استقبل سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية صباح يوم الأربعاء 28/08/2013 م رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الجديد الشيخ حسن روحاني و أعضاء هيئة الوزراء في أول لقاء له بالحكومة الحادية عشرة الجديدة، و ثمّن التنسيق بين الحكومة و مجلس الشورى الإسلامي لبدء أعمال الحكومة الجديدة بسرعة، و وصف السيد روحاني بأنه رئيس جمهورية جيد و ثقة و ذو سوابق ثورية مشرقة، و عدّد المؤشرات المهمة للحكومة الجيدة بما في ذلك النزاهة العقيدية و الأخلاقية، و تقديم الخدمة للشعب، و العدالة، و النزاهة الاقتصادية و مكافحة الفساد، و النزعة القانونية، و الحكمة و العقلانية، و الاعتماد الإمكانيات الداخلية الذاتية للبلاد، مؤكداً: اجعلوا الاقتصاد و العلم على رأس أولوياتكم، و اعملوا على احتواء التضخم، و تأمين الاحتياجات الأساسية للشعب، و ازدهار الإنتاج، و خلق الحراك و الاستقرار في القطاع الاقتصادي، لتضاعفوا من آمال الشعب بمستقبل مشرق.
كما وصف سماحته تهديد أمريكا بالتدخل في سورية بأنه فاجعة أكيدة للمنطقة مؤكداً: أي نوع من أنواع التدخل و إثارة الحروب سينتهي يقيناً بضرر مؤجّجي الحروب.
و بارك آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أسبوع الحكومة لكل المسؤولين و المدراء و المنتسبين الخدومين للسلطة التنفيذية منوّهاً: يتزين أسبوع الحكومة باسم الشهيدين الجليلين رجائي و باهنر، و مبادرة كل الحكومات إلى جعل أسماء و أهداف هذين الشهيدين نصب أعينهم ممارسة ذات مغزى.
و أثنى سماحته على سرعة رئيس الجمهورية و متابعته في تسميته الفورية للوزراء و تقديمهم إلى مجلس الشورى الإسلامي لإحراز الثقة، مضيفاً: الثقة الجيدة التي منحها مجلس الشورى الإسلامي للوزراء المقترحين مهّدت الأرضية لبدء الحكومة الجديدة بأعمالها سريعاً، و هذا ما يدل على تنسيق و تناغم قيّم بين السلطتين، و الاهتمام الجدير بالتقدير لرئيس الجمهورية و مجلس الشورى الإسلامي بالبدء السريع للحكومة بأنشطتها.
و أبدى قائد الثورة الإسلامية أمله بالبروز العيني لنقاط قوة الحكومة الحادية عشرة و استمرار و مضاعفة آمال الشعب مردفاً: وجود السيد روحاني بسوابقه الكفاحية و الثورية المشرقة و مواقفه الجيدة و الصحيحة طوال العقود الثلاثة الأخيرة، هو بلا شك من نقاط قوة الحكومة الجديدة.
و أشار سماحته إلى العزيمة الراسخة لرئيس الجمهورية على حلّ المشكلات مردفاً: ستستطيع الحكومة إن شاء الله و بالاعتماد على العزيمة القوية و السير في الطريق الصحيح النهوض بواجباتها الجسيمة.
و استمر حديث قائد الثورة الإسلامية في أول لقاء له بأعضاء هيئة الوزراء الجديدة بذكر المؤشرات المهمة للحكومة الإسلامية الجيدة.
فاعتبر الإمام الخامنئي النزاهة العقيدية و الأخلاقية من المؤشرات البارزة للحكومة الإسلامية المطلوبة مضيفاً: هذه العقائد و النظرات الصحيحة لحقائق المجتمع من شأنها أن تؤدّي إلى سلامة أداء الحكومة.
و في هذا الصدد، اعتبر سماحته كلمات الإمام الخميني (رض) و توجيهاته و مواقفه مؤشراً أساسياً، و أضاف مؤكداً: أصول الثورة الإسلامية و قيمها متجلية في كلمات الإمام الخميني و مواقفه، و إذا التزمنا بها و انشددنا إليها عملياً، و راجعناها في مواطن الغموض و الالتباس، فستكون عاقبة الأمور و مآلها بفضل من الله إلى خير، و سنتقدم إلى الأمام.
و في معرض إيضاحه لمؤشر النزاهة العقيدية و الأخلاقية أكثر، أكد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الثقة و الطمأنينة التامّة بالوعود الإلهية بالنصرة و العون، مردفاً: في تجارب مثل انتصار الثورة و الدفاع المقدس و الانتصار على حالات التمرّد القومية المتعددة في مستهل الثورة، لمس الشعب و المسؤولون في البلاد تماماً و بشكل واضح تحقق الوعود الإلهية، و هذه التجارب القيّمة أرضية ممهدة لثقة أتمّ و أكمل بوعود الباري سبحانه بالنصر و المعونة.
و ألمح آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى كلام السيد روحاني قائلاً: الثقة بالله و النظرة الصحيحة و العقلانية هي التي تعالج المشكلات و القضايا.
و كان تقديم الخدمة للناس المؤشر الثاني الذي ذكره قائد الثورة الإسلامية في سرده لخصوصيات الحكومة الإسلامية المحبّذة.
و اعتبر سماحته تقديم الخدمة للناس الخطاب الأصلي للحكومة الإسلامية و فلسفة وجود المسؤولين مؤكداً: يجب أن لا تحول أية قضية بين المسؤولين و تقديم الخدمة للناس.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: التصورات و الأذواق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المتنوعة أمور جانبية، و تقديم الخدمة للناس هو الأصل، فلا تسمحوا للهوامش و الأمور الجانبية أن تتغلب على الأصل.
و ذكّر الإمام الخامنئي الحكومة الجديدة بالمرور السريع لفرصة تقديم الخدمة للناس مضيفاً: قلت لكل الحكومات السابقة أيضاً إن فرصة أربعة أو ثمانية أعوام من المسؤولية تمرّ بسرعة، و لكن حتى هذه المدة المحدودة تنطوي على فرص لا نهائية لتقديم الخدمة للشعب، و يجب عدم تفويت أي من هذه الفرص.
و في إطار موضوع خدمة الناس، أكد سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي على أهمية و قيمة النظرة و الأعمال الجهادية مردفاً: لا يعني العمل الجهادي العمل من دون قانون، و أنا أعارض بشدة الممارسات اللاقانونية، و لكن يمكن في إطار القوانين العمل بعيداً عن النظرة الإدارية المرسومة، و بنظرة جهادية و شوق مبدئي، و تجاوز العقبات و الموانع في السير إلى الأمام.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي العدالة من المؤشرات المهمة الأخرى للحكومة الإسلامية المطلوبة مردفاً: كما جرى التأكيد في السابق أيضاً، فإننا نتحرّى التقدم أو «التنمية» حسب التعبير الدارج، و لكن يجب بالتأكيد أن يكون هذا التقدم مصحوباً بالعدالة، و إلّا سيصاب المجتمع كما في البلدان الغربية بانقسام و تمييز و حالات سخط.
و كانت النزاهة الاقتصادية و مكافحة الفساد المؤشر الرابع للحكومة المنشودة من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية.
و ذكّر سماحته أعضاء الحكومة الجديدة بأن المنصب الحكومي موقع ذو وساوس تتعلق بحبّ السلطة و الامتيازات المادية، فحاذروا دوماً بعين بصيرة و مثل البروجكتر القوي الدائمي لإبعاد المؤسسة التي تتولون إدارتها عن وساوس الفساد.
و أشار الإمام السيد علي الخامنئي إلى وجود أجهزة إشراف في كل واحدة من السلطات الثلاث، و قال مخاطباً هيئة الوزراء: الفساد كالأرضة، لذا عليكم أن تمنعوا دبيب الفساد و الشفاعات و الارتشاء و الإسراف بكل حسم، حتى لا تكون هناك حاجة أساساً لتدخل الأجهزة الإشرافية و التفتيشية إلى حيّز عملكم الإداري.
و وصف قائد الثورة الإسلامية العاملين و المسؤولين في الأجهزة التنفيذية بأنهم أناس شرفاء و نزيهون، مردفاً: وجود عدد قليل من الأفراد غير النزيهين هو للأسف كالميكروب الذي يبدد جهود و مساعي العاملين الخدومين في الأجهزة و المؤسسات المختلفة، و يجب الحيلولة دون ذلك.
و اعتبر الإمام الخامنئي النزعة القانونية المؤشر الآخر المهم جداً للحكومة المطلوبة قائلاً: القانون هو السكة التي تسير عليها قاطرة الحكومة، و إذا خرجتم لأي سبب من الأسباب عن هذه السكة تعرض البلد و الشعب للأضرار.
و أردف سماحته قائلاً: قد تكون بعض القوانين ناقصة أو فيها عيوب، لكن أضرار عدم العمل بها أكثر من تطبيقها، لذا حاولوا تكريس النزعة القانونية و الالتزام بالقانون في كل الأجهزة و المؤسسات.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية تطبيق الوثائق و القوانين الأساسية بما في ذلك السياسات العامة للنظام الإسلامي و ميثاق الأفق العشريني من لوازم النزعة القانونية مردفاً: قرارات المجالس العليا، بما في ذلك المجلس الأعلى للثورة الثقافية، و المجلس الأعلى للسايبري، و هو على جانب كبير من الأهمية، يجب أن تولى أهمية كبيرة و يجري العمل على أساسها.
و على الصعيد نفسه اعتبر قائد الثورة الإسلامية السياسات العامة لتطوير النظام الإداري مهمة جداً و أضاف قائلاً: للأسف حصل تأخير في تطبيق هذه السياسات، و يجب تنفيذها.
و كانت الحكمة و العقلانية الخصوصية السادسة التي أكد عليها قائد الثورة الإسلامية في لقائه بالسيد روحاني و حكومته.
و أكد سماحته على الحكومة بالاستفادة بشكل جيد من إمكانيات و قدرات الخبراء الداخليين في كل المجالات و الميادين مردفاً: يجب قبل أية خطوة، بل قبل أي تصريح و اتخاذ موقف، إجراء الدراسات الخبروية و التخصصية اللازمة، لأن تكاليف معالجة التبعات السلبية للأعمال غير الناضجة و الكلمات غير المدروسة تكاليف عالية.
الاعتماد على الإمكانيات الداخلية و الذاتية للبلاد كانت نقطة مهمة أخرى لفت قائد الثورة أنظار هيئة الوزراء إليها مؤكداً: مفتاح حل المشكلات يكمن في الإمكانيات و القدرات الداخلية للبلاد، و يجب الانتفاع منها بعقلانية.
و في معرض إيضاحه لضرورة الاعتماد على الإمكانيات الداخلية للبلاد أضاف قائلاً: هذا الكلام لا يعني عدم الاستفادة من الإمكانيات و الفرص الخارجية، إنما النقطة الأساسية هي أن لا نعقد الآمال على الخارج و لا نعتمد على الخارج.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى جبهة أعداء الثورة مضيفاً: الواقع هو أنه لا يمكن و لا يجب توقع الصداقة و الصميمية من جبهة الخصوم.
و لفت سماحته قائلاً: نصيب كل بلد في العلاقات الدولية منوط باقتدار ذلك البلد، لذا ينبغي السعي بنحو مستمر لمضاعفة الاقتدار الداخلي للبلاد.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإشارة إلى عدة نقاط بخصوص أولويات الحكومة الحادية عشرة.
فأشار آية الله العظمى إلى الجهوزية الجديدة لأعضاء الحكومة، و كذلك إلى محدودية الفرص و الهمم مؤكداً: القضايا الاقتصادية و التقدم العلمي أولويّتان أصليتان في البلاد يجب أن توليهما السلطة التنفيذية، و السلطات الأخرى أيضاً، اهتماماً خاصاً.
و أشار سماحته في إطار القضايا الاقتصادية إلى البنى التحتية الاقتصادية الجيدة التي أرسيت طوال العقد المنصرم في البلاد و أضاف: بالنظر لهذه البنى التحتية يجب أن توضع في جدول الأعمال الفوري للحكومة مهمّات توفير الاستقرار و الهدوء الذهني لدى الشعب و في السوق، و خفض التضخم، و تأمين الاحتياجات الأساسية للشعب، و تفعيل الإنتاج الوطني.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: هذه الخطوات الفورية هي في الواقع بداية الملحمة الاقتصادية التي جرى التأكيد عليها في بداية العام.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: طبعاً تحقيق الملحمة الاقتصادية بحاجة إلى مسيرة طويلة الأمد، و ما من إنسان منصف يمكنه أن يتوقع من الحكومة حلاً سريعاً لكل المشكلات الاقتصادية، و لكن هناك توقع بالسير نحو معالجة المشكلات بنظرة حكيمة و مدبّرة.
و أشار سماحته إلى دراسة سياسات الاقتصاد المقاوم في مجمع تشخيص مصلحة النظام قائلاً: الاقتصاد المقاوم لا يعني اقتصاد التقشف و التقتير، بل هو اقتصاد يستطيع المقاومة مقابل الأزمات و حالات الجزر و المدّ الدولية.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى الحركة العلمية المتسارعة في البلاد و التي بدأت قبل نحو عشرة أعوام مؤكداً: هذه الحركة العلمية المتسارعة يجب أن لا تتوقف بأيّ حال من الأحوال.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية وزارة العلوم و التقنية و وزارة الصحة و العلاج و التعليم الطبي الوزارتين المسؤولتين بشكل أساسي عن الحركة العلمية في البلاد مردفاً: الوزارات و الأجهزة الخدمية نظير وزارة الصناعة و التجارة و الجهاد الزراعي يجب أن تتعاون تعاوناً قريباً مع هاتين المسؤولتين الأصليتين لتوفير مجالات الاستفادة من التقدم العلمي للجامعات و المراكز العلمية و العمل على مضاعفة الحراك العلمي للجامعات.
و أوصى سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي الحكومة توصية أكيدة بدعم الشركات العلمية المحورية منوّهاً: من الموضوعات المهمة في المسيرة العلمية للبلاد استكمال السلسلة العلمية و التقنية.
و في مقام إيضاحه لهذه السلسلة أضاف سماحته يقول: تبدأ هذه السلسلة من الأفكار، و تصل إلى العلم و التقنية، و تنتهي إلى الإنتاج و السوق، لذلك لا يكفي مجرد الوصول إلى التقنية المحضة، إنما يجب استكمال هذه السلسلة إلى النهاية.
و تطرق قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر من حديثه إلى موضوع السياسة الخارجية مؤكداً: على هذا الصعيد إذا جرى فهم و تطبيق المبادئ الثلاثة: العزة و الحكمة و المصلحة بنحو صحيح، فإن السياسة الخارجية ستكون في المستوى اللائق بنظام الجمهورية الإسلامية.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الظروف الحساسة و المأزومة في المنطقة قائلاً: إننا لا نرغب أبداً بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، لكننا لا نستطيع غض أنظارنا عن المذابح التي ترتكب ضد الشعب المصري.
و أكد سماحته قائلاً: إننا ندين قتل أبناء الشعب المصري و الذين لم يكونوا مسلحين.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: أيّاً كان فاعل هذه المذابح فإنه مُدان من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
و استطرد الإمام الخامنئي يقول: يجب تحاشي الحرب الداخلية في مصر بكل إصرار، لأن الحرب الداخلية في مصر ستكون فاجعة على العالم الإسلامي و المنطقة.
و شدّد سماحته على ضرورة العودة للديمقراطية و أصوات الشعب في مصر، ملفتاً: بعد سنوات من الحكم الاستبدادي أقام الشعب المصري بفضل الصحوة الإسلامية انتخابات نزيهة، و سياق الديمقراطية هذا مما لا يتوقف.
و بخصوص التطورات في سورية، اعتبر قائد الثورة الإسلامية التهديدات و التدخلات الأمريكية فاجعة للمنطقة مؤكداً: إذا حصلت مثل هذه الخطوة فإن الأمريكان سيتضررون بلا شك كما تضرروا من تدخلهم في العراق و أفغانستان.
و استطرد آية الله العظمى السيد الخامنئي: تدخل القوى الأجنبية و من خارج المنطقة في بلد، لن تكون له من ثمار سوى تأجيج النيران و زيادة كراهية الشعوب لهم.
و أكد قائلاً: تأجيج النيران هذا سيكون بمثابة شرارة في مخزن بارود و لن تكون أبعاده و تبعاته معلومة.
و تحدث في هذا اللقاء أيضاً رئيس الجمهورية حجة الإسلام و المسلمين الشيخ روحاني فحيّى أسبوع الحكومة و ذكرى الشهيدين رجائي و باهنر، و استعرض التوجهات الداخلية و الخارجية للحكومة الحادية عشرة و الظروف الراهنة للبلاد و المنطقة و الساحة الدولية.
كما وصف سماحته تهديد أمريكا بالتدخل في سورية بأنه فاجعة أكيدة للمنطقة مؤكداً: أي نوع من أنواع التدخل و إثارة الحروب سينتهي يقيناً بضرر مؤجّجي الحروب.
و بارك آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أسبوع الحكومة لكل المسؤولين و المدراء و المنتسبين الخدومين للسلطة التنفيذية منوّهاً: يتزين أسبوع الحكومة باسم الشهيدين الجليلين رجائي و باهنر، و مبادرة كل الحكومات إلى جعل أسماء و أهداف هذين الشهيدين نصب أعينهم ممارسة ذات مغزى.
و أثنى سماحته على سرعة رئيس الجمهورية و متابعته في تسميته الفورية للوزراء و تقديمهم إلى مجلس الشورى الإسلامي لإحراز الثقة، مضيفاً: الثقة الجيدة التي منحها مجلس الشورى الإسلامي للوزراء المقترحين مهّدت الأرضية لبدء الحكومة الجديدة بأعمالها سريعاً، و هذا ما يدل على تنسيق و تناغم قيّم بين السلطتين، و الاهتمام الجدير بالتقدير لرئيس الجمهورية و مجلس الشورى الإسلامي بالبدء السريع للحكومة بأنشطتها.
و أبدى قائد الثورة الإسلامية أمله بالبروز العيني لنقاط قوة الحكومة الحادية عشرة و استمرار و مضاعفة آمال الشعب مردفاً: وجود السيد روحاني بسوابقه الكفاحية و الثورية المشرقة و مواقفه الجيدة و الصحيحة طوال العقود الثلاثة الأخيرة، هو بلا شك من نقاط قوة الحكومة الجديدة.
و أشار سماحته إلى العزيمة الراسخة لرئيس الجمهورية على حلّ المشكلات مردفاً: ستستطيع الحكومة إن شاء الله و بالاعتماد على العزيمة القوية و السير في الطريق الصحيح النهوض بواجباتها الجسيمة.
و استمر حديث قائد الثورة الإسلامية في أول لقاء له بأعضاء هيئة الوزراء الجديدة بذكر المؤشرات المهمة للحكومة الإسلامية الجيدة.
فاعتبر الإمام الخامنئي النزاهة العقيدية و الأخلاقية من المؤشرات البارزة للحكومة الإسلامية المطلوبة مضيفاً: هذه العقائد و النظرات الصحيحة لحقائق المجتمع من شأنها أن تؤدّي إلى سلامة أداء الحكومة.
و في هذا الصدد، اعتبر سماحته كلمات الإمام الخميني (رض) و توجيهاته و مواقفه مؤشراً أساسياً، و أضاف مؤكداً: أصول الثورة الإسلامية و قيمها متجلية في كلمات الإمام الخميني و مواقفه، و إذا التزمنا بها و انشددنا إليها عملياً، و راجعناها في مواطن الغموض و الالتباس، فستكون عاقبة الأمور و مآلها بفضل من الله إلى خير، و سنتقدم إلى الأمام.
و في معرض إيضاحه لمؤشر النزاهة العقيدية و الأخلاقية أكثر، أكد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الثقة و الطمأنينة التامّة بالوعود الإلهية بالنصرة و العون، مردفاً: في تجارب مثل انتصار الثورة و الدفاع المقدس و الانتصار على حالات التمرّد القومية المتعددة في مستهل الثورة، لمس الشعب و المسؤولون في البلاد تماماً و بشكل واضح تحقق الوعود الإلهية، و هذه التجارب القيّمة أرضية ممهدة لثقة أتمّ و أكمل بوعود الباري سبحانه بالنصر و المعونة.
و ألمح آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى كلام السيد روحاني قائلاً: الثقة بالله و النظرة الصحيحة و العقلانية هي التي تعالج المشكلات و القضايا.
و كان تقديم الخدمة للناس المؤشر الثاني الذي ذكره قائد الثورة الإسلامية في سرده لخصوصيات الحكومة الإسلامية المحبّذة.
و اعتبر سماحته تقديم الخدمة للناس الخطاب الأصلي للحكومة الإسلامية و فلسفة وجود المسؤولين مؤكداً: يجب أن لا تحول أية قضية بين المسؤولين و تقديم الخدمة للناس.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: التصورات و الأذواق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المتنوعة أمور جانبية، و تقديم الخدمة للناس هو الأصل، فلا تسمحوا للهوامش و الأمور الجانبية أن تتغلب على الأصل.
و ذكّر الإمام الخامنئي الحكومة الجديدة بالمرور السريع لفرصة تقديم الخدمة للناس مضيفاً: قلت لكل الحكومات السابقة أيضاً إن فرصة أربعة أو ثمانية أعوام من المسؤولية تمرّ بسرعة، و لكن حتى هذه المدة المحدودة تنطوي على فرص لا نهائية لتقديم الخدمة للشعب، و يجب عدم تفويت أي من هذه الفرص.
و في إطار موضوع خدمة الناس، أكد سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي على أهمية و قيمة النظرة و الأعمال الجهادية مردفاً: لا يعني العمل الجهادي العمل من دون قانون، و أنا أعارض بشدة الممارسات اللاقانونية، و لكن يمكن في إطار القوانين العمل بعيداً عن النظرة الإدارية المرسومة، و بنظرة جهادية و شوق مبدئي، و تجاوز العقبات و الموانع في السير إلى الأمام.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي العدالة من المؤشرات المهمة الأخرى للحكومة الإسلامية المطلوبة مردفاً: كما جرى التأكيد في السابق أيضاً، فإننا نتحرّى التقدم أو «التنمية» حسب التعبير الدارج، و لكن يجب بالتأكيد أن يكون هذا التقدم مصحوباً بالعدالة، و إلّا سيصاب المجتمع كما في البلدان الغربية بانقسام و تمييز و حالات سخط.
و كانت النزاهة الاقتصادية و مكافحة الفساد المؤشر الرابع للحكومة المنشودة من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية.
و ذكّر سماحته أعضاء الحكومة الجديدة بأن المنصب الحكومي موقع ذو وساوس تتعلق بحبّ السلطة و الامتيازات المادية، فحاذروا دوماً بعين بصيرة و مثل البروجكتر القوي الدائمي لإبعاد المؤسسة التي تتولون إدارتها عن وساوس الفساد.
و أشار الإمام السيد علي الخامنئي إلى وجود أجهزة إشراف في كل واحدة من السلطات الثلاث، و قال مخاطباً هيئة الوزراء: الفساد كالأرضة، لذا عليكم أن تمنعوا دبيب الفساد و الشفاعات و الارتشاء و الإسراف بكل حسم، حتى لا تكون هناك حاجة أساساً لتدخل الأجهزة الإشرافية و التفتيشية إلى حيّز عملكم الإداري.
و وصف قائد الثورة الإسلامية العاملين و المسؤولين في الأجهزة التنفيذية بأنهم أناس شرفاء و نزيهون، مردفاً: وجود عدد قليل من الأفراد غير النزيهين هو للأسف كالميكروب الذي يبدد جهود و مساعي العاملين الخدومين في الأجهزة و المؤسسات المختلفة، و يجب الحيلولة دون ذلك.
و اعتبر الإمام الخامنئي النزعة القانونية المؤشر الآخر المهم جداً للحكومة المطلوبة قائلاً: القانون هو السكة التي تسير عليها قاطرة الحكومة، و إذا خرجتم لأي سبب من الأسباب عن هذه السكة تعرض البلد و الشعب للأضرار.
و أردف سماحته قائلاً: قد تكون بعض القوانين ناقصة أو فيها عيوب، لكن أضرار عدم العمل بها أكثر من تطبيقها، لذا حاولوا تكريس النزعة القانونية و الالتزام بالقانون في كل الأجهزة و المؤسسات.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية تطبيق الوثائق و القوانين الأساسية بما في ذلك السياسات العامة للنظام الإسلامي و ميثاق الأفق العشريني من لوازم النزعة القانونية مردفاً: قرارات المجالس العليا، بما في ذلك المجلس الأعلى للثورة الثقافية، و المجلس الأعلى للسايبري، و هو على جانب كبير من الأهمية، يجب أن تولى أهمية كبيرة و يجري العمل على أساسها.
و على الصعيد نفسه اعتبر قائد الثورة الإسلامية السياسات العامة لتطوير النظام الإداري مهمة جداً و أضاف قائلاً: للأسف حصل تأخير في تطبيق هذه السياسات، و يجب تنفيذها.
و كانت الحكمة و العقلانية الخصوصية السادسة التي أكد عليها قائد الثورة الإسلامية في لقائه بالسيد روحاني و حكومته.
و أكد سماحته على الحكومة بالاستفادة بشكل جيد من إمكانيات و قدرات الخبراء الداخليين في كل المجالات و الميادين مردفاً: يجب قبل أية خطوة، بل قبل أي تصريح و اتخاذ موقف، إجراء الدراسات الخبروية و التخصصية اللازمة، لأن تكاليف معالجة التبعات السلبية للأعمال غير الناضجة و الكلمات غير المدروسة تكاليف عالية.
الاعتماد على الإمكانيات الداخلية و الذاتية للبلاد كانت نقطة مهمة أخرى لفت قائد الثورة أنظار هيئة الوزراء إليها مؤكداً: مفتاح حل المشكلات يكمن في الإمكانيات و القدرات الداخلية للبلاد، و يجب الانتفاع منها بعقلانية.
و في معرض إيضاحه لضرورة الاعتماد على الإمكانيات الداخلية للبلاد أضاف قائلاً: هذا الكلام لا يعني عدم الاستفادة من الإمكانيات و الفرص الخارجية، إنما النقطة الأساسية هي أن لا نعقد الآمال على الخارج و لا نعتمد على الخارج.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى جبهة أعداء الثورة مضيفاً: الواقع هو أنه لا يمكن و لا يجب توقع الصداقة و الصميمية من جبهة الخصوم.
و لفت سماحته قائلاً: نصيب كل بلد في العلاقات الدولية منوط باقتدار ذلك البلد، لذا ينبغي السعي بنحو مستمر لمضاعفة الاقتدار الداخلي للبلاد.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإشارة إلى عدة نقاط بخصوص أولويات الحكومة الحادية عشرة.
فأشار آية الله العظمى إلى الجهوزية الجديدة لأعضاء الحكومة، و كذلك إلى محدودية الفرص و الهمم مؤكداً: القضايا الاقتصادية و التقدم العلمي أولويّتان أصليتان في البلاد يجب أن توليهما السلطة التنفيذية، و السلطات الأخرى أيضاً، اهتماماً خاصاً.
و أشار سماحته في إطار القضايا الاقتصادية إلى البنى التحتية الاقتصادية الجيدة التي أرسيت طوال العقد المنصرم في البلاد و أضاف: بالنظر لهذه البنى التحتية يجب أن توضع في جدول الأعمال الفوري للحكومة مهمّات توفير الاستقرار و الهدوء الذهني لدى الشعب و في السوق، و خفض التضخم، و تأمين الاحتياجات الأساسية للشعب، و تفعيل الإنتاج الوطني.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: هذه الخطوات الفورية هي في الواقع بداية الملحمة الاقتصادية التي جرى التأكيد عليها في بداية العام.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: طبعاً تحقيق الملحمة الاقتصادية بحاجة إلى مسيرة طويلة الأمد، و ما من إنسان منصف يمكنه أن يتوقع من الحكومة حلاً سريعاً لكل المشكلات الاقتصادية، و لكن هناك توقع بالسير نحو معالجة المشكلات بنظرة حكيمة و مدبّرة.
و أشار سماحته إلى دراسة سياسات الاقتصاد المقاوم في مجمع تشخيص مصلحة النظام قائلاً: الاقتصاد المقاوم لا يعني اقتصاد التقشف و التقتير، بل هو اقتصاد يستطيع المقاومة مقابل الأزمات و حالات الجزر و المدّ الدولية.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى الحركة العلمية المتسارعة في البلاد و التي بدأت قبل نحو عشرة أعوام مؤكداً: هذه الحركة العلمية المتسارعة يجب أن لا تتوقف بأيّ حال من الأحوال.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية وزارة العلوم و التقنية و وزارة الصحة و العلاج و التعليم الطبي الوزارتين المسؤولتين بشكل أساسي عن الحركة العلمية في البلاد مردفاً: الوزارات و الأجهزة الخدمية نظير وزارة الصناعة و التجارة و الجهاد الزراعي يجب أن تتعاون تعاوناً قريباً مع هاتين المسؤولتين الأصليتين لتوفير مجالات الاستفادة من التقدم العلمي للجامعات و المراكز العلمية و العمل على مضاعفة الحراك العلمي للجامعات.
و أوصى سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي الحكومة توصية أكيدة بدعم الشركات العلمية المحورية منوّهاً: من الموضوعات المهمة في المسيرة العلمية للبلاد استكمال السلسلة العلمية و التقنية.
و في مقام إيضاحه لهذه السلسلة أضاف سماحته يقول: تبدأ هذه السلسلة من الأفكار، و تصل إلى العلم و التقنية، و تنتهي إلى الإنتاج و السوق، لذلك لا يكفي مجرد الوصول إلى التقنية المحضة، إنما يجب استكمال هذه السلسلة إلى النهاية.
و تطرق قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر من حديثه إلى موضوع السياسة الخارجية مؤكداً: على هذا الصعيد إذا جرى فهم و تطبيق المبادئ الثلاثة: العزة و الحكمة و المصلحة بنحو صحيح، فإن السياسة الخارجية ستكون في المستوى اللائق بنظام الجمهورية الإسلامية.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى الظروف الحساسة و المأزومة في المنطقة قائلاً: إننا لا نرغب أبداً بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، لكننا لا نستطيع غض أنظارنا عن المذابح التي ترتكب ضد الشعب المصري.
و أكد سماحته قائلاً: إننا ندين قتل أبناء الشعب المصري و الذين لم يكونوا مسلحين.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: أيّاً كان فاعل هذه المذابح فإنه مُدان من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
و استطرد الإمام الخامنئي يقول: يجب تحاشي الحرب الداخلية في مصر بكل إصرار، لأن الحرب الداخلية في مصر ستكون فاجعة على العالم الإسلامي و المنطقة.
و شدّد سماحته على ضرورة العودة للديمقراطية و أصوات الشعب في مصر، ملفتاً: بعد سنوات من الحكم الاستبدادي أقام الشعب المصري بفضل الصحوة الإسلامية انتخابات نزيهة، و سياق الديمقراطية هذا مما لا يتوقف.
و بخصوص التطورات في سورية، اعتبر قائد الثورة الإسلامية التهديدات و التدخلات الأمريكية فاجعة للمنطقة مؤكداً: إذا حصلت مثل هذه الخطوة فإن الأمريكان سيتضررون بلا شك كما تضرروا من تدخلهم في العراق و أفغانستان.
و استطرد آية الله العظمى السيد الخامنئي: تدخل القوى الأجنبية و من خارج المنطقة في بلد، لن تكون له من ثمار سوى تأجيج النيران و زيادة كراهية الشعوب لهم.
و أكد قائلاً: تأجيج النيران هذا سيكون بمثابة شرارة في مخزن بارود و لن تكون أبعاده و تبعاته معلومة.
و تحدث في هذا اللقاء أيضاً رئيس الجمهورية حجة الإسلام و المسلمين الشيخ روحاني فحيّى أسبوع الحكومة و ذكرى الشهيدين رجائي و باهنر، و استعرض التوجهات الداخلية و الخارجية للحكومة الحادية عشرة و الظروف الراهنة للبلاد و المنطقة و الساحة الدولية.