موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال لقائه عوائل شهداء المدافعين عن المقدّسات وحرس الحدود ووزارة الأمن

بسم الله الرحمن الرحیم(1)

والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا ونبینا أبي القاسم المصطفی محمد، وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین الهداة المهدیین، سیما بقیة الله في الأرضین.

جلسة في غاية الحلاوة والعذوبة، حيث فاح فيها عبق الشهادة.. أجل، لم تجتمع عوائل الشهداء هنا برمتها، ولكن شهد المكان هذا طائفة من عوائل شهدائنا الأعزاء، بما فيهم الشهداء المدافعين عن المقدسات، أو الشهداء المرابطين على الثغور، أو شهداء القوة البرية التابعة للجيش، أو شهدا الحرس الثوري، أو شهداء القوى الأمنية وغيرهم، فانتشر أريج الشهداء في أرجاء هذه الحسينية.

إنّ للشهادة مفهوم غريب وعميق.. الشهادة تعني معاملة ثنائية فارغة البال مع الله سبحانه وتعالى.. المثمن فيها معلوم وهو الروح وثمنها معلوم أيضاً. ذلك أنّ الروح تمثل الرصيد الأساس لكل إنسان في هذه الدنيا المادية.. هذه سلعة تقدّمونها أنتم، ولكن في قبال أيّ ثمن؟ في قبال السعادة الأبدية والحياة الخالدة المتنعّمة بالنعم الإلهية. بيدّ أن هذه السلعة التي تقدّمونها في الشهادة، ليست سلعة خالدة. وإنما مَثَلها كمَثَل الثلج الذي يبيعه البائع في لهيب الصيف قائلاً للناس: اشتروا مني هذه السلعة وإلا لتبدّد رأسمالي من الأساس. فالثلج في الوقت الحاضر موجود في داخل المنازل، وأما في الأزمنة القديمة فكنّا نشتريه من الأسواق، وكان البائع يضع الثلج في أكياس الخيش وأمثالها ليحافظ عليه حتى يباع، ولكن ما الذي يحدث إن لم يتم بيعها، وإن لم يأتِ أحدٌ لشرائها؟ يذوب الثلج ويفنى. فيكون لمن يشتري منك هذه السلعة الآيلة إلى الزوال قيمة كبيرة.

هذه الروح التي نمتلكها أنا وأنتم، حالها حال الثلج، تذوب ذرة ذرة وتفنى.. أليس كذلك؟ كل يوم يمرّ علينا، نقترب من آجالنا ومن النزول إلى قبورنا، فأعمارنا في طريقها إلى الزوال يوماً بعد يوم، ولكن كم تطول هذه الأعمار؟ طائفة تأتي آجالها في الأربعين من العمر، وطائفة في الخمسين، وطائفة في الثمانين، ذلك أن الأجل قد يأتي عاجلاً أم آجلاً، ولكنه آتٍ لا محالة. وقد جاء من يشتري هذه السلعة الآيلة إلى الفناء سواء بعتها أم لا، قائلاً: أشتري منك هذه السلعة بأغلى ثمن! فما هو هذا الثمن الأغلى؟ إنه الجنة، وهي نفس ما ورد في الآية التي تلاها هذا المقرئ العزيز(2) المجيد للتلاوة: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾(3)، يشترون منك هذه السلعة في قبال الجنة.

﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾(4)، أي أنك حين تجاهد في سبيل الله، لا يعني أن تقدّم نفسك بين يدي العدو ليقتلها.. كلا، بل أنت أيضاً تسدّد ضرباتك نحوه. فإن هذا المرابط على ثغورنا والذي نال الشهادة على الحدود، قد وجّه قبلها ضربات كثيرة صوب العدو، وحال دون نفوذه، وتصدّى لمؤامرته، ووقف أمام فساده، أو هذا الشاب المدافع عن المقدسات الذي وقف في البلد الفلاني الأجنبي أمام داعش ونال الشهادة، قد سدّد قبل استشهاده مئة ضربة للعدو، ووقف في وجهه، وأفشل مخططاته، وجرّعه الأمرّين، حتى استشهد في نهاية المطاف.. ﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾.

﴿وَعْدًا عَلَيْهِ﴾.. هذا وعدٌ إلهي يعدكم الله به. حيث يقول بأننا نشتري منكم هذه السلعة بالجنة. والجنة تعني السعادة الأبدية التي لا تذوب شيئاً فشيئاً كالثلج، وإنما هي بقاء دائم ولذة مستمرة ونعمة متواصلة، كل هذا في قبال أنفسكم الزائلة.. هذا هو وعد الله الحق الذي وعدكم به، وهو وعدٌ لا يختص بدينكم، بل قد جاء في الكتب السماوية السالفة أيضاً: ﴿وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾(5).. هذه هي الشهادة، ثم يقول: ﴿وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾(6)، فإن هذا وعد سيتحقق.

إذن فالشهادة تنطوي على مثل هذا المفهوم.. إذا ما نظرتم إلى ظاهرها، تجدون أنها أليمة مرة، تبعث الحزن والأسى في نفوس الآباء والأمهات والزوجات والأولاد والإخوان والأخوات.. هذا هو ظاهرها، ولكن ما هو باطنها؟ باطنها بيع سلعة آيلة إلى الزوال والفساد والاضمحلال بثمن غالٍ جداً. إنني ومنذ القِدم، حين أتحدث مع الأحباء في كلماتي وخطاباتي أقول لهم بأن الشهادة موت التجّار، حيث تنطوي على شيء من الذكاء والفطنة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يمنح أعلى مراتب لطفه وأسماها لمن يستشهد (في سبيله).. هذه هي حقيقة الشهادة.

أنتم عوائل الشهداء ولكم معاناتكم بالطبع، حيث تفقدون من تودّونهم وتحبونهم من أولادكم وإخوانكم وآبائكم وأزواجكم، ولا شك في أن هذا يبعث فيكم الحزن والأسى. ولكن إذا ما نظرتم بهذه النظرة، ستجدون أنكم أنتم الفائزون أيضاً.. لماذا؟ لأن ذلك الذي عرج (إلى السماء) ونال الدرجات العُلى، يكون له حق الشفاعة، وبوسعه أن يمارس دوراً في البرزخ وفي القيامة. بل إنّ من له مزيد من الأنس بالشهداء في دار الدنيا ويلجأ إليهم في مشاكل حياته، يتلقّى الجواب منهم. وكثير هي النماذج التي قرأناها في السِيَر عن عوائل الشهداء، فإذا ما ألـمّت بزوجة شهيد أو والده أو والدته مشكلة، توسّلوا بشهيدهم قائلين له: «ساعدنا فإنك قادر ومبسوط اليد»، وهو أيضاً يساعدهم. والحال ذاته يجري في البرزخ أيضاً. فإنكم ذاهبون بالتالي ولا يبقى منكم أحد، بل وهذا مصيري ومصيركم جميعاً. ذلك أن البرزخ قدّامنا، وسنمضي إلى هذا العالم وسنمّر من هذا الدهليز وهذا الوادي. والابتلاءات والعقبات في ذلك العالم كثيرة، ومن الأهمية بمكان أن يتمكّن المرء من أن يجعل لنفسه شفيعاً ينفعه في ذلك العالم. وهؤلاء الشهداء هم شفعاؤكم.

علماً بأن لي كلام طويل حول عوائل الشهداء، ولقد تحدثت كثيراً في هذا الموضوع. فإن قضية عوائل الشهداء لا تتلخص في أن يستشهد منهم شهيد في سبيل الحق، وإنما صبرهم بحد ذاته جبل ثمين. فإن صبر والد الشهيد أو والدته أو زوجته أو ولده على هذه المصيبة، يعد قيمة كبيرة جداً.. ﴿أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾(7). أفهل تصدّقون بأن يصلّي الله عليكم؟ أنتم عوائل الشهداء حين تصبرون على هذه المصيبة وتشكرون الله وتصمدون وتحتسبونها عند الله، فإن صبركم وصمودكم هذا سيؤدي إلى أن يصلي الله عزوجلّ عليكم وهو مالك الملك والملكوت ومالك عالم الوجود.. هذه مفاهيم قيّمة لابد لنا من إدراكها بصورة صحيحة، حيث تُولّد في نفوسنا قوة مذهلة، وتُعدّنا للنهوض بمهامّ كبرى.

يريد الأعداء أن يسلبوا منا هذه المفاهيم. والبعض من أصحاب الأقلام المأجورة - الذين يرغبون في أن يستميلوا قلوب الأجانب بدلاً من قلوب أولياء الله - يكتبون أموراً ويُطلقون كلاماً في بعض المطبوعات والصحف أو في الفضاء الافتراضي دون أن يشعروا بمغبة عملهم. فإن مفهوم الشهادة ومفهوم الجهاد في سبيل الله ومفهوم الصبر وأمثالها، لهي مفاهيم عظمى، تترك آثارها في حياة المجتمع الإسلامي.. أيها الإخوة والأخوات! هذه المفاهيم هي التي عملت على حفظ الثورة وصيانتها.

لقد واجهت هذه الثورة وهذا النظام منذ انطلاقتهما حالات عِداء شديدة. فلا تنظروا اليوم إلى جعجعة هذا الذي تربّع لتوّه على كرسي الحكم في أمريكا(8)، فهي ليست بالشيء الجديد، وإنما كانت منذ البداية، سوى أنها اختلفت ألسنتهم وألحانهم. منذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا، أي منذ ما يقرب من أربعين عاماً والجمهورية الإسلامية تواجه جعجعتهم وغطرستهم، دون أن يستطيعوا ارتكاب أية حماقة. فإن هذه الغرسة لم يتمكنوا من اقتلاعها منذ أن كانت غصناً رقيقاً، فكيف بها اليوم وقد تبدّلت إلى شجرة باسقة، أفهل يمكنهم اجتثاثها؟ فليخسأوا.

يقولون: نريد تغيير نظام الجمهورية الإسلامية.. يا ترى في أيّ زمن لم تكن هذه هي إرادتكم؟ دوماً ما أردتم، ودوماً ما ارتطمتم بالجدار، ودوماً ما مُرّغ أنفكم بالتراب، وسيكون هذا هو حالكم بعد اليوم أيضاً.. هؤلاء لم يعرفوا شعب إيران، فإن هذه المفاهيم هي التي منحته الحياة.

إن هؤلاء الذين تولّوا الأمور حديثاً في أمريكا، حالهم حال الذي دخل لتوّه في عالم الشقاوات وإشهار السكاكين ولا تجربة له في ذلك، فيستخدم السكين أين ما حلّ ورحل، دون أن يعي ماذا يصنع، حتى يُلقَم حجراً، فيحسب عندذاك لعمله ألف حساب.

إنهم لم يعرفوا الجمهورية الإسلامية، ولم يعرفوا شعب إيران، ولم يعرفوا المسؤولين في الجمهورية الإسلامية. فالشعب الإيراني شعب واجه منذ البداية وإلى اليوم مثل هذه المؤامرات ومثل هذا الكلام. حيث أرادوا توجيه صفعة لهذا الشعب لكنه هو الذي صفعهم. وأرادوا إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية لكنهم لقوا حتفهم واحداً تلو الآخر متحسّرين على عدم تحقيق هذا الأمل. ولكم أن تلاحظوا منذ بداية الثورة كم من أولئك الذين كانوا يحلمون في القضاء على الجمهورية الإسلامية، قد تركوا الدنيا في حسرة وفشل وهاهم يرتعون في أعماق جهنم.

إن الجمهورية الإسلامية كانت وستبقى صامدة بكل اقتدار. فليعلم الجميع ذلك - بما فيهم العدو والصديق المخلص والمحب الذي قد يهتزّ قلبه أحياناً - بأن الجمهورية الإسلامية تقف بقوة، واعلموا أن العدوّ لا يستطيع أن يصفعنا بل نحن من نصفعه.

وهذا لا يعود إلى التجهيزات والمعدات المادية، فليس للمعدات المادية دور أساسي حاسم، بل هناك أمور أخرى، وهي المعدات والتجهيزات المعنوية التي تتمثل بالعزيمة والإرادة الراسخة، وسبل تعزيز القلوب لدى كل واحد من أبناء الشعب، والقدرة على تربية الشباب الذين يقفون بكل قوة وثبات على الصراط المستقيم في إيران وسط هذا الإعصار المذهل من الفساد الذي قام الصهاينة وأمثالهم بإثارته والترويج له في العالم. فالجمهورية الإسلامية والقوة الإسلامية والنظام الإسلامي بوسعها تربية أمثال هؤلاء الشباب وهذا ما قامت به اليوم بالفعل.. هذه هي قوة الجمهورية الإسلامية، ولا يتأتى لأي قدرة مادية أن تواجه مثل هذه القوة التي انبثقت من روح الشهادة (وثقافتها).

وإلى جانب هذا الكلام بالطبع، لابد وأن تتجلى قيمة شهدائنا، فلولا هؤلاء الشهداء المدافعون عن المقدسات، لتحتّم علينا اليوم أن نحارب العناصر الخبيثة المؤججة للفتن والمعادية لأهل البيت ولأبناء الطائفة الشيعة في مدن إيران. وهذا ما كان كامناً في مخطط الأعداء حين تواجدهم في العراق، حيث كانوا متموضعين في إحدى المناطق، وحاولوا الاقتراب من المنطقة الحدودية مع الجمهورية الإسلامية والوصول إلى المناطق الشرقية المجاورة للجمهورية الإسلامية والمجيء إلى المحافظات المتاخمة لنا، ولكنهم صُدّوا عن ذلك وأُلقموا حجراً وتمزّقوا تمزيقاً وتجرّعوا الويلات وهاهم اليوم سيُزالون ويُكنَسون بالكامل. وكذا الحال في سوريا، فلولا قيام قادتنا الأعزاء بما قاموا به من أعمال، لكان من الواجب علينا - على حدّ قول هذا الرادود العزيز(9)- أن نحاربهم في هذه النواحي والأطراف، وأن نقاتلهم في شوارعنا ومدننا. فإن جانباً كبيراً من هذا الأمن المستتب اليوم في بلدكم يعود إلى المدافعين عن المقدسات.

وجانب مهم آخر من الأمن يعود إلى المرابطين على ثغورنا، سواء القوى الأمنية المتواجدة في الحدود، أو القوة البرية للحرس الثوري المستقرة في الحدود، أو باقي القوات التي لها تردّدها وتواجدها ونشاطها وعملها في المناطق الحدودية، وهذا ناجم عن بركاتهم، ولكن لا يوجد من يذكرهم! فإنكم جالسون في بيوتكم وما يدريكم عن أوضاع الحدود؟ إنكم ترسلون أبناءكم وبناتكم إلى المدارس ويعودون دون أن تقلقوا عليهم، وتذهبون بأنفسكم إلى أماكن عملكم وتعودون دون قلق، وتذهبون إلى المتنزهات وتجلسون فيها دون قلق، وتخرجون في المسيرات دون قلق، ولا تقلقون على انعدام الأمن، بل تعيشون بأمان. وما يدريكم ما الذي يعانيه ذلك الذي يرابط على الحدود ويصدّ العدو من الدخول إلى البلد؟ هذا ما لا يعلمه الناس، فإنه مظلوم وإن شهداءنا من حرس الحدود مظلومون، سواء في الحدود الجنوبية الشرقية، وهي منطقة بلوشستان وكرمان وما إلى ذلك، أو الحدود الشمالية الغربية وهي منطقة كردستان وكرمانشاه وباقي الأماكن، أو في المناطق الأخرى التي تواجه مشكلات على الحدود. ففي كل هذه المناطق يدافع حراس حدودنا بكل كيانهم ووجودهم. ولولاهم لأدخلوا من بعض حدودنا المخدرات إلى داخل البلاد بآلاف الكيلوات مما يمكن لكل كيلوغرام منه أن يبعث على تعاسة مئة شاب ويحوّل حياتهم إلى جحيم.. من الذي يصدهم عن ذلك؟ حراس حدودنا! هؤلاء هم الذين يضحون بأنفسهم ثم ينالون الشهادة. فإن لهؤلاء الشهداء مكانة رفيعة.. الشهداء المدافعون عن المقدسات بطريقة والشهداء المرابطون على الثغور بطريقة.

وشهداء الأعمال الأمنية والاستخباراتية في داخل البلد بطريقة أخرى.. هؤلاء الذين يبحثون بأعينهم الثاقبة عن العصابات المخرّبة الإرهابية - والذين لا تختلف أشكالهم ومظاهرهم عن سائر الناس، وإنما قلوبهم جهنمية ولا يمكن مشاهدتها - ويعثرون عليها. فإنّ رجال الأمن بما يتسمون به من تجربة وفطنة وبمساعدة الناس وهداية الله لهم، يستطيعون العثور عليهم، وفجأة تسمعون أنهم استطاعوا القضاء على أربعين أو عشرين عصابة كان يمكن لكل واحدة منها أن تضرّج عشرات الأشخاص بدمائهم. وأحياناً ما ينال أحد هذه العناصر الأمنية الشهادة، ولذلك فهؤلاء يتبوّأون مكانة عظيمة.

إنكم من عوائل الشهداء مفجوعون وقد فجعتم (بشهدائكم) وتعلمون ما القضية. ولكن أودّ القول - وهو كلام سوف يُبث ويُقال ليعلم الناس كم يقدم شهداؤنا هؤلاء من خدمة للبلاد - بأن الخدمة لا تتلخص في تقديم الماء والخبز، بل الأعلى منها (تحقيق) الأمن، وهؤلاء هم الذين يحققون أمن البلد. والحال ذاته يجري في كل مناطقنا الحدودية. فللجميع حق حيوي على البلاد، سواء أولئك الذين يدافعون عن المقدسات في خارج البلاد، أو الذين يرابطون على الثغور، أو الذين يعملون على استتباب الأمن في داخل المدن والطرق.

يجب أن نعرف قدر الشهداء وقدر عوائلهم.. أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات! كل من يحاول رمي ذكر الشهداء في بقعة النسيان فقد خان هذا البلد، وكل من يسعى للإساءة إلى عوائل الشهداء أو إهمالهم أو التطاول عليهم باللسان فقد خان هذا البلد. وقولنا خان البلد لأن القضية هنا لا صلة لها بالنظام وإنما ترتبط بالبلد. فلابد لهم من تكريم الشهداء ومعرفة قدرهم، وكذلك تكريم عوائل الشهداء ومعرفة قدرهم، وأن يعتبروا أنفسهم تحت عبء منن الشهداء. ولكن ما معنى «تحت عبء منن الشهداء»؟ معناه أن يكونوا تحت عبء منن تلك الزوجة التي ترضى أن يذهب زوجها وينال الشهادة في ساحة الحرب، وتحت عبء منن ذلك الوالد أو تلك الوالدة التي ترضى أن يذهب ولدها. وليعلم الجميع أن هذا هو ما يحيي القيم في بلادنا.

إلهنا! نُقسم عليك بمحمد وآل محمد أن تحيي ذكرى الشهداء في بلادنا أكثر فأكثر.

إلهنا! زد يوماً بعد يوم من عزة الشهداء وعزة عوائل الشهداء في بلادنا.

إلهنا! لا تطفئ جذوة نور الشهادة وأجواء الشهادة وطلب الشهادة وهذا الشوق والتوق إلى الشهادة المشتعل في قلوب بعض الناس.

إلهنا! أسبغ هذه الفضيلة على كل من يوجد هذا الشوق والتوق في قلبه حقاً، وزد من فضلك عليهم، واحشر الشهداء مع رسول الله ومع شهداء كربلاء، واجعل الروح الطاهرة لإمامنا الخميني الجليل الذي كان هو الفاتح لطريق الشهادة راضية عنا، واجعل القلب الطاهر لإمامنا المهدي المنتظر راضياً عنا، وقرّبنا من رضا أولئك العظماء الأجلاء يوماً بعد يوم.

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته

 

 

الهوامش:

1 – في هذا اللقاء الذي أقيم في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك، شارك حشد من عوائل الشهداء المدافعين عن المراقد المقدسة، وشهداء وزارة الأمن، وشهداء حرس الحدود من حرس الثورة الإسلامية، والجيش، وقوات الشرطة، و.... .

2 - السيد محمد حسن موحّدي قمي.

3 - سورة التوبة، جزء من الآية 111 .

4 – نفس المصدر.

5 - نفس المصدر.

6 - نفس المصدر.

7 - سورة البقرة، جزء من الآية 157 .

8 - الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

9 - السيد حسين سازور.