حضر آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية صباح اليوم (الخميس 04/06/2015) أمام الحشود الهائلة من جماهير الشعب الإيراني في مرقد الإمام الخميني الراحل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمناسبة الذكرى السادسة و العشرين لرحيله، و اعتبر في كلمته هناك أن مدرسة الإمام الخميني تُمثل خارطة طريق مفعمة بالأمل لشعب إيران، و أشار إلى ضرورة مواجهة عمليات تحريف الإمام الخميني، مؤكداً: إعادة قراءة المبادئ الموثقة لمدرسة الإمام الخميني هو السبيل الوحيد لمواجهة تحريف شخصية ذلك الإنسان الكبير، و هي مبادئ من قبيل: تكريس الإسلام المحمدي الأصيل و رفض الإسلام الأمريكي، و الثقة بصدق الوعود الإلهية و عدم الثقة بالمستكبرين، و الثقة بإرادة و قدرات الجماهير و معارضة تمركز الحكومة، و الدعم الجاد للمحرومين و معارضة النزعة الارستقراطية، و دعم المظلومين في العالم و معارضة العتاة الدوليين بصراحة و دون مواربة، و تكريس الاستقلال و رفض الخضوع للهيمنة، و التشديد على الوحدة الوطنية.
و أشار قائد الثورة الإسلامية في بداية كلمته بمناسبة الذكرى السادسة و العشرين لرحيل الإمام الخميني (رحمه الله) إلى ذكرى النصف من شعبان يوم ميلاد الإمام المهدي المنتظر (عج الله تعالى فرجه الشريف) و أوضح أن فكرة المنقذ في آخر الزمان مما یتفق عليه جميع الأديان الإبراهيمية مضيفاً: جميع المذاهب الإسلامية تعتبر هذا المنقذ من ذرية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) و اسمه المهدي (عج الله تعالى فرجه الشريف)، و الشيعة تعتبره وفقاً للأدلة القاطعة الأكيدة الإمام الثاني عشر محمد المهدي ابن الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليهما السلام) و بخصوصيات معينة و محددة.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي إفشاء الأمل أكبر مميزات الإيمان بظهور الإمام المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ملفتاً: المشعل الوضاء لهذه العقيدة العميقة و المنقذة جعلت الشيعة متفائلة بالمستقبل و ناشطة و حيوية في جميع فترات الظلام و الظلم.
بعد ذلك عرّج قائد الثورة الإسلامية على شرح أهمية المحور الرئيس لكلمته أي «تحريف شخصية الإمام الخميني» قائلاً: الإمام الخميني و خلافاً لبعض الذين يحاولون حصره في زمانه مظهر الحركة العظيمة و المصيریة لشعب إيران، و من الطبيعي أن يكون لتحريف شخصيته أضرار كبيرة على استمرار هذه الحركة، لذلك ينبغي التحلي بالوعي و اليقظة تماماً في هذا الخصوص.
و عدّ آية الله العظمى السيد الخامنئي المدرسة الفكرية و السياسية و الاجتماعية للإمام الخميني (رحمه الله) خارطة طريق الشعب الإيراني للوصول إلى أهداف كبرى من قبيل العدالة و التقدم و الاقتدار، مؤكداً: من دون معرفة صحيحة و غير محرفة للإمام الخميني لا يمكن استمرار خارطة الطريق هذه.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى الأبعاد الفقهية و العرفانية و الفلسفية البارزة للإمام الخميني الراحل، و اعتبر شخصيته الأصلية تحققاً لمضمون الآيات القرآنية التي تصف المجاهدين الحقيقيين في سبيل الله و تشدد على أنهم أدوا في هذا السبيل حقوق الجهاد على أحسن وجه.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: أسقط الإمام الخميني العظيم النظام الوراثي المتهرئ و الخاطئ من أجل إيجاد تحول منقطع النظير في تاريخ هذه الأرض و العالم الإسلامي، و كوّن أول حكومة تعتمد على الإسلام بعد حكومة الإسلام في صدر الإسلام، و أدى بكل كيانه حقوق الجهاد في سبيل الله.
و اعتبر سماحته الجهاد الداخلي و المعنوية العميقة مكمل الجهاد السياسي و الاجتماعي و الفكري للإمام الخميني الكبير، و قال مبيناً أبعاد مدرسة الإمام الخميني: المنظومة الفكرية التي وفرت إمكانية هذه التحولات الهائلة قائمة على رؤية كونية تعتمد على التوحيد.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن العصرية هي الخصوصية الثانية لمدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) منوّهاً: كان الإمام الخميني و بالاعتماد على منظومته الفكرية المتناسقة يقدم الحلول للقضايا التي يعاني منها المجتمع الإيراني و المجتمعات الإنسانية، و كانت الشعوب تشعر بقيمة هذه الحلول، و لهذا السبب انتشرت مدرسة الإمام الخميني بين الشعوب.
و عدّ سماحته الحيوية و الحركية و العملانية من الخصوصيات الأخرى لمدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) ملفتاً: لم يكن الإمام الخميني مثل بعض المنظرين و المثقفين و المفكرين الذهنيين الذين يتحدثون بكلام جميل في الأروقة و المحافل لكنهم لا فاعلية لهم في ميادين العمل و التطبيق.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن توفير المحفزات و الحركة و الأمل للشعب الإيراني من الآثار المباركة للسير على نهج الإمام الخميني و مدرسته، منوهاً: لا يزال بين الشعب الإيراني الكبير و بين تحقيق أهدافه مسافة كبيرة، لكن المهم هو أن الشعب و شبابه يواصلون هذا الدرب النيّر بقلوب عامرة بالمحفزات و الهمم و الأمل.
و اعتبر سماحته الاستمرار الصحيح لهذا الدرب المشوق منوطاً بمعرفة صائبة و دقيقة لشخصية الإمام الخميني و مبادئ مدرسته، مؤكداً: تحريف شخصية الإمام الخميني تحريف لدرب الإمام الخميني و سعي لتحريف الصراط المستقيم الذي يسير عليه الشعب الإيراني، و إذا أضعنا درب الإمام الخميني أو نسيناه أو نبذناه عمداً لا سمح الله، فإن شعب إيران سيتلقى الصفعات.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الاستكبار العالمي و القوى المتجبرة لا تزال تطمع بإيران كبلد كبير و غني و مهم في المنطقة، ملفتاً: لا يقلع جبابرة العالم المخادعين عن طمعهم و جشعهم هذا إلّا إذا وصل شعب إيران إلى درجة من التقدم و القوة تقطع عليهم آمالهم.
و ذكّر سماحته بأن مسيرة تقدم الشعب الإيراني و اقتداره منوط بالتحرك في إطار مبادئ المدرسة الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) قائلاً: في ضوء هذه الأمور و القضايا يكتسب خطر تحريف شخصية الإمام الخميني (رحمه الله) أهميته، و ينبغي أن يمثل هذا الخطر إنذاراً جدياً للمسؤولين و مفكري الثورة و تلامذة الإمام الخميني القدماء و محبّي دربه و عموم الشباب و الواعين و الجامعيين و الحوزويين.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن قضية تحريف الإمام الخميني (رحمه الله) قضية ذات سابقة طويلة بدأت مع بداية الثورة الإسلامية ملفتاً: كانت مساعي الأعداء أيضاً منذ مطلع الثورة الإسلامية و في زمن حياة الإمام الخميني (رحمه الله) منصبّة في الإعلام العالمي على تصويره كشخص ثوري عنيف متصلب لا عاطفة له و لا مرونة.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: كان للإمام الخميني الجليل (رحمه الله) شخصية قاطعة لا تتزلزل مقابل القوى المستكبرة، لكنه كان في الوقت نفسه مظهر العاطفة و اللطف و المحبة و المودة مقابل الله و عباد الله، و خصوصاً الشرائح المستضعفة منهم.
و ألمح السيد الخامنئي إلى تحريف شخصية الإمام الخميني عن عمد أو غير عمد قائلاً: في زمن حياة الإمام الخميني (رحمه الله) كانوا ينسبون له أيّ كلام يستسيغونه و الحال أن ذلك الكلام لم يكن له أي صلة بشخصية الإمام الخميني.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: بعد رحيل الإمام الخميني (رحمه الله) استمر هذا التيار إلى درجة أن البعض صوّروه شخصاً ليبرالياً لا يتقيد بأية قيود و شروط في سلوكه السياسي و الفكري و الثقافي، و الحال أن هذه النظرة شديدة الخطأ و بخلاف الواقع.
و أوضح آية الله العظمى السيد الخامنئي أن السبيل الوحيد لمعرفة شخصية الإمام الخميني (رحمه الله) معرفة صحيحة و دقيقة هي معرفة و إعادة قراءة مبادئ مدرسته الفكرية، و أضاف مؤكداً: إذا لم تعرف شخصية الإمام الخميني وفق هذا المنهج فقد يطرح البعض الإمام الخميني على أساس أذواقهم الفكرية.
و شدد قائد الثورة الإسلامية على أن شعبية الإمام الخميني (رحمه الله) باقية بين الناس، و لم يستطع العدو القضاء على هذه الشعبية و المودة، موضحاً: على هذا الأساس ستكون قضية تحريف شخصية الإمام الخميني المتغلغل في قلوب الناس خطراً كبيراً يمكن الحيلولة دونه بإعادة قراءة المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله).
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) تستقى من كلماته طوال خمسة عشرة عاماً من النهضة الإسلامية و عشرة أعوام من فترة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية، مردفاً: إذا تم وضع هذه المبادئ و الأصول بعضها إلى جانب بعض سيتكون نموذج للشخصية الحقيقية للإمام الخميني (رحمه الله).
و قبل أن يستعرض سبعة من المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله)، أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى عدة نقاط بخصوص مبادئ الإمام الخميني:
1 - تكررت هذه المبادئ مراراً في كلمات الإمام الخميني و كتاباته و هي من بيّنات فكره.
2 - يجب عدم أخذ هذه المبادئ و عرضها بطريقة إنتقائية.
3 - مبادئ الإمام الخميني لا تنحصر في سبعة مبادئ، و بوسع الباحثين طبقاً للإطار المطروح، استخراج مبادئ أخرى من المدرسة الفكرية للإمام الخميني.
ثم استعرض سماحته الأصول السبعة للمدرسة الفكر ية للإمام الخميني الجليل (رحمه الله) و قال: تثبيت الإسلام المحمدي الأصيل و رفض الإسلام الأمريكي أحد هذه المبادئ، و قد كان الإمام الخميني يضع الإسلام الأصيل دوماً في مقابل الإسلام الأمريكي.
و في معرض شرحه لماهية الإسلام الأمريكي، أشار الإمام الخامنئي إلى شقّي هذا الإسلام، أي الإسلام العلماني و الإسلام المتحجر، ملفتاً: كان الإمام الخميني (رحمه الله) يضع دوماً الأفراد المنحازين لفصل المجتمع و السلوك الاجتماعي عن الدين إلى جانب الأفراد الذين يحملون نظرة للدين رجعية و متحجرة و لا يمكن فهمها من قبل المتجددين.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى أن كلا شقّي الإسلام الأمريكي كانا مدعومين دوماً من قبل عتاة العالم و أمريكا، مردفاً: اليوم أيضاً تحظى تيارات منحرفة مثل داعش و القاعدة و كذلك تيارات إسلامية في ظاهرها لكنها غريبة على الفقه و الشريعة الإسلامية بدعم أمريكا و إسرائيل.
و قال سماحته: الإسلام الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني (رحمه الله) إسلام قائم على الكتاب و السنة، و يمكن التوصل إليه برؤية واضحة و متلائمة مع ظروف الزمان و المكان، و بمعرفة الاحتياجات الفعلية للمجتمعات الإسلامية و البشرية، و بأخذ أساليب العدو بنظر الاعتبار، و بالاستعانة بمنهجية علمية راسخة و متكاملة في الحوزات العلمية.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: في المدرسة الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) يصل كل من إسلام وعاظ السلاطين و رجال دين البلاط و الإسلام الداعشي من جهة، و إسلام اللاأبالية حيال جرائم الصهيونية و أمريكا و الإسلام المعتمد على القوى الكبرى من جهة أخرى، يصل كلاهما إلى نتيجة واحدة، و كلاهما مرفوض.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: الذي يعتبر نفسه تابعاً للإمام الخميني (رحمه الله) يجب أن يرسم حدوده الفاصلة عن الإسلام المتحجر و الإسلام العلماني.
و عدّ سماحته الاتكال على العون الإلهي و الثقة بصدق الوعود الإلهية، و في المقابل عدم الثقة بالقوى المستكبرة و المتجبرة في العالم، عده المبدأ الثاني من المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله)، مردفاً: كان الإمام الخميني مؤمناً دوماً بالوعود الإلهية و صدقها، و في المقابل لم يكن يثق على الإطلاق بوعود المستكبرين و الجبابرة في العالم.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: هذه الميزة البارزة لدى الإمام الخميني جعلته يعلن مواقفه بصراحة و حسم و من دون تردد.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى ردود الإمام الخميني على رسائل بعض الرؤساء المستكبرين التي كتبت بصراحة و حسم تام، و بأدب و احترام في الوقت نفسه، قائلاً: لقد أجرى الإمام الخميني التوكل على الله كالدم في شرايين الشعب الإيراني، و صار الشعب من أهل التوكل على الله و الإيمان بالنصرة الإلهية.
و ألمح سماحته إلى عدم ثقة الإمام الخميني (رحمه الله) مطلقاً بالمستكبرين و عدم اكتراثه التام لوعودهم مضيفاً: إننا اليوم نلمس هذه القضية بشكل كامل، و قد لاحظنا لماذا لا يمكن الوثوق بوعود المستكبرين، لأنهم يقولون شيئاً في الاجتماعات الخاصة و يقولون و يعملون بخلاف ذلك في الاجتماعات العامة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن الثقة بالله و عدم الثقة بالمستكبرين من المبادئ الفكرية الأكيدة للإمام رحمه الله ملفتاً: طبعاً هذا الشيء لا يعني قطع العلاقات مع العالم لأنه كان هناك علاقات في الحدود العادية و باحترام، و لكن لم يكن هناك أي ثقة بالمستكبرين و أتباعهم.
و كان المبدأ الثالث من مبادئ فكر الإمام الخميني (رحمه الله) الذي أشار له السيد القائد الخامنئي في كلمته هو الإيمان بإرادة الشعب و طاقاته و معارضة تمركز الحكومة.
و أكد سماحته على أن الإمام الخميني الجليل كان دائماً يؤمن إيماناً واقعياً بطاقة الشعب و أصواته في مختلف الشؤون الاقتصادية و العسكرية و العمرانية و الإعلامية و فوق كل ذلك في الانتخابات، و كان من المعتقدين بالاعتماد على الشعب، قائلاً: طوال عشرة أعوام من حياة الإمام الخميني بعد الثورة الإسلامية و قد انقضت ثمانية أعوام منها في الحرب المفروضة، أقيمت حوالي عشر انتخابات و لم يتغير موعد إقامة أي واحدة من هذه الانتخابات حتى ليوم واحد، بل أقيمت في وقتها المقرر، لأن الإمام الخميني (رحمه الله) كان يقيم احتراماً بالمعنى الحقيقي للكلمة لأصوات الناس و أفكارهم و تشخيصهم.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: حتى في بعض الأحيان ربما لم يكن تشخيص الشعب و انتخابه متطابقاً مع رأي الإمام الخميني، لكن الإمام الخميني كان يحترم أصوات الشعب.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى كلام الإمام الخميني (رحمه الله) حين وصف الشعب مراراً بأنه ولي النعمة و بأنه خادم للشعب، مؤكداً: تدل هذه التعابير على المكانة الممتازة للشعب و أفكاره و أصواته و مشاركته من وجهة نظر الإمام الخميني، و بالطبع فإن الشعب بدوره استجاب استجابة مناسبة لهذه الرؤية، و أين ما أشار الإمام الخميني (رحمه الله) تواجد الشعب في تلك الساحة بكل طاقاته و اندفاعه.
و لخّص سماحته هذا الجانب من حديثه قائلاً: ثمة بين الإمام الخميني و الشعب علاقة متبادلة، فقد كان الإمام الخميني يحبّ الشعب و الشعب يحبّ الإمام الخميني.
و تابع قائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي حديثه بالإشارة إلى مبدأ آخر من مبادئ المدرسة الفكرية للإمام الخميني قائلاً: على مستوى الشؤون الداخلية كان الإمام الخميني مناصراً جدياً للمحرومين و المستضعفين و كان يرفض بشدة الفوارق الاقتصادية و النزعة الارستقراطية بشدة و مرارة.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الإمام الخميني كان مناصراً حقيقياً للعدالة الاجتماعية، و اعتبر ذلك من أكثر الموضوعات التي كانت تتكرر في كلمات الإمام الخميني و من الخطوط الواضحة و الحاسمة عنده، مردفاً: كان الإمام الخميني يؤكد من ناحية على ضرورة استئصال الفقر و الحرمان، و يحذر من ناحية أخرى المسؤولين من طباع القصور و نزعة الارستقراطية و البهرجة.
و أشار سماحته إلى تأكيدات الإمام الخميني بخصوص ثقة المسؤولين بالطبقات المحرومة و الضعيفة مردفاً: كان الإمام الخميني الجليل يقول دوماً إن سكان الأكواخ و الفقراء هم الذين يتواجدون في الساحة من دون تبرم أو إبداء انزعاج من المشكلات و الصعوبات، بينما الطبقات المتمكنة هي أكثر من يبدي التململ و عدم الرضا من المشكلات.
و عرّج قائد الثورة الإسلامية على طرح المبدأ الخامس من المبادئ الفكرية للإمام الخميني قائلاً: على الصعيد الخارجي كان الإمام الخميني يقف بصراحة في الجبهة المناهضة للجبابرة و المستكبرين الدوليين، و لم يكن يرتهن لأية اعتبارات في دعم المظلومين.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الإمام الخميني لم يكن ممن يتصالح مع المستكبرين، و لفت إلى أن تعبير «الشيطان الأكبر» في وصف أمريكا إبداع مهم قام به الإمام الخميني، مضيفاً: الامتدادات المعرفية و العملية لتعبير «الشيطان الأكبر» كثيرة جداً، لأنه عندما يُطلق تعبير شيطان على شخص فإن السلوك و التعامل و المشاعر معه يجب أن تكون في إطار حالته الشيطانية هذه.
و استطرد يقول: كان للإمام الخميني نفس هذه المشاعر تجاه أمريكا إلى اليوم الأخير من حياته، و إلى جانب استخدامه لتعبير الشيطان الأكبر فإنه كان مؤمناً بهذا التعبیر من الأعماق.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية: في المقابل كان هناك منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية عدد من الأفراد لا يلتفتون إلى دور أمريكا في تغذية دعامات النظام الطاغوتي البهلوي الذي أسقط من قبل الشعب الإيراني، لذلك كانوا يوافقون تواجد الأمريكان في البلاد بل و حتى مواصلة نشاط بعض المؤسسات و الأجهزة الأمريكية.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي إن الاختلاف الأساسي بين الحكومة المؤقتة مع الإمام الخميني (رحمه الله) في السنوات الأولى بعد انتصار الثورة، كان حول هذا الموضوع، مردفاً: لم يكن أولئك متفطنين إلى إنه لو فسح المجال ثانية لأمريكا فإنها ستوجّه ضرباتها للشعب، لكن الإمام الخميني كان متنبهاً لهذه القضية و اتخذ مواقفه على هذا الأساس، و قد كان موقفه من احتلال وكر التجسس الأمریکي ضمن هذا الإطار.
و أشار سماحته إلى أحداث الأعوام الأخيرة في المنطقة و ثقة بعض التيارات بأمريكا و تلقيهم الضربات منها قائلاً: كان الإمام الخميني و في إطار هذا المبدأ الفكري من مبادئه يتخذ مواقفه دوماً على الضد من أمريكا و من أجهزتها السياسية و الأمنية، و في المقابل كان يدعم دوماً و بكل صميمية و حسم الشعوب المظلومة و خصوصاً شعب فلسطين.
و شدد قائد الثورة الإسلامية على أنه يمكن تحليل قضايا المنطقة و العالم المعاصر في إطار هذا المنطق الذي اعتمده الإمام الخميني (رحمه الله)، مردفاً: إننا اليوم و بنفس الدرجة من معارضتنا للسلوكيات الوحشية و الظالمة لتيار داعش في العراق و سورية، نعارض السلوك الظالم للشرطة الفيدرالية الأمريكية داخل أمريكا، و نعتبر السلوكين متماثلين.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: إننا بمقدار ما نعارض الحصار الظالم على أهالي غزة المظلومين نعارض قصف الشعب اليمني الذي لا مأوى له، و بنفس الدرجة التي نعارض بها التشدد مع الشعب البحريني نعارض أيضاً هجمات الطائرات الأمريكية من دون طيار على الأهالي في أفغانستان و باكستان.
و أكد سماحته على أننا في إطار المنطق الصريح للإمام الخميني (رحمه الله) نناصر المظلومين و نعارض الظالمين، ملفتاً: لهذا السبب تبقى قضية فلسطين قضية مركزية بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، و لن تخرج من جدول أعمال النظام الإسلامي أبداً.
و شدد قائد الثورة الإسلامية: قضية فلسطين ساحة جهاد إسلامي واجب و ضروري، و لن يفصلنا أي حدث عن قضية فلسطين. و أضاف يقول: قد لا يعمل البعض في الساحة الفلسطينية بواجباتهم، لكن ما يحظى بتأييدنا هو الشعب و المجاهدون الفلسطينيون.
و كان التشديد على الاستقلال و رفض الخضوع للهيمنة المبدأ السادس في مدرسة الإمام الخميني، الذي أشار له قائد الثورة الإسلامية في كلمته بمناسبة الذكرى السادسة و العشرين لرحيل الإمام الخميني في مرقده الطاهر أمام حشود الشعب الإيراني.
و عرّف آية الله العظمى السيد الخامنئي الاستقلال بأنه الحرية بمقياس شعب كامل، و أشار إلى التناقض الذي يقع فيه الذين ينادون بالحريات الفردية لكنهم يناهضون استقلال البلد و حرية شعب بأكمله، قائلاً: للأسف البعض ينظرون لدحض الاستقلال، و يذكرون الاستقلال باعتباره عزلة أو قضية قليلة القيمة، و هذا خطأ مهم و خطير جداً.
و ألمح سماحته إلى اعتقاد الإمام الخميني الراسخ بالاستقلال و رفض الخضوع للهيمنة، معتبراً الكثير من نشاطات العدو مثل التهديدات و الحظر هي من أجل المساس بهذا المبدأ، و أضاف قائلاً: يستهدف العدو استقلال البلاد، و على الجميع التحلي باليقظة و الوعي و معرفة أهداف العدو.
و كان المبدأ الأخير من مبادئ مدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) الذي أكد عليه السيد القائد الخامنئي في كلمته هو الوحدة الوطنية و مواجهة مؤامرات العدو الرامية إلى بث الفرقة.
و شدد سماحته على أن إثارة الفرقة و النزاعات المذهبية و القومية من السياسات الأكيدة للعدو مردفاً: إمامنا الخميني الجليل و منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية اعتمد اعتماداً منقطع النظير على الوحدة الوطنية و اتحاد كل أبناء الشعب من أجل مجابهة هذه المؤامرة.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى استمرار سياسة بث التفرقة و الخلافات معتبراً إياها من السياسات الرئيسية للاستكبار و أمريكا في العالم الإسلامي، و تابع يقول: في مقابل هذه المؤامرة فإن نظرة الجمهورية الإسلامية نظرة بناء أمة و في سياق تحقق الأمة الإسلامية، و على هذا الأساس كان لإيران مع الإخوة الفلسطينيين السنة نفس العلاقات التي تربطها بالإخوة الشيعة في حزب الله.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي إثارة مشروع «الهلال الشيعي» من قبل عملاء أمريكا الآتین بالدرجة الثانیة من الأهمیة، و كذلك مماشاة أمريكا للتيارات الإرهابية في العراق و سورية نظير داعش أو مساعدتهم، من جملة الشواهد على سياسة التفرقة الطائفية التي يعتمدها الاستكبار، مردفاً: على الجميع سواء كانوا سنة أو شيعة أن يتنبهوا و يحذروا من الوقوع في لعبة العدو.
و أكد سماحته قائلاً: ذلك التسنن الذي يحظى بدعم أمريكا و ذلك التشيع الذي يصدر عن لندن كلاهما أخ للشيطان و عميل للاستكبار و الغرب.
و من نفس هذه الزاوية اعتبر قائد الثورة الإسلامية اختيار شعار هذه السنة أي التعاطف و وحدة الكلمة و التأكيد عليه خطوة على صعيد مواجهة مؤامرة العدو الرامية إلى التفرقة مضيفاً: العدو يهدد أساس وجود الإسلام، و على جميع القوميات و المذاهب أن تتكاتف و تشكل يداً واحدة لكي لا تسمح للعدو بالتغلغل إلى العالم الإسلامي الواسع.
ملخصاً هذا الجانب من كلمته اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي هذه المبادئ الأساسية ركيزة جاذبية الإمام الخميني (رحمه الله) و تنفیره مضيفاً: مبادئ الإمام الخميني لا تنحصر في هذه النقاط، و بوسع الباحثين و الخبراء أن يحققوا في هذا الشأن، و لكن لا ينبغي لأحد أن ينسب للإمام الخميني (رحمه الله) ما يستسيغه هو، إنما يجب أن تكون التصريحات على أساس المبادئ المتكررة بشكل مستمر في المصادر الخاصة بالإمام الخميني.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية في الجانب الأخير من كلمته إلى واقع مهم مؤكداً: ليعلم الجميع أن هدف العدو هو العودة إلى حقبة هيمنته غير المقيدة أو المشروطة على هذا البلد، و ما عبوسه و ابتساماته و وعوده و تهديداته إلّا من أجل تحقيق هذا الهدف.
و عدّ سماحته أساس معارضة العدو للإسلام نابعاً من معارضة الإسلام لعودة هذه الهيمنة ملفتاً: العدو يعارض الإسلام لأن الإسلام هو القوة المقاومة حيال هذه المؤامرة، و هم يعارضون الشعب الإيراني أيضاً لأن الشعب واقف بوجههم كالجبل الأشم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تصريحات أحد الساسة الأمريكان القدماء بأن الجماعات الإرهابية التكفيرية غير مهمة بالنسبة للغرب، إنما ينبغي للغرب أن يعتبر إيران عدوّه لأنها تسعى لتأسيس حضارة إسلامية عظيمة، مضيفاً: هذه السياسة تدل على أهمية و ضرورة بناء أمة في العالم الإسلامي، و على الجميع أن يعلموا بأن العدو يبذل كل مساعيه للحيلولة دون مسيرة الشعب الإيراني الإسلامية و تقدمه و رقيه.
و أكد سماحته: من بین أبناء الشعب یعارض العدو أكثر من يقاوموه أكثر، فهو يعارض العناصر المتدينة و الحزب اللهية و المؤسسات و الأجهزة الثورية أكثر لأنه يعلم أن هذه العناصر بمثابة سدود رصينة و قوية مقابل نفوذه.
قبيل كلمة قائد الثورة الإسلامية تحدث في هذه المراسم حجة الإسلام و المسلمين السيد حسن الخميني حفيد الإمام الخميني مرحباً بزوار مرقد مؤسس الثورة الإسلامية الكبير، و أشار إلى الأحداث في العراق و سورية و اليمن و البحرين موضحاً أن الرجعيين قد أثاروا الاضطرابات و القلاقل في المنطقة، و أضاف قائلاً: المجتمع الإسلامي مقبل على أحداث جد مريرة و مسببو هذه الأحداث هم الطافحون بالبغضاء و الحقد على الإسلام.
و أضاف سادن المرقد الطاهر للإمام الخميني الراحل (رحمه الله): جماعة عنيفة تستهدف كل الحضارة الإسلامية باسم الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و الدين الإسلامي، فيرتكبون المذابح الجماعیة ضد البشر، و يطلقون بدعم من الأجانب و الصهاينة أجواء سيئة ضد الإسلام.
و أكد حجة الإسلام و المسلمين السيد حسن الخميني على أن إيران هي بلد الإمام الخميني (رحمه الله) و قد جرّب العالم كله شعب إيران، مضيفاً: لو نظر أحد نظراً شزراً سيئاً لإيران فإن الشعب و في ظل القائد العام للقوات المسلحة لن يسمح بأيّ اعتداء على هذا البلد، و سيدافع عن وحدة أراضيه و استقلاله.
و أشار قائد الثورة الإسلامية في بداية كلمته بمناسبة الذكرى السادسة و العشرين لرحيل الإمام الخميني (رحمه الله) إلى ذكرى النصف من شعبان يوم ميلاد الإمام المهدي المنتظر (عج الله تعالى فرجه الشريف) و أوضح أن فكرة المنقذ في آخر الزمان مما یتفق عليه جميع الأديان الإبراهيمية مضيفاً: جميع المذاهب الإسلامية تعتبر هذا المنقذ من ذرية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) و اسمه المهدي (عج الله تعالى فرجه الشريف)، و الشيعة تعتبره وفقاً للأدلة القاطعة الأكيدة الإمام الثاني عشر محمد المهدي ابن الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليهما السلام) و بخصوصيات معينة و محددة.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي إفشاء الأمل أكبر مميزات الإيمان بظهور الإمام المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ملفتاً: المشعل الوضاء لهذه العقيدة العميقة و المنقذة جعلت الشيعة متفائلة بالمستقبل و ناشطة و حيوية في جميع فترات الظلام و الظلم.
بعد ذلك عرّج قائد الثورة الإسلامية على شرح أهمية المحور الرئيس لكلمته أي «تحريف شخصية الإمام الخميني» قائلاً: الإمام الخميني و خلافاً لبعض الذين يحاولون حصره في زمانه مظهر الحركة العظيمة و المصيریة لشعب إيران، و من الطبيعي أن يكون لتحريف شخصيته أضرار كبيرة على استمرار هذه الحركة، لذلك ينبغي التحلي بالوعي و اليقظة تماماً في هذا الخصوص.
و عدّ آية الله العظمى السيد الخامنئي المدرسة الفكرية و السياسية و الاجتماعية للإمام الخميني (رحمه الله) خارطة طريق الشعب الإيراني للوصول إلى أهداف كبرى من قبيل العدالة و التقدم و الاقتدار، مؤكداً: من دون معرفة صحيحة و غير محرفة للإمام الخميني لا يمكن استمرار خارطة الطريق هذه.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى الأبعاد الفقهية و العرفانية و الفلسفية البارزة للإمام الخميني الراحل، و اعتبر شخصيته الأصلية تحققاً لمضمون الآيات القرآنية التي تصف المجاهدين الحقيقيين في سبيل الله و تشدد على أنهم أدوا في هذا السبيل حقوق الجهاد على أحسن وجه.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: أسقط الإمام الخميني العظيم النظام الوراثي المتهرئ و الخاطئ من أجل إيجاد تحول منقطع النظير في تاريخ هذه الأرض و العالم الإسلامي، و كوّن أول حكومة تعتمد على الإسلام بعد حكومة الإسلام في صدر الإسلام، و أدى بكل كيانه حقوق الجهاد في سبيل الله.
و اعتبر سماحته الجهاد الداخلي و المعنوية العميقة مكمل الجهاد السياسي و الاجتماعي و الفكري للإمام الخميني الكبير، و قال مبيناً أبعاد مدرسة الإمام الخميني: المنظومة الفكرية التي وفرت إمكانية هذه التحولات الهائلة قائمة على رؤية كونية تعتمد على التوحيد.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن العصرية هي الخصوصية الثانية لمدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) منوّهاً: كان الإمام الخميني و بالاعتماد على منظومته الفكرية المتناسقة يقدم الحلول للقضايا التي يعاني منها المجتمع الإيراني و المجتمعات الإنسانية، و كانت الشعوب تشعر بقيمة هذه الحلول، و لهذا السبب انتشرت مدرسة الإمام الخميني بين الشعوب.
و عدّ سماحته الحيوية و الحركية و العملانية من الخصوصيات الأخرى لمدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) ملفتاً: لم يكن الإمام الخميني مثل بعض المنظرين و المثقفين و المفكرين الذهنيين الذين يتحدثون بكلام جميل في الأروقة و المحافل لكنهم لا فاعلية لهم في ميادين العمل و التطبيق.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن توفير المحفزات و الحركة و الأمل للشعب الإيراني من الآثار المباركة للسير على نهج الإمام الخميني و مدرسته، منوهاً: لا يزال بين الشعب الإيراني الكبير و بين تحقيق أهدافه مسافة كبيرة، لكن المهم هو أن الشعب و شبابه يواصلون هذا الدرب النيّر بقلوب عامرة بالمحفزات و الهمم و الأمل.
و اعتبر سماحته الاستمرار الصحيح لهذا الدرب المشوق منوطاً بمعرفة صائبة و دقيقة لشخصية الإمام الخميني و مبادئ مدرسته، مؤكداً: تحريف شخصية الإمام الخميني تحريف لدرب الإمام الخميني و سعي لتحريف الصراط المستقيم الذي يسير عليه الشعب الإيراني، و إذا أضعنا درب الإمام الخميني أو نسيناه أو نبذناه عمداً لا سمح الله، فإن شعب إيران سيتلقى الصفعات.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الاستكبار العالمي و القوى المتجبرة لا تزال تطمع بإيران كبلد كبير و غني و مهم في المنطقة، ملفتاً: لا يقلع جبابرة العالم المخادعين عن طمعهم و جشعهم هذا إلّا إذا وصل شعب إيران إلى درجة من التقدم و القوة تقطع عليهم آمالهم.
و ذكّر سماحته بأن مسيرة تقدم الشعب الإيراني و اقتداره منوط بالتحرك في إطار مبادئ المدرسة الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) قائلاً: في ضوء هذه الأمور و القضايا يكتسب خطر تحريف شخصية الإمام الخميني (رحمه الله) أهميته، و ينبغي أن يمثل هذا الخطر إنذاراً جدياً للمسؤولين و مفكري الثورة و تلامذة الإمام الخميني القدماء و محبّي دربه و عموم الشباب و الواعين و الجامعيين و الحوزويين.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن قضية تحريف الإمام الخميني (رحمه الله) قضية ذات سابقة طويلة بدأت مع بداية الثورة الإسلامية ملفتاً: كانت مساعي الأعداء أيضاً منذ مطلع الثورة الإسلامية و في زمن حياة الإمام الخميني (رحمه الله) منصبّة في الإعلام العالمي على تصويره كشخص ثوري عنيف متصلب لا عاطفة له و لا مرونة.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: كان للإمام الخميني الجليل (رحمه الله) شخصية قاطعة لا تتزلزل مقابل القوى المستكبرة، لكنه كان في الوقت نفسه مظهر العاطفة و اللطف و المحبة و المودة مقابل الله و عباد الله، و خصوصاً الشرائح المستضعفة منهم.
و ألمح السيد الخامنئي إلى تحريف شخصية الإمام الخميني عن عمد أو غير عمد قائلاً: في زمن حياة الإمام الخميني (رحمه الله) كانوا ينسبون له أيّ كلام يستسيغونه و الحال أن ذلك الكلام لم يكن له أي صلة بشخصية الإمام الخميني.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: بعد رحيل الإمام الخميني (رحمه الله) استمر هذا التيار إلى درجة أن البعض صوّروه شخصاً ليبرالياً لا يتقيد بأية قيود و شروط في سلوكه السياسي و الفكري و الثقافي، و الحال أن هذه النظرة شديدة الخطأ و بخلاف الواقع.
و أوضح آية الله العظمى السيد الخامنئي أن السبيل الوحيد لمعرفة شخصية الإمام الخميني (رحمه الله) معرفة صحيحة و دقيقة هي معرفة و إعادة قراءة مبادئ مدرسته الفكرية، و أضاف مؤكداً: إذا لم تعرف شخصية الإمام الخميني وفق هذا المنهج فقد يطرح البعض الإمام الخميني على أساس أذواقهم الفكرية.
و شدد قائد الثورة الإسلامية على أن شعبية الإمام الخميني (رحمه الله) باقية بين الناس، و لم يستطع العدو القضاء على هذه الشعبية و المودة، موضحاً: على هذا الأساس ستكون قضية تحريف شخصية الإمام الخميني المتغلغل في قلوب الناس خطراً كبيراً يمكن الحيلولة دونه بإعادة قراءة المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله).
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) تستقى من كلماته طوال خمسة عشرة عاماً من النهضة الإسلامية و عشرة أعوام من فترة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية، مردفاً: إذا تم وضع هذه المبادئ و الأصول بعضها إلى جانب بعض سيتكون نموذج للشخصية الحقيقية للإمام الخميني (رحمه الله).
و قبل أن يستعرض سبعة من المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله)، أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى عدة نقاط بخصوص مبادئ الإمام الخميني:
1 - تكررت هذه المبادئ مراراً في كلمات الإمام الخميني و كتاباته و هي من بيّنات فكره.
2 - يجب عدم أخذ هذه المبادئ و عرضها بطريقة إنتقائية.
3 - مبادئ الإمام الخميني لا تنحصر في سبعة مبادئ، و بوسع الباحثين طبقاً للإطار المطروح، استخراج مبادئ أخرى من المدرسة الفكرية للإمام الخميني.
ثم استعرض سماحته الأصول السبعة للمدرسة الفكر ية للإمام الخميني الجليل (رحمه الله) و قال: تثبيت الإسلام المحمدي الأصيل و رفض الإسلام الأمريكي أحد هذه المبادئ، و قد كان الإمام الخميني يضع الإسلام الأصيل دوماً في مقابل الإسلام الأمريكي.
و في معرض شرحه لماهية الإسلام الأمريكي، أشار الإمام الخامنئي إلى شقّي هذا الإسلام، أي الإسلام العلماني و الإسلام المتحجر، ملفتاً: كان الإمام الخميني (رحمه الله) يضع دوماً الأفراد المنحازين لفصل المجتمع و السلوك الاجتماعي عن الدين إلى جانب الأفراد الذين يحملون نظرة للدين رجعية و متحجرة و لا يمكن فهمها من قبل المتجددين.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى أن كلا شقّي الإسلام الأمريكي كانا مدعومين دوماً من قبل عتاة العالم و أمريكا، مردفاً: اليوم أيضاً تحظى تيارات منحرفة مثل داعش و القاعدة و كذلك تيارات إسلامية في ظاهرها لكنها غريبة على الفقه و الشريعة الإسلامية بدعم أمريكا و إسرائيل.
و قال سماحته: الإسلام الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني (رحمه الله) إسلام قائم على الكتاب و السنة، و يمكن التوصل إليه برؤية واضحة و متلائمة مع ظروف الزمان و المكان، و بمعرفة الاحتياجات الفعلية للمجتمعات الإسلامية و البشرية، و بأخذ أساليب العدو بنظر الاعتبار، و بالاستعانة بمنهجية علمية راسخة و متكاملة في الحوزات العلمية.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: في المدرسة الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله) يصل كل من إسلام وعاظ السلاطين و رجال دين البلاط و الإسلام الداعشي من جهة، و إسلام اللاأبالية حيال جرائم الصهيونية و أمريكا و الإسلام المعتمد على القوى الكبرى من جهة أخرى، يصل كلاهما إلى نتيجة واحدة، و كلاهما مرفوض.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: الذي يعتبر نفسه تابعاً للإمام الخميني (رحمه الله) يجب أن يرسم حدوده الفاصلة عن الإسلام المتحجر و الإسلام العلماني.
و عدّ سماحته الاتكال على العون الإلهي و الثقة بصدق الوعود الإلهية، و في المقابل عدم الثقة بالقوى المستكبرة و المتجبرة في العالم، عده المبدأ الثاني من المبادئ الفكرية للإمام الخميني (رحمه الله)، مردفاً: كان الإمام الخميني مؤمناً دوماً بالوعود الإلهية و صدقها، و في المقابل لم يكن يثق على الإطلاق بوعود المستكبرين و الجبابرة في العالم.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: هذه الميزة البارزة لدى الإمام الخميني جعلته يعلن مواقفه بصراحة و حسم و من دون تردد.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى ردود الإمام الخميني على رسائل بعض الرؤساء المستكبرين التي كتبت بصراحة و حسم تام، و بأدب و احترام في الوقت نفسه، قائلاً: لقد أجرى الإمام الخميني التوكل على الله كالدم في شرايين الشعب الإيراني، و صار الشعب من أهل التوكل على الله و الإيمان بالنصرة الإلهية.
و ألمح سماحته إلى عدم ثقة الإمام الخميني (رحمه الله) مطلقاً بالمستكبرين و عدم اكتراثه التام لوعودهم مضيفاً: إننا اليوم نلمس هذه القضية بشكل كامل، و قد لاحظنا لماذا لا يمكن الوثوق بوعود المستكبرين، لأنهم يقولون شيئاً في الاجتماعات الخاصة و يقولون و يعملون بخلاف ذلك في الاجتماعات العامة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن الثقة بالله و عدم الثقة بالمستكبرين من المبادئ الفكرية الأكيدة للإمام رحمه الله ملفتاً: طبعاً هذا الشيء لا يعني قطع العلاقات مع العالم لأنه كان هناك علاقات في الحدود العادية و باحترام، و لكن لم يكن هناك أي ثقة بالمستكبرين و أتباعهم.
و كان المبدأ الثالث من مبادئ فكر الإمام الخميني (رحمه الله) الذي أشار له السيد القائد الخامنئي في كلمته هو الإيمان بإرادة الشعب و طاقاته و معارضة تمركز الحكومة.
و أكد سماحته على أن الإمام الخميني الجليل كان دائماً يؤمن إيماناً واقعياً بطاقة الشعب و أصواته في مختلف الشؤون الاقتصادية و العسكرية و العمرانية و الإعلامية و فوق كل ذلك في الانتخابات، و كان من المعتقدين بالاعتماد على الشعب، قائلاً: طوال عشرة أعوام من حياة الإمام الخميني بعد الثورة الإسلامية و قد انقضت ثمانية أعوام منها في الحرب المفروضة، أقيمت حوالي عشر انتخابات و لم يتغير موعد إقامة أي واحدة من هذه الانتخابات حتى ليوم واحد، بل أقيمت في وقتها المقرر، لأن الإمام الخميني (رحمه الله) كان يقيم احتراماً بالمعنى الحقيقي للكلمة لأصوات الناس و أفكارهم و تشخيصهم.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: حتى في بعض الأحيان ربما لم يكن تشخيص الشعب و انتخابه متطابقاً مع رأي الإمام الخميني، لكن الإمام الخميني كان يحترم أصوات الشعب.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى كلام الإمام الخميني (رحمه الله) حين وصف الشعب مراراً بأنه ولي النعمة و بأنه خادم للشعب، مؤكداً: تدل هذه التعابير على المكانة الممتازة للشعب و أفكاره و أصواته و مشاركته من وجهة نظر الإمام الخميني، و بالطبع فإن الشعب بدوره استجاب استجابة مناسبة لهذه الرؤية، و أين ما أشار الإمام الخميني (رحمه الله) تواجد الشعب في تلك الساحة بكل طاقاته و اندفاعه.
و لخّص سماحته هذا الجانب من حديثه قائلاً: ثمة بين الإمام الخميني و الشعب علاقة متبادلة، فقد كان الإمام الخميني يحبّ الشعب و الشعب يحبّ الإمام الخميني.
و تابع قائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي حديثه بالإشارة إلى مبدأ آخر من مبادئ المدرسة الفكرية للإمام الخميني قائلاً: على مستوى الشؤون الداخلية كان الإمام الخميني مناصراً جدياً للمحرومين و المستضعفين و كان يرفض بشدة الفوارق الاقتصادية و النزعة الارستقراطية بشدة و مرارة.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الإمام الخميني كان مناصراً حقيقياً للعدالة الاجتماعية، و اعتبر ذلك من أكثر الموضوعات التي كانت تتكرر في كلمات الإمام الخميني و من الخطوط الواضحة و الحاسمة عنده، مردفاً: كان الإمام الخميني يؤكد من ناحية على ضرورة استئصال الفقر و الحرمان، و يحذر من ناحية أخرى المسؤولين من طباع القصور و نزعة الارستقراطية و البهرجة.
و أشار سماحته إلى تأكيدات الإمام الخميني بخصوص ثقة المسؤولين بالطبقات المحرومة و الضعيفة مردفاً: كان الإمام الخميني الجليل يقول دوماً إن سكان الأكواخ و الفقراء هم الذين يتواجدون في الساحة من دون تبرم أو إبداء انزعاج من المشكلات و الصعوبات، بينما الطبقات المتمكنة هي أكثر من يبدي التململ و عدم الرضا من المشكلات.
و عرّج قائد الثورة الإسلامية على طرح المبدأ الخامس من المبادئ الفكرية للإمام الخميني قائلاً: على الصعيد الخارجي كان الإمام الخميني يقف بصراحة في الجبهة المناهضة للجبابرة و المستكبرين الدوليين، و لم يكن يرتهن لأية اعتبارات في دعم المظلومين.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أن الإمام الخميني لم يكن ممن يتصالح مع المستكبرين، و لفت إلى أن تعبير «الشيطان الأكبر» في وصف أمريكا إبداع مهم قام به الإمام الخميني، مضيفاً: الامتدادات المعرفية و العملية لتعبير «الشيطان الأكبر» كثيرة جداً، لأنه عندما يُطلق تعبير شيطان على شخص فإن السلوك و التعامل و المشاعر معه يجب أن تكون في إطار حالته الشيطانية هذه.
و استطرد يقول: كان للإمام الخميني نفس هذه المشاعر تجاه أمريكا إلى اليوم الأخير من حياته، و إلى جانب استخدامه لتعبير الشيطان الأكبر فإنه كان مؤمناً بهذا التعبیر من الأعماق.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية: في المقابل كان هناك منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية عدد من الأفراد لا يلتفتون إلى دور أمريكا في تغذية دعامات النظام الطاغوتي البهلوي الذي أسقط من قبل الشعب الإيراني، لذلك كانوا يوافقون تواجد الأمريكان في البلاد بل و حتى مواصلة نشاط بعض المؤسسات و الأجهزة الأمريكية.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي إن الاختلاف الأساسي بين الحكومة المؤقتة مع الإمام الخميني (رحمه الله) في السنوات الأولى بعد انتصار الثورة، كان حول هذا الموضوع، مردفاً: لم يكن أولئك متفطنين إلى إنه لو فسح المجال ثانية لأمريكا فإنها ستوجّه ضرباتها للشعب، لكن الإمام الخميني كان متنبهاً لهذه القضية و اتخذ مواقفه على هذا الأساس، و قد كان موقفه من احتلال وكر التجسس الأمریکي ضمن هذا الإطار.
و أشار سماحته إلى أحداث الأعوام الأخيرة في المنطقة و ثقة بعض التيارات بأمريكا و تلقيهم الضربات منها قائلاً: كان الإمام الخميني و في إطار هذا المبدأ الفكري من مبادئه يتخذ مواقفه دوماً على الضد من أمريكا و من أجهزتها السياسية و الأمنية، و في المقابل كان يدعم دوماً و بكل صميمية و حسم الشعوب المظلومة و خصوصاً شعب فلسطين.
و شدد قائد الثورة الإسلامية على أنه يمكن تحليل قضايا المنطقة و العالم المعاصر في إطار هذا المنطق الذي اعتمده الإمام الخميني (رحمه الله)، مردفاً: إننا اليوم و بنفس الدرجة من معارضتنا للسلوكيات الوحشية و الظالمة لتيار داعش في العراق و سورية، نعارض السلوك الظالم للشرطة الفيدرالية الأمريكية داخل أمريكا، و نعتبر السلوكين متماثلين.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: إننا بمقدار ما نعارض الحصار الظالم على أهالي غزة المظلومين نعارض قصف الشعب اليمني الذي لا مأوى له، و بنفس الدرجة التي نعارض بها التشدد مع الشعب البحريني نعارض أيضاً هجمات الطائرات الأمريكية من دون طيار على الأهالي في أفغانستان و باكستان.
و أكد سماحته على أننا في إطار المنطق الصريح للإمام الخميني (رحمه الله) نناصر المظلومين و نعارض الظالمين، ملفتاً: لهذا السبب تبقى قضية فلسطين قضية مركزية بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، و لن تخرج من جدول أعمال النظام الإسلامي أبداً.
و شدد قائد الثورة الإسلامية: قضية فلسطين ساحة جهاد إسلامي واجب و ضروري، و لن يفصلنا أي حدث عن قضية فلسطين. و أضاف يقول: قد لا يعمل البعض في الساحة الفلسطينية بواجباتهم، لكن ما يحظى بتأييدنا هو الشعب و المجاهدون الفلسطينيون.
و كان التشديد على الاستقلال و رفض الخضوع للهيمنة المبدأ السادس في مدرسة الإمام الخميني، الذي أشار له قائد الثورة الإسلامية في كلمته بمناسبة الذكرى السادسة و العشرين لرحيل الإمام الخميني في مرقده الطاهر أمام حشود الشعب الإيراني.
و عرّف آية الله العظمى السيد الخامنئي الاستقلال بأنه الحرية بمقياس شعب كامل، و أشار إلى التناقض الذي يقع فيه الذين ينادون بالحريات الفردية لكنهم يناهضون استقلال البلد و حرية شعب بأكمله، قائلاً: للأسف البعض ينظرون لدحض الاستقلال، و يذكرون الاستقلال باعتباره عزلة أو قضية قليلة القيمة، و هذا خطأ مهم و خطير جداً.
و ألمح سماحته إلى اعتقاد الإمام الخميني الراسخ بالاستقلال و رفض الخضوع للهيمنة، معتبراً الكثير من نشاطات العدو مثل التهديدات و الحظر هي من أجل المساس بهذا المبدأ، و أضاف قائلاً: يستهدف العدو استقلال البلاد، و على الجميع التحلي باليقظة و الوعي و معرفة أهداف العدو.
و كان المبدأ الأخير من مبادئ مدرسة الإمام الخميني (رحمه الله) الذي أكد عليه السيد القائد الخامنئي في كلمته هو الوحدة الوطنية و مواجهة مؤامرات العدو الرامية إلى بث الفرقة.
و شدد سماحته على أن إثارة الفرقة و النزاعات المذهبية و القومية من السياسات الأكيدة للعدو مردفاً: إمامنا الخميني الجليل و منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية اعتمد اعتماداً منقطع النظير على الوحدة الوطنية و اتحاد كل أبناء الشعب من أجل مجابهة هذه المؤامرة.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى استمرار سياسة بث التفرقة و الخلافات معتبراً إياها من السياسات الرئيسية للاستكبار و أمريكا في العالم الإسلامي، و تابع يقول: في مقابل هذه المؤامرة فإن نظرة الجمهورية الإسلامية نظرة بناء أمة و في سياق تحقق الأمة الإسلامية، و على هذا الأساس كان لإيران مع الإخوة الفلسطينيين السنة نفس العلاقات التي تربطها بالإخوة الشيعة في حزب الله.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي إثارة مشروع «الهلال الشيعي» من قبل عملاء أمريكا الآتین بالدرجة الثانیة من الأهمیة، و كذلك مماشاة أمريكا للتيارات الإرهابية في العراق و سورية نظير داعش أو مساعدتهم، من جملة الشواهد على سياسة التفرقة الطائفية التي يعتمدها الاستكبار، مردفاً: على الجميع سواء كانوا سنة أو شيعة أن يتنبهوا و يحذروا من الوقوع في لعبة العدو.
و أكد سماحته قائلاً: ذلك التسنن الذي يحظى بدعم أمريكا و ذلك التشيع الذي يصدر عن لندن كلاهما أخ للشيطان و عميل للاستكبار و الغرب.
و من نفس هذه الزاوية اعتبر قائد الثورة الإسلامية اختيار شعار هذه السنة أي التعاطف و وحدة الكلمة و التأكيد عليه خطوة على صعيد مواجهة مؤامرة العدو الرامية إلى التفرقة مضيفاً: العدو يهدد أساس وجود الإسلام، و على جميع القوميات و المذاهب أن تتكاتف و تشكل يداً واحدة لكي لا تسمح للعدو بالتغلغل إلى العالم الإسلامي الواسع.
ملخصاً هذا الجانب من كلمته اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي هذه المبادئ الأساسية ركيزة جاذبية الإمام الخميني (رحمه الله) و تنفیره مضيفاً: مبادئ الإمام الخميني لا تنحصر في هذه النقاط، و بوسع الباحثين و الخبراء أن يحققوا في هذا الشأن، و لكن لا ينبغي لأحد أن ينسب للإمام الخميني (رحمه الله) ما يستسيغه هو، إنما يجب أن تكون التصريحات على أساس المبادئ المتكررة بشكل مستمر في المصادر الخاصة بالإمام الخميني.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية في الجانب الأخير من كلمته إلى واقع مهم مؤكداً: ليعلم الجميع أن هدف العدو هو العودة إلى حقبة هيمنته غير المقيدة أو المشروطة على هذا البلد، و ما عبوسه و ابتساماته و وعوده و تهديداته إلّا من أجل تحقيق هذا الهدف.
و عدّ سماحته أساس معارضة العدو للإسلام نابعاً من معارضة الإسلام لعودة هذه الهيمنة ملفتاً: العدو يعارض الإسلام لأن الإسلام هو القوة المقاومة حيال هذه المؤامرة، و هم يعارضون الشعب الإيراني أيضاً لأن الشعب واقف بوجههم كالجبل الأشم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تصريحات أحد الساسة الأمريكان القدماء بأن الجماعات الإرهابية التكفيرية غير مهمة بالنسبة للغرب، إنما ينبغي للغرب أن يعتبر إيران عدوّه لأنها تسعى لتأسيس حضارة إسلامية عظيمة، مضيفاً: هذه السياسة تدل على أهمية و ضرورة بناء أمة في العالم الإسلامي، و على الجميع أن يعلموا بأن العدو يبذل كل مساعيه للحيلولة دون مسيرة الشعب الإيراني الإسلامية و تقدمه و رقيه.
و أكد سماحته: من بین أبناء الشعب یعارض العدو أكثر من يقاوموه أكثر، فهو يعارض العناصر المتدينة و الحزب اللهية و المؤسسات و الأجهزة الثورية أكثر لأنه يعلم أن هذه العناصر بمثابة سدود رصينة و قوية مقابل نفوذه.
قبيل كلمة قائد الثورة الإسلامية تحدث في هذه المراسم حجة الإسلام و المسلمين السيد حسن الخميني حفيد الإمام الخميني مرحباً بزوار مرقد مؤسس الثورة الإسلامية الكبير، و أشار إلى الأحداث في العراق و سورية و اليمن و البحرين موضحاً أن الرجعيين قد أثاروا الاضطرابات و القلاقل في المنطقة، و أضاف قائلاً: المجتمع الإسلامي مقبل على أحداث جد مريرة و مسببو هذه الأحداث هم الطافحون بالبغضاء و الحقد على الإسلام.
و أضاف سادن المرقد الطاهر للإمام الخميني الراحل (رحمه الله): جماعة عنيفة تستهدف كل الحضارة الإسلامية باسم الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و الدين الإسلامي، فيرتكبون المذابح الجماعیة ضد البشر، و يطلقون بدعم من الأجانب و الصهاينة أجواء سيئة ضد الإسلام.
و أكد حجة الإسلام و المسلمين السيد حسن الخميني على أن إيران هي بلد الإمام الخميني (رحمه الله) و قد جرّب العالم كله شعب إيران، مضيفاً: لو نظر أحد نظراً شزراً سيئاً لإيران فإن الشعب و في ظل القائد العام للقوات المسلحة لن يسمح بأيّ اعتداء على هذا البلد، و سيدافع عن وحدة أراضيه و استقلاله.