أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله السيد علي الخامنئي، في خطاب متلفز مباشر صباح اليوم (الأربعاء:2020/6/3) بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني (رض)، أن "طلب التغيير، إيجاد التغيير وخلق التحوّل" من أهم خصوصيات الإمام الجليل، وأكد سماحته: لأجل إستمرار حياة الثورة ينبغي التعلم من هذه الخصوصية الناعمة والعملانية للإمام (رض) لكي نتابع بجدية إيجاد نظرة تحوّلية وميل متسارع نحو "الوضع الأحسن والتحرك المتسارع" في كافة المجالات وخاصة تلك التي كان لنا فيها حالة من السكون أو التراجع.
وفي معرض حديثه حول شخصية الإمام الخميني الاستثنائية، أشار سماحة آية الله الخامنئي إلى وشاروأشارفي روحيّة الإمام المطالبة بالتحوّل منذ أيام الشباب، وأضاف سماحته: لقد كان الإمام الخميني يتّبع أسلوب الأنبياء في إيقاظ الضمائر والغرائز المعنويّة لدى البشر وهذه الميزة كانت مشهودة قبل عشرات الأعوام من إنطلاق النهضة الإسلامية في درس الأخلاق الذي كان يقيمه في الحوزة العلمية في قم والذي كان درساً يبعث على التغيير والتحوّل.
ووصف سماحته الإمام الخميني بأنّه كان "إمام التغيير والتحوّل" وأضاف سماحته: لقد كان الإمام الخميني منذ انطلاق فترة النضال حتى نهاية حياته المباركة حاضراً في ساحة العمل ويلعب دور قائد استثنائي، فيقود عملية التغيير وبحر الشعب الإيراني العظيم ضمن مسار تحقيق الأهداف التي تشوبها الأجواء العاصفة.
وأوضح قائد الثورة الإسلامية المعظم نماذج التغيير التي وقعت ضمن إطار روحية إحداث التغيير والتحوّل لدى الإمام الخميني وأضاف: لقد حوّل الإمام عظيم الشأن الشعب الإيراني من شعبٍ عديم الحركة لا يفكّر سوى بحياته الشخصية إلى شعبٍ يملك مطالبه ويحضر في الساحات، وهذه الميزة مشهودة منذ انطلاق النهضة عام 1962 ومن ثم في الخامس من حزيران عام 1963 حتى تكللت المواجهات بانتصار الثورة الإسلامية وأيضاً خلال الأعوام التالية.
وتابع سماحته حديثه حول روحية التغيير لدى الإمام الخميني مشيراً إلى إحداث التغيير في نظرة الشعب الإذلالية إلى نفسه مقابل "القوى الأجنبية وحتى مسؤولي النظام البهلوي"، وتحويله إلى شعبٍ يتمتع بثقة بالنفس وعزّة وطنية وصاحب تأثير في مصير البلاد.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن "التغيير في مطالب الناس الأساسية من مطالب محدودة للغاية إلى مطالب من قبيل الحرية والاستقلال" و"التغيير في رؤية الشعب حيال الدين بحيث انتقل من إطاره العادي والفردي إلى مدرسة بانية للحضارة والأنظمة" تمثّل أيضاً نقاطاً مصيرية جاءت نتيجة للرؤية التغيريّة لمفجّر الثورة الإسلامية الراحل (رض).
وأوضح سماحته في هذا الشأن: لم تكن توجد في بدايات النهضة الإسلامية أي آفاق حول المستقبل في أذهان الشعب، لكن الإمام الخميني حوّل هذه النظرة الفاقدة للأفق إلى نظرة الشعب الإيراني الحالية، أي تأسيس أمة إسلامية وإرساء الحضارة الإسلامية الحديثة في الآفاق المستقبلية.
ورأى قائد الثورة الإسلامية المعظم أنّ "التحوّل والتغيير الأساسي في التطلّع إلى الشباب والجيل الشاب" كانت واحدة من آثار المنهجية التحولية التي أرساها الإمام الخميني (رض) وتابع سماحته: إيكال المهمات الكبيرة إلى الشباب والاستفادة منهم كثروة وذخائر وطنية كان مسلك الإمام الخميني الواضح.
وأوضح سماحته سائر النتائج بالغة الأهمية التي تضمنتها نظرة الإمام التحوليّة، مشيراً إلى الصمود واستحقار القوى العظمى وأضاف: الإمام الخميني بإحداثه تغييراً في التطلّع إلى القوى العظمى، حقّرها وأثبت أن جبابرة العالم يعانون من الهشاشة وقد تجلّت هذه الحقيقة في انهيار النظام السوفيتي السابق وهي مشهودة اليوم في الأحداث الأمريكية.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن "التقدّم والحركة العلمية في البلاد"، و"القدرات الدفاعية والاقتراب من حدود الردع" و"صورة الجمهورية الإسلامية القوية في الساحة السياسية" من نماذج التقدم والحركة التغييريّة خلال فترة ما بعد الإمام الخميني (رض)، وأضاف سماحته: خلال هذه الأعوام الثلاثين ورغم وجود تقدم وتحوّل في مختلف المجالات، حدث تغيير في بعض الحالات في البنى التحتية لكنه لم يرقَ إلى مرحلة العمل وفي بعض الحالات شهدنا تراجعاً وتخلّفاً وهذا يدعو للأسف وهو أمرٌ مرفوض.
وشدد سماحته إلى أن التغيير الصحيح يحتاج إلى ركائز فكرية وأضاف: يجب أن يكون التغيير مبنياً على فكر متقن ومنظّم كما أن حركة الإمام التغييرية كانت مبنيّة على الأسس الإسلامية المعرفية، لأنه لو لم تكن هذه الركائز الفكرية سيكون ذلك التغيير خاطئاً ولن يكون هناك رسوخٌ في الأقدام.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم مشيراً إلى ضرورة إحداث تغيير في مختلف القضايا في البلاد وأضاف: نحتاج لحركات تغييرية في الشأن الاقتصادي في مجال "إنهاء تبعية الاقتصاد للنفط"، وفي الشأن التعليمي من أجل "تعميق الدروس في المراكز التعليمية وزيادة فاعليتها"، وفي الشأن الاجتماعي إلى "توفير العدالة" وفي شؤون العائلة وقضية الإدمان على المخدّرات وأيضاً فيما يخص اجتناب تحوّل البلاد إلى بلد مسنّ.
واعتبر سماحته أن شرط إحداث التغيير هو "عدم الخوف من العدو وعداواته" وأضاف قائلاً: هناك معارضون لأي خطوة إيجابية وعملٍ مهمّ، على سبيل المثال نشهد مثل هذه الاعتراضات في الساحة الافتراضية وفي أغلب الأحيان تكون حادّة ومؤذية أو هناك جبهة واسعة تضمّ الأعداء الأجانب الذين يتصدون لأي حركة تصب في صالح البلاد وتساهم امبراطورياتهم الإعلامية التابعة للصهاينة في قمعها؛ لكن ينبغي عدم الاكتراث إلى هذه الاعتراضات وهؤلاء الأعداء أثناء القيام بعمل مدروس ومخطط له.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى أن سبيل التغلّب على الخوف من العداوات هو مشاركة القوى الشابة، والشجاعة التي لا تخاف ولا تكترث للأعداء في الساحة، وأضاف سماحته قائلاً: مشاركة القوى الشابة يعني الاستفادة القصوى من روحيتهم، وشهامتهم وقدرتهم على المبادرة.
وأشار سماحته الى أن الإمام الراحل كان يندهش بالعمل الذي قام به الشباب ويهتم بحركة التغيير التي أوجدوها، موضحاً أن الشعب والنظام استطاعا الاستمرار بايجاد التحوّل وهو ما جعلنا أكثر قوة من السابق، وأضاف سماحته قائلا: إننا نحتل في الوقت الحاضر مرتبة مرموقة علمياً في العالم، وقوتنا الدفاعية تحتل مرتبة كبيرة وهو ما يعني أن حركة التغيير التي أوجدها الإمام الخميني (رض) لم تتوقف .
وفي جانب آخر من كلمته أشار قائد الثورة الاسلامية المعظم إلى ان أمريكا اليوم في وضع متزلزل وما يحدث في ولاياتها هو ظهور للحقائق، لافتا الى أن ما قام به الشرطي الأمريكي، يُجسد طبيعة النظام الأمريكي، مبيناً ان الأمريكيين يقتلون شعبهم ولا يعتذرون عما يرتكبونه من جرائم، موضحاً ان الشعب الأمريكي يشعر بالخجل من الحكومة الأمريكية الحالية.
واعتبر سماحته أن اضطراب جبهة أعداء الجمهورية الإسلامية سببه ثقة الشعب الإيراني بربّه، ولفت سماحته قائلاً: لقد كان الاتحاد السوفيتي يشكل جزءاً من جبهة أعداء إيران وانهار بذلك الشكل، والجزء الآخر هو أمريكا التي يرى الجميع اليوم أوضاعها المتأزّمة.
ورأى سماحة آية الله الخامنئي أنّ الأحداث التي تجري هذه الأيام في أمريكا إنّما هي انكشاف للحقائق التي لطالما أخفتها أمريكا وتابع سماحته قائلاً: إن ضغط أحد رجال الشرطة بركبته على رقبة أحد الرجال ذوي البشرة السوداء حتى مفارقة ذلك الشخص الحياة وتفرّج رجال الشرطة الآخرون على هذا المشهد، ليس بالأمر الجديد بل هذه هي أخلاق وطبيعة الحكومة الأمريكية، وهم مارسوا سابقاً مثل هذه الأفعال في العديد من بلدان العالم مثل أفغانستان، والعراق، وسوريا وقبل ذلك في فيتنام.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن شعار "لا أستطيع التنفّس" الذي يهتف به الشعب الأمريكي اليوم يمثّل الكلام الذي يخالج قلوب كل الشعوب التي وقعت ضحية الظلم الأمريكي، ثم أردف سماحته قائلاً: طبعاً لقد فُضح الأمريكيون جرّاء ممارساتهم حول العالم. فمن ناحية يعانون من ضعف إدارتهم لقضية الكورونا بسبب الفساد المتفشي في النظام الحاكم لأمريكا، حيث أن الخسائر البشرية والمبتلين بهذا المرض في أمريكا أضعاف سائر الدول، ومن ناحية أخرى بسبب تعاملهم الوقح مع الناس، فهم يرتكبون الجرائم في وضح النهار ولا يعتذرون حتى، ثم انهم يطالبون بحقوق الإنسان، كأنّ ذلك الرجل أسود البشرة الذي قُتل لم يكن بشراً ولم تكن لديه أية حقوق.
وأشار سماحته إلى شعور الشعب الأمريكي بالخجل من حكومات هذا البلد، وأضاف: الشعب الأمريكي يشعر بالعار والخجل من حكوماته، وشعور الشعب الأمريكي بالعار بسبب حكومته الحالية إحساسٌ في محلّه.
وقال سماحته: مع هذا الوضع، لم يعد بوسع بعض الإيرانيين داخل البلاد أو خارجه، الذين كانت مهمتهم دعم الولايات المتحدة وتنميق صورتها، لم يعد بوسعهم رفع رؤوسهم.
وفي ختام كلمته أعرب قائد الثورة الإسلامية المعظم عن أمله في أن يقدّر الباري تعالى أحداث العالم لصالح الشعب الإيراني والإقتدار المتنامي للجمهورية الإسلامية، وأن يحشر روح الإمام الجليل والشهيد العزيز قاسم سليماني مع أوليائه الصالحين.