موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال مراسم الذكرى الـ35 لرحيل الإمام الخميني (رض):

ملحمة الانتخابات القادمة مكمّلة لملحمة الشعب في تشييع شهداء الخدمة

 

 

أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي صباح اليوم (الإثنين: 3/6/2024) في كلمته أمام الحشود الشعبية الكبيرة في مرقد الإمام الخميني (رض) خلال مراسم إحياء الذكرى الـ 35 لرحيل الإمام الخميني (رض)، أكد على أهمية وأولوية القضية الفلسطينية في أفكار وآراء الإمام الخميني الراحل، وأضاف سماحته: منذ اليوم الأول للنهضة الاسلامية أكد الإمام الخميني على القضية الفلسطينية وتنبأ بالمسار المستقبلي للشعب الفلسطيني بنظرة ثاقبة ورؤية مستقبلية هي الآن في طور التحقق تدريجيا.

واعتبر سماحته التنبؤ بإسقاط نظام الطاغوت الظالم والقمعي في بداية النهضة الإسلامية والتنبؤ بانهيار الكيان الشيوعي أثناء حكم الاتحاد السوفييتي كمثالين آخرين من الرؤى الخاصة للإمام الخميني (رض).

كما اعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم عدم عقد الامل على مفاوضات التسوية، واهمية حضور الشعب الفلسطيني في ساحة العمل واحقاق الحق ودعم جميع الشعوب خاصة الشعوب الاسلامية للشعب الفلسطيني بأنها تمثل خلاصة رؤى الإمام لانتصار هذا الشعب، وأضاف سماحته: ان هذه الأحداث العظيمة تتحقق الآن.

وأوضح سماحة آية الله السيد الخامنئي أنّ عملية طوفان الأقصى كانت ضرورية للمنطقة لأنّه كان هناك مشروع أميركي - غربي لتغيير المعادلات، واصفاً عملية طوفان الاقصى بأنها وجهت ضربة قاصمة للكيان الصهيوني، وجاءت في وقتها المناسب وأحبطت مخططات العدو، وأضاف: ان المقاومة حشرت العدو في الزاوية ولا طريق لخلاصه منها.

وأشار سماحته إلى حشر الكيان الصهيوني في زاوية حرجة اثر عملية طوفان الأقصى، وقال: رغم استمرار أمريكا والعديد من الحكومات الغربية في دعم كيان الاحتلال، إلا أنهم يعلمون أيضا أنه لا يوجد مخرج لهذا الكيان.

وعدّ سماحته "تلبية الحاجات المهمة للمنطقة" و"توجيه ضربة حاسمة للكيان المجرم" سمتين مهمتين لعملية طوفان الأقصى، وأضاف: ان أمريكا وعناصر الصهيونية العالمية وبعض حكومات المنطقة كانت قد رسمت مخططا كبيرا وتفصيليا لتغيير علاقات ومعادلات المنطقة، لتعمل عبر خلق الروابط التي أرادوها بين الكيان الصهيوني وحكومات المنطقة، على توفير الأسس لهيمنة الكيان البغيض على سياسة واقتصاد غرب آسيا والعالم الإسلامي برمته.

وأضاف سماحته: إن هذه الخطة الشريرة كانت قريبة جدًا من لحظة التنفيذ عندما بدأت عملية طوفان الأقصى الاعجازية ونسفت كل ما نسجته أمريكا والصهيونية وأتباعهما بحيث ان أحداث الأشهر الثمانية الماضية، احبطت كل أمل في إحياء تلك الخطة.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم، الجرائم غير المسبوقة والقسوة التي لا حدود لها للكيان الصهيوني الاجرامي ودعم الحكومة الأمريكية لهذه الفظائع بمثابة ردود فعل غاضبة على إجهاض المؤامرة الدولية الكبرى لسيطرة الكيان الصهيوني في المنطقة.

وفي شرح السمة الثانية لعملية طوفان الأقصى، وهي توجيه ضربة للكيان الصهيوني لا يمكنه تعويضها، أشار سماحته إلى اعترافات المحللين والخبراء الأمريكيين والأوروبيين، وحتى المحسوبين على الكيان البغيض، وأضاف: إنهم يعترفون أيضاً بأن كيان الاحتلال بكل هيبته المزعومة قد مُني بهزيمة قاسية من حركة مقاومة ولم يحقق أياً من أهدافه بالحد الأدنى بعد 8 أشهر.

وأضاف سماحة آية الله الخامنئي، في إشارة إلى كلام أحد المحللين الغربيين حول قدرة عملية طوفان الأقصى في تغيير القرن الحادي والعشرين: يُشير محللون ومؤرخون آخرون أيضاً إلى ارتباك الكيان ودواره وموجة الهجرة العكسية، والعجز عن حماية سكان الأراضي المحتلة ووصول المشروع الصهيوني الى أنفاسه الأخيرة، وأكدوا أن "العالم الآن في بداية النهاية للكيان الصهيوني".

وأشار سماحته إلى تحوّل القضية الفلسطينية إلى قضية العالم الأولى والتظاهرات المناهضة للصهيونية في لندن وباريس والجامعات الأمريكية، وأضاف: لسنوات طويلة حاولت المراكز الدعائية والإعلامية الأمريكية الصهيونية نسيان القضية الفلسطينية، ولكن في ظل طوفان الأقصى وصمود أهل غزة، أصبحت فلسطين الآن هي قضية العالم الأولى، وأمريكا أصبحت مواقفها سلبية أمام الإجماع العالمي للشعوب، وعاجلاً أم آجلاً ستكون مجبرة على أن ترفع يدها عن دعم الكيان الصهيوني.

ووصف قائد الثورة الإسلامية المعظم معاناة أهل غزة، بما في ذلك استشهاد نحو 40 ألف شخص، من ضمنهم نحو 15 ألف طفل ورضيع، بأنه الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني في طريق الخلاص من براثن الصهاينة، وقال سماحته: إن أهل غزة، ببركة العقيدة الإسلامية والإيمان الراسخ بالآيات القرآنية، يواصلون تحمل المشاكل، وبصمودهم المذهل يدافعون عن صُنّاع الملحمة ومقاتلي المقاومة.

واعتبر سماحته سوء تقدير الكيان الصهيوني لقدرات جبهة المقاومة الكبرى بأنه السبب في وصول الكيان إلى طريق مغلق، وهو ما سيكبده إخفاقات متتالية ولن يكون له مخرج من هذا المأزق بحول الله.

ولخّص سماحته حديثه حول فلسطين مؤكداً: رغم الدعاية الغربية، فإن الكيان الصهيوني في حال الانهيار أمام أعين شعوب العالم، وما عدا الشعوب فان الكثير من سياسيي العالم وحتى الصهاينة ادركوا هذه الحقيقة.

وفي الجزء الثاني من كلمته، تناول قائد الثورة الإسلامية المعظم حادثة استشهاد الرئيس العزيز والدؤوب ورفاقه، وقال: إن كلا من رفاق الرئيس كانوا بدورهم شخصيات قيّمة.

وقال سماحة آية الله الخامنئي خلال تكريمه ذكرى مرافقي الرئيس: إن المرحوم السيد آل هاشم إمام الجمعة كان نشيطاً وشعبياً ولائقا بمدينة تبريز وممثلاً للقيادة في محافظة أذربيجان الشرقية المهمة، وشخصية قيّمة كانت له علاقات قلبية وعملية مع المواطنين، بما في ذلك الشباب والطلاب والفنانين والرياضيين.

وأضاف سماحته: إن السيد أمير عبداللهيان وزير الخارجية كان ايضا نشيطاً ودؤوبا ومبتكراً ومفاوضاً قوياً وذكياً وملتزماً بالمبادئ. كما أن المرافقين الآخرين، سواء محافظ أذربيجان الشرقية، أو ذلك الاخ مسؤول أمن الرئيس، أو أفراد طاقم الطائرة الثلاثة الاعزاء، كانوا جميعا أشخاصا جديرين ومتميزين ومخلصين، بحسب تصريحات المعارف.

ووصف سماحته فقدِ هؤلاء الاعزاء بأنه خسارة حقيقية للوطن وأضاف: يقول القرآن الكريم في سورة البقرة "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ" وبما انه في هذه الآية لا حديث عن التحرك العسكري والحرب، فان من يقتل في سبيل الله، مثل خدمة الناس، وإنجاز العمل الجهادي لهم، وطريق ادارة البلاد والنهوض بالجمهورية الإسلامية، فإنه يُعتبر شهيدا.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم، السيد رئيسي ورفاقه بأنهم مثال لهذه الآية الكريمة من القرآن وأضاف: إننا نعتبر هؤلاء الأعزاء شهداء الخدمة، كما جاء التعبير القيم "شهيد الخدمة" و"شهيد الجمهور" نابعا من صميم قلوب الناس.

واعتبر سماحته مأساة فقد الرئيس بأنها ثقيلة جدا على البلاد، وفي التعبير عن الصفات البارزة والمتميزة للشهيد رئيسي، قال سماحته: الجميع اعترف بأنه كان رجل عمل وخدمة ونقاء وصدق، ولم يعرف ليل نهار للخدمة، وفي خدمة الوطن والشعب، فقد خلقَ العزيز رئيسي مقاسا جديداً لم يكن بهذا المستوى من الصدق والعمل الجاد، رغم جهود خدّام الشعب السابقين.

واعتبر سماحته التحرك الكثيف والمبارك في السياسة الخارجية لحاضر ومستقبل البلاد واستغلال الفرص وإبراز إيران في أعين القادة السياسيين في العالم، من بين الصفات الأخرى التي تميّز بها الشهيد رئيسي، وعن الخصائص الإدارية لذلك الشهيد قال سماحته: أسلوب الإدارة بين زملائه كان مميزاً ومترافقا مع الإخلاص.

وعدّ سماحة آية الله الخامنئي ايلاء العزّة والاحترام للناس وإعطائهم المنبر وإكرام الشباب والثقة بهم، من السمات المميزة للرئيس الراحل، وأضاف: كان يعامل حتى من أهانه بكرامة ولم يرد عليهم بإجابة حادة وقبيحة وعصبية.

واعتبر سماحته ترسيم الحدود الواضحة مع أعداء الثورة ومعارضيها، وتجنّب الكلام المزدوج وعدم الثقة في ابتسامة العدو، كصفات أخرى من سمات الشهيد رئيسي، وأضاف: كل من هذه الخصائص هي نموذج يحتذى به لساستنا ورؤسائنا المستقبليين ونواب الشعب المنتخبين في كافة قطاعاته.

وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى الإشادة بشخصية وخدمات وجهود الشهيد رئيسي بعد فقده، في الصحافة والفضاء الافتراضي من قبل مختلف الأشخاص والتيارات في البلاد.

واعتبر سماحته الحضور الملحمي لملايين المواطنين في مراسم تشييع الرئيس الشهيد ومرافقيه بأنه يُشكل فصلا بارزا يستحق التحليل، وأضاف: هنالك نوعان من رد الفعل تجاه المعاناة الشخصية والوطنية، أولهما الاكتئاب والعزلة والهزيمة الفعلية أمام المصيبة وفقدان الأمل، والاخر هو الوقوف أمام المصيبة وبتعبير القرآن التزام الصبر الذي يخلق الفرص ويصنع الملاحم ويستخرج النتائج الحلوة من الأحداث المرّة، وفي هذه الحالة اختار الشعب الايراني رد الفعل الثاني.

واعتبر سماحة آية الله الخامنئي الحضور الهادف للشعب في مراسم تشييع شهداء الخدمة في مختلف المدن من طهران ومشهد وتبريز وقم وبيرجند وري إلى زنجان ومراغة ونجف آباد، نموذجاً لملاحم الشعب الايراني في مواجهة الاحداث المرة والصعبة على مدى تاريخ الثورة، وأضاف سماحته حول رسائل هذا الحضور: أظهرت هذه الملحمة أن الشعب الايراني شعب زاخر بالهمم، ولا يكل، وصامد وحيّ، لا يفشل بسبب المصيبة بل تزداد حوافزه وقدرته على التحمل.

ولفت قائد الثورة الإسلامية المعظم الى ان التواصل والاهتمام والارتباط من جانب الشعب والمسؤولين على أعلى المستويات في البلاد يُعد رسالة أخرى لحضور الملايين من ابناء الشعب في مراسم تشييع شهداء الخدمة وأضاف: خلافاً لتلميحات وادعاءات العدو وتكراره من قبل البعض في الداخل، أن الجمهورية الإسلامية فقدت رصيدها الوطني، فقد أظهر حضور الملايين من المواطنين في مراسم تشييع الشهداء أن هذا الرصيد الوطني، الذي لا مثيل له في أي مكان في العالم، ولا يزال قائما وعلاوة على مقولة رحيل الإمام، التي هي مقولة فريدة ولا تقارن بأي ظاهرة أخرى، هناك ارتباط وعلاقة قلبية بين الشعب والمسؤولين والقادة مثل رئيسي وسليماني.

واعتبر سماحته الرسالة الأخرى لهذا الحضور الشعبي الملحمي هو دعم شعارات الثورة، وأضاف: ان الراحل رئيسي عبّر عن شعارات الثورة صراحة وكان تجسيدا لشعارات الثورة، واحترامه والثناء عليه هو في الواقع تعبير عن تعلّق الشعب بشعارات الثورة.

واشار سماحته الى ان "شكر الشعب لخدامه (مسؤوليه) وعدم نسيان الخدمات" و"الحفاظ على سِلم وأمن البلاد بشكل كامل رغم فقد الرئيس"، تُعد رسائل أخرى للحضور الشعبي الهادف، وقال: إن نقل هذه الرسائل والحقائق من إيران والإيرانيين إلى العالم وإبراز كل هذا الاستعداد والتحفيز والاهتمام والعلاقة من قبل الشعب الإيراني في عيون رجال السياسة والمحللين، مهم جداً ومؤثر في المعادلات السياسية في المنطقة وتبيين القدرة وتوزيعها في المنطقة.

وفي جزء مهم آخر من كلمته، اعتبر سماحة آية الله الخامنئي الانتخابات الرئاسية المقبلة استحقاقا عظيما وظاهرة مليئة بالإنجازات وقال: إذا جرت هذه الانتخابات إن شاء الله بشكل جيد وبعظمة، بعد هذه الحادثة المأساوية، وانتخب الشعب المسؤول القادم (رئيس الجمهورية) بأصوات عالية، فسيكون ذلك إنجازًا كبيرًا للشعب الايراني وسيكون له انعكاس رائع في العالم، لذا فإن انتخابات الرئاسة مهمة جدًا.

ووصف سماحته ملحمة الانتخابات بأنها مكمّلة لملحمة الشعب في تشييع الشهداء، وأضاف: ان الشعب الإيراني، بحاجة الى رئيس نشط ودؤوب وواع ومؤمن بمبادئ الثورة لكي يحافظ على مصالحه ويُثبّت عمقه الاستراتيجي في المعادلات الدولية المعقدة، وليتمكن من إظهار طاقاته ومواهبه الطبيعية والبشرية، لكي يتمكن من سد الفجوات الاقتصادية والثقافية.

وشدد سماحته على ضرورة التزام الأخلاق في المنافسات الانتخابية بين المرشحين، وقال: إن توجيه الاتهامات واستخدام الكلام البذيء لا يساعد على التقدم ويضر بالسمعة الوطنية.

وأضاف سماحة آية الله الخامنئي: ان ساحة الانتخابات هي ساحة العزّة والملحمة والتنافس على الخدمة وليس ميدان التجاذبات من أجل الوصول الى كرسي الحكم، لذا على الذين يدخلون المنافسات الانتخابية أن يعتبروا بأن من واجبهم مراعاة الأخلاق حتى يوجه الباري تعالى قلوب الشعب إلى الخيار الأفضل، وبإذن الله سيتم تعيين رئيس كفوء جدير بالشعب الايراني.

وقبيل كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم، تحدّث حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن الخميني سادن الروضة الطاهرة لمرقد الإمام الخميني (رض) موضحاً أن جمهورية النظام كانت أحد الأركان المهمة في السياسة العامة للإمام الخميني (رض)، واعتبر وجود الناس في مختلف الميادين مصدر يأس للأعداء، وأضاف حول القضية الفلسطينية: إن الهيبة الخاوية للكيان الصهيوني قد تم تحطيمها وأصبح واضحا للجميع أن هذا الكيان لا يفهم سوى لغة القوة.

700 /