موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

القائد: يجب ان تتبوأ العدالة موقعها المحوري في المجتمع

عقد الاجتماع الثاني للافكار الاستراتيجية في الجمهورية الاسلامية صباح الثلاثاء تحت عنوان "العدالة" وذلك من خلال تبادل الاراء ووجهات النظر بين قائد الثورة الاسلامية وعشرات المفكرين والاساتذة والباحثين من الحوزات العلمية والجامعات .
وفي مستهل الاجتماع الذي استغرق 4 ساعات استعرض عشر شخصيات من اصحاب الراي والنخبة وفي المجالين النظري والعملي ، وجهات نظرهم حول مبادئ ومفاهيم وابعاد وضرورات العدالة .   

وكان الاجتماع الاول للافكار الاستراتيجية في الجمهورية الاسلامية عقد في تشرين الثاني حيث تناول موضوع النموذج الاسلامي الايراني .

وحث سماحة اية الله السيد علي الخامنئي في الاجتماع، العلماء والمفكرين على السعي الجاد لتحقيق النظرية الاسلامية في باب العدالة ، وقيّم الاعمال المنجزة في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية خلال العقود الثلاثة الاخيرة بانها جيدة لكنه قال "ان الوضع الراهن لا يبعث على الرضا على الاطلاق لان النظام الاسلامي بصدد تحقيق اعلى نسبة من العدالة وان التطبيق الكامل للعدالة يعني قيمة مطلقة وجماعية" .
 
ووصف سماحته المواضيع المطروحة في هذا التناغم الفكري بانها ذات مغزى ومفيدة معتبرا اجتماع اليوم بانه كان نقطة انطلاق معربا عن امله بان يتحول موضوع العدالة ومن خلال استثمار الطاقات الواسعة لدى اصحاب الراي بالبلاد، الى حوار نخبوي ليصل الى نهاية سعيدة ومحمودة عبر الاستمرارية والمتابعة الجديرة .  

واعتبر قائد الثورة، العدالة بانها تمثل الهاجس الدائم للانسان واشار الى ولوج المفكرين في هذا الموضوع ،موضحا انه عبر اجراء دراسة معمقة ودقيقة سيتضح ان دور الاديان السماوية في هذا المجال وفي ظل وجود مختلف النظريات العلمية حول العدالة ، كان فريدا من نوعه واستثنائيا .

واستشهد قائد الثورة الاسلامية بالقران الكريم معتبرا العدالة بانها الهدف الرئيس للاديان قائلا ان العدالة كانت الهدف لتنظيم الحياة الاجتماعية للاديان وحركة الانسان في اطار الدين مؤكدا ان هكذا اهتمام جاد بالعدالة لم يشاهد في اي مدرسة انسانية .

ولدى اعطائه المزيد من الايضاحات حول فرق العدالة في نظر الاديان والمدارس الانسانية قال سماحته ان الانبياء وفضلا عن تبيين العدالة ، كانوا يخوضون ايضا
معارك مع الطواغيت والظالمين من اجل تحقيقها وانهم عند المواجهة بين الظلم والمظلوم كانوا يأخذون جانب المظلومين على الدوام الا ان المنظرين اكتفوا بالكلام فقط عند التطرق للعدالة .

واعتبر اية الله الخامنئي الاعتقاد السائد بين جميع الاديان السماوية بان التاريخ البشري سيصل في النهاية الى مرحلة مبنية على العدل بانه يمثل الفرق الثالث بين الاديان والمكاتب الانسانية بشان العدالة مضيفا ان الاديان الالهية ومن خلال نظرتها لمبدأ عالم الوجود والانسان وفي ظل الحركة التاريخية للشعوب وكذلك في تبيين نهاية هذا المسار اي المعاد ، كانت تشدد دوما على عنصر العدالة مما يعتبر امر فريدا لا مثيل له .

وتابع اية الله الخامنئي ان العدالة وانطلاقا من هذه النظرة الدينية تبوأت مكانة متميزة وفريدة من نوعها في الثورة الاسلامية منذ انطلاقتها بحيث انها وفي شعارات الشعب والدستور وخطابات ورؤى الامام الخميني (رض) وطوال 32 عاما من حياة الجمهورية الاسلامية كان يتم التاكيد عليها باعتبارها قيمة مطلقة .

واشار قائد الثورة الاسلامية الى العدالة بانها تاتي دوما على راس هواجس النظام الاسلامي مشيرا الى كثير من الاعمال التي انجزت بعد انتصار الثورة الاسلامية بهدف تحقق العدالة الاجتماعية قائلا ان هذه الاعمال الجيدة لا تبعث على الرضا لاننا واستنادا للنظرة الاسلامية جعلنا هدفنا تحقيق كامل العدالة وامحاء اشكال الظلم وهذا الامر يتطلب جهدا مستمرا وجادا وشاملا من اجل تقليل المسافات الواسعة الموجودة حاليا وتحقيق العدالة الاجتماعية .

ولفت اية الله الخامنئي الى الاهتمام الذي يبديه النظام الاسلامي اليوم للوصول الى النظرية الاسلامية الاصيلة في موضوع العدالة قائلا انه كانت هناك تعاريف اجمالية عن العدالة حتى يومنا هذا لكن علينا ان نبذل جهودا من اجل ان يتحول موضوع العدالة الى حوار مباشر ودائمي على جميع الاصعدة وان يطرح بين النخبة والمسؤولين والشعب ولاسيما الشباب كقضية رئيسية .

وفي معرض تبيينه الاهداف التي ادت الى عقد سلسلة اجتماعات الافكار الاستراتيجية حول العدالة قال سماحته انه ينبغي البحث عن اساليب واليات جديدة ومؤثرة لتضييق الهوة الموجودة حتى تحقيق اقصى درجات العدالة الامر الذي يحتاج الى تلاقح الافكار بين المفكرين .

واكد قائد الثورة الاسلامية: لقد انتهت مرحلة الاختبار على صعيد تطبيق العدالة، وقال "اننا تحركنا الى الامام متمسكين بنمط الاختبار خلال العقود الثلاثة المنصرمة في مواضيع عدة ولكن علينا التحرك وفقا للنماذج والاساليب المتقنة من الان فصاعدا" .

واعتبر اية الله الخامنئي حرکة البلاد في مسار التقدم السريع والقفزة النوعية
بانها تشكل احدى ضروريات الاهتمام الاكثر جادا بموضوع العدالة، مضيفا :
ان ديمومة هذا التحرك السريع بحاجة الى اتخاذ قرارات كبرى لكن اذا تم تجاهل  موضوع العدالة والصلة الموجودة بين العدالة والتنمية خلال هذه القرارات
فان ذلك سيجلب خسائر فادحة .

وركز سماحته في تصريحاته على موضوع العدالة في بعدها النظري مضيفا القول : ان الهدف هو الوصول الى النظرية الاسلامية الاصيلة في خصوص العدالة وان تحقيق هذا الهدف المهم للغاية ، يتطلب الرجوع للمصادر الاسلامية والامعان فيها بنظرة متجددة ومن ثم استخراج النظرية الاسلامية الخالصة منها عبر الاساليب الخاصة بهذا العمل .

وفي هذا المجال اكد سماحته انه يجب تجنب الافكار والقراءة الالتقاطية وعدم الاقتباس من اراء وافكار الاخرين عند صياغة النظرية الاسلامية للعدالة بل ينبغي استخراج هذه النظرية اعتمادا على المصادر الاسلامية الاصيلة .
 
واعتبر اية الله الخامنئي ، ان تعريف العدالة في اي مدرسة يقوم على اسس
النظرة لعالم الوجود في تلك المدرسة ولذلك يجب الا تستفاد من اراء المدارس الاخرى في هذا المجال .

واشار اية الله الخامنئي الى ان هناك فروقات عميقة بين رؤية الاسلام والمدارس الانسانية لموضوع العدالة ، مضيفا ان العدالة في الاسلام نابعة عن الحق وان محورية العدالة تعتبر واجبا الهيا بينما لا توجد مثل هذه الرؤية في المدارس  الانسانية .

واعتبر قائد الثورة الاسلامية تعدد الاراء والافكار بانه حاجة حقيقية على صعيد التوصل الى النظرية الاسلامية الاصيلة في مجال العدالة، مضيفا: يجب ان نعمل بشكل في هذا المجال كي لا يتصور احد باننا نريد من خلال نوع من الحكم المسبق ترجمة مايدور في خلدنا الى ارض الواقع بل علينا ان نسعى للتوصل الى ما هو صحيح وحقيقي في هذا المجال في ضوء تلاقح وتعددية الافكار والنشاط العلمي .

وصرح بالقول : ان عملية تناغم الافكار والاراء يجب ان تتواصل دوما حتى بعد التوصل الى النظرية الاسلامية الاصيلة في مجال العدالة .
 
واضاف: يجب بذل المساعي الدؤوبة في هذه المرحلة للتوصل الى اجماع قوي ومتقن ومؤثق في خصوص العدالة كي تتم صياغة الخطط الطويلة الامد على اساس هذا الاجماع .

كما اكد سماحته ضرورة اجراء ابحاث جديدة خاصة في مجال القضايا العملية
واساليب تطبيق النظرية بعد التوصل الى الاجماع القوي وفي هذا المجال بامكاننا الاستفادة من تجارب الاخرين .

واعتبر آية الله الخامنئي، ايجاد فرع تحت عنوان "الابحاث في العدالة" بالحوزات العلمية والجامعات ، نوعا من الاستثمار المفيد لتعزيز ثقافة الحوار حول العدالة وتربية كوادر قوية وناشطة ، مضيفا : ان البحث عن مؤشر لقياس مدى تحقق العدالة الاجتماعية في المجتمع يعتبر احد الاعمال النظرية المهمة الاخرى في هذا المضار .

ولفت سماحته الى امکانية الاستفادة من بعض المؤشرات المطروحة في النظريات الغربية في ظروف خاصة لكنه اشار الى ان الکثير منها منقوصة او تحتوي على اخطاء بمجملها ولذلك ينبغي صياغة مؤشرات ومعايير مستقلة لتحقيق العدالة من وجهة نظر الاسلام .   

واکد قائد الثورة الاسلامية ان أهتمام مجلس الشورى الاسلامي ومجلس صيانة الدستور بمفهوم العدالة في کل التشريعات القانونية، يعتبر عملا ضروريا ،
مضيفا: انه ينبغي القيام باعمال کثيرة من أجل تطبيق العدالة الاجتماعية .   

واوضح آية الله الخامنئي في ختام كلمته، ان الاعتقاد بالمبدأ والمعاد في موضوع  العدالة له دور اساسي ، مضيفا : ان الاعتقاد بالمعاد والايمان بتجسم الاعمال في القيامة ويوم الحساب يعد سببا لقوة وحيوية الساعين لتحقيق العدالة وفي الحقيقة فانه ليس بالامكان نشر العدالة الحقيقية في مجتمع يغيب عنه الايمان بالمبدأ والمعاد . 

کما أوضح سماحته بان سعي کل شخص لتطبيق العدالة في دائرته الشخصية نقطة مهمة اخرى في موضوع العدالة مضيفا، ان قيام كل شخص بالقاء نظرة عادلة على نفسه يؤدي الى الابتعاد عن الذنوب والخطايا وايجاد حالة من الخضوع والخشوع امام الباري عز وجل كما انه يساعد على تعزيز العدالة الاجتماعية في المجتمع .
700 /