موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

خطاب قائد الثورة الإسلامية خلال لقائه حشداً كبيراً من المعلمين من شتى أنحاء البلاد بمناسبة يوم المعلم في إيران.



بسم‌ الله‌ الرّحمن‌ الرّحیم‌ (۱)
و صلّی الله علی محمّد و آله الطّاهرین‌

أرحب بكم أجمل ترحيب أعزائي! بأنفاسكم الطيبة عطّرتم هذا المكان، و هذه الحسينية. و حقاً أن أنفاس المعلم أنفاس طيبة و كل مكان يتواجد فيه المعلمون، فإن الإنسان يطمئن بأن الرحمة الإلهية و البركات الإلهية إنشاء الله ستحل في ذلك الفضاء و في ذلك المكان. آمل أن يمن الله عليكم بالتوفيق لكي تتمكنوا، أنتم المعلمون، و أيضاً أنتم مسؤولو التربية و التعليم من إنجاز هذا العمل الكبير، و هذه المسؤولية العظيمة بأحسن شكل.
شهر رجب؛ و في هذا النشيد الغني بالمعاني و الجميل أيضاً و الذي قرأتموه، فيه إشارة لشهر رجب، شهر التوسل و التضرع، شهر التوجّه و الدعاء. في هذا الشهر الشريف، حينما يدعوا المؤمنون، هكذا يطلبون من الباري تعالى:اَللهُمَّ فَاهدِني هُدَی المُهتَدینَ وَ ارزُقني اجتِهادَ المُجتَهِدینَ وَ لا تَجعَلني مِنَ الغافِلینَ المُبعَدین.(۲) و کم تحظى بأهمية جميع الفقرات الثلاث! و الفقرة الأخيرة هي للمغفرة و التي هي أساس كافة الأعمال: وَ اغفِر لي یَومَ الدّین.(۳) هدى المهتدين و إجتهاد المجتهدين و هذا هو الشئ الذي تطلبوه في هذا الدعاء من الباري تعالى. تفضلوا بالتأمل لو كان هذين العاملين موجودين فيَّ و فيكم، فسوف تُحل كافة المشاكل؛ و نحظى بهداية المهتدين الإلهية، و كذلك إجتهاد المجتهدين على مر تاريخ البشرية يتجلّى في سلوكنا، في أقوالنا و في طباعنا. في تلك الفقرة الثالثة، تمت الإشارة إلى الضرر: وَ لا تَجعَلني مِنَ الغافِلینَ المُبعَدین، الغفلة أكبر ضرر؛ الغفلة عن الطريق، الغفلة عن الهدف، الغفلة عن القدرات، الغفلة عن الفرص، الغفلة عن العدو، الغفلة عن الواجب الملقى اليوم على كتفي و أكتافكم؛ الغفلة. أكبر أعدائنا الغفلة. العدو الأول الذي يمرغ أنفنا بالتراب أمام باقي أعدائنا، هو الغفلة؛ وَ لا تَجعَلني مِنَ الغافِلینَ المُبعَدین. و نتيجة هذه الغفلة الإبتعاد؛ الإبتعاد عن الله، الإبتعاد عن الهدف، الإبتعاد عن النجاح. مضامين الدعاء المعرفة و التوحيد، و هي دروس الحياة؛ لنقرأ الأدعية بهذا التوجه و أن ننتهل من أجواء هذا الشهر. 
لقد تم تسمية أسبوع المعلم لإحياء الذكرى المباركة لشهيدنا العزيز و الجليل المرحوم آية الله مطهري. الشهيد مطهري كان يمتلك خصوصيات ممتازة كثيرة لكنه برأيي الميزة البارزة في شخصيته أنه كان مُعلماَ؛ كان معلماً؛ في الحوزة الدينية كان معلماً، في الجامعة كان معلماً، و في بيئة الحياة الإعتيادية كان معلماً أيضاً، و خطاباته أيضاً كانت تعليماً، و كانت درساً؛ لأنها كانت بإخلاص، لأنها كانت بإجتهاد؛ أي بجهد. أنا كنت قد رأيت عن قرب نماذج من الجهد العلمي لهذا الرجل الجليل. کانت له ملاحظات لكل موضوع؛ أينما كان يشاهد ملاحظة، كان على الفور يقوم بتدوينها و يضعها في مكان محدد. و كان قد أطلعني على ظروف كان يضع فيها ملاحظات حول مواضيع مختلفة. و كنت في ذلك الوقت أتعجّب لصبره، و حيويته، و لمتابعته و جهده! طبعاً، كانت النتيجة هي أنه بعد مضي خمسة و ثلاثين عاماً من إستشهاد هذا الرجل، و لكن كتبه و كلماته مازالت حيّة. و اليوم ذات الكتب، و نفس الكلمات، و نفس التعليمات مفيدة لجيل شبابنا الحالي، و مفيدة لمحققينا. بالطبع لا نريد ان نقول بأنها تكفي؛ لا، هناك كلام جديد، أفكار جديدة، شبهات جديدة و ينبغي أن يعمل أشخاص على شاكلة مطهري؛ لكن هذا الإسم سيبقى إسماً خالداً. حسناً، اليوم جملة الأمور التي أروم تناولها، بضع نقاط بخصوص التربية و التعليم. و أيضاً لدينا مواضيع أخرى، ربما نتطرق إليها أيضا لكن الموضوع الأساسي بالنسبة لنا اليوم هو موضوع التربية و التعليم؛ الموضوع الذي يحظى بأهمية بالنسبة لي. و السبب هو كون التربية و التعليم هي في الحقيقة ذلك المركز الأساسي لخلق عالم المستقبل. و على أية حال سيكون لنا غد، عشرون عاماً، أو بعد خمسة و عشرون عاماً، سوف يتولى الأمور جيل هو اليوم في طور الإعداد، و هو في مرحلة الظهور؛ و صانعه هو المعلم و التربية و التعليم. أنتم تقومون بإنتاج جيل جديد؛ كيف سوف تنتجونه؟ و هذا مهم للغاية. فمستقبل البلاد، و مستقبل عالمنا يرتبط  بالجهود الحالية للتربية و التعليم؛ و هذا ليس بالأمر الهيّن. نحن ليس لدينا أي مؤسسة أخرى تحظى بهذا القدر من الأهمية. نعم، في الجامعات يدرسون أيضاً، و في الحوزة الدينية يدرسون أيضاً، و في البيئة الإجتماعية يتربون أيضاً لكن الدور المؤثر للمعلم لا نظير له؛ فالدور الذي يمكن للمعلم أن يؤديه في التأثير الفكري و النفسي على هؤلاء المخاطبين و هم أطفال يومنا الحاضر و رجالنا و نساؤنا في المستقبل – سواء في مرحلة الطفولة، أو في مرحلة اليافعين و النضوج و خلال الإثني عشر عاماً حتى نهاية هذه المرحلة – ليس له نظير و لا بديل عنه؛ و ليس للأب، و لا للأم، و لا للبيئة الحياتية، مثل هذا الدور. هكذا هو المعلم؛ و هذه هي مؤسسة التربية و التعليم. و من حيث الإحتكاك بالبيئة الحياتية للناس أيضاً فإن قطاع التربية و التعليم هو الأكثر إتصالاً مع المجتمع؛ أنتم لديكم ما يقارب ثلاثة عشر مليون طالب، و مع آبائهم و أمهاتهم – و الذي يبلغ ستة و عشرين مليون آباء و أمهات الطلبة- فيصبح تسعة و ثلاثين مليون، و مليون شخص تقريباً من المعلمين و موظفي التربية و التعليم؛ مايقارب أربعين مليون شخص على صلة مباشرة مع هذه المؤسسة؛ فأي الأجهزة الأخرى تمتلك مثل هذا المستوى من الإحتكاك المؤثر و الهام مع المجتمع؟ فحينما نُركّز على التربية و التعليم، إنما لهذه الأمور. 
حسناً، أنا سأقول ثمة كلمة حول هذه المؤسسة و هي أن – و قد قلناها مرات،(4) و نكررها من جديد- و هي أن كل ما ننفقه لمثل هذه المؤسسة، ليس إنفاقاً، بل إستثماراً؛ لننظر بهذه النظرة لإقتصاد التربية و التعليم. إقتصاد التربية و التعليم لا يشبه إقتصاد أي مؤسسة آخرى؛ هنا كل ما تنفقونه، في الواقع أنتم تقومون بإستثماره؛ و هذه هي الجملة الأساسية و الرئيسية التي أتمنى من مسؤولي البلاد، المسؤولون الحكوميون و شعبنا أن يهتموا بهذه النقطة. حسناً، هذا [حول أهمّیّت‌] قطاع التربیة و التعلیم.
إن النقطة المحورية في هذا الجهاز الكبير، و نقطة الإرتكاز، و حامل اللواء الذي في الواقع يقوم بإدارة الساحة و على الجميع توفير مستلزماته، من هو؟ إنه المعلم. مدير الساحة الرئيسي هو المعلم. و المؤسسات المتعددة، و الأجهزة المتنوعة، و الوثائق المختلفة، و الكتب الدراسية، و بقية الأمور، كلها لإسناد هذا المدير الرئيسي. المعلم الجيد هو ذلك الإنسان الذي لا نظير لتأثيره – كما أسلفنا-؛ و إذا كان لنا معلمون جيدون، حتى لو كان في نظام ٍ كنظام التعليم القديم (التحفيظ)، فإنه سوف يتمكن من تربية رجال عضماء؛ كما تشاهدون أنهم فعلوا [ربّوا]. المعلم الجيد يتمكن من خلق و إعداد رجال عضماء و شخصيات كبيرة و بارزة، حتى لو كان في مؤسسة ليست متوافقة بالمستوى المطلوب؛ إذن الأساس هو المعلم. 
حسناً، ماذا يروم المعلم أن يفعل؟ أنا دونت هنا؛ إعداد جيل بهذه الخصوصيات: عالم، مؤمن، يتمتع بثقة بالذات، و الأمل بالمستقبل و الحيوية و السلامة الجسمية و الروحية، و الإستنارة و الإرادة، ضئيل التكاليف و جم الفائدة؛ هذا هو الجيل الذي يريد المعلم تربيته؛ و هذا ليس بالأمر الهيّن. فعندما يُقال أن المعلم يقوم بعمل الأنبياء، حسناً، هذه كلمة ننطق بها؛ و لنتمعن في عمق هذه الكلمة؛ فما هو المراد منها؟ یُزَکّیهِم و یُعَلِّمُهُمُ الکِتبَ و الحِکمَة؛(5) و هذا هو عمل الأنبياء، مهمة الأنبياء إنقاذ البشرية، عمل الأنبياء إيجاد مجتمع إنساني أفضل و أرقى؛ هذا هو عمل الأنبياء؛ و نقول " المعلم، يعمل عمل الأنبياء"، "التعليم عمل الأنبياء"، و هذا هو لب هذه الجملة و عمقها. هذا هو المعلم. 
حسناً، هذا بحاجة للوازم، و أحد اللوازم، هو موضوع الإقتصاد الذي ذكرته؛ إقتصاد التربية و التعليم، معيشة المعلمين، و احدة من اللوازم. نعلم بنواقص و قيود أجهزة الدولة؛ و لسنا غرباء عن المشاكل و المحدودية الموجودة و لكن يجب أن تكون الهمة لدى المسؤولين الحكوميين لإيلاء الإهتمام الخاص بهذا القطاع. و كما قلنا، هذا إستثمار؛ و سيكون له عوائد، و هذا ينتج قيمة مضافة؛ و هو ليس نفقة و كلفة صرفه، بل يجب أن تدرج ضمن مواضيع الدرجة الأولى بالنسبة لنا في الإدارة الحكومية و في القرارات الحكومية. و إذا لم نقم نحن بذلك فإن العدو سيستغل ذلك، و أنتم تشاهدون كيف ان الأعداء سوف يستغلون هذه النقطة بوسائل إعلامهم و في إذاعاتهم و بإستخدام عواملهم و أصحاب القلوب السيئة تجاه النظام و تجاه الإسلام، بهذه الأدوات و الوسائل سوف يستغل العدو غفلتنا. طبعاً المعلمون أشخاص متدينون و ذوو نجابة، و حقاً أنا أعتقد بذلك، و قد إختبرنا ذلك طيلة هذه السنين، و اليوم نرى ذلك في أنحاء البلاد، معلمونا و اعون و متفطنون لمؤامرات الأعداء. الذين يطلقون الشعارات بإسم "المعيشة" و يضمون إلى جانبها بعض الشعارات التي تثير الفتنة و الخطوط و الفئويات السياسية، و الجميع يفهم أن دوافع هؤلاء ليست دوافع سليمة، و لا شفقة بالمعلمين، بل لهم أهداف أخرى. و كما أن وسيلة الإعلام الأجنبية الفلانية التي تبدأ نشاطها حول هذا الموضوع-وترون أنهم مشغولون حتى الآن أيضاً، و مشغولون اكثر من المدة السابقة- و هذا ليس بدافع التعاطف و الشفقة، بل الهدف منه خلق المشاکل للنظام، و من أجل خلق المتاعب للنظام، و بسبب الضغينة و الحقد تجاه الإسلام و تجاه إستقلال البلاد و تجاه نظام الجمهورية الإسلامية، و لكن لا ينبغي أن نقدم لهم الذريعة. الأجهزة الحكومية و المعنية بالشؤون المالية و الإقتصادية عليهم الإهتمام بهذه النقطة، و أن يضعوها ضمن برامجهم الأساسية. و هذا أحد المواضيع. طبعاً كما قلنا يجب على المعلمين أن يحذروا و هم كذلك، لحسن الحظ معلمينا متفطنون. [حينما] البعض يمارس الظلم تجاه النظام، و تجاه الثورة بأي شكل يقدرون عليه - يلدغون لدغتهم و يلقون سمومهم، إنهم سيؤون مع النظام -بدافع كرههم للنظام، و ليس حبّاً بالمعلمين؛ و اي شعار آخر يجدونه، يستغلوه بنفس الطريقة.
والموضوع الآخر هو موضوع جامعة المعلمين و التي تطرقت لها قبل ذلك، سواء في حديثي الخاص مع الوزير المحترم، أو خلال حديثي العام أمام المعلمين، جامعة المعلمين مهمة للغاية. و يجب أن تكون كافة العمليات التي تنتهي لإستقطاب المعلمين للتدريس و للتعليم و التربية، يجب أن تكون نزيهة و متطابقة مع معايير الإسلام و الثورة. فإذا قمنا بهذا العمل، فإن النتيجة ستكون الشئ الذي تبتغوه؛ و سيحظى برضا الباري تعالى، و كذلك لمستقبل البلاد- كما قلت- ستكون صانعة لجيل عظيم و باعث للأمل؛ و إذا لم تراعى هذه الأمور، لا. في جامعة المعلمين، كافة المواد الدراسية و محتوى الدروس تحظى بأهمية، كذلك الأساتذة، و أعضاء الهيئة العلمية مهمة أيضاً. و أي الأشخاص من المقرر أن نربيهم و نوليهم أمور أبناء الشعب ليربوهم و يصنعوا منهم رجال كبار؟ و هذا على جانب كبير من الأهمية. لذلك فإن موضوع المؤهلات، موضوع الأساتذة، و موضوع الكتب الدراسية و محتواها، يحظى بأهمية كبيرة في هذه الجامعة. 
وموضوع آخر هو موضوع التحول الجذري و البنيوي في قطاع التربية و التعليم و الذي لحسن الحظ أشار إليه اليوم الوزير المحترم و شرح بإجمال الإجراءات التي تمت، و سبق لي أن إطلعت على التقرير الخاص به. المهم هو أن فيما يتعلق بهذا التحول الجذري، فإن الأساس هو أن الجميع أذعن لحقيقة أن نظامنا للتربية و التعليم بحاجة لتحول. و النظام القديم للتربية و التعليم، إن لم يكن فيه أي نقص آخر، فبمجرد أنه لم يحدث فيه أي تجدد مع مرور الزمن، يكفي للمرء أن يرفضه و يعتقد بضروة التحول الجذري. وثيقة التحول هذه التي لحسن الحظ تمت صياغتها قبل عامين و تم إبلاغها (6) و تمت البرمجة بالإعتماد عليها، هي من وجهة نظر الخبراء البارعين و البارزين في مجال التربية و التعليم، وثيقة جيدة و رصينة؛ و الخبراء و المعنيين بهذا الشأن، يؤيدون هذه الوثيقة و يقولون أن وثيقة التحول الجذري التي اُعدت بصرف ساعات من العمل و مدة طويلة و بجهود مضنية، و تعاون الجميع حتى اُعدت هذه الوثيقة و تم إبلاغها و الحمد لله، و هي محل تأييد الخبراء و أصحاب الرأي في مجال التربية و التعليم الذين قالوا بأنها وثيقة رصينة جداً و هامة. إذن يجب تطبيق هذه الوثيقة. طبعاً علينا أن لا نتوقع نتائج سريعة، و هذه ليست من الأمور التي تظهر نتائجها خلال عام أو عامين او خمسة اعوام؛ بل هي أمور بحاجة لصبر و تأني، و تحتاج لعمل متواصل.
إحدى النقاط هي المحافظة على إنسجام الوثيقة. أشاروا إلى أن بعض مواد هذه الوثيقة جرى تنفيذها؛ جيد، و لكن يجب تنفيذ كافة مواد هذه الوثيقة؛ لأنها عبارة عن مجموعة منسجمة. إذا ما قمنا بتنفيذ بعض المواد، لنفترض أربعين مادة أو ما يقارب ذلك، و نغفل عن الباقي، فهذا لن يوصلنا لنتيجة. يجب المحافظة على إنسجام هذه الوثيقة. حينما يتم تطبيق كافة مواد و بنود هذه الوثيقة، حينها سوف تتقدم الأمور و تزداد سرعة و تنجز بشكل صحيح.    
والملاحظة الأخرى هي تعرّف كافة أجزاء و عناصر التربية و التعليم بهذه الوثيقة؛ و ان يعلموا ما هي مطاليب هذه الوثيقة. لكي يعلم المعلم الذي يُدرّس في المرحلة الإبتدائية أو الثانوية ما هي واجباته تجاه التحول الجذري. و يعلم مدير المدرسة الإبتدائية أو الثانوية ما هي واجباته و مسؤلياته تجاه الطلبة في إطار هذه الوثيقة. يجب أن تُحدد مطاليب هذه الوثيقة، يجب البرمجة لكي حتى نتمكن من مناقشة و تعريف مطاليب هذه الوثيقة على مستوى واسع داخل قطاع التربية و التعليم.       
الموضوع الآخر [هو] أن الأجهزة الإعلامية و مؤسسة الإذاعة و التلفزيون الوطنية يجب تقدم المساعدة. حتى أنه في بعض الأحيان يقترح أن تختص إحدى قنوات مؤسسة الإذاعة و التلفزيون بهذا الأمر لكي تتمكن من شرح هذا الموضوح و إفهامه. و هذا طبعاً يرتبط بأن يجتمع مسؤولو التربية و التعليم مع مسؤولي الإذاعة و التلفزيون و الإفادة من تعاونهم.  
الموضوع الآخر المهم فيما يرتبط بهذه الوثيقة و التي لحسن الحظ أشار إليها اليوم الوزير المحترم، هي إمكانيات الخطة التنموية السادسة. و يجري حالياً تدوين سياسات الخطة التنموية السادسة، ثم سيجري بعد ذلك تدوين الخطة و تنفيذها. علماً بأنه من الضروري الأخذ بالإعتبار موضوع التربية و التعليم و ميثاق التحول الجذري ضمن هذه الخطة و برامجها لكي نعلم ماذا سيكون لنا في التربية و التعليم في عام 2025.
والنقطة الأساسية التي أخاطب بها المسؤولين في التربية و التعليم، إحذروا من أن تحل الخطط السطحية و اليومية محل التحول الجذري في التربية و التعليم؛ و أن لا نُرضي أنفسنا و نفرح بأننا نجري تغييرات. التغييرات السطحية غير هامة؛ الأساس هي بنود التحول الجذري حتى يتجدد هذا الصرح تدريجياً؛ و هذا هو الأهم. 

لحسن الحظ الظروف مهيئة؛ و عندما أنظر إلى أرجاء البلاد؛ يتبادر إلى ذهني أن ظروف البلاد اليوم و ظروفكم مسؤولي التربية و التعليم المحترمين مهيئة أكثر من أي وقت لرفع جودة التربية و التعليم و لتحول أساسي و جذري في هذا القطاع الهام و الحسّاس. في يوم ما كان لدينا ثمانية عشر مليون طالب و اليوم لدينا أقل من ثلاثة عشر مليون طالب؛ و هذه فرصة. في يوم ما كنا نعاني من ظروف عسيرة جداً من حيث الأماكن التربوية؛ و لم تكن المدارس التي تعمل بوجتين أو ثلاث وجبات، قليلة على مستوى البلاد؛ و لحسن الحظ لا وجود لتلك الظروف اليوم. و في أغلب مناطق البلاد تتمتع المدارس بوضعية جيدة؛ و هناك أشخاص راغبون، يأتون و يلتحقون بالخدمة و ينبغي حفظ هذه الوتيرة. إذن اليوم الظروف مهيأة لكي نتمكن من القيام بهذا التحول. الحمد لله، يتمتع البلد اليوم باستقرار و أمن و المسؤولون الحكوميون يزاولون عملهم برغبة، و في مثل هذه الظروف تتوفر الأرضية اللازمة لرفع مستوى جودة التربية و التعليم و إيصالها إلى الدرجة المنشودة.  و کما قلنا فإن المعلمین هم محور هذا التحول، و الذي يقف وسط هذه الساحة هو أنتم أيها المعلمون الأعزاء. إنني أبعث من هنا التحية و السلام لكل المعلمين في كل أنحاء البلاد و آمل أن يحفظ الله جميع المعلمين في ظل رحمته. 
وهناك نقطة أخرى بعيداً عن موضوع التربية و التعليم و ضمن مواضيع البلاد الأساسية و هي، أسلوب تعامل الأعداء مع نظام الجمهورية الإسلامية. طوال الخمسة و ثلاثين عاماً الماضية تنبّه أعداء الجمهورية الإسلامية دوماً لهيبة هذه الحركة الشعبية العظيمة، أطلقوا التهديدات و لم يدّخروا جهداً و لكن الشعب الإيراني و نظام الجمهورية الإسلامية كانت له هيبة بأعينهم؛ و علينا المحافظة على هذه الهيبة؛ و ينبغي صيانة هذه الهيبة؛ و هي واقعية و ليست وهمية فنحن بلد كبير بسكان يزيدون على السبعين مليون نسمة له سوابق ثقافية و تاريخية أصيلة و عميقة أکثر من أغلب المناطق في العالم، و شجاعة و عزيمة تضرب بها الأمثال، شعب دافع دوماً عن هويته و شخصيته؛ و أحد أمثلة ذلك تجلى خلال ثمانية أعوام من الدفاع المقدس حیث حاولت كل قوى العالم من الشرق و الغرب و أتباعهم و الرجعیین، کلهم تکاتفوا لتركيع هذا الشعب لكنهم لم یستطیعوا. ألا يجدر أن يتمتع هذا الشعب يالهيبة و العظمة في أعين المراقبين الدوليين؟ يجب حفظ هذه العظمة. نحن نظام قال لنا المسؤولون السياسيون من مختلف البلدان؛ - و البعض منهم لم يطاوعه قلبه ليعترف لنا و قالوها في إجتماعاتهم و بلغنا خبر ذلك - لو مورست هذه الضغوط و الحظر الراهن الذي يمارس ضد شعب إيران، على أي بلد آخر لتحطم ذلك البلد، لكنه لم يزحزح الجمهورية الإسلامية. و هذه القضية ليست بالأمر الصغير؛ بل هو حدثاً كبيراً و بالطبع حاول الإعلام العالمي دوماً إخفاؤوها و ضرب عليها ستار لكي تبقى شعوب البلدان المختلفة غير مطلعة على حقائق إيران، لكن الكثير من الشعوب و خاصة القریبة منا، رغم ذلك تعرف هذه الحقائق، و المسؤولون السياسيون في العالم يعلمون هذه الحقائق جيداً، لا تنظروا لكلامهم رغم أنهم لا يذكرونها بألسنتهم بل يتحدثون بطريقة أخرى. فهؤلاء الرؤساء و المسؤولين السياسيين و متحدثي الأجهزة في الغرب و أوروبا و أميركا و الآخرين الذين يتكلمون أحياناً بكلام ليس في محله، و جميعهم ينظرون و يعترفون بقلوبهم بهيبة و عظمة و إقتدار و كفاءة الشعب الإيراني لكنهم يتحدثون بألسنتهم بطريقة أخرى.   
وحول هذه المفاوضات و [الموضوع] النووي و الأمور المرتبطة، قلنا مراراً و تحدثنا كثيراً و قلنا ما يجب أن يقال، و لكن على الجميع أن ينتبهوا-  جمیع مسؤولي السياسة الخارجية، و جميع المسؤولين الآخرين، و النخبة في المجتمع- اعلموا أن الشعب إذا لم يستطع الدفاع عن عظمته و هويته کما هي مقابل الأجانب فإنه سیصفع و يُذلّ حتمياً، لذلك يجب معرفة قدر هوية الشعب و شخصيته. العدو يهدد و قبل يضعة أيام أطلق إثنان من المسؤولين الأميركيين تهديدات عسكرية (7) طبعاً لا يهمنا الأشخاص الذين لا يتسنموا مسؤوليات مهمة جداً و حساسة، أنا لا أفهم ما معنى التفاوض في ظل شبح التهديد؟ نتفاوض تحت شبح التهديد! و كأنما يكون السيف فوق رؤوسنا. الشعب الإيراني ليس كذلك. الشعب الإيراني لا يطيق المفاوضات في ظل التهديد. لماذا يهددون؟ لماذا يتفوهون بحماقة؟ تقولون إنه لو حدث كذا و كذا من الظروف، ربما نشن هجوماً عسكرياً ضد إيران؛ أولاً إنكم تخسؤون؛ و ثانياً كما قلتُ في زمن رئيس جمهورية أمريكا السابق – و آنذاك كان يهدد أيضاً- فإن زمن توجيه الضربات و الهروب من ردود الأفعال قد ولى (8)، فليس بوسعكم أن تقولوا نضر و نهرب ؛ كلا فإنكم ستعلقون و سوف نلاحقكم. و شعب إيران لن يترك الذي يريد التطاول عليه لحاله و سوف يلاحقه. على الجميع أن ينتبه لهذا الأمر؛ على المفاوضين النووين أن ينتبهوا دوماً للخطوط الحمراء و الأساسية و سوف لن يتجاوزوا هذه الخطوط إن شاء الله، و لكن ليس من المقبول أن يعمد الطرف المقابل إلى التهديد دوماً. أي تهديد؟ حاجتكم إلى هذه المفاوضات ليست أقل من حاجتنا؛ نعم، نحن نرغب في أن يرفع الحظر بيد أن هذا لا يعني أنه إذا لم يرفع الحظر فإننا لن نستطيع إدارة البلاد و  تدبير شؤونها. و قد إثبتنا ذلک. و في يوم ما تحدثت عن هذا الأمر (9) و لحسن الحظ نرى اليوم العارفين بالإقتصاد، و المسؤولين و العارفين بقضايا إقتصاد البلاد، و جميعهم يكررون دوماً هذا، و يقولون ليس الأمر بحيث أن القضايا الإقتصادية في البلاد مرتبطة بهذا الحظر حتى إذا رفع الحظر سوف تزول المشاكل الإقتصادية؛ كلا، المشكلات الإقتصادية يمكن أن تحل بإرادتنا و عزمنا و تدبيرنا و قدراتنا الذاتية؛ سواء رفع الحظر أم لم يرفع. طبعاً إذا لم يكن الحظر لربما كان حل المشكلات الاقتصادية أسهل، و لكن في حال استمرار الحظر أيضاً فإن معالجة المشكلات ممكن.  هذا هو موقف الجمهورية الإسلامية من المفاوضات النووية. لكن الحكومة الأميركية الحالية بحاجة واقعية لهذه المفاوضات؛إنهم من أجل أن يسجلوا في ملفهم فقرة أساسية، يحتاجون بشدة لأن يقولوا: جئنا بإيران لطاولة المفاوضات و فرضنا عليها بعض الأمور (10)، إنهم بحاجة لهذا. إذا لم تكن حاجة الطرف المقابل لهذه المفاوضات أكثر منا – و هي بالتأكيد كذلك- فإنها ليست أقل؛ فلماذا يهددون؟ إنني لا أوافق المفاوضات في ظل شبح التهديد. فليذهبوا و يتحدثوا و يتفاوضوا و يصلوا إلى إتفاق، لا ضير في ذلك – طبعاً إذا قاموا بمراعات الخطوط الأصلية -  و لكن لا تخضعوا أبداً لمنطق القوة و التهديد و الإهانة و ما يريدون فرضه. لقد ذهب ماء وجههم و لا سمعة لهم اليوم في العالم. لاحظوا ما تقوم به الحكومة السعودية في قضية اليمن، لا يمكن تبريرها بأي منطق و بأي ذريعة. ترسلون طائراتكم لبلد آخر بذريعة أنکم لماذا تريدون فلانا رئيساً و لا تريدون فلاناً لرئاستکم، فتشرعون بذبح الناس الأبرياء و تدمير البنى التحتية و ترتكبون المجازر و تذبحون النساء و الأطفال و تحرقون البلد بأسره من دون أي مبرر. و الأمريكان يدعمون هذه الجرائم الکبرى الغير مبررة. فهل هنالك عار أكبر من هذا؟ الحكومة الأمريكية في الوقت الحاضر ليس لديها أدنى ماء وجه لدى شعوب المنطقة؛ و الجميع يشاهد هذه الأوضاع؛ و يعلنون صراحة ً أننا نقدم الدعم، (11) و لا يخجلون؛ في حين يقولون لنا لماذا تقدمون يد العون؟ نحن نريد تقديم المساعدة الدوائية، نحن نريد إرسال الأدوية للمرضى؛ و لا نريد إرسال السلاح؛ الشعب اليمني الثوري المناضل لا يحتاج للسلاح، لأن كل المراكز العسكرية و مقرات الجيش هي تحت سيطرة الشعب المناضل و الثوري و تحت سيطرة جماعة أنصار الله؛ و هم ليسوا بحاجة لسلاحنا، كنا نريد إرسال الدواء لهم. و أنتم جئتم و فرضتم حصارا ً دوائياً و غذائياً و منعتم وصول الوقود عن هذ الشعب، في حين تقولون لا يحق لأحد مساعدتهم! أنتم حتى لم تسمحو بدخول الهلال الأحمر ،  في حين أنهم يزودون السعوديين بالمعلومات العسكرية، و يقدمون لهم السلاح و الإمكانيات و يشجعونهم سياسياً؛ هؤلاء ليس لهم أي ماء وجه. الدرب الذي اختاره الشعب الإيراني درب قويم و مستقيم و حسن العاقبة وسيفضي هذا الدرب بتوفيق من الله و على رغم أنوف الأعداء إلى نتائجه الطيبة، و سيرى الجميع أن الأعداء لن يستطيعوا تنفيذ أهدافهم المشؤومة بخصوص الشعب الإيراني.
رحمة الله على شهدائنا الأعزاء الذين ضحّوا، و على إمامنا الجليل الذي فتح هذا الطريق أمامنا؛ و رحمة الله عليكم أيها الأخوة و الأخوات الأعزاء المؤمنون و الراغبون حيث تتواجدون بعزم في سوح العمل.
 و السّلام علیکم و رحمة الله و برکاته.

الهوامش:
۱) قبيل كلمة قائد الثورة الإسلامية تحدث في هذا اللقاء السيد فاني وزير التربية و التعليم و قدّم تقريراً عن إنجازات وزارته.
۲) إقبال‌الاعمال، ج ۲، ص 643.
۳) نفس المصدر.‌
4) من كلمة سماحته خلال لقائه حشداً من المعلمين في أرجاء البلاد (4/5/2011).
5) سورة آل‌عمران، جزء من الآية 164. 
6) ابلاغ السیاسات العامة للتحول الجذري في نظام التربية و التعليم في البلاد (30/4/2013)
۷) بالإشارة لتصريحات نائب الرئيس الأميركي جو بایدن و جان کري وزير الخارجية الأميركي بخصوص أن كافة الخيارات مطروحة لمواجهة إيران!. 
۸) كلمة سماحته خلال لقائه المسؤولين و كوادر النظام (22/10/2007).
۹) من کلمة سماحته خلال لقائه المسؤولين و كوادر النظام (7/7/2014 ).
۱۰) بالإشارة إلى تصريحات الرئيس الأميركي بعد صدور بيان إتفاق لوزان الإطاري.‌
۱۱) بالإشارة إلى بيان وزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 26/3/2015، و إعلان أميركا دعمها للعدوان السعودي علی الیمن.