موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال لقائه رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة في ختام في ختام أعمال دورتهم الثامنة عشرة.

2015/09/03

بسم الله الرحمن الرحیم
 الحمد لله ربّ العالمین والصلاة والسلام علی سیّدنا محمد وآله الطاهرین، سیما بقیّة الله في الأرضین. قال الله الحکیم في کتابه "هُوَ الَّذي أَنزَلَ السَّکینَةَ في قُلوبِ الـمُؤمِنینَ لِیَزدادوا إِیمانًا مَعَ إِیمانِهِم وَللهِ‌ جُنودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ وَکانَ اللهُ عَلیمًا حَکیمًا".
أرحّب بالإخوة الأعزاء والسادة الكرام، وأشكركم على حضوركم و نشركم الأنوار و عبق العطور في أرجاء محل عملنا. إن لهذا المجلس وأعضائه من الأهمية ما يستشعر الإنسان حقاً بأن حضوركم في أي مكان سيكون مبعث خير وبركة إن شاء الله. 
يمكن لمجلس الخبراء أن يكون تجسيداً تاماً وكاملاً لنزول السكينة الإلهية، لأن هذا النزول هو من علامات الإيمان " هُوَ الَّذي أَنزَلَ السَّکینَةَ في قُلوبِ الـمُؤمِنینَ لِیَزدادوا إِیمانًا مَعَ إِیمانِهِم"؛ ذلك أن هذه السكينة الإلهية سبب في ازدياد الإيمان ومدعاة لإرساء دعائمه. والسكينة تعني الهدوء والاستقرار حيال احتدام الأمواج. فإن الأحداث المختلفة، والأخبار المتنوعة، والعداوات، والأوضاع المتعددة، تُهيّج الأمواج في روح الإنسان بصورة طبيعية. بيد أن هذا الهدوء والاطمئنان يبعث في كثير من الأحيان على الاستقرار في الفكر والذهن والاستقامة في الطريق. وإن الله هو الذي يمنح المؤمنين هذه السكينة والطمأنينة ببركة إيمانهم ويطمئنهم قائلاً: "وَللهِ‌ جُنودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ". فمِمَّ خوف الإنسان ووجله؟ إن جميع قوى الأرض والسماء وكل سنن الطبيعة إنما هي جنود لله وفي قبضة يده، ولو كنا مؤمنين وكنا عباداً لله، فإن هذه القوى ستكون مسخّرة لخدمة المؤمنين. وهذا هو الاطمئنان الذي يكتسبه الإنسان. ويقول كذلك بعد آية أو آيتين: "وَللهِ‌ جُنودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ وَکانَ اللهُ عَزیزًا حَکیمًا"، وهذه العزة والقدرة الإلهية، هي من مؤشرات أن "للهِ‌ جُنودُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ".
إذن فالمؤمنون في مثل هذا العالم ومثل هذه الأجواء يسيرون ويعيشون ويتنفسون. ومجلس الخبراء يعد من المواقع التي بإمكانها أن تكون مصدراً ومبعثاً لهذا الاستقرار.
ثمة انتخابين هامين يَجريان في هذا المجلس: الأول انتخاب بواسطة الشعب حيث يتصدون لتحديد وانتخاب من يثقوا بهم، والمهمة الأساسية التي تقع على عاتق هؤلاء الثقاة هي الانتخاب الذي سيبادرون إليه فيما بعد، والانتخاب الثاني هو انتخاب القائد. ومن هنا فمجلس الخبراء يتضمن انتخابين، وهذا يعني أنه مظهر لتواجد الشعب والحضور الجماهيري ومشاركة أصوات الشعب بمختلف توجهاتهم ونزعاتهم. وهي الجهة الوحيدة التي تنطوي بهذه الطريقة على انتخابين، وهذا ما ينبئ عن العزائم والنوايا المستقلة.
والانتخاب الثاني هو انتخاب القائد، والفارق هنا بين هذا الانتخاب وبين سائر الانتخابات الجماعية هي أن الملاك والمعيار فيه هو الفقه الذي يُراد به المبادئ الإسلامية. ومن هذا المنطلق فإن انتخابهم هو انتخاب لسيادة القيم الإسلامية، وتطبيق الأحكام الإسلامية، وتحقق الإسلام في واقع الحياة. إذ لم تنزل الأديان الإلهية لتبقى في الأذهان فحسب، وإنما يجب تحققها على أرض الواقع. وهذا ما يتطلب بعض الآليات والوسائل، وتتمثل الآلية والوسيلة هنا في مجلس الخبراء الذي يضمن عبر هذا الطريق سيادة المبادئ الإلهية وتطبيق الأحكام الإلهية وحاكمية دين الله وحاكمية الإسلام. ومن هنا فإن هذا المجلس يعدّ كذلك مظهراً لأصوات الشعب وللديمقراطية الدينية أو الديمقراطية الإسلامية، وفي الحقيقة فإن هذا المجلس يجسّد الديمقراطية الإسلامية بتمامها وكمالها، وهنا تكمن أهميته. وحين يتشكل هذا المجلس ويبدأ باستعراض استعداده واستقلاله الفكري ومعرفته، سيكون مبعثاً لإحلال السكينة والطمأنينة في قلوب المؤمنين، وفي الحقيقة فإن السكينة الإلهية تترشح منه إلى داخل المجتمع. ومن هنا تتعين مراعاة الدقة الكافية والاستقلال الفكري بشكل كامل في كلا الانتخابين؛ انتخاب الشعب للخبراء، وانتخاب الخبراء للقائد. ولديّ في باب الانتخابات كلام سأطرحه لاحقاً، ولا أريد هنا أن أخوض هذا الموضوع.
ينبغي على مجلس الخبراء أن يتحلى باستقلال فكري، وسأتناول الحديث عن مبنى هذا الاستقلال الفكري. والأساس هو أن لا يقع في فخ الأدبيات المفروضة لنظام الهيمنة. حيث تُنشَر طائفة من الرؤى والمفاهيم بشكل متواصل في جميع أقطار العالم عبر الإعلام المكثف لنظام الهيمنة، وإن من أهم الأمور هي أن لا نقع في أحابيلها. ولا تختص هذه التوصية بمجلس الخبراء وحسب، وإنما هي توصية لكافة المسؤولين في البلد ولجميع أركان النظام، بل وتوصية لكل المنظّرين في المجال السياسي والاجتماعي والديني بأن يتوخوا الحيطة والحذر، وأن يعلموا أنه: "وَإِن تُطِعْ أَکثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ یُضِلّوكَ عَن سَبیلِ الله". فلا معنى لذلك إذا ما ركّز الأعداء على موضوع معين واستندوا إليه وباتوا يكررونه على ألسنتهم، ويبيّنوه بلغات مختلفة عن طريق كمّ هائل من الإعلام المكثف، أن نكون مضطرين لأن نصطبغ بصبغتهم وأن نطرح نفس ذلك الموضوع ونكرره؛ كلا، فإن لنا مبانينا ورؤانا.
يحاول الاستكبار أن يفرض أدبياته المطلوبة لديه على جميع أهل العالم بما فيهم الشعوب، والمسؤولين والمؤثرين في البلدان بالخصوص، وهم الحكومات ونواب المجالس والمتخذون للقرار والصانعون للقرار، وعلى حدّ تعبيرهم غرف العمليات، حيث يبتغون فرض أدبياتهم على هؤلاء كافة وزجّها في أذهانهم. ويرغبون في أن ينظر الجميع إلى العالم من منظارهم، وأن يحددوا ويدركوا المفاهيم التي يركّزون عليها من خلال توجّههم ونظرتهم. وهذا التوجه هو التوجه السلطوي، حيث يعمدون من خلال هذا التوجه والمنحى السلطوي إلى افتعال بعض المفاهيم أو التلاعب فيها وتفسيرها، ويحبّذون في أن يقوم الجميع على أساس تفسيرهم بإدراك هذه المفاهيم واستخدامها واستعمالها في أدبياتهم.
فالإرهاب على سبيل المثال مفهوم بات يستخدمه الاستكبار في معنىً خاص، وكذلك حقوق الإنسان والديمقراطية. فأن تُقصف اليمن وتُهدَم البيوت والمدارس والمستشفيات وأمثالها لمدة ستة أشهر لا يعدّ إرهاباً، وأن يُشنّ الهجوم على مناطق الفلسطينيين بشكل متواصل في غزة وغيرها ويُقتل مئات بل آلاف الأطفال والنساء والرجال الأبرياء والناس العزّل لا يعتبر إرهاباً، وأن يطالب الشعب البحريني بأن يكون لكل واحد من أبنائه صوت في داخل بلدهم، لا صلة له بحقوق الإنسان، ولا يعد مطالبة لحقوق الإنسان، وأما دفاع فصائل المقاومة في فلسطين ولبنان فهو إرهاب، فإن الفصائل التي تقاوم في لبنان أو فلسطين، وتحارب المحتل، وتدافع عن أرضها وبيتها، تعتبر إرهابية، ويسمى عملهم إرهاباً!
وإن ما يجري في بلدان العالم المستبدة - التي تدخل ضمن الحلقة المقربة من نظام الهيمنة ومن أمريكا في المنطقة - لا يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان، وأما معاقبة مجرم مثلاً قد اعترف بجرمه أو معاقبة عنصر مخلّ قد جرّ العشرات أو المئات أو الآلاف من الناس في بلد إلى الإدمان على المخدرات، يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان! هذه هي حقيقتهم، فإنهم يفسرون عدداً من المفاهيم، ويطالبون الآخرين بأن يفهموها وفق تفسيرهم، وأن يتحدثوا بأدبياتهم.
كما وأن اغتيال العلماء النوويين لا يعتبر إرهاباً - رغم اعتراف الصهاينة بارتكابه بالصراحة تقريباً وإقرار بعض البلدان الأوروبية تقريباً بمساندة هذا العمل - ولا يدخل أساساً في عداد الإرهاب ولا حاجة للتنديد به، وأما وقوع حادثة أصغر منها بكثير في لبنان مثلاً أو في أي مكان آخر، يتسبب في أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً من أجلها! هذه هي نظرتهم تجاه قضايا العالم، حيث يتلاعبون ببعض المفاهيم، ويفتعلون البعض الآخر، ويفسرون طائفة ثالثة من المفاهيم بطريقة تعسفية، ويتوقعون من العالم برمته بما فيه الجمهورية الإسلامية أن يفهموه على أساس فهمهم، وينظرون إليه من منظارهم، ويتحدثون طبق أدبياتهم؛ هذا ما يتوقعوه منا، وهو من المؤشرات والمظاهر الواضحة للهيمنة والاستكبار، والحال أن الثورة الإسلامية بذاتها تحمل منظومة فكرية.
فإن أهمية هذه الثورة والسبب من أنها أحدثت زلزالاً في العالم، لا يكمن في قيامها بإسقاط حكومة، وإنما يكمن في أنها قدّمت للعالم منظومة فكرية جديدة، وهذه المنظومة مازالت تواصل مسيرتها التقدمية في أطراف العالم وأكنافه. ورغم محاولاتهم في إخفائها وكتمانها، أخذت هذه المنظومة الفكرية تتناقل يداً بيد واستهوت الكثير من القلوب في العالم - سواء في العالم الإسلامي، أو في خارج دائرة العالم الإسلامي على مستوى أدنى - ومازالت القلوب ميالة إلى هذه المنظومة، ومازالت هذه المنظومة الفكرية محافظة على طراوتها ونضارتها.
وإن واحدة من الجوانب والمكونات الهامة لهذه المنظومة الفكرية التي تتمتع بجاذبية كبيرة هي عبارة عن رفض الظلم والاستكبار والاستبداد - ويشمل الأخير استبداد الحكام والحكومات في بلدانهم ضد شعوبهم وكذلك الاستبداد والدكتاتورية التي يمارسها نظام الهمينة على الصعيد العالمي - وهذا يشكل جانباً من هذه المنظومة الفكرية. كما أن عزة الشعوب، والعزة الوطنية، والعزة الإسلامية في البلدان الإسلامية، واستغناء الشعوب من الاتكاء على الآخرين والاعتماد على القوى، تشكل جوانب أخرى تدخل في عداد منظومة الفكر الإسلامي. وكذلك الاستقلال الشامل الذي يقع على جانب كبير من الأهمية، بما في ذلك الاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي، وأهمها هو الاستقلال الفكري الذي بإمكانه أن يؤول إلى تحقق سائر حالات الاستقلال، فإن هذه هي الأخرى تدخل في ضمن النظام الفكري الإسلامي والمنظومة الفكرية الإسلامية، وهذه السمات هي التي تتسم بالجاذبية، وهي التي تتمتع بالطراوة، وهي التي لا نفاد لها ولا نهاية.
وإن هذا الشعار المعروف "الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإسلامية" يعتبر تقريباً ضرباً من ضروب الحركة من الخاص إلى العام، بمعنى ذكر العام بعد الخاص؛ ذلك أننا نشرع بالاستقلال، ثم نردفه بالحرية. رغم أن الاستقلال جزء من الحرية، فإن الحرية عملة ذات وجهين، الوجه الأول هو الحرية الفردية، والوجه الآخر لها هو التحرر من هيمنة القوى العظمى، وكلاهما من أقسام الحرية، ولهذا فالاستقلال جزء من الحرية، والذين ينادون بالحرية ويرفضون الاستقلال - حيث يشهد المرء وللأسف البعض من أشباه المثقفين الذين يرفضون أحياناً الاستقلال ومصاديقه عبر سفسطة منطقية في ظاهرها ولكنها مضادة للمنطق في واقعها - إنما يعارضون الحرية في حقيقة أمرهم، لأن الاستقلال جزء لا يتجزأ من الحرية، واستقلال البلد والاستقلال على مستوى الشعب يدخل في ضمن مفهوم الحرية، وهذه كلها تنضوي تحت لواء الجمهورية الإسلامية. ثم إن الجمهورية الإسلامية لا تنطوي على الحرية والاستقلال فحسب، بل تشملهما معاً إلى جانب الكثير من المعارف الأخرى. وإذا ما بيّنا هذه الأمور لمستمعينا، نجد أنها جذابة تستميل القلوب إليها.
وحصيلة هذه الرؤى الفكرية هي وصول الشعب إلى الإيمان بالذات، وقد اتسم اليوم شعبنا بذلك، وأخذ هذا الإيمان بالذات يزداد في بلدنا يوماً بعد آخر والحمد لله. وعلى الرغم من أنهم باتوا على الدوام يخلقون العراقيل أمام هذا البلد، ويوجهون له الضربات، ويحولون دون تقدمه، أخذت ظاهرة الإيمان بالذات ولحسن الحظ تنمو في بلدنا يوماً بعد يوم، وأخذ هذا البلد يتمتع بالثقة بالذات، والتحرر الفكري، والتحرر العملي - الذي يعني الحرية الفردية القائمة لا على أساس منطق الحرية الفردية الغربية والأمريكية، فإنها مضادة للحرية، بل الحرية بمعناها الحقيقي - ونمط الحياة الإسلامية، والإبداع، وتظافر الجهود، والتكاتف الوطني. فإن هذه أمورٌ تتحقق بواسطة تلك الرؤى في ذهن المجتمع وفي عمله وفي صميم حياته، وتصب برمتها في مجرى المبادئ الإسلامية. وهي التي تسوق الشعب إلى التنامي والتكامل. فإن حمل الشعب نظرة فكرية مستقلة، وتوافرت فيه الثقة بالذات الوطنية، والإبداع، والتجدد، والكدّ والعمل، ووحدة الكلمة بين جميع القوى، والحركة المتواصلة، ستؤدي به هذه السمات إلى النموّ والتكامل. وقد ارتقى شعبنا ولحسن الحظ سلّم الرقي والكمال، رغم كثرة العقبات التي سأتناول الحديث عنها.
تصوّروا ذلك اليوم الذي تبلغ إيران في التطورات المادية مستوى البلدان المتقدمة المعاصرة، من حيث العلم والتقنية وإنتاج الثروة، وتصبح بلداً يتسم بالعلم المتقدم، والصناعة المتطورة، ويبلغ عدد سكانه 150 إلى 200 مليون نسمة، وتسوده الأجواء المعنوية، ويتجنّب الهيمنة، ويبتعد عن التعسف، ولا يسعى وراء إملاء كلمته على الآخرين، ويساعد المظلومين، ويقف أمام غطرسة عتاة العالم.. تصوّروا مثل هذا البلد كم سيكون عبئا ثقيلاً على الاستكبار العالمي! وكل الجهود التي تُبذَل اليوم في مواجهة الجمهورية الإسلامية، تعود إلى الحيلولة دون وصول هذا اليوم، ودون تحقق هذا المستقبل للجمهورية الإسلامية الذي ينبئ عن بلد متقدم يتمتع بكل مؤشرات التقدم المادي إلى جانب سيادة الأجواء المعنوية، والصفاء المعنوي، ونمط الحياة الإسلامية، والأخوّة، والوحدة الوطنية، وتظافر الجهود في البلد، بعيداً عن التجاوز والتعدي على الآخرين، وبغيتهم هي عدم وصول إيران الإسلامية إلى مثل هذا اليوم، وكل جهودهم ومساعيهم ومؤامراتهم تصبّ في هذا الاتجاه، والصراع قائم على هذا الأساس، وهو أنه لو ظهر بلدٌ إسلامي بهذه السمات، سيؤول إلى استئصال شأفة الاستكبار واقتلاع جذور الكفر. ولو استطاع بلدٌ أن يتقدم بهذه الطريقة، وأن يزّود نفسه بالمظاهر المادية على هذا النحو، وأن يكون في الوقت ذاته متكلاً على الله تعالى، ذاكراً شاكراً عابداً ساجداً له، مستسلماً خاضعاً لأحكامه، هل تعلمون كم ستكون له من جاذبية؟ وكم سيُحدِث في العالم من مغناطيسية؟ وكيف سيستهوي قلوب الشعوب إليه؟ ولكنهم لا يبتغون تحقيق هذا الهدف، ويعادوننا على هذا الأساس. فلو أنهم يقفون أمام تقدّمنا العلمي، ويجابهون تواجدنا السياسي في البلدان - وهذا ما باتوا يصرّحون به أن لإيران نفوذها في المنطقة وفي البلدان وفي أوساط الشعوب - ويفرضون هذه الضغوط الاقتصادية، فمردّه إلى أن لا تتحقق مثل هذه الأوضاع، ولا يبزغ مثل هذا اليوم.
والذي يقف في النقطة المقابلة نحن شعب إيران، ونحن الشباب، ونحن أهل الإبداع، ونحن علماء الدين، ونحن المثقفون الجامعيون.. نحن من يجب علينا أن نقطع في قبال هذه الحركة خطواتنا الأساسية بالاستناد إلى تلك المنظومة الفكرية. وعلى الجميع أن يبذلوا جهودهم، ويحثوا خطاهم، ويمارسوا أنشطتهم، ويدركوا مبتغى العدو، ويأخذوا حذرهم. فإن هذه هي الحساسية التي أروم أن تتولد في مسؤولي البلد كافة، وأن يكونوا على علم بمخططات الأعداء، ويقفوا على أهدافهم. ولا ينبغي الانخداع بابتسامة العدو، ومساعدته القصيرة الأمد أحياناً في أمر وقضية معينة، أو تقديمه المعونة في مكان ما، أو إطلاق كلمة على لسانه أحياناً - وهو أمرٌ مستبعد جداً - لصالح الجمهورية الإسلامية، ولا ينبغي الاغترار بهذه الأمور، ولنقف على ما يرمي إليه العدو.
علماً بأن العدو اليوم يتمثل في الاستكبار العالمي. والاستكبار العالمي ليس أمراً وهمياً، وإنما هو قضية حقيقية لها مصاديقها البيّنة، وأمريكا هي المصداق الأتم لها، ومن وراء الإدارة الأمريكية تقف الشركات والاتحادات والمنظمات وأصحاب رؤوس الأموال الناهبين للعالم الذين ينتمون في الأغلب إلى الصهاينة، والمنتشرون في كل مكان، ولا يختص ذلك بأمريكا، بل لهم نفوذ كبير في أوروبا وفي سائر الأقطار أيضاً، وهذا هو مفهوم الاستكبار. 
وسوف تتهشّم زجاجة عمر الاستكبار بمثل هذه الحركة الإسلامية التي بدأت بالثورة الإسلامية، وستواصل مسيرها بالجمهورية الإسلامية وباستمرارية حركتها على نهج الثورة، وهي تطوي طريقها على هذا النمط صوب المستقبل. فهناك أمورٌ تبثّ الأمل في قلب الإنسان حينما يراها. حيث تُعرض أحياناً لنا بعض المعارض من حالات التقدم التي حققتها مختلف القطاعات - والتي يمكن الإعلان عن طائفة منها وقد تم بالفعل الإعلان عنها، ولا يمكن الإعلان عن طائفة أخرى ولكننها نشاهدها عن كثب - فإن شبابنا يتحلون حقاً بأنامل صانعة للمعاجز.. هؤلاء شباب من ذوي الأعمار الصغيرة، ولكنهم بما يتمتعون به من اندفاع وإيمان وقوة وطاقة ومعنويات عالية، يقومون عبر التوكل على الله، وذكر الصلوات، وأداء الصلاة، والتوجه إلى الله، وتلاوة القرآن بمهام جسام، ويعمدون إلى إنجاز أعمال حسنة، وستشهد الجمهورية الإسلامية حالات التقدم هذه بمشيئة الله.
ذكرت بأن لنا بلداً يتمتع بكل هذه الإمكانيات والخيرات. وأشرت قبل أيام في جمع الإخوة الكرام من أعضاء الحكومة إلى أننا - بحسب التقارير التي بلغتني - نستثمر أربعة عشر بالمائة من مناجم البلاد - والحال أن المناجم الجوفية تمثل إحدى أهم مصادر الثروة في بلدنا - فنادى وزير الصناعة والمناجم المحترم من ذلك الجانب صحيح ما جاء في هذا التقرير. هذا هو بلدنا، فإننا لم نستثمر حتى الآن سوى أربعة عشر بالمئة من مصادرنا الجوفية، والبلد ينعم بموقع جغرافي، وبإمكانيات ثقافية متنوعة، وبعمق ونفوذ للثقافة الإسلامية ومعارف أهل البيت، وهذه أمورٌ ليست بالضئيلة، وإنما تشكل ثروة عظيمة جداً، وهي كلها بيدنا وتحت تصرفنا. ولذا نطالب مجلس الخبراء، والمسؤولين في البلد، والشخصيات المؤثرة والتي لها منابر في الأجواء العامة - سواء في الصحافة أو في مراكز النطق والبيان - وكل من هو قادر على التحدث وعلى أن يكون مؤثراً، أن يتصدى لإماطة اللثام على هذا المستقبل أكثر فأكثر، وأن يسوق القلوب إليه، ويبثّ الأمل فيها، ويُنزل الطمأنينة والسكينة على قلوب المؤمنين، لكي نمضي قدماً إلى الأمام، فإننا في طور التقدم والحمد لله.
ثمة قضية أو قضيتين من القضايا المعاصرة الجديرة بالتوجه والاهتمام أطرحها عليكم باقتضاب: الأولى هي قضية الاتفاق النووي، والثانية ما بعد الاتفاق النووي، وأعتقد أن الثانية أهم من الأولى. وفيما يخص الاتفاق النووي فقد طرحنا آراءنا وما كان ينبغي طرحه خلال الأيام المنصرمة سواء قبل التوصّل إلى هذا الاتفاق أو بعده. والقضية التي أصبحت مداراً للبحث في هذه الأيام هي قضية المجلس، ويجب على أهل الاختصاص دراسة أبعادها الحقوقية والقانونية ونحوها وتحديد مقتضياتها وإلزاماتها الحقوقية ليتم العمل وفق ذلك، ونحن لا نخوض هذا البحث. بيد أن الذي أقوله بالاستناد إلى النظرة العامة - وذكرته أيضاً للسيد رئيس الجمهورية - هو أني أعتقد بأنه ليس من المصلحة تجاهل المجلس في هذه القضية، فإنها بالتالي قضية تركّزت عليها أنظار البلد بالكامل لمدة سنتين، ووصلت حالياً إلى بعض النتائج، فلا بد من تصدي المجلس لها. ولكن كيف يتصدى المجلس لها؟ فإني لا أوجّه أي توصية لمجلس الشورى الإسلامي في خصوص طريقة التعامل معها.. أولاً بأي طريقة يتم اتخاذ القرار في ذلك؟ هل يتم على نحو المصادقة أو الرد، أم يتم على نحو آخر؟ وهل يرفضونها أم يصوّتون عليها؟ هذا ما لا توجد لدي أي توصية فيه. فإن الرأي الـمُتَّبَع، هو رأي ممثلي الشعب في المجلس، ولا نذكر لهم ما ينبغي أو لا ينبغي عليهم فعله. ولكن الذي نعتقده بالتالي هو أنّ الأفضل أن لا نَدَع المجلس جانباً، وأن ممثلي الشعب هم الذين يجب عليهم أن يتخذوا القرار في هذا الشأن.
وأما القضايا التي تلي الاتفاق النووي. فإن هناك مسائل [جديرة باهتمام] مسؤولي البلاد - علماً بأننا نطرحها وطرحناها على إخوتنا الأعزاء الأحباء في الحكومة، ولكن سنبيّنها للسادة أيضاً - أولاً رغم أننا بحسب الظاهر نواجه ستّ دول، ولكن الطرف النشيط في الواقع هو حكومة واحدة وهي الحكومة الأمريكية التي خاضت هذه الساحة بالكامل، وباتت تصبّ عرقها وتبذل جهودها ومساعيها. غير أن المسؤولين الأمريكيين يسيؤون كثيراً في تصريحاتهم، ولا بد من حسم أمر هذه التصريحات، فإننا نمثّل بالتالي طرفاً في هذه القضية ويمثل الأمريكان الطرف الآخر. ومع ذلك يصرّحون بالحفاظ على أطر العقوبات، فلماذا جلسنا خلال هذه المدة وتباحثنا إذن؟ تباحثنا من أجل تحطيم أطر العقوبات وإلغاء قرارات الحظر. فلو كان من المقرر الحفاظ على أطر العقوبات.. ولا أعلم ما هو المراد من «الحفاظ على أطر العقوبات»؟ وقد يتصدى البعض أيضاً لتفسيره بطريقة معينة، بيد أن الذي يُستوحى من هذا الكلام، يتعارض بالكامل مع السبب من مشاركتنا في المفاوضات، وإلا فلِمَ نتفاوض؟! نحن كنا نواصل مسيرتنا؛ فقد أنتجنا 19 ألف جهاز طرد مركزي، وكان بإمكاننا خلال مدة ليست بالطويلة أن نوصلها إلى خمسين أو ستين ألف جهاز دون أن تواجهنا في هذا الطريق أية عقبة، وكنا نقوم بعملية التخصيب بنسبة عشرين بالمئة، وكان بإمكاننا متابعة هذا المسير، وكذلك الحال في سائر القضايا، فقد كنا نمارس عملية البحث والتنمية، وكان بإمكاننا مواصلة هذا الطريق بنفس تلك الشاكلة والسرعة.
فلو جلسنا على طاولة المفاوضات، وتراجعنا في بعض المواطن، وقدّمنا بعض التنازلات، فالسبب الرئيس من ذلك هو إلغاء العقوبات، ولو تقرر عدم إلغاء العقوبات، لا يتم التوقيع على أي صفقة، ولا يبقى معنى للتفاوض، وهذا ما يجب على المسؤولين تحديد مصيره، ولا يقولوا إنهم يصرحون بهذه التصريحات إقناعاً لمنافسيهم في الداخل مثلاً، فإن الصراع القائم في أمريكا صراع حقيقي، ولا أعتقد أنه صوري وظاهري، فقد نشب بينهم الاختلاف حقاً، وسبب هذا الاختلاف أيضاً واضح لدينا، ولكن على أي حال تحتاج تصريحاتهم الرسمية إلى ردّ، وسوف تُثبَّت إن لم يتم الرد عليها. هذه نقطة.
والنقطة الثانية هي أنهم وفي ذلك الجانب من العقوبات التي كانوا يشيرون إلى إلغائها، يقولون بأنها سيتم تعليقها، بيد أن قضيتنا لم تكن على هذا النحو. ومن الواضح أن العقوبات الاقتصادية يجب إلغاؤها «على الفور» كما قلنا! علماً بأنهم فسروا عبارة «على الفور»، ولم نخالفهم، ولا إشكال في ذلك، فقد فسّر أعزاؤنا هنا هذه العبارة بطريقة واتخذوا لها ترتيباً خاصاً ونحن بدورنا لم نعارض ذلك. ولكن يتعيّن بالتالي إلغاء العقوبات، ولا معنى لإيقافها أو تعليقها. ولو قاموا بتعليق العقوبات، سنقوم نحن أيضاً بالتعليق، ولو تقرر ذلك فلماذا نقطع خطوات أساسية على أرض الواقع؟ إذن فالمراد هو إلغاء الحظر. وقد ذكروا بالطبع أن الإلغاء في بعض المواطن خارج عن إرادة الإدارة الأمريكية التي تواجهنا في المفاوضات، وقالوا فيها إننا سنقوم بإيقافها وسنستفيد من حقوقنا القانونية وما إلى ذلك، ولكن يجب بالكامل إلغاء تلك العقوبات التي بيد الحكومة الأمريكية أو التي بيد البلدان الغربية.
والنقطة الأخرى هي أنهم باتوا يتحدثون في تصريحاتهم بأقوال خارجة عن موضوع الاتفاق النووي ونحوه تماماً، وبعيدة عن هذه المسائل بالمرة. وأخذ السادة والسيدات في الهيئة الحاكمة لأمريكا يتكلمون كالمسؤولين البريطانيين في القرن التاسع عشر، وهذا يدل على أنهم متخلّفون حقاً عن العالم والتاريخ لمدة قرنين! ويتحدثون مثلاً كما كان يتحدث اللورد كورزون  [وزير الخارجية البريطاني ما بين سنتي ۱۹۱۹ و1924] آنذاك في الخليج الفارسي بشأن إيران أو المنطقة؛ هذا هو أسلوبهم في الكلام. بيد أن العالم قد تغير، وأن القوى فقدت اليوم ما كانت تتمتع به من قوة وقدرة وطاقة، ثم إن الذي يقف في مواجهتكم هو الجمهورية الإسلامية، وليس البلد المتخلّف الفلاني في القارة الكذائية حتى يمكنكم أن تتحدثوا معه بما يحلو لكم؛ كلا، بل هي الجمهورية الإسلامية بقدراتها التي تعرفون بعضها وتجهلون بعضها الآخر، وقد يتسنى لكم الوقوف عليها حين العمل، فلا يمكنكم تهديدها باستمرار والتكلم معها بهذا الأسلوب.
ومن جملة تصريحاتهم هي أننا نتوقع من المسؤولين في الجمهورية الإسلامية أو من حكومة الجمهورية الإسلامية أن يقطعوا خطوة مغايرة! ولكن ما معنى المغايرة؟ والمغايرة عن أي شيء؟ مغايرة عن ماضي الجمهورية الإسلامية؟ كلا، هذا أمرٌ لن يتحقق. فالمغايرة يعني العدول عن القيم الإسلامية والتخلي عن الأحكام الإسلامية؛ هذه هي المغايرة في وجهة نظرهم، وهذا ما لا يحدث. ولا تقوم الحكومة والمجلس والمسؤولون بمثل هذا العمل مطلقاً، ومن يتصدى لمثل ذلك سيواجه رفض الناس ورفض نظام الجمهورية الإسلامية، وهذا ما لا معنى له. ومرادهم من المغايرة هو انخراط إيران في إطار السياسات الأمريكية تجاه المنطقة، فإن لأمريكا في هذه المنطقة سياساتها ورؤاها، ومنها ضرورة إزالة فصائل المقاومة في هذه المنطقة والقضاء عليها بالكامل، ومنها هيمنتها التامة على العراق وسورية وسائر البلدان؛ هذه هي سياساتهم، ويبتغون ممارسة الأعمال التي تفضي إلى تحقيق هذه السياسات. ويتوقّعون من مسؤولينا ومن حكومتنا ومن ساستنا أن يعملوا في هذا الاتجاه، وهذا ما لا يتحقق أبداً.
ومن جملة تصريحاتهم المثيرة للحساسية بالنسبة لنا هي قولهم بأن الاتفاق النووي يوفر للأمريكان فرصة في داخل إيران وفي خارجها وفي المنطقة كذلك؛ هذا ما يصرح به الأمريكان. وأقول لأعزائنا في الحكومة وفي الأجهزة المختلفة بأن يقفوا في وجه أي انتهاز أمريكي للفرص في الداخل، وأن يبذلوا جهودهم لسلب هذه الفرص منها في الخارج أيضاً، لأنهم كلما اقتربوا من تحقيق هذه الفرص، سيشكل ذلك نقطة بداية لمذلة الشعوب وتخلف البلدان وتعاستها، ولذا يجب أن لا يسمحوا لهم على الإطلاق بأن يتحيّنوا الفرص في الداخل.
ولقد قلنا وأعلنّا بأننا لا نتفاوض مع الأمريكان في أي قضية سوى القضية النووية، وهذا ما ذكرناه للمسؤولين في السياسة الخارجية ولسائر المسؤولين أيضاً. والسبب يعود إلى أن توجّهاتهم تقف على الضدّ تماماً من توجهاتنا، وتصل نسبة الاختلاف فيما بيننا إلى 180 درجة. هذا جانب من القضية.
والجانب الآخر هو الجانب الاقتصادي، فإن القضايا السياسية تشكل جانباً من القضية، غير أن القضايا الاقتصادية لها أهميتها الخاصة. فلقد طالبنا إخواننا في الحكومة أن يضعوا برنامجاً شاملاً عملياً وتطبيقياً لتحقق سياسات الاقتصاد المقاوم، وهذا ما ذكرناه خلال لقائنا بأعضاء مجلس الوزراء، وقلناه للسيد رئيس الجمهورية المحترم أيضاً، ونتوقع منهم إنجازه إن شاء الله. فإن الاقتصاد المقاوم لا يمكن تفكيكه ولا يمكننا القول بأن نطبّق جانباً منه، وإنما هو رزمة واحدة ومجموعة كاملة ذات أجزاء يكمّل بعضها الآخر، ويحتاج إلى برنامج عملي واحد يشمل جميع جوانبه وأجزائه. علماً بأن إخواننا في الحكومة يحملون هذه الهمة والنية، وسيبذلون جهدهم إن شاء الله وينجزون هذا العمل. فإن تحقق ذلك لا تبقى لنا أهمية بأن يكون مقدار الأموال العائدة إلى إيران مئة مليار دولار أو خمس مليارات دولار، بمعنى أن أهميتها ترد في الدرجة الثانية. وبالطبع فإن الأموال التي نطالبها من العالم والتي هي بيد غيرنا وقد منعونا منها حتى الآن ظلماً، لا بد لنا من استثمارها، وهذا ما لا كلام فيه، إلا أن أهمية الاقتصاد المقاوم الذي لا يناط أساساً بهذه الأموال الأجنبية بهذه الشكل وهذه الشدة، تفوق ذلك.
وباعتقادنا لو تسنى لنا وفق برنامج عملي - لا كلامي - تحقيق الاقتصاد المقاوم وتطبيقه على أرض الواقع، ستتقدم أمورنا إلى الأمام بصورة مطلوبة، وسيهبّ الناس لمساعدتنا. وسبق أن أشرنا إلى ضرورة تشكيل لجنة ميدانية نشيطة في الحكومة لمتابعة الأمور، وتحديد مهمة كل جهاز، وإناطة كل جزء من أجزاء العمل إلى كل واحد من الأجهزة الاقتصادية وغير الخدمية، وتعيين سقف زمني لها، أي أنه في أي مدة وأي زمان يقوم ذلك الجهاز بإنجاز هذه المهمة، ومتابعتهم، ليتم بتوفيق الله إنجاز هذا العمل وتحقق هذه الحركة الوطنية العظمية والشاملة.
وأقول في نهاية حديثي: لتعلم قواتنا المؤمنة في جميع أرجاء البلد أن الحركة متجهة صوب الأهداف والمبادئ الإسلامية، وهذا ما لا شك فيه. وعلى الجميع أن يُعدّوا أنفسهم ويجهّزوها، وعلى القوات المؤمنة والعناصر الأصيلة والمعتقدة في كافة أنحاء البلاد - الذين يشكلون الغالبية الساحقة في البلد والحمد لله - أن يكونوا مستعدين للعمل. والاستعداد هذا لا يعني الاستعداد للحرب، وإنما يعني الاستعداد للعمل الاقتصادي والعمل الثقافي والعمل السياسي، والاستعداد للتواجد في الميادين والساحات المختلفة، فليعدوا أنفسهم لذلك. وعلينا جميعاً أن نكون على جهوزية واستعداد. ويجب علينا في مواجهة توجهات الأعداء الذين لا يعرفون ليلهم من نهارهم أن نعمل ليل نهار وأن نكون على أهبة الاستعداد.
وإن وعد الله حق وصدق، ولا سبيل لأن نسيء الظن بالوعد الإلهي. فقد أشرت هنا فيما سبق إلى أنه يجب أن نستعيذ بالله من سوء الظن بوعده، لأن الله سبحانه وتعالى يلعن من يفعل ذلك في قوله: "الظّآنّینَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوءِ عَلَیهِم دآئِرَةُ السَّوءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَیهِم وَلَعَنَهُم وَأَعَدَّ لَهُم جَهَنَّمَ وَسآءَت مَصیرًا"، فقد لعن الله الذين يظنون بالله ظن السوء. وحسن الظن بالله هو أن تؤمن بقوله: "إِن تَنصُرُوا اللهَ یَنصُرکُم"، هذا هو حسن الظن بالله، وأن تؤمن بقوله: "لَیَنصُرَنَّ اللهُ مَن یَنصُرُه". فإن كنا حقاً نهدف إلى نصرة دين الله - وهو المراد من نصرة الله - فلنعلم أن الله تعالى سوف ينصرنا دون أن يراودنا شك في ذلك. وإن رفع الإنسان خطاه بهذه الروح، عندذاك سوف تنزل تلك السكينة التي أشرت إليها على قلوبنا إن شاء الله.
إلهنا! بمحمد وآل محمد اجعل ما نقوله ونسمعه ونفعله لك وفي سبيلك، وتقبله بكرمك وجودك، واجعل القلب الطاهر لولي العصر راضياً عنا.
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته‌.