اعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي، صباح اليوم (الأربعاء:2022/9/21) خلال مراسم تكريم مجموعة من روّاد وقدامى محاربي الدفاع المقدس، الحرب المفروضة على أنها نتيجة للسياسة الإستراتيجية لإمبراطورية نظام السلطة في عدائها للجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني، وأضاف: على الرغم من الدعم الشامل للقوى العالمية لصدام الطموح والمجنون بالسلطة، فإن الحرب في ضوء العناصر الثلاثة "غليان قوة الثورة ، والقيادة الفعّالة للغاية للإمام، والخصائص الفاخرة والبارزة للشعب الإيراني" تحولت من تهديد قاطع وكبير إلى فرصة عظيمة ، وأن السرد الصحيح والدقيق لهذه الحقبة الحماسية والمثيرة من تاريخ إيران لجيل الشباب واليافعين، تشكل ضمانة لديمومة نجاحات الثورة.
ووصف القائد العام المعظم للقوات المسلحة، حقبة الدفاع المقدس بأنها حادثة زاخرة بالاثارة والاحداث والمعاني والفوائد التي لها تأثير على حاضر ومستقبل البلاد، معرباً عن تقديره وإحترامه لروّاد الدفاع المقدس واصفاً إياهم بأنهم مصداقا للآية الكريمة "السابقون السابقون"، وأضاف: لقد أدرك المحاربون القدامى قبل غيرهم الحاجة الحيوية لتلك الفترة واندفعوا إلى ميدان الحرب والجهاد والتضحية لتلبية هذه الحاجة ، لذا فإن ايلاء الاهتمام وتكريم واحترام رواد الدفاع المقدس واجب مؤكد على الجميع.
وصرح قائد الثورة الاسلامية المعظم بان الاستكبار العالمي كان الطرف الاخر في الحرب المفروضة من قبل نظام صدام ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية ، مؤكدا بأن فترة الدفاع المقدس اثبتت بان صون البلاد وقدرتها على الردع أمام العدو يتحققان بالمقاومة.
واشار سماحته الى مضي اكثر من 30 عاما على انتهاء الحرب المفروضة، واضاف: عندما نكون في خضم الحادث لا نستطيع رؤية أبعاده ، وفي تاريخنا تعد هذه الفترة من الزمن (فترة الدفاع المقدس) فترة باهرة.
وخاطب سماحته رواد الدفاع المقدس بقوله: إنكم تعرفون الكثير عن قضايا الدفاع المقدس ، لكن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عنها، لذا علينا أن نجعل الجيل الجديد يعرف ويفهم قضايا تلك الفترة مثلكم. هذا ما أتوقعه من نفسي ومن الآخرين.
وفي إشارة إلى تقرير رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة حول تعزيز ونشر قيم فترة الدفاع المقدس ، أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم أن وقائع الدفاع المقدس يجب أن تصل إلى أسماع الشباب، وأضاف: الحقائق التي نوليها اهتماما في دفاعنا المقدّس لم تعد مجرد ادعاءات، يوما ما كنا ندّعي بأن جميع القوى العالمية تقاتلنا ولكن الآن، هذا الكلام ليس مجرد إدعاء، اذ تنشر اليوم وثائق من الشرق والغرب في هذا الصدد، تثبت إدعاءنا.
وصرح القائد العام المعظم للقوات المسلحة بأن الهجوم العسكري على البلاد لم يكن غير متوقع، وأضاف: نعم؛ هاجم صدام، ولكن خلفه كان يقف الاستكبار العالمي، كما شجعته دول الاستكبار وأعطته الضوء الأخضر ووعدته بتقديم الدعم له ونفذّت وعدها.
وتابع سماحته: إن هجوم هذه الدول على النظام الثوري كان طبيعيا تماما لانها كانت غاضبة من الثورة الاسلامية بشدة، هذه الثورة فعلت أشياء لم ندركها كثيرا في ذلك الحين ، لكن الاستكبار العالمي لاحظها، لم تكن هذه الثورة مجرد هزيمة سياسية مؤقتة للاستكبار، بل كانت تهديداً لإمبراطورية نظام الهيمنة.
وقال سماحته: لم يكونوا يطيقون اطلاقا وجود شعب لايخاف من أميركا والقوة العسكرية والسياسية والاقتصادية التي كانت تحكم العالم في ذلك الوقت. هذا النظام السياسي تبلور في مكان كان نقطة الأمل والاعتماد والجشع الكامل لأميركا. لذلك كانوا يسعون وراء الانتقام وتوجيه الضربة. اذ قاموا باجراءات مثل محاولة الانقلاب والهجوم الجوي في طبس وتحريض القوميات، لكنهم لم يحققوا شيئا من وراء ذلك، لذا كان عليهم شن حرب عسكرية من قبل أحد الجيران.
واضاف سماحته: لقد كان امرا لا يطاق بالنسبة لهم ان يقف شعب وبلد مستقل عن إمبراطورية نظام الهيمنة ويقول كلاما جديدا، وان لا يخاف شعب من اميركا وقدراته السياسية والاقتصادية ، لذلك ، كان عليهم الانتقام وتوجيه الضربة المقابلة، كان لا بد من فرض حرب عسكرية ، وكان لا بد من فرض حرب عسكرية شاملة من قبل أحد الجيران.
وقال القائد العام المعظم للقوات المسلحة: في ذلك الوقت كنت في وزارة الدفاع، المسؤولون العسكريون رفيعو المستوى تكهنوا ببعض الامور، لكن القوى الثورية لم تكن تتصور وقوع مثل هذا الهجوم الشامل ، أولئك الذين كانت لديهم خبرة أكثر منا توقعوا مثل هذا الهجوم.
واشار سماحته الى أن البعض اليوم يقولون لماذا خضتم الحرب مع العراق، أو لماذا استمرت الحرب بعد تحرير مدينة خرمشهر، واضاف سماحته موضحاً: أن الحادثة المريرة التي وقعت في نهاية الحرب، كانت بعد قبول إيران القرار (598 الصادر عن مجلس الامن الدولي) اذ أن العراق كان قد ذهب الى ما وراء الحدود لكنه هاجم مرة أخرى، ثم تم تنفيذ هجوم المرصاد (شنت قوات زمرة "خلق" الارهابية هجوما توغلت من خلاله في محافظة كرمانشاه غرب البلاد بدعم من نظام صدام بعد قبول ايران بقرار وقف اطلاق النار وتم التصدي لهذا الهجوم والقضاء على قوات الزمرة العميلة في العمليات التي اطلق عليها "مرصاد").
وأوضح قائد الثورة الإسلامية المعظم: إنهم يتصورون بأننا لو تنحينا جانبا (القبول بوقف اطلاق النار) بعد قضية (تحرير) خرمشهر، فان الحرب كانت ستنتهي، لكن الأمر ليس كذلك. مثل هذه التصريحات اعتباطية ووجهات نظر غير مسؤولة. انهم كانوا يريدون القضاء على الثورة الإسلامية.
واكد القائد العام المعظم للقوات المسلحة بأن العناصر الثلاثة المتمثلة بالاقتدار العظيم للثورة الاسلامية وقيادة الإمام الخميني والخصائص البارزة للشعب الايراني، حوّلت هذا التهديد الى فرصة.
وطرح قائد الثورة الإسلامية المعظم السؤال التالي وهو: "يجب أن نرى ما هي أهداف هجوم صدام علينا؟"، وقال: في المرحلة الأولى كان هدف صدام تقسيم البلاد وفصل إقليم خوزستان عن البلاد. حسنا ، قام سكان خوزستان بأحد أفضل الدفاعات بأنفسهم. نعم ، ذهب الناس من جميع أنحاء البلاد إلى خوزستان ، ولكن في خوزستان نفسها ، هنالك شخصيات مجاهدة بارزة مثل علي هاشمي من بين الشخصيات الدفاعية من الطراز الأول.
وأضاف سماحته: من الأهداف الاخرى (للهجوم) إركاع الشعب الايراني. أرادوا الاطاحة بالجمهورية الإسلامية وتغيير مصير إيران. أرادوا خنق صوت الشعب الإيراني. كان للشعب الايراني رسالة جديدة للعالم. أرادوا ألا تصل هذه الرسالة ، وهي رسالة المقاومة والصمود وعدم الاستسلام أمام الغطرسة والتمييز الدولي.
وتابع سماحته: لقد أرادوا أن تأخذ الدول الأخرى درسا مفاده أنه إذا ثار أحد على اميركا فسوف يتم قمعه مثل الشعب الايراني، وكان الهدف النهائي والأساسي إغلاق باب المقاومة ، لكن رد الشعب الايراني انه احبط كل هذه الأهداف وتحقق العكس من اهدافهم تماما.
وقال سماحته حول إنجازات فترة الدفاع المقدّس التي تحققت للشعب الإيراني: إن وحدة الشعب كانت من إنجازات الدفاع المقدس. في ذلك الوقت كانت إحدى المشاكل هي الخلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بسبب سوء تصرفات الرئيس ، كما عملت الزمر على تشتيت وحدة الشعب وجعله في اطار مجموعات، لذا فان الدفاع المقدس وحّد الشعب ، واصبح الجميع في خدمة الدفاع المقدس.
واكد قائد الثورة الإسلامية المعظم بأن العناصر الثلاثة وهي قدرة الثورة وقيادة الإمام والخصائص البارزة للشعب الايراني، حوّلت التهديد الكبير المتمثل بالحرب إلى فرصة كبيرة، وقال سماحته: هذا هو أحد الفصول الحماسية للدفاع المقدس ، والذي يحتاج إلى الكثير من العمل في هذا المجال، الفرص التي توفرت للبلاد نتيجة الدفاع المقدس غير معروفة للكثيرين من أبناء الشعب.
واضاف سماحته: ان احدى حالات تبديل التهديد الى فرصة في الدفاع المقدس، هي مسألة الاقتدار العسكري للبلاد. فحينما اندلعت الحرب لم يكن وضعنا جيدا من الناحية العسكرية، فالجيش كان قد تضرر قبل الثورة والحرس الثوري لم يكن قد اكتسب القوة بعد. الدفاع المقدس كان من جانب اختبارا لوفاء جيش الجمهورية الاسلامية للنظام الاسلامي، ومن جانب آخر تبلور الحرس الثوري كحقيقة باهرة.
وأكد القائد العام المعظم للقوات المسلحة أن الدفاع المقدس أصبح ساحة لظهور المعتقدات الدينية والمعايير الأخلاقية للشعب الايراني، وقال: في ظل فترة الدفاع المقدس زادت شعبية القوات المسلحة وشعر الناس بالأمان ، وهذا الشعور بالأمان مهم جدا. لقد تقدمت قواتنا المسلحة بشكل جيد حتى اليوم ولكن ينبغي على الدوام الأخذ بنظر الاعتبار خطر التوقف، لأن التوقف يعني التخلف، فالعدو يتحرك الى الأمام دوما.
وخاطب قائد الثورة الإسلامية المعظم القادة العسكريين في كل من الجيش والحرس الثوري الذين حضروا هذا الاجتماع قائلا: إن شعبية واقتدار القوات المسلحة سيستمر فقط طالما أنها تحافظ على حركتها إلى الأمام بنفس الزخم الذي كانت عليه.
وأكد سماحته بان البلاد اليوم بلغت مرحلة الردع وتشعر بالقوة ولا يوجد قلق من ناحية التهديدات الخارجية وأن الأعداء يدركون ذلك أيضا. واضاف سماحته: لحسن الحظ أن البلاد وصلت اليوم إلى مرحلة الردع، يعني أن الوضع العسكري للبلاد وصل إلى نقطة لا تخشى فيها التهديدات الخارجية والأعداء يعرفون ذلك، في سلسلة التحركات العسكرية التي استمرت ثماني سنوات في أحداث الحرب، كان هناك شعور ملحوظ بالتخطيط والعقلانية، بعض الطرق والأساليب المستخدمة في الدفاع المقدس كانت مبادرات فريدة يمكن تدريسها.
وأكد سماحته بأن الدفاع المقدس اثبت بان صون البلاد يتحقق بالمقاومة، وقال: الدفاع المقدس أوضح للشعب الايراني مبدأ أن حماية البلاد تتحقق بالمقاومة وليس بالاستسلام. وفي إشارة إلى استخدام مبدأ المقاومة في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، قال قائد الثورة الإسلامية المعظم: أولاً ، هذه المقاومة الذكية أدت الى الثقة الداخلية والاعتماد على الذات لدى النشطاء السياسيين والثقافيين، وثانياً ، علّمت العدو أن يأخذ في حساباته دائما قوة إيران الداخلية في الاعتبار، لأننا بهذه الروح تمكنا من هزيمة العدو في كثير من الحالات، مثل الضغوط القصوى أو مشروع الشرق الأوسط الجديد، أو مهاجمة الحدود الجوية والبحرية، بما في ذلك إسقاط طائرة العدو المعتدية (الطائرة المسيرة آر كيو-4 غلوبال هوك) أو توقيف السفن المرتكبة لمخالفات.
وأشار إلى تأكيده المتكرر على ضرورة السرد الصحيح لوقائع فترة الدفاع المقدّس، وقال: إن الأنشطة التي تم تنفيذها في هذا المجال حتى الآن جيدة، لكنها كلها بنية تحتية ويجب مراعاة مخرجات العمل.
وشدد سماحة آية الله الخامنئي على أنه إذا حدث هذا الشيء المهم فسيكون النجاح مؤكدا في المستقبل في مختلف المجالات، مضيفا: إن وجود الشباب الذين ذهبوا إلى ساحة الدفاع عن مراقد أهل البيت (ع) واستشهد بعضهم، كان الأثر الحقيقي للسرد الصحيح لأن هؤلاء الشباب لم يروا مرحلة الدفاع المقدس.
وأشار القائد العام المعظم للقوات المسلحة إلى محاولة العدو إنكار النقاط اللامعة للدفاع المقدس والمبالغة في اظهار بعض نقاط الضعف المحتملة، وقال إنهم يحاولون من خلال عمل "ثقافي ودعائي واعلامي" مكثف لاظهار بريق الاستكبار الزائف للشباب والتعتيم على مراراتهم ونقاطهم السوداء ومن ناحية أخرى العمل عبر اخفاء نقاط القوة ومنجزات الدفاع المقدس، لتوفير الارضية لخوف الناس من قدرة وهيبة الاستكبار الظاهرية، مما ينتج عنه الخوف من العدو في المجال السياسي وتدني احترام الذات أمام العدو في المجال الثقافي.
وفي ختام حديثه دعا قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى ضرورة الرد على الروايات الكاذبة والمشوهة عن الدفاع المقدس ومبدأ الثورة الإسلامية، وأضاف: الأميركيون والصهاينة مشغولون بتأليف الكتب وإنتاج الأفلام في هذا المجال، الأمر الذي يستوجب الاستعانة بالمثقفين والفنانين لاتخاذ الإجراءات والخطوات المناسبة ضدهم.
وفي هذا الاجتماع، تحدّث اللواء محمد باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، وأشار إلى إقامة "الدورة الوطنية الثالثة لمراسم التكريم العامة لمليون شخص من قدامى المحاربين في الدفاع المقدس والمقاومة"، وقدّم تقريرا عن البرامج والأنشطة المنفذة في مجال حفظ ونشر ثقافة وقيم الدفاع المقدس.
وفي بداية هذه المراسم التي تزامنت مع اتصال مباشر بالفيديو مع مراكز 31 محافظة، قام السيد صادق آهنكران بإنشاد بعض المراثي الحماسية لبضع دقائق.