ألقى قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي صباح اليوم الأحد (2020/3/22) خطاباً للشعب الإيراني العظيم والشريف بمناسبة المبعث النبوي الشريف (ص) وحلول العام الايراني الجديد، وتم بث خطاب سماحته مباشرة عبر قنوات التلفزيون الرسمي الإيراني.
إستهل سماحته خطابه السنوي بالدعاء إلى الباري تعالى بأن يرفع بلاء مرض الكورونا عن الشعب الإيراني والشعوب المسلمة والبشرية جمعاء في أقرب فرصة، مؤكداً ضرورة العمل بكافة التعاليم الصحية للوقاية من الإصابة بالفايروس، واعتبر سماحته الوصفة القائمة على حقائق البعثة النبوية للرسول الخاتم بأنها الوصفة لفلاح البشرية على مر التاريخ وأضاف: العمل بحقائق البعثة النبوية وخاصة "الصبر والإستقامة" يمثل الطريق الوحيد لبلوغ الشعب الإيراني الشريف لقمم التقدم والقدرة.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى أنّه كان في كل عام يُلقي خطابه السنوي العام بين جموع الناس في حرم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وأضاف: نحن محرومون هذا العام من الإلتقاء بالناس والحضور في حرم الإمام الرضا (عليه السلام) لكنّ قلوبنا لا تزال كما هو الحال دائماً مستأنسة بذكر الإمام الرؤوف.
وبارك سماحته حلول عيد المبعث والعام الهجري الشمسي الجديد للشعب الإيراني وأضاف: إن أهمية المبعث النبوي الشريف بإعتباره الحدث العظيم للغاية بحيث يصرّح الله عزّوجل في القرآن الكريم بأنّه قد أخذ ميثاقاً من جميع الأنبياء العظام بأن يؤمنوا بالرسول الأكرم بعد بعثته وأن يوصوا أممهم بالإيمان برسول الإسلام (ص).
كما اعتبر سماحته أن منظومة الإسلام المعرفية من الحقائق الهامة للغاية للبعثة النبوية وأضاف: في هذه المنظومة تم بيان وجهة نظر الإسلام بوضوح تجاه الوجود، الإنسان، ذات الباري تعالى، مسار الإنسان في الدنبا والآخرة ومواضيع أساسية أخرى.
واعتبر سماحته المنظومة القيميّة التي تضم الأخلاق الفردية والاجتماعية والمفاهيم التي تبني الحياة كالحرية، العدالة الاجتماعية ونمط العيش تشكذل جزءاً مهماً من حقائق بعثة رسول الإسلام العظيم (ص)، وأضاف: يظن البعض أن منشأ مفاهيم من قبيل الحرية والعدالة الاجتماعية هو الغرب، لكن الغرب تعرّف على هذه المفاهيم منذ ثلاث قرون فقط بينما أهداها الإسلام للبشريّة منذ ١٤00عام وقد حقّقها في مرحلة صدر الإسلام وأينما استطاع ذلك خلافاً لسلوك الغربيين الذي لا ينم عن الصدق.
واعتبر سماحته الأحكام الإسلامية التي تشمل مجموعة الواجبات والنواهي في المجال الفردي والإجتماعي من الحقائق الأخرى للبعثة النبوية الشريفة وأضاف: هذه الأحكام نابعة من المعارف الإسلامية ومطابقة للقيم وتساعد الإنسان في حركته نحو الكمال.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم تأسيس الحكومة الإسلامية ضرورياً ويمهد لتحقق حقائق البعثة وأضاف: إذا لم يتم تشكيل قوّة سياسية، فسوف لن يسمح المستكبرون، ومعارضو الحرية والعدالة وسائر أعداء البشر، وأيضاً بعض الصفات كالخمول بأن تتحقّق المفاهيم والقيم والأحكام وبأن يسير الإنسان على نهج الخلاص والتقدم، وهذا السبب الذي دفع الرسول الأكرم إلى تأسيس حكومة في أوّل فرصة سنحت له ومن خلال الهجرة إلى المدينة.
وأشار سماحته في هذا الجانب من خطابه: لقد عمل الإمام الخميني بدقّة وبفهم عميق جداً لحقائق الإسلام بوصفة البعثة وثار ضد النظام البهلوي الفاسد والظالم والتابع بالاستعانة بإيمانه العميق وتوكله الأصولي واعتماده على الشعب الإيراني المؤمن، وأسس النظام الإسلامي لكي يجعل الشعب الإيراني يسير على خطى الفوز والفلاح وفق معارف وقيم وأحكام البعثة.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم خطابه بالإشارة إلى تأكيد الباري عزّوجل في القرآن الكريم على قضية المعاداة الشاملة للرسل الإلهيين ولرسول الإسلام (ص)، لافتاً إلى أنّ العداء الشامل للنظام الإسلامي ليس مستغرباً وتابع سماحته قائلاً: أمريكا أخبث وأعند عدوّ بين أعداء الجمهورية الإسلامية لأن مسؤوليها يتصفون بأنواع الصفات الأخلاقية الرذيلة والخبيثة كالكذب والغدر والجشع والوقاحة والدجل كما أنهم ظالمون وإرهابيون وقساة القلوب إلى درجة كبيرة جداً.
وأكد سماحته: زوّد الله الرسول الأكرم (ص) منذ انطلاقة بعثته بوصفةٍ لمواجهة هذه العداوات وهي عبارة عن "الصّبر" أي "الثبات والصّمود" و"المقاومة" و"عدم تغيير الحسابات الدقيقة نتيجة الوقوع في أساليب العدو المخادعة"، و"السير نحو الأهداف السامية بمعنويات عالية" و"مواصلة المسار".
وشدّد قائد الثورة الإسلامية المعظم على أنّ "الصّبر والثبات" عندما يترافقان مع "العقل، والحكمة والمشورة" فسوف يأتيان بالنصر الحاسم، وأضاف: أقولها بحزم تام أنّ الشعب الإيراني شعبٌ صبور وشعبٌ أثبت على مدى هذه الأعوام الأربعين صبره وثباته، ولو أنّ المسؤولين في بعض الأوقات لم يتعاطوا بصبر أو لم يعرب بعض المتظاهرين بالأفكار النيّرة عن صبرهم وبلغوا حدود التعاون مع العدوّ أيضاً.
وقال سماحته: الصبر يعني عدم الاستسلام، وعدم الإصابة بالوهن والشك، والتصدي للعدو بشجاعة وحكمة وإلحاق الهزيمة به. مؤكداً ضرورة رفع مستوى قوة البلاد، معتبراً أنّ ذلك يتخطّى المجالات الدفاعية والعسكرية، وأضاف: رفع مستوى القوة يشمل الجوانب الاقتصادية، العلمية، الثقافية، السياسية والإعلامية أيضاً.
وفي جانب آخر من خطابه تحدّث قائد الثورة الإسلامية المعظم عن موضوع فايروس كورونا المتفشي عالمياً وأضاف:هذا الفايروس الذي شغل تقريباً كل بلدان العالم، حيث أنّ بعض الدول تُصرّح بالحقائق حول هذا المرض وتُعلن عن الإصابات وبعضها الآخر يمارس سياسة الإخفاء، مصداقٌ للآية القرآنية الشريفة "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" أي الخوف والفزع والمشاكل الاقتصادية وسلب الأرواح لكنّ الله يوصي بالصّبر على هذا البلاء أيضاً.
وأشار سماحته في هذا الجانب إلى أن الصّبر هنا يعني إنجاز الأعمال بالشكل الصحيح والعقلاني ويعني التقيّد بالإجراءات المتخذة من قبل المسؤولين المعنيّين من أجل الحفاظ على أرواحنا وأرواح سائر الناس في البلاد والسيطرة على هذا المرض الخطير.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشأن جهوزيتهم لإرسال المساعدات الدوائية والعلاجية في حال طلبت إيران ذلك، وتابع سماحته قائلاً: تصريحات الأمريكيين مستغربة جداً لأنهم أولاً يعانون أنفسهم من نقص شديد في الدواء والمستلزمات الطبية من أجل إجتناب تفشّي هذا المرض، وقد صرّح بعض مسؤوليهم عن معاناتهم من النقص المرعب، لذلك فليهتموا بشعبهم إن كانت لديهم الإمكانات.
وتابع سماحته قائلاً: ثانياً عندما يُوجّه إصبع الإتهام إلى الأمريكيين بإنتاج هذا الفايروس، أيّ إنسانٍ عاقل سوف يقبل مساعدة من هذا البلد؟
وأضاف سماحة آية الله الخامنئي: لا يمكن الوثوق بالأمريكيين أبداً لأنهم قد يرسلوا أدوية تزيد من نسبة تفشّي الفايروس في إيران وتساعد على استمراريته، أو قد يوفدوا أشخاصاً بصفتهم معالجين لكي يلحظوا مدى تأثير هذا الفايروس ويستكملوا معلوماتهم لكي يُصعّدوا من خطواتهم العدائية، لذلك لا ثقة بتصريحات الأمريكيين.
وأوصى سماحته جميع الناس بالتعامل بجدية مع توصيات مسؤولي الهيئة الوطنية لمكافحة فايروس كورونا وأردف قائلاً: بناءً على هذه التعليمات والتوجيهات تمّ إيقاف التجمعات الدينية أيضاً وإغلاق أبواب المراقد المقدّسة، وهذا أمرٌ غير مسبوق في تاريخنا، لكن لم يكن هناك من مهرب واقتضت المصلحة هذا الأمر.
ثمّ أعرب قائد الثورة الإسلامية المعظم عن أمله بأن يرفع الله عزّوجل هذا البلاء عن الشعب الإيراني والشعوب المسلمة والبشريّة جمعاء في أقرب فرصة.