أشار قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي، في خطابه السنوي بمناسبة عيد النوروز وبداية السنة الايرانية الجديدة، عصر يوم الأربعاء (2018/3/21) في رواق الإمام الخميني، أمام الآلاف من زوار حرم الإمام الرضا عليه السلام، إلى حيوية وثبات الثورة في عقدها الرابع، وإفشال مخطط الأميركان المشؤوم في المنطقة، وتطرق سماحته إلى ضروريات وسبل تحقيق شعار هذا العام أي دعم الإنتاج الوطني، مؤكداً على " إمكانبة حل كافة المشاكل بالتوجه إلى الداخل" والإهتمام بشكل كبير بتوظيف طاقات الشباب في الميادين المختلفة، ومنها المجلات الإدارية، وأضاف: جيل الشباب الباعث على الفخر في هذا البلد، سوف يهز راية إستقلال وعزة وعظمة وشرف إيران أكثر من أي وقت آخر.
وفي بداية كلمته، بارك سماحته للشعب الإيراني حلول العام الجديد وعيد النوروز، وكذلك تقدم بالتعازي لمناسبة إستشهاد افمام علي الهادي عليه السلام، معرباُ عن أمله بأن يوفر تقارن العام الجديد مع ذكرة إستشهاد ذلك الإمام الهمام، الأرضية لكي يحظى الشعب الإيراني بالهداية الإلهية أكثر فأكثر.
وخصص سماحة آية الله الخامنئي الجزء الأول من كلمته لعرض مراجعة عامة لأداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال العقود الأربعة المنصرمة، في مجال الشعارات والقيم والمبادء الأساسية وكذلك تقييم أداء المسؤولين التنفيذيين.
وأضاف سماحته: ان لدينا في البلاد قابليات وطاقات عديدة وواسعة، لم تتم حتى الآن الاستفادة منها، وفيما اذا تم ذلك، فإن وضع البلاد سيحقق تقدما كبيرا وبشكل أفضل بكبير.
وتابع: بشأن القيم الأساسية للثورة والشعارات والمبادئ الأساسية للثورة، فإن ما يمكنني ان اقوله ان الثورة نجحت جيدا في هذا الاختبار؛ أي ان الشعب الايراني تمكن من صيانة مبادئ وشعارات الثورة الأساسية بنفس صلابتها منذ انطلاقتها، وأضاف: شعارات وقِيم الثورة الإسلامية هي "الاستقلال"، "الحرية"، "السيادة الشعبية"، "الثقة بالنفس الوطنية"، "الإيمان بالذات الوطنية"، "العدالة" وفوق وأهم من كل ذلك "إجراء أحكام الدين والشريعة في البلاد".
وأوضح قائد الثورة الإسلامية المعظم: ان ايران تتمتع اليوم بالاستقلال، وهذا كان مطلب عام للشعب في الثورة، أي انه كان رد فعل الشعب الايراني على قرنين من هيمنة الأجانب على هذا البلد، ومن الجيد ان يولي شبابنا الاهتمام بهذا الأمر، فإلى ما قبل الثورة، كانت الحكومات تمارس الحكم تحت ظل القوى الأجنبية، فطيلة سنوات مديدة كانت هذه القوة العظمى او تلك تأتي بحكوماتنا او تسقطها، ففي فترة من الزمن، إتفقت بريطانيا مع روسيا القيصرية على تقسيم ايران فيما بينهما.
وبيّن سماحته: ان المطلب العام للشعب الايراني كان بأن يخرج من هذه الحالة ويحقق استقلاله، ويمكنني أن أقول انه لا يوجد اليوم في العالم بلد لدى شعبه ما للشعب الايراني من استقلالية، فالشعب الذي لا تتأثر أصواته بأي حكومة، هو الشعب الايراني، في حين ان البعض يجانبون الانصاف ويستغلون الحرية المتاحة، ويقولون كذبا وزورا انه لا توجد حرية، فيما تقوم الاذاعات والاعلام الاجنبي ببث هذه الأقاويل على نطاق واسع.
وشدد سماحته على ان ايران لديها حرية الفكر وحرية الانتخاب، ولا يتعرض أي أحد فيها بسبب أن فكره ورأيه يتعارض مع النظام، ولا يهدد او يتعرض للملاحقة، وبالطبع فإن الحرية يجب ان تكون ضمن إطار، وإطارها هو القانون وخاصة الدستور.
ورأى قائد الثورة الإسلامية المعظم في السيادة الشعبية واحداً من أصول نظام الجمهورية الإسلامية الأساسية وقال سماحته: خلال الأربعين عاماً الماضية، كان لدينا كل سنة أو سنتين استحقاق انتخابي شارك الناس خلاله بحرية وحماس وشوق ونتج عنه وصول حكومات ذات توجهات سياسية مختلفة إلى السلطة.
وفي جانب آخر من خطابه، قال قائد الثورة الإسلامية المعظم: ان كل القوى الاستكبارية تعادي مجلس صيانة الدستور، لأنه يحدد مدى تطابق القوانين والأداء مع الشريعة المقدسة. وأكد ان ايران تتمتع بطاقات ومواهب عديدة، وما تشاهدونه من تطور وقدرات وطنية، انما هو نتيجة الاستفادة من جانب من هذه القدرات، واذا تمكنا من الاستفادة من جميع طاقات البلاد وضمن التخطيط الصحيح، فسيكون تطورنا اكثر بكثير، ومن هذه الطاقات، ان لدينا 10 ملايين شاب متخرج، وأكثر من 4 ملايين طالب جامعي مشغولون بالدراسة، أي ما يعادل 23 مرة اكثر من بداية الثورة، ولكننا لم نستفد منهم بشكل صحيح حتى الآن، واذا استفدنا من الطاقات المتوفرة في البلاد بشكل صحيح، فسيكون الاقتصاد الايراني في المرتبة 12 من بين 200 دولة.
وانتقد سماحته سياسة تحديد النسل لدى الغربيين، والتي طالتهم اليوم، وهم يريدون ان تحرم الدول الاسلامية من التعداد السكاني الكبير ويحرمونها من الشباب الناشطين، وإذا كنت أصر على زيادة النسل، لأن البلاد في الغد ستكون بحاجة الى هؤلاء الشباب، وهذا أمر لا يمكن استيراده من الخارج.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، أكد قائد الثورة الاسلامية المعظم، أنه في العام الماضي رفعت الجمهورية الاسلامية الايرانية راية عزة الشعب الايراني واقتداره في المنطقة.. وقد لعبت الجمهورية الاسلامية دورا هاما في قصم ظهر التكفيريين في المنطقة، وتمكنت الجمهورية الاسلامية من كف شر التكفيريين عن الشعب في جزء هام من المنطقة، وهذه انجازات عظيمة، والآن يحتج المتطفلون الدوليون ممن يريدون التدخل في كل قضايا العالم، أنه لماذا تشارك ايران وتتدخل في العراق وسوريا؟ فما هو شأنكم؟
وتابع سماحة آية الله الخامنئي: لقد تمكنت الجمهورية الاسلامية من إفشال المخطط الاميركي في المنطقة، والتي كانت تريد من خلاله إنشاء التنظيمات الظلامية الارهابية من قبيل "داعش"، لحرف أذهان الشعوب عن الكيان الصهيوني الغاصب، وتشغلها بالحروب الداخلية، ونحن بإذن الله أفشلنا هذا المخطط.
وبيّن سماحته: يقولون إنهم شاركوا في القضاء على داعش، انهم يكذبون، إنهم يريدون ان يبقوا على داعش وأمثال داعش، ولكن ضمن سيطرتهم.
وتساءل قائد الثورة الإسلامية المعظم عن سبب عدم تمكن الأمريكيين من توفير الأمن في أفغانستان بعد مضي أربعة عشر عاماً على دخولهم إليها حيث قال سماحته: مضى على دخول الأمريكيين أفغانستان 14 عاماً، أية حماقة كانوا يرتكبونها في هذا البلد حتى لم يستطيعوا توفير الأمان هناك؟!
وأردف سماحته: البعض يقولون لم يستطيعوا، والبعض الآخر يقولون لم يريدوا، أياً كان السبب فإنَّ من شأنه جعل إدعاء أمريكا وبريطانيا للتواجد في المنطقة إدعاءً باطلاً.
وألمح قائد الثورة الإسلامية المعظم الى ان: أي مساعدة قدمناها في المنطقة كانت ضمن الحسابات المنطقة والعقلانية، ولم تكن من منطلق الاندفاع العاطفي، فنحن ليس لدينا نوايا للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأينما ذهبنا فإنما كان بطلب من هذه الدول، مشددا على ان اميركا لن تحقق مآربها في المنطقة، الا اننا سنحقق أهدافنا إن شاء الله.
وفي ختام كلمته، لخّص سماحته خطابه بالأمور الهامة التالية:
1- كل مشكلات البلاد ممكنة الحل، ليس لدينا في البلاد أية مشكلة لا تقبل الحل. وليس لدينا أية مشكلة مفتاحها وحلها بيد الأجانب. هناك مشكلات لكن جميع مشكلات البلاد ممكنة الحل ومفتاحها بيد الشعب الإيراني نفسه ومسؤولي البلاد.
2- الثورة تتقدم إلى الأمام باقتدار وحيوية ونشاط. الأربعون عاماً ليس سن شيخوخة الثورة وليست فترة تراجع الثورة إلى الوراء، بل هي فترة نضج الثورة ونشاطها. الثورة في الأربعين من عمرها لا تزال تتقدم والحمد لله بقدرة وبحفظ شعاراتها وبرفع راياتها الأصلية.
3- شبابنا في كل الساحات هم رصيد أمل البلاد. الشباب رصيدٌ ذو قيمة كبيرة جداً. في الصناعات الفائقة الشباب هم الذين ينشطون، وفي الشؤون الثقافية والفنية الشباب هم الذين ينشطون ويعملون، وفي الجوانب العسكرية والقيادية الشباب هم الذين يمارسون دورهم، وفي الإدارة أيضاً أينما كان الشباب كانت الإدارة إدارة أنشط، وتوصيتنا هي الاستعانة بالشباب أكثر في إدارة الأجهزة المختلفة.
4- إنَّ العدو كان يأمل ـ وهذه نقطة مهمة ـ أن يُعرِض الجيل الثالث والجيل الرابع عن الثورة، بيد أن ميول الجيل الثالث والرابع نحو الثورة اليوم وحبّه العميق والناضج لها إنْ لم يكن أكبر من الجيل الأول فليس بأقل منه. يحاول العدو تضخيم المشكلات وإظهارها أكبر وأكثر من مقدارها الواقعي بأضعاف.
5- العدو يسعى بكل ما بوسعه من أجل تضخيم المشكلات، لكن كل هذه المشكلات ممكنة الحل على يد شبابنا بتوفيق وهداية من الله، ولهذا السبب فإن العدو قلقٌ وغاضبٌ جداً من حيوية شبابنا وتوثبهم.
وختم سماحته خطابه بهذه الجملة: إن شبابنا الأعزاء سوف يبنون هذا البلد بأفضل مما كان في أذهان الجيل السابق، أي جيلنا نحن إن شاء الله، وسوف يستطيعون رفع راية استقلال وعظمة وشرف هذا البلد أعلى مما كان لحد الآن.