موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

قائد الثورة الاسلامية المعظم في خطبتي صلاة الجمعة:

الخطوة الباهرة للقوات المسلحة لمعاقبة الكيان الصهيوني،كانت قانونية ومشروعة تماماً

 

أكد قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي آية الله خامنئي أمام الجموع الغفيرة لأبناء الشعب الإيراني في صلاة الجمعة العبادية-السياسية في طهران، أن وحدة وتضامن المسلمين تؤدي غلى نزول الرحمة والعزّة الإلهية والانتصار على الأعداء، واضاف سماحته: بناءاً على أحكام الدفاع الإسلامي ودستور الجمهورية الإسلامية والقانون الدولي، فإن العمل الرائع للقوات المسلحة الإيرانية في معاقبة الكيان الصهيوني مصاص الدماء، كان قانونيا وشرعيا تماما، وأن الجمهورية الإسلامية ستقوم بأداء أي واجب في هذا الصدد، دون مماطلة أو تسرع وبقوة وحزم وتصميم.

وفي هذه المراسم التي اُقيمت في مصلى الإمام الخميني (ره) الكبير في طهران وعشرات الكيلومترات من الشوارع المحيطة، بمشاركة جمع غفير من المؤمنين الثوريين والملتزمين، وصف سماحة آية الله الخامنئي المجاهد الشهيد السيّد حسن نصر الله بأنه مبعث فخر وشخصية محبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة، وأضاف: إن تأثير شخصية رافع راية المقاومة والمدافع الشجاع عن المظلومين سيزداد بعد استشهاده، وأن شعوب المنطقة والمجاهدين في سبيل الله سيواصلون بكل كيانهم حمل رسالة استشهاده وهي المزيد من الإيمان والتوكل، وتعزيز الوحدة، والعزيمة الراسخة في مواصلة النضال حتى هزيمة وتدمير العدو الصهيوني.

ودعا سماحته المسلمين الى التقوى الالهية والالتزام بهذه الحدود وعدم تجاوزها، وأكد على ان اعداء الامة الاسلامية هم اعداء فلسطين ولبنان والعراق ومصر وسورية واليمن.

وأكد قائد الثورة الاسلامية المعظم على أنه إذا تعاون المسلمون، فإن العزة الإلهية ستكون سنداً لهم، موضحاً بأن الولاية تعني الترابط والثبات بين المسلمين، وسياسة القرآن تتجلى بهذا الأمر.

وأضاف سماحته بأن اليوم الأمة الإسلامية أصبحت واعية وبإمكانها أن تتغلب على هذه الخطط لأعداء المسلمين، مبيّنا بأنه إذا أرادت الشعوب الّا تُبتلى بالحصار، يجب أنّ تفتح عيونها جيدا وتكون على قدر من الوعي.

وأشار سماحته الى أن طوفان الأقصى هي حركة منطقية وصحيحة وهي من حق الشعب الفلسطيني الذي يمتلك كامل الحق في أن يقف بوجه هؤلاء المحتلين، وايضا إن كل شعب لديه الحق ويمتلك الحق بأن يدافع عن سيادته ووحدته وأرضه أمام المحتلين وأمام الغاصبين.

ورأى قائد الثورة الاسلامية المعظم بأن الذين يساعدون الشعب الفلسطيني، يقومون بواجبهم الديني ولا أحد يمكنه أن يحتج على هذا الأمر ولماذا يتم الدفاع عن غزة، كما أن الدفاع المستميت للشعب اللبناني عن الشعب الفلسطيني هو شرعي وقانوني ولا يحق لأي أحد أن ينتقد دفاعهم الإسنادي لغزة.

وفي جانب آخر من خطبته، أكد سماحة آية الله الخامنئي أن الخطوة التي قامت بها القوات المسلحة الايرانية قبل ايام هي ايضا قانونية ومشروعة، مضيفا: ان اي واجب تقوم به الجمهورية الاسلامية ستنفذه بكل صلابة وبشكل حاسم.

وتابع سماحته: نحن في اداء هذا الواجب لن نتأخر ولن نصاب بالانفعال وما يحكم به العقل سينفذ في الوقت المناسب.

وأكد قائد الثورة الاسلامية المعظم أن أي عدوان صهيوني سنواجهه بكل صلابة وبشكل قاطع، مشددا على ان ما قامت به القوات المسلحة الايرانية من رد صاروخي هو الحد الادنى من العقاب على جرائم الكيان الصهيوني.

وصرّح سماحته بأنه إرتأى أن يكون تكريم أخيه وعزيزه ومبعث افتخاره والشخصية المحبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة ودرة لبنان الساطعة سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه في صلاة جمعة طهران.

وتابع سماحته بأن الجميع محزون ومكلوم بمصاب السيّد العزيز، معتبرا إياه فقدان كبير أفجع الأمة جمعاء بكل معنى الكلمة. وأضاف سماحته بأن هذا الخطاب موجّه للأمة جمعاء ولكن بشكل خاص للشعبين العزيزن اللبناني والفلسطيني، لافتا الى أن سيد المقاومة كان للمناضلين على طريق الحق سنداً ومشجعاً وكان اللسان البليغ للمظلومين والمدافع الشجاع عنهم، كما كان ايضا الراية الرفيعة للمقاومة في وجه الشياطين الجائرين والناهبين.

وأكد سماحته على ان السيّد حسن نصر الله قد غادرنا بجسده، لكن شخصيته الحقيقة روحه ونهجه وصوته الصادح ستبقى حاضرة فينا أبداً.

وتوجّه قائد الثورة الاسلامية المعظم الى الشعب اللبناني المقاوم قائلا: أعزائي يا شعب لبنان الوفي يا شباب حزب الله وحركة أمل، أيها المفعم بالحماسة يا أبنائي هذا أيضا مايريده سيدنا الشهيد اليوم من شعبه وجبهة المقاومة ومن الأمة الإسلامية جمعاء، هو ألا نيأس.

وقال سماحته: إن اهم رسائله اللفظية والعملية في حياته الدنيا لكم يا شعب لبنان الوفي، كانت ألا تصابوا بخيبة أمل وانزعاج من فقدان شخصيات بارزة مثل الإمام موسى الصدر والسيد عباس الموسوي وغيرهما من القادة، وألّا تترددوا وتتراجعوا في طريق النضال، بل يجب زيادة جهودكم وقوتكم وبأن تضاعفوا تضامنكم لمقاومة العدو المعتدي وهزيمته بتعزيز الإيمان والثقة.

وفي هذا السياق، أوضح سماحته أنه مما لاشك فيه ان العدو الجبان عجز عن توجيه ضربة للبنية المتماسكة لحماس وحزب الله والجهاد الاسلامي وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله، وعمد الى التظاهر بالنصر من خلال الاغتيالات والتدمير وقصف المدنيين.

ورأى سماحة آية الله الخامنئي بأن حزب الله هو حقا شجرة طيبة، وبتدبير وحكمة الشهيد السيد نصرالله أوصلها مرحلة بمرحلة وطوال 30 عاما من إدارة الكفاح الشاق الى النور، مؤكداً على أن الدمار سيعوّض وصبر الشعب اللبناني ومقاومته وثباتهم سيُثمرعزّة وكرامة.

ولفت سماحته الى أن ما نتج عن هذا السلوك هو تراكم الغضب الشعبي وتعزيز دوافع المقاومة وظهور المزيد من الرجال والقادة والمضحين وتضييق الخناق على الذئب الدموي الصهيوني.

وتابع سماحته بأن حزب الله والسيد الشهيد بدفاعهم عن غزّة وجهادهم من أجل الأقصى وإنزالهم الضربة بالكيان الغاصب والظالم، قد خطو خطوة ليس فقط في سبيل خدمة مصيرية للمنطقة بأكملها بل ايضا في سبيل خدمة لكل الإنسانية.

ورأى قائد الثورة الاسلامية المعظم بأن السلوك السفّاح والوقح لهذا الكيان تجاه المناضلين ناجمٌ عن الطمع بتحقيق هذا الهدف، موضحاً بأن اليوم قد توصلت العصابة الصهيونية المجرمة بنفسها الى نتيجة مفادها أن هذه العصابة لن تحقق النصر أبدا على حماس وحزب الله.

وتابع سماحته بأن الكيان الغاصب هو الشجرة الخبيثة التي اُجتثت من فوق الأرض وما لها من قرار، مضيفا بأنه مما لا ريب فيه أن أحلام الصهاينة والأميركيين هي محض أوهام مستحيلة.

وفي اشارة الى أن فقدان قادة الثورة في إيران لم يكن بالأمر الهيّن، لكن مسيرة الثورة لم تتوقف أو تتراجع بل تسارعت، وهذا ما سيحصل للمقاومة في المنطقة بعد استشهاد سيدها، فلن تتراجع والنصر سيكون حليفها.

ورأى سماحته بأن المشكلة الأساس في المنطقة هي تدخل الأجانب في شؤونها والعامل الأساسي للحروب وانعدام الامن والتخلف في هذه المنطقة هو الكيان الصهيوني وحضورالدول التي تدّعي زيفا أنها تسعى الى إحلال الأمن والسلام في المنطقة.

كما أكد سماحته على ان حكومات وشعوب هذه المنطقة قادرة على إحلال السلام والامن في بلادهم، ومن أجل هذا الهدف العظيم لا بد من جهد ونضال الشعوب والحكومات معاً.

واضاف قائد الثورة الاسلامية المعظم بأن المقاومة في غزة أبهرت عيون العالم وأعطت العزّة للعالم الاسلامي، وبأن جهاد رجال فلسطين ولبنان قد أعاد الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء، كما ان طوفان الأقصى وعام من المقاومة في غزة ولبنان قد أوصل هذا الكيان الغاصب إلى أن يكون هاجسه الاهم حفظ وجوده وبقائه، وهو نفس الهاجس الذي كان يشغل هذا الكيان في السنوات الأولى من تشكيله.

وختم قائد الثورة الاسلامية المعظم خطبة الجمعة بإلقاء التحية والسلام على القائد الشهيد نصر الله وعلى البطل الشهيد هنية وعلى القائد المفتخر الفريق قاسم سليماني.

 

فيما يلي نص الخطبة الثانية التي ألقاها سماحة قائد الثورة الإسلامية المعظم باللغة العربية:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحَمدُللهِ رَبِّ العَالَمين، أحمَدُهُ وأستَعينُهُ، وأستَغفِرُهُ وأتوكّلُ عَليه، وأُصَلّي وأسلّمُ على حَبيبِهِ الرّسولِ الأعظم، سيّدنا محمّدٍ المصطفى (ص) وآلهِ الطّاهرينَ، لا سيّما على أمير المؤمنين، وحبيبته الزّهراء المرضيّة، والحسنِ والحسينِ سيّدَي شبابِ أهلِ الجنّة، وعليّ بن الحسين زين العابدين، ومحمّدٍ بن عليٍّ باقرِ علمِ الأوّلينَ والآخرين، وجعفرِ بنِ محمّدٍ الصّادق، وموسى بن جعفرٍ الكاظم، وعليّ بن موسى الرّضا، ومحمّدِ بن عليٍّ الجواد، وعليِّ بنِ محمّدٍ الهادي، والحسنِ بن عليٍّ الزكيِّ العسكريّ، والحجّةِ بن الحسنِ القائمِ المهديّ، صلواتُ اللهِ عليهِم أجمَعين، وأُسلِّمُ على صَحبِهِ المُنتَجَبينَ ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدّين، وعلى حُماةِ المُستضعَفينَ ووُلاةِ المؤمِنين.

ارتأيتُ أن يكونَ تَكريمُ أخي وعزيزي ومَبعَثُ افتِخاري والشّخصيّةُ المحبوبةُ في العالمِ الإسلامي، واللسانُ البليغُ لشعوبِ المنطقة، ودُرّةُ لُبنانَ السّاطِعَةُ، سَماحَةُ السيّد حَسن نصرالله، رضوان الله تعالى عليه، في صلاةِ جُمعةِ طَهران، وسأتطرّقُ أيضًا لبعضِ النّقاط.

هذا الخطابُ موجّهٌ للأمّةِ الإسلاميّةِ جَمعاء، إلّا أنّهُ موجّهٌ بشكلٍ خَاصٍّ إلى الشّعبَينِ العَزيزَين اللُّبنانيّ والفلسطيني. نحنُ جميعًا مصابونَ ومَكلومونَ بِشهادة السيّدِ العزيز، إنّهُ لفِقدانٌ كبير، ولقد أفجعَنا بكلِّ معنى الكلمة. غيرَ أنَّ عزاءَنا لا يَعني الاكتئابَ واليأسَ والاضطراب، بل هو من سِنخ عزائِنا على سيّدِ الشهداءِ الحسين بن عليّ عليه السلام؛ يبعثُ الحياة، ويُلهمُ الدّروس، ويوقدُ العزائم، ويضخّ الآمال.

لقد غادرَنا السيّد حسن نصرالله بجسده، لكنَّ شخصيّتَهُ الحقيقيّةَ؛ رُوحَهُ، ونَهجَهُ، وصوتَهُ الصّادحَ، سَتبقى حاضرةً فينا أبدًا. لقد كان الرايةَ الرفيعةَ للمقاومةَ في وجه الشياطين الجائرينَ والناهبين، وكان اللسانَ البليغَ للمظلومينَ والمدافعَ الشّجاعَ عنهم، كما كانَ للمناضلينَ على طريقِ الحقّ سندًا ومشجّعًا، لقَد تخطّى نطاقُ شعبيّته وتأثيرُهُ حدودَ لبنانَ وإيرانَ والبلدانَ العربيّة، وستُعزّزُ شهادَتُه الآن مدى هذا التأثير.

إنّ أهمّ رسائلِهِ قولًا وعملًا، في حياتِهِ الدنيويّة، لكم يا شعبَ لبنانَ الوفيّ، كانت ألّا يساورَكُم يأسٌ واضطرابٌ بغيابِ شخصيّاتٍ بارزَةٍ مثلِ الإمام موسى الصدر والسيّد عبّاس الموسوي، وألّا يصيبَكُم ترديدٌ في مسيرةِ نضالِكُم. ضاعِفوا مَساعيَكُم وقُدُراتِكُم، وعزّزوا تَلاحُمَكُم، وقاوموا العدوَّ المُعتَدي وأفشِلوهُ بتَرسيخِ إيمانِكُم وتوكّلِكُم.

أعزّائي، يا شعبَ لبنانَ الوفي، يا شبابَ حزبِ الله وحركة أمل المُفعَمَ بالحماسَة! يا أبنائي، هذا أيضًا طلبُ سيّدنا الشهيد اليوم من شعبه وجبهة المقاومة والأمّة الإسلاميّة جَمعاء.

العدوّ الخبيثُ الجبانُ، إذ عجزَ عن توجيه ضربة مؤثّرة للبنية المتماسكة لحزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله، عَمَدَ إلى التظاهر بالنّصرِ من خلال الاغتيالات والتدمير والقصف وقتل المدنيّينَ وحرق قلوبهم.

لكن ما هي النتيجة؟ ما نجمَ عن هذا السلوك هو تراكمُ الغضب وتصاعدُ دوافعِ المقاومةِ، وظهورُ المزيدِ من الرجالِ والقادةِ والمضحّين، وتضييقُ الخناق على الذئب الدّموي، وبالتالي، إزالةُ الكيان الملطّخ بالعارِ من ساحةِ الوجود، إن شاء الله.

أيّها الأعزّة، القلوبُ المفجوعةُ تستلهمُ السكينةَ بذكر الله وطلب النّصرة منه. الدّمارُ سيُعوَّض، وصَبرُكم وثباتُكم سيُثمر عزّةً وكرامةً.

لقد كانَ السيّدُ العزيزُ طوالَ ثلاثينَ عامًا على رأسِ كِفاح شاقّ، وارتقى بحزب الله خطوةً بخطوة: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح، 29).

بتدبيرِ السيّد نما حزب الله مرحلةً بمرحلة، بصبرٍ وبنحو منطقيّ وطبيعي، وأبرزَ آثارَهُ الوجوديّةَ أمامَ أعدائهِ في المراحلِ المختلفةِ عَبرَ دَحرِ العدوِّ الصَّهيوني {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (إبراهيم، شطر من الآية 26).

حزب الله هو حقًّا شجرةٌ طيّبة، حزب الله وقائدُهُ الشهيدُ البطلُ هو عصارةُ فضائلِ لبنانَ في تاريخِهِ وهُويَّتِه.

نحن الإيرانيّون قَد عرفنا منذُ زمنٍ بعيدٍ لبنانَ وفَضائِلَه، فقد أغدقَ عُلماءُ لبنانيّونَ من فيض علمهم على إيران في العَهدين السّربِداري والصّفوِيّ خلال القرنِ الثامنِ والعاشرِ والحادي عَشرَ للهجرة، ومِنهُم محمّدُ بنِ مكّيٍّ العامليُّ الشهيد، وعليُّ بنُ عَبدِالعَالِ الكَركي، وزينُ الدينِ العامِلِيُّ الشهيد، والحسينُ بنُ عبدِالصّمَدِ العَامِلِي، وابنُه بَهاءُ الدّينِ المَعروفُ بالشَّيخِ البَهائِيّ وغَيرُهُم مِن رِجالِ الدّينِ والعِلم.

أداءُ الدّينِ للُبنانَ الجَريحِ المُدمَى هو واجبُنا وواجبُ المسلمينَ جميعًا. حزب الله والسيّدُ الشهيدُ بدفاعهِم عن غَزّةَ، وجهادهم من أجل المسجدِ الأقصى، وإنزالهِم الضربةَ بالكيانِ الغاصبِ والظالم، قد خَطوا خطوةً في سبيل خدمة مصيريّة للمَنطِقَةِ بأكملِها، والعالم الإسلامي كلّه. إنّ تركيزَ أمريكا وأذرُعِها على حِفظِ أَمنِ الكِيانِ الغاصبِ ليسَ سوى غطاءٍ لسياستِهم المُتبدّدة القاضيةِ بتحويلِ الكِيانِ إلى أداةٍ للاستحواذِ على جميعِ المواردِ الطبيعيّةِ لهذهِ المنطقة واستثمارِها في الصّراعاتِ العالميّةِ الكُبرى. هدفُ هؤلاءِ تحويلُ هذا الكِيانِ إلى بوابةٍ لتصديرِ الطاقةِ من المَنطِقَة إلى بلاد الغرب، واستيراد البضائعِ والتقانةِ من الغرب إلى المنطقة. وهذا يعني ضمانَ وجودِ المغتصبِ وجعلِ المنطقة بأجمعها تابعةً له.

والسلوكُ السفّاحُ والوقحُ لهذا الكيانِ تجاهَ المناضلينَ ناجمٌ عن الطّمعِ بتحقيقِ هذا الهدف.

هذا الواقعُ يبينُ لنا أن كلَّ ضربةٍ يُنزِلُها أي شخصٍ وأيّةُ مجموعةٍ بهذا الكيان، إنّما هي خدمةٌ للمَنطِقَة بأجمعها، بل لكلِّ الإنسانيّة.

لا ريبَ في أن أحلام الصهاينة والأمريكيّين هذه إنّما هي محضُ أوهامٍ مستحيلة. فالكيانُ ليس إلّا تلكَ الشجرةَ الخبيثةَ التي اجتُثَّت من فوقِ الأرض، وقد صدَقَ قولُهُ تعالى {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} (إبراهيم، شطر من الآية 26).

هذا الكيانُ الخبيث، بلا جذور، ومزيّفٌ ومتزعزع، وقد أبقى نفسه قائمًا بصعوبةٍ عبرَ ضخّ أمريكا الدعم له، ولن يُكتبَ له البقاءُ بإذن الله تعالى. والدليلُ الواضحُ على ذلكَ أنّه أنفق مليارات الدولارات في غزّةَ ولبنانَ منذُ عام، وأُغدِقَت عليهِ المساعداتُ المختلفةُ من أمريكا وعددٍ من الدولِ الغربية، وقد مُنيَ بالهزيمة في مواجهة بِضعة آلاف من المكافحينَ والمجاهدين في سبيل الله المحاصرينَ الممنوعينَ من أيّ مساعدةٍ خارجيّة، وكانَ إنجازَهُمُ الوحيدُ قصفَ البيوتِ والمدارسِ والمستشفياتِ ومراكزَ تجمّعِ المدنيّين.

واليوم فإنّ العِصابَةَ الصهيونيّة المجرمة أنفُسَهُم قد توصّلوا أيضًا إلى هذه النتيجةِ وهي أنّهم لن يحقّقوا النّصرَ أبدًا على حماس وحزب الله.

يا أهلنا المقاومينَ في لبنانَ وفلسطين! أيها المناضلونَ الشُّجعان! أيها الشعبُ الصبورُ الوفي! هذهِ الشّهادات، وهذهِ الدّماءُ المَسفوكة، لا تُزعزعُ عَزيمَتَكُم، بل تَزيدُكُم ثباتًا. في إيرانَ الإسلاميّة، خلالَ ثلاثةِ أشهرٍ من صَيف 1981، جرى اغتيالُ العشراتِ من شخصيّاتِنا البارزةِ والمميّزةِ، ومِنهُم شخصيّةٌ عَظيمَةٌ مثلُ السيّد محمد بهشتي، ورَئيسُ جُمهوريّةٍ مثلُ رجائي، ورئيسُ وزراءٍ مثلُ باهنر، واغتيلَ علماءٌ مثلُ آية الله مدني وقدوسي وهاشمي نجاد وأمثالهم، وكان كلُّ واحدٍ منهم من أعمدَة الثورة على المُستَوى المحلّي أو الوطنيّ، ولم يَكُن فقدانُهُم هيّنًا، لكنَّ مسيرةَ الثّورة لم تتوقف ولم تتراجع، بل تسارَعَت.

واليوم، فإنّ المقاومةَ في المنطقة لن تتراجعَ بشهادة رجالِها، والنّصرُ سيكونُ حليفَ المقاومة. المقاومةُ في غزّةَ حيّرتِ العالم، وأعزّت الإسلام. لقد تلقّى الإسلامُ في غزّةَ بصدره كلَّ أنواع الخُبث والشرّ. وما مِن إنسانٍ لا يُحَيّي هذا الصّمود، ولا يَلعنُ عَدُوَّها السفّاحَ والدّمَوِيّ.

لقد أوصلَ طوفانُ الأقصى وعامٌ من المقاومةِ في غزّةَ ولُبنان، هذا الكيانَ الغاصِبَ إلى أن يكونَ هاجسَهُ الأهمَّ حفظ وُجودِه، وهو الهاجسُ نفسُهُ الذي كانَ يُسَاورُ هذا الكيانَ في السنوات الأولى لوِلادَته المَشؤومة، وهذا يعني أنّ جهادَ رجالِ فلسطين ولبنان قَد أعاد الكيانَ الصهيونيَّ سَبعينَ سنةً إلى الوراء.

العاملُ الأساسيُّ للحروبِ وانعدامِ الأمن والتخلّفِ في هذهِ المَنطِقَةِ هوَ وجودُ الكيانِ الصَّهيونيِّ وَحُضورُ الدُّولِ التي تدّعي أنها تَسعى إلى إحلالِ الأمنِ والسّلامِ في المَنطِقَة. فالمشكلةُ الأساسُ في المنطقة هيَ تَدَخل الأجانبِ فيها. دولُ المَنطقة قادِرةٌ على إحلالِ الأمنِ والسلامِ فيها. وتحقيقُ هذا الهدف العظيم والمُنقذ للشّعوب يَستَلزِمُ بَذلَ جُهود شُعوبِها وحُكوماتِها.

وإنّ اللهَ مع السّائرينَ على هذا الدّرب، {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج، 39).

سلامُ الله على القائد الشهيد نصرِالله، وعلى البَطَل الشهيد هَنِيَّة، وعلى القائد المُفتَخَر الفَريق قاسم سُلَيماني.

700 /