استقبل سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية صباح يوم الخميس 04/09/2014 م أعضاء مجلس خبراء القيادة، و قدم تحليلاً شاملاً للظروف العالمية و الإقليمية و لظروف البلاد، و تحدث عن مؤشرات تكوين نظام جديد في العالم، و الأسباب الرئيسية لتزلزل الأركان الفكرية و العملية للهيمنة الغربية و النظام العالمي الحالي، و أكد قائلاً: الواجب الأهم في هذه الفترة الحساسة هو مضاعفة اقتدار البلد للتأثير في عملية تكون نظام عالمي جديد و ممارسة دور فیه، و مضاعفة الاقتدار هذه تقوم على ثلاث ركائز أصلية هي «العلم و التقانة» و «الاقتصاد» و «الثقافة».
و لفت قائد الثورة الإسلامية كذلك: الوحدة و التعاطف حاجة أساسية في البلاد، و من واجب الجميع دعم الحكومة و الأجهزة التنفيذية.
في بداية كلمته في هذا اللقاء أثنى الإمام السيد علي الخامنئي على الشخصية الجليلة لآية الله الشيخ مهدوي كني رئيس مجلس خبراء القيادة و دعا لشفائه العاجل، و حيّی ذكرى نواب مجلس خبراء القيادة الذين وافاهم الأجل في الأشهر الأخيرة داعياً الجميع إلى الانتفاع من بركات شهر ذي القعدة باعتباره شهر التوبة و العودة إلى الله تعالى.
ثم عرض قائد الثورة الإسلامية تحليلاً شاملاً للظروف الراهنة في العالم و المنطقة و البلاد قائلاً: التحولات الراهنة تنمّ عن تغيير النظام العالمي الذي استمر لسبعين سنة و الذي أرساه الغربيون من الأوربيين و الأمريكان، و تكوين نظام جديد.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الركنين «الفكري و القيمي» و «العسكري و السياسي» للنظام الذي استمر مدة سبعين سنة في العالم مردفاً: التطورات التي شهدها العالم و المنطقة في الأعوام الأخيرة تدل بوضوح على أن كلا هذين الركنين من أركان الاقتدار الغربي قد تزلزل و تضعضع بجد.
و أشار سماحته إلى الركن الفكري و القيمي للنظام الغربي قائلاً: طرح الغربيون طوال أعوام متمادية شعارات جذابة و خادعة مثل «الحرية» و «الديمقراطية» و «حقوق الإنسان» و «الدفاع عن الإنسان» محاولين إثبات تفوق نظامهم قيمياً على سائر مناطق العالم و الأديان المختلفة، و خصوصاً الدين الإسلامي، و للأسف فإن بعض الأفراد و الشخصيات و الحكومات في العالم الإسلامي تأثّرت بهذه الشعارات و راحت تعتقد بتفوق القيم التي يتشدق بها الغرب، و لا يزال لهذا الفكر أنصاره.
و قال قائد الثورة الإسلامية حول الركن السياسي و العسكري للحضارة الغربية: عندما لا تتأثر بعض الشعوب و الحكومات و التيارات بالنظام القيمي الذي يدّعيه الغرب و تقف في وجهه، فإنهم يتعاملون معهم عن طريق الضغوط السياسية و العسكرية، و قد كانت هناك حالات متعددة لهذه الضغوط في بلدان عدة بما في ذلك إيران.
و أضاف آية الله العظمى الإمام الخامنئي: لقد عمل النظام الغربي باستخدام أجهزته الإعلامية التي تطورت و تحدثت يوماً بعد يوم على عرض هذين الركنين الأصليين على الشعوب و التفاخر بهما، و حاول إقناع أصحاب الأفكار و المستنيرين و الشعوب بأن النظام القيمي الغربي هو أفضل النظم في العالم.
و أشار سماحته إلى تزعزع كلا ركني النظام العالمي الغربي في الظروف الراهنة، و تطرّق إلى عوامل و أسباب تزعزع المباني الفكرية و القيمية أو الهيمنة المعنوية للغرب قائلاً: الأزمة الأخلاقية المتصاعدة في الغرب، من قبيل شياع العبثية و العدمية، و انعدام الأمن الروحي خصوصاً بين الشباب، و تضعضع أسس العائلة، و التوجهات الخاطئة بخصوص موضوع المرأة، و الأزمة الجدية التي تواجه الحركة النسوية، و تحول منكرات من قبيل المثلية الجنسية إلى قيم إيجابية و تحول معارضة المنكرات إلى قيم سلبية، هو العامل الأول الذي يتحدى المباني الفكرية و القيمية للنظام الغربي.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية الميول المتزايدة نحو الدين و خصوصاً الإسلام و الاهتمام بالقرآن الكريم في الغرب العامل الثاني الذي يتحدى المباني الفكرية و القيمية الغربية، و أشار إلى بروز تعارضات عملية في الشعارات التي يتشدق بها الغرب، مردفاً: تبجّح الغرب دوماً بالحرية و حقوق الإنسان و الديمقراطية، لكنه نقض هذه الشعارات عملياً إلى درجة أن طرح هذه الشعارات من قبل الغرب اليوم تحول إلى عملية مستهجنة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الإحصائيات العجيبة لدعم الغرب للانقلابات ضد الحكومات المستقلة ملفتاً: وفقاً لبعض التقارير فقد عملت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية على الإطاحة بخمسين حكومة و معارضة العشرات من تيارات المقاومة الشعبية.
و عدّ سماحته استخدام أمريكا للقنبلة النووية و قتل مائتي ألف إنسان في اليابان و إقامة سجون غوانتانامو و أبي غريب و عشرات السجون السرية في أوربا من النماذج الأخرى على التعارض بين الشعارات الغربية الخادعة و ممارسات الغربيين العملية، قائلاً: استخدام القوة و العنف و القمع، و من ذلك فرض الحظر على الشعوب و الحكومات المعارضة للهيمنة الغربية، و اللجوء إلى الاغتيالات و إطلاق تيارات إرهابية و الهجمات العسكرية خصوصاً على العراق و أفغانستان، و الهجمات المتكررة على باكستان، هو العامل الرابع لتضعضع المباني الفكرية و القيمية للنظام الغربي.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن العامل الخامس و الأخير على تحدي القيم و الشعارات التي يدعيها الغربيون هو صناعة تيارات نظير القاعدة و داعش مردفاً: مع أن الغربيين و خصوصاً الأمريكان يزعمون أن هذه التيارات لا علاقتها لها بهم لكن الشواهد المختلفة لا تدع مجالاً للشك في أن هذه التيارات صنعت من قبل القوى الغربية و عملائها في المنطقة.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: هذه العوامل تخلق تحديات شديدة للنظام القيمي الغربي الذي يزعم لنفسه التفوق و الأفضلية، إذ لم يعد أحد يتقبل شعاراتهم بخصوص مناصرة حقوق الإنسان و الديمقراطية و الحرية.
بعد ذلك انتقل سماحته إلى عرض عوامل تحدي الركن العسكري و السياسي في اقتدار الغرب، فقال: العامل الأهم في ضعضعة هذه الاقتدار هو إقامة نظام على أساس الفكر الإسلامي و الحركة الثورية في إيران، و هي من المناطق التي كانت خاضعة لنفوذ أمريكي شديد و کامل، و هذا النظام لا فقط لم يندحر أمام الهجمات السياسية و العسكرية و الأمنية و الاقتصادية المتنوعة للغرب، بل و أصبح اليوم أكثر اقتداراً مما مضى.
و وصف قائد الثورة الإسلامية نظام الجمهورية الإسلامية بأنه نظام مقتدر و في الوقت نفسه مظلوم، مردفاً: صمود الشعب الإيراني في ملحمة الدفاع المقدس لمدة ثمانية أعوام ليس بالأمر الصغير، لأنه أثبت أن القدرات العسكرية و الأمنية للقوى المهيمنة عاجزة عن زعزعة صمود الشعب.
و اعتبر الإمام السيد علي الخامنئي أحداث المنطقة بما في ذلك حرب الثلاثة و ثلاثين يوماً في لبنان، و حرب الإثنين و عشرين يوماً و حرب الأيام الثمانية في غزة و حرب الخمسين يوماً الأخيرة في غزة من الأمور المؤثرة في تضعضع الاقتدار العسكري و السياسي للغرب مؤكداً: كانت الحرب الأخيرة في غزة نموذجاً معجزاً لأن صمود الشعب في منطقة صغيرة و محدودة أدّى إلى تركيع الكيان الصهيوني الذي يعدّ رمز القوة الغربية في المنطقة، و لم يقبل أهالي غزة وقف إطلاق النار الذي أصرّ عليه الكيان الصهيوني، إلى حين تحقيق شروطهم.
و أشار سماحته إلى آراء بعض الأفراد من ذوي النفوذ في الغرب بشأن أن الخيار العسكري لم يعد خياراً ذا قيمة و ذا جدوى للغربيين، و أردف قائلاً: معنى هذا الكلام هو أن القدرات العسكرية و الأمنية للغرب معرّضة لتحديات كبيرة و حقيقية.
و بعد عرضه لعوامل تضعضع مباني الاقتدار و الهيمنة الغربيين، قال سماحة السيد الخامنئي: كل هذه العوامل و الدلائل تشير إلى أن النظام العالمي الحالي لا يمكنه الاستمرار و ثمة نظام جديد آخذ بالتكوّن و التشكل، بيد أن السؤال الأساسي هو: ما هو واجبنا نحن في هذه البرهة الحساسة من الزمن؟
و نوّه آية الله العظمى السيد الخامنئي في معرض إجابته عن هذا السؤال إلى نقطتين: النقطة الأولى هي أننا يجب أن ندرك حقائق العالم و المنطقة بصورة صحيحة و نتجنّب التحليلات الخاطئة و المقلوبة.
و أضاف آية الله العظمى السيد علي الخامنئي يقول: يعتقد بعض الأفراد في المنطقة و حتى في بلادنا أنه ليس لنا أمام الغرب سوى طريق واحد هو الاستسلام! و إذا لم نستسلم برضانا و إرادتنا فإنهم سوف يفرضون علينا الاستسلام بضغوط الحظر السياسي و الاقتصادي و بالقوة العسكرية.
و أكد سماحته قائلاً: هذا التحليل خاطئ و خطير، لأن حقائق العالم و المنطقة تدل على تزلزل جاد في مباني اقتدار الغرب، لذلك يجب إدراك الواقع بصورة صحيحة حتى لا نقع في تحليلات خاطئة.
النقطة الثانية التي أشار لها قائد الثورة الإسلامية كواجب في الظروف الراهنة هي الجاهزية لممارسة دور في النظام العالمي الجديد عن طريق تقوية البلاد.
و اعتبر آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أن من لوازم تقوية البلاد استخدام كل الإمكانيات الداخلية و الخارجية، و أضاف قائلاً: أنصار نظام الجمهورية الإسلامية في المنطقة هم عمقنا الاستراتيجي، مضافاً إلى أن لنا في أمريكا اللاتينية و أجزاء مهمة من آسيا عمقاً استراتيجياً ينبغي الاستفادة منه بصورة صحيحة.
و عدّ سماحته «العلم و التقانة» و «الاقتصاد» و «الثقافة» العناصر المفتاحية الثلاثة لمضاعفة اقتدار البلاد مردفاً: على الحكومة و المسؤولين و المتنفذين في البلاد أن ينشطوا في كل واحد من هذه الجوانب الثلاثة و يمهّدوا بعملهم الدؤوب و متابعاتهم المستمرة الأرضية لتقوية البلاد و تعزيزها أكثر فأكثر.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن قضية السكان و زيادة الجيل الشاب من العوامل المهمة جداً في الاقتدار الوطني، و لفت في ما يخص القضية الثقافية: «الثقافة» من بين العناصر المفتاحية الثلاثة لزيادة اقتدار البلاد هي العنصر الأهم، لأنها ذات صلة بمعتقدات الناس و قناعاتهم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الاستثمارات الواسعة لوسائل الإعلام الغربية من أجل التأثير على معتقدات الناس و قناعاتهم، مردفاً: المضاد لهذا النشاط هو إعداد مشاريع تبيينية و إقناعية بخصوص المعتقدات، و دور علماء الدين و الخطباء و المؤسسات الثقافية و الإعلامية و وسائل الإعلام و خصوصاً الإذاعة و التلفزيون بالغ الأهمية في تعميق المعتقدات و القناعات الدينية للناس.
و في هذا الخصوص اعتبر سماحته تواصل علماء الدين مع أفراد المجتمع عاملاً منقطع النظير، و أضاف في ما يتعلق بأهمية الوحدة و التعاطف في الظروف الراهنة: رغم وجود اختلافات في الأذواق بخصوص القضايا السياسية بيد أن هذا الشيء يجب أن لا ينال من وحدة البلاد و تعاطف أبنائها.
و شدّد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الدعم الشامل للمسؤولين ملفتاً: بلطف من الله فإن كل المسؤولين في الحكومة و السلطة القضائية و سائر الأجهزة يعملون و يجدّون، و قد أنجزت الحكومة المحترمة خلال السنة الماضية الكثير من الأعمال و حققت نجاحات كثيرة.
و أكد آية الله العظمى الإمام الخامنئي على أن المهام التنفيذية و إدارة البلاد عملية صعبة قائلاً: دعم الحكومة و الإجهزة التنفيذية من واجب الجميع.
و أضاف سماحته قائلاً: طبعاً هذا لا يعني عدم النقد و عدم طرح نقاط الضعف في الخطط و السياسات التنفيذية، و لكن يجب أن لا تكون هذه النقود تخريبية.
و أكد قائد الثورة الإسلامية في ختام حديثه: كما قلت مراراً فإن الأفق مشرق جداً و مستقبل البلاد سيكون أفضل من كل النواحي.
في بداية هذا اللقاء تحدث آية الله السيد هاشمي شاهرودي النائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة فأشار إلى الاقتدار المتزايد للنظام الإسلامي، و اعتبر انتصارات المقاومة في فلسطين و العراق و سورية و لبنان من بركات نظام الجمهورية الإسلامية، مضيفاً: لم يكن الإمام الخميني (رحمه الله) مجرد مؤسس للجمهورية الإسلامية في بلد من البلدان، بل كان مصدر تحول عظيم في العالم الإسلامي.
و أشار نائب رئيس مجلس خبراء القيادة إلى أعمال الأعداء الرامية لتخريب و تحريف الحركات الإسلامية مطالباً ببرمجة دقيقة للتغلب على أخاديع الأعداء.
كما تحدث في هذا اللقاء آية الله الشيخ يزدي النائب الثاني لرئيس مجلس خبراء القيادة مقدماً تقريراً عن الاجتماع الدوري لمجلس خبراء القيادة الذي استمر لمدة يومين.
و أوضح آية الله يزدي أن قضية الثقافة و ضرورة الاهتمام بالشؤون الثقافية للبلاد أكثر، و أهمية إيقاف السياسات السكانية الماضية، و اهتمام الحكومة بالنمو الاقتصادي و ضرورة خروج البلاد من حالة الركود، و التشديد على تحقيق الاقتصاد المقاوم، كانت من أهم المحاور التي تناولها أعضاء مجلس خبراء القيادة في كلمات و نقاشاتهم في اجتماعهم الأخير.
و لفت قائد الثورة الإسلامية كذلك: الوحدة و التعاطف حاجة أساسية في البلاد، و من واجب الجميع دعم الحكومة و الأجهزة التنفيذية.
في بداية كلمته في هذا اللقاء أثنى الإمام السيد علي الخامنئي على الشخصية الجليلة لآية الله الشيخ مهدوي كني رئيس مجلس خبراء القيادة و دعا لشفائه العاجل، و حيّی ذكرى نواب مجلس خبراء القيادة الذين وافاهم الأجل في الأشهر الأخيرة داعياً الجميع إلى الانتفاع من بركات شهر ذي القعدة باعتباره شهر التوبة و العودة إلى الله تعالى.
ثم عرض قائد الثورة الإسلامية تحليلاً شاملاً للظروف الراهنة في العالم و المنطقة و البلاد قائلاً: التحولات الراهنة تنمّ عن تغيير النظام العالمي الذي استمر لسبعين سنة و الذي أرساه الغربيون من الأوربيين و الأمريكان، و تكوين نظام جديد.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الركنين «الفكري و القيمي» و «العسكري و السياسي» للنظام الذي استمر مدة سبعين سنة في العالم مردفاً: التطورات التي شهدها العالم و المنطقة في الأعوام الأخيرة تدل بوضوح على أن كلا هذين الركنين من أركان الاقتدار الغربي قد تزلزل و تضعضع بجد.
و أشار سماحته إلى الركن الفكري و القيمي للنظام الغربي قائلاً: طرح الغربيون طوال أعوام متمادية شعارات جذابة و خادعة مثل «الحرية» و «الديمقراطية» و «حقوق الإنسان» و «الدفاع عن الإنسان» محاولين إثبات تفوق نظامهم قيمياً على سائر مناطق العالم و الأديان المختلفة، و خصوصاً الدين الإسلامي، و للأسف فإن بعض الأفراد و الشخصيات و الحكومات في العالم الإسلامي تأثّرت بهذه الشعارات و راحت تعتقد بتفوق القيم التي يتشدق بها الغرب، و لا يزال لهذا الفكر أنصاره.
و قال قائد الثورة الإسلامية حول الركن السياسي و العسكري للحضارة الغربية: عندما لا تتأثر بعض الشعوب و الحكومات و التيارات بالنظام القيمي الذي يدّعيه الغرب و تقف في وجهه، فإنهم يتعاملون معهم عن طريق الضغوط السياسية و العسكرية، و قد كانت هناك حالات متعددة لهذه الضغوط في بلدان عدة بما في ذلك إيران.
و أضاف آية الله العظمى الإمام الخامنئي: لقد عمل النظام الغربي باستخدام أجهزته الإعلامية التي تطورت و تحدثت يوماً بعد يوم على عرض هذين الركنين الأصليين على الشعوب و التفاخر بهما، و حاول إقناع أصحاب الأفكار و المستنيرين و الشعوب بأن النظام القيمي الغربي هو أفضل النظم في العالم.
و أشار سماحته إلى تزعزع كلا ركني النظام العالمي الغربي في الظروف الراهنة، و تطرّق إلى عوامل و أسباب تزعزع المباني الفكرية و القيمية أو الهيمنة المعنوية للغرب قائلاً: الأزمة الأخلاقية المتصاعدة في الغرب، من قبيل شياع العبثية و العدمية، و انعدام الأمن الروحي خصوصاً بين الشباب، و تضعضع أسس العائلة، و التوجهات الخاطئة بخصوص موضوع المرأة، و الأزمة الجدية التي تواجه الحركة النسوية، و تحول منكرات من قبيل المثلية الجنسية إلى قيم إيجابية و تحول معارضة المنكرات إلى قيم سلبية، هو العامل الأول الذي يتحدى المباني الفكرية و القيمية للنظام الغربي.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية الميول المتزايدة نحو الدين و خصوصاً الإسلام و الاهتمام بالقرآن الكريم في الغرب العامل الثاني الذي يتحدى المباني الفكرية و القيمية الغربية، و أشار إلى بروز تعارضات عملية في الشعارات التي يتشدق بها الغرب، مردفاً: تبجّح الغرب دوماً بالحرية و حقوق الإنسان و الديمقراطية، لكنه نقض هذه الشعارات عملياً إلى درجة أن طرح هذه الشعارات من قبل الغرب اليوم تحول إلى عملية مستهجنة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الإحصائيات العجيبة لدعم الغرب للانقلابات ضد الحكومات المستقلة ملفتاً: وفقاً لبعض التقارير فقد عملت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية على الإطاحة بخمسين حكومة و معارضة العشرات من تيارات المقاومة الشعبية.
و عدّ سماحته استخدام أمريكا للقنبلة النووية و قتل مائتي ألف إنسان في اليابان و إقامة سجون غوانتانامو و أبي غريب و عشرات السجون السرية في أوربا من النماذج الأخرى على التعارض بين الشعارات الغربية الخادعة و ممارسات الغربيين العملية، قائلاً: استخدام القوة و العنف و القمع، و من ذلك فرض الحظر على الشعوب و الحكومات المعارضة للهيمنة الغربية، و اللجوء إلى الاغتيالات و إطلاق تيارات إرهابية و الهجمات العسكرية خصوصاً على العراق و أفغانستان، و الهجمات المتكررة على باكستان، هو العامل الرابع لتضعضع المباني الفكرية و القيمية للنظام الغربي.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن العامل الخامس و الأخير على تحدي القيم و الشعارات التي يدعيها الغربيون هو صناعة تيارات نظير القاعدة و داعش مردفاً: مع أن الغربيين و خصوصاً الأمريكان يزعمون أن هذه التيارات لا علاقتها لها بهم لكن الشواهد المختلفة لا تدع مجالاً للشك في أن هذه التيارات صنعت من قبل القوى الغربية و عملائها في المنطقة.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: هذه العوامل تخلق تحديات شديدة للنظام القيمي الغربي الذي يزعم لنفسه التفوق و الأفضلية، إذ لم يعد أحد يتقبل شعاراتهم بخصوص مناصرة حقوق الإنسان و الديمقراطية و الحرية.
بعد ذلك انتقل سماحته إلى عرض عوامل تحدي الركن العسكري و السياسي في اقتدار الغرب، فقال: العامل الأهم في ضعضعة هذه الاقتدار هو إقامة نظام على أساس الفكر الإسلامي و الحركة الثورية في إيران، و هي من المناطق التي كانت خاضعة لنفوذ أمريكي شديد و کامل، و هذا النظام لا فقط لم يندحر أمام الهجمات السياسية و العسكرية و الأمنية و الاقتصادية المتنوعة للغرب، بل و أصبح اليوم أكثر اقتداراً مما مضى.
و وصف قائد الثورة الإسلامية نظام الجمهورية الإسلامية بأنه نظام مقتدر و في الوقت نفسه مظلوم، مردفاً: صمود الشعب الإيراني في ملحمة الدفاع المقدس لمدة ثمانية أعوام ليس بالأمر الصغير، لأنه أثبت أن القدرات العسكرية و الأمنية للقوى المهيمنة عاجزة عن زعزعة صمود الشعب.
و اعتبر الإمام السيد علي الخامنئي أحداث المنطقة بما في ذلك حرب الثلاثة و ثلاثين يوماً في لبنان، و حرب الإثنين و عشرين يوماً و حرب الأيام الثمانية في غزة و حرب الخمسين يوماً الأخيرة في غزة من الأمور المؤثرة في تضعضع الاقتدار العسكري و السياسي للغرب مؤكداً: كانت الحرب الأخيرة في غزة نموذجاً معجزاً لأن صمود الشعب في منطقة صغيرة و محدودة أدّى إلى تركيع الكيان الصهيوني الذي يعدّ رمز القوة الغربية في المنطقة، و لم يقبل أهالي غزة وقف إطلاق النار الذي أصرّ عليه الكيان الصهيوني، إلى حين تحقيق شروطهم.
و أشار سماحته إلى آراء بعض الأفراد من ذوي النفوذ في الغرب بشأن أن الخيار العسكري لم يعد خياراً ذا قيمة و ذا جدوى للغربيين، و أردف قائلاً: معنى هذا الكلام هو أن القدرات العسكرية و الأمنية للغرب معرّضة لتحديات كبيرة و حقيقية.
و بعد عرضه لعوامل تضعضع مباني الاقتدار و الهيمنة الغربيين، قال سماحة السيد الخامنئي: كل هذه العوامل و الدلائل تشير إلى أن النظام العالمي الحالي لا يمكنه الاستمرار و ثمة نظام جديد آخذ بالتكوّن و التشكل، بيد أن السؤال الأساسي هو: ما هو واجبنا نحن في هذه البرهة الحساسة من الزمن؟
و نوّه آية الله العظمى السيد الخامنئي في معرض إجابته عن هذا السؤال إلى نقطتين: النقطة الأولى هي أننا يجب أن ندرك حقائق العالم و المنطقة بصورة صحيحة و نتجنّب التحليلات الخاطئة و المقلوبة.
و أضاف آية الله العظمى السيد علي الخامنئي يقول: يعتقد بعض الأفراد في المنطقة و حتى في بلادنا أنه ليس لنا أمام الغرب سوى طريق واحد هو الاستسلام! و إذا لم نستسلم برضانا و إرادتنا فإنهم سوف يفرضون علينا الاستسلام بضغوط الحظر السياسي و الاقتصادي و بالقوة العسكرية.
و أكد سماحته قائلاً: هذا التحليل خاطئ و خطير، لأن حقائق العالم و المنطقة تدل على تزلزل جاد في مباني اقتدار الغرب، لذلك يجب إدراك الواقع بصورة صحيحة حتى لا نقع في تحليلات خاطئة.
النقطة الثانية التي أشار لها قائد الثورة الإسلامية كواجب في الظروف الراهنة هي الجاهزية لممارسة دور في النظام العالمي الجديد عن طريق تقوية البلاد.
و اعتبر آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أن من لوازم تقوية البلاد استخدام كل الإمكانيات الداخلية و الخارجية، و أضاف قائلاً: أنصار نظام الجمهورية الإسلامية في المنطقة هم عمقنا الاستراتيجي، مضافاً إلى أن لنا في أمريكا اللاتينية و أجزاء مهمة من آسيا عمقاً استراتيجياً ينبغي الاستفادة منه بصورة صحيحة.
و عدّ سماحته «العلم و التقانة» و «الاقتصاد» و «الثقافة» العناصر المفتاحية الثلاثة لمضاعفة اقتدار البلاد مردفاً: على الحكومة و المسؤولين و المتنفذين في البلاد أن ينشطوا في كل واحد من هذه الجوانب الثلاثة و يمهّدوا بعملهم الدؤوب و متابعاتهم المستمرة الأرضية لتقوية البلاد و تعزيزها أكثر فأكثر.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن قضية السكان و زيادة الجيل الشاب من العوامل المهمة جداً في الاقتدار الوطني، و لفت في ما يخص القضية الثقافية: «الثقافة» من بين العناصر المفتاحية الثلاثة لزيادة اقتدار البلاد هي العنصر الأهم، لأنها ذات صلة بمعتقدات الناس و قناعاتهم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الاستثمارات الواسعة لوسائل الإعلام الغربية من أجل التأثير على معتقدات الناس و قناعاتهم، مردفاً: المضاد لهذا النشاط هو إعداد مشاريع تبيينية و إقناعية بخصوص المعتقدات، و دور علماء الدين و الخطباء و المؤسسات الثقافية و الإعلامية و وسائل الإعلام و خصوصاً الإذاعة و التلفزيون بالغ الأهمية في تعميق المعتقدات و القناعات الدينية للناس.
و في هذا الخصوص اعتبر سماحته تواصل علماء الدين مع أفراد المجتمع عاملاً منقطع النظير، و أضاف في ما يتعلق بأهمية الوحدة و التعاطف في الظروف الراهنة: رغم وجود اختلافات في الأذواق بخصوص القضايا السياسية بيد أن هذا الشيء يجب أن لا ينال من وحدة البلاد و تعاطف أبنائها.
و شدّد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الدعم الشامل للمسؤولين ملفتاً: بلطف من الله فإن كل المسؤولين في الحكومة و السلطة القضائية و سائر الأجهزة يعملون و يجدّون، و قد أنجزت الحكومة المحترمة خلال السنة الماضية الكثير من الأعمال و حققت نجاحات كثيرة.
و أكد آية الله العظمى الإمام الخامنئي على أن المهام التنفيذية و إدارة البلاد عملية صعبة قائلاً: دعم الحكومة و الإجهزة التنفيذية من واجب الجميع.
و أضاف سماحته قائلاً: طبعاً هذا لا يعني عدم النقد و عدم طرح نقاط الضعف في الخطط و السياسات التنفيذية، و لكن يجب أن لا تكون هذه النقود تخريبية.
و أكد قائد الثورة الإسلامية في ختام حديثه: كما قلت مراراً فإن الأفق مشرق جداً و مستقبل البلاد سيكون أفضل من كل النواحي.
في بداية هذا اللقاء تحدث آية الله السيد هاشمي شاهرودي النائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة فأشار إلى الاقتدار المتزايد للنظام الإسلامي، و اعتبر انتصارات المقاومة في فلسطين و العراق و سورية و لبنان من بركات نظام الجمهورية الإسلامية، مضيفاً: لم يكن الإمام الخميني (رحمه الله) مجرد مؤسس للجمهورية الإسلامية في بلد من البلدان، بل كان مصدر تحول عظيم في العالم الإسلامي.
و أشار نائب رئيس مجلس خبراء القيادة إلى أعمال الأعداء الرامية لتخريب و تحريف الحركات الإسلامية مطالباً ببرمجة دقيقة للتغلب على أخاديع الأعداء.
كما تحدث في هذا اللقاء آية الله الشيخ يزدي النائب الثاني لرئيس مجلس خبراء القيادة مقدماً تقريراً عن الاجتماع الدوري لمجلس خبراء القيادة الذي استمر لمدة يومين.
و أوضح آية الله يزدي أن قضية الثقافة و ضرورة الاهتمام بالشؤون الثقافية للبلاد أكثر، و أهمية إيقاف السياسات السكانية الماضية، و اهتمام الحكومة بالنمو الاقتصادي و ضرورة خروج البلاد من حالة الركود، و التشديد على تحقيق الاقتصاد المقاوم، كانت من أهم المحاور التي تناولها أعضاء مجلس خبراء القيادة في كلمات و نقاشاتهم في اجتماعهم الأخير.