2015/09/27
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.بعد عطلة طويلة، نستأنف بحثنا اليوم؛ لكن قلوبنا ملأى بالحزن والغم إثر هذه الحادثة المريرة التي وقعت في منى، وبدّلت العيد عزاءً بكل ما للكلمة من معنى. ففي موسم الحج من كل عام، وفي مثل هذه الأيام بعد انقضاء أعمال الحج ومناسكه، تجتاح البلد موجة من الفرح والابتهاج، حيث الحجاج يعودون، والعوائل يستولي عليها السرور، ويفرح الآباء والأبناء والأزواج بعودة الحجاج وتوفيقهم لأداء مناسك الحج، وهذه ظاهرة تتكرر في كل عام، حيث يسود هذه الفترة السرور والابتهاج، وقد تبدلت هذه الفترة المقرونة بالبهجة إلى فترة حزن واكتئاب. فقد بلغ عدد القتلى والضحايا في كثير من محافظات البلد نسبة عالية، ولابد من إعادة الجنائز. فالقلوب في هذه الأيام حرّى، والحزن لا يفارق الإنسان لحظة واحدة، وقد أثقل الغم في هذه الأيام قلوبنا وقلوب الآخرين.
وإن الذي يُستحصَل من هذه القضية هو أن مسؤولية هذه الحادثة الجسيمة وهذا المصاب الجلل تقع على كاهل الحكام السعوديين، ويجب عليهم أن يتقبلوا مسؤوليتهم تجاه هذه القضية. وأما أن يتنصّلوا منها ويلقوا اللوم على الآخرين ويتّهموا هذا وذاك ويمجّدوا بأنفسهم، فهي أعمالٌ لا تُجدي نفعاً، وليست سوى ممارسات عقيمة.
وبالتالي فإن العالم الإسلامي يراوده سؤال. حيث قُتل في حادثةٍ ما يربو على ألف شخص من مختلف البلدان الإسلامية، أفهل هذا مزاح؟ وإن الله يعلم كم مئةٍ بلغ عدد القتلى في بلدنا؟ وحتى الآن لم يُكتَشَف مكان المفقودين، وقد يكون عدد كبير من هؤلاء راح ضحية هذا الحادث. فهل بالشيء الصغير مقتل مئات الأشخاص إثر حادثة في الحج؟ وهل هو مزحة؟
على العالم الإسلامي أن يفكر في حلٍّ لهذه القضية. وفي الدرجة الأولى يجب على السعوديين أن يتحملوا مسؤوليتهم وأن يلتزموا بلوازم هذه المسؤولية. وأما أن يُطلقوا عِوَضاً عن الاعتذار من الأمة الإسلامية والعوائل، تصريحات متكررة، ويتهموا هذا وذاك، فهي أمورٌ لا تُؤتي نتائجها، وإن الشعوب يتابعون هذه القضية متابعة جادة، وهي قضية لا تغيب عن الأذهان أبداً.
نسأل الله أن يقدّر ما فيه الخير والصلاح.