استقبل آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية عصر يوم الإثنين 07/07/2014 م مسؤولي الدولة و كبار مدراء الأجهزة و المؤسسات المدنية و العسكرية في البلاد، و ذكر جملة من النقاط المهمة على الصعيدين الداخلي و الخارجي، و اعتبر السعي المعقد و المتعدد الجوانب لخلق اختلالات في حسابات المسؤولين و الأجهزة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الهدف الأهم حالياً للاستكبار و خصوصاً أمريكا، و أشار إلى الأوضاع الحساسة في المنطقة و العالم و المرور في الوقت الراهن بمنعطف تاريخي حقيقي مؤكداً: تواصل الجمهورية الإسلامية، و على أساس العناصر الأصلية لحساباتها العقلانية، أي «الثقة بالخالق و السنن الإلهية» و «معرفة العدو و عدم الثقة به»، دربها الزاخر بالمفاخر بالاعتماد على الشعب و الانتفاع من التجارب و السعي و الجهاد المتواصل لتحقيق مطامح الشعب و أهدافه.
و عدّ آية الله العظمى السيد علي الخامنئي شهر رمضان المبارك ساحة للمواجهة بين «الشيطان و السلوكيات الشيطانية» و « التقوى و عبودية الرحمن و السلوكيات الرحمانية» مضيفاً: في ساحة المواجهة هذه، للشيطان هدفه المهم و للتقوى بدورها فاعليتها البالغة الأهمية. الشيطان يحاول خلق اختلالات في أجهزة الحسابات لدى الناس و جرّهم إلى أخطاء في الحسابات و اتخاذ الخطوات على أساس هذه الأخطاء، بينما التقوى تمهّد الأرضية لوعي الإنسان و معرفته و تمييزه بين الحق و الباطل.
و اعتبر سماحته التهديد و التطميع الوسيلتين الأصليتين للشيطان من أجل خلقه أخطاء لدى الأفراد في حساباتهم مردفاً: الشيطان بتهديداته يخيف الناس من ناحية و من ناحية أخرى يلوّح لهم بالوعود الخادعة ليرسم أمام أنظارهم مستقبلاً كاذباً و خيالياً كالسراب.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية، في هذا الجانب من حديثه، نقطة مهمة بخصوص معرفة سلوك أمريكا و القوى المتعطشة للهيمنة قائلاً: سلوك أمريكا و قوى الهيمنة كسلوك الشيطان، لأنها تحاول دوماً بتهديداتها و تطميعاتها و خصوصاً بوعودها التي لا تعمل بها أبداً، إخافة البلدان الأخرى و ضمّها إلى دائرة هيمنتها، و الشيطان أيضاً يحاول بتهديداته و تطميعاته إعطاب أجهزة الحسابات لدى الإنسان و إيقاعه في أخطاء في حساباته.
و اعتبر آية الله العظمى الإمام الخامنئي الخطأ في الحسابات من أكبر الأخطار ملفتاً: الكل يجب أن يحذروا من هذا الخطأ الكبير لأن الخطأ في الحسابات من شأنه إهدار إرادة الإنسان و قدراته بتوجيهها نحو اتخاذ قرارات خاطئة.
و اعتبر سماحته المراقبة في هذا الخصوص حالة حساسة و ضرورية جداً للمسؤولين مردفاً: من الأخطاء الكبرى في الحسابات أن يتجاهل الإنسان العوامل المعنوية و السنن الإلهية و يحدّد نفسه فقط في إطار العوامل المحسوسة و المادية الصرفة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن علل السعادة و الشقاء و التقدم و التراجع لا تتلخص فقط في العوامل المادية، مضيفاً: العوامل المادية و السنن الإلهية التي لا تقبل التغيير من العوامل المؤثرة جداً التي يتسبب تجاهلها في خطأ لا يعوّض.
و ألمح آية الله العظمى السيد الخامنئي في معرض بيانه لأهمية و مكانة العوامل المعنوية و السنن الإلهية إلى عدة آيات من القرآن الكريم و مصاديق عينية لتحققها في الفترة المعاصرة، قائلاً: يقول الله سبحانه و تعالى إذا سرتم في سبيل الله و نصرتم دين الله فإن معونة الله ستكون أمراً أكيداً. و هذه السنة الإلهية تكررت طوال التاريخ مراراً، و النموذج الأقرب لها هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران باعتبارها من أبرز مراحل التاريخ في العالم.
و تلخيصاً لهذا الجانب من حديثه حول أهمية مراقبة المسؤولين و حذرهم من ارتکاب أخطاء في الحسابات، أكد قائد الثورة الإسلامية: لا تسمحوا للعدو باستخدامه لتهديداته و تطميعاته أن يؤثر في أجهزة و منظومة حساباتكم.
و تابع الإمام السيد علي الخامنئي حديثه معتبراً المعركة الجدية و غير المتوقفة للجمهورية الإسلامية مع الاستكبار مواصلة لمعركة الرسل و الأنبياء ضد طواغيت و شياطين الإنس و الجن، ملفتاً: على الرغم من كل البهرجة الظاهرية للشياطين فإن الحركة الإلهية لشعب إيران تزداد عمقاً و نمواً يوماً بعد يوم.
و عدّ سماحته عدم كفاءة الأداتين الأصليتين للعدو، أي «التهديد العسكري» و «الحظر» سبباً في توجه الاستكبار إلى خلق خلل نظام حسابات الأجهزة و المسؤولين الإيرانيين مؤكداً: ينبغي إحباط الحظر بالجهاد في ميدان الاقتصاد المقاوم، و التهديد العسكري بسبب عدم جدواه يبقى في حدود التهديدات الكلامية.
و في معرض شرحه للسبيل الأصلي لمواجهة الحظر قال قائد الثورة الإسلامية: كما قال رئيس الجمهورية المحترم فإن البرمجة الاقتصادية يجب أن تتم على أساس افتراض أن العدو لن يقلل من حظره حتى بمقدار ذرة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تصريحات بعض المسؤولين الأمريكان حول بقاء الحظر حتى بعد الاتفاق المحتمل في الملف النووي، موضحاً: كما قلنا مراراً فإن الملف النووي مجرد ذريعة، و إذا لم تكن هذه الذريعة فإنهم سيطرحون ذرائع مفتعلة أخرى من قبيل حقوق الإنسان و حقوق المرأة.
و لفت الإمام السيد علي الخامنئي بشأن الأداة الأصلية الثانية لأمريكا أي التهديد العسكري قائلاً: قضايا مثل تقتيل الناس و المذابح و الجرائم و النهب لن تردع الأمريكيين بحال من الأحوال، إنما الواقع هو أن الهجوم العسكري اليوم غير مجد بالنسبة لأمريكا، و لذلك فإن المراقبين و الواعين في العالم شأنهم شأن الشعب الإيراني لا يأخذون هذه التهديدات مأخذ الجد.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى دعم الأمريكان لذئب اسمه صدام، و هجومهم على الطائرة المدنية الإيرانية، و تقتيلهم مئات النساء و الرجال و الأطفال الأبرياء، و قتلهم مئات الآلآف في العراق و أفغانستان و خلقهم الأزمان الدامية في مختلف البلدان تحت عنوان الثورات الملونة، مردفاً: حياة الشعوب و استقرارها و أمنها غير مهم على الإطلاق بالنسبة للأمريكان، و إذا وجدوا أن من المجدي شن هجوم عسكري فلن يترددوا حتى للحظة واحدة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى بعض الكلام القائل بأن أمريكا تحول دون هجوم الكيان الصهيوني قائلاً: إذا صحّ هذا الكلام فإن سبب حيلولة أمريكا دون ذلك هو أنها لا تجد الهجوم مجدياً و نافعاً، و نحن بدورنا نؤكد بحسم على أن الهجوم العسكري على الجمهورية الإسلامية لن يكون مجدياً لأي طرف.
و قال سماحته ملخصاً هذا الجانب من حديثه: أيدي الأعداء خالية سواء على صعيد الحظر أو على صعيد التهديد، شريطة أن نكون نحن من أهل الإيمان و متواجدين في الساحة تواجداً حقیقیاً.
بعد ذلك أشار قائد الثورة الإسلامية إلى نقطة دقيقة بشأن المحور الأصلي لحديثه أي سعي طلاب الهيمنة و خصوصاً أمريكا لخلق أخطاء حساباتية في ذهن المسؤولين الأيرانيين.
و قال سماحته: يعلم العدو أن الجمهورية الإسلامية إذا أرادت تحقيق هدف حققته، لذلك يحاول عن طريق خلق اختلالات في نظام الحسابات لدى المسؤولين الإيرانيين أن يعمل على أن لا يجعل المسؤولين الإيرانيين ضمن أهدافهم أهدافاً متعارضة مع المصالح الأمريكية، و هذه هي الحرب الناعمة التي جرى الحديث عنها منذ سنين.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن هذا المشروع الأمريكي أيضاً سيكون مآله الهزيمة، مردفاً: الجمهورية الإسلامية و منذ يومها الأول ارتكزت على المنطق العقلاني و بالاعتماد على عنصرين أساسيين هما: «الثقة بالله و سنن الخلقة» و «معرفة العدو و عدم الثقة به» و أقامت سياساتها و سلوكها على أساس القوة العاقلة، و هكذا سيكون الحال بعد الآن أيضاً.
و استطرد الإمام الخامنئي شارحاً عوامل هذين العنصرين العقلانيين الأساسيين: الثقة بالشعب و محبتهم و حوافزهم الصادقة، و إيماننا بـ «أننا قادرون»، و الاعتماد على العمل و تجنب الكسل و عدم العمل، و الثقة بالنصرة الإلهية، و الجهاد في سبيل الواجب و التكليف، و الاستفادة من التجارب، و الثبات على الاستقلال و التدقيق في سلوك المستكبرين مع الشعوب، من جملة العوامل التي شكلت و تشكل القوة العقلانية للجمهورية الإسلامية، أي البنية التحتية لسياسات النظام الإسلامية و ممارساته و خطواته.
و لفت سماحته قائلاً: معارضة الاستكبار للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي في الواقع معارضة لهذه العقلانية، و إلّا مجرد اسم الإسلام و تشريفاته ليست مهمة بالنسبة لهم و لا تثير معارضتهم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى كلام أحد الخبراء الحكوميين الأمريكان بشأن إمكانية المصالحة بين إيران و أمريكا و عدم إمكانية التصالح بين الجمهورية الإسلامية و أمريكا، مضيفاً: هذا كلام صحيح لأن أمريكا ليست لديها أية مشكلة مع إيران التابعة لها في الزمن البهلوي، لكنها لا تستطيع عدم معاداة الجمهورية الإسلامية التي تدعو إلى الاستقلال، و الإيمان، و الصمود مقابل الظلم، و الاتحاد الإسلامي.
و خصّص قائد الثورة الإسلامية تتمة حديثه في لقائه الرمضاني بمسؤولي الدولة و مدراء النظام الإسلامي لتقديم عدة توصيات مهمة.
في توصيته الأولى أشار سماحته إلى الأوضاع البالغة الحساسية في المنطقة و العالم، و نبّه كل مسؤولي البلاد قائلاً: إننا نمر بمنعطف تاريخي بالمعنى الحقيقي للكلمة، و إذا لم نكن أقوياء فإن الجميع سوف يتعسفون معنا و يفرضون علينا منطق القوة، لذلك علينا أن نكون أقوياء.
و في معرض إیضاحه أكثر لعناصر مضاعفة اقتدار البلاد أضاف الإمام الخامنئي: التوفر على المعنويات العالية، و النظرة المتفائلة، و العمل و الجد، و معرفة الثغرات الاقتصادية و الثقافية و الأمنية و ردم هذه الثغرات، و التعاضد بين الأجهزة المسؤولة، و بينها و بين الشعب، من جملة عناصر مضاعفة اقتدار البلد.
و كانت التوصية الثانية التي قدمها السيد القائد لكل المسؤولين في البلاد هي معرفة قدر فرصة العمل و الجد و السعي لخدمة الناس.
و أضاف سماحته قائلاً: لا تقولوا لا يسمحون لنا بالعمل، فهذه المقولة التي قيلت في الدورات السابقة أيضاً، غير مقبولة، و يجب باستخدام الإمكانيات المتاحة عدم تضييع حتى لحظة واحدة من لحظات العمل و الجد.
و أكد سماحته في معرض توصيته الثالثة لكل المسؤولين في النظام الإسلامي: نظموا تحركاتكم على أساس أصول الثورة و تجنبوا اللغط و الضجات الجانبية و ركزوا على معالجة مشكلات الناس.
و كان التقارب بين السلطات الثلاث و التقارب داخل القطاعات التوصية الرابعة التي قدمها قائد الثورة الإسلامية لمسؤولي و مدراء النظام الإسلامي. و كان عقد الاجتماع المشترك بين رؤساء السلطات الثلاث، و إقامة اجتماعات مشتركة و ثنائية بين السلطات، و تبادل وجهات النظر و الاستفادة من الاستشارات المتبادلة و كذلك الإدارة الجهادية نقاطاً مهمة في هذا الجانب من حديث السيد القائد.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بتقديم توصيات في التعامل مع الحكومة و توصيات أخرى خاطب بها الحكومة.
و أكد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي في خصوص التعامل مع الحكومة: إنني أؤيد الحكومة و أدعمها و سوف استخدم كل ما في طاقتي لدعم الحكومة و لي ثقتي بالمسؤولين رفيعي المستوي في الحكومة.
و أشار سماحته إلى دعم القيادة لكل الحكومات المنتخبة من قبل الشعب في الفترات الماضية مردفاً: كل هذه الحكومات كان لها نقاط إيجابية و نقاط سلبية، و ينبغي أن يكون نقد الحكومات الماضية بطريقة خبروية و تخصصية، و ليس هنالك كبير مصلحة في النقد من على المنابر العامة.
و قال قائد الثورة الإسلامية: طبعاً بخصوص الحكومة الحالية أيضاً يجب أن يكون أي نقد نقداً منصفاً و محترماً و مخلصاً و بعيداً عن أي نوع من أنواع تسقّط العثرات و إيذاء الحكومة.
و كان لقائد الثورة الإسلامية توصياته للحكومة أيضاً. التوصية الأولى هي الاهتمام الجاد بسياسات الاقتصاد المقاوم، حيث قال السيد القائد: لقد تحدث رئيس الجمهورية المحترم و بعض المسؤولين قليلاً أو كثيراً في باب دعم سياسات الاقتصاد المقاوم، لكن الحاجة الأصلية هي العمل، و ينبغي أن لا ندعم الاقتصاد المقاوم بالكلام بينما نتحرك ببطء على الصعيد العملي.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: أساس الاقتصاد المقاوم هو الاعتماد على الإنتاج الداخلي و تمتين البنية الداخلية للاقتصاد.
و تابع آية الله العظمى السيد الخامنئي يقول: الازدهار الاقتصادي لا يتحقق إلّا بالإنتاج و تنشيط الإمكانيات الداخلية و ليس بشيء آخر.
و كانت لسماحته في خصوص تنفيذ سياسات الاقتصاد المقاوم توصياته للبنوك و قطاع الصناعة و المعادن.
و قال قائد الثورة الإسلامية حول البنوك: على البنوك أن تمارس دوراً إيجابياً من أجل تنفيذ سياسات الاقتصاد المقاوم، و تتكيّف مع هذه السياسات و مع برامج الحكومة لتنفيذها.
و كانت التوصية الأكيدة لسماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي لقطاع الصناعة و المعادن هي مضاعفة تحرّكه و مساعيه، لأن العبء الأكبر للخروج من الركود يقع على عاتق قطاع الصناعة و المعادن.
و شدّد سماحته أيضاً على أهمية قطاع الزراعة و اعتبره حيوياً و أكد على ضرورة اتخاذ سياسات تقضي بدعم الحكومة لهذا القطاع البالغ الأهمية، قائلاً: إلى جانب دعم القطاع الزراعي يجب رفع مشكلات المزارعين و الرعاة.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه مشيراً إلى شعار الحكومة الحادية عشرة أي «الاعتدال» فقال: الاعتدال شعار جيد جداً و يحظى بالتأييد، لأن الإفراط مدان دوماً.
و أوصى آية الله العظمى السيد الخامنئي الحكومة توصية بخصوص شعار «الاعتدال» قائلاً: احذروا من أن يُقصي البعضُ التيارات المتدينة في الساحة السياسية للبلاد تحت شعار الاعتدال، فهذه التيارات المتدينة هي التي تهبّ لمواجهة الأخطار قبل الآخرين عند وقوع الخطر، و هي التي تمدّ يد العون و المساعدة بشكل حقيقي للحكومة في معترك المشكلات.
و أكد سماحته قائلاً: الاعتدال هو الإسلام نفسه. أي المواجهة الشديدة للكفار و المحبة و المودة في ما بين المؤمنين، و هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. ليس معنى الاعتدال أن نحول دون الأعمال التي يشعر التيار المتدين بأن من واجبه القيام بها.
ثم قدم قائد الثورة الإسلامية توصية مهمة لبعض التيارات السياسية و الصحفية و خاطبهم قائلاً: الأمن الفكري و الذهني مهم للناس، و يجب عدم التلاعب بأعصاب الناس و نفسياتهم بطرح بعض الأمور التي لا أساس لها من الصحة، و تكرار ما تقوله الصحافة الأجنبية.
و تابع قائد الثورة الإسلامية كلمته فأشار إلى الملف النووي و اعتبره قضية حساسة، و أيّد كلام رئيس الجمهورية بخصوص الملف النووي قائلاً: الواقع في إطار هذا الملف هو أن الطرف المقابل «يريد أن يُرينا الموت لنرضى بالحمّى».
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي أن قضية حجم التخصيب و هي قضية بالغة الأهمية من الأمور المختلف حولها مع الطرف المقابل، و أضاف قائلاً: هدفهم في إطار قضية حجم التخصيب و كميته هو أن يُرضوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعشرة آلاف سو، و هم بالطبع بدأوا بخمسمائة سو و ألف سو، و «عشرة آلاف سو هي حصيلة نحو عشرة آلاف جهاز طرد مركزي (سانترفيوج) من النوع القديم، و التي نمتلكها» و الحال أنه على حد قول المسؤولين المعنيين فإن الحاجة الأكيدة للبلاد هي 190 ألف سو.
و اعتبر سماحته أن كلام الأمريكان الذين يتذرعون بالقلق من الأسلحة النووية ليعارضوا التقنية و العلوم النووية الإيرانية المحلية كلام غير منطقي و باطل، و أضاف يقول: ضمان الحيلولة دون امتلاك الأسلحة النووية له طرقه المحددة، و له أجهزته و مؤسساته المسؤولة، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا ترى إشكالاً في هذا الأمر، و هو أمر مضمون، لكن ليس من حق الأمريكان أن يبدوا قلقاً من احتمال امتلاك البلدان لسلاح نووي، فأمريكا نفسها استخدمت هذا السلاح و تمتلك الآن عدة آلاف من القنابل الذرية.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية مخاطباً الأمريكيين: مع وجود ملفكم في استخدام السلاح النووي لن يعود القلق من السلاح النووي أمراً یعنیکم.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: طبعاً نحن نثق بفريق التفاوض من بلادنا و نحن واثقون بأنهم لا يرضون بالتطاول على حقوق بلدنا و شعبنا و كرامة الشعب الإيراني، و لن يسمحوا بمثل هذا الشيء.
و أوضح سماحته بأن قضية البحوث العلمية و التنموية في الملف النووي من الأمور التي يجب بالتأكيد مراعاتها في المفاوضات، مردفاً: من الأمور الأخرى التي يركّز عليها الطرف المقابل كثيراً و يبدي حساسية كبيرة حيالها هو الحفاظ على التأسيسات التي لا يستطيع العدو تخريبها.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: إنهم يقولون حول تأسيسات فردو: لأن هذه التأسيسات منيعة و لا يمكن توجيه ضربة، لها لذلك يجب تعطيلها، و هذا كلام مضحك!
و تابع آية الله العظمى الإمام الخامنئي حديثه بالتطرق لقضايا المنطقة و خصوصاً الفتنة في العراق قائلاً: بتوفيق من الله سوف يطفئ الشعب العراقي المؤمن هذه الفتنة، و سوف تتقدم شعوب المنطقة يوماً بعد يوم نحو مزيد من الرشد و الرقي المادي و المعنوي.
و قال سماحته في جانب آخر من كلمته بأن شهر رمضان المبارك هو شهر الإنابة و التوبة و تمهيد الأرضية للانتقال من جحيم سوء الأعمال و سوء القلوب إلى جنان الأعمال الصالحة و الأفكار الخيرة و السلوك الحسن، و أضاف: من جملة المعارف السامية التي تعلمها أدعية شهر رمضان المبارك للإنسان العمل المصحوب بالمعرفة و الهدف، و البعد عن الكسل و البطالة، و تجنّب اليأس و الضجر و التساهل و التماهي و قساوة القلب و التحجر و الغفلة، و واجبات المسؤولين في مراعاة هذه المعارف القيمة واجبات جسيمة و ثقيلة جداً مقارنة بالأفراد العاديين.
قبل كلمة قائد الثورة الإسلامية تحدث حجة الإسلام و المسلمين الشيخ روحاني رئيس الجمهورية فأشار إلى البركات و الهداية الأخلاقية و الثقافية لشهر رمضان المبارك، و أكد على أن الهدف الأصلي للثورة الإسلامية هو نفسه الهدف من بعثة الأنبياء، أي استكمال مكارم الأخلاق، و أضاف قائلاً: ترى الحكومة أن أهم واجباتها هو الواجب الثقافي و كذلك تنفيذ السياسات العامة للاقتصاد المقاوم و خصوصاً في هذه السنة التي أطلق عليها اسم سنة الثقافة و الاقتصاد.
و عدّ آية الله العظمى السيد علي الخامنئي شهر رمضان المبارك ساحة للمواجهة بين «الشيطان و السلوكيات الشيطانية» و « التقوى و عبودية الرحمن و السلوكيات الرحمانية» مضيفاً: في ساحة المواجهة هذه، للشيطان هدفه المهم و للتقوى بدورها فاعليتها البالغة الأهمية. الشيطان يحاول خلق اختلالات في أجهزة الحسابات لدى الناس و جرّهم إلى أخطاء في الحسابات و اتخاذ الخطوات على أساس هذه الأخطاء، بينما التقوى تمهّد الأرضية لوعي الإنسان و معرفته و تمييزه بين الحق و الباطل.
و اعتبر سماحته التهديد و التطميع الوسيلتين الأصليتين للشيطان من أجل خلقه أخطاء لدى الأفراد في حساباتهم مردفاً: الشيطان بتهديداته يخيف الناس من ناحية و من ناحية أخرى يلوّح لهم بالوعود الخادعة ليرسم أمام أنظارهم مستقبلاً كاذباً و خيالياً كالسراب.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية، في هذا الجانب من حديثه، نقطة مهمة بخصوص معرفة سلوك أمريكا و القوى المتعطشة للهيمنة قائلاً: سلوك أمريكا و قوى الهيمنة كسلوك الشيطان، لأنها تحاول دوماً بتهديداتها و تطميعاتها و خصوصاً بوعودها التي لا تعمل بها أبداً، إخافة البلدان الأخرى و ضمّها إلى دائرة هيمنتها، و الشيطان أيضاً يحاول بتهديداته و تطميعاته إعطاب أجهزة الحسابات لدى الإنسان و إيقاعه في أخطاء في حساباته.
و اعتبر آية الله العظمى الإمام الخامنئي الخطأ في الحسابات من أكبر الأخطار ملفتاً: الكل يجب أن يحذروا من هذا الخطأ الكبير لأن الخطأ في الحسابات من شأنه إهدار إرادة الإنسان و قدراته بتوجيهها نحو اتخاذ قرارات خاطئة.
و اعتبر سماحته المراقبة في هذا الخصوص حالة حساسة و ضرورية جداً للمسؤولين مردفاً: من الأخطاء الكبرى في الحسابات أن يتجاهل الإنسان العوامل المعنوية و السنن الإلهية و يحدّد نفسه فقط في إطار العوامل المحسوسة و المادية الصرفة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن علل السعادة و الشقاء و التقدم و التراجع لا تتلخص فقط في العوامل المادية، مضيفاً: العوامل المادية و السنن الإلهية التي لا تقبل التغيير من العوامل المؤثرة جداً التي يتسبب تجاهلها في خطأ لا يعوّض.
و ألمح آية الله العظمى السيد الخامنئي في معرض بيانه لأهمية و مكانة العوامل المعنوية و السنن الإلهية إلى عدة آيات من القرآن الكريم و مصاديق عينية لتحققها في الفترة المعاصرة، قائلاً: يقول الله سبحانه و تعالى إذا سرتم في سبيل الله و نصرتم دين الله فإن معونة الله ستكون أمراً أكيداً. و هذه السنة الإلهية تكررت طوال التاريخ مراراً، و النموذج الأقرب لها هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران باعتبارها من أبرز مراحل التاريخ في العالم.
و تلخيصاً لهذا الجانب من حديثه حول أهمية مراقبة المسؤولين و حذرهم من ارتکاب أخطاء في الحسابات، أكد قائد الثورة الإسلامية: لا تسمحوا للعدو باستخدامه لتهديداته و تطميعاته أن يؤثر في أجهزة و منظومة حساباتكم.
و تابع الإمام السيد علي الخامنئي حديثه معتبراً المعركة الجدية و غير المتوقفة للجمهورية الإسلامية مع الاستكبار مواصلة لمعركة الرسل و الأنبياء ضد طواغيت و شياطين الإنس و الجن، ملفتاً: على الرغم من كل البهرجة الظاهرية للشياطين فإن الحركة الإلهية لشعب إيران تزداد عمقاً و نمواً يوماً بعد يوم.
و عدّ سماحته عدم كفاءة الأداتين الأصليتين للعدو، أي «التهديد العسكري» و «الحظر» سبباً في توجه الاستكبار إلى خلق خلل نظام حسابات الأجهزة و المسؤولين الإيرانيين مؤكداً: ينبغي إحباط الحظر بالجهاد في ميدان الاقتصاد المقاوم، و التهديد العسكري بسبب عدم جدواه يبقى في حدود التهديدات الكلامية.
و في معرض شرحه للسبيل الأصلي لمواجهة الحظر قال قائد الثورة الإسلامية: كما قال رئيس الجمهورية المحترم فإن البرمجة الاقتصادية يجب أن تتم على أساس افتراض أن العدو لن يقلل من حظره حتى بمقدار ذرة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تصريحات بعض المسؤولين الأمريكان حول بقاء الحظر حتى بعد الاتفاق المحتمل في الملف النووي، موضحاً: كما قلنا مراراً فإن الملف النووي مجرد ذريعة، و إذا لم تكن هذه الذريعة فإنهم سيطرحون ذرائع مفتعلة أخرى من قبيل حقوق الإنسان و حقوق المرأة.
و لفت الإمام السيد علي الخامنئي بشأن الأداة الأصلية الثانية لأمريكا أي التهديد العسكري قائلاً: قضايا مثل تقتيل الناس و المذابح و الجرائم و النهب لن تردع الأمريكيين بحال من الأحوال، إنما الواقع هو أن الهجوم العسكري اليوم غير مجد بالنسبة لأمريكا، و لذلك فإن المراقبين و الواعين في العالم شأنهم شأن الشعب الإيراني لا يأخذون هذه التهديدات مأخذ الجد.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى دعم الأمريكان لذئب اسمه صدام، و هجومهم على الطائرة المدنية الإيرانية، و تقتيلهم مئات النساء و الرجال و الأطفال الأبرياء، و قتلهم مئات الآلآف في العراق و أفغانستان و خلقهم الأزمان الدامية في مختلف البلدان تحت عنوان الثورات الملونة، مردفاً: حياة الشعوب و استقرارها و أمنها غير مهم على الإطلاق بالنسبة للأمريكان، و إذا وجدوا أن من المجدي شن هجوم عسكري فلن يترددوا حتى للحظة واحدة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى بعض الكلام القائل بأن أمريكا تحول دون هجوم الكيان الصهيوني قائلاً: إذا صحّ هذا الكلام فإن سبب حيلولة أمريكا دون ذلك هو أنها لا تجد الهجوم مجدياً و نافعاً، و نحن بدورنا نؤكد بحسم على أن الهجوم العسكري على الجمهورية الإسلامية لن يكون مجدياً لأي طرف.
و قال سماحته ملخصاً هذا الجانب من حديثه: أيدي الأعداء خالية سواء على صعيد الحظر أو على صعيد التهديد، شريطة أن نكون نحن من أهل الإيمان و متواجدين في الساحة تواجداً حقیقیاً.
بعد ذلك أشار قائد الثورة الإسلامية إلى نقطة دقيقة بشأن المحور الأصلي لحديثه أي سعي طلاب الهيمنة و خصوصاً أمريكا لخلق أخطاء حساباتية في ذهن المسؤولين الأيرانيين.
و قال سماحته: يعلم العدو أن الجمهورية الإسلامية إذا أرادت تحقيق هدف حققته، لذلك يحاول عن طريق خلق اختلالات في نظام الحسابات لدى المسؤولين الإيرانيين أن يعمل على أن لا يجعل المسؤولين الإيرانيين ضمن أهدافهم أهدافاً متعارضة مع المصالح الأمريكية، و هذه هي الحرب الناعمة التي جرى الحديث عنها منذ سنين.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على أن هذا المشروع الأمريكي أيضاً سيكون مآله الهزيمة، مردفاً: الجمهورية الإسلامية و منذ يومها الأول ارتكزت على المنطق العقلاني و بالاعتماد على عنصرين أساسيين هما: «الثقة بالله و سنن الخلقة» و «معرفة العدو و عدم الثقة به» و أقامت سياساتها و سلوكها على أساس القوة العاقلة، و هكذا سيكون الحال بعد الآن أيضاً.
و استطرد الإمام الخامنئي شارحاً عوامل هذين العنصرين العقلانيين الأساسيين: الثقة بالشعب و محبتهم و حوافزهم الصادقة، و إيماننا بـ «أننا قادرون»، و الاعتماد على العمل و تجنب الكسل و عدم العمل، و الثقة بالنصرة الإلهية، و الجهاد في سبيل الواجب و التكليف، و الاستفادة من التجارب، و الثبات على الاستقلال و التدقيق في سلوك المستكبرين مع الشعوب، من جملة العوامل التي شكلت و تشكل القوة العقلانية للجمهورية الإسلامية، أي البنية التحتية لسياسات النظام الإسلامية و ممارساته و خطواته.
و لفت سماحته قائلاً: معارضة الاستكبار للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي في الواقع معارضة لهذه العقلانية، و إلّا مجرد اسم الإسلام و تشريفاته ليست مهمة بالنسبة لهم و لا تثير معارضتهم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى كلام أحد الخبراء الحكوميين الأمريكان بشأن إمكانية المصالحة بين إيران و أمريكا و عدم إمكانية التصالح بين الجمهورية الإسلامية و أمريكا، مضيفاً: هذا كلام صحيح لأن أمريكا ليست لديها أية مشكلة مع إيران التابعة لها في الزمن البهلوي، لكنها لا تستطيع عدم معاداة الجمهورية الإسلامية التي تدعو إلى الاستقلال، و الإيمان، و الصمود مقابل الظلم، و الاتحاد الإسلامي.
و خصّص قائد الثورة الإسلامية تتمة حديثه في لقائه الرمضاني بمسؤولي الدولة و مدراء النظام الإسلامي لتقديم عدة توصيات مهمة.
في توصيته الأولى أشار سماحته إلى الأوضاع البالغة الحساسية في المنطقة و العالم، و نبّه كل مسؤولي البلاد قائلاً: إننا نمر بمنعطف تاريخي بالمعنى الحقيقي للكلمة، و إذا لم نكن أقوياء فإن الجميع سوف يتعسفون معنا و يفرضون علينا منطق القوة، لذلك علينا أن نكون أقوياء.
و في معرض إیضاحه أكثر لعناصر مضاعفة اقتدار البلاد أضاف الإمام الخامنئي: التوفر على المعنويات العالية، و النظرة المتفائلة، و العمل و الجد، و معرفة الثغرات الاقتصادية و الثقافية و الأمنية و ردم هذه الثغرات، و التعاضد بين الأجهزة المسؤولة، و بينها و بين الشعب، من جملة عناصر مضاعفة اقتدار البلد.
و كانت التوصية الثانية التي قدمها السيد القائد لكل المسؤولين في البلاد هي معرفة قدر فرصة العمل و الجد و السعي لخدمة الناس.
و أضاف سماحته قائلاً: لا تقولوا لا يسمحون لنا بالعمل، فهذه المقولة التي قيلت في الدورات السابقة أيضاً، غير مقبولة، و يجب باستخدام الإمكانيات المتاحة عدم تضييع حتى لحظة واحدة من لحظات العمل و الجد.
و أكد سماحته في معرض توصيته الثالثة لكل المسؤولين في النظام الإسلامي: نظموا تحركاتكم على أساس أصول الثورة و تجنبوا اللغط و الضجات الجانبية و ركزوا على معالجة مشكلات الناس.
و كان التقارب بين السلطات الثلاث و التقارب داخل القطاعات التوصية الرابعة التي قدمها قائد الثورة الإسلامية لمسؤولي و مدراء النظام الإسلامي. و كان عقد الاجتماع المشترك بين رؤساء السلطات الثلاث، و إقامة اجتماعات مشتركة و ثنائية بين السلطات، و تبادل وجهات النظر و الاستفادة من الاستشارات المتبادلة و كذلك الإدارة الجهادية نقاطاً مهمة في هذا الجانب من حديث السيد القائد.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بتقديم توصيات في التعامل مع الحكومة و توصيات أخرى خاطب بها الحكومة.
و أكد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي في خصوص التعامل مع الحكومة: إنني أؤيد الحكومة و أدعمها و سوف استخدم كل ما في طاقتي لدعم الحكومة و لي ثقتي بالمسؤولين رفيعي المستوي في الحكومة.
و أشار سماحته إلى دعم القيادة لكل الحكومات المنتخبة من قبل الشعب في الفترات الماضية مردفاً: كل هذه الحكومات كان لها نقاط إيجابية و نقاط سلبية، و ينبغي أن يكون نقد الحكومات الماضية بطريقة خبروية و تخصصية، و ليس هنالك كبير مصلحة في النقد من على المنابر العامة.
و قال قائد الثورة الإسلامية: طبعاً بخصوص الحكومة الحالية أيضاً يجب أن يكون أي نقد نقداً منصفاً و محترماً و مخلصاً و بعيداً عن أي نوع من أنواع تسقّط العثرات و إيذاء الحكومة.
و كان لقائد الثورة الإسلامية توصياته للحكومة أيضاً. التوصية الأولى هي الاهتمام الجاد بسياسات الاقتصاد المقاوم، حيث قال السيد القائد: لقد تحدث رئيس الجمهورية المحترم و بعض المسؤولين قليلاً أو كثيراً في باب دعم سياسات الاقتصاد المقاوم، لكن الحاجة الأصلية هي العمل، و ينبغي أن لا ندعم الاقتصاد المقاوم بالكلام بينما نتحرك ببطء على الصعيد العملي.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: أساس الاقتصاد المقاوم هو الاعتماد على الإنتاج الداخلي و تمتين البنية الداخلية للاقتصاد.
و تابع آية الله العظمى السيد الخامنئي يقول: الازدهار الاقتصادي لا يتحقق إلّا بالإنتاج و تنشيط الإمكانيات الداخلية و ليس بشيء آخر.
و كانت لسماحته في خصوص تنفيذ سياسات الاقتصاد المقاوم توصياته للبنوك و قطاع الصناعة و المعادن.
و قال قائد الثورة الإسلامية حول البنوك: على البنوك أن تمارس دوراً إيجابياً من أجل تنفيذ سياسات الاقتصاد المقاوم، و تتكيّف مع هذه السياسات و مع برامج الحكومة لتنفيذها.
و كانت التوصية الأكيدة لسماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي لقطاع الصناعة و المعادن هي مضاعفة تحرّكه و مساعيه، لأن العبء الأكبر للخروج من الركود يقع على عاتق قطاع الصناعة و المعادن.
و شدّد سماحته أيضاً على أهمية قطاع الزراعة و اعتبره حيوياً و أكد على ضرورة اتخاذ سياسات تقضي بدعم الحكومة لهذا القطاع البالغ الأهمية، قائلاً: إلى جانب دعم القطاع الزراعي يجب رفع مشكلات المزارعين و الرعاة.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه مشيراً إلى شعار الحكومة الحادية عشرة أي «الاعتدال» فقال: الاعتدال شعار جيد جداً و يحظى بالتأييد، لأن الإفراط مدان دوماً.
و أوصى آية الله العظمى السيد الخامنئي الحكومة توصية بخصوص شعار «الاعتدال» قائلاً: احذروا من أن يُقصي البعضُ التيارات المتدينة في الساحة السياسية للبلاد تحت شعار الاعتدال، فهذه التيارات المتدينة هي التي تهبّ لمواجهة الأخطار قبل الآخرين عند وقوع الخطر، و هي التي تمدّ يد العون و المساعدة بشكل حقيقي للحكومة في معترك المشكلات.
و أكد سماحته قائلاً: الاعتدال هو الإسلام نفسه. أي المواجهة الشديدة للكفار و المحبة و المودة في ما بين المؤمنين، و هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. ليس معنى الاعتدال أن نحول دون الأعمال التي يشعر التيار المتدين بأن من واجبه القيام بها.
ثم قدم قائد الثورة الإسلامية توصية مهمة لبعض التيارات السياسية و الصحفية و خاطبهم قائلاً: الأمن الفكري و الذهني مهم للناس، و يجب عدم التلاعب بأعصاب الناس و نفسياتهم بطرح بعض الأمور التي لا أساس لها من الصحة، و تكرار ما تقوله الصحافة الأجنبية.
و تابع قائد الثورة الإسلامية كلمته فأشار إلى الملف النووي و اعتبره قضية حساسة، و أيّد كلام رئيس الجمهورية بخصوص الملف النووي قائلاً: الواقع في إطار هذا الملف هو أن الطرف المقابل «يريد أن يُرينا الموت لنرضى بالحمّى».
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي أن قضية حجم التخصيب و هي قضية بالغة الأهمية من الأمور المختلف حولها مع الطرف المقابل، و أضاف قائلاً: هدفهم في إطار قضية حجم التخصيب و كميته هو أن يُرضوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعشرة آلاف سو، و هم بالطبع بدأوا بخمسمائة سو و ألف سو، و «عشرة آلاف سو هي حصيلة نحو عشرة آلاف جهاز طرد مركزي (سانترفيوج) من النوع القديم، و التي نمتلكها» و الحال أنه على حد قول المسؤولين المعنيين فإن الحاجة الأكيدة للبلاد هي 190 ألف سو.
و اعتبر سماحته أن كلام الأمريكان الذين يتذرعون بالقلق من الأسلحة النووية ليعارضوا التقنية و العلوم النووية الإيرانية المحلية كلام غير منطقي و باطل، و أضاف يقول: ضمان الحيلولة دون امتلاك الأسلحة النووية له طرقه المحددة، و له أجهزته و مؤسساته المسؤولة، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا ترى إشكالاً في هذا الأمر، و هو أمر مضمون، لكن ليس من حق الأمريكان أن يبدوا قلقاً من احتمال امتلاك البلدان لسلاح نووي، فأمريكا نفسها استخدمت هذا السلاح و تمتلك الآن عدة آلاف من القنابل الذرية.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية مخاطباً الأمريكيين: مع وجود ملفكم في استخدام السلاح النووي لن يعود القلق من السلاح النووي أمراً یعنیکم.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: طبعاً نحن نثق بفريق التفاوض من بلادنا و نحن واثقون بأنهم لا يرضون بالتطاول على حقوق بلدنا و شعبنا و كرامة الشعب الإيراني، و لن يسمحوا بمثل هذا الشيء.
و أوضح سماحته بأن قضية البحوث العلمية و التنموية في الملف النووي من الأمور التي يجب بالتأكيد مراعاتها في المفاوضات، مردفاً: من الأمور الأخرى التي يركّز عليها الطرف المقابل كثيراً و يبدي حساسية كبيرة حيالها هو الحفاظ على التأسيسات التي لا يستطيع العدو تخريبها.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: إنهم يقولون حول تأسيسات فردو: لأن هذه التأسيسات منيعة و لا يمكن توجيه ضربة، لها لذلك يجب تعطيلها، و هذا كلام مضحك!
و تابع آية الله العظمى الإمام الخامنئي حديثه بالتطرق لقضايا المنطقة و خصوصاً الفتنة في العراق قائلاً: بتوفيق من الله سوف يطفئ الشعب العراقي المؤمن هذه الفتنة، و سوف تتقدم شعوب المنطقة يوماً بعد يوم نحو مزيد من الرشد و الرقي المادي و المعنوي.
و قال سماحته في جانب آخر من كلمته بأن شهر رمضان المبارك هو شهر الإنابة و التوبة و تمهيد الأرضية للانتقال من جحيم سوء الأعمال و سوء القلوب إلى جنان الأعمال الصالحة و الأفكار الخيرة و السلوك الحسن، و أضاف: من جملة المعارف السامية التي تعلمها أدعية شهر رمضان المبارك للإنسان العمل المصحوب بالمعرفة و الهدف، و البعد عن الكسل و البطالة، و تجنّب اليأس و الضجر و التساهل و التماهي و قساوة القلب و التحجر و الغفلة، و واجبات المسؤولين في مراعاة هذه المعارف القيمة واجبات جسيمة و ثقيلة جداً مقارنة بالأفراد العاديين.
قبل كلمة قائد الثورة الإسلامية تحدث حجة الإسلام و المسلمين الشيخ روحاني رئيس الجمهورية فأشار إلى البركات و الهداية الأخلاقية و الثقافية لشهر رمضان المبارك، و أكد على أن الهدف الأصلي للثورة الإسلامية هو نفسه الهدف من بعثة الأنبياء، أي استكمال مكارم الأخلاق، و أضاف قائلاً: ترى الحكومة أن أهم واجباتها هو الواجب الثقافي و كذلك تنفيذ السياسات العامة للاقتصاد المقاوم و خصوصاً في هذه السنة التي أطلق عليها اسم سنة الثقافة و الاقتصاد.