أشار سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال إستقباله ائمة الجمعة في انحاء البلاد صباح اليوم (الإثنين:2016/01/04) الی المکانة الرفیعة جداً لصلاة الجمعة معتبراً إیاها بأنها "مقر الایمان والبصیرة والأخلاق" واهم واجبات ائمة الجمعة هو "تبیان الحقائق والتوجیه الثقافي والسیاسي". كما اعتبر سماحته قضية الانتخابات المقبلة [مجلس الشورى الاسلامي ومجلس خبراء القيادة التي ستجري في 26 شباط القادم] بأنها مهمة جداً ونعمة حقيقية كبرى وأكد على المشاركة الاوسع فيها من قبل الشعب واضاف: ان المفهوم العميق للحق العام في مجالات "التنفيذ، المراقبة، حقوق المترشحين، القوائم الانتخابية، صون اصوات الشعب والقبول بنتائج الانتخابات" تعتبر أبعاداً مكمّلة ومفعمة بالمعاني وينبغي على الشعب إيلاء موضوع التغلغل والنفوذ أهمية كاملة في ظل أطماع الأميركيين بهذه الإنتخابات.
وأكد سماحة آية الله العظمى الخامنئي في بداية كلمته: ان اعتماد تعبیر المقر لوصف صلاة الجمعة یأتی لسبب اننا نخوض مواجهة معنویة وعقائدیة وایمانیة وسیاسیة وهي مثل فترة الدفاع المقدس قد فُرضت علینا لذلک فأن الدفاع لازم وضروري.
وأشار سماحته إلى قدرات الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه وأضاف: في هذا الجهاد أصبح "إيمان ووعي وبصيرة وتقوى وإخلاص الشعب" هدفاً للهجوم وتنتشر بين المجتمع آفات وفايروسات خطيرة.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم تبيان الحقائق من أهم واجبات ائمة الجمعة وقال: يجب على أئمة الجمعة بإعتبارهم علماء المدن وورثة الأنبياء الإستفادة من فرصة إجتماع صلاة الجمعة لتبيان وتوضيح الحقائق.
وأكد سماحته أن الحديث المباشر وجهاُ لوجه في صلاة الجمعة أكثر تأثيراً بكثير وأهم من التواصل غير المباشر وعبر وسائل التواصل الجديدة وأضاف: يجب على أئمة الجمعة الإستفادة من هذه الفرصة السانحة في صلاة الجمعة التي هي بمثابة القلب الثقافي لكل مدينة، لأداء واجبهم في الهداية السياسية والثقافية.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم أن الهداية الثقافية أكثر بنيوية من الهداية السياسية، وأوضح سماحته: من الأهداف الأساسية لأعداء الإسلام والشعب الإيراني، تغيير ثقافة وأخلاق الشعب وخاصة نموذج ونمط حياتهم.
واشار سماحته إلى الأبعاد المختلفة لنمط الحياة الإسلامية وأضاف: "الأدب" والإبتعاد عن الإنتهاك والبذائة حتى خلال الحديث مع المعارضين، من اهم الأمور في نمط الحياة الإسلامية حيث تبذل مساعي كثيرة للحيلولة دون إلتزام الشعب بالأدب وللأسف فإنهم نجحوا في بعض الحالات.
وأوضح سماحة آية الله العظمى الخامنئي أن العادات والأساليب الحسنة للحياة مثل المطالعة من الأبعاد الأخرى المهمة جداً لنمط الحياة الإسلامية، وأضاف: يجب ترغيب الناس والشباب للمطالعة وترغيب النخب في تأليف الكتب وربما يمكن إنشاء مراكز في أماكن إقامة صلاة الجمعة في كل مدينة لعرض وبيع الكتب الجيدة والحديثة والمناسبة.
وأكد سماحته على أن أحد الأمور الهامة في موضوع صلاة الجمعة، إستقطاب طبقة الشباب في البلاد، وأضاف: إستقطاب الشباب، لا يمكن بالكلام فقط بل ينبغي أن ينجذب الشباب لصلاة الجمعة عن طريق القلوب والإدراك والفهم.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي " الكلام المتقن والمستدل" في المواضيع السياسية والثقافية، و"الكلام الجديد" يمهدان الأرضية لإستقطاب الشباب لصلاة الجمعة وأكد: الكلام الجديد ليس بمعنى الحديث المشوب بالبدعة بل يجب تحصيل الكلام الجديد من خلال الفكر والتأمل والبحث في المصادر.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم هذا الجزء من كلمته حيث إعتبر مودة وعطف أئمة الجمعة، وإبتعادهم عن الغرور والتظاهر، سلوك طلبة العلوم الدينية الأبوي وإجتناب السلوك الإداري ونزعة الترأس، من العوامل الأخرى لإستقطاب الشباب لصلاة الجمعة وأضاف: ينبغي في خطب صلاة الجمعة طرح ما هو صحيح بلسان المنطق والإستدلال وببيان شيق وحار حتى وإن لم يستسغه المخاطبون.
وأكد سماحته على ضرورة صيانة مكانة وشأن إمام الجمعة من قبل أئمة الجمعة، اللجنة المركزية والناس أيضاً، وأضاف: إقامة صلاة الجمعة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية توفيقاً كبيراً يجب معرفة قدره، وعلى هذا الأساس يجب أن تكون مضامين خطب صلاة الجمعة وفقاً لمتطلبات المجتمع المعاصرة.
وخصص سماحة قائد الثورة الإسلامية المعظم الجزء الثاني من كلمته للحديث عن موضوع الإنتخابات معتبراً الإنتخابات قضية مهمة جداً ونعمة حقيقية كبرى وأضاف: هذه البركة الحقيقية ناتجة عن الرؤية الجلية والثاقبة وسلوك الإمام الخميني (رض) الذي كان يعتبر وخلافاً لبعض الآراء، أن الإنتخابات في الحكومة الإسلامية ضرورية والناس هم أصحاب البلاد وكان يعتقد بضرورة أن يكون قرار الشعب وخياراته مؤثرة.
وأضاف سماحته: في ظل هذه النظرة والقرار الإستراتيجي للإمام الراحل (رض)، وقف الشعب دوماُ إلى جانب الثورة لأنهم وجدوا خياراتهم مؤثرة في البلاد.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن الإنتخابات في بعدها الداخلي، تساهم في تعزيز الشعور بالإستقلال والهوية وتأثير الشعب، وفي بعدها الإقليمي والدولي مدعاة لتعزيز مكانة وهيبة البلاد والنظام.
وأکد قائد الثورة الإسلامية المعظم ضرورة المشارکة الواسعة النطاق فی الانتخابات المقبلة، وقال: کلما زادت نسبة مشارکة أبناء الشعب في هذه الانتخابات، زادت قوة ومصداقیة النظام الاسلامي في ایران، ولذا أکدنا ضرورة المزید من المشارکة الشعبیة، ولانزال نصر علی هذا الموضوع في الوقت الحالي، ذلک لأن النظام یعتمد علی عواطف ومطالیب وخیار الجماهیر.
وانتقد سماحته أدعياء التشكيك بالإنتخابات واضاف: يبدو أن البعض معتادون ومصابون بمرض سئ ويقرعون مع اقتراب موعد الانتخابات على طبل أن نتائج الانتخابات غير موثوق بها، ويسيئون بكلامهم لنعمة الإنتخابات الكبرى.
وأضاف سماحة آية الله الخامنئي: ربما تكون قد حصلت مخالفات في بعض الأماكن، لكنه لم تكن هناك أي مخالفات ممنهجة بحيث تغيّر في نتائج الإنتخابات إطلاقاً. واعتبر سماحته الأطر القانونية ومراقبة كافة الجهات المعنية بالإنتخابات وإلتزام المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين في كافة الدورات السابقة، من جملة أسباب نزاهة الإنتخابات في البلاد، وأضاف: بعض الحكومات کانت توجهاتها متباینة بنسبة 180 درجة الا ان تعامل کل تلک الحکومات في مجال الانتخابات کان صائبا، حیث جرت بصورة صحیحة، کما ستکون الانتخابات في المرحلة المقبلة بهذا الشکل أیضا.
وتطرّق سماحة قائد الثورة الإسلامية المعظم لبيان الأبعاد المختلفة لمفهوم "حق الناس" الغزير المعنى، على صعيد الإنتخابات. وفي معرض بيانه لتلك الأبعاد المختلفة لحق الناس، أشار سماحته لــ"حقوق المترشح" وأضاف: من جملة مجالات مراعاة حق الناس في الإنتخابات هي أنه لو كان المترشح شخصاً صالحا فعلينا عدم رفضه وأن نفسح له المجال، وخلافاً لذلك لو كان المترشح لخوض انتخابات مجلس الخبراء او مجلس الشورى الاسلامي غير صالحاً وغير مؤهلاً قانونياً، لا نسمح له بدخول الانتخابات بغض الطرف وعدم التدقيق في الأمر، فان عدم الإهتمام بهذين الأمرين يتعارض مع حق الناس.
واعتبر سماحته أصوات الشعب أمانة، وأضاف: صيانة وحفظ هذه الأمانة تعتبر من الأبعاد الأخرى لحق الناس. وقال سماحته: ان جميع المشرفين على مراحل التنفيذ، صيانة صناديق الاقتراع، عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج، يجب عليهم رعاية الامانة بصورة كاملة وان أدنى مخالفة في هذا الصدد تعتبر خيانة في الامانة.
وشدد قائد الثورة الإسلامية المعظم على ان القبول بالنتيجة القانونية للانتخابات يعتبر بعداً آخر لحق الناس وقال: حينما تعلن الجهات القانونية نتائج الإنتخابات وتصادق عليها، فإن عدم القبول بالنتائج مضاد لحق الناس.
وأشار سماحته الى المشاركة العظيمة لـ 40 مليون من أبناء الشعب في انتخابات العام 2009، وأضاف: في ذلك العام، طرح البعض كلاماً منكراً وغير مقبولاً بزعم أن تزويراً حدث في الانتخابات ودعوا الى إبطالها.
وقال سماحته: لقد سايرناهم إلى حد كبير وحديثه يطول، وقلنا تعالوا وافرزوا من جديد اي عدد تريدونه من صناديق الاقتراع لكنهم أبوا ذلك لانه لم يكن من المقرر ان يقبلوا كلمة الحق.
وأكد قائد الثورة الاسلامية المعظم بان موقفهم ذاك ومزاعمهم الحقت اضرارا جسيمة بالشعب والبلاد ، حیث لم یتم التعویض عن تلک الخسائر حتی الآن ، ولا نعلم متى سیتم ذلک !!
وأشار سماحته أيضاً إلى حق الناس في " تقديم اللوائح الإنتخابية" وأضاف: رعاية حق الناس في تقديم اللوائح الانتخابية يعني ان يراعوا الحق ولا يقحموا قضايا شخصية وفئوية في ذلك وان يبادروا لتقديم الافراد الاكثر أهلية وكفاءة.
واوصى سماحته الشعب في مجال إنتخاب المرشحين منح ثقتهم للمرشحين واللوائح التي تقدمت للإنتخابات بصدق وصفاء وولاء ومحبة للثورة، وليس لأغراض ومطامع خاصة وفاسدة أحياناً.
وتابع سماحة آية الله العظمى الخامنئي كلمته حول الإنتخابات أمام ائمة الجمعة في أرجاء البلاد بالإشارة إلى موضوع "النفوذ" المعقد وفي غاية الأهمية، وأضاف: المطلعون على الحقائق يعلمون جيداً حجم المكائد والمؤامرات المعدة للبلاد أو تلك التي تُعد للتغلغل والنفوذ للتأثير على إرادة وقرارات الشعب.
وأکد قائد الثورة الإسلامية المعظم ضرورة تحلي الشعب الایراني بالیقظة، محذرا من أن تغلغل عنصر نفوذي الی مجلس خبراء القیادة أو مجلس الشوری الاسلامي أو أي جهاز آخر في النظام، بمثابة نخوره من داخله، الأمر الذي یؤدي الی هشاشة أرکانه وإضعافه.
وأضاف سماحته في هذا الخصوص: ينبغي تنوير الرأي العام في مجال التغلغل والنفوذ دون إيكال التهم وتعيين المصاديق.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم للحساسية الفائقة لظروف البلاد الراهنة وأضاف: هناك جبهة شاملة لأعداء الثورة الإسلامية والشعب الإيراني تعمل بمثابرة وبإستمرار وتحيك أنواع المؤامرات لأنها باتت تشعر بخطر حقيقي من نشر أفكار الإسلام الأصيل في مناطق مختلفة.
واضاف سماحته: لقد إنتشر فكر الإسلام الأصيل كالنسيم العليل وعطر الزهور وأنشأ أناس أشداء وفاعلين في مختلف مناطق العالم، لذلك إنبرى معارضو الإسلام للتصدي لهذه الحقيقة واستهدفوا الجمهورية الإسلامية في حملاتهم السياسية والإعلامية.
واشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى استخدام الأجانب لإثارة الأوضاع الداخلية، الحملات السياسية والإعلامية، الإنفاق المالي، المكائد الإخلاقية ومختلف أنواع وأشكال الأساليب، وأضاف: يجب على الجميع اليقظة أمام "النفوذ".
وأشار سماحته في ختام كلمته الی مطامع الامریکان من وراء الانتخابات المقبلة في البلاد وقال: ان الاميركيين يسعون مثلنا للتحول ولكن التحول الذي نريده نحن يقلل المسافة بين البلاد والمجتمع وبين اهداف الاسلام والثورة، فيما هم في الطرف المقابل للتحول الذي يطمح اليه الشعب الايراني اذ يسعون لابعاد المجتمع عن اهداف الثورة وتقريب ايران من اهدافهم.
واكد قائد الثورة الاسلامية المعظم: ان الاميركيين وبغية تحقيق هذا الهدف يتربصون بهذه الانتخابات الا ان الشعب الايراني العظيم واليقظ، سواء في الانتخابات او في قضايا اخرى، سيتصدى لمآرب الاعداء وسيوجه الصفعة لهم كما في السابق.
قبيل كلمة قائد الثورة الاسلامية المعظم، تحدث حجة الإسلام والمسلمين تقوي رئيس لجنة توجية وإدارة ائمة الجمعة في البلاد وأشار إلى إقامة ملتقى ائمة الجمعة وأضاف: تقام صلاة الجمعة حالياً بمساعدة أبناء الشعب في 845 منطقة في البلاد.
واعتبر حراسة نهج الإمام الخميني الراحل (رض) ومبادئ الثورة من أهم واجبات ائمة الجمعة، وقال: دعم وحماية السلطات الثلاث، توعية الشعب وإبعاد منابر صلاة الجمعة عن الأجنحة السياسية، كانت من أهم نشاطات وتوجهات لجنة توجيه وإدارة ائمة الجمعة.
في ختام هذا اللقاء أقيمت صلاتي الظهر والعصر بإمامة قائد الثورة الاسلامية المعظم.