موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

الإمام الخامنئی یزور محافظة خراسان الشمالیة

بجنورد مرکز محافظة خراسان الشمالیة کانت الیوم القلب النابض لإیران الإسلامیة. فقد انتهی الیوم انتظار أهالی خراسان الشمالیة الذی استمر عدة أسابیع، و جاءهم قائد الثورة الإسلامیة فی زیارته للمحافظة. وصل سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی إلی مطار بجنورد صباح یوم الأربعاء 10/10/2012 م فی الساعة التاسعة و ثلاثین دقیقة. حشود الجماهیر الغفیرة التی بقیت تنتظر قدوم القائد خارج المطار منذ ساعات اعترتها أمواج هیاج عارمة مع خروج السیارة التی تقلّ الإمام الخامنئی من مطار بجنورد، و اطلقت عواصف الشوق و البهجة فاحاطت منذ اللحظات الأولی بسیارته.
و قد خلق استقبال الجماهیر فی خراسان الشمالیة و خصوصاً الشباب و جیل الثورة الثالث لقائد الثورة الإسلامیة مشاهد أصیلة نادرة من الحبّ و العشق الذی یحمله الناس و أبناء الجیل الثالث للثورة تجاه النظام الإسلامی و الولایة.. مشاهد لا تستطیع کامیرات التصویر و الأفلام التعبیر عن أعماقها و ما تکتنزه من عزیمة.
ما یلاحظ الیوم فی شوارع بجنورد هو التواجد الواسع و الملحمی و الحیویة العامة للشرائح و القومیات المتنوعة القاطنة فی الحدود الشمالیة الشرقیة للبلاد من ترک و کرد و ترکمن و فرس و تات و شیعة و سنة.
کان احتشاد الجماهیر لاستقبال الإمام الخامنئی طوال المسافة ما بین مطار بجنورد و ملعب تختی حیث یلقی سماحته کلمته علی الحشود الغفیرة من الکثافة بحیث توقفت سیارته عن السیر عدة مرات، و بقیت عاجزة عن مواصلة السیر فی بعض الأحیان لعدة دقائق.
و بعد الاستقبال الحاشد الذی أبداه أبناء الشعب هناک لآیة الله العظمی الخامنئی، و الذی استمر لنحو ساعتین، دخل سماحته ملعب تختی فی مدینة بجنورد فاستقبلته هناک حشود غفیرة أخری من الشعب کانت بانتظاره منذ ساعات.
و قدّم سماحته أمام عشرات الآلاف من أبناء بجنورد المحتشدین فی ملعب تختی تحلیلاً جامعاً للمسیرة المتصاعدة للشعب الإیرانی نحو قمم التقدم المادی و المعنوی الشامل، و اعتبر حالات من قبیل معرفة الواجب و الوعی و الیقظة و الجاهزیة الدائمة للعمل و النشاط و الحیویة و الأمل و العمل و السعی الدؤوب و الوحدة و التعاطف و معرفة الظرف و اللحظة من قبل الشعب و المسؤولین، الأدوات اللازمة لمواصلة هذه المسیرة المتسارعة مؤکداً: بفضل و توفیق من الله سوف یتجاوز الشعب الإیرانی بما له من تجارب و قدرات مطردة المشکلات التی تواجهه، و یترک لجبهة الاستکبار مرة أخری حسرة فرض الهزیمة علی هذا الشعب.
و أوضح قائد الثورة الإسلامیة أن الهدف الأصلی و الرئیسی للشعب الإیرانی منذ بدایة انتصار الثورة الإسلامیة و لحد الآن هو التقدم المادی و المعنوی الشامل مضیفاً: هذه التقدم مستلهم من منطق الإسلام، و یختلف عن التقدم فی الحضارة الغربیة المادیة.
و شدّد آیة الله العظمی علی أن التقدم الذی یرومه الغرب ذو بعد واحد، و لا یسیر إلا باتجاه الأمور المادیة، موضحاً: التقدم فی المنطق الإسلامی له أبعاد مادیة و معنویة مختلفة و یشمل التقدم فی العلم و الأخلاق و العدالة و الرفاه العام و الاقتصاد و العزة و المکانة الدولیة و الاستقلال السیاسی و التقرّب إلی الله.
و عدّ سماحته الشمولیة و الاستیعاب خصوصیة أخری من خصوصیات التقدم الإسلامی مؤکداً: فی منطق الإسلام ینبغی البرمجة فی العالم بحیث تشمل آفاق هذه البرمجة الأجیال القادمة و عشرات الأعوام المقبلة، و یتوجّب فی الوقت نفسه الاستعداد للآخرة و کأنه لا توجد إلا فرصة قصیرة جداً تفصل المرء عن السفر للآخرة.
و لفت قائد الثورة الإسلامیة إلی أن من لوازم تحقیق التقدم الإسلامی معرفة نقاط القوة و الضعف، و التوفر علی برمجة ملائمة للظروف، و رصد المسیرة نحو الهدف المرسوم مرحلة بمرحلة، و توعیة الناس بخارطة الطریق و المشکلات و الأخطار التی تعتور الدرب، مردفاً: هذه الواجبات تقع علی عاتق النخبة فی المجتمع سواء النخبة السیاسیة أو العلمیة أو الدینیة.
و بعد إیضاحه لمفهوم التقدم الإسلامی و الأدوات الضروریة لتحقیقه، تطرّق سماحته لمسیرة النظام الإسلامی وصولاً إلی حالة التقدم الإسلامی الشامل.
و فی تقییم مجمل عام لهذه المسیرة قال سماحته: کان للنظام الإسلامی طوال هذه الأعوام الثلاثة و الثلاثین الماضیة مسیرة متقدمة و متصاعدة علی الدوام، و قد مرّت هذه الحرکة طبعاً ببعض المنعطفات.
ثم بیّن قائد الثورة الإسلامیة الأدوات اللازمة لمواصلة هذه المسیرة بوتائر أسرع نحو قمة التقدم مؤکداً: العزیمة الراسخة و الأمل و الحیویة و العمل و السعی الدؤوب و الوعی من اللوازم الأصلیة لمواصلة السیر فی طریق التقدم، و إذا توفر شعب علی هذه الأحوال و الأدوات فسوف ینتصر علی کل المشکلات و سوف یفرض الهزیمة علی أعدائه.
و أوضح آیة الله العظمی السید الخامنئی أن من الضروریات المهمة جداً للوصول إلی التقدم التوفر علی تقییم دقیق و منطقی و بعید عن الشعارات الصرفة لظروف البلاد مضیفاً: منذ بدایة انتصار الثورة الإسلامیة وقف الشعب الإیرانی فی ساحة مواجهة مع الشبکة الصهیونیة الخبیثة التی تنتمی لها بعض البلدان الغربیة و علی رأسها أمریکا، و التی لا تدّخر أیة أحقاد و عداء تجاه هذا الشعب.
و اعتبر سماحته قدرات الشعب الإیرانی و فرصه فی ساحة المواجهة هذه قدرات و فرصاً بارزة ممیزة ملفتاً: الجیل الشاب المتحفز و النشیط و صاحب المواهب المتفوقة و العزیمة و الأمل، و المصادر الطبیعیة القیمة و الأساسیة التی تفوق المتوسط العالمی، و الأقالیم المتنوعة، و المسؤولون المخلصون، و القوات المسلحة الجاهزة الشجاعة، و رجال الدین الفضلاء المخلصون، و الجامعات الممتلئة بالطلاب، و الملایین من طلاب المدارس، و میثاق الأفق العشرینی، هی الإمکانیات و القدرات الممیزة للشعب الإیرانی التی تمهّد الأرضیة للانتصار علی کل المشکلات و لمواصلة المسیرة المتسارعة للوصول إلی التقدم الشامل.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی البنی التحتیة القانونیة و العملیة الاقتصادیة مردفاً: السیاسات العامة للمادة 44 و التقدم فی البنی التحتیة الاقتصادیة و خصوصاً فی مجال بناء السدود، و بناء محطات الطاقة، و تنمیة شبکة الفایبر الضوئی، و النقل و المواصلات، و طرق الارتباط و المواصلات، و هو ما تمّ إنجازه علی ید المتخصصین و النخبة الشباب فی البلاد، من البنی التحتیة المهمة فی الاقتصاد.
و عدّ سماحته الجیل الشاب المتوثب و المتعلم و الشجاع من الثروات الأساسیة الأخری للشعب الإیرانی، و أکد مرة أخری: من الأخطاء التی ارتکبت فی أواسط عقد السبعینات [التسعینات من القرن العشرین للمیلاد] مواصلة سیاسة تحدید النسل، و ینبغی تلافی هذا الخطأ لأن جیل الشباب هم العامل الأصلی لتقدم البلاد.
و لفت قائد الثورة الإسلامیة: طبعاً کان تطبیق سیاسة تحدید النسل و السکان فی بدایة عقد السبعینات عملاً صحیحاً، لکن مواصلته منذ أواسط السبعینات فما بعد کان خطأ، و مسؤولو البلاد بمن فیهم القیادة کانوا مساهمین فی هذا الخطأ، و یجب أن یطلبوا العفو من الله.
و بعد أن عدّد قائد الثورة الإسلامیة نقاط القوة و الاقتدار لدی البلاد، أشار إلی بعض المشکلات و علی رأسها ارتفاع الأسعار و البطالة مردفاً: هذه مشکلات یعانی منها کل الناس لکنها لیست بالمشکلات التی لا تقبل الحلّ، لأن الثورة الإسلامیة تجاوزت طوال ثلاثة و ثلاثین عاماً مشکلات أکبر من هذه.
و ألمح سماحته إلی بعض المشکلات الکبری و المعقدة التی وقعت بعد انتصار الثورة الإسلامیة بما فی ذلک السعی لإشعال اشتباکات قومیة فی البلاد، و إشعال حرب الأعوام الثمانیة المفروضة، و فرض الحصار و الحظر، مؤکداً: تجاوز الشعب الإیرانی بصموده و وعیه کل هذه المشکلات.
و قال قائد الثورة الإسلامیة بخصوص الحظر الاقتصادی: قضیة الحظر لیست بالقضیة الجدیدة و قد کانت موجودة منذ بدایة انتصار الثورة الإسلامیة، لکن الأعداء یحاولون تضخیم قضیة الحظر، و للأسف فإن البعض فی الداخل أیضاً یتناغمون معهم و یکرّرون کلامهم.
و اعتبر الإمام الخامنئی تشدید الحظر علی الشعب الإیرانی علی عدة مراحل دلیلاً علی عدم جدوی هذا الحظر مردفاً: تحاول أمریکا و بعض البلدان الأوربیة کذباً ربط هذا الحظر بالملف النووی، و الحال أنه فی بدایة انتصار الثورة الإسلامیة حین بدأوا هذا الحظر لم یکن لموضوع الطاقة النوویة أی ذکر.
و أوضح سماحته أن السبب الرئیسی لغضب جبهة الاستکبار هو عدم استسلام الشعب الإیرانی بفضل الإسلام و القرآن الکریم، ملمحاً: و لهذا السبب نراهم یعادون الإسلام و یهینون رسول الإسلام (ص).
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: إنهم یقولون کذباً إذا غضّ الشعب الإیرانی الطرف عن الطاقة النوویة فسوف یُرفع الحظر، و الحال أن السبب الرئیسی لفرض هذا الحظر غیر المنطقی، و الذی یعدّ نوعاً من الوحشیة، هو البغضاء و الأحقاد التی فی صدورهم ضد شعب إیران.
و أکد آیة الله العظمی الخامنئی: هذا الحظر فی الواقع حرب ضد شعب، لکن الأعداء و بتوفیق من الله سوف ینهزمون أمام الشعب الإیرانی فی هذه الحرب أیضاً.
و أردف سماحته قائلاً: طبعاً یسبّب الحظر بعض المشکلات، و بعض حالات سوء التدبیر أیضاً قد تزید من هذه المشکلات، لکن هذه المشکلات لیست بالقضایا التی تعجز الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة عن معالجتها و حلها.
و أکد الإمام الخامنئی مخاطباً البلدان الغربیة: مشکلاتکم أعقد من مشکلات إیران بکثیر، فاقتصادکم مقفل علیه، و هو فی طریق مسدود.
و أضاف قائلاً: من القضایا المهمة فی انتخابات رئاسة الجمهوریة بأمریکا حالیاً المشکلات الاقتصادیة التی یعانی منها الناس هناک و نهضة الـ 99 بالمائة.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة: اعلموا أن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة لن تُغلب بهذه المشکلات، و سوف تتغلب بفضل من الله علی هذه المشکلات، و ستترک الأعداء مرة أخری فی حسرة هزیمة شعب إیران.
و أوضح آیة الله العظمی السید الخامنئی أن العمل بالواجب من قبل الشعب و المسؤولین من لوازم التغلب علی المشکلات مؤکداً: من واجبات الشعب المهمة الحفاظ علی الیقظة و الوعی و معرفة اللحظة و تقییمها.
و أضاف سماحته قائلاً: فی طهران نزل عدد من الأشخاص إلی الشوارع باسم تجار السوق، و أثاروا بعض التوتر، لکن تجار السوق المحترمین نشروا فوراً بیاناً اعلنوا فیه براءتهم من أولئک، و هذا عمل صحیح و دالّ علی وعی التجار.
و ذکّر قائد الثورة الإسلامیة بأحداث فتنة 88 قائلاً: بعد انتخابات بتلک العظمة فی سنة 88 أبدی البعض اعتراضهم و مخالفتهم، و خلق البعض باسمهم الاضطرابات و الشغب مستغلین هذه الفرصة، و کان علی الذین أثیرت أعمال الشغب باسمهم أن یصدروا بیاناً فی حینها و یعلنوا براءتهم، لکنهم لم یفعلوا ذلک.
و استطرد سماحة آیة الله العظمی الخامنئی یقول: الیقظة و معرفة اللحظة و تقییمها خصوصیة بارزة یجب أن یهتمّ بها شعبنا دوماً، و یبدی ردود أفعال مناسب فی اللحظة بمجرد الشعور بمؤامرة العدو.
و اعتبر سماحته واجب المسؤولین بدورهم المحافظة علی الوحدة و التعاطف و البرمجة و التخطیط و مراعاة الحدود القانونیة و معرفة المسؤولیات، و عدم إلقاء النواقص و التقصیرات علی عواتق بعضهم، مؤکداً: تمّ فی دستور البلاد تحدید دور و واجبات مجلس الشوری الإسلامی، و الحکومة، و رئیس الجمهوریة، و السلطة القضائیة، لذا ینبغی لکل المسؤولین القیام بواجباتهم القانونیة، و أن یتعاطفوا و یتواکبوا و تکون کلمتهم واحدة.
و لفت قائد الثورة الإسلامیة قائلاً: لیس للبلد مشکلة فی هذا الجانب بلطف من الله، لأن مسؤولی البلاد سواء رؤساء السلطات الثلاث أو من هم فی هذه السلطات مخلصون و محبّون لمصیر البلاد.
و أضاف آیة الله العظمی الخامنئی قائلاً: طبعاً من الممکن أن تکون هناک بعض الأخطاء أو الاشتباهات، لکن کل هذه الأخطاء قابلة للتلافی.
و أکد یقول: مسیرة الشعب الإیرانی مسیرة مهمة یمکنها تغییر تاریخ العالم، کما غیّرت الآن تاریخ المنطقة.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامیة أحداث المنطقة فی ضرر الغرب و خصوصاً أمریکا و تهدیداً للکیان الصهیونی، و أشار إلی ترهات ساسة الکیان الصهیونی مردفاً: لیست هذه الترهات جدیرة بالردّ، و لکن لتعلم البلدان الأوربیة السائرة خلف أمریکا بأن هذه المواکبة لیست عقلانیة بل هی نوع من الحماقة.
و أشار آیة الله العظمی الخامنئی إلی عدم وجود ذکریات سیئة جداً فی خاطر الشعب الإیرانی عن معظم البلدان الأوربیة مؤکداً: طبعاً نظرة الشعب الإیرانی لبریطانیا سیئة جداً، و لهذا السبب یُقال عنها بریطانیا الخبیثة.
و أضاف سماحته: لتعلم البلدان الأوربیة أن مواکبة أمریکا لیس لها من نتیجة سوی کراهیة الشعب الإیرانی لهم.
و تابع قائد الثورة الإسلامیة حدیثه معتبراً العلاج الرئیسی و الأساسی للمشکلات الاقتصادیة للبلاد دعم الإنتاج و العمل و رأس المال الإیرانی موضحاً: الاهتمام بالإنتاج الوطنی یؤدی إلی زوال الغلاء، و توفیر فرص العمل، و تعزیز روح الاستغناء لدی الشعب الإیرانی. لذلک علی المسؤولین الاهتمام بشکل جاد بقضیة الإنتاج الوطنی.
و فی جانب آخر من حدیثه أبدی قائد الثورة الإسلامیة ارتیاحه الوافر لزیارته محافظة خراسان الشمالیة باعتبارها (باب الرضا «ع») فی یوم زیارة هذا الإمام الهمام (ع) مستعرضاً خصائص و خصال أهالی هذه المنطقة و الإمکانیات الطبیعیة و الجغرافیة فیها.
و عدّ الإمام الخامنئی الطبیعة الجمیلة، و المعالم السیاحیة الکثیرة، و المصادر الطبیعیة الغنیة، و الأرضیة الصالحة للزراعة و الرعی، عدّها من الخصائص الطبیعیة لمحافظة خراسان الشمالیة مضیفاً: التدیّن، و الحیویة و النشاط و التوثب، و الجاهزیة للعمل، و غیرة حمایة الحدود، و المواهب المتفوقة المتألقة، و الشجاعة، و التعایش الأخوی العاطفی بین القومیات المختلفة من الامتیازات البارزة لأهالی محافظة خراسان الشمالیة.
700 /