أشار قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي خلال استقباله جمعاً من المنتجين والمبدعين والناشطين الاقتصاديين مساء اليوم (الثلاثاء:2019/11/19) إلى أهمية الثروة الوطنية ونشر الرخاء العام في نظام الحكم الاسلامي وضرورة عدم عقد الأمل على الخارج وأضاف: إن العمل والاستراتيجية الاساسية هي "تحصين الاقتصاد من التضرر بالحظر عن طريق تقوية وازدهار الانتاج الداخلي" وأنا أقف وراء هذا الأمر وادافع بشكل كامل عن مسار التقدم الحقيقي في البلاد.
وأكد سماحته بأن الهدف الرئيسي من الإجتماع مع المنتجين والمبدعين والناشطين الإقتصاديين هو تكريم هؤلاء الأشخاص الأساسيون لدى الرأي العام، معتبراً إقتراحات المنتجين مهمة جداً وجديرة بالإهتمام.
وتابع سماحة آية الله الخامنئي: إن ساحة الانتاج والازدهار الاقتصادي بحاجة الى روّاد وقادة وصفوف اولى، والرواد هم أنتم المنتجون. ان مقتحمي الصفوف في هذا الميدان هم المنتجون. ووصف سماحته هذا الميدان بأنه ميدان خطير، وانه ميدان حرب، وأضاف: المعنيون بالاقتصاد، يشاهدون ان كل العالم في حرب بسبب القضايا الاقتصادية، وكل العالم والدول تتحارب مع بعضها بسبب القضايا الاقتصادية. والآن خلال عهد الرئيس الاميركي، فإن هذه الحرب برزت مع الصين وكوريا الجنوبية، ولكن هذه الحرب الاقتصادية كانت موجودة في العهود الاخرى.
وتابع سماحته: إلا أن هذه الحرب تتسم في بعض الاحيان بالوحشية والحقد، مثل الحرب الاقتصادية التي تُشن ضدنا، فهذا الحظر قد زادت حِدته، وستزداد، ومن الخطأ ان نأمل ان ينتهي هذا الحظر خلال السنة او السنتين القادمتين، فهذا الحظر سيبقى حتى إشعار آخر.
وبيّن قائد الثورة الإسلامية المعظم، أننا ومن اجل انقاذ اقتصاد البلاد، لو عوّلنا على إنتهاء الحظر، او أن يتغير هذا الشخص (الرئيس الاميركي الحالي)، فهذا لا يؤثر. والآن فإن البعض يقومون بخطوات ذكية والالتفاف على الحظر، سلِمت يداهم، ولكن المهمة الاساسية هي صيانة البلاد من الحظر. لأن الالتفاف على الحظر هو تكتيك، وصيانة البلاد من الحظر استراتيجية، وعلينا ان نعمل بنحو لئلا نتضرر من الحظر، ولكن الآن الوضع ليس كذلك.
وشدد سماحته على أن العلاج والحل الوحيد لمشكلات البلاد يتمثل في ترويج الانتاج الداخلي، وعلى الذين ترنو أعينهم نحو الآخرين بشأن الانتاج او الازدهار الاقتصادي، أن يدركوا ان الانتاج الداخلي هو الحل الوحيد.
وأوضح سماحته، أنه في النظام الاسلامي يلعب الاقتصاد دورا هاما للغاية. وليس من الصحيح أن يتصور البعض ان النظام الاسلامي أغفل موضوع إنتاج الثروة وتطوير الرفاهية العامة وإنشاء المؤسسات المولدة للثروة. وبالطبع فإن نوع نظرة النظام الاسلامي الى الثروة تختلف عن نوع نظرة الحكومات والانظمة المادية، سواء النظام الرأسمالي والليبرالي، وسواء النظام الماركسي والشيوعي، ففي الاسلام لا معنى للمساواة بمعناها الشيوعي، ولكن تمتع الجميع بالثروة نعم. فالذين اطلقوا شعارات المساواة، لم تتحقق المساواة في حكوماتهم، ولم تكن قابلة للتحقيق.
ورأى سماحته، أن الاسلام يؤمن بتوليد الثروة الوطنية ورفع مستوى الرفاهية بالمجتمع، فالبعض يملكون اكثر، ولكن يجب ان يكون توزيع الموارد العامة بشكل عادل. وبالطبع في النظام الاسلامي لا وجود للهوة الطبقية.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم، الاعتماد على عوائد النفط حتى في الميزانية الجارية بأنه يؤدي الى إلحاق الضرر بالبلاد واضاف: إن هذا الاعتماد قد انخفض قليلا بسبب الحظر لكنني ومنذ فترة حكومة شقيقنا وصديقنا العزيز الفقيد هاشمي رفسنجاني (ره) أكدت ضرورة خفض الاعتماد على النفط تدريجياً.
واعتبر سماحته تسليح الثورة بسلاح وارادة الانتاج الداخلي بأنه العلاج للمشاكل وأضاف: إن الطريق الوحيد لحل القضايا القائمة هو أن نواصل طريق تقوية وازدهار الانتاج الداخلي بجدية، وان نزيل العقبات عبر اتخاذ القرارات الصحيحة والاجراءات اللازمة حيث ان النتائج الايجابية للتحرك في هذا المسار ملموسة اكثر من الماضي.
واعتبر سماحته الاهتمام بالإنتاج الداخلي بأنه يؤدي الى إبعاد البلاد عن حالة الارتهان وقال: ان ربط مسيرة حل المشاكل بقرارات الاخرين يؤدي الى بروز أسوأ المشاكل للبلاد. واعرب عن أسفه لبروز هذه الحالة خلال الاعوام الاخيرة واضاف: ان القول "لنرى ما سيحدث بعد 6 اشهر" و"ماذا سيكون مصير الاتفاق النووي" و"البقاء بانتظار مبادرة الرئيس الفرنسي"، لم ولن يحل اي مشكلة، ولابد من وضع هذه الرؤية جانبا.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم: بطبيعة الحال لا بأس من القيام بعمل لا يعد عبورا للخط الاحمر ولكن لا ينبغي ربط حل القضايا الاقتصادية بهذه الامور.
وأكد سماحته بالقول: إننا سنحول الحظر من تهديد الى فرصة ان شاء الله تعالى عبر الاستفادة من الطاقات منقطعة النظير التي تم استثمار بعضها فقط، وبفضل جهود الناشطين الاقتصاديين، واضاف: لو تمكّن الشعب الايراني والناشطون الاقتصاديون والمفكرون في البلاد من اجهاض تأثيرات الحظر عبر الاعتماد على الطاقات الداخلية، فإن فارض الحظر سيكف عن الاستمرار فيه لانه سيتضرر من جراء ذلك.
وأكد سماحة آية الله الخامنئي بانه لو كف الطرف الاخر عن سياسة الحظر فلا ينبغي علينا نحن تغيير سياسة الاعتماد على الطاقات الداخلية، واضاف: ان البعض ينتظر فتح طريق الطرف الاخر لتغيير الوجهة الاقتصادية للبلاد نحو الرؤية للخارج في حين ان هذه الرؤية خاطئة.
وأشار سماحته إلى أن سياسات الاعتماد على الطاقات الداخلية يجب ان تكون راسخة وقوية بحيث انه حتى لو تم الغاء الحظر لن يلحق الضرر بهذه السياسات. واعتبر الطاقات الشبابية او "النافذة السكانية" من المزايا المهمة للبلاد، مؤكدا ضرورة الاستفادة من هذه الامكانية واستثمارها لتحقيق الطموحات والاهداف.
وفي جانب آخر من حديثه، أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم ضرورة الاهتمام بزيادة النسل والإنجاب من أجل تفادي حالة الشيخوخة السكانية خلال العقود القادمة وكذلك ايجاد الثروة المستديمة.
وأشار سماحته الى تجربة التبادل التجاري والاقتصادي مع الدول الاجنبية وقال: ان هذه التجربة تثبت لنا بان الدول الاجنبية غير مستعدة ابدا لتزويد ايران بالتكنولوجيا الاساسية، خاصة في قطاع النفط والبتروكيمياويات والسيارات لذا فانه ينبغي على الاجهزة الحكومية الاستفادة من الطاقات الداخلية للوصول الى هذه التكنولوجيا.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم: إن ذات الفكر الدقيق القادر من دون اي مساعدة على الوصول للتكنولوجيا المعقدة والنادرة للخلايا الجذعية او تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم من 3.5 بالمائة الى 20 بالمائة، ألا يمكنه الوصول الى تكنولوجيا الاستخراج الافضل من حقول النفط ؟ يمكنه ذلك بالتاكيد، لذا ينبغي الاستفادة من هذه الطاقة الداخلية منقطعة النظير.
واشار سماحته الى الخروج السريع لشركات السيارات والنفط الاجنبية من ايران بعد الاعلان عن الحظر وقال: ان البعض شعر بالحزن في ذلك الوقت ولكن لا ينبغي الشعور بالحزن بل بالسرور. وشدد سماحته على ضرورة نقل القدرات الهندسية والتكنولوجية العالية جدا التي تمتلكها الاجهزة العسكرية الى الاجهزة المدنية واضاف: قبل اعوام قال جنرال اسرائيلي انه رغم كرهه لايران لكنه منبهر بتقدمها العسكري، وبطبيعة الحال فقد حققنا منذ ذلك الحين لغاية الان الكثير من المنجزات الهامة وأحدها الصواريخ الباليستية بمدى 2000 كم وبهامش خطأ عدة امتار.
واضاف سماحته: ان القدرات الهندسية والتكنولوجية للاجهزة العسكرية التي تحقق مثل هذه المفاخر ينبغي توظيفها في مجالات السيارات والنفط والفضاء وسائر القطاعات.
وأكد سماحة آية الله الخامنئي ضرورة دعم الصادرات وتواجد الناشطين الاقتصاديين الايرانيين في الدول الاخرى وقال: اننا يمكننا عبر الاستفادة من الطاقات الدبلوماسية اقامة علاقات اقتصادية جيدة مع الجيران والدول الاخرى.
وفي ختام حديثه خاطب قائد الثورة الإسلامية المعظم اصدقاء واعداء الثورة الاسلامية قائلا: ليعلم الاصدقاء والاعداء بان الشعب الايراني ومثلما فرض التقهقهر على العدو في سوح الحرب العسكرية والسياسية والامنية (كالممارسات التي جرت خلال الايام الاخيرة والتي لم تكن ممارسات شعبية) سيفرض بفضل الله تعالى التقهقهر على العدو في ساحة الحرب الاقتصادية ايضا بالتاكيد، ومع مواصلته الحركة الراهنة في مسار ازدهار الانتاج والتقدم الاقتصادي، سيحقق الافق الوضّاء لمستقبله.
وفي بداية اللقاء، طرح عدد من الحاضرين من خالقي فرص العمل والناشطين في مجال الاقتصاد والانتاج آراءهم وهواجسهم وجهات نظرهم، مؤكدين على المحاور التالية:
- الحاجة إلى الإيمان بثقافة التعاون كركيزة لتنفيذ السياسات الاقتصادية.
- تنظيم شبكات التوزيع التعاونية لتلبية الاحتياجات العامة.
- الحاجة إلى السعي لتحقيق قدرة 25٪ للتعاونيات في الاقتصاد الوطني.
- التقدم المذهل لصنّاع معدات صناعة النفط من الاعتماد المطلق قبل الثورة إلى القدرة على تصنيع وتصميم أكثر من 85٪ من المعدات.
- ضرورة إشراك القطاع الخاص في اتخاذ القرارات الاقتصادية العامة.
- الحاجة إلى تعديل العديد من القوانين والمراسيم التي تبطئ الإنتاج والصادرات.
- الحاجة إلى مساءلة أولئك الذين يبطئون أنشطة التصدير عن غير قصد.
- التأكيد على تخطيط وصياغة الإستراتيجية الصناعية للبلاد وتطوير المنتجات الوطنية في البلدان المستهدفة بالتصدير.
- الحاجة إلى استثمارات خاصة في صناعة الإلكترونيات كصناعة أساسية بهدف منع خروج النخبة.
- إبعاد البلاد بشكل كبير عن أضرار العقوبات والتمهيد لتوسيع الصناعات الأخرى.
- إقتراح تقديم عملة أجنبية بأسعار تنافسية لشركات تصنيع الأجهزة المنزلية لمدة 3 سنوات.
- الحاجة إلى دعم البورصة لدخول شركات صناعة الأجهزة المنزلية وتسهيل استخدام الأدوات المالية.
- رفع قدرة صناعة الأحذية لتحويل البلاد إلى منصة لتصدير الأحذية في غرب آسيا.
- نظرة فاحصة نحو الفرص المتوفرة على طول 5000 كيلومتر من الشريط الساحلي لتطوير وازدهار صناعة الاستزراع المائي.
- الحاجة إلى الاستفادة بشكل أكبر من موقع إيران المتميز في التكنولوجيا الحيوية الصيدلانية.
- استهداف ودعم صناعة المجوهرات لتحقيق المرتبة الثانية لصادرات المصوغات والتحف في المنطقة.
- طلب الدعم من أركان السلطة في البلاد للمشروع الكبير لشركات التنقيب وإنتاج النفط الإيرانية.
- خلق فرص عمل مستدامة من خلال توسيع نطاق الحرف اليدوية في جميع أنحاء البلاد عن طريق توظيف طاقات السكان المحليين.