استقبل قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي، صباح اليوم السبت (2024/11/2) الآلاف من التلامذة والطلبة الجامعيين، وأشار سماحته في كلمته خلال اللقاء الى الأسباب الأساسية لنضال الشعب الإيراني المستمر منذ 70 عاما على الأقل ضد الظلم والتجاوزات التي تمارسها الولايات المتحدة، وأضاف: إن المواجهة الإسلامية والوطنية والعقلانية والحكيمة والإنسانية للشعب الإيراني ضد الاستكبار الأميركي، ستستمر وفق القوانين الدولية، وفق خارطة طريق صحيحة ودون إهمال أو تأخير، وفي هذا الطريق الظافر سيتلقّى الكيان الصهيوني واميركا بالتأكيد ردا قاطعا على أي إجراء ضد الشعب الإيراني.
وأشار سماحة آية الله الخامنئي في بداية كلمته إلى اقتراح أحد الطلاب حول كيفية مواجهة الاستكبار، وقال سماحته: ليعلم الجميع أنه في هذا الصراع سيتم اتخاذ كل الإجراءات العسكرية والتسليحية والسياسية اللازمة لجهوزية الشعب الايراني، وان المسؤولين يعملون في هذا السياق.
وأضاف سماحته: إن الحراك العام للشعب والمسؤولين في مواجهة الاستكبار العالمي والجهاز الإجرامي الحاكم على النظام العالمي الحالي هو تحرّك منطقي وفق الدين والشريعة والأخلاق والقوانين الدولية، وان الشعب والمسؤولين لن يترددوا ولن يقصروا في هذا الصدد.
ووصف قائد الثورة الإسلامية المعظم معركة الشعب الإيراني ضد الاستكبار بأنها قضية دائمة ومستمرة وفي صلب حياة الشعب واضاف: إن تسمية يوم بإسم اليوم الوطني لمحاربة الاستكبار العالمي، هي في الواقع لعدم نسيان هذا النضال التاريخي، خاصة أن هناك أيادي تعمل على إثارة الشكوك حول تحرّك الشعب الشجاع والواعي للوقوف والنضال ضد أميركا وعملائها في المنطقة، ومن ثم إنكار هذه المواجهة.
وأشار سماحته إلى محاولة البعض التشكيك في شرعية السيطرة على وكر التجسس (السفارة الاميركية السابقة في طهران من قبل الطلبة الجامعيين السائرين على نهج اللإمام عام 1979)، وقال: البعض يقول إن السفارة الأميركية، مثل سفارات جميع الدول، كانت مكانا للانشطة الدبلوماسية وجمع المعلومات. فلماذا تمت السيطرة عليها؟.
ونفى سماحة آية الله الخامنئي هذه الشبهة، مؤكداً: أن السفارة الأميركية في طهران، كما تؤكد الوثائق التي تم الحصول عليها منها، كانت مقر التخطيط للتحريض وتنظيم صفوف المعادين للثورة وحثالات السافاك (أمن) الشاه، وخلق الفتنة، وتحريض المجموعات العرقية، وحياكة الانقلابات وتهديد حياة الامام الخميني (رض) والقضاء على الثورة، وهذه الحقيقة لا تتغير حتى لو اصبحت هنالك شكوك لدى بعض الذين ساهموا في تلك الحادثة.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم الوثائق التي تم العثور عليها في وكر التجسس بانها كانت كاشفة للحقائق وفي غاية الأهمية وأضاف: على الشباب أن يقرأوا كتب وثائق وكر التجسس وغيرها من الوثائق حتى يدركوا أكثر فأكثر حقيقة تحول السفارة الأميركية إلى مركز لإنشاء الشبكات والتآمر على الثورة.
ووصف سماحته السيطرة على وكر التجسس بأنها كانت نقطة تحوّل وحادثة تاريخية لا تنسى نظرا للكشف عن الطبيعة الحقيقية لعمل السفارة الأميركية "ولهذا أيّد الإمام الخميني تحرّك الطلاب بتلك الرؤية الثاقبة".
وقال سماحة آية الله الخامنئي ردا على سؤال أساسي حول سبب كفاح الشعب الإيراني ضد الاستكبار العالمي: لا شك أن هذه المواجهة سببها الهيمنة الظالمة والوقحة للحكومة الأميركية على شعبنا العزيز وإيران.
وأشار سماحته إلى بعض المؤرخين المغرضين الذين يعتبرون السيطرة على وكر التجسس، نقطة البداية للمواجهة بين الشعب الإيراني والولايات المتحدة، وأضاف: هذا الادعاء كذب، لأن المواجهة تعود إلى 19 آب/اغسطس 1953 على الأقل، لأنه في ذلك التاريخ، قام الأميركيون، من خلال خيانة الثقة الساذجة لحكومة مصدّق، بإسقاط تلك الحكومة الوطنية والشعبية بانقلاب دموي وأعادوا حكم الشاه الاستبدادي.
ونصح قائد الثورة الإسلامية المعظم الشباب بدراسة أحداث الحركة الوطنية، وانقلاب 19 آب/أغسطس، ونصح الباحثين بإنتاج أعمال في هذا المجال، وأضاف: هذه هي نقاط التحوّل في تاريخ الشعب الايراني ويجب تبيينها جيدا.
واعتبر سماحته إنشاء جهاز السافاك وتدريب محققيه على أساليب التعذيب الرهيبة، ووجود عشرات الآلاف من المستشارين الأميركيين الطفيليين للتدخل في شؤون الجيش والحكومة، والنفوذ والتجسس، اعتبرها سماحته بأنها كانت من بين أمور أخرى لاجراءات الاميركيين المناهضة لإيران، وقال: كل هذه التصرفات كانت تجري لإذلال الشعب والسيطرة على إيران.
وأشار سماحته إلى دعم النظام البهلوي الخبيث للكيان الصهيوني، وأضاف: ان نظام بهلوي وبتوجيهات من أميركا وتوفير النفط وسائر أشكال الدعم، قد قام بخيانة لا تنسى بدعم الكيان الصهيوني الغاصب، في حين أن معظم حكومات المنطقة كانت قد قطعت علاقاتها مع هذا الكيان.
وقال سماحته: "للأسف، حتى اليوم، تقدّم بعض الحكومات مساعدات اقتصادية وحتى عسكرية لهذا العدو المتعطش للدماء، متجاهلة الجرائم البشعة جدا التي يرتكبها في غزة ولبنان".
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم مواجهة الشعب الإيراني للاستكبار بأنها نابعة من تعاليم الإسلام، وتُعد واجباً، وأضاف: إن المواجهة ستستمر ضد هيمنة المتنمرين العالميين الاقتصادية والعسكرية والثقافية المذلّة.
وصرّح قائد الثورة الإسلامية المعظم أنه ليس من الصحيح أن يُشكك البعض في إمكانية المواجهة مع نظام متطور وقوي ومهيمن مثل أميركا، في ضوء التجربة الناجحة للشعب الإيراني خلال الـ 46 عاماً الماضية، وقال: ان الشعب الإيراني بالتأكيد نجح في هذا الصراع حتى اليوم، ومن مؤشراته القدرة على إضعاف قوة الولايات المتحدة التي تخيف الشعوب وتجبرها على التراجع بهيبتها وعربدتها.
ووصف سماحته البيان الصادر عن عدد كبير من الجمعيات الطلابية الجامعية في اميركا ضد ثقافة وحضارة الغرب وتصرفات الولايات المتحدة، ودفاع تلك الجمعيات عن الدول والشعوب المظلومة، بأنه علامة أخرى على نجاح وتقدم النضال ضد الاستكبار، وقال: ان هذا الصراع سيشتد يوماً بعد يوم، ولا شك أن الشعب الايراني والشعوب المظلومة وجبهة المقاومة سوف تتقدم.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي الجرائم الشنيعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة وقتل 50 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، والمآسي الحالية في لبنان، والتي تتم جميعها بدعم ومشاركة عسكرية وسياسية وقحة وصريحة من الولايات المتحدة، بأنها تسببت في فضيحة أدعياء حقوق الإنسان، واضاف: إن الحرب ضد الاستكبار هي معركة عقلانية وحكيمة ومطابقة للمنطق الدولي.
وتابع سماحته منتقدا من يسعون إلى إظهار تحرك الشعب الإيراني ضد الاستكبار بأنه غير عقلاني، وأضاف: نحن لا نتهم هؤلاء بالخيانة، ولكن عندما يصفون هذا التحرك الصحيح والعقلاني والمتوافق مع المنطق الدولي بأنه غير عقلاني، فهو على الأقل ينم عن قصر النظر لدى هؤلاء.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم، الشعبية التي يحظى بها الشعب الإيراني لدى الرأي العام العالمي، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزة الإعلام التابعة لنظام الهيمنة، دليلا على فعالية النضال الناجح والمنطقي للجمهورية الإسلامية وقال: أنه بعد عملية "الوعد الصادق"، عبّر الناس في شوارع مختلف البلدان عن البهجة والسرور، مما يعني أن حركة الشعب الايراني مقبولة بالمنطق الدولين وبالطبع المنطق الإسلامي والقرآني.
ودعا سماحته إلى استمرار هذه الحركة الأساسية وفق خطة صحيحة، وقال: إن استمرار هذه الحركة يعتمد على التقدم العلمي والتكنولوجي وعلى وجود خارطة طريق يمكن للشباب الأعزاء في كل أنحاء الوطن أن يدعموها من خلال تعزيز البلاد فكريا وعلميا.
وشدد سماحة آية الله الخامنئي على أن المسؤولين والمعنيين يبذلون قصارى جهدهم بالامكانيات المتاحة ولن يتهاونوا بأي شكل من الأشكال، قائلاً: كونوا على ثقة بأن أي تحرك عدواني سوف لن يمر دون رد، ولن يتم نسيانه من قبل المسؤولين المعنيين، ومن المؤكد أن الاعداء سواء الكيان الصهيوني او اميركا سيتلقون ردا قاصماً على ما يفعلونه تجاه الشعب الإيراني وجبهة المقاومة.
واعتبر سماحته أن الجرائم الحالية التي يرتكبها كيان الاحتلال بمساعدة وتدخل ومشاركة الولايات المتحدة هي تشويه كامل للادعاءات الخادعة حول "حقوق الإنسان الأميركية"، وأضاف: لقد أدرك العالم اليوم أن أدعياء حقوق الإنسان المجرمين الذين يصفون بالارهاب رجالا عظماء مثل السيد نصر الله وهنية وسليماني، هم عصابات إرهابية وإجرامية.
ودعا سماحة آية الله الخامنئي الشعوب إلى خلق حراك شعبي ضد هذا الكم من الإجرام والخداع، موضحاً: عليكم أيها الشباب والطلبة أن توضّحوا لهم الحقائق من خلال الاتصال بشباب الدول الإسلامية والمنطقة وخارجها. ذكّروا أنه يجب أن تكون هناك حركة شعبية وعظيمة ضد الاستكبار.
وختم قائد الثورة الإسلامية المعظم كلمته بالقول: بفضل الله، ومع هذه الحركة الإسلامية والإنسانية، سيجد الشعب الإيراني وجبهة المقاومة مكانهما في العالم وسيهزمان العدو حتماً.
كما وجّه سماحته نصيحة معنوية لجيل الشباب، داعياً إياهم إلى ذكر الله والشكر له، وأضاف: الطريق أمامنا ليس قصيراً وسهلاً، ومن الضروري لكم أيها الشباب الأعزاء العمل، عبر المناجاة والدعاء والتوسل والاُنس بالقرآن وشكر النعم الالهية ومنها نعمة وجود دولة مقارعة للعصابات الإجرامية الدولية، على تعزيز هممكم ومعرفتكم وجهودكم لأداء الواجبات الكبيرة للسير في هذا الطريق الزاخر بالفخر.
واعتبر سماحته صحوة الشباب واستعدادهم وشعورهم بالقدرة، من نعم الله العظيمة الأخرى، وأضاف: واصلوا هذا الدرب بعون الله والاستلهام من الشهداء الأبرار العظام مثل السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية واللواء سليماني ويحيى السنوار.
وفي بداية اللقاء، أعرب كل من السيد رضا سليماني، طالب الصف الحادي عشر من أصفهان، نيابة عن التلاميذ، والسيدة فاطمة باقري، طالبة جامعة شريف بطهران، نيابة عن الطلاب الجامعيين الحاضرين في الاجتماع، والسيد حيدر فضل الله، طالب لبناني يدرس في إيران، نيابة عن طلاب محور المقاومة، عن وجهات نظر واقتراحات حول مواجهة الإستكبار العالمي الذي يقوده النظام الأمريكي.