التقى نحو ألف طالب جامعي من مختلف الجامعات و مراكز التعليم العالي في البلاد عصر يوم الأربعاء (23/07/2014 م) بآية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية لمدة ساعتين و نصف الساعة، و طرحوا أمامه هموم و مطالب و تصورات شريحة الطلبة الجامعيين، و استمعوا إلى كلمته و إجاباته الداعية إلى التدبّر في أولويات و قضايا المنطقة و البلاد.
و بعد استماعه لكلمات ممثلي التنظيمات و الجماعات الطلابية لمدة تسعين دقيقة، أثنى الإمام الخامنئي في كلمته على روح النشاط و الحيوية و المطالبة و التفكير و النقد، و في الوقت نفسه روح الشعور بالمسؤولية لدى المجتمع الطلابي، و تطرق لجذور و عوامل أحداث غزة مؤكداً: هذه الجرائم الخارجة عن حدود التصور، تمثل الحقيقة الذاتية لكيان قاتل للأطفال يتصف بصفات الذئاب، و علاجه الوحيد هو القضاء عليه و محوه، و طبعاً إلى ذلك الحين فإن المقاومة الفلسطينية الحاسمة و المسلحة و اتساعها إلى الضفة الغربية هي السبيل الوحيد لمواجهة هذا الكيان الوحشي. هذا بالإضافة إلى أن الدفاع الوقح لأمريكا و الغرب عن جرائم الصهاينة يجب أن تؤثر كتجربة مهمة في معرفتنا و نظرتنا للغرب و تعاملنا معه، و أن نفهم أن واقع أمريكا و حقيقتها هي هذه، و سيعلن شعب إيران في يوم القدس العالمي بهتافاته العظيمة عن دعمه و معونته و نصرته للمظلوم و عدائه للظالم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى المصائب التي تنزل بأهالي غزة المظلومين مضيفاً: هذه الأحداث مظهر لسياسة العنف العلني و القبضة الحديدية التي نفذها هذا الكيان الزائف و غير الشرعي مراراً و تكراراً طوال عمره الممتد على مدى 66 عاماً، و افتخر بها بكل وقاحة.
و أكد سماحته قائلاً: كما قال الإمام الخميني فإن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود، و طبعاً زوال إسرائيل باعتباره سبيل العلاج الواقعي الوحيد، لا يعني القضاء على اليهود في هذه المنطقة، إنما يوجد لهذه العملية المنطقية آلية عملية عرضتها الجمهورية الإسلامية في المحافل و الأوساط الدولية.
و أضاف سماحته قائلاً: على أساس هذه الآلية التي تستسيغها الشعوب، يشارك الأهالي الذين يعيشون في هذه المنطقة و الذين يعتبرون أهلها و أصحابها في استفتاء يختارون من خلاله نظام الحكم الذي يريدونه، و بهذا سيزول الكيان الصهيوني الغاصب الزائف.
و أردف قائد الثورة الإسلامية قائلاً: طبعاً إلى حين زوال هذا الكيان القاسي القاتل بعون الله، يبقى التعامل المقتدر و المقاومة الحاسمة المسلحة السبيل الوحيد لعلاج هذا الكيان المدمّر.
و لفت سماحته قائلاً: لا يتصور أحد أنه لو لم تكن صواريخ غزة لتنازل الكيان الصهيوني، ففي الضفة الغربية لا توجد صواريخ و بنادق و السلاح الوحيد بأيدي الشعب هو الحجارة، لكن هذا الكيان لا يكفّ مع ذلك عن تقتيل الناس و إذلالهم هناك.
و ذكّر قائد الثورة الإسلامية بإهانة ياسر عرفات و دسّ السم له من قبل الصهاينة مردفاً: المحتلون لا يتحرّجون حتى مع المستسلمين لهم، و لا يوجد احتمال لتنازلهم إلّا في حال التعامل المقتدر من قبل الفلسطينيين معهم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى مساعي الصهاينة لتحقيق وقف إطلاق نار مضيفاً: الكيان الذي يرتكب الجرائم خارج حدود تفكير البشر و تصورهم صار بائساً بسبب المقاومة المقتدرة للفلسطينيين، و راح يبحث عن مخرج و حل، و هذا يثبت بأن الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: في ضوء هذه الحقائق نعتقد أن الضفة الغربية أيضاً يجب أن تتسلح مثل غزة، و الذين يحبّون مصير فلسطين يجب أن ينشطوا في هذا المجال، حتى تقل آلام الشعب الفلسطيني و محنهم في ظل أياديهم المقتدرة و ضعف العدو الصهيوني.
و اعتبر سماحته الدعم السياسي لأهالي غزة واجباً على كل الشعوب المسلمة و غير المسلمة، و ألمح إلى إعلان الشعوب كراهيتها لكيان الإسرائيلي الوحشي مؤكداً: سوف يرى العالم إن شاء الله الغضب الهائل للشعب الإيراني في يوم القدس إن شاء الله، و سوف يثبت شعب إيران بأن دوافع دعم فلسطين لا تزال قوية و موّاجة في هذه الأرض الإسلامية.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى شعار «لا غزة و لا لبنان» الذي رفعه أرباب الفتنة، موضحاً: أراد البعض بهذا الشعار أن يقلبوا حقيقة الشعب الإيراني، لكن الشعب لم يسمح بذلك، و سوف يثبت مرة أخرى في يوم الجمعة بأنه سیبقى دوماً عوناً للمظلوم و خصماً للظالم.
و انتقد قائد الثورة الإسلامية بشدة الدعم و الدفاع المخزي للمستكبرين و على رأسهم أمريكا عن الفجائع و العنف الخارج عن حدود الوصف الذي يرتكبه الصهاينة، مضيفاً: أحداث غزة مؤلمة و باعثة على الغم و الحزن، بيد أن الأهم من ذلك هو أنه يجب بنظرة أعمق لأحداث غزة الجارية دراسة و تحليل سلوكيات طلاب الهيمنة في هذه الأحداث.
و لفت سماحته في هذا الصدد يقول: بضع دول غربية و خصوصاً أمريكا و بريطانيا الخبيثة يدافعون بكل صراحة عن جرائم لا يقبلها حتى أي إنسان عادي، و يقول رئيس جمهورية أمريكا مقابل كل هذا التقتيل للأطفال و التدمير و المحن و التعذيب لأهالي غزة، و بمنطق يبعث على السخرية، إن من حق إسرائيل أن تدافع عن أمنها! و لكن أليس من حق الفلسطينيين الدفاع عن أمنهم و عن حياتهم؟
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: مسؤولو البلدان المستكبرة لا يفهمون أنهم بدفاعهم عن جرائم الصهاينة القذرين المخرّبين إنما يريقون ماء وجوههم و بلدانهم أمام الشعوب، و سيكون حكم التاريخ عليهم لتعاونهم مع ارتكاب هذه الفجائع قاسياً.
و بحث قائد الثورة الإسلامية في جذور و أسباب السلوك الوقح للغربيين قائلاً: الدفاع عن جرائم الصهاينة له جذوره في النظام الليبرالي الديمقراطي و في منطق يمتاز بأدنى مستويات القيم الأخلاقية، و لا يوجد فيه أي شعور بالإنسانية.
و قال سماحته ملخصاً هذا الجانب من حديثه: واقع الأمريكان، الذين لديهم تحدياتهم مع الجمهورية الإسلامية في قضايا مختلفة، هو هذا الذي نشاهده، و علينا أن نتعرّف على أمريكا أفضل من خلال هذه الأحداث، و ينبغي أن تترك هذه المعرفة باعتبارها تجربة مهمة أثرها في تعاملنا و سلوكنا مع أمريكا و نظرتنا لها، و يتحول ذلك إلى معيار لشعبنا و طلبتنا الجامعيين و مثقفينا و لنا جميعاً.
و لفت قائد الثورة الإسلامية قائلاً: سلوك طلاب الهيمنة حيال الظلم الذي يقع على المظلومين في غزة يثبت أنهم لا يؤمنون قيد أنملة بالإنسان و حقوق الإنسان و الإنسانية، و كل ما يقولونه حول الحرية و حقوق الإنسان هو استهزاء بالحرية و بحقوق الإنسان.
و أكد سماحته مرة أخرى: إننا لا نقول هذا الكلام من باب النصيحة للمسؤولين الأمريكان، إنما نقوله لأنفسنا لنعلم ما الذي يجب أن نفعله، و نفهم في آرائنا و تحليلاتنا من هم الذين نواجههم.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: الشعارات المعادية لأمريكا و للغرب و للاستكبار التي تسمع في البلاد ترتبط بحقيقة أمريكا و واقعها، و لكن البعض يتصورون عن خطأ بأن هذه الشعارات عمل متعصب و من دون منطق فكري. و أضاف قائد الثورة الإسلامية: النظرة المعادية لأمريكا و للغرب في إيران نظرة عقلانية و تستند إلى تجارب و حسابات صحيحة.
و أشار سماحته إلى كلامه في لقائه الأخير بمسؤولي الدولة قائلاً: كما قيل فإن الهدف الأساسي للعدو هو إيجاد اختلالات في أجهزة حساباتنا، لأن نظام الحسابات إذا اختل فإنه سوف يعطي نتائج خاطئة حتى لو كانت المعلومات الداخلة إليه صحيحة، و لن تنفعه التجارب في شيء.
و عدد آية الله العظمى السيد الخامنئي بعض تجارب الإيرانيين لسلوك الغرب معهم طوال العقود الماضية مردفاً: تولي رضا خان زمام الأمور في إيران بحكومته الدكتاتورية العجيبة، و احتلال إيران خلال عقد العشرينيات [الأربعينيات من القرن العشرين للميلاد]، و نهب المصالح النفطية، و انقلاب الثامن و العشرين من مرداد، و الدعم التام لدكتاتورية محمد رضا بهلوي، و ممارسة العراقيل ضد انتصار الثورة الإسلامية، و الدعم الشامل لصدام، و عشرات المؤامرات الأخرى، كلها تجارب ثمينة تجعل معرفة الشعب الإيراني لأمريكا معرفة واقعية و عميقة، لكن المثقفين التغريبيين و لأن أجهزة حساباتهم مختلة لا يستنتجون نتائج صحيحة حتى من هذه التجارب المريرة.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية إحياء العقلانية الصحيحة من أهم الخدمات التي قدمتها الثورة الإسلامية مضيفاً: بخلاف الشعب، تروم بعض الأيدي أن تسيطر نفس تلك التيارات التغريبية الذليلة على مقدرات البلاد مرة أخرى، و ينبغي الوقوف بوجه مثل هذه المحاولات، و هذا الوقوف صحيح و عقلاني تماماً.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية في الجانب الأول من حديثه لقاءه اليوم بالطلبة الجامعيين لقاء جيداً و مؤشراً على روح الإيمان و الحماس و المنطق و التحفز لدى الشباب في البلاد قائلاً: الآراء التي أعرب عنها اليوم ممثلو التنظيمات الطلابية في الجامعات تدل على وجود هذه الروح بين الطلبة الجامعيين.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: قد تكون بعض الآراء المطروحة غير منطقية، أو غير قابلة للتحقيق، أو غير صحيحة، و لكن الأهم من هذه التفاصيل وجود روح التوثب و الحيوية و المطالبة بين الطلبة الجامعيين، و هي مبعث ارتياح كبير.
و أكد سماحته قائلاً: الشاب الجامعي يجب أن يكون صاحب مطالب و تحفز و حيوية، و متواجداً في الساحة، و مشرفاً على قضايا البلاد، و بفضل من الله تتوفر هذه الروح بين طلبتنا الجامعيين في الوقت الحاضر.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: طبعاً روح المطالبة و النقد بين الطلبة الجامعيين يجب أن تكون مصحوبة بمراعاة الأخلاق و الإنصاف و الحدود الشرعية و تجنب قول أشياء لا يوجد علم و يقين بها.
و قال الإمام السيد علي الخامنئي مخاطباً الطلبة الجامعيين: أتمنى أن تبقى روح الشعور بالواجب و المطالبات و النقد بينكم إلى حين تتولون المسؤوليات في المستقبل كمدراء للبلاد، فإذا كان هذا فسوف فيه خلاص البلد و إنقاذه.
و ألمح سماحته إلى آراء بعض الطلبة الجامعيين بخصوص ضرورة توجيه التيار العلمي في البلاد نحو العملانية و التطبيق العملي و معالجة مشكلات المجتمع، مردفاً: الأعمال و المساعي العلمية في البلاد و في الجامعات اليوم أعمال حيوية و ناجحة و جديرة بالتقدير، لكن هذه المساعي العلمية يجب أن تكون مقدمة لحل مشكلات البلاد.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: نشر البحوث العلمية في المواقع العلمية المعتبرة عالمياً ممارسة علمية جديرة بالتقدير، لكن الهدف النهائي هو أن تختص الأعمال العلمية باحتياجات البلاد العملية.
و كان التواصل بين أساليب الإدارة الاقتصادية و ثقافة المجتمع من الآراء الأخرى للطلبة الجامعيين التي قال آية الله العظمى السيد الخامنئي عنها: إننا نوافق فكرة أن أسلوب الإدارة الاقتصادية قد یؤثر في التوجهات الثقافية، بيد أن القضية المهمة و الحيوية هي النظرة و التوجهات الثقافية التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار على كافة المستويات.
و استطرد سماحته قائلاً: في عقد السبعينيات [التسعينيات من القرن العشرين للميلاد] عندما كانت هناك اعتراضات على أسلوب الإدارة الاقتصادية، طرح موضوع الغزو الثقافي من قبل القيادة، و ذلك للأهمية البالغة لموضوع الثقافة و أصالته و أهمية الجانب الثقافي في كل المفاصل و الأطوار.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى آراء أحد الطلبة الجامعيين بخصوص فترة الخدمة العسكرية باعتبارها عقبة في طريق زواج الطلبة الجامعيين، منوّهاً: زواج الشباب موضوع مهم، و عدم الاكتراث له في المجتمع قد يكون له تبعات غير محمودة في المستقبل.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: سبيل حل مشكلة الجندية من أجل زواج الشباب ليس تقليل مدة الخدمة العسكرية و يجب العمل بأساليب أخرى، لكن الأهم من ذلك هو وجود الدوافع نحو الزواج لدى الشباب، و هي دوافع يجب أن لا تخفت و تقل.
و أبدى سماحته أسفه لارتفاع سن الزواج خصوصاً بين الفتيات، مؤكداً: يجب على الشباب و عوائلهم و مسؤولي الجامعات أن يفكروا بحلول لتوفير الظروف المساعدة على انتشار الزواج في البيئات الجامعية و الحيلولة دون ارتفاع سن الزواج.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن بعض التقاليد و المعتقدات الخاطئة من العقبات التي تعترض طريق زواج الشباب، مضيفاً: الشباب الذين يتحلون دوماً بروح المطالبة و اقتراح الأساليب الجديدة يجب أن يمهدوا الأرضية لزوال هذه التقاليد و المعتقدات الخاطئة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى البركات المعنوية و المادية لسنة الزواج الحسنة منوّهاً: يجب إطلاق حراك جاد في المجتمع لترويج الزواج بين الشباب و الطلبة الجامعيين.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإجابة عن سؤال أحد الطلبة الجامعيين الذي سأل: هل يجب للمواقف السياسية للأفراد و الطلبة الجامعيين و التنظيمات الطلابية أن تنطبق مع آراء القيادة؟
و قال سماحته في معرض الإجابة عن هذا السؤال: لا، ليس هذا التصور صحيحاً بأنه يجب أن تقتبس مواقف كل أبناء الشعب بما في ذلك الطلبة الجامعيين و هم من الشرائح الرائدة في المجتمع من آراء القيادة و تكون نسخة عنها.
و أضاف يقول: على الطالب الجامعي باعتباره إنساناً مسلماً و مؤمناً و صاحب أفكار أن تكون له تحليلاته برصده للساحة، و أن يتخذ مواقفه من الأشخاص و السياسات و التيارات و الحكومات على أساس تحليله هذا.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: يجب أن تكون التقوى المعيار الصحيح الوحيد في التحليل، أي عدم إشراك هوى النفس في الانحياز أو المعارضة و في التقدير أو النقد.
و استطرد سماحته يقول: يجب أن لا يسود التصور بأن على الجميع الانتظار لكي تعلن القيادة أولاً عن مواقفها حول شخص أو سياسة و يتخذ الباقون مواقفهم على أساس ذلك الموقف. و أكد قائد الثورة الإسلامية: هذا الأسلوب سيخلق طريقاً مسدوداً أمام الأعمال و الأمور.
و أضاف آية الله العظمى الإمام الخامنئي: للقيادة واجباتها التي ستنهض بها بتوفيق من الله، و لكن على الطلبة الجامعيين أيضاً واجبات ينبغي أن ينهضوا بها حسب معيار التقوى و بالنظر لظروف الساحة.
و لفت سماحته إلى نقطة أخرى قائلاً: طبعاً إذا أعلنت القيادة رأياً في مسألة من المسائل أو مجال من المجالات فقد يكون هذا الرأي مؤثراً في تشخيص الذين يحسنون الظن بالقيادة، لكن هذا لا يعني سقوط آراء الآخرين.
و شدّد قائد الثورة الإسلامية على أن من واجب الطلبة الجامعيين أن يهتموا لمختلف الموضوعات و يتابعوا الأمور بعيون مفتحة، مردفاً: الطلبة الجامعيون هم في الحقيقة صورة الضمير الحي للشعب، و مؤشر الميول العامة في المجتمع، لذلك ينبغي أن ينظروا لمختلف القضايا و الأمور بمنتهى الوعي و بعيون مفتوحة و بشعور بالواجب، و أن يتعرفوا بصورة جيدة على أجواء البلاد و المنطقة و التهديدات و الفرص و الأعداء و العداوات.
و قدم آية الله العظمى السيد الخامنئي في الجانب الأخير من كلمته عدة توصيات للطلبة الجامعيين.
التوصية الأولآ هي تعزيز مطالعاتهم الدينية و السياسية إلى جانب أعمالهم العلمية و رفع مستوى قدرتهم على التحليل. و دعا قائد الثورة الإسلامية الطلبة الجامعيين إلى التفكير في الأمور و القضايا، و أكد على تجنب النظرة العاطفية و السطحية للأمور، منوّهاً: الكثير من الموضوعات بما في ذلك الموضوعات التي تطرح من قبل الطلبة الجامعيين يجب أن يحدَّد وضعها و الموقف منها مسبقاً في كراسي التحرر الفكري التي تحدثنا عنها و في النقاشات الحرة بين الطلبة في الأوساط الجامعية.
و كانت التوصية الثانية التي قدمها قائد الثورة الإسلامية للطلبة الجامعيين تنافس الخطابات في البيئات الجامعية بمنطق قوي و بتحمّل الآراء المخالفة.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي: يجب عدم التعجب أو الخوف أو الغضب من التيار المخالف، إنما ينبغي عن طريق تعزيز الركائز و تمتين المواقف الخوض في تنافس الخطابات و تحمل الآراء المخالفة.
في بداية هذا اللقاء تحدث ستة من الطلبة الجامعيين من ممثلي التنظيمات و التجمعات الطلابية في الجامعات، معربین عن مواقف و آراء تنظيماتهم حول مختلف الشؤون الطلابية و الجامعية و العلمية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية.
و بعد استماعه لكلمات ممثلي التنظيمات و الجماعات الطلابية لمدة تسعين دقيقة، أثنى الإمام الخامنئي في كلمته على روح النشاط و الحيوية و المطالبة و التفكير و النقد، و في الوقت نفسه روح الشعور بالمسؤولية لدى المجتمع الطلابي، و تطرق لجذور و عوامل أحداث غزة مؤكداً: هذه الجرائم الخارجة عن حدود التصور، تمثل الحقيقة الذاتية لكيان قاتل للأطفال يتصف بصفات الذئاب، و علاجه الوحيد هو القضاء عليه و محوه، و طبعاً إلى ذلك الحين فإن المقاومة الفلسطينية الحاسمة و المسلحة و اتساعها إلى الضفة الغربية هي السبيل الوحيد لمواجهة هذا الكيان الوحشي. هذا بالإضافة إلى أن الدفاع الوقح لأمريكا و الغرب عن جرائم الصهاينة يجب أن تؤثر كتجربة مهمة في معرفتنا و نظرتنا للغرب و تعاملنا معه، و أن نفهم أن واقع أمريكا و حقيقتها هي هذه، و سيعلن شعب إيران في يوم القدس العالمي بهتافاته العظيمة عن دعمه و معونته و نصرته للمظلوم و عدائه للظالم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى المصائب التي تنزل بأهالي غزة المظلومين مضيفاً: هذه الأحداث مظهر لسياسة العنف العلني و القبضة الحديدية التي نفذها هذا الكيان الزائف و غير الشرعي مراراً و تكراراً طوال عمره الممتد على مدى 66 عاماً، و افتخر بها بكل وقاحة.
و أكد سماحته قائلاً: كما قال الإمام الخميني فإن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود، و طبعاً زوال إسرائيل باعتباره سبيل العلاج الواقعي الوحيد، لا يعني القضاء على اليهود في هذه المنطقة، إنما يوجد لهذه العملية المنطقية آلية عملية عرضتها الجمهورية الإسلامية في المحافل و الأوساط الدولية.
و أضاف سماحته قائلاً: على أساس هذه الآلية التي تستسيغها الشعوب، يشارك الأهالي الذين يعيشون في هذه المنطقة و الذين يعتبرون أهلها و أصحابها في استفتاء يختارون من خلاله نظام الحكم الذي يريدونه، و بهذا سيزول الكيان الصهيوني الغاصب الزائف.
و أردف قائد الثورة الإسلامية قائلاً: طبعاً إلى حين زوال هذا الكيان القاسي القاتل بعون الله، يبقى التعامل المقتدر و المقاومة الحاسمة المسلحة السبيل الوحيد لعلاج هذا الكيان المدمّر.
و لفت سماحته قائلاً: لا يتصور أحد أنه لو لم تكن صواريخ غزة لتنازل الكيان الصهيوني، ففي الضفة الغربية لا توجد صواريخ و بنادق و السلاح الوحيد بأيدي الشعب هو الحجارة، لكن هذا الكيان لا يكفّ مع ذلك عن تقتيل الناس و إذلالهم هناك.
و ذكّر قائد الثورة الإسلامية بإهانة ياسر عرفات و دسّ السم له من قبل الصهاينة مردفاً: المحتلون لا يتحرّجون حتى مع المستسلمين لهم، و لا يوجد احتمال لتنازلهم إلّا في حال التعامل المقتدر من قبل الفلسطينيين معهم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى مساعي الصهاينة لتحقيق وقف إطلاق نار مضيفاً: الكيان الذي يرتكب الجرائم خارج حدود تفكير البشر و تصورهم صار بائساً بسبب المقاومة المقتدرة للفلسطينيين، و راح يبحث عن مخرج و حل، و هذا يثبت بأن الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: في ضوء هذه الحقائق نعتقد أن الضفة الغربية أيضاً يجب أن تتسلح مثل غزة، و الذين يحبّون مصير فلسطين يجب أن ينشطوا في هذا المجال، حتى تقل آلام الشعب الفلسطيني و محنهم في ظل أياديهم المقتدرة و ضعف العدو الصهيوني.
و اعتبر سماحته الدعم السياسي لأهالي غزة واجباً على كل الشعوب المسلمة و غير المسلمة، و ألمح إلى إعلان الشعوب كراهيتها لكيان الإسرائيلي الوحشي مؤكداً: سوف يرى العالم إن شاء الله الغضب الهائل للشعب الإيراني في يوم القدس إن شاء الله، و سوف يثبت شعب إيران بأن دوافع دعم فلسطين لا تزال قوية و موّاجة في هذه الأرض الإسلامية.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى شعار «لا غزة و لا لبنان» الذي رفعه أرباب الفتنة، موضحاً: أراد البعض بهذا الشعار أن يقلبوا حقيقة الشعب الإيراني، لكن الشعب لم يسمح بذلك، و سوف يثبت مرة أخرى في يوم الجمعة بأنه سیبقى دوماً عوناً للمظلوم و خصماً للظالم.
و انتقد قائد الثورة الإسلامية بشدة الدعم و الدفاع المخزي للمستكبرين و على رأسهم أمريكا عن الفجائع و العنف الخارج عن حدود الوصف الذي يرتكبه الصهاينة، مضيفاً: أحداث غزة مؤلمة و باعثة على الغم و الحزن، بيد أن الأهم من ذلك هو أنه يجب بنظرة أعمق لأحداث غزة الجارية دراسة و تحليل سلوكيات طلاب الهيمنة في هذه الأحداث.
و لفت سماحته في هذا الصدد يقول: بضع دول غربية و خصوصاً أمريكا و بريطانيا الخبيثة يدافعون بكل صراحة عن جرائم لا يقبلها حتى أي إنسان عادي، و يقول رئيس جمهورية أمريكا مقابل كل هذا التقتيل للأطفال و التدمير و المحن و التعذيب لأهالي غزة، و بمنطق يبعث على السخرية، إن من حق إسرائيل أن تدافع عن أمنها! و لكن أليس من حق الفلسطينيين الدفاع عن أمنهم و عن حياتهم؟
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: مسؤولو البلدان المستكبرة لا يفهمون أنهم بدفاعهم عن جرائم الصهاينة القذرين المخرّبين إنما يريقون ماء وجوههم و بلدانهم أمام الشعوب، و سيكون حكم التاريخ عليهم لتعاونهم مع ارتكاب هذه الفجائع قاسياً.
و بحث قائد الثورة الإسلامية في جذور و أسباب السلوك الوقح للغربيين قائلاً: الدفاع عن جرائم الصهاينة له جذوره في النظام الليبرالي الديمقراطي و في منطق يمتاز بأدنى مستويات القيم الأخلاقية، و لا يوجد فيه أي شعور بالإنسانية.
و قال سماحته ملخصاً هذا الجانب من حديثه: واقع الأمريكان، الذين لديهم تحدياتهم مع الجمهورية الإسلامية في قضايا مختلفة، هو هذا الذي نشاهده، و علينا أن نتعرّف على أمريكا أفضل من خلال هذه الأحداث، و ينبغي أن تترك هذه المعرفة باعتبارها تجربة مهمة أثرها في تعاملنا و سلوكنا مع أمريكا و نظرتنا لها، و يتحول ذلك إلى معيار لشعبنا و طلبتنا الجامعيين و مثقفينا و لنا جميعاً.
و لفت قائد الثورة الإسلامية قائلاً: سلوك طلاب الهيمنة حيال الظلم الذي يقع على المظلومين في غزة يثبت أنهم لا يؤمنون قيد أنملة بالإنسان و حقوق الإنسان و الإنسانية، و كل ما يقولونه حول الحرية و حقوق الإنسان هو استهزاء بالحرية و بحقوق الإنسان.
و أكد سماحته مرة أخرى: إننا لا نقول هذا الكلام من باب النصيحة للمسؤولين الأمريكان، إنما نقوله لأنفسنا لنعلم ما الذي يجب أن نفعله، و نفهم في آرائنا و تحليلاتنا من هم الذين نواجههم.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: الشعارات المعادية لأمريكا و للغرب و للاستكبار التي تسمع في البلاد ترتبط بحقيقة أمريكا و واقعها، و لكن البعض يتصورون عن خطأ بأن هذه الشعارات عمل متعصب و من دون منطق فكري. و أضاف قائد الثورة الإسلامية: النظرة المعادية لأمريكا و للغرب في إيران نظرة عقلانية و تستند إلى تجارب و حسابات صحيحة.
و أشار سماحته إلى كلامه في لقائه الأخير بمسؤولي الدولة قائلاً: كما قيل فإن الهدف الأساسي للعدو هو إيجاد اختلالات في أجهزة حساباتنا، لأن نظام الحسابات إذا اختل فإنه سوف يعطي نتائج خاطئة حتى لو كانت المعلومات الداخلة إليه صحيحة، و لن تنفعه التجارب في شيء.
و عدد آية الله العظمى السيد الخامنئي بعض تجارب الإيرانيين لسلوك الغرب معهم طوال العقود الماضية مردفاً: تولي رضا خان زمام الأمور في إيران بحكومته الدكتاتورية العجيبة، و احتلال إيران خلال عقد العشرينيات [الأربعينيات من القرن العشرين للميلاد]، و نهب المصالح النفطية، و انقلاب الثامن و العشرين من مرداد، و الدعم التام لدكتاتورية محمد رضا بهلوي، و ممارسة العراقيل ضد انتصار الثورة الإسلامية، و الدعم الشامل لصدام، و عشرات المؤامرات الأخرى، كلها تجارب ثمينة تجعل معرفة الشعب الإيراني لأمريكا معرفة واقعية و عميقة، لكن المثقفين التغريبيين و لأن أجهزة حساباتهم مختلة لا يستنتجون نتائج صحيحة حتى من هذه التجارب المريرة.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية إحياء العقلانية الصحيحة من أهم الخدمات التي قدمتها الثورة الإسلامية مضيفاً: بخلاف الشعب، تروم بعض الأيدي أن تسيطر نفس تلك التيارات التغريبية الذليلة على مقدرات البلاد مرة أخرى، و ينبغي الوقوف بوجه مثل هذه المحاولات، و هذا الوقوف صحيح و عقلاني تماماً.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية في الجانب الأول من حديثه لقاءه اليوم بالطلبة الجامعيين لقاء جيداً و مؤشراً على روح الإيمان و الحماس و المنطق و التحفز لدى الشباب في البلاد قائلاً: الآراء التي أعرب عنها اليوم ممثلو التنظيمات الطلابية في الجامعات تدل على وجود هذه الروح بين الطلبة الجامعيين.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: قد تكون بعض الآراء المطروحة غير منطقية، أو غير قابلة للتحقيق، أو غير صحيحة، و لكن الأهم من هذه التفاصيل وجود روح التوثب و الحيوية و المطالبة بين الطلبة الجامعيين، و هي مبعث ارتياح كبير.
و أكد سماحته قائلاً: الشاب الجامعي يجب أن يكون صاحب مطالب و تحفز و حيوية، و متواجداً في الساحة، و مشرفاً على قضايا البلاد، و بفضل من الله تتوفر هذه الروح بين طلبتنا الجامعيين في الوقت الحاضر.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: طبعاً روح المطالبة و النقد بين الطلبة الجامعيين يجب أن تكون مصحوبة بمراعاة الأخلاق و الإنصاف و الحدود الشرعية و تجنب قول أشياء لا يوجد علم و يقين بها.
و قال الإمام السيد علي الخامنئي مخاطباً الطلبة الجامعيين: أتمنى أن تبقى روح الشعور بالواجب و المطالبات و النقد بينكم إلى حين تتولون المسؤوليات في المستقبل كمدراء للبلاد، فإذا كان هذا فسوف فيه خلاص البلد و إنقاذه.
و ألمح سماحته إلى آراء بعض الطلبة الجامعيين بخصوص ضرورة توجيه التيار العلمي في البلاد نحو العملانية و التطبيق العملي و معالجة مشكلات المجتمع، مردفاً: الأعمال و المساعي العلمية في البلاد و في الجامعات اليوم أعمال حيوية و ناجحة و جديرة بالتقدير، لكن هذه المساعي العلمية يجب أن تكون مقدمة لحل مشكلات البلاد.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: نشر البحوث العلمية في المواقع العلمية المعتبرة عالمياً ممارسة علمية جديرة بالتقدير، لكن الهدف النهائي هو أن تختص الأعمال العلمية باحتياجات البلاد العملية.
و كان التواصل بين أساليب الإدارة الاقتصادية و ثقافة المجتمع من الآراء الأخرى للطلبة الجامعيين التي قال آية الله العظمى السيد الخامنئي عنها: إننا نوافق فكرة أن أسلوب الإدارة الاقتصادية قد یؤثر في التوجهات الثقافية، بيد أن القضية المهمة و الحيوية هي النظرة و التوجهات الثقافية التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار على كافة المستويات.
و استطرد سماحته قائلاً: في عقد السبعينيات [التسعينيات من القرن العشرين للميلاد] عندما كانت هناك اعتراضات على أسلوب الإدارة الاقتصادية، طرح موضوع الغزو الثقافي من قبل القيادة، و ذلك للأهمية البالغة لموضوع الثقافة و أصالته و أهمية الجانب الثقافي في كل المفاصل و الأطوار.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى آراء أحد الطلبة الجامعيين بخصوص فترة الخدمة العسكرية باعتبارها عقبة في طريق زواج الطلبة الجامعيين، منوّهاً: زواج الشباب موضوع مهم، و عدم الاكتراث له في المجتمع قد يكون له تبعات غير محمودة في المستقبل.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: سبيل حل مشكلة الجندية من أجل زواج الشباب ليس تقليل مدة الخدمة العسكرية و يجب العمل بأساليب أخرى، لكن الأهم من ذلك هو وجود الدوافع نحو الزواج لدى الشباب، و هي دوافع يجب أن لا تخفت و تقل.
و أبدى سماحته أسفه لارتفاع سن الزواج خصوصاً بين الفتيات، مؤكداً: يجب على الشباب و عوائلهم و مسؤولي الجامعات أن يفكروا بحلول لتوفير الظروف المساعدة على انتشار الزواج في البيئات الجامعية و الحيلولة دون ارتفاع سن الزواج.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن بعض التقاليد و المعتقدات الخاطئة من العقبات التي تعترض طريق زواج الشباب، مضيفاً: الشباب الذين يتحلون دوماً بروح المطالبة و اقتراح الأساليب الجديدة يجب أن يمهدوا الأرضية لزوال هذه التقاليد و المعتقدات الخاطئة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى البركات المعنوية و المادية لسنة الزواج الحسنة منوّهاً: يجب إطلاق حراك جاد في المجتمع لترويج الزواج بين الشباب و الطلبة الجامعيين.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإجابة عن سؤال أحد الطلبة الجامعيين الذي سأل: هل يجب للمواقف السياسية للأفراد و الطلبة الجامعيين و التنظيمات الطلابية أن تنطبق مع آراء القيادة؟
و قال سماحته في معرض الإجابة عن هذا السؤال: لا، ليس هذا التصور صحيحاً بأنه يجب أن تقتبس مواقف كل أبناء الشعب بما في ذلك الطلبة الجامعيين و هم من الشرائح الرائدة في المجتمع من آراء القيادة و تكون نسخة عنها.
و أضاف يقول: على الطالب الجامعي باعتباره إنساناً مسلماً و مؤمناً و صاحب أفكار أن تكون له تحليلاته برصده للساحة، و أن يتخذ مواقفه من الأشخاص و السياسات و التيارات و الحكومات على أساس تحليله هذا.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: يجب أن تكون التقوى المعيار الصحيح الوحيد في التحليل، أي عدم إشراك هوى النفس في الانحياز أو المعارضة و في التقدير أو النقد.
و استطرد سماحته يقول: يجب أن لا يسود التصور بأن على الجميع الانتظار لكي تعلن القيادة أولاً عن مواقفها حول شخص أو سياسة و يتخذ الباقون مواقفهم على أساس ذلك الموقف. و أكد قائد الثورة الإسلامية: هذا الأسلوب سيخلق طريقاً مسدوداً أمام الأعمال و الأمور.
و أضاف آية الله العظمى الإمام الخامنئي: للقيادة واجباتها التي ستنهض بها بتوفيق من الله، و لكن على الطلبة الجامعيين أيضاً واجبات ينبغي أن ينهضوا بها حسب معيار التقوى و بالنظر لظروف الساحة.
و لفت سماحته إلى نقطة أخرى قائلاً: طبعاً إذا أعلنت القيادة رأياً في مسألة من المسائل أو مجال من المجالات فقد يكون هذا الرأي مؤثراً في تشخيص الذين يحسنون الظن بالقيادة، لكن هذا لا يعني سقوط آراء الآخرين.
و شدّد قائد الثورة الإسلامية على أن من واجب الطلبة الجامعيين أن يهتموا لمختلف الموضوعات و يتابعوا الأمور بعيون مفتحة، مردفاً: الطلبة الجامعيون هم في الحقيقة صورة الضمير الحي للشعب، و مؤشر الميول العامة في المجتمع، لذلك ينبغي أن ينظروا لمختلف القضايا و الأمور بمنتهى الوعي و بعيون مفتوحة و بشعور بالواجب، و أن يتعرفوا بصورة جيدة على أجواء البلاد و المنطقة و التهديدات و الفرص و الأعداء و العداوات.
و قدم آية الله العظمى السيد الخامنئي في الجانب الأخير من كلمته عدة توصيات للطلبة الجامعيين.
التوصية الأولآ هي تعزيز مطالعاتهم الدينية و السياسية إلى جانب أعمالهم العلمية و رفع مستوى قدرتهم على التحليل. و دعا قائد الثورة الإسلامية الطلبة الجامعيين إلى التفكير في الأمور و القضايا، و أكد على تجنب النظرة العاطفية و السطحية للأمور، منوّهاً: الكثير من الموضوعات بما في ذلك الموضوعات التي تطرح من قبل الطلبة الجامعيين يجب أن يحدَّد وضعها و الموقف منها مسبقاً في كراسي التحرر الفكري التي تحدثنا عنها و في النقاشات الحرة بين الطلبة في الأوساط الجامعية.
و كانت التوصية الثانية التي قدمها قائد الثورة الإسلامية للطلبة الجامعيين تنافس الخطابات في البيئات الجامعية بمنطق قوي و بتحمّل الآراء المخالفة.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي: يجب عدم التعجب أو الخوف أو الغضب من التيار المخالف، إنما ينبغي عن طريق تعزيز الركائز و تمتين المواقف الخوض في تنافس الخطابات و تحمل الآراء المخالفة.
في بداية هذا اللقاء تحدث ستة من الطلبة الجامعيين من ممثلي التنظيمات و التجمعات الطلابية في الجامعات، معربین عن مواقف و آراء تنظيماتهم حول مختلف الشؤون الطلابية و الجامعية و العلمية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية.