29/04/2015
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً أرحب بجميع الإخوة و الأخوات الأعزاء، و أبارك مسبقاً ذكرى ولادة الإمام علي بن أبي طالب (ع) مظهر العدالة و الوجه المشرق في كل تاريخ الإنسانية. كما أبارك ذكرى ولادة سيدنا الإمام الجواد (عليه السلام) المصادف هذا اليوم. بركات شهر رجب لا تنحصر بهذه الولادات. أوصي نفسي و أوصيكم بالانتهال من خيرات شهر رجب و تقوية الروابط القلبية مع الله تعالى. إذا متّن كل واحد منا علاقته بالله، فسوف ترتفع تلقائياً الكثير من المعضلات و المشكلات و الاضطرابات و الاختلالات. و نشكر كذلك كلمة الوزير المحترم حيث كانت فيها نقاط جيدة و دقيقة و هي موضع تأييدنا. و الذي أرجوه أن يرکز كل المسؤولين - سواء في وزارة العمل أو في باقي القطاعات الحكومية، فبعض الأمور ليس لها صلة بوزارتكم بل تتعلق بأجهزة و قطاعات أخرى - على متابعة هذه الخطوط الواضحة. يجب أن نعمل. لقد قلنا الكثير من الكلام الجيد الحسن، و كررناه، و اتخذنا قرارات جيدة، لكن ما يؤثر في حياة الناس و في واقع العمل هو تحركنا و فعلنا و تحقيق هذه الأمور، و نتمنى أن يوفقنا الله تعالى و أياكم و الجميع للعمل و الحراك بأقصى الطاقات.
إن لقاءنا بكم اليوم و أنتم مجموعة من العمال الأعزاء من مختلف أرجاء البلاد هو في الواقع تعبير عن حبنا لطبقة العمال. لقد قلنا و نقول الكثير من الكلام، و سوف نذكر اليوم أيضاً بعض النقاط، بيد أن المهم و الأساسي هو أننا نروم بهذا اللقاء أن نكرم العامل و العمل، نريد أن نؤكد على أهمية العمل في أذهاننا و في ذهنية كل واحد من أبناء الشعب الإيراني. لنلاحظ أن كل المنجزات الكبرى جاءت في ظل العمل بالمعنى العام للكلمة. العمل له قيمته، و العامل له بفضل قيمة العمل قيمة رفيعة في المجتمع. الشيء المعروف و الرواية الواردة بأن رسول الإسلام الكريم قبّل يد العامل (2) ليست مجرد مجاملة، بل هو تعليم. إذن، نريد تكريم العمل و العامل، و تنبيه المسؤولين إلى قضايا العمال و مشكلاتهم ليمكن معالجة المشكلات في الأجواء و المجتمعات العمالية. هناك مشكلات من قبيل قضية تأخر الأجور، و إخراج العمال من أماكن عملهم، و الشؤون المعيشية، و ما إلى ذلك، هذه حالات موجودة على مستوى البلاد و في مجتمع العمال و هي مشكلات العمال. على المسؤولين أن يركزوا هممهم على هذه القضايا أكثر من السابق؛ هذا هو الهدف من أمثال هذا اللقاء.
ما أشعر به هو أن جماعة العمال منذ بداية الثورة و إلى اليوم قامت - و الحق يقال - بعمل ذي قيمة للبلاد. أولاً نفس قيمة العمل و العامل، و ثانياً التواجد في ساحات البلد الصعبة طوال هذه الأعوام المتمادية، و ثالثاً عدم الاغترار و الانزلاق بإغراءات الذين أرادوا وضع مجتمع العمال منذ مستهل الثورة في وجه النظام الإسلامي. لقد قام العمال بهذه التضحية الكبيرة، و الحال أن مشكلات العمال و صعوبات معيشتهم كانت قائمة خلال الفترات المختلفة، بيد أن مجتمع العمال خرج من الامتحان مرفوع الرأس.
كما قلنا فإن المشكلات القائمة لا تحلّ بالكلام، بل لا بدّ من مبادرات و أعمال و إبداعات. و ثانياً يجب التفتيش عن حلول مشكلات اقتصاد البلاد في داخل البلاد، و العمود الفقري في ذلك هو الإنتاج؛ العمود الفقري للاقتصاد المقاوم الذي تحدثنا عنه هو تعزيز الإنتاج الداخلي. إذا كان هذا و تركزت الهمم على هذا الشيء سوف تعالج قضايا العمل بشكل تدريجي، و سيتكسب العمل قيمته و سيكتسب العامل قيمته و سيعم العمل و تتوفر الأعمال و المشاغل و ستقل البطالة، و هي من معضلات المجتمع، بشكل تدريجي و تزول. مسألة الإنتاج هي الأساس في القضية.
قد يقول البعض إن قضية الإنتاج هذه التي تكررونها - و قد شددنا دوماً على قضية الإنتاج في كلماتنا العامة و في اجتماعاتنا مع المسؤولين - لها لوازمها، و لا يمكن تحسين الإنتاج في ظل الوضع الراهن حيث الحظر و الضغوط الدولية المفروضة علينا. إنني لا أنكر أن هذا الحظر الظالم الذي فرضه أعداء الشعب الإيراني و أعداء الثورة على شعب إيران له تأثيره، إنه ليس عديم التأثير دون شك، لكنني أنكر أن يستطيع هذا الحظر الحؤول دون هذه المساعي العامة المنظمة المخطط لها من أجل ازدهار الإنتاج، هذا ما لا أوافقه. إنني أنظر إلى البلاد و على مستوى البلاد فأجد أنه في بعض القطاعات التي صادف أن كانت ضغوط الأعداء و حظرهم فيها أكبر و أشد، تقدم الإنتاج أكثر بسبب همم المسؤولين و العمال و الشباب الراغبين. هذا شيء أشاهده و أراه، و هو أمام أنظار الجميع. في مجال الصناعات العسكرية على سبيل المثال، لكم أن تقارنوا الوضع اليوم بما كان عليه قبل خمسة عشر عاماً أو عشرين عاماً أو حتى عشرة أعوام، و ستجدون أننا حققنا تقدماً مذهلاً، و كانت لنا حالات من التطور عجيبة و غريبة في ميدان الإنتاج العسكري. هذا في حين أن الحظر الذي فرضه الأعداء كان أشد و أقوى في خصوص الشؤون العسكرية، و الحظر على هذا الصعيد لا يعود لهذه السنة أو السنة الماضية أو ما قبلها، بل لقد فرضوا مثل هذا الحظر و بمنتهى الشدة و الضغط منذ فترات طويلة جداً، لكننا تقدمنا في هذا المضمار. أو على صعيد علوم الأحياء و تقنيات الأحياء، حققنا تقدماً كبيراً، و الحال أن نفس هذا الحظر و القيود كانت مفروضة و قائمة. حتى أنه في بعض جامعات العالم المعروفة لم يكونوا يسمحون للطالب الإيراني بالدراسة و البحث العلمي و التقدم في هذا الفرع، و مع ذلك حقق البلد تقدماً مميزاً و ملحوظاً جداً في هذه العلوم، و هو ما يشاهده الجميع. المطلعون و من يرغبون في المعرفة و الاطلاع، ليست هذه الأمور سرية و بوسعهم أن يطلعوا علیها. أو في بعض العلوم من قبيل تقنيات النانو - و هي من التقنيات الجديدة في العالم - لا أحد في العالم يقدم لنا المساعدة في هذه المجالات، و لم يقدم لنا المساعدة، و سوف لن يقدموا المساعدة بعد الآن أيضاً، لكننا متقدمون في هذه التقنيات، و شخصياتنا و شبابنا و باحثونا و علماؤنا يعملون في هذه المجالات و يبذلون مساعيهم و جهودهم و قد حققوا تقدماً ملحوظاً.
و من هذه المجالات أيضاً الصناعات العلمية المحور، و التي أقيم لها معرض في نفس هذه الحسينية (3) و تعرفت عن قرب على الشباب الراغبين بالعمل في هذا المضمار و على مختلف الشركات العلمية المحور - و قد كانت لديّ مسبقاً تقارير عن هذه الأمور و كنتُ على اطلاع بها، لكنني تعرفت عن قرب عليهم - إنهم يعملون في هذا الميدان و يبذلون مساعيهم و جهودهم و يتقدمون إلى الأمام. لقد حققنا الكثير من التقدم و التطور في الوقت الحاضر على صعيد الشركات العلمية المحور بالمقارنة إلى ما كنا عليه قبل عشرة أعوام و خمسة عشر عاماً مضت. تحقق كل هذا في ظروف الحظر. نعم، لو لم يكن الحظر الظالم الذي فرضه الأعداء لربما كنا قد حققنا في نفس هذه المجالات تقدماً أكثر - هذا ما لا ننكره - و طبعاً كان يمكن أن نتماهى و لا ننظر لاحتياجات البلاد و نستفيد من أموال النفط و الاستيراد و ما شابه ذلك لأمور لا تحقق لنا تقدم الإنتاج في البلاد، هذا أيضاً كان ممكن الوقوع. ينبغي التنبه حقاً إلى أن مقداراً من تقدمنا جاء نتيجة حظر الأشياء علينا من الخارج، ينبغي أن نعرف قدر هذا الشيء. لم يعطونا الشيء الفلاني فاضطررنا إلى المبادرة و إنتاجه بأنفسنا. حينما ينفتح الطريق أمام الاستيراد المنفلت و يدخل ما تريدونه و تحتاجون إليه، سوف تأخذ الرغبة نحو الأسهل عند الإنسان ذلك الإنسان نحو الكسل و البطالة. هذا أيضاً جانب من القضية. إذن، عندما أشدد على قضية الإنتاج يجب أن لا يأتي الردّ بأن الإنتاج غير متاح في ظروف الحظر الشديد، لا، إنه ممكن. أي عمل تقررون أن تنجزوه و تعقدون الهمم و تركزون طاقاتكم و تستخدمونها في هذا المجال و تطلبون العون و الهداية من الله، سيكون ذلك العمل ممكناً، و هذا ما جرّبناه.
إننا في الوقت الحاضر من الأوائل عالمياً في بعض الصناعات. في مجال بناء السدود على سبيل المثال. من الذي ساعدنا في العالم لنستطيع الوصول إلى هذه الإنجازات في بناء السدود؟ بلد إيران في الحال الحاضر من البلدان المتقدمة و الأولى في بناء السدود. السدود التي تبنيها بعض الشركات الغربية في بعض البلدان بكثير من التكاليف، لو أعطیت مشاريعها للشباب الإيرانيين لربما شيدوها بشكل أفضل بكثير و بأثمان أقل. هذا مجال تقدمنا فيه. من الذي ساعدنا على مدى هذه السنوات الطويلة؟ و كذا الحال في مضمار الصناعات النووية، و كذلك الحال في مجالات متنوعة أخرى.
أعتقد أن مشكلات البلاد الاقتصادية، و من أهمها مشكلات العمال و معيشتهم و قضية بطالة العمال - و التقارير تصل، و الإنسان يطلع على هذه التقارير و المعلومات - سوف تحل إذا جرى الاهتمام بقضية الإنتاج. إذا جرى الاهتمام بقضية الإنتاج فإن هذا سيوفر فرص عمل، و سيوجد الشعور بالعز و الكرامة، و سيحقق الشعور بالاستغناء و عدم الحاجة. حينما يعتمد البلد على طاقاته و كوادره الداخلية سيشعر بالاستغناء. قد يروم المرء معالجة عشر قضايا بينه و بين العالم، و لكن ثمة فرق بين أن يذهب المرء إلى طاولة المفاوضات لمعالجة قضية و هو يشعر بالاقتدار و بين أن يذهب لطاولة المفاوضات و هو يشعر بالضعف. عندما يشعر المرء بالاقتدار سيفاوض بشكل و عندما يشعر بالضعف و الحاجة سيفاوض بشكل. إذا كانت البنية الداخلية للسلطة في داخل البلاد و على كل المستويات - بما في ذلك و على الخصوص في المجال الاقتصادي - بنية متينة قوية لأمكن التفاوض حول كل القضايا بين الأطراف المختلفة، لكن المرء في هذه الحالة سيفاوض من موقع القوة و ليس من موقع الحاجة الذي سيطيل ألسنة الأعداء فيضعون له الشروط و القيود دوماً و يتکلمون معه بطریقة اعتباطية رخيصة. إنني أرى الحلّ و العلاج في هذا الشيء. أقول - و قد قلتُ هذا في اليوم الأول من السنة - على الجميع في كافة القطاعات و المجالات المتنوعة أن يركزوا كل هممهم على قضية الإنتاج.
و لهذه العملية طبعاً لوازمها، و هناك واجبات تقع على المستثمر و على العامل و على المستهلك و على كل الأجهزة الحكومية المسؤولة، فالعملية هذه ليست عملية أحادية الأبعاد، و على الجميع التعاون في ما بينهم. و هذا هو معنى ما قلناه من التعاطف و وحدة الكلمة بين الشعب و الحكومة، بمعنى أن يتعاون الجميع ليحملوا هذه الصخرة الكبيرة و ينحّوها عن طريق مسيرة البلد.
على المستثمرين و المستطيعين أن يستثمروا. إنني أعرف أشخاصاً كان بوسعهم أخذ أموالهم لإيداعها في قطاعات غير إنتاجية فيها الكثير من الأرباح و العائدات لهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك. قالوا لا نفعل ذلك، بل نروم خدمة البلد، و وظفوا أموالهم و استثمروها في الإنتاج بأرباح و عائدات أقل. و السبب هو أنهم أدركوا ما يحتاجه البلد. هذه بالتالي عبادة. المستثمر الذي يفكر بحاجة البلد و لا يأخذ الأموال إلى مجالات السمسرة و الأعمال ذات العائدات الكبيرة و المضرة للبلاد، بل يوظفها في الاستثمارات، عمله هذا حسنة، و استثماره هذا له دوره.
العامل الصالح النزيه له دوره أيضاً. العامل الذي يصبر على صعوبات العمل - و العمل صعب بالتالي؛ العمل الجسماني من المهمات الصعبة في الحياة - العامل الذي ينفق عمره و وقته و طاقاته من أجل أن يخرج النتاج جيداً، عمله هذا عبادة و حسنة. لقد ذكرتُ مراراً في لقاءاتي هذه بكم أيها الأعزاء حديثاً مروياً عن الرسول الأكرم (ص) يقول: «رَحِمَ اللهُ اِمرَأً عَمِلَ عَمَلاً فَاَتقَنَه» (4). رحمة الله على شخص يعمل العمل فيتقنه و يكون إنجازه متيناً ذا جودة، سواء في الأعمال الصناعية أو الأعمال الزراعية أو مختلف الشؤون العمالية، عندما يكون العمل متقناً و قوياً يخرج الناتج ممتازاً جيداً. هذا عن دور العامل. هذه أيضاً عبادة.
و المستهلك المنصف صاحب الضمير يمكنه أن يساعد الإنتاج في البلاد. لا يهتم المستهلكون بالأسماء و الماركات بل ليهتموا بالمصلحة. مصلحة البلاد في استهلاك المنتجات الداخلية و مساعدة العامل الإيراني. البعض مستعدون حتى لأن يرفعوا الشعارات لصالح العمال، تنتفخ أوداجهم و يهتفون بالشعارات، لكنهم عملياً يركلون العامل الإيراني بأرجلهم. ركل العامل الإيراني هو أن لا يستهلك المرء البضائع التي يصعنها هذا العامل و يذهب ليستهلك البضائع المناظرة الأجنبية، و أحياناً بأسعار أغلى! إننا في بعض صناعاتنا من الأوائل في العالم، و لكن في نفس هذه الصناعات يذهبون و يأتون بأشياء من الخارج. هذا يرسم واجباً على الجميع بما في ذلك الحكومة. وزير العمل المحترم حاضر هنا، و الذي أرجوه أن تطرحوا في الحكومة و أن تصروا على أن لا تأتي الأشياء التي تستهلكها الحكومة من الخارج على الإطلاق. هذا شيء عام كبير، لأن الحكومة بمدياتها الواسعة مستهلك من الدرجة الأولى. لا تقولوا إننا نحتاج إلى الشيء الفلاني الآن و لا يوجد النوع الداخلي منه فنحن مضطرون للأتيان به من الخارج. أليس لكم برمجة و تخطيط؟ إنكم إذا كنتم تحتاجون لهذا الشيء اليوم فلماذا تقولون هذا اليوم؟ كان المفروض أن تقولوا هذا قبل سنتين ليكون أمام المنتج الداخلي الفرصة للبرمجة و الإنتاج و الاختبار و التجربة حتى يوفره لكم اليوم. هذه قضايا مهمة و ليست بالأمور الصغيرة. لتقرر الحكومة أن تحرّم و تمنع على نفسها استهلاك أي شيء تحتاجه و يمكن إنتاجه في الداخل - ابتداء من الأقلام و الأوراق على الطاولات إلى تشييد الأبنية و سائر الأمور - إذا كان مستورداً من الخارج. على المسؤولين الحكوميين الحيلولة دون التساهل و التماهي - و التساهل هو الوجه الحسن للقضية - أو الاستغلال لا سمح الله. و قد جربنا هذا الشيء و اختبرناه و شاهدناه في مواطن معينة. ذات مرة كانوا يقومون بعمل من الأعمال - يعود هذا الأمر لسنين مضت - كانوا يبنون شيئاً، و طلبتُ المسؤولين هناك و قلتُ لهم حاولوا في هذا العمل الذي تقومون به عدم استعمال أي شيء أو بضاعة أجنبية، فأعطوا وعداً بذلك و عملوا بوعدهم بكل شهامة. و في النهاية عندما تلقينا التقارير و بحثنا في الأمر تبين أنهم استطاعوا توفير حوالي 98 بالمائة من المواد الإنشائية المستعملة هناك من الداخل، و كان هناك واحد أو إثنان بالمائة من الاحتياجات غير موجودة في الداخل فجاءوا بها من الخارج. يمكن القيام بمثل هذه الأعمال. إذن، المستهلك بدوره من أركان تعزيز و إشاعة الإنتاج الداخلي.
واحد آخر من الأركان هو جهاز مكافحة تهريب البضائع. لقد شددنا على قضية مكافحة تهريب البضائع كل هذا التشدید، و قد جاءت الحكومات المختلفة منذ السنين السابقة و ذهبت باستمرار؛ طيب، هذا الشيء عملية يجب أن تحصل و تتحقق، و هي ممكنة. لا تقولوا إنها غير ممكنة، إنها ممكنة تماماً، حولوا دون تهريب البضائع بشكل حاسم. ذات مرة قلت: لا تبحثوا عن تهريب البضائع عند الحدود فقط، هناك مليارات الدولارات في داخل البلاد اليوم - و لأنهم يذكرون الأرقام بأشكال مختلفة لا أستطيع أن أعيّن المقدار على وجه الدقة، لكنهم يذكرون أرقاماً كبيرة جداً - تنفق على البضائع المهرّبة. تابعوا تهريب البضائع من الحدود و قبل الحدود إلى داخل المتاجر. هذه عملية مهمة للغاية، و الذين يقومون بها هم أيضاً يجاهدون و يعبدون و تكتب لهم حسنة.
ركن آخر هو الأجهزة المسؤولة عن الاستيراد. على هذه الأجهزة أيضاً أن تنظر و تدقق، بعض الأشياء و الأمور ليست في أيدي الحكومة بل القطاع الخاص هو الذي يتولاها و لا مهرب من الأمر، بيد أن الأجهزة الحكومية بدورها تستطيع، عن طريق الإشراف و التوجيه، العمل على جعل الاستيراد لا يسبب أضراراً للإنتاج الداخلي.
و من الأركان أيضاً قضية الأجهزة الإعلامية و الدعائية. الأمر يتعلق أيضاً بوسائل الإعلام و مؤسسة الإذاعة و التلفزيون و غيرها حيث يجب أن يعملوا بحق على قضية الاستهلاك الداخلي و الإنتاج الداخلي، فعملهم هذا مؤثر.
و قضية أخرى هي قضية ثبات القوانين و عدم تغيّرها، و هي قضية تقع على عاتق مجلس الشورى الإسلامي. يجب أن يحذروا من أن يغيّروا باستمرار القوانين المتعلقة بالشؤون الاقتصادية بما في ذلك شؤون العمل، ليمكن للذين يريدون أن يبرمجوا أن يبرمجوا.
على كل حال المسؤولون الثقافيون في البلاد ينبغي أن يخططوا لعمل ثقافي هدفه النهي عن البطالة و قلة العمل و التهرب من العمل الصعب. يا سيدي، ينبغي تقبل العمل الصعب. إذا لم نفرض على أنفسنا العمل الصعب و لم نتقبله فلن نصل إلى نتيجة. لا يمكن البحث عن العمل السهل فقط. يجب أن يتقبل الإنسان العمل الصعب أين ما كان. الذين استطاعوا الوصول إلى الذروة في الصناعة و التقنية و المجالات العلمية، فرضوا على أنفسهم الأعمال الصعبة. تکوین هذه الثقافة حالة لازمة و واجبة. لن نصل إلى نتيجة بالبحث عن الأعمال السهلة فقط.
و للمسؤولين عن مكافحة الفساد أيضاً دورهم في هذا المضمار. كثيراً ما يذكر اسم الفساد. لا فائدة من الحديث عن الفساد، فأن تقول «حرامي حرامي» عن يقلع الحرامي عن السرقة، إنما ينبغي الذهاب و الخوض في العمل. مسؤولو البلاد ليسوا صحفاً حتى يتحدثوا عن الفساد. نعم، الصحف يمكن أن تتحدث عن الفساد، أما أنا و أنتم المسؤولين فيجب أن نعمل، فما فائدة أن نتحدث؟ خوضوا غمار القضية، إذا كنا نتقن الأمر فيجب أن نبادر و نعمل، و نحول دون وقوع الفساد بالمعنى الحقيقي للكلمة.
هذه واجباتنا، هذه واجبات القطاعات المختلفة. هذا هو علاج المشكلة الاقتصادية في البلاد، فإذا أريد للمشكلة الاقتصادية في البلاد أن تعالج ينبغي التركيز على الإنتاج. الجميع يتحملون المسؤوليات بهذا الشكل الذي ذكرناه، و طبعاً بعض المسؤوليات أثقل و أكبر، و بعضها أخف و أصغر، لكن الجميع مسؤولون بهذه الطريقة. مفتاح حل المشكلات الاقتصادية ليس في لوزان و جنيف و نيويورك، بل في داخل البلاد. على الجميع أن يسعوا و يعقدوا الهمم، و سوف تعالج الأمور إن شاء الله. شعب إيران و مسؤولو البلاد قاموا بأعمال و مهمات أكبر طوال هذه الأعوام و تحققت و أنجزت، و يمكن حل مشكلة الإنتاج أيضاً. و الحكومة الحالية أيضاً مشغولة و تعمل و راغبة في العمل و الحمد لله، و ثمة فيها شخصيات مطلعة يعملون و يجدون و يتابعون، و سوف يعالجون المشكلات إن شاء الله.
طبعاً مجتمع العمال عندنا مجتمع نجيب و الحق يقال. مجتمعنا العمالي مجتمع نجيب. إنني مطلع على مجريات المساعي التي كانت تجترح و التحريضات التي تروم وضع مجتمع العمال منذ اليوم الأول للثورة أو حتى قبل انتصار الثورة الحاسم - كانت البلاد آنذاك تمرّ بأحداث صاخبة عجيبة و تظاهرات ضخمة - في وجه الثورة، و كنتُ أعرف هذه المجريات و أراها، و شاهدتُ بعضها عن كثب. و قد كان الأمر على نفس المنوال على مدى السنين الطويلة، فقد كان هناك خلال فترة رئاستي للجمهورية و بعد ذلك دائماً أشخاص يريدون أن يقف المجتمع العمالي بوجه النظام الإسلامي، لكن المجتمع العمالي تحمل المشكلات و قاوم بكل قوة و ثبات و نجابة، و هذا شيء قيم جداً، و ينبغي على المسؤولين أن يعرفوا قدر هذا المجتمع العمالي الهائل العظيم الذي يتحمل المشكلات و يعمل. جزاء هذه النجابة هو أن يعمل الجميع على رفع هذه المشكلات إن شاء الله، و الله تعالى سيمدّ يد العون يقيناً للذين يحملون نوايا طيبة و يريدون القيام بأعمال صالحة خيّرة و يسيرون نحو الأهداف الصالحة.
نتمنى أن يشملكم الله تعالى جميعاً أيها الأعزاء و العمال الأعزاء و المسؤولون في مختلف القطاعات بلطفه و رحمته، و أن يحشر شهداء المجتمع العمالي مع الرسول الأكرم (ص)، و أن يحشر الإمام الخميني الكبير الذي فتح هذا الدرب أمامنا مع الرسول الأكرم (ص).
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الهوامش:1 - قبيل كلمة الإمام الخامنئي تحدث في هذا اللقاء السيد علي ربيعي (وزير العمل و التعاون و الرفاه الاجتماعي) مقدماً تقريراً عن الوضع المتعلق بوزارته.
2 - أسد الغابة، ج 2 ، ص 185 .
3 - إشارة إلى إقامة معرض منجزات تقنيات النانو في حسينية الإمام الخميني (رض) بتاريخ 31 كانون الثاني 2015 م .
4 - مسائل علي بن جعفر و مستدركاتها، ص 93 (بقليل من الاختلاف).