17/11/2014
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله تعالى على نعمة وجود الشباب المؤمنين و الضباط الطاهرين الأنقياء الذين يبشرون بمستقبل مشرق لجيش الجمهورية الإسلامية في إيران و النظام الدفاعي للبلاد. أنتم أيها الشباب الأعزاء - سواء منكم الذين قضيتم فترة التعليم و الدراسة في هذه الجامعة و وصلتم إلى درجة الضباط أو الذين انخرطتم في ساحة العلم و التجربة و الإيمان هذه و سوف تغترفون و تنتفعون الكثير إن شاء الله - أبنائي الأعزاء و الأبناء الأعزاء المميزون للشعب. أبارك لكم جميعاً توفيقاتكم، و أتقدم بالشكر الجزيل الصميمي لآمريكم و المدراء و المسؤولين الذين يتحملون على كواهلهم هذه الأعباء الثقيلة. و قد كان برنامج اليوم برنامجاً جميلاً و زاخراً بالمضامين و المحتوي، نسأل الله تعالي، طبقاً لهذه الشعارات و الأساليب، أن يودع هذه الأقوال في صميم نفوسكم و قلوبكم و أفكاركم و أعمالكم لسنين طويلة.
القوات المسلحة في أيّ بلد من ركائز اقتدار ذلك البلد. و من المتيقن منه أن ركائز الاقتدار العسكري لأي بلد يمكنها أن تعبر عن القدرات العامة و الدولية لذلك البلد. بيد أنه یجب عدم النظر لمعنى الاقتدار في القوات المسلحة نفسها بسهولة و تبسيط. القوات المسلحة المقتدرة هي تلك القوات التي يمكن للدوافع و المعنوية و العزيمة الراسخة فيها أن تكوّن أساليبها و سلوكياتها و تحركاتها في ميادين المسؤولية و توجّهها و تهديها. إذا لم يكن الإيمان و إذا لم تكن البصيرة و إذا لم تكن العزيمة الراسخة، و إذا لم تكن هناك نظرة طويلة الأمد لأقصى صفوف العدو، فإن العدد الكمي أو الكثرة العددية و العدة العسكرية و المعدات و التجهيزات لن تكون عوامل مصيرية حاسمة. العدد الكبير في القوات المسلحة أو حتى المعدات المتطورة أو حتى التدريبات العصرية لا تكفي لوحدها بحيث تمنح القوات المسلحة في بلد من البلدان أو شعب من الشعوب القدرات و الاقتدار. لا بدّ من الإيمان و لا بد من العزيمة و لا بد من الشعور بالمسؤولية و لا بد من فهم حقيقة و مسؤوليات القوات المسلحة. هذه هي العوامل التي بوسعها أن تجعل القوات المسلحة ركناً و أساساً لاقتدار الشعب بالمعنى الحقيقي للكلمة. القوات المسلحة في نظام الجمهورية الإسلامية - سواء جيش الجمهورية الإسلامية الشامخ أو حرس الثورة الإسلامية و قوات التعبئة أو سائر العاملين في منظومة القوات المسلحة - أثبتت طوال أعوام متمادية قدراتها المتنوعة؛ أثبتت عملياً قدراتها المعنوية و قدراتها العلمية و قدراتها على الإبداع و الابتكار و عزيمتها الراسخة. لذلك فالعالم يحسب لقواتنا المسلحة حسابها، و ينظر لها بعين الجد، و يعلم أنه إذا كانت الساحة ساحة المسؤولية و القتال فإن القوات المسلحة في نظام الجمهورية الإسلامية سوف تتألق كأفضل ما يكون التألق.
أيها الشباب الأعزاء، يا أبناء هذا الشعب المضحين الذين اخترتم هذا المضمار الخطير لتقديم الخدمة، أعدوا أنفسكم لرفعة القوات المسلحة أكثر فأكثر. حينما تدرسون و حينما تتعلمون و حينما تفكرون و تبحثون و عندما تتلقون الانضباط و سائر الفنون العسكرية، فاصحبوا كل ذلك بنية و بفكرة و بهمة أنكم تريدون أن تكونوا ركيزة مهمة لاقتدار بلادكم بالمعنى الواقعي للكلمة.
هذه الجامعة المزدانة بالاسم المبارك للإمام علی بن أبي طالب (ع) لها مفاخر و أمجاد كثيرة. هؤلاء الشهداء الذين تشاهدون صورهم المنورة هنا تخرجوا كلهم من هذه الجامعة و تربوا فيها و استطاعوا ممارسة أدوارهم. بين مقاتلينا و شهدائنا الأبرار عدد من الطلبة الجامعيين من هذه الجامعة. هذه الجامعة مكان مبارك. هذه الجامعة محل تربية و إعداد أناس يفخر الشعب الإيراني اليوم بوجودهم و يعتبرهم مبعث اقتداره المعنوي، فاعرفوا قدر هذا و افخروا بأنكم تعملون على إعداد أنفسكم في مثل هذا المركز.
العالم الإسلامي اليوم، بل عالم الإنسانية كله، بحاجة إلى رسالتكم الإسلامية و رسالة شعب إيران. العالم اليوم متورط بأحداث ناجمة عن الأنانيات و الجشع و الطمع. العالم اليوم و بفعل أدوات جديدة و مخربة و مهلكة بيد الكثير من الذين لا يفهمون شيئاً سوى الأهواء الشخصية و الفئوية، لم يعد يدرك الفضائل و لم يعد يشم رائحة الإنسانية. في مثل هذا العالم عندما يرتفع نداء الإسلام التحريري، و حينما يرفع الإسلام رايته، فإن جاذبيته سوف تستقطب أنظار العالم، و هذا ما حصل في الوقت الراهن. طبعاً يبدي الأعداء ردود أفعال من أجل أن يشوهوا سمعة الإسلام، و يستخدمون لأجل ذلك الفنون و العسكر و السياسة و كل الأدوات المتاحة.
من الأعمال الأساسية و المهمة التي تستخدم اليوم في الشركات الفنية المعروفة في العالم هي تخويف الناس من الإسلام. لماذا؟ إذا لم يكن الإسلام قد هدّد مصالح الناهبين العالميين، لما أبدوا حياله ردود الأفعال هذه. ترون أنهم يصنعون جماعات باسم الإسلام و باسم الحكومة الإسلامية و ينحتونها و يسلحونها و يدعمونها و يطلقونها ضد الناس و يزعزعون أمن البلدان بواسطتها؛ هذا دليل على نفوذ رسالة الإسلام. إنهم يخافون من الإسلام الحقيقي الأصيل. الإسلام الذي رفعه الجيل الذي سبقكم في ساحات السياسة و الثورة و عرضه على العالم. و كما أشار هؤلاء الشباب الأعزاء و أثبتوا فإنكم اليوم ورثة أولئك الشهداء العظماء و أولئك الرجال الأجلاء. رسالة الإسلام للإنسانية هي رسالة السكينة و العزة و الشموخ و رسالة الحياة المغمورة بالأمن و الأمان، و هذا ما لا يريد الأعداء أن يشتهر في العالم، و أن تتعرف الشعوب عليه.
أعزائي، ادرسوا الدروس بصورة جيدة، و تعلموا فنون العسكرية بصورة جيدة، و اجعلوا الحالة العسكرية مصحوبة بالضوابط الإسلامية و الركائز الدينية، و أبدعوا؛ فكما أن باحثينا و علماءنا الشباب يقدمون في الميادين العلمية المتنوعة ظواهر علمية، أبدعوا أنتم أيضاً ظواهر عسكرية و حالات تنظيم عسكري و ظواهر جيشية و أموراً جديدة يمكنها أن ترفع منظمة عسكرية إلى ذروة العلاء، و أشيعوها بينكم.
نسأل الله تعالى أن يمنّ عليكم بالتوفيق، و ستشهدون أنتم أيها الشباب الأعزاء إن شاء الله غداً أفضل و أكثر إشراقاً و شموخاً في هذا البلد، و تكونون مشاركين تمام المشاركة في خلق ذلك الغد المشرق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.