وصف قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي، صباح اليوم (الأربعاء: 2022/05/25) خلال إستقباله رئيس وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي، تحرير مدينة خرمشهر بأنه رمز لتغيير معادلة مريرة إلى معادلة حلوة، وتحقيق الخلاص الوطني، وقال سماحته في إشارة إلى عوامل تغيير هذه المعادلة: إن أساس تخطي الظروف الصعبة والمعقدة والمريرة وبلوغ النصر والنجاح، تكمن في العمل الجهادي والعزيمة الراسخة والمبادرة والتضحية والرؤية بعيدة المدى، وفي مقدمة كل تلك العوامل يأتي الإخلاص والتوكل على الباري تعالى.
واعتبر سماحته مجلس الشورى الإسلامي من الركائز الأساسية لإدارة البلاد ، وفي إشارة إلى الصعوبات والتعقيدات التي تواجه إدارة الدول في ظل الأوضاع الدولية الخطيرة الراهنة، دعا سماحته جميع القوى والمؤسسات إلى إدراك وتفهم أهمية موقعها والتعاون الودي مع بعضها البعض مؤكداً في هذا السياق: المعرفة الصحيحة للقدرات ونقاط الضعف، هي أحد القضايا المهمة للغاية لأن العدو يراقب أخطائنا أكثر مما يأمل في قدراته.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى أيام الذكرى السنوية لتحرير مدينة خرمشهر ، معتبراً هذا الحدث العظيم يتجاوز استعادة مدينة ، وقال: إن تحرير خرمشهر كان في الواقع تغييرا لمعادلة مريرة وحيوية لصالح القوات الإسلامية وتحويلها إلى معادلة حلوة.
وأوضح سماحة آية الله الخامنئي سبب هذا التغيير في المعادلة: إن عوامل الخلاص الوطني التي تحققت بتحرير خرمشهر هي العمل الجهادي ، والتضحية بالنفس ، والعزم الراسخ ، والمبادرة ، والنظرة بعيدة المدى للأهداف والقيم ، وفوق كل شيء الإخلاص والتوكل على الله.
واعتبر سماحته هذه العوامل والقاعدة العامة، هي النسخة المنجية في كل الأمور وفي كل الأزمنة، مؤكداً: إن أساس هذه القاعدة المنجية هو وعد الله الذي لا يخلف في القرآن الكريم بأن الله ينصر الأفراد والأمم التي تلتزم بهذه العوامل، وأن الباري تعالى لن يضيع عمل وجهاد أفراد مثل هذا المجتمع.
وقال قائد الثورة الإسلامية المعظم: التضحية تعني عدم الوقوع في براثن الرغبات الدنية، وإن العديد من مشاكل الأفراد والمجتمعات تبدأ بالاستسلام للرغبات الدنية.
وتابع سماحة آية الله الخامنئي كلمته بالتعريج على موضوع البرلمان وأكد أن مجلس الشورى الإسلامي هو أحد الركائز والأضلاع الأساسية لإدارة البلاد ويحظى بموقع هام ، موضحاً: إن أعضاء البرلمان من مختلف المدن وحتى من المدن ذات الكثافة السكانية المنخفضة، يجب أن يكون لديهم مثل هذه الرؤية لموقع مجلس الشورى ويدركون مدى صعوبة وتعقيدات إدارة البلاد.
وفي إشارة إلى حجم إيران وسكانها وجغرافيتها وتاريخها وتنوع مناخها الإقليمي، شدد على: إن إدارة بلد بمكانة إيران العزيزة عملا مهماً، ونظراً للظروف الخاصة الحالية للعالم، فبطبيعة الحال هي مهمة صعبة ومعقدة.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم: طبعاً في ظل الظروف الراهنة في العالم، أصبحت الإدارة صعبة على جميع الدول.
وأوضح سماحة آية الله الخامنئي أسباب الأوضاع الخاصة في العالم قائلا: التنافس العدائي للقوى وتهديدات القوى النووية ضد بعضها البعض ، وتزايد التحركات والتهديدات العسكرية ، والحرب بالقرب من أوروبا كواحدة من أكثر المناطق حروباً في العالم، الشيوع غير المسبوق للجائحة والتهديدات الغذائية على الصعيد العالمي، كلها عوامل تجعل الوضع العالمي الحالي مميزا ، وفي مثل هذه الظروف أصبحت إدارة البلدان أكثر صعوبة وتعقيدا.
وأشار سماحته: بالإضافة إلى الظروف التي تسود جميع الدول ، فإن إيران تواجه باستمرار تحديات من قبل القوى العالمية في أبعاد مختلفة بسبب تقديمها لنموذج جديد في الحكم وهو عبارة عن سيادة الشعب الدينية ، والذي عطل الجدول التنظيمي لنظام الهيمنة.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم أن الجمهورية الإسلامية شرحت صدرها أمام كل الأعمال العدائية وهي تتقدم وتنجح، مضيفا: يجب على نواب مجلس الشورى والحكومة والقضاء والمؤسسات الأخرى أن يعرفوا جميعا في أية إدارة عظيمة ومهمة يعملون وأن يزيدوا من مراقبة أنفسهم وفقا لهذه المكانة.
وأشار سماحة آية الله الخامنئي: يجب أن ندرك القدرات وكذلك نقاط الضعف بشكل صحيح وأن نحرص على عدم ارتكاب الأخطاء ، لأن العدو يأمل في أخطائنا أكثر مما يأمل في قدراته.
وأشار سماحته إلى تعبيره السابق للمجلس الحادي عشر بإعتباره مجلساً ثورياً ، أضاف : بعض الناس لم يعجبهم هذا التعبير، لكنه كان وصفاً حقيقياً لأن الناس انتخبوا ممثلين لهذا المجلس كانت شعاراتهم وتوجهاتهم ثورية.
ورفض سماحته تصريحات بعض الأشخاص الذين اعتبروا شعارات الثورة مشكلة للبلاد ، وقال: التحرك نحو القيم العليا للثورة يصب في مصلحة البلاد ويؤدي إلى شفاء آلامها.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي البقاء على الحالة الثورية أكثر أهمية من كون الإنسان ثوريا، موضحاً: بعض الناس في السنوات الأولى للثورة كانوا متحمسين جدا وثوريين وبمعنى آخر كانوا في قمة الثورية، لكنهم لم يكن لديهم القدرة على التحمل للبقاء على هذا الطريق ولم يتمكنوا من البقاء على الطريق ، لذلك فمن الأصعب من أن تكون ثوريا هو أن تظل ثوريا كفرد أو جماعة في البرلمان.
وأشاد سماحته بالإجراءات الجيدة التي إتخذها البرلمان الحادي عشر خلال العامين الأخيرين، وتابع سماحته كلمته ببيان أهم سمات وخصائص "النائب الثوري" وقال: السمة الأولى هي "البساطة في العيش وتجنب الوقوع في المظاهر والأرستقراطية" ولا ينبغي أن تختلف حياة النواب عما كانت عليه قبل دخولهم إلى البرلمان.
وكانت "الشعور بالمسؤولية" السمة الثانية للنائب الثوري والتي أكد عليها سماحة قائد الثورة وأضاف: قفوا بحزم على القانون الجيد الذي تصادقون عليه، ومن ناحية أخرى لا يكون على النحو الذي تدركون رفضه من قبل مجلس صيانة الدستور أو عجز الحكومة عن تنفيذه وتصادقون عليه فقط لإخلاء المسؤولية عن كاهلكم.
كما رأى سماحته أن الشعبية من المؤشرات الثورية للنائب في المجلس، مضيفاً: أن تكون شعبياً يعني أنه فضلاً عن الجلوس مع الناس يجب أن يكون لديك أذن صاغية لسماع كلامهم، ولكن عندما يتعذر تنفيذ مطالب الناس، فاشرحوا الأسباب ببيان واضح، لأن هذا العمل من مصاديق جهاد التبيين.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي أن "تقسيم قضايا البلاد إلى رئيسية وفرعية وإعطاء الأولوية لحل القضايا الرئيسية" هي من السمات الأخرى للنائب الثوري وأضاف: السمة الأخرى هي "التجنب الجاد للتمييز والفساد" سواء في مواجهة فساد الآخرين أو في مراقبة الذات أمام الفساد.
واعتبر سماحته "التعاون الصادق مع القوى والأجهزة الأخرى وهياكلها" وتجنب المساومة والمعارضة، من مقتضيات المجلس الثوري ، مشيراً في هذا السياق: النائب الثوري يتماشى مع عامة الناس ولكنه ليس ساذجاً وإنفعاليا، لذلك ففي إجراءات المجلس وسن القوانين إذا كانت الاعتراضات معقولة فاقبلوها وإلا فإن الجدل وإثارة الأجواء ضد المجلس والقانون لا ينبغي أن تثنيكم عن القيام بواجباتكم.
واعتبر سماحته "التقيد التام بالدستور وواجباته" سمة أخرى من سمات النائب الثوري ، وفي ختام هذا الجزء من خطابه قال: طبعا من الأمور التي ليست من سمات النائب الثوري هي الخطب الحماسية والعاطفية المرافقة للاحتجاج والغضب.
كما دعا سماحته مسئولي البلاد إلى البحث عن الحلول للمشاكل الاساسية، مؤكدا أنه في شؤون البلاد لا يجوز الخوض في القضايا الفرعية ما دامت هناك قضايا رئيسية.
واكد سماحته علي ضرورة سن القوانين بنظرة شاملة وطويلة الأمد وتجنب وضع القوانين بشأن القضايا الجزئية والثانوية وايلاء الاهتمام بالسياسات العامة الواردة في القوانين، واعتبر "الالتزام الكامل بالدستور وواجباته" سمة أخرى من سمات الممثل الثوري وقال: ان القاء الخطب الحماسية والتصريحات الغاضبة والاحتجاج ليست من علامات الشخص الثوري.
ووصف سماحته اقتراح الخطة والمشروع من قبل النواب بأنه من حقوق وواجبات مجلس الشوري الاسلامي خاصة في الحالات التي تحتاجها البلاد ولكن لم تصدر الحكومة مشروع قانون بشأنها وقال: ان وجود مشاريع في البرلمان الحالي أكثر مما كانت عليه في البرلمانات السابقة ليس مناسبا لأن تنفيذها سيكون صعبا.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم ضرورة "إصلاح هيكلية الميزانية" و"تعزيز قوة وخبرة نواب المجلس في كل من مراكز البحوث واللجان المتخصصة"، وايلاء الاهتمام بالبعد الإعلامي لسن القوانين واعمال مجلس النواب وشرحها للشعب.
كما شدد سماحته علي تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث واهمية الحفاظ على سمعة الافراد والامتناع عن ادلاء بتصريحات وادعاءات غير مثبتة على منبر مجلس الشورى الاسلامي.
وفي الختام، قدّم سماحة آية الله الخامنئي التحيةَ إلى الأرواح المطهرة للإمام الخميني الجليل (رض) وشهداء الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، مكرِّماً الشهيد حسن صياد خدائي الذي اغتيل في عملية إرهابية قبل ثلاثة أيام.
وفي بداية الاجتماع ، قدم رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف ، شرحا عن الإجراءات التي اتخذها المجلس الحادي عشر خلال هذين العامين.
واعتبر قاليباف ان ايلاء الاهتمام الي تحييد الحظر، هو الاستراتيجية الرئيسية لمجلس الشورى الاسلامي ، مضيفا: نسعى إلى تحقيق" حزمة من التحولات في القوانين الاقتصادية" في إطار هذه الاستراتيجية.
واضاف ان المجلس يؤكد على ضرورة اتخاذ تدابير للحد من المشاكل المؤقتة للشعب، الي جانب تركيز اهتمامه علي الحل الجذري للمشاكل.
ومن اهم المحاور الرئيسية التي ركز عليها قاليباف في التقرير الذي قدمه الي قائد الثورة الإسلامية المعظم يمكن الاشارة الى الإجراءات القانونية لتسهيل إصدار الرخص التجارية ، ووضع القوانين الخاصة بفرض ضريبة على المساكن الشاغرة ، ودعم الشركات القائمة على المعرفة الشفافية واستيراد السيارات ، الي جانب اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة عدد السكان ودعم الأسرة، وإعطاء الأولوية للمناطق المحرومة والمهمشة في الميزانية والسعي لتحسين مشاكل الجنود.