أشار قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي صباح اليوم (الإثنين: 2020/9/21) خلال تواصله عبر الفيديو كنفرانس مع مراسم تكريم قدماء مجاهدي فترة الدفاع المقدس والمقاومة بمناسبة الذكرى الأربعين لبدء مرحلة الدفاع المقدّس في مواجهة الحرب العدوانية التي شنها نظام صدام ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الفترة 1980-1988، أشار سماحته إلى النصر المؤزر والباهر للشعب الإيراني في فترة الدفاع المقدس وأضاف: إن هذه الحقيقة تجلّت نتيجة للقيادة المدهشة للإمام الخميني (ره)، والتواجد الواسع النطاق لشرائح الشعب المختلفة والخطوات والإبداعات العقلائية للمدافعين عن الإسلام والثورة خلال هذه الملحمة التاريخية التي يجب علينا الحذر من مساعي الأعداء لتحريف حقائق هذا الجزء من الهوية البارزة للإيرانيين.
وأعرب قائد الثورة الإسلامية المعظم عن أسفه الشديد لوفاة حوالي 150 إلى 170 شخصاً من المواطنين يومياً بسبب وباء كورونا، مُقدّراً المساعي المُضحيّة والدائمة لفرق العلاج ومسؤولي مكافحة كورونا، وأضاف بأن معالجة هذه الواقعة المؤسفة هي بيد الناس ومتوقفة على رعاية الأصول الصحية مثل التباعد واستعمال الكمامة وغسل اليدين.
واعتبر القائد العام المعظم للقوات المسلحة أن تكريم قدماء المجاهدين ومحاربي الدفاع المقدس، واجب وطني ومن الوصايا الإسلامية المؤكدة وأضاف: لأجل إدراك وفهم عظمة عمل هؤلاء الأعزة ورفاقهم الشهداء، ينبغي أن ندرك ونفهم جيداً عظمة ساحة الدفاع المقدس وعلل وأسباب هذا المقطع المهم من تاريخ إيران.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين جرى استغلاله من قبل أميركا المعتدية الأساسية، مضيفاً أن أميركا كانت لديها تفاهمات مع نظام صدام وكانت تقدم المعلومات والمساعدات العسكرية له وأضاف سماحته بأن الطرف الاساس في تلك الحرب المفروضة لم يكن صدام وحزب البعث الذين كانوا مجرد أدوات، وأضاف سماحته: الجيش الايراني عند اندلاع الحرب كان يعيد تنظيم صفوفه وحرس الثورة كان في عامه الاول وكانت لدينا معاناة حقيقية، فحرس الثورة كان يمتلك الاسلحة الخفيفة فقط عند اندلاع الحرب المفروضة وان العدو كان على علم بذلك.
وأشار سماحته الى ان القوى الدولية شعرت بالقلق من ظهور عنصر جديد في المنطقة وهو الجمهورية الاسلامية الايرانية المبني على اساس الدين والاسلام واضاف: لم تكن اميركا فقط بل كان هنالك ايضا الاتحاد السوفيتي والناتو والدول الاوروبية الغربية والشرقية. واضاف قائد الثورة الإسلامية المعظم: إن القوافل العسكرية كانت ترسل دعما لصدام امام انظارنا بصورة مستمرة وكانت السفن ترسل يوميا بلا توقف من موانئ الامارات في هذا السياق.
واكد سماحته بان العدو أراد من وراء الحرب اسقاط الدولة في الجمهورية الاسلامية الايرانية وفرض هيمنته على البلاد من خلال المجيء بنظام عميل وذليل، واضاف: ان كل القوى الدولية سعت لاسقاط الجمهورية الاسلامية والهيمنة على البلاد وتفكيكها وبذلت كل مساعيها في هذا السياق على مدى ثمانية اعوام لكنها لم تستطع ان ترتكب اي حماقة وحقق الشعب الايراني نتيجة باهرة وخرج منتصرا منها.
وقال سماحته: الاعداء لم يتمكنوا من السيطرة على شبر واحد من ارضنا، وان النظام الاسلامي بات اليوم اكثر قوة من ذي قبل. وأشار سماحته إلى انه وفي فترة الحرب العالمية الثانية دخل رؤساء بريطانيا وامريكا وروسيا (تشرشل وروزفلت وستالين) طهران واجتمعوا فيها بدون اي اذن من احد مضيفا: ايران العزيزة تمكنت من الوقوف بوجه اوروبا واميركا والاتحاد السوفياتي وصمدت وانتصرت وهذا هو جزء من هويتنا الوطنية.
واعتبر سماحته الدفاع المقدس جزءا من الهوية الوطنية للشعب الايراني وواحدا من اكثر اجراءاته عقلائية، لافتاً الى ان الامام الخميني الراحل (رض) ادرك منذ البداية بان الحرب المفروضة لم تكن حربا عادية بين بلدين جارين، اذ ادرك من هو العدو الحقيقي في هذه الحرب وان صدام هو مجرد اداة واضاف سماحته: ان الإمام الراحل قال في احد تصريحاته حول الحرب بان اميركا اسوأ من الاتحاد السوفيتي وان الاتحاد السوفيتي اسوأ من اميركا وان بريطانيا اسوأ من كليهما، اي انه ادرك بان هؤلاء هم العناصر الرئيسية وما وراء الستار في الحرب.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم أن الامام الراحل (رض) شخّصَ بأن قضية الحرب ليست متعلقة بالقوات المسلحة فقط بل إن الشعب يجب ان يدخل إلى الساحة، فمثلما اوصل الشعب الثورة الى ساحل الانتصار فانه بامكانه ان يصل بالحرب الى الانتصار ايضا، وبناءً على ذلك عمل الإمام وأوجد هذه الحركة الشعبية العظيمة.
وأشار سماحته في هذا السياق الى التاكيد الحازم للامام الراحل فيما يخص كسر حصار مدينة ابادان وتحرير مدينة خرمشهر واضاف: الجيش والحرس والتعبئة قاموا بعمل كبير بتحرير مدينة خرمشهر والامام الخميني اكد على ان ذلك تم بفضل الله.
واعتبر سماحته فترة الدفاع المقدّس واحدة من اكثر اجراءات الشعب الايراني عقلائية، ولفت الى الوحدة والتضامن والتنسيق بين الجيش وحرس الثورة الاسلامية والذي كان عملا عظيما ومن ثم اختيار التكتيكات الابداعية والشجاعة التي كانت متميزة جدا في الحرب، وأضاف سماحته: بعد فرار بني صدر من ايران، تولى الامام الخميني (ره) الامر واصبح التعاون بن الحرس والجيش اكثر قوة.
واوضح سماحته بأن القبول بقرار الامم المتحدة لوقف اطلاق النار كان ايضا من الاجراءات الحكيمة وعملا عقلانيا جدا ولو لم يكن كذلك لما قام به الإمام الراحل (ره) واضاف: بناءً على ذلك فان قضية الدفاع المقدس كانت ظاهرة عقلائية واحدى اكثر حركات الشعب الايراني عقلائية وينبغي الحذر من التحريفات في هذا المجال.
وفي جانب آخر من كلمته، وصف سماحته المدافعين عن العتبات المقدّسة بأنهم "نموذج مشرق لاستمرار بركات الدفاع المقدّس، واستمرار روح الجهاد في الجيل الجديد"، مضيفاً: وجود مجاهدين من قوميات مختلفة في آنٍ واحد وصَفٍّ واحد، إيرانيين وسوريين وعراقيين ولبنانيين وأفغانستانيين، هو من الحقائق والظواهر المُحيّرة والمُدهشة في زماننا.
واكد قائد الثورة الإسلامية المعظم بان الاعمال التي انجزت خلف الجبهات دعما لها، كانت مهمة ايضا بقدر اهمية الجبهات نفسها حيث ابلى الشعب الايراني بلاءً حسنا بصموده ومقاومته منقطعة النظير واضاف سماحته: ان احد الامور الباعثة على الفخر خلف الجبهات كان بقاء المواطنين فيها رغم انها كانت معرّضة لهجمات شديدة ومستمرة من قبل العدو.
واشار سماحته الى ان الحرب كانت ساحة تبلورت فيها ارصدة بشرية مميزة خدمت سابقا وتخدم الآن وفي المستقبل ايضا بعون الله، ومن ضمنهم الشهيد قاسم سليماني وحسن باقري والشهداء صياد شيرازي وبابائي وغيرهم، وأشار سماحته إلى أن الشهيد سليماني كانت له انشطة مذهلة على الصعيد الدبلوماسي والدولي في المنطقة واضاف: ان الشعب الايراني العزيز مازال لم يطلع على سعة انشطة الشهيد سليماني، لربما مطلع على بعض الامور لكنه غير مطلع على تفاصيل انشطته التي هي اكبر بكثير مما ظهر للعلن، حيث ان امثال الشهيد سليماني تبلورت شخصياتهم في الحرب ومرحلة الدفاع المقدس.
ولفت سماحته الى تركيز الاعداء على الحرب النفسية في تلك الفترة وقال: سكان المدن صمدوا في مكانهم بقوة ولم يتركوا مدنهم، وفي فترة الدفاع المقدس برزت الفضائل الاخلاقية والروح المعنوية العالية، ففي الجبهات كان البعض يتدربون على الاخلاص والتواضع لخدمة الاخرين، وهذه النقاط الواضحة برزت ببركة الاسلام والايمان والاتكاء على الله عز وجل. وأشار قائد الثورة الاسلامية المعظم الى ان الشعب وصل الى مستوى الثقة بالنفس في مجال الاعمار، وهذه المسألة مردها الى فترة الدفاع المقدس وقال: تعلمنا من فترة الدفاع المقدس ان نقوم باعمال صعبة جدا.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية المعظم أمن البلاد بانه من بركات الدفاع المقدس واضاف: ان الدفاع المقدس اثبت قدرة الشعب الايراني في الدفاع عن نفسه ورده الصاعق على العدو، كما اثبت بان العدوان على البلاد يكلف العدو ثمنا باهظا وعليه التفكير ملياً قبل ان يشن عدوانه.
واكد سماحته بان الدفاع المقدس بث روح الاعتماد على الذات والثقة بالنفس لدى الشعب الايراني مثلما نشهد الآن في ساحة العلم والبناء، واضاف: ان الدفاع المقدس أظهر للعالم قدرات وطاقات الشعب الايراني.
وأضاف سماحته بان الدفاع المقدس أزال القناع وكشف عن الوجه الحقيقي للغرب، لافتا الى ان كل القوى العالمية ومنها بريطانيا والمانيا والاتحاد السوفيتي وحتى يوغسلافيا كانت تنشط ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الحرب المفروضة وتحرمها من ادنى الامكانيات فيما كانت تزود نظام صدام بمعلومات الاقمار الصناعية عن اماكن تجمع قواتنا وتحركاتها وكذلك كانت تزوده بكل الامكانيات العسكرية من طائرات ميراج ومدافع ودبابات وحتى الاسلحة الكيمياوية التي استخدمها ضد شعبنا وضد شعبه ايضا في حلبجة.
وفي جانب آخر من كلمته، أشار قائد الثورة الاسلامية المعظم إلى مراسم زيارة اربعينية الامام الحسين (ع) لهذا العام وقال سماحته: ان شعبنا عاشق للامام الحسين (ع) وزيارة الاربعين، إلا ان مسألة مسيرة الاربعين متوقفة على رأي مسؤولي اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا الذين عارضوا المشاركة فيها لغاية الان، لذا فانه ينبغي علينا جميعا الامتثال والعمل بهذا الامر.
وانتقد سماحته توجّه بعض الافراد للحدود وقال: ان اظهار المحبة (للامام الحسين عليه السلام) يمكن القيام به في المنازل ايضا حيث وردت عدة زيارات حول يوم الاربعين وبامكان المواطنين قراءتها وبث الشكوى لدى سيد الشهداء (ع) بأننا كنا نتمنى الحضور ولكن لم تتوفر الظروف عسى الباري تعالى ان يفرّج الامور.
وشارك ايضاً رئيس هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري وكبار قادة الجيش وحرس الثورة الاسلامية وعوائل الشهداء، في هذه المراسم التي أقيمت لتكريم مليون شخص من نخب وشهداء سنوات الدفاع المقدس في جميع المحافظات الايرانية.