أشار قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله السيد علي الخامنئي، لدى استقباله صباح اليوم (الثلاثاء: 2022/6/28) رئيس السلطة القضائية وجمع من كبار المسؤولي والموظفين بجهاز القضاء الايراني، إلى "السنن الإلهية الغير قابلة للتغيير في المجتمعات" وأضاف سماحته: إن اقتدار وشموخ ونصر الشعب الإيراني والجمهورية الاسلامية المدهش قبال الاحداث الكبرى والمريرة للعام 1981 في البلاد، يعود الى الصمود والمثابرة بوجه الاعداء وعدم الخوف منهم، موضحاً أن سنة النصر الإلهية تشمل جميع الاعصار والفترات، ويجب أن نعلم بأن الخالق الذي نصرنا عام 1981 هو نفسه في عام 2022.
ورأى سماحته خلال هذا اللقاء الذي جرى بمناسبة اسبوع السلطة القضائية في ايران، أن القضاء يمثل "ركناً مهماً ومؤثراً في البلاد كلها"، وقدم سماحته ثمانية توصيات مهمة كضرورة العمل بوثيقة التطور التي تم إعدادها في الادارة السابقة، وهي من اكثر الوثائق رقيا، واختيار الكوادر والشخصيات على ضوئها، وأضاف سماحته: إن العمل بوثيقة التطور يؤدي الى الحيلولة دون الانفعال أمام المعارضين وان رئيس السلطة القضائية مكلف بتنفيذها.
كما أوصى قائد الثورة الإسلامية المعظم مسؤولي القضاء بـ "مكافحة الفساد بجدية"، مؤيّداً ما قاله رئيس السلطة القضائية عن أن "مكافحة الفساد في السلطة القضائية هي في الأولوية"، وتابع سماحته: غالبية القضاة هم أشخاص شرفاء ونزيهون ونجباء ومؤمنون ومثابرون، لكن يجب التعامل مع الفاسدين القلائل الذين يضرون بعمل الآخرين وسمعتهم، طبعاً في مكافحة الفساد إن المَهمة الأساسية هي مواجهة الهيكليّات المنتجة للفساد وتفكيكها.
إضافة إلى تعزيز العلم القضائي لدى القضاة والعاملين الشرفاء والحيلولة دون اصدار احكام ضعيفة او مشوهة. وعدم تأخير اي من الصلاحيات والمهمات القانونية في السلطة القضائية، حيث ان للمدعي العام واجبات في مجال الحقوق العامة التي يجب العمل بها والحيلولة دون تضييع الحقوق العامة، عبر الرصد التام بعيداً عن العواطف والتأثر بالشعارات.
وتابع سماحته بالدعوة لتنظيم الاتصالات بين السلطة القضائية والمأمورين القضائيين، حيث يجب الاشراف على تعاملهم كي لا يؤدي افراطهم في التعامل الى اعتماد الحدة في التعامل مع المتهمين.
في توصية أخرى، قال قائد الثورة الإسلامية المعظم لمسؤولي السلطة القضائية بخصوص الأمن النفسي للناس: الأمن النفسي من جملة الحقوق العامة، وعلى الجهاز القضائي أن يتصدّى لإقلاق أذهان الناس وتشويهها بالإشاعات والتصريحات الكاذبة التي تبثّ الخوف، والتي تصدر عن أفراد في وسائل الإعلام والفضاء المجازي.
وكانت الوصية الأخيرة لسماحته، ضرورة متابعة الملفات المختلفة التي يتناولها الرأي العام مثل قضية المصانع او التصرفات غير القانونية لأصحاب المصانع ووضع نهاية لها.
ولفت سماحة آية الله الخامنئي إلى أن العدو كان قد عقد الآمال على نقاط الضعف والثغرات خلال العقود الاربعة الماضية لاستهداف ايران الاسلامية، لكنه اخفق وعجز عن تحقيق مآربه.
كما اشاد سماحته بتضحيات شهداء السلطة القضائية وعلى راسهم "الشهيد آية الله بهشتي" ورفاق دربه الذين استشهدوا معه في حادث تفجير مقر حزب الجمهوري المرير بتاريخ 28 يونيو 1981؛ مؤكدا على "ان الشهيد بهشتي كان شخصية عظيمة حقا، وقد بدأ التعاون الوثيق فيما بيننا منذ عودته الى ايران قبل الثورة الاسلامية وبعد انتصار الثورة".
واستعرض قائد الثورة الإسلامية المعظم الاحداث في البلاد آنذك، ويوم استشهاد آية الله بهشتي، مبينا انها كانت شبيهة باوضاع حرب داخلية حيث كان عناصر زمرة المنافقين الارهابية تعتدي على المواطنين بالاغتيالات والسكاكين وكل ما لديها من ادوات العنف، وكان منصب رئيس الجمهورية شاغرا بعد سحب ثقة البرلمان من "بني صدر"، كما استشهد كل من رئيس الجمهورية البديل "محمد علي رجائي" ورئيس وزرائه "محمد جواد باهنر"، بعد شهرين فقط من واقعة استشهاد اية الله بهشتي، مضافا الى حادث سقوط الطائرة الذي أدى الى استشهاد عدد من قادة الجيش والحرس الثوري.
وقال سماحته: ان الشعب الايراني تعرض في غضون 3 اشهر فقط لجميع هذه الاحداث الكارثية التي لم يسبق لها نظير في اي مكان؛ متسائلا هل تعرفون بلدا او شعبا يواجه هذا الكمّ الهائل من الحوادث المؤلمة وقد بقي صامدا ؟!
واشاد قائد الثورة الاسلامية المعظم بصمود الامام الخميني (رض)، مؤكدا انه واجه تلك الاحداث كقمة جبل منيع الى جانب المسؤولين الاكفاء والمخلصين والشعب الايراني بشبابه الشجعان، مما أدى الى قلب المعادلة رأساً على عقب، وتكبد الاعداء الهزيمة الواحدة تلو الاخرى وتم القضاء على زمرة المنافقين وتطهير الشوارع والاحياء من دنسهم، كما تعاظم اقتدار الحرس الثوري والجيش وعادت البلاد الى طبيعتها.
وتابع سماحته قائلا، بأن العدو كان يعيش نشوة وسرور اغتيال الشهيد بهشتي والحوادث المتتالية عقب هذه الواقعة المريرة، كما عقد الآمال على الاطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية في ايران، لكن أصابه اليأس والاحباط بعد هذه الانجازات التي جسّدت سنة النصر الالهي، والتي يعجز الاعداء عن ادراكها لأنهم لا يفهمون وجود عالم آخر غير حساباتهم.
وأشار سماحته إلى المضامين الكثيرة في القرآن الكريم بشأن السنن الإلهية، موضحاً: إذا صمدت المجتمعات ضد الأعداء وأدّت واجباتها بالتوكل على الله، فنتيجة ذلك سيكون النصر والتقدم، وأما إذا أصيبت بالخلافات وطلب الراحة والوهن، فنتيجة ذلك ستكون الهزيمة.
وأضاف سماحته: وفقاً لآيات القرآن الكريم فإن من واجبات الحكومة الإسلامية إقامة الصلاة، أي نشر روح التعبّد في الجمهورية الإسلامية، وإيتاء الزكاة، أي نشر العدالة في المجتمع الإسلامي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي الأمر بقيَمٍ كالعدالة والإنصاف والأخوة، والنهي عن الظلم والفساد والتمييز الذي أكده الدستور أيضاً، وهذا من واجبات السلطة القضائية.
وشدد قائد الثورة الإسلامية المعظم على "الدراسة العلمية للسنن الإلهية عبر نظرة اجتماعية" وأضاف: في عام 1981 استطاع الشعب الإيراني أن يخيّب آمال العدو باستقراره في مدار إحدى السنن الإلهية، أي الجهاد والصمود، واليوم أيضاً القاعدة والقانون نفسيهما ساريان، والله عام 2022 هو نفسه الله عام 1981، ولا بدّ أن نسعى لكي نجعل أنفسنا مصداق السنن الإلهية حتى تكون نتيجة ذلك التقدّم والنصر.
وفي بداية هذا اللقاء، قدّم رئيس السلطة القضائية، حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محسني إجِئي، تقريراً عن إجراءات السلطة القضائية خلال الفترة الأخيرة، ومن أهمها التأكيد على مزيد من التواصل مع شرائح الشعب المختلفة، وتعزيز التفاعل مع السلطات والمؤسسات الأخرى، ومحاولة تنفيذ وثيقة التحول القضائي، والعمل على تحقيق قفزة في استخدام التقنيات الجديدة والذكاء الإصطناعي في الخدمات القضائية، ودعم الإنتاج وإزالة معوقاته، وجعل بعض الخدمات القضائية مجانية في المناطق المحرومة، والمحاربة الجادة للفساد وخاصة داخل جهاز القضاء، وإعطاء الأولوية للملفت المتعددة الشكاة والهامة لدى الرأي العام، وتكثيف الرقابة على تنفيذ القوانين والأنظمة النافذة، وكذلك المتابعة المستمرة لتحسين الظروف المعيشية للموظفين، وتقوية القاعدة المالية للميزانية القضائية.