اعتبر قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي خلال لقائه مساء اليوم (الثلاثاء:2022/4/12) مع رؤساء السلطات الثلاث ومسئولي النظام، أن جميع مشاكل البلاد قابلة للحل بكا تأكيد، وشرح سماحته الأبعاد المختلفة لشعار العام، مؤكدا: إن منظومة الاقتدار للجمهورية الإسلامية وإنجازاتها المختلفة في مختلف القطاعات، جعل من إيران نموذجاً جذاباً للأمم، وأن زرع اليأس والإحباط والجمود لدى المواطنين هو جفاء للشعب والثورة .
وأشاد سماحته بصحوة وتحركات الشباب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، قائلا: إن هذه التحركات أظهرت أن قضية فلسطين مازالت حيّة رغم جهود الولايات المتحدة وأتباعها، وبفضل من الله إن النصر النهائي سيكون حليفا للشعب الفلسطيني.
واستعرض سماحة آية الله الخامنئي في بداية حديثه التوصيات الروحية مستشهداً بالآيات القرآنية والأدعية، وقال إن الإستغفار المشفوع بالنية الصادقة يقود الى الصفاء والطهارة الروحية والرحمة الإلهية في الحياة الفردية وكذلك في الساحات الوطنية والساحات الاجتماعية الواسعة.
واعتبر سماحته الاستغفار ضرورياً للحؤول دون إرتكاب الأعمال المحظورة ومن عدم أداء الواجبات وترك الفعل، وقال: إن كثير منا نحن المسؤولين نعاني من ترك الفعل وعدم القيام بالواجبات لأسباب مختلفة، والله يؤاخذ بشدة الإنسان في هذا الصدد.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي المسؤولية في النظام الإسلامي بانها تعني المؤاخذة والمساءلة، وأضاف: في الأنظمة السياسية في العالم، يتم إستجواب المسؤولين من قبل الشعب، أما في النظام الإسلامي، فان المسؤولين الى جانب خضوعهم للمساءلة من قبل الشعب، فإنهم معرضون لمساءلة ومؤاخذة أهم وأثقل من قبل الله أيضاً.
وأعرب سماحته عن إرتياحه للحضور الكبير للشباب في إدارة النظام، ودعا جميع المسؤولين إلى العناية الكاملة بضررين مهمين هما "الغرور" و"السلبية" وأضاف: إن الغرور بسبب المنصب، والمكانة والنجاح، والإعتزاز بلطف الله وأي مصدر آخر سيكون "مقدمة للفشل" و"مقدمة للإنهيار الداخلي والاجتماعي وفي العمل" بالنسبة للإنسان، مشيراً الى أن خلق الأوهام والتكبّر سيبعد الشخص المسؤول عن الناس.
وعزا قائد الثورة الإسلامية المعظم الضرر الثاني الى "السلبية" وقال: إن السلبية هي الشعور بالجمود في الامور، وهو نقيض الغرور وخطر يحاول الأعداء زرعه في المجتمع وبين المسؤولين بشتى الطرق، وبالطبع فإنه واستناداً للوعد الالهي الذي لايُخلف، إن طريقة التعامل مع مخطط العدو هذا هو"الصبر" و"التقوى". الصبر يعني عدم التعب وعدم ترك الساحة، والتقوى تعني أيضاً مراقبة أداء أنفسنا وتحركات العدو.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم، أن دائرة التقوى واسعة ولها مغزى خاص بها في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والدبلوماسية والأمن، وأضاف: إن زرع اليأس في أوساط الناس وغرس الشعور بالجمود في المجتمع، هو جفاء بالشعب والبلاد والثورة.
وفي إشارة إلى بعض المؤشرات السلبية في المجال الاقتصادي، قال سماحته: هناك قضايا ومشاكل، لكن يمكن حلها، وأساس تقييم الوضع في البلاد والحكم عليه والنجاحات لا ينبغي أن تكون على أساس المؤشرات الاقتصادية فحسب، بل يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار المؤشرات الأخرى ايضاً وأن نقيّم جميع المؤشرات معا.
وأضاف قائد الثورة الاسلامية المعظم: على الرغم من الحالات السلبية في الاقتصاد، إلا أن هناك بوادر نجاح في هذا المجال، ومن الأمثلة على ذلك مرونة اقتصاد البلاد في مواجهة اجراءات الحظر غير المسبوقة.
واستشهد سماحة آية الله الخامنئي ببلوغ الإكتفاء الذاتي في بعض المجالات، بما في ذلك إنتاج ستة أنواع من لقاحات كورونا، وتصفير الديون الخارجية تقريباً، والتقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي في مختلف المجالات، باعتبارها مؤشرات أخرى للنجاح، وأضاف: إن مثال آخر على النجاح: هي الإدارة السلسة لعملية إدارة البلاد، وعلى عكس بعض البلدان الأخرى، وعلى الرغم من كل الأعمال العدائية، فقد تم التعامل مع إدارة البلاد بشكل قانوني ودون الحاجة إلى إجراءات خارج النطاق الطبيعي.
وقال سماحته: هذه الإنجازات وغيرها من القضايا مثل توسيع العمق الاستراتيجي والتأثير الروحي لإيران في المنطقة، جعلت من الجمهورية الإسلامية مثالاً جذاباً.
وتابع سماحته بالقول: إن العدو بحكم اطماعه يدلي بتصريحات لزرع اليأس والإحباط في نفوس المواطنين، ففي الماضي كان يدلي بمثل هذه التصريحات، إلا أنه ثبت فيما بعد عدم صحتها، مثل كلام صدام في بداية الحرب المفروضة، والوعد بغزو طهران خلال أسبوع أو تصريحات مهرّج أمريكي قبل بضعة أعوام قال إننا سنحتفل بعيد الكريسماس في طهران.
وأكد سماحته أن الامريكان المتغطرسين اعترفوا بصراحة أن ممارسة الضغوط القصوى على ايران قد منيت بفشل ذريع وهذا موضوع هام للغاية يجب أن لا يطوى بالنسيان .
وفي معرض الاشارة الى الشعار الذي أطلقه على العام الجديد (1401 حسب التقويم الهجري الشمسي)، أي "الانتاج المعرفي المولد لفرص العمل"، أكد سماحته أن تحقيق هذا الشعار لا يقتصر على زيادة الشركات القائمة على المعرفة عدداً، وانما ينبغي ملاحظة سائر العناصر المساهِمة في تعزيز الانتاج المعرفي، بما في ذلك تطوير الانتاج وخفض كلفة النقد الاجنبي المترتبة عليه، وتوفير فرص العمل والارتقاء بجودة المنتجات المحلية الذي يسمح بتصديرها وتسويقها ومنافسة النسخ الاجنبية.
كما وجّه سماحته الحكومة بضرورة دعم الشركات المعرفية في البلاد، مبينا أن النموذج الحقيقي لهذا الدعم يكمن في تقليص الواردات غير الضرورية.
وأضاف سماحته: للأسف يتم تصدير المواد الأولية من البلاد بأسعار رخيصة ويتم استيراد المنتج النهائي بأسعار مرتفعة، في حين يجب تعديل هذه العملية بالإنتاج المعرفي وإنتاج المنتج النهائي وتصديره.
وأكد سماحة آية الله خامنئي ايضاً على دعم الحكومة للشركات القائمة على المعرفة، قائلاً: الحكومة هي أكبر مستهلك في البلاد. والمثال الكامل للدعم الحقيقي للحكومة للشركات المعرفية هو منع الواردات الواسعة.
وشدد سماحته على ضرورة صياغة خطة التنمية السابعة وأضاف: هذه الخطة كان من المفترض أن تتم صياغتها العام الماضي وأن يتم تنفيذها اعتبارا من العام الجاري، الأمر الذي لم بحصل، لكن هذا العام على الحكومة والبرلمان شحذ الهمم لإقرار الخطة السابعة وفقاً للسياسات العامة للنظام.
واعتبر سماحته التمتع بالشعبية، والأهم من ذلك، أن تظل شعبياً، من الخصائص الضرورية لأي مسؤول في النظام الإسلامي، وقال إن رؤية أو سماع الحقائق في الميدان أو من مصادر موثوقة سيمهد الطريق للتخطيط واتخاذ الإجراءات الصحيحة.
وأضاف سماحة آية الله الخامنئي في هذا الصدد: أحياناً يقول الناس العاديون للمسؤول أشياء لا نسمعها من مستشارين متمرسين ومقربين.
وأعرب سماحته عن عدم رضاه عن عدم تنفيذ السياسات العامة للمادة 44، مؤكداً: من خلال تنفيذ هذه السياسات، يمكن للحكومة أن تضع اقتصاد البلاد على عاتق الشعب، وأن تتفرغ هي لوضع الخطط والمراقبة والتوجيه من أجل حل المشاكل بسرعة.
وفي إشارة إلى الدول التي لديها نمو اقتصادي بدون نفط، أضاف قائد الثورة الاسلامية المعظم: النفط منذ حوالي مائة عام بات أشبه بالأفيون، وخلق إدماناً شديداً في البلاد، ويجب معالجة ذلك.
ووصف سماحته الاقتصاد الخالي من النفط بأنه هدف بعيد المدى وأضاف: يجب أن تعمل حكومتان على الأقل في مسؤوليات مدتها ثماني سنوات على حل هذه المشكلة. بالطبع، لو كان تنفيذ الاقتصاد الخالي من النفط قد بدأ منذ أن طرحنا ذلك لكانت البلاد اليوم في وضع مختلف.
وقال سماحة آية الله السيد الخامنئي، في إشارة إلى الاحتمالات التي أثيرت بشأن بعض الانفراجات في مجال الصرف الأجنبي: يجب أن نكون حذرين إذا كان هناك إنفراج محتمل، فلا ينبغي أن يُخصص ذلك للواردات المنفلتة، بل ينبغي أن تصرف على البنية التحتية مثل النقل البري والسكك الحديدية، والشركات المعرفية والتحديث الصناعي وطرق الارتباط مع دول الجوار وحل مشكلة المياه المهمة ولحسن الحظ بدأت الحكومة بعمل جيد في موضوع المياه لكن حل هذه المشكلة يتطلب المال.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية المعظم، المجلس الاقتصادي لرؤساء السلطات الثلاث فرصة مهمة لاتخاذ القرارات اللازمة وأضاف: تم تشكيل هذا المجلس في الحكومة السابقة بعدة أجندات مهمة مثل إصلاح هيكل الميزانية وحل مشكلة البنوك وإدارة التصدي للحظر، ويجب على السلطات الثلاثة من خلال التعاون والتلاحم القائم بينهم الاستفادة الكاملة من هذه القدرة.
واعتبر قائد الثورة أن موضوع الثقافة مهم للغاية ويتطلب جهادا واعيا وقال: يجب على المراكز الثقافية الرسمية وكذلك الناشطين الثقافيين الذين يعملون على نطاق واسع بعون الله أن يأخذوا الثقافة والعلم بجدية شديدة وأن يعملوا بعيون مفتوحة على مدار الساعة ويبذلوا جهودهم في هذا المجال .
وفي إشارة إلى الاتجاه الجيد لدبلوماسية البلاد، أكد سماحة آية الله الخامنئي: لا ينبغي للمسؤولين تأخير عملهم من أجل القضية النووية على الإطلاق، وينبغي التخطيط واتخاذ الإجراءات لحل المشاكل على أساس حقائق البلاد.
ووصف سماحته المفاوضين بأنهم ثوريون ومتدينون ومتحمسون، وأضاف: وزير الخارجية والمفاوضون يقدمون تقارير مفصلة إلى المراكز الداخلية. لا حرج في توجيه الانتقاد والتعليق على أدائهم، ما دام بعيداً عن سوء الظن والتشاؤم، وكما قلت مرات عديدة، لا يبنغي أن تقود الى إضعاف العناصر في الميدان وزرع اليأس بين الناس.
وأعرب قائد الثورة الإسلامية المعظم عن إرتياحه لصمود الفريق المفاوض بوجه الإملاءات والجشع، وقال: إن الجانب الآخر الذي نقض العهد وترك الاتفاق النووي، بات يشعر الآن بالعجز والتخبط، لكن النظام الإسلامي تمكن عبر الاعتماد على الشعب من التغلب على الكثير من المشاكل وسوف يجتاز هذه المرحلة أيضا.
وفي جانب آخر من كلمته، أشاد قائد الثورة الاسلامية المعظم بصحوة وتحرك وجهود الشباب الفلسطيني في أراضي 1948 ووسط الأراضي المحتلة، مضيفا: إن هذه التحركات أظهرت أن قضية فلسطين ما زالت حيّة رغم جهود اميركا واتباعها وأنها قضية لن تنسى أبداً وأنه من خلال استمرار التحركات الجارية وبفضل الله سيكون الانتصار النهائي من نصيب الشعب الفلسطيني.
كما أشاد سماحة آية الله الخامنئي بشجاعة الشعب اليمني المظلوم ونصح المسؤولين السعوديين بدافع الحرص والخير بالقول: لماذا تواصلون الحرب التي تعلمون أنه ليس لديكم فرصة للانتصار فيها؟ إبحثو عن سبيل لإخراج أنفسكم من هذه المعركة.
ووصف سماحته وقف إطلاق النار الأخير في اليمن بأنه جيد للغاية، وأضاف: إذا تم تنفيذ هذا الاتفاق بالمعنى الحقيقي للكلمة، فإنه يمكن أن يستمر، وسوف ينتصر الشعب اليمني بلا شك بفضل جهوده وشجاعته وإقدامه وقادته، والله سيعين هذا الشعب المظلوم.
وقال سماحته في ختام توصياته للمسؤولين في البلاد: إن فرصة المسؤولية عابرة للغاية، وعليكم ان تعرفوا قدر كل ساعة منها.
وتابع سماحته أيضاً: إن تضارب المصالح الذي يتحدث عنه الجميع استنكاراً، فإنه ليس فقط في مجال الاقتصاد، وإذا كان هناك تضارب بين توجهات الناس إلينا وبين مراعاة المصالح العامة للبلاد، فعلينا أن نتجاهل مصالحنا ونهتم بالمصالح العامة .
وكانت التوصية الأخيرة التي قدمها سماحتة لمسؤلي البلاد، هي توصية الحكومة والبرلمان بمراعاة خطوط التقسيم والتصرف في نطاق المسؤوليات والصلاحيات.
وفي بداية هذا اللقاء، وصف رئيس الجمهورية حجة الإسلام والمسلمين إبراهيم رئيسي، خطاب الحكومة بخطاب الثورة الإسلامية، مؤكداً على مقومات الشعبية وطلب العدالة والتحول ، وقال: تم إعداد ونشر وثيقة التحول الحكومي بإجماع عدد كبير من الخبراء.
واعتبر رئيس الجمهورية "المبادرة والعمل" أكثر أهمية من "البرنامج" وأضاف: مع انتشار توفير اللقاحات وتعاون أفراد الشعب، إزدهرت الأعمال مرة أخرى مع التغير الملحوظ في الظروف، وحققت رحلات سفر النوروز هذا العام قفزة كبيرة.
واعتبر السيد رئيسي المواجهة الحكيمة مع عجز موازنة العام الماضي، أحد الإجراءات الأخرى للحكومة في الأشهر الثمانية الماضية وقال: خلال هذه الفترة حاولنا من خلال زيادة إنتاج النفط والغاز وزيادة الصادرات النفطية، وكذلك زيادة الإيرادات الضريبية، أن نتجنب عجز الميزانية وخلق الأموال المؤدية للتضخم.
كما إعتبر رئيس الجمهورية زيادة صلاحيات المحافظات واستكمال المشاريع شبه المكتملة من بين البرامج الحكومية الأخرى، وقال: السيطرة على التضخم هي أحد الإجراءات الرئيسية للحكومة، وتقارير المراكز الإحصائية تظهر توقف النمو التصاعدي للتضخم. وقد بدأ الاتجاه النزولي للتضخم.
وأشار السيد رئيسي إلى إيجاد الشفافية والتصدي إلى أرضيات الفساد، كأحد الإجراءات والبرامج الأساسية للحكومة، وقال: إن القرارات المتخذة خلال الرحلات في المحافظات يتم تنفيذها باعتمادات وفي جدول زمني محدد.
واعتبر السيد رئيسي التدابير الثقافية والتخطيط للحد من الأضرار الاجتماعية، من بين الإجراءات الحكومية الأخرى، موضحاً: إن أعمال وإنجازات الحكومة هي نتيجة عمل جماعي بين جميع القوى والمؤسسات التي ما زلنا بحاجة إلى هذا التعاون والتنسيق.
واعتبر رئيس الجمهورية أهم مشروع للحكومة هو زيادة الأمل والثقة لدى الشعب، وأضاف: بالتلاحم الوطني والاعتماد على الموارد الداخلية، سيصاب العدو بخيبة أمل. وكما قلنا مرات عديدة، للمفاوضات مكانها الخاص، لكن الإتفاق النووي هو من قضايا البلد، ولن نربط خبز الشعب واقتصاد البلاد بالمواضيع الخارجية بأي شكل من الأشكال.