موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

قائد الثورة الإسلامية المعظم يبيّن دروس وعبر أحداث سوريا:

ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك

 

أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي خلال استقباله صباح اليوم (الأربعاء: 2024/12/11) حشداً من المواطنين، في معرض بيان سماحته "الأبعاد المتعددة لأحداث سوريا، تحديد منطق تواجد إيران في هذا البلد، وبيان المسار المستقبلي لتطورات المنطقة وبيان الدروس والعبر لأحداث سوريا" أكد سماحته: هذه الأحداث نتاج مخطط أمريكي-صهيوني، وأن المقاومة ستزداد إستحكاماً وحافزاً أمام الضغوط والجرائم وستتسع دائرة المقاومة وتشمل كل المنطقة بحول وقوة الباري تعالى.

وقال سماحته: لا ينبغي التشكيك بأن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك، نعم، لقد لعبت حكومة دولة مجاورة لسوريا دوراً واضحاً في هذا الصدد، ولا تزال تلعبه الآن - والجميع يرون ذلك - لكن العنصر المتآمر والمخطط الاساس وغرفة القيادة الرئيسية هي أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلة على ذلك، وهذه الأدلة لا تترك مجالاً للشك.

وأكد سماحته أن قوة المقاومة ستتسع أكثر من السابق، وستشمل كل المنطقة، واضاف: هذه جبهة المقاومة، كلما زادت الضغوط عليها زادت استحكاماً، وكلما زادت الجرائم ضدها زادت حوافزها، وكلما حاربوها اتسعت أكثر، وإنني أقول لكم إنها ستكون أقوى من الماضي وستشمل كل المنطقة.

وشدد سماحته على أن "من يحلل عبثاً بأن ضعف المقاومة سيؤدي إلى ضعف إيران، فهو لا يعرف معنى المقاومة. أقول لكم إيران قوية وراسخة وستصبح أقوى أيضاً باذن الله تعالى وحوله وقوته".

وقال سماحته: يكتب لي كبار المسؤولين في القوات المسلحة والتنظيمات المسلحة أننا لا نستطيع أن نتحمل قضية لبنان وحزب الله، فاسمح لنا نذهب الى هناك، واضاف: قارنوا هذا الامر بجيش لا يتحمل ويهرب. وللأسف كان جيشنا هكذا في عهد الطاغوت؛ حيث أنه لم يقف في وجه هجوم الأعداء الأجانب في مختلف الحروب بما فيها الحرب العالمية الثانية. جاء العدو حتى سيطر على طهران نتيجة عدم وقوف الجيش أمامه.

وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم: كنا مستعدين حتى في هذه الظروف الصعبة، وأطلعوني بأننا قمنا بإعداد جميع الامكانيات اللازمة للسوريين اليوم ونحن على استعداد للذهاب. إلا أن الاجواء كانت مغلقة، وكذلك الطرق الارضية، اذ أغلق الكيان الصهيوني واميركا سماء سوريا والطرق البرية، ولم يكن بالامكان الذهاب الى هناك. ولو بقيت الحوافز على حالها في سوريا وكانت لهم كلمة أمام العدو، لم يكن باستطاعة العدو أن يغلق سماءهم، ولا أن يغلق طرقهم البرية، وحينها كان بالامكان مساعدتهم.

واعتبر سماحته سلوك الصهاينة والأميركيين مع الأحداث الأخيرة في سوريا أحد الأدلة على تخطيطهم لها وضلوعهم فيها، وأضاف: إذا لم يكونوا هم العقل المدبر لأحداث سوريا فلماذا تدخّلوا عمليا في الاحداث الجارية بقصف مئات مراكز البنية التحتية والمطارات ومراكز الأبحاث ومراكز إعداد العلماء وغيرها من مناطق سوريا.

وأشار سماحته إلى الإعلان الرسمي للولايات المتحدة عن مهاجمة 75 نقطة في سوريا في اليوم الأول أو اليومين الأولين من الأحداث، وقال: بالإضافة إلى استهداف مئات النقاط، قام الصهاينة أيضاً باحتلال أراض سورية وجلبوا دباباتهم الى القرب من دمشق، واميركا التي تبدي الكثير من الحساسية تجاه احداث حدودية اقل اهمية من هذه بكثير في بلدان أخرى، ليس لا تحتج فحسب، بل إنها تساعد أيضاً. ألا تظهر هذه الحقائق ضلوعها في أحداث سوريا؟.

وقال سماحة آية الله الخامنئي، موضحاً أحد الأدلة الأخرى على تورط الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في شؤون سوريا: في الأيام الأخيرة، كان من المفترض إرسال بعض المساعدات والتسهيلات إلى اهالي منطقة من سوريا - وخاصة الزينبية – لكن الصهاينة أغلقوا كافة الطرق البرية كما ان الطائرات الاميركية والصهيونية بتحليقها واسع النطاق لم تسمح بنقل هذه المساعدات جواً ايضا. إذا لم يكونوا ضالعين في القضية ولا يقاتلون ضد سوريا من خلال الوقوف وراء مجموعة إرهابية أو مسلحة، فلماذا منعوا مساعدة الشعب السوري؟.

ووصف قائد الثورة الإسلامية المعظم أهداف المهاجمين الذين يسعون للاستيلاء على الأراضي السورية من الشمال والجنوب بأنها مختلفة وأضاف: في هذه الأثناء تسعى أميركا إلى تعزيز موطئ قدمها لكن الزمن سيظهر أن أياً من أهدافهم لن تتحقق، ولا شك أن المناطق التي تم الاستيلاء عليها في سوريا سيتم تحريرها من قبل الشباب السوريين الغيارى.

وفي استعراضه لعملية التطورات المستقبلية في المنطقة، أكد سماحته أن أميركا سيتم طردها من المنطقة بيد جبهة المقاومة، وأضاف: إن عملاء الاستكبار يتصورون أن جبهة المقاومة قد ضعفت بعد سقوط الحكومة السورية، التي كانت مؤيدة للمقاومة، لكنهم مخطئون جداً، لأنهم لا يملكون الفهم الصحيح للمقاومة وجبهة المقاومة.

ووصف سماحة آية الله الخامنئي المقاومة بأنها ليست قطعة من المعدات القابلة للكسر والانهيار، بل هي الإيمان والفكر ومدرسة الاعتقاد والقرار القلبي، "ولهذا السبب، تصبح المقاومة أقوى تحت الضغوط وإن حوافز افرادها وعناصرها تصبح أشد ويصبح نطاقها أوسع".

وأشار سماحته إلى تقوية حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والقوى الفلسطينية الأخرى تحت ضغط الأشهر الـ 14 الماضية كدليل على هذه الحقيقة، وأضاف: إن ضغط المصائب وخسارة السيد حسن نصر الله كان ثقيلاً جداً، لكن اشتدت قوة حزب الله وقبضته، ولذلك لجأ العدو الى وقف اطلاق النار برؤيته لهذه الحقيقة.

ولفت سماحته الى جرائم الكيان الصهيوني القاتل في غزة، غير المسبوقة واستشهاد شخصيات بارزة مثل يحيى السنوار، واضاف: لقد ظنَّ العدو أن أهل غزة سينتفضون ضد حماس تحت القصف، لكن تبيّن أنه وعلى العكس من ذلك، أصبح الناس أكثر من ذي قبل تأييداً لحماس والجهاد الإسلامي والجماعات المجاهدة الفلسطينية الأخرى.

وشدد سماحة آية الله الخامنئي على أن انتشار المقاومة في كافة المناطق سيكون النتيجة الحتمية لضغوط الأعداء وجرائمهم، وأضاف: على ذلك المحلل الجاهل وغير المطلع الذي يرى أن هذه الأحداث تضعف إيران، أن يدرك أن إيران قوية ومقتدرة وستصبح أكثر قوة أيضاً.

ووصف سماحته المقاومة بأنها حقيقة متأصلة في عقيدة الشعوب وإيمانها، وأضاف: المقاومة بمعنى الوقوف في وجه أميركا وأي قوة مهيمنة أخرى، ومعارضة التبعية والعبودية لأميركا، هي عقيدة مهمة جداً للشعوب، وقد أثار هذا الاعتقاد تأييدا شديدا في الأشهر الأخيرة من جانب شعوب المنطقة، وبتعبير آخر شعوب العالم لفلسطين، والإعراب عن كراهيتها للصهاينة.

وأشار سماحة آية الله الخامنئي إلى مرور أكثر من 75 عاماً على إغتصاب فلسطين، وقال: كان ينبغي لهذه القضية أن تُنسى خلال هذه المدة الطويلة، ولكن وقوف الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة إلى جانب القضية الفلسطينية اليوم، أقوى عشر مرات مما كان عليه وقت إغتصاب هذه الارض، وان إيمان الشعوب المشترك قد جعل هذه الشعلة أكثر لهيباً.

واعتبر سماحته أن الانحياز للكيان الصهيوني هو الخط الأحمر للشعوب، وأضاف: على الصهاينة والمتواطئين معهم أن يعلموا؛ وبحسب التقليد الإلهي فإن الجريمة لا تجلب النصر، واليوم يتكرر هذا التقليد الإلهي والتجربة التاريخية في غزة والضفة الغربية لنهر الأردن ولبنان.

وأشار سماحته إلى التواجد الإيراني في سوريا في السنوات السابقة، وقال: نقطة يجهلها الغالبية خاصة الشباب، هي أنه قبل مساعدتنا للحكومة السورية، أي في مرحلة حرجة من فترة الدفاع المقدس (1980-1988) وفي وضع كان فيه الجميع مع صدام ويعمل ضدنا، قدّمت الحكومة السورية مساعدة حيوية لإيران، اذ قامت في خطوة كبيرة وحاسمة، بإغلاق خط أنابيب النفط من العراق إلى البحر الأبيض المتوسط وحرمت صدام من دخله.

واعتبر سماحته أن السبب الآخر لوجود الشباب الإيراني وبعض القادة العسكريين الإيرانيين في سوريا والعراق، هو لمواجهة فتنة داعش وأضاف: داعش كانت قنبلة إنعدام الأمن، اذ كانت تسعى لزعزعة أمن سوريا والعراق ومن ثم التواجد في إيران وجعلها غير آمنة، وكان هذا هو الهدف الرئيسي والنهائي.

واعتبر سماحة آية الله الخامنئي الحيلولة دون تسرّب حالة انعدام الأمن إلى إيران، سبباً مهماً لعزم الجمهورية الإسلامية الايرانية على محاربة داعش، واضاف: سرعان ما أدرك المسؤولون لدينا أنه إذا لم يتم إيقاف داعش، فسوف ينتشر إنعدام الأمن في جميع أنحاء إيران، مثلما شهد الناس أمثلة للفظائع الإرهابية في (حادث الهجوم الارهابي على) مجلس الشورى الاسلامي ومرقد "شاهجراغ" (في شيراز) وكرمان.

وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى كلام أمير المؤمنين (ع) «مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا» وقال: على هذا الأساس توجهت قواتنا والقائد الشهيد سليماني وزملاؤه إلى العراق وسوريا، ومن خلال تنظيم وتسليح شباب هذين البلدين تصدّوا لداعش وقصموا ظهره.

وأشار سماحته إلى هدف داعش لتدمير المراقد المقدّسة في كربلاء والنجف والكاظمية ودمشق، على غرار ما قاموا به من تدمير قبتي المرقدين الشريفين في سامراء، وقال: في مقابل عداوتهم للمقدسات، كان واضحا أن الشباب المؤمنين والغيارى والمحبين لأهل البيت (ع) لا يسمحون بالتعرّض للمقدّسات ولا يبقون غير مبالين.

ووصف سماحة آية الله الخامنئي نوع الوجود العسكري للجمهورية الإسلامية في سوريا والعراق بأنه "استشاري"، ويعني ذلك إنشاء قواعد مركزية، وتحديد الاستراتيجيات والتكتيكات، والتواجد في ساحة المعركة في أوقات الحاجة، والأهم من ذلك، تعبئة الشباب، وأضاف: وجودنا في سوريا والعراق لا يعني إرسال فرق من الجيش والحرس الثوري للقتال بدلاً من جيشهم؛ لأن هذا العمل غير منطقي ولا يقبله الرأي العام.

وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى الطلبات الكثيرة التي تقدّم بها الشباب وعناصر التعبئة (البسيج) المتحمسون لإرسالهم إلى سوريا في ذلك الوقت، وقال: إن التواجد الأساسي لقواتنا في تلك المناطق كان استشارياً وفي حالات قليلة وضرورية، على هيئة متطوعين وتعبويين.

وأشاد سماحته بتدريب وتنظيم وتسليح مجموعة من عدة آلاف من الشباب السوري لمحاربة داعش على يد الشهيد سليماني، باعتباره أحد الأعمال البارزة لهذا القائد العظيم، وأعرب عن أسفه لحل تلك المجموعة بقرار من المسؤولين العسكريين السوريين بعد عدة سنوات، وقال: بعد ان خمدت فتنة داعش عادت معظم قواتنا من سوريا.

وشدد سماحة آية الله الخامنئي على أن الحرب الرئيسية كان يجب أن يخوضها الجيش السوري، وأضاف: إلى جانب الجيش (السوري)، يكون بامكان قوات التعبئة التابعة للدول الأخرى خوض الحرب، ولكن إذا أظهر الجيش الضعف وعدم الهمة، فليس باستطاعة قوات التعبئة ان تفعل شيئا، وللاسف فقد حصل هذا الامر في سوريا.

وأضاف سماحته: بالطبع شرط التواجد في أي لحظة هو دعم وموافقة الحكومة هناك، كما في العراق وسوريا، حضرنا بناء على طلب حكوماتهم، وإذا لم يقدّموا طلباً، فان الطريق مغلق ولن يكون من الممكن تقديم المساعدة.

وقال سماحة آية الله الخامنئي: إن الوضع الحالي ومعاناة سوريا هو نتيجة ضعف وتراجع روح المقاومة والصمود لدى الجيش السوري.

وقارن سماحته بين ضعف الجيش السوري وبين المعنويات العالية التي يتمتع بها كبار مسؤولي القوات المسلحة الإيرانية وإصرارهم على الحصول على إذن بالتواجد في الميدان ومساعدة المقاومة، وقال: اليوم الشعب الإيراني فخور بجيشه وجنوده. وبالطبع كان الجيش في عهد الطاغوت ضعيفاً جداً لدرجة أنه لم يصمد أمام الغزو الأجنبي، وفي الحرب العالمية الثانية تقدّم العدو حتى وصل إلى طهران واستولى عليها.

وذكر سماحة آية الله الخامنئي بعض النقاط فيما يتعلق بالأحداث في سوريا وجبهة المقاومة قائلا: على الجميع أن يعلموا أن الوضع لن يبقى على هذا النحو عندما تأتي مجموعة إلى دمشق وتهاجم منازل الناس ويتقدم الكيان الصهيوني بالغارات والمدافع والدبابات.

وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم: لا شك أن شباب سوريا الغيارى سيصمدون ويتغلبون على هذا الوضع بالصمود، بل وحتى بذل التضحيات، كما استطاع شباب العراق الغيارى، بعد احتلال بلدهم على يد اميركا، أن يطردوا العدو من منازلهم وشوارعهم بمساعدة وتنظيم وقيادة شهيدنا العزيز. بالطبع قد يستغرق هذا العمل في سوريا وقتاً طويلاً، لكن النتيجة حتمية.

وبشان الدروس والعبر المستخلصة من احداث سوريا للمسؤولين وأفراد الشعب، أوضح سماحته: الدرس الأول هو عدم الغفلة عن العدو. ففي سوريا، تصرّف العدو بسرعة، لكن كان ينبغي على الدولة توقّع ذلك ومنعه مسبقاً، علماً بأن جهازنا الاستخباري كان قد أرسل تقارير تحذيرية إلى المسؤولين السوريين قبل بضعة أشهر.

وقال سماحة آية الله الخامنئي: لا ينبغي للمرء أن يتجاهل العدو ويستهين به أو يثق في ابتسامته؛ لأنه أحياناً يتحدّث بابتسامة ونبرة لطيفة، لكنه يخبئ خنجراً وراء ظهره متحيناً الفرصة لتوجيه الضربة.

واعتبر سماحته النصر والهزيمة والتذبذبات الشخصية والوطنية بأنها واقع الحياة، وأضاف: من المهم عدم الغرور في النصر لأن الغرور يجلب الجهل، وعدم اليأس والانفعال في الهزيمة، مثلما أن جبهة المقاومة لا تصبح مغرورة بالنصر ولا منفعلة بالفشل.

وأضاف سماحة آية الله الخامنئي: خلال الـ 46 عاماً التي تلت الثورة، مررنا بأحداث كبيرة وصعبة، منها حينما قصفت طائرات صدام مطار طهران (خلال الحرب المفروضة) وأثارت الخوف في قلوب الناس، ولكن أمام كل الأحداث المختلفة والمريرة لم تشعر الجمهورية الإسلامية بالانفعال ولو للحظة واحدة.

وفي ختام كلمته اعتبر سماحة آية الله الخامنئي، الشعب الإيراني جاهزاً للعمل وأكد: بتوفيق الله سيتم إقتلاع جذور الصهيونية وعناصر الغرب الشريرة في هذه المنطقة.

700 /