أشار قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي خلال استقباله عصر اليوم (الأربعاء: ٢٣/٥/٢٠١٨) رؤساء السلطات الثلاث وحشد من كبار المسؤولين في ايران، الى العداء الامريكي الجوهري والمستمر لنظام الجمهورية الاسلامية والشعب الايراني، مؤكدا: ان هزيمة امريكا سيكون حتمياً ولاشك فيه في حال قيام المسؤولين الايرانيين بمهامهم على اكمل وجه.
وألقى سماحته كلمة هامة تضمنت محورين أساسيين "السلوك الصحيح أمام أميركا، الإتفاق النووي وأوروبا" وكذلك "أدوات وضروريات الحركة الإقتصادية المتقدمة داخل البلاد" واشار سماحته إلى عدة تجارب معبرة في العلاقة بين إيران والغرب وبيّن سماحته الضمانات الضرورية الي ستقدمها اوروبا لاستمرار الاتفاق النووي.
وفي بداية كلمته اعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم شهر رمضان المبارك فرصة خاصة لتجديد روح الإيمان والمعنوية وأضاف: هذه الفرصة متاحة لعامة الناس بيد أن هذا الشهر يحمل فرصة مضاعفة للنخبة ومدراء البلاد لتوثيق الإرتباط مع الباري تعالى والتضرع والدعاء لتعزيز وتقوية معنوياتهم من أجل القيام برسالة مسؤولياتهم الجسيمة.
ثم تطرق سماحته إلى الموضوع الأساسي لحديثه وأشار إلى مراحل متعددة من تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية والإمتحانات الهامة لكل مرحلة وأضاف: إن الجمهورية الإسلامية وخلال الأربعين عاماً الماضية قد تخطت كافة المراحل والأحداث المختلفة بقدرة وثبات وتدبير وسوف تطوي المرحلة الراهنة أيضاً بقدرة وتدبير وستواصل مسار التقدم.
واضاف سماحته : منذ بداية الثورة ولحد الآن قامت اميركا بمجموعة من الاعمال العدائية لضرب الجمهورية الاسلامية، ونظمت انواعا مختلفة من الاجراءات السياسية والاقتصادية والعسكرية والدعائية ضد الجمهورية الإسلامية، ولكنها باءت جميعها بالفشل.
واشار سماحته الى ان الممارسات الاميركية كانت تستهدف تقويض نظام الجمهورية الاسلامية، ولفت الى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية في الوقت الحاضر تمضي قدما الى الامام بامتلاكها امكانيات متنوعة، وقال: لاتساورنا اية شكوك في هزيمة العدو، وكل من لديه اطلاع على المعارف الاسلامية يدرك ذلك.
وأشار سماحته الى ان اميركا مثل القط في قصة "توم وجيري" ستهزم مرة اخرى، واضاف: ان الرئيس الاميركي الحالي لن يكون مصيره افضل من اسلافه من امثال بوش والمحافظون الجدد وريغان، وسيختفي في طيات التاريخ.
واكد قائد الثورة الاسلامية المعظم على ضرورة اخذ الدروس والعبر من التجارب السابقة وأضاف: من جَرّب المُجرّب حَلّت به النّدامة، وتطرق سماحته الى عدة تجارب واجهتها ايران وهي مهمة لاتخاذ القرارات في الوقت الحاضر وايضا بالنسبة للاجيال القادمة، واستعرض سماحته محطّات من المواقف الأمريكية السابقة حيال إيران وأضاف:
التجربة الاولى هي ان حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية لا يمكنها التعامل مع اميركا، لماذا؟ لان اميركا لا تلتزم بتعهداتها، وهذه ليست مختصة بالحكومة الاميركية الحالية وترامب، فالحكومة الاميركية السابقة تحادثت معنا ونقضت الاتفاق بشكل آخر، فهم قد وجهوا التهديدات وكذلك لم يفوا بتعهداتهم، وهذا جواب الذين قالوا مرارا لماذا لا تتفاوض ايران مع اميركا.
وبخصوص التجربة الثانية أكد سماحته: التجربة الثانية هي عمق العداء الاميركي لايران، فعداوة اميركا لا تتمحور حول القضية النووية بل هي اوسع من ذلك، فنظامنا ناهض ولا يأبه لاميركا، ويرفع راية الاسلام، فاميركا تعارض بشدة مثل هذا النظام، وتريد القضاء على مقومات القدرة في الجمهورية الاسلامية.
وفي معرض ذكره للتجربة الثالثة قال: المرونة امام هذا العدو لن تجعل شفرته أقلّ حدّة بل ستزيد من وقاحته وصلافته وقال سماحته: لقد قام بوش الثاني أمام مرونة الحكومة في ذلك الوقت بإطلاق اسم محور الشرّ عليها. إذا أردتم أن تقوموا بما من شأنه الحدّ من العداء، قوموا بذلك لكنّ السبيل ليس اللين والمرونة.
وأكد سماحته أن التجربة الرابعة هي ان الصمود في مواجهة اميركا سيجبرها على التراجع، فاعتراف الامم المتحدة بحق ايران بالتخصيب ليس ناجما عن التفاوض، بل سببه تطور ايران في المجال النووي، لذلك قبلوا بذلك مرغمين.
وحول التجربة الخامسة قال: التجربة الخامسة هي تجربة مماشاة اوروبا لاميركا في القضايا المهمة، ليست لدينا مشكلة مع اوروبا لكن هذه البلدان الثلاثة (بريطانيا وفرنسا والمانيا) اثبتت انها تؤيد اميركا في القضايا الاكثر حساسية، فالحركة القبيحة التي قامت بها فرنسا بلعب دور الشرطي السيئ في المفاوضات النووية والعراقيل التي وضعها الانجليز امام انتاج الكعكة الصفراء هما من هذه الحالات.
وختم سماحته بذكر التجربة السادسة وأضاف: التجربة السادسة هي عدم ربط قضايا البلاد بالاتفاق النووي والقضايا الخارجية، لذلك ينبغي عدم ربط قضايا البلاد بأمور خارجة عن صلاحيتنا.
واكد سماحة آية الله الخامنئي على ضرورة عدم الوقوع في نفس الخطأ مرة اخرى، والاستفادة من التجارب السابقة، محذرا من ان اوروبا لن تعارض اميركا في قضية الاتفاق النووي.
واعلن قائد الثورة الاسلامية المعظم شروط الجمهورية الاسلامية الايرانية لمواصلة الاتفاق النووي مع اوروبا وقال: البلدان الاوروبية الثلاث نكثوا بتعهداتهم قبل نحو 14 عاما في المفاوضات النووية التي جرت عامي 2004 و2005، ولم يفوا بوعودهم، يجب ان يثبتوا اليوم أنهم لن يكونوا غير أمناء وناقضي عهود، في العامين الماضيين نقضت اميركا الاتفاق النووي مرارا والتزم الاوروبيون الصمت، يجب على اوروبا التعويض عن صمتها.
وتابع سماحته: امريكا نقضت القرار رقم 2231، لذا يجب على اوروبا ان تصدر قرارا يدين نقض اميركا.
وقال سماحته: يجب على اوروبا ان تتعهد بان لاتطرح قضية البرنامج الصاروخي والنفوذ الاقليمي للجمهورية الاسلامية الايرانية. ويجب على اوروبا مواجهة اي حظر ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية وان تتصدى بكل صراحة لاجراءات الحظر الاميركية.
وأضاف سماحته: يجب على اوروبا ضمان مبيعات النفط الايراني بشكل كامل، بحيث اذا اراد الاميركان توجيه ضربة الى مبيعات النفط الايراني، ينبغي ان نتمكن من بيع كميات النفط التي نريدها، ويجب على الاوروبيين التعويض بشكل مضمون وشراء النفط الايراني.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم: يجب على المصارف الاوروبية ضمان المعاملات التجارية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، ليست لدينا مشكلة مع الدول الاوروبية الثلاث، لكن ليست لدينا ثقة بها، وذلك بسبب ماضيهم.
وختم سماحته في هذا المجال: اذا تقاعس الاروبيون في الاستجابة لمطالبنا، فايران تحتفظ بحق استئناف الانشطة النووية، وعندما نرى ان الاتفاق النووي عديم الفائدة، فاحدى الطرق هو العودة لاستئناف الانشطة المعطلة.
وفي معرض تقييمه لأداء منظمة الأمم المتحدة قال قائد الثورة الإسلامية المعظم : لم يكن أداء الأمم المتحدة جيداً على مدى هذه الأعوام، منذ مدة سحب الأمين العام للأمم المتحدة كلامه حول إدانة جرائم السعوديين ضدّ اليمنيين بعد يومٍ واحد من تصريحه. هذه النماذج تُثبت أن الأمم المتحدة تقع تحت ضغوط أمريكا وأشباه قارون في منطقة الخليج الفارسي.
وأشار سماحته إلى نماذج من جرائم وملفات حقوق الإنسان الأمريكية مثل ”إحراق أعضاء الفرقة الداوودية في أمريكا في عهد كلينتون“، ”التعذيب الفظيع الذي يُمارس بحق السجناء في سجون غوانتنامو، أبوغريب في العراق وسجن أمريكي آخر في أفغانستان“، ”حريّة بيع الأسلحة في أمريكا من أجل تأمين مصالح شركات تصنيع السلاح“، ” تصرفات الشرطة الأمريكية المهينة والمشينة بحق المواطنين السود في أمريكا وقتلها لهم“، ”دور أمريكا المؤثّر في تأسيس ودعم داعش“، ”دعم أمريكا للكيان الصهيوني في ممارسات القتل التي يرتكبها وآخرها كان في غزّة“ و“دعم السعوديين ومساعدتهم في قتل الشعب اليمني وقمع الشعب البحريني“ وتابع سماحته : يجب على الأمم المتحدة في حال كانت مؤسسة ”الأمم“ ولم تكن تابعة للنظام الأمريكي، أن تتابع هذه الملفات بجدية وأن تُعوّض تقصيرها الذي مضى.
وفي بداية اللقاء تحدث السيد حسن روحاني رئيس الجمهورية واعتبر شهر رمضان المبارك شهر الرحمة الالهیة والمقاومة وقال: على مدى الاعوام الاربعین الماضیة ادى الشعب اختباره جیدا وحرس النظام والثورة والبلاد والمصالح الوطنیة في جمیع المنعطفات.
واشار الرئیس روحاني الى مقاومة الشعب امام الضغوط الخارجیة خلال الاعوام الاخیرة وقال: ان ما یقوله قادة الادارة الامیركية الیوم لیس بجدید على الشعب الایراني لان هذه التصریحات بالیة وتعود الى 40 عاما.
واضاف: ازاء خروج امیركا من الاتفاق النووي عارضت جمیع الدول هذه الخطوة ما عدا الكیان الصهیوني وعدد قلیل من الدول الصغیرة وهو ما یعني انتصار ایران في الساحة السیاسیة والقانونیة. واوضح الرئیس روحاني بان قائد الثورة الاسلامیة المعظم كان الهادي والمرشد للحكومة في جمیع القرارات وقال: نحن الان نجري محادثات مع الدول الخمس في الاتفاق النووي ورغم انها تعتبر نفسها في الكلام والبیانات السیاسیة ملتزمة بالاتفاق النووي ولكن ینبغي ان نرى كیف یمكنها العمل على ارض الواقع.
واعلن الرئیس الایراني بانه سیلتقي نظیریه الروسي "فلادیمیر بوتین" والصینی "شي جین بینغ" ویجري كذلك اتصالات مع رؤساء الدول الاوروبیة الثلاث (المانیا وبریطانیا وفرنسا) في غضون الاسابیع القادمة واضاف: لو تمكنت هذه الدول الخمس من ضمان مصالحنا الاقتصادیة في الاتفاق النووي فسنواصل الاتفاق من دون امیركا ودون ذلك سنتخذ القرار اللازم وستتم ادارة البلاد جیدا بالاتفاق النووي او بدونه.
واعتبر الرئيس روحاني ان الاجراءات الامیركیة الاخیرة ادت للمزید من توحد صوت الشعب الایراني العظیم وتلاحمه واضاف: اننا لا یساورنا اي شك بانه في ضوء وقوف الشعب الایراني الموحد خلف قائد الثورة الاسلامیة فلا قوة یمكنها اركاع هذا الشعب العظیم.
واشار رئيس الجمهورية الى الحظر الامیركي الذي فرض على ایران قبل اعوام واعتبر ظروف البلاد الیوم بانها تختلف عن ظروف تلك الفترة واضاف: ان الظروف الدولیة الیوم مختلفة اذ ان امیركا اصبحت في عزلة فیما تتم الاشادة بالجمهوریة الاسلامیة الایرانیة من قبل الراي العام العالمي كدولة قانون وسلام ودولة تفي بعهدها.
واستعرض الرئيس روحاني اوضاع البلاد الاقتصادیة وقال: ان الاعتماد على النفط اصبح الان اقل من الماضي علما بان عائدات البلاد من صادرات السلع غیر النفطیة ارتفعت خلال الشهرین الاولین من العام الایراني الحالي بنسبة 28.5 بالمائة وهو ما یعني ان الشعب والمراكز الاقتصادیة یواصلون سیرهم فی سیاق الاقتصاد المقاوم جیدا. واوضح بان هذه العائدات شهدت فائضا تجاریا وقال: ان التضخم كان خلال هذه الفترة احادي الرقم وسوق الرسامیل ارتفع بنحو 3 اضعاف مقارنة مع العام 2013 .
وصرح الرئیس روحاني بان البلاد الان لیست في حاجة الى واردات زیت الغاز (السولار) وقال: اننا یمكننا ان نحقق الاكتفاء الذاتي في انتاج البنزین حتى نهایة العام الجاري. ولفت الى انه تم خلال فترة الحكومة الحادیة عشرة السابقة والثانیة عشرة الحالیة تدشین 11 مرحلة في حقل "بارس الجنوبی" للغاز وسیتم حتى نهایة العام الجاري (20 آذار/مارس 2019) تدشین 4 مراحل اخرى في هذا الحقل.
واعلن الرئيس روحاني بان ایران الیوم مكتفیة ذاتیا كما في العامین الماضیین وتتحرك في مجال الكثیر من السلع الاخرى نحو الاكتفاء الذاتي واضاف: ان اجراءات الحظر والضغوط لم ولن تؤثر على خطط العام الجاري والاعوام القادمة ولیكن الشعب على ثقة بان ادارة البلاد ستمضي جیدا مهما كانت الظروف. واشار الى قضیة العملة الصعبة قائلا: ربما تصور الامیركیون بان نقطة الضعف لدینا هي قضیة العملة الصعبة والفوضى في سوق العملة الا اننا توقعنا هذا الامر منذ شهور لذا فقد اتخذنا الخطط اللازمة لاي ظروف كانت حتى من دون الاتفاق النووي وسیتم توفیر العملة الصعبة للمواطنین مهما كانت الظروف.
وأكد الرئيس روحاني بان الشعب الایراني یمضي الان في نهجه الثوري والدیني والوطني وسیحقق الانتصار بفضل الله بصبره وصموده وتقواه ولاشك ان الانتصار النهائي سیكون حلیف هذا الشعب.