي يجب أن نلتفت إليه. الفائدة، أولاً، أنه يمكنكم الاستماع لهم، وثانياً، أن تبيّنوا لهم. فغالباً ما يكون للأجهزة المختلفة سياسات بعضها يجري الاحتجاج عليه من الخارج دون سوء نيّة، [لكنهم] يحتجون لأنهم غير مطّلعين، أي لا يعرفون الجوهر لهذا القرار أو أسبابه. ولأنهم لا يعرفون، يحتجون. حسناً! اشرحوا لهم. هناك بعض الأشياء التي يجب تبيينها وقولها. إذن، كان هذا حديثنا حول السلطة القضائية. إن شاء الله، الآن، سيبدأ فصل جديد في السلطة [القضائية]، وإن شاء الله، سيستمر العمل والأسلوب اللذان كانا في عهد السيد رئيسي طوال هذين العامين والشهور القليلة، فقد كان جيداً جداً، وسيستمر بقوة وتتحقّق مزيد من الامتيازات، وتجري أعمال أكثر فعاليّة، إن شاء الله.
أود أيضا أن أقول جملة واحدة عن الانتخابات. لقد كانت هذه الانتخابات ملحمية حقّاً. هذه الانتخابات التي جرت كانت ملحمة بالمعنى الحقيقي للكلمة والناس هم الذين خلقوا الملحمة. حسناً، الجهود تُبذل: يكتبون النصوص والرسائل، ويتحدّثون في الفضاء المجازي وفي الأجهزة، لإنكار عظمة هذه الانتخابات. لا فائدة من ذلك؛ هذا الجهد عبث. لقد كانت [الانتخابات] عملاً عظيماً. المحلّلون الذين يراقبون هذه الانتخابات يفهمون ما حدث، ففي أي مكان من العالم يكون طبيعياً أن تُفعَّل كل الأجهزة الدعائية المعارضة والفعّالة والمؤثرة لترهيب الناس حتى لا يشاركوا في الانتخابات؟ لقد عملت الإذاعات الأمريكية والبريطانية وإذاعات بعض الدول الرجعية المخزية، وعناصرُ من أنفسهم وعناصر خائنون من الإيرانيين الذين يعيشون تحت الراية الأمريكية والبريطانية ويترزّقون منهم، وبدؤوا منذ مدة طويلة في الإذاعة والتلفزيون وعبر القنوات الفضائية وفي الفضاء المجازي خصوصاً، ولم تكن [شبكة] واحدة أو اثنتين بل المئات وحتى الآلاف من الشبكات، وكان ذلك العمل والمسير من أجل إبعاد الناس عن الانتخابات! حسناً، كان لديهم بعض الذرائع. المشكلة في معيشة الناس من هذه الذرائع وكانوا يضعون الأمل عليها. وهناك كذلك بعض الأحداث التي وقعت في وقت لاحق مثل إحراز الأهلية أو عدمها، فكانوا يستخدمونها أيضاً كذريعة.
حسناً، قد لا أتفق مع بعض وجهات النظر لـ«مجلس صيانة الدستور» الموقّر لكن هذا المجلس يعمل وفقاً لواجبه الديني ووفقاً للقانون. هؤلاء أناس متشرّعون وأتقياء، وهم ملزمون بالواجب الديني ويتصرّفون وفقاً له. الآن، قد لا أتفق مثلاً مع حالة أو اثنتين أو أكثر أو أقل، ولكن أعتقد أنهم [يتصرّفون على هذا النحو]. هذا ما استخدمه أولئك كذريعة. لقد كان ذلك إحدى الذرائع، وكانت قضايا المعيشة إحداها، وبدؤوا یشقّون ثيابهم لثني الناس عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وكانوا يأملون أن يكون الإقبال، على سبيل المثال، نحو 20% أو 25%. لقد قالوا هذا وصرّحوا به. حسناً، في مثل هذا الوضع، يأتي الناس ويشاركون على هذا النحو رغم وجود «كورونا» التي أجروا الحسابات بشأنها وقال الخبراء إن 10% من نسبة التغيّب تتعلق بها. إذا ما أخذنا هذا بالاعتبار، ستكون المشاركة قريبة من 60%، وهي نسبة جيدة. ومع ذلك، يأتي الناس إلى الميدان ويصطفون في الصباح الباكر ويدلون بأصواتهم، ويبثون تصريحاتهم المُفعمة بالأمل على التلفزيون التي يشاهدها المرء. ما هذه؟ إنها ضربةٌ قوية وجّهها الناس على صدور الداعين لمقاطعة الانتخابات والمعارضين والمخالفين لها. لقد وقفَ الناس. إنها حقاً ملحمة، إنها حقاً حركة شعبية عظيمة. أولئك الذين بذلوا الجهد لإبعاد الناس عن صناديق الاقتراع خلال هذه المدة هم الخاسرون في هذه الانتخابات. يجب ألّا يبحث الناس عن فائزين وخاسرين في الانتخابات. الفائزون هم كلّ من ساهموا بحماسة فيها. المرشّحون هم من بين الفائزين. كما فاز أيضاً أولئك الذين لم يحصدوا الأصوات لأنهم ساعدوا في توجّه الناس نحو صناديق الاقتراع. الرابح الرئيسي هو الشعب الإيراني، والخاسرون الرئيسيون هم من حاولوا طوال هذه المدّة ألّا يشارك الشعب في الانتخابات لكنهم وُوجهوا برفض الشعب لهم، وقد بدد الشعب آمالهم ومطامعهم في نتيجة الانتخابات. هذا الحضور الشعبي قيّم للغاية. ولذلك هناك شيء واحد مؤكّد هو ملحمة الحضور الشعبي التي لا ينبغي التغاضي عنها.
هناك من يستند إلى الأصوات الملغاة للقول: «سيدي، هناك [كثير] من الأصوات الملغاة». حسناً، ماذا يعني هذا؟ ما سبب الأصوات الملغاة، وهل هي دليل على انفصال هؤلاء عن النظام؟ لا، إطلاقاً! القضيّة على عكس ذلك. الشخص الذي يأتي إلى مركز الاقتراع ويريد التصويت - غير مقاطع لصندوق الاقتراع ويريد التصويت - ينظر ويرى أن الشخص الذي يقبله ليس في قائمة المرشحين هذه. حسناً، ماذا يفعل؟ يمكنه أن يغضب ويقول: «الآن، بما أن الشخص الذي أريده ليس في قائمة المرشحين، لن أصوت»، ثم يغادر. إذا لم يغضب ولم يذهب للتصويت وكتب اسم الشخص نفسه – هذا يصير صوتاً ملغى - أو أدلى بورقة بيضاء، من الواضح أنه مهتم بصندوق الاقتراع، وواضحٌ أنه لم يُقاطع الصندوق وهو مؤيّد للنظام. يدلي بعض الأشخاص عبثاً ببيانات وتفسيرات غير صائبة حول هذا الأمر. على كل حال، بحمد لله، جرت الانتخابات ونتمنى أن تكون مباركة، إن شاء الله. حسناً، جرت خلال الانتخابات بعض الأشياء التي على المرء الاحتفاظ بها كتجربة ودرس للشعب الإيراني لاستخدام هذه الدروس لاحقاً.
حسناً، تمت ملاحظة مجموعة متنوعة من الأذواق في المناظرات، لكن كل هؤلاء المرشحين المحترمين اتفقوا على أن مشكلات البلاد الاقتصادية لها حل، على العكس تماماً مما يسعى العدو إلى إعلانه وهو أنّه لا يوجد حل. اتفق جميعهم على أن هناك حلولاً ولكن هذا [الشخص] قال إن الحل الذي أقدّمه صحيح، [والآخر] قال إن الذي أقدّمه صحيح، لكنهم نفوا وجود طريق مسدود. هذا مهم جدّاً.
بالطبع، خلال هذه المناظرات، هناك من تحدّثوا مدافعين عن مبادئ الثورة، وقد تحدّثوا بمنتهى الأدب مُراعين الأمور الشرعيّة. وهناك من أساؤوا أيضاً، وهو ما يبعث على الأسف، فلا ينبغي أن تكون هناك مثل هذه الإساءات. يجب ألّا نتعلّم طُرُق عملنا في السياسة والانتخابات وما إلى ذلك من أمريكا. [لا ينبغي] أن نتعلّم من ترامب وبايدن اللذين أهان بعضهما بعضاً في المناظرات وأساءا إلى بعضهما بعضاً. هذه ليست نماذج جيدة، فلا ينبغي النظر إليها. لا بدّ من التعامل بلطف وأدب مع مراعاة الجوانب الأخلاقية والدينية. فليدلِ [المرشحون] بكلامهم لكن دون إهانة أو تهمة، وليتعاملوا بأخلاق حسنة. هذا هو الأسلوب [الصحيح].
كانت انتخابات أعداء إيران، مثل أمريكا، انتخابات مُشينة في نظر العالم كلّه. لقد كانوا فظيعين حقاً. الآن هؤلاء المفضوحون أنفسهم يُشْكِلون على انتخاباتنا! ثمّة أمريكي يعلّق على الانتخابات الإيرانية رغم الفضيحة لديهم، والآن بعد بضعة أشهر ينطقون ويتحدّثون مع أنهم جرّاء ذلك الوضع لا ينبغي لهم قول كلمة واحدة عن الانتخابات إطلاقاً... بسبب تلك الفضيحة التي أحدثوها.
حسناً، هناك نقطة يجب أن نشكر الله عليها هي أنه - بحمد لله - بعد الانتخابات وفوز المرشّح الذي يرغب فيه الناس بعدد أصوات مناسب ونسبة عالية، كان موقف مسؤولي البلاد جيّداً. هذه علامة على الطمأنينة والسكينة الروحيّة اللازمة للبلاد. إنه لَأمر جيّد للغاية أن يأتي مسؤولو الصفّ الأول في البلاد ويلتقوا بالرئيس المنتخب ويجتمعوا به ويتحدّثوا إليه. هذا جيّد جدّاً. أن يهنّئ المرشّحون الذين لم ينجحوا المرشحَ الفائز، ويعبّروا عن اهتمامهم ومحبّتهم، فهو من النعم الإلهية أيضاً. نسأل الله – تعالى - أن يزيد هذه التوجّهات في بلدنا يوماً بعد يوم. قارنوا هذا بسلوك الأمريكيين بعدما فاز أحدهم: كيف تصّرف وكيف تصرّف الآخر معه بأقواله وتصريحاته وما إلى ذلك، وأنتم تذكرون كيف كان وضعهم قبل بضعة أشهر!
نسأل الله – تعالى - أن يبارك نتائجَ الانتخابات، وأن يكون تصدّي السيد رئيسي لهذه المسؤولية حدثاً مباركاً له وللشعب الإيراني والبلاد، إن شاء الله، وأن يبارك الله – تعالى – بهذا التحرّك للناس، وأن يُعينَه الله – تعالى - حتّى يتمكن والمسؤولون الآخرون، بمساعدة الناس، من أداء عملهم على نحوٍ جيّد، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.